طالب التنفيذ:

طالب التنفيذ هو أول شخص يظهر على مسرح التنفيذ وهو الذى يلعب الدور الإيجابي فيه، ويعبر عنه عادة بكلمة “الحاجز” – إذا كان التنفيذ يتم بطريق الحجز – كما يعبر عنه أيضاً بكلمة “الدائن” على اعتبار أنه هو صاحب الحق في التنفيذ ولا مانع لدينا من التعبير عنه بأي لفظ من هذه الألفاظ مادام مفهوماً أن المقصود به هو من يطلب اجراء التنفيذ لصالحه، سواء أكان ذلك بطريق الحجز أو بطريق التنفيذ العيني، وسواء أكان صاحب حق شخصي أم صاحب حق عيني أو أي حق آخر أياً ما كان وصفه.

ويشترط فيمن يطلب التنفيذ شرطان أولهما – أن تتحقق فيه صفة الدائن وثانيهما – أن تتوافر له الأهلية اللازمة للتنفيذ.

أما عن الشرط الأول، فإنه يجب أن يكون حق طالب التنفيذ (وهو الحق الذى يجرى التنفيذ لاقتضائه) ثابتاً وقت التنفيذ.

فإذا كان دائناً وجب أن تثبت له صفة الدائن وقت الحجز وإذا كان صاحب حق عيني وجب أن يكون ذلك الحق ثابتاً له وقت التنفيذ. ويترتب على ذلك أن الحجز يكون باطلاً إذا تبين مثلاً أن الحاجز لم يصبح دائناً إلا في أثناء سير الاجراءات، فثبوت هذه الصفة له بعد الحجز لا يصحح الاجراءات([1]).

ولكن الحق في طلب التنفيذ ليس قاصر على دائن دون آخر، فالتنفيذ حق لأى دائن، أي لكل من تثبت له صفة الدائن أو من يصدق عليه هذا الوصف سواء في ذلك الدائن العادي أو المزود بتأمين كالدائن المرتهن أو صاحب حق الامتياز، فصاحب الرهن أو الامتياز بل وصاحب الحق في الحبس لا يملك أن يمنع دائنا عاديا من الحجز على المال الضامن لحقه. وغاية الأمر أن صاحب الرهن أو الامتياز يتقدم على الدائن العادي عند التوزيع وصاحب حق الحبس يستطيع أن يتمسك بحقه في عدم التخلي عن الشيء الموجود في حيازته الا بعد استيفائه لدينه. وإذا كان يحق للدائن العادي أن ينفذ على مال مرهون فلا شك في أنه يجوز من باب أولى للدائن المرتهن المتأخر في المرتبة أن يجرى التنفيذ.

ولا يحتج عليه هنا بانعدام مصلحته في ذلك. كما أن للدائن المرتهن أن يجرى التنفيذ على المال المرهون أو على مال آخر مملوك للمدين، ولا يقال أنه لا يجوز للدائن المرتهن أن يتخذ اجراءات التنفيذ على مال للمدين لم يخصص لوفاء حقه إلا بعد التنفيذ على المال المرهون فقد ألغى النص الذى كان يتضمنه قانون المرافعات السابق والذى كان ينطوي على هذا المعنى.

أما الشرط الثاني في طلب التنفيذ فهو الأهلية، إذ يجب أن يكون متمتعا بالأهلية اللازمة لمباشرة اجراءات التنفيذ.

والأهلية المطلوبة في هذا المقام هى أهلية الادارة لأنه إذا كان استيفاء الدين (أو اقتضاء الحق بصفة عامة) معتبرا عملاً من أعمال الادارة فلا شكل في أن الوسيلة اليه – (وهى اتخاذ اجراءات التنفيذ) – تكون كذلك من أعمال الادارة، خصوصا وأن مباشرة اجراءات التنفيذ لا تؤدى إلى الزام القائم بها بالتزامات تمس أصل ماله.

فالتنفيذ على العقار كالتنفيذ على غير العقار مجرد وسيلة لاستيفاء الدين لا تؤدى إلى ايجاد التزام يتكيف قانونا بأنه عمل من أعمال التصرف فلم يعد اذن محل للقول في ظل قانون المرافعات الجديد بأن التنفيذ العقاري تلزم له أهلية التصرف بل أنه قد أصبح كغيره من طرق التنفيذ (كحجز المنقول وحجز ما للمدين لدى الغير) مجرد عمل من أعمال الادارة غايته استيفاء الدين ولذلك يكفى أن يكون طالب التنفيذ متمتعاً بـأهلية الادارة.

ولا يفهم من ذلك أن من لا يتمتع بأهلية الادارة لا يمكن أن يقتضى حقه عن طريق التنفيذ على أموال المدين وانما نقصد بذلك أن الاجراءات يجب أن تتخذ بمعرفة من يمثل ناقص الأهلية كالولي أو الوصي أو القمم.

ويلاحظ أن طالب التنفيذ قد لا يكون هو الدائن الأصلي. إذ أن هذا الدائن قد يتنازل عن حقه إلى سواه، وقد يتوفى فينتقل حقه إلى ورثته ومن في حكمهم، ولذلك فان التنفيذ يجرى عندئذ بناء على طلب الخلف الذى حصل التنازل له عن الحق أو انتقل اليه بحكم الميراث أو الوصية. غير أن من حق المدين في هذه الحالة أن يعترض على طالب التنفيذ طالبا منه اثبات صفته لأن التنفيذ يؤدى إلى وفاء المدين بما عليه، وهذا الوفاء لا يكون صحيحاً إلا إذا حصل إلى من له الصفة في اقتضائه. ولذلك فإن من حق المدين أن يتحقق من صفات طالب التنفيذ.

ويلزم من ذلك أن طالب التنفيذ إذا كان قد حل محل الدائن الأصلي عن طريق التنازل أو انتقال الحق إليه فإنه يجب أن يعلن المدين – قبل البدء في التنفيذ – بالسند الذى يخول له هذه الصفة والا جاز للمدين أن يطلب ابطال الاجراءات فضلا عن أنه في حالة التنازل أو الحوالة يتعرض المتنازل له أو المحال له لخطر وفاء المدين إلى الدائن الأصلي أو وقوع المقاصة بينهما قبل الاعلان.
على انه يراعى في هذا الشأن أن قبول المدين للحوالة يخول للمحال له الحق في التنفيذ على المدين دون اعلانه بسند التحويل إذ أن قبول المدين للحوالة يقوم مقام اعلانها اليه. وانما يلزم اعلانه بالسند التنفيذي.

وقد يحصل التنفيذ بمعرفة نائب عن الدائن: سواء في ذلك أن يكون نائباً اتفاقياً – أي وكيلاً – أو نائباً قانونياً – كالقيم أو الولي أو الوصي ولكن يلزم لذلك أن يذكر النائب عند اتخاذه للإجراءات أنه يقوم بها بهذه الصفة لحساب الأصيل.

وطبقاً للمادتين 235 و 236 من القانون المدني يجوز للدائن أن يقوم بالتنفيذ على مدين مدينه بشرط توجيه الاجراءات إلى المدين ويعتبر الدائن في هذه الحالة نائباً نيابة قانونية عن مