صيغة ونموذج صحيفة طعن بالنقض في دعوى تعويض عن مسؤولية حارس الأشياء – مدني .

صحيفة طعن بطريق النقض

مقدمة : في يوم الموافق / / 199م.

إلـــي : محكمة النقض ” الدائرة المدنية “.

مــــن : الأستاذ/ المحامي بالنقض، بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته، بموجب توكيل وتفويض مودعين (رقم التوكيل 300 أ لسنة 1996 – توثيق الأهرام)، وموطنه القانوني : مركز إدارة الهيئة الرئيسي برقم 109 شارع التحرير – بالدقي – ميدان الدقي – تابع قسم الدقي – محافظة الجيزة. ومحله المختار : إدارة قضايا الهيئة الكائنة برقم 7 (أ) شارع يوسف نجيب – بالعتبة – تابع قسم الموسكي – محافظة القاهرة.

( صفته : طاعن )

ضـــــد

كل من :-

1- السيد/ محمد طلب محمد إبراهيم، عن نفسه، وبصفته ولياً طبيعياً على أولاده القُصر ( سعيد وأحمد ).

2- السيدة/ منسوبه أحمد محمد.

3- السيد/ أسامة محمد طلب.

المقيمين جميعاً ببندر الفيوم – مساكن كيمان فارس – عمارة 21 .

4- السيد/ كمال الدين حسين، بصفته رئيس مجلس إدارة عمارة الأوقاف الكائنة بشارع الحرية -بندر الفيوم. والمقيم بعمارة الأوقاف – الدور الحادي عشر – شارع الحرية – بندر الفيوم.

( صفتهم : مطعون ضدهم )

وذلك طعناً بالنقض على الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي 349 ، 397 لسنة 34 قضائية، من محكمة استئناف بني سويف ( مأمورية الفيوم ) – الدائرة الثامنة المدنية، بجلسة الثلاثاء الموافق 23/6/1998 ، والذي قضى في منطوقه بما يلي :-

” حكمت المحكمة :

أولاًً – بقبول الاستئنافين شكلاً.

ثانياً – وفي موضوع الاستئناف رقم 497 لسنة 34 قضائية برفضه، وألزمت المستأنف

بصفته المصاريف ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

ثالثاً – وفي موضوع الاستئناف رقم 349 لسنة 34 قضائية بتعديل الحكم المستأنف إلي إلزام المستأنف ضده بصفته أن يؤدي للمستأنفين مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً وموروثاً يوزع على النحو الوارد بالأسباب، وألزمت المستأنف ضده بصفته بالمصاريف ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة “.

* وكان الحكم المستأنف قد صدر من محكمة الفيوم الابتدائية – الدائرة التاسعة الحكومية، في الدعوى رقم 247 لسنة 1996 مدني كلي حكومة الفيوم، بجلسة الثلاثاء الموافق 27/1/1998، وجاء في منطوقه ما يلي :-

” حكمت المحكمة :

أولاً – بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول ” وزير الأوقاف، بصفته “؛ لرفعها على غير ذي صفة.

ثانياً – بقبول إدخال كمال الدين حسين رئيس مجلس إدارة العمارة، وبعدم قبول الدعوى له لرفعها على غير ذي صفة.

ثالثاً – برفض الدفع بالنسبة للمدعى عليه الثاني “رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية”، وبقبولها.

رابعاً – بإلزام المدعى عليه الثاني ” رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية، بصفتـه ” بـأن يؤدي للمدعين مبلغ وقدره خمسة عشر ألف جنيه تعويضاً مادياً، ومبلغ ستة آلاف جنيـه تعويضاً أدبياً، توزع بالسوية بين المدعيـن، ومبلـغ أربعـة آلاف جنيـه تعويضـاً موروثـاً يوزع بين المدعيـن حسـب الفريضـة الشرعيـة، وألزمـت المدعـى عليـه الثانـي بصفتـه بالمناسب من المصاريف ومبلغ عشـرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات “.

وقائع النزاع

( وهي جزء لا يتجزأ من أسباب الطعن بالنقض )

1 – تتلخص الوقائع في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأُول قد أقاموا الدعوى رقم 247 لسنة 1996 مدني كلي حكومة الفيوم، ضد الطاعن وآخر، للمطالبة بتعويض قدره 500000 ج (خمسمائة ألف جنية مصري فقط لا غير) كتعويض عن وفاة مورثهم (المرحوم/ خالد طلب) في مصعد العمارة السكنية الكائنة بشارع الحرية ببندر الفيوم والمملوكة للطاعن نتيجة عطل فني بالمصعد (على حد قولهم) وعدم وجود عامل متخصص.. وأسسوا دعواهم تلك على نص المادة 178 مدني، التي تحكم موضوع “حراسة الأشياء”، على اعتبار أن وفاة مورثهم في المصعد قد حدثت نتيجة الإهمال في صيانته وعدم القيام بإصلاحه أو الإشراف عليه، وهو من الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة.. وزعموا أن الطاعن هو المنوط به هذه العناية، وبالتالي مسئولاً عن الأضرار الناجمة عنه.

2 – دفع الطاعن أمام محكمة أول درجة بأن المسئول عن حراسة المصعد هو المطعون ضده الرابع (رئيس مجلس إدارة العقار)، والذي اُدخِلَ خصماً في هذه الدعوى.

* وقدم سنداً لدفعه هذا، بجلسة 21/11/1996، حافظة مستندات طويت على :-

a- صورة طبق الأصل من كتاب الأستاذ/ كما الدين حسين المحامي بصفته رئيس مجلس إدارة المجمع السكني، الرقيم 724 والمؤرخ 27/9/1994، وتضمن أن مجلس الإدارة للمجمع السكني له الهيمنة على العمال وصيانة المصعد.

b- صورة طبق الأصل من محضر مجلس إدارة المجمع السكني عن عام 1993 والذي يفيد ن مجلس إدارة المجمع السكني هو الذي يقوم بالإشراف على المصاعد وتعيين عمال المصاعد ومتابعتهم والإشراف عليهم، وصرف رواتبهم.

* وعليه تكون قد ثبتت تبعية عامل المصعد لمجلس إدارة العمارة، ومن ثم تثبت سلطة الإشراف على المصعد لمجلس إدارة العمارة، لا سيما وأن الثابت من الأوراق (المودعة بملف الدعوى)، أن عامل المصعد، الذي وقع به الحادث، واسمه/ مجدي حلمي محمد محمود، قد شهد وقرر في محضر تحقيق الشرطة الذي أجرته فور وقوع الحادث، رداً على سؤال محقق الشرطة: ومن المسئول عن إدارة مصاعد عمارة الأوقاف؟ أجاب عامل المصعد : مسئول عن المصاعد مجلس إدارة العمارة. (أنظر محضر التحقيق ص 4). وكذلك أجاب العامل الثاني، واسمه/ صبري سعداوي عطية سعداوي، رداً على سؤال محقق الشرطة: ومن المسئول عن إدارة هذه المصاعد؟ أجاب عامل المصعد : هو مجلس إدارة العمارة يرأسه الأستاذ/ كمال الدين حسين المحامي وساكن في نفس العمارة. ( أنظر محضر التحقيق ص 7 ).

* كما شهد أحد مستأجري وحدات المجمع السكني (السيد/ حافظ عبد النبي رزق)، أثناء التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، بأن : ” العمارة بها مجلس إدارة هو المتولي مسئولية الأسانسير “.

فالبينة وقرائن الأحوال، تثبت أن السيطرة الفعلية على المصعد، هي لمجلس إدارة العمارة، الذي له على المصعد سلطة الإشراف والتوجيه والرقابة، أي هو الحارس له، وبالتالي هو المسئول عن الأضرار الناجمة عنه.

3 – دفع المطعون ضده الرابع، رداً على دفاع الطاعن، أمام محكمة أول درجة، في مذكراته المكتوبة والمقدمة في جلستي 23/1/1997 و 4/12/1997، بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة إليه لأنه ليس مالكاً للعمارة ولا حائزاً لها بصفته مالكاً أو نائباً عن المالك، وإنما هو مستأجر عادي لإحدى شقق العمارة. كما أنه لم يصدر قرار بتعيينه رئيس مجلس إدارة العمارة. كما أن الطاعن لم يوكله (بتوكيل رسمي) في إدارة العمارة أو المصاعد.

4 – ساير قضاء محكمة أول درجة، دفاع الخصم المدخل، فقال بالحرف الواحد، في الفقرة الثالثة من الصفحة السادسة من الحكم، أنه : ” وحيث أنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى المبدى من الخصم المدخل وهو رئيس مجلس إدارة العمارة، فإنه لما كان الثابت للمحكمة أن رئيس مجلس الإدارة ليس مالكاً للعمارة وإنما هو مختار من بين سكان العمارة فقط وليس من قِبل هيئة الأوقاف أو معين رسمياً في أداء مهمة أو مسئول مسئولية معينة، فإنه يكون غير مسئول عن أية أعمال أو أخطأ، ويكون الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة صحيحاً ويتعين القضاء به “.

* ومن ثم أسس حكم محكمة أول درجة قضائه على ملكية الشيء فقط، والتي أسندها إلي الطاعن بصفته، وبناء عليه حمله بالمسئولية عن الأضرار الناجمة عنه، فورد في حيثيات هذا الحكم، في الفقرة الثالثة من الصفحة السابعة : ” وحيث أنه لما كان ذلك، وكان الثابت للمحكمة أن المدعين قد أصابهم ضرراً نتيجة لوفاة مورثهم وعائلهم الوحيد نتيجة لوجود عطل فني بالأسانسير المملوك لهيئة الأوقاف والمسئول عن ذلك هو رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته “.

* ومن ثم، وبناء على ما تقدم، قضت محكمة أول درجة، بجلسة 27/1/1998، بالتعويض المطعون ضدهم الثلاثة الأُول بمبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه ألزمت بها الطاعن بصفته.

5 – ورغم ذلك، استئناف المطعون ضدهم الثلاثة الأُول حكم محكمة أول درجة، بغية زيادة مبلغ التعويض، (وذلك بالاستئناف رقم 349 لسنة 34 قضائية). كما طعنت عليه هيئة الأوقاف لخطئه في تطبيق القانون، بغية إلغائه والقضاء مجدداً برفض الدعوى، (وذلك بالاستئناف رقم 397 لسنة 34 قضائي). وبجلسة المرافعة، قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين معاً للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.

6 – وقد صدر الحكم في الاستئنافين قاضياً برفض استئناف هيئة الأوقاف لأنها، كما ذكرت حيثيات هذا الحكم، “… فإن الحراسة تكون معقودة وقت الحادث لهيئة الأوقاف باعتبارها مالكه البناء الذي يقع فيه المصعد… وأن ما جاء بصحيفة الاستئناف جاء مرسلاً لا يسانده ثمة دليل “.

* ومن ثم، أيدت محكمة الاستئناف حكم محكمة أول درجة فيما قرره من مسئولية الطاعن، إلا أنها قضت بزيادة مبلغ التعويض إلي خمسين ألف جنية ألزمت بها الطاعن بصفته. ولما كان هذا القضاء، قد جاء، مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون، من ناحيتين :-

الأولي- أنه اعتبر ملكية الشيء هي المناط في تحديد الحارس له.

والثانية- أنه لم يعتد بقرائن الأحوال كدليل في إثبات الحراسة.

لذلك، فإن الطاعن يطعن على الحكم المطعون فيه، لخطئه في تطبيق القانون.

أوجـه الطعـن

أولاً – الخطأ في تطبيق القانون :

ولئن كانت فكرة الحراسة، في بداية تطورها، تميل إلي أن تصطبغ بصبغة قانونية، بمعنى أن المسئولية كانت تلزم الشخص الذي له الحق قانوناً في الرقابة على الشيء واستعماله والتسلط عليه، حتى ولو لم يكن له ذلك من حيث الواقع. وهذا هو ما يطلق عليه الحراسة القانونية garde juridique .

إلا أنها هذه الفكرة قد تطورت، وأصبحت الحراسة المعول عليها هي الحراسة الفعلية أو الواقعية garde de fait وهي تلك التي تقوم على الهيمنة والتسلط على الشيء والإشراف والرقابة عليه من حيث الواقع، ولو لم تكن مستندة إلي حق يقررها، دون أن تنزل، مع ذلك، إلي فكرة الرقابة أو الحراسة المادية garde materielle التي يتولاها الخدم والأتباع، لحساب مخدوميهم، والذين يعتبرون مجرد أدوات للحراسة، وليسوا حراساً.

وقد مكن هذا التطور، على وجه الخصوص، من عدم إلقاء المسئولية عن الضرر الناجم عن السيارات المسروقة على عاتق أصحابها الذين سرقت منهم، لاعتبار السارق هو الحارس دونهم.

[ المرجع : “المسئولية المدنية عن حوادث السيارات وغيرها من الأشياء الخطرة تأسيساً على حراستها”، “الجزء الأول – تحديد الحراسة”، “محاضرات الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي”، “لطلبة قسم الدراسات العليا – دبلوم القانون الخاص – مادة القانون المدني مع التعمق”، “بكلية الحقوق – جامعة القاهرة” ، “العام الدراسي 1996/1997” ، ص 77 ].

المسئولية تثقل حارس الشيء

تقضي المادة 178 مدني بأنه : ” كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذا الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، هذا مع عدم الإخلال بما يرد في ذلك من أحكام خاصة “.

فالمسئولية عن الأضرار الناجمة بفعل الأشياء الخطرة، بصريح نص المادة 178 مدني، تثقل كاهل من يتولى حراسة الشيء، وبعبارة أخرى، حارس الشيء. وهذا هو الشأن تماماً بالنسبة إلي القوانين العربية الأخرى التي استلهمت قانوننا كالقانون المدني السوري (المادة 179) والقانون المدني الليبي (المادة 178) والقانون الكويتي (المادة 243).

وهكذا فالحراسة، في تلك القوانين جميعاً، هي مناط المسئولية عن الأضرار الناجمة بفعل الأشياء الخطرة، وليس ملكية هذه الأشياء.

ولم يقتصر قانوننا المدني على جعل الحراسة دون الملكية هي مناط المسئولية بالنسبة للأضرار الناجمة عن الآلات الميكانيكية وغيرها من الأشياء الخطرة الأخرى بمعنى الجمادات، ولكن جعلها أيضاً مناط المسئولية بالنسبة إلي الإضرار التي يحدثها الحيوان ( المادة 176 ) وتلك الناجمة عن إنهدام البناء ( المادة 177 ).

ماهية حراسة الشيء باعتبارها

مناط تحمل المسئولية عن الأضرار الناجمة عنها

استقر الفقه والقضاء على أن المقصود بـحراسة الشيء garde de la chose باعتبارها مناط تحديد الشخص الذي يتحمل بالمسئولية عن الضرر الناجم عنه، هو السيطرة أو الهيمنة أو التسلط عليه. فحارس الشيء، الذي يتحمل بالمسئولية عن الضرر الذي يحدثه هو الشخص الذي تكون له، عند إحداثه الضرر، السيطرة أو الهيمنة أو التسلط عليه، وهذا المدلول لاصطلاح “الحراسة” هو الذي يستبين، من الأعمال التحضيرية لقانوننا المدني، أن مُشرعنا قد أتجه إليه، وهو الذي يسير قضاؤنا عليه في اطراد تام.

ولكن متى يكون للشخص السيطرة أو الهيمنة أو التسلط على الشيء حتى يعتبر حارساً إياه ويتحمل بالتالي بالمسئولية عن الضرر الناجم عنه؟؟

يوجد، في هذا المجال، حكم أساسي، أصدرته محكمة النقض الفرنسية في دوائرها المجتمعة، في 2 ديسمبر سنة 1941، في قضية ذاعت شهرتها في عالم القانون، لما تمخض عن ذاك الحكم الصادر فيها من مبادئ قانونية هامة، ولكثرة ما تردد مضمونه، بل الكثير من عباراته في الأحكام التالية وفي كتابات الفقهاء. وتعرف هذه القضية بقضية فرانك Affaire Franck نسبة إلي المدعى عليه فيها.

وتتلخص وقائع هذه القضية في أن طبيباً يدعى Franck عهد بسيارته إلي أبنه الذي كان قاصراً حينذاك، لكي يذهب بها إلي مدينة Nancy لقضاء سهرة عيد الميلاد. أوقف الابن السيارة على جانب أحد الشوارع، ودخل أحد المحلات العامة يقضى السهرة. جاء رجل، ظل مجهولاً، وسرق السيارة وانطلق بها. وفي الطريق، دهم بها أحد المارة فأرداه قتيلاً. رجع أهل القتيل على الطبيب Franck بدعوى المسئولية التقصيرية، تأسيساً على أنه حارس السيارة التي حدث الضرر بفعلها(1). وقضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى. وتأيد هذا الحكم من محكمة الاستئناف (2)“Nancy”. طعن في هذا الحكم بالنقض. وجاءت محكمة النقض، في دائرتها المدنية، ونقضت حكم Nancy، قاضية بأن حراسة السيارة ظلت لمالكها الدكتور Franck ، برغم سرقتها. وأحيلت الدعوى إلي محكمة الاستئناف “Besancon” لتحكم فيها مجدداً. وقضت هذه المحكمة بما يخالف الرأي الذي كانت قد قالت به محكمة النقض في دائرتها المدنية مؤيدة ما قضت به محكمة “Nancy” من قبل، من أن حراسة السيارة، وقت وقوع الحادثة، لم تكن لمالكها وإنما لسارقها(3). وعلى أثر الطعن بالنقض من جديد في حكم Besancon ، عرضت القضية على محكمة النقض، في دوائرها المجتمعة. فأصدرت الحكم الأساسي الهام الذي أشرنا إليه. وجاء في هذا الحكم : ” حيث أنه، لرفض (دعوى المسئولية)، قرر الحكم (حكم Besancon المطعون فيه) أنه في الوقت الذي حصلت فيه الحادثة كان Franck (مالك السيارة)، وقد سلبت السيارة منه على أثر سرقتها، في وضع يستحيل عليه فيه أن يباشر عليها أي إشراف “surveillance” ، وأنه يخلص من ذلك أن Franck، وقد حرم من استعمال سيارته وتوجيهها والرقابة عليها Prive de l`usage, de la direction et du controle يكون قد كف عن أن تكون له حراستها، ولم يعد بالتالي خاضعاً لقرينة المسئولية المقررة بمقتضى المادة 1384 فقرة أولى مدني (فرنسي)… “.

– وهكذا، حددت محكمة النقض الفرنسية، في دوائرها المجتمعة، أن المقصود من السيطرة أو الهيمنة، التي تقوم عليها حراسة الشيء، هو أن يكون للشخص على الشيء سلطة الاستعمال Usage والتوجيه Direction والرقابة Controle.

n والمقصود من اصطلاح الاستعمال : هو استخدام الشيء في غرض من الأغراض التي خصص لها. فاستعمال السيارة، مثلاً، يكون بركوبها أو بالنقل عليها، على وفق ما أعدت له.

n والمقصود من اصطلاح التوجيه : هو سلطة الأمر بالنسبة إلي استعمال الشيء، كتحديد طريقته، ووقت إجرائه، والغرض منه، وتحديد الأشخاص الذين يباشرونه، إلي غير ذلك. فبالنسبة إلي السيارة مثلاً، تباشر سلطة التوجيه بتحديد الغرض الذي تستعمل فيه، ووقت هذا الاستعمال، والشخص الذي يقودها، ومن يركبها، والطريق الذي تسلكه في سيرها، إلي غير ذلك من الأمور المشابهة.

n والمقصود باصطلاح الرقابة : هو سلطة الأمر، لا بالنسبة إلي استعمال الشيء، كما هو الحال في التوجيه، ولكن بالنسبة إلي الشيء ذاته، كسلطة فحص الشيء وتعهده بالصيانة، واستبدال بعض أجزائه، وعلى العموم إجراء كافة التصرفات المادية فيه.

– مع الأخذ في الاعتبار أن هذه السلطات تتداخل وتتكامل، وتستهدف كلها قيام السيطرة على الشيء أو ثبوت قوة الأمر بصدده Pouveir de Commandement . فالمهم إذن أن يكون للشخص السيطرة أو الهيمنة الفعلية على الشيء، أو قوة الأمر بالنسبة إليه، أي سلطة إلقاء وإعطاء الأوامر في شأنه وإعمالها وتراعى هنا سلطات الاستعمال والتوجيه والرقابة، أو حتى غيرها، لا على أنها مقصودة لذاتها، ولكن على اعتبار أنها تنهض دليلاً على ثبوت السيطرة أو الهيمنة على الشيء أو سلطة الأمر بصدده. وبعبارة أخرى، نأخذها عن أستاذنا السنهوري وعن المذكرة التفسيرية لقانون تنظيم الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع الكويتي الملغي، المقصود بالحراسة هو أن يملك الشخص زمام الشيء في يده، بحيث يكون هو المتصرف في أمره.

ويخلص من كل ما سبق، أن حراسة الشيء، التي هي مناط تحديد الشخص الذي يتحمل بالمسئولية عن الضرر الناجم عنه، هي السيطرة أو الهيمنة عليه، أو قوة الأمر بالنسبة إليه، وأن هذه السيطرة تقوم على سلطة الاستعمال والتوجيه والرقابة والأشراف والتصرف في الشيء، وعلى كل ما يؤدي إلي ثبوت الهيمنة والتسلط عليه.

والعناصر التي تقوم عليها السيطرة على الشيء هي عناصر موضوعية، بمعنى أن قاضي الموضوع يستخلصها من ظروف الدعوى، دون ما رقابة عليه، في استخلاصها، من محكمة النقض أو التمييز ما دام قد أقام استخلاصه على أسباب سائغة تكفي لحمله. أما تكييف السيطرة على أنها تؤدي إلي ثبوت الحراسة من عدمه، فهو يتضمن مسألة قانونية، لمحكمة النقض فيها القول الفصل.

[ المرجع : “المسئولية المدنية عن حوادث السيارات وغيرها من الأشياء الخطرة تأسيساً على حراستها”، “الجزء الأول – تحديد الحراسة”، “محاضرات الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي”، “لطلبة قسم الدراسات العليا – دبلوم القانون الخاص – مادة القانون المدني مع التعمق”، “بكلية الحقوق – جامعة القاهرة” ، “العام الدراسي 1996/1997” ، ص 110 : 227 ].

الحراسة القانونية والحراسة الفعلية

رأينا، أن حراسة الشيء، باعتبارها مناط تحديد من يتحمل بالمسئولية عن الضرر الناجم عنه، هي السيطرة أو الهيمنة أو التسلط عليه أو القدرة على التصرف في أمره.

ولكن ما هي طبيعة السند أو الدعامة التي ينبغي لهذه السيطرة أن ترتكز إليه أو إليها، هل يكفي أن تكون مرتكزة إلي القانون وحده، بمعنى أن يكون للشخص مجرد حق يمنحه القانون إياه في مباشرة مظاهرها، ولو لم تكن ممكنة من حيث الواقع، أم يلزم أن تكون مباشرة السيطرة متيسرة له فعلاً وواقعاً؟؟ ومن الناحية العكسية، إذا لزم أن تكون السيطرة على الشيء ممكنة من حيث الفعل والواقع، أي فعلية، فهل يكفي ذلك أم أنه يلزم أيضاً أن تكون مستندة إلي القانون، أي قانونية؟؟

في هذا المجال، لا يخرج الحال عن أحد الفروض الثلاثة الآتية :-

1- أن يكون للشخص على الشيء، أثناء وقوع الحادثة، السيطرة القانونية والفعلية في آن معاً. وهذا هو الوضع العادي المألوف. إذ يغلب أن يتفق الواقع مع القانون في هذا الصدد، بمعنى أن يكون للشخص حق قانوني في مباشرة السيطرة على الشيء، وأن يكون في مقدوره أن يباشرها عليه فعلاً. وهذه، على وجه الخصوص، هي حالة المالك، الذي يوجد الشيء بين يديه، حالة كونه يهيمن عليه.

2- أن يكون للشخص، أثناء وقوع الحادثة، السيطرة القانونية وحدها. بمعنى أن يكون له حينئذ الحق قانوناً في أن يتسلط على الشيء، ويباشر عليه سلطانه. ولكنه محروم من ذلك من حيث الواقع، ولو لفترة محدودة، بسبب وجود الشيء تحت السيطرة الفعلية لشخص آخر غيره. وأبرز مثال لذلك مالك السيارة التي يسرقها منه آخر، ويحدث بها ضرراً، وهي بين يديه، يتحكم فيها ويتسلط عليها.

3- أن يكون للشخص على الشيء، عند إحداثه الضرر، السيطرة الفعلية وحدها. بمعنى أن يكون في مقدوره آنئذ، من حيث الواقع، أن يتسلط على الشيء ويهيمن عليه، ولو لفترة محدودة، دون أن يكون له حق يقرره له القانون في مباشرة مظاهر هذا التسلط أو الهيمنة. وأبرز مثال لذلك سارق السيارة التي يحدث بها ضرراً للغير.

هذه هي الفروض الثلاثة التي لا يخرج الحال عن أحدها. والفرض الأول لا يثير أدنى صعوبة. فالحراسة فيه قائمة على الوجه التام الكامل. ولكن الصعوبة قد ثارت، بالنسبة إلي الفرضين الباقيين. وهذا ما تناوله الفكر القانوني في مجال التفريق بين ما سماه الحراسة القانونية والحراسة الفعلية أو الواقعية.

الحراسة القانونية :

في البدء، كان الفكر القانوني يسير في أفق الحراسة القانونية garde juridique ، مكتفياً بها، غير قانع بغيرها. فكانت الحراسة على الشيء تعتبر ثابتة لمن له الحق قانوناً في أن يسيطر عليه، ولو لم تكن له هذه السيطرة من حيث الواقع. أما الشخص الذي يسيطر على الشيء من حيث الفعل والواقع، دون أن يكون له في ذلك سند يرتكز إلي حق يقرره له القانون، فلم يكن يعتبر حارساً. وهكذا كان الحق في السيطرة على الشيء، دون السيطرة ذاتها، هي مناط الحراسة. وسواء في ذلك أكان الحق الذي تستند السيطرة إليه عينياً كما هي الحال بالنسبة إلي المالك، مثلاً، أو شخصياً كما هي الحال بالنسبة إلي المستأجر والمستعير.

ومؤدى نظرية الحراسة القانونية أن الحراسة، باعتبارها مناط تحديد المسئول عن الضرر الناجم بفعل الشيء، تثبت للمالك، أو إلي شخص آخر يكون له الحق قانوناً في أن يباشر سيطرته على الشيء، سواء أكان هذا الحق عينياً أو شخصياً. ويظل المالك أو من في حكمه معتبراً حارساً للشيء، إلي أن ينتقل منه إلي غيره الحق في السيطرة عليه بسبب قانوني، كبيع الشيء مثلاً، أو إيجاره أو إعارته، أو حصول التوارث فيه.

ولقد كان الحكم الصادر من محكمة النقض الفرنسية في دوائرها المجتمعة في 2 ديسمبر سنة 1941(4)، والذي سبق أن عرضنا له، بمثابة فصل الخطاب، في هذا الموضوع. فهو الذي غير الفكر القانوني الفرنسي نهائياً، وجعله يأخذ بنظرية الحراسة الفعلية، بعد أن كان، في مجموعه، يقول بالحراسة القانونية، وإن كانت دلائل اندحار هذه الفكرة الأخيرة قد بدأت تظهر من قبل ذلك، فيما وجهه إليها الفقهاء من نقد، وفيما صدر من محاكم الاستئناف من رفض لها وإصرار عليه.

ولقد اعتبر هذا الحكم الأساسي الهام سارق السيارة، دون مالكها هو الحارس، الذي يتحمل بالمسئولية عن الضرر الناجم عنها، تأسيساً على أنه كانت له، عند وقوع الحادثة، السيطرة الفعلية عليها. ولقد جاء فيه أن الحكم المطعون فيه : ” وقد قرر أن مالك السيارة، عند وقوع الحادثة كان، على أثر سلبها منه نتيجة السرقة، في وضع يستحيل عليه فيه أن يباشر عليها أي إشراف Surveillance ، فإنه يخلص من ذلك أن هذا المالك، وقد حرم من استعمال سيارته وتوجيهها والرقابة عليها، يكون قد كف عن أن تكون له حراستها، ولم يعد بالتالي خاضعاً لقرينة المسئولية المقررة بمقتضى المادة 1384 فقرة أولى مدني (فرنسي) “.

وبعد هذا الحكم الأساسي الهام، استقرت الأمور في فرنسا، فقهاً وقضاءً على أن المقصود بالحراسة التي هي مناط تحديد المسئول عن الضرر الناجم بفعل الشيء هو الحراسة الفعلية garde de fait ، دون اعتداد بعد ذلك بالحراسة القانونية garde juridique وهكذا فالعبرة هي بمن تكون له على الشيء السيطرة الفعلية عند وقوع الضرر، وسواء بعد ذلك أن تكون هذه السيطرة مستندة إلي حق يقرره القانون أم لا.

الحراسة الفعلية :

والحراسة الفعلية، دون القانونية، هي التي ينبغي أن يعول عليها، تحت ظل القانون المصري. صحيح أن المادة 178 مدني مصري لم تفصح عن طبيعة هذه الحراسة، كما لم يفصح عنها من قبل نص المادة 176 الذي تكلم عن المسئولية عن فعل الحيوان، ولا نص المادة 177 الذي تكلم عن المسئولية عن سقوط البناء. ولكن هذا لا يقدح في سلامة الرأي القائل بالتعويل على المسئولية الفعلية، دون القانونية. فمن ناحية، يعتبر القانون الفرنسي، في المجال الذي نحن بصدده، المصدر التاريخي للقانون المصري. حيث أن المسئولية عن حراسة الأشياء الخطرة، تحت ظله قد استمدت من القانون الفرنسي، في الوقت الذي كانت تسود فيه فكرة الحراسة الفعلية. ومن ناحية ثانية، نجد في الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ما يؤيد هذا الرأي(5)، ولقد أجمع الفقه(6) في مصر بالفعل على أن العبرة في الحراسة، باعتبارها مناط تحديد المسئولية عن الأضرار الناجمة بفعل الأشياء، هي بالحراسة الفعلية، دون القانونية. وعلى ذلك سار القضاء المصري أيضاً في اطراد تام(7).

وبذلك نكون قد انتهينا إلي أن المقصود بالحراسة الموجبة للمسئولية عن الضرر الناجم عن الأشياء، إعمالاً لحكم المادة 178 من قانوننا المدني المصري، كما هو الشأن تماماً في ظل القانون الفرنسي، هو الحراسة الفعلية دون القانونية.

[ المرجع : “المسئولية المدنية عن حوادث السيارات وغيرها من الأشياء الخطرة تأسيساً على حراستها”، “الجزء الأول – تحديد الحراسة”، “محاضرات الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي”، “لطلبة قسم الدراسات العليا – دبلوم القانون الخاص – مادة القانون المدني مع التعمق”، “بكلية الحقوق – جامعة القاهرة” ، “العام الدراسي 1996/1997” ، ص 128 : 134 ].

حراسة الأشياء المستأجرة

الأصل الغالب هو أن حراسة الأشياء المستأجرة تثبت للمستأجر، وليس للمؤجر، طالما أن عقد الإيجار قد تنفذ، بطبيعة الحال. فالمستأجر، بعد أن تسلم الشيء، يباشر عليه سلطات واسعة. فهو الذي يتولى استعماله والانتفاع به. وهو في هذا الاستعمال، سيد مستقل. ومن ثم فالسيطرة على الشيء ثابتة له، طوال وجوده بين يديه.

وتستثنى، هذا الحكم، الحالة التي يكون فيها استعمال الشخص للشيء حاصلاً تحت رقابة صاحبه وتوجيهه وإشرافه، بطريق مباشر دقيق. وأبرز مثال لذلك حالة الشخص الذي يأتي، في ساحة الملاهي أو نحوها، ويعطي بندقياته للرواد، من أجل استعمالها في إصابة هدف ينصبه لهذا الغرض، على سبيل اللهو أو التباري. فالعقد الذي يجمع بين صاحب المشروع وبين رواده، وإن كان أقرب إلي أن يكون عقداً غير مسمى، إلا أنه يقترب إلي حد كبير من عقد الإيجار، أو هو يختلط به. وعلى أية حال، فحراسة البندقية هنا تبقى لصاحب المشروع حتى وهي بين يدي المتباري، فبرغم أن هذا الأخير يستعمل البندقية، إلا أن استعماله إياها يحصل تحت إشراف ورقابة وتوجيه صاحب المشروع، بطريق مباشر ودقيق. فالمظهر الغالب في السيطرة على البندقية ثابت إذن لهذا الأخير.

أما في غير الحالة التي يستعمل فيها المستأجر العين، تحت الإشراف والرقابة والتوجيه من المؤجر، بطريق مباشر ودقيق، فإن حراسة هذه العين تعتبر ثابتة للمستأجر.

وكأن مفتاح المسألة يتمثل إذن، في تحديد ما إذا كان استعمال المستأجر للشيء يقع تحت الإشراف والرقابة والتوجيه المباشر والدقيق من المؤجر، أم أنه لا يحصل على هذا النحو.

ولا صعوبة في الأمر إذا ترك المستأجر يستعمل الشيء وحده، بعيداً عن رقابة تقع من المؤجر يؤديها، بنفسه أو بواسطة أحد تابعيه. فهنا تكون للمستأجر السلطة الفعلية كاملة على الشيء. ومن ثم فتثبت له حراسته.

بل أن الحراسة تثبت له هنا، كأصل عام، شاملة كل عناصر الشيء، وكل مظاهر وجوده. إذ أن عقد الإيجار يتيح بطبيعته للمستأجر الفرصة في أن يستعمل الشيء، استعمالاً حراً خالصاً، في حدود الغرض الذي أجر له من أجله. وهكذا يتحمل مستأجر السيارة، مثلاً، وهي بين يديه، باعتباره حارساً لها، بالمسئولية عن كل الأضرار الناجمة عنها، حتى تلك الناجمة عن عيب فيها، ولو كان هذا العيب خفياً، أو كامناً في ذات تركيبها، أي في ماكينتها وغير ذلك من آلاتها وأجزائها الدقيقة الأخرى(8).

وهكذا نخلص إلي إن المستأجر يعتبر حارساً للشيء المؤجر، إذا كان يستعمل الشيء وحده، بعيداً عن رقابة من المؤجر، وذلك بالنسبة إلي كل الأضرار الناجمة عن الشيء حتى تلك التي تجيء نتيجة عيب فيه.

ولا يغير من هذا الحكم أن يكون المؤجر ملتزماً، بمقتضى العقد، بصيانة الشيء. فالتزام المؤجر بالصيانة، بمجرد ذاته، لا يكفي لرفع سيطرة المستأجر عن الشيء. بل هو أقرب إلي أن يكون دليلاً على قيام تلك السيطرة له، مادام هو يستهدف تمكينه من أن ينتفع بالشيء على أتم وجه. وعلى ذلك فالمستأجر هنا مسئول، في مواجهة الغير، عن كل الأضرار الناجمة عن الشيء، باعتباره حارساً إياه، حتى لو كان هذا الضرر حاصلاً بسبب إخلال المؤجر بالتزامه بالصيانة(9).

ويسري هذا الحكم، سواء أكانت العين المؤجرة منقولاً أو عقاراً. فمستأجر المنزل أو الشقة أو المتجر أو الجراج، مثلاً، كمستأجر السيارة، يعتبر حارساً للعين ولكل ما فيها، مع استثناء ما يكون منها خاضعاً للإشراف المباشر والدقيق للمالك أو لغيره. وكذلك يعتبر مستأجر الحديقة أو البستان حارساً لما يوجد فيها من أشجار، طالما يباشر عليها بالفعل السلطات التي يخولها له عقد الإيجار.

– علماً بأن اتحاد الشاغلين، يستأجر أعضائه المبنى بكامله، وبالتالي تكون له الهيمنة على المبنى بكامله، وعلى الأجزاء المعدة منها للاستعمال المشترك، وعلى رأسها المصعد.

[ المرجع : “المسئولية المدنية عن حوادث السيارات وغيرها من الأشياء الخطرة تأسيساً على حراستها”، “الجزء الأول – تحديد الحراسة”، “محاضرات الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي”، “لطلبة قسم الدراسات العليا – دبلوم القانون الخاص – مادة القانون المدني مع التعمق”، “بكلية الحقوق – جامعة القاهرة” ، “العام الدراسي 1996/1997” ، ص 203 : 210 ].

ولما كان مالك المبنى ( المؤجر ) قد سلم اتحاد الشاغلين ( المستأجرين ) المصعد وأمر إدارته واستعماله وصيانته دون إشراف منه أو رقابة أو توجيه، وكان اتحاد الشاغلين يستأثر بهذه السلطات وبكامل السيطرة على المصعد، في الفترة التي وقع فيها الحادث، فيكون هذا الاتحاد هو الحارس، فحيثما تكون السيطرة، تكون الحراسة.

فمن المشاهد أنه في مثل تلك الحالة، كحالات أخرى يقوم فيها مالك الشيء بتسليمه للغير لكي تكون له الحرية كاملة في استعماله، ولكي يستأثر بهذا الاستعمال لنفسه، في الفترة التي يوجد فيها هذا الشيء بين يديه. وأمثال هذه الحالات كثيرة نذكر منها، السيارة التي تضعها الدولة، تحت تصرف أحد كبار موظفيها أو ضيوفها لاستعماله الشخصي، ولو كان من شأن هذا الاستعمال أن يعود بالنفع على الدولة نفسها. ومثال هذه الحالة كذلك الطبيب أو الجراح أو من في حكمهما، الذي تضع الدولة أو المستشفى بين يديه الأدوات الجراحية والأجهزة الطبية، تاركة له وحده الهيمنة الفعلية عليها. هنا أيضاً تثبت الحراسة لمن يكون الشيء بين يديه، لأن له السيطرة الفعلية عليه. [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 140 ].

مع الأخذ في الاعتبار أن حراسة، الشيء الواحد، بحسب الأصل، لا تكون، في الوقت الواحد، إلا لشخص واحد ( أو طرف واحد ). وهذا مقتضى القاعدة التي تقول بأن : ” الحراسة تتبدل ولا تتجمع – la garde est alternative et non cumultative “. ومعنى ذلك أن الحراسة تنتقل(10) من شخص إلي شخص ( أو من طرف إلي طرف )، ولا تكون، في الوقت الواحد، لأكثر من شخص ( أو لأكثر من طرف ). [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 147 ].

هذه هي إحدى القواعد الأساسية التي تحكم انتقال الحراسة : فالحراسة، في انتقالها، تتبدل ولكنها لا تتجمع. وهي قاعدة منطقية، تتفق تماماً مع مدلول الحراسة. فالحراسة، كما نعلم، هي السيطرة الفعلية على الشيء. ولا يتصور أن يكون على الشيء الواحد، في الوقت الواحد، إلا سيطرة واحدة. لأن السيطرة تقتضي بذاتها الاستئثار بالشيء. [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 171 ].

وغني عن البيان أن العبرة هي بمن تكون له حراسة الشيء، وقت إحداثه الضرر. فالشخص الذي يتحمل بالمسئولية، تأسيساً على حراسة شئ محدد، هو بالضرورة ذاك الذي تكون له حراسته، عند وقوع الأذى منه. فهذه المسئولية لا تثقل من كانت له حراسة الشيء، في وقت مضى، وإن قصر. وهي كذلك لا تثقل من تئول إليه، تلك الحراسة، في وقت تال، وإن قرب. والمسألة بالنسبة إلي تحديد من تكون له حراسة الشيء عند وقوع الضرر منه، هي من بعد مسألة إثبات. [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 162 ].

إثبات الحراسة

لكي يتحمل شخص ما بالمسئولية عن الضرر الناجم عن فعل شئ معين، يجب أن تكون له الحراسة عليه، وقت الحادثة. فعلى من يقع عبء إثبات هذه الواقعة؟ وكيف يتم؟

لا صعوبة في تحديد الشخص الذي يتحمل بعبء إثبات قيام حراسة الشيء للمدعى عليه وقت الحادثة. فهو المدعي، إعمالاً للقواعد العامة في الإثبات، التي تقضي بأن البينة على من ادعى.

وكذلك لا توجد صعوبة ما في كيفية حصول الإثبات. فلكونه يتعلق بواقعة مادية، هي تواجد السيطرة الفعلية للمدعى عليه وقت وقوع الحادثة، فهو يتم بكافة طرق الإثبات، بما فيها قرائن الأحوال. بل أن القرائن هنا تلعب دوراً هاماً وأساسياً.

المدعين لم يثبتوا أن وقت وقوع الحادثة كان المصعد في حراسة الهيئة إذ لم تكن لها السيطرة الفعلية عليه، كما أن الهيئة قد أثبتت تواجد هذه السيطرة لاتحاد الشاغلين. [ الدكتور/ عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 195 ].

التطبيق :

وبتطبيق كل القواعد القانونية المتقدمة، على وقائع الطعن الماثل، كما شرحناه لعدالتكم بصدر صحيفة الطعن الماثل، نجد أن :

1- الحكم المطعون فيه، الذي وافق حكم محكمة أول درجة، قد أصبغا صفة الحراسة على مصعد العمارة، على الطاعن بصفته، لا لشىء إلا لكونه مالكاً له، وهذا خطأ في تطبيق القانون، لكون الحراسة تثبت يقيناً فقط لمن له الهيمنة والسيطرة الفعلية على الشيء بما يتيح له سلط الاستعمال والتوجيه والرقابة وسلطة إصدار الأوامر بصدده، وبغض النظر عما إذا كانت تلك الهيمنة والسيطرة الفعلية تستند إلي سبب قانوني أم لا.

2- الحكم المطعون فيه، الذي وافق حكم محكمة أول درجة، قد رفضا أصباغ صفة الحراسة على مصعد العمارة، لرئيس مجلس إدارة العمارة، لا لشيء إلا لأن رئيس مجلس الإدارة ليس مالكاً للعمارة وإنما هو مختار من بين سكان العمارة فقط وليس من قِبل هيئة الأوقاف أو معين رسمياً في أداء مهمة. وهذا خطأ في تطبيق القانون، فكما ذكرنا أكثر من مرة، أن الحراسة تثبت يقيناً فقط لمن له الهيمنة والسيطرة الفعلية على الشيء بما يتيح له سلط الاستعمال والتوجيه والرقابة وسلطة إصدار الأوامر بصدده، وبغض النظر عما إذا كانت تلك الهيمنة والسيطرة الفعلية تستند إلي سبب قانوني أم لا.

3- أن اتحاد الشاغلين، يستأجر أعضائه المبنى بكامله، وبالتالي تكون له الهيمنة على المبنى بكامله، وعلى الأجزاء المعدة منها للاستعمال المشترك، وعلى رأسها المصعد. ولا يغير من هذا الحكم أن يكون المؤجر ملتزماً، بمقتضى العقد، بصيانة الشيء. حتى لو كان هذا الضرر حاصلاً بسبب إخلال المؤجر بالتزامه بالصيانة. ولما كان مالك المبنى ( المؤجر ) قد سلم اتحاد الشاغلين ( المستأجرين ) المصعد وأمر إدارته واستعماله وصيانته دون إشراف منه أو رقابة مباشرة ودقيقة، وكان اتحاد الشاغلين يستأثر بهذه السلطات وبكامل السيطرة على المصعد، في الفترة التي وقع فيها الحادث، فيكون هذا الاتحاد هو الحارس، فحيثما تكون السيطرة، تكون الحراسة.

4- القواعد العامة في الإثبات، تقضي بأن البينة على من ادعى. المدعين لم يثبتوا أن وقت وقوع الحادثة كان المصعد في حراسة الهيئة إذ لم تكن لها السيطرة الفعلية عليه.

5- ولكون حراسة رئيس مجلس إدارة العمارة يتعلق بواقعة مادية، هي تواجد السيطرة الفعلية له وقت وقوع الحادثة، فهو يتم بكافة طرق الإثبات، بما فيها قرائن الأحوال. بل أن القرائن هنا تلعب دوراً هاماً وأساسياً. وهيئة الأوقاف قد أثبتت تواجد هذه السيطرة لاتحاد الشاغلين، على النحو التالي :

a- صورة طبق الأصل من كتاب الأستاذ/ كما الدين حسين المحامي بصفته رئيس مجلس إدارة المجمع السكني، الرقيم 724 والمؤرخ 27/9/1994، وتضمن أن مجلس الإدارة للمجمع السكني له الهيمنة على العمال وصيانة المصعد.

b- صورة طبق الأصل من محضر مجلس إدارة المجمع السكني عن عام 1993 والذي يفيد أن مجلس إدارة المجمع السكني هو الذي يقوم بالإشراف على المصاعد وتعيين عمال المصاعد ومتابعتهم والإشراف عليهم، وصرف رواتبهم.

c- وعليه تكون قد ثبتت تبعية عامل المصعد لمجلس إدارة العمارة، ومن ثم تثبت سلطة الإشراف على المصعد لمجلس إدارة العمارة، لا سيما وأن الثابت من الأوراق (المودعة بملف الدعوى)، أن عامل المصعد، الذي وقع به الحادث، واسمه/ مجدي حلمي محمد محمود، قد شهد وقرر في محضر تحقيق الشرطة الذي أجرته فور وقوع الحادث، رداً على سؤال محقق الشرطة: ومن المسئول عن إدارة مصاعد عمارة الأوقاف؟ أجاب عامل المصعد : مسئول عن المصاعد مجلس إدارة العمارة. (أنظر محضر التحقيق ص 4). وكذلك أجاب العامل الثاني، واسمه/ صبري سعداوي عطية سعداوي، رداً على سؤال محقق الشرطة: ومن المسئول عن إدارة هذه المصاعد؟ أجاب عامل المصعد : هو مجلس إدارة العمارة يرأسه الأستاذ/ كمال الدين حسين المحامي وساكن في نفس العمارة. ( أنظر محضر التحقيق ص 7 ).

d- كما شهد أحد مستأجري وحدات المجمع السكني (السيد/ حافظ عبد النبي رزق)، أثناء التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، بأن : ” العمارة بها مجلس إدارة هو المتولي مسئولية الأسانسير “.

* فالبينة وقرائن الأحوال، تثبت أن السيطرة الفعلية على المصعد، هي لمجلس إدارة العمارة، الذي له على المصعد سلطة الإشراف والتوجيه والرقابة، أي هو الحارس له، وبالتالي هو المسئول عن الأضرار الناجمة عنه. وإذ لم يعتد الحكم المطعون فيه بهذه القرائن كأدلة يجوز الإثبات بها أن الحراسة هي لرئيس مجلس إدارة العمارة، وليس لهيئة الأوقاف المالكة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. إذ أن الإثبات بالقرائن جائز في الوقائع المادية.

طلب وقف التنفيذ :

ولما كان الحكم المطعون فيه مرجح نقضه لما انطوى عليه من بطلان للخطأ في تطبيق القانون، وكان يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها، فإن الطاعن بصفته يلتمس الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في الطعن بالنقض.

الطلبات

لكل ما تقدم، ولما سيبديه الطاعن من أوجه دفاعه الشفوي والمكتوب، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، يلتمس الطاعن بصفته من عدالة المحكمة :

أولاً – تحديد جلسة عاجلة لنظر طلب وقف التنفيذ مؤقتاً، والحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في الطعن بالنقض.

ثانياً – 1- قبول الطعن شكلاً.

2- وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه – الصادر في الاستئنافين رقمي 349 و 397 لسنة 34 قضائية – وإعادة الاستئنافين إلي محكمة استئناف بني سويف (مأمورية الفيوم) لتفصل في الاستئنافين الصادر فيهما الحكم المطعون فيه بدائرة أخرى غير الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى أياً ما كانت،،،

أشرف رشوان

المحامي بالنقض

(1) كما أسسوا دعواهم أيضاً على وقوع خطأ شخصي من الابن، وهو خاضع لرقابة أبيه بسبب قصره، اعتباراً بأنه أهمل في الإشـراف علـى السيارة، على نحو مكن للسرقة من أن تقع.

(2) أنظر استئناف Nancy 10 يوليه 1931، منشور في دالوز 1936-1-81 تحت حكم النقض المدني 3 مارس 1936. ومنشور أيضاً في Gaz. Pal. 1131-2-779.

(3) أنظر استئناف Besancon 25 فبراير 1937، سيري 1937-2-97 مع تعليق Durand وهو منشور أيضاً في D.H. 1937 ص 182، وفي Gaz. Pal. 1937-1-499. وقد جاء هذا الحكم متضمناً حيثيات طويلة، ولكنها مسببة تسبيباً رائعاً. ولقد استفاد كثيراً من ملاحظات الأستاذ H. Capitant التي أوردها، في نقده حكم النقض في دائرتها المدنية الصادر في 3 مارس 1936، والذي سبقت الإشارة إليه. وقد جاء في هذا الحكم : ” حيث أن حراسة الشيء، بمقتضى ذات تعريفها، تقوم على واقعة المحافظة والإشراف عليه، فإن صفة الحارس للشيء ترتفع إذن عن الشخص الذي أصبح الإشراف على الشيء، بالنسبة إليه، مستحيلاً استحالة مطلقة… وأنه ينتج عن ذلك أن المالك أو الحائز أو المحرز شيء ما، بمجرد أن يفقد سلطة الإشراف عليه بنفسه أو بأحد إتباعه، يفقد حراسته… “.

(4) وهو منشور في D.C. 1942 ص 25 مع تقرير la garde وتعليق Riper ، وفي سيري 1941-1-217 مع تعليق H. M. Zeaud ،

وفي Gaz. Pal. 1942-2-297.

(5) مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، جـ 2 ص 434.

(6) أنظر : السنهوري، الوسيط جـ 2 نبذة 716. حشمت أبو ستيت، نظرية الالتزام، نبذة 552. عبد المنعم الصده، المصادر غير الإرادية

للالتزام، نبذة 127و132و140. عبد الحي حجازي، النظرية العامة للالتزام، جـ 2 – ص 552. وأنظر على وجه الخصوص : محمد لبيب

شنب، رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة القاهرة، بعنوان ” المسئولية عن الأشياء “، نبذة 60 وحواشيها.

(7) أنظر : نقـض مصـري مدنـي 25 مارس 1965 ، مجموعة أحكام النقض س 19 رقم 62 ص 396 ، وقد جاء في هذا الحكم أن :

” الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه في معنى المادة 178 مدني ، هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السلطة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً “.. كما جاء فيه أيضاً أن : ” العبرة في قيام الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه “. وأنظر كذلك : نقض مدني 31/12/1974 في الطعن رقم 543 لسنة 39 قضائية ، بمجموعة أحكام النقض س 25 ص 1557 رقم 563 وقد جاء في هذا الحكم : ” الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض طبقاً للمادة 178 من القانون المدني إنما تتحقق بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه “. وأنظر كذلك : نقض مدني 1/3/1977 في الطعن رقم 538 لسنة 43 قضائية ، مجموعة أحكام النقض س 28 ص 519 . ونقض مدني في 25/4/1978 =

= في الطعن رقم 149 لسنة 44 قضائية ، مجموعة أحكام النقض س 29 ص 1094 رقم 215. وأنظر في نفس الاتجاه : استئناف الكويت تجاري 13/12/1970.

(8) والمستأجر، بعد ذلك، وشأنه مع المؤجر. فله أن يرجع عليه، تأسيساً على عقد الإيجار، بدعوى ضمان العيب الخفي، إذا توافرت شروطها.

(9) والمستأجر، بعد ذلك، وشأنه مع المؤجر، إذ له أن يرجع عليه بدعوى المسئولية الناشئة عن إخلاله بالتزامه.

(10) وقد يحصل هذا الانتقال برضاء الحارس القديم. كما أنه قد يحصل بغير رضاءه، بعلمه أو بغير علمه. فرضاء الحارس بأن تنتقل الحراسـة عنه إلي

غيره ليس بذي اعتبار. فمناط انتقال الحراسة هو انتقال السيطرة الفعلية على الشيء بمجرده وذاته. فبمجرد أن تئول تلك السيطـرة الفعلية إلي

شخص غير ذاك الذي كانت له في الأصل، تنتقل الحراسة إليه، بغض النظر عما إذا كان الحارس القديم راغباً في ذلك، أم غير راغب، عالماً به أم

غير عالم. ومرجع ذلك كله إلي أن الحراسة، باعتبارها أساس المسئولية عن فعل الأشياء، هي من عمل القانون وليست من عمل الأفراد.

والقانون يقيمها على واقعة مادية تتمثل في مجرد السيطرة الفعلية على الشيء. فهي كائنة حيثما تكون تلك السيطرة، وتنتقل حيثما تنتقل. [ د. عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 162 ].

n وانتقال الحراسة، برضاء صاحبها، إلي شخص غيره، يتم نتيجة تصرف قانوني. وقد يكون هذا التصرف القانوني بإرادة الحارس القديم وحده، كما هو الحال في الوصية. وقد يكون نتيجة توافق إرادة الحارس القديم مع إرادة شخص آخر يصير حارساً مكانه، كما هو الحال في البيع أو الإيجار أو العارية أو الوديعة أو نحو ذلك.

n وانتقال الحراسة، بغير رضاء الحارس القديم، قد يجيء نتيجة سبب قانوني مشروع، كما هي الحال في الميراث ونزع الملكية أو الاستيلاء المؤقت للمنفعة العامة. كما أنه قد يجيء نتيجة واقعة غير مشروعة، أو حتى آثمة، كما إذا سرقت السيارة من صاحبها، أو فر بها سائقها، متنكراً لسلطة مخدومه عليها ومستأثراً بها دونه. [ د. عبد الفتاح عبد الباقي – المرجع السابق – ص 164 ].

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .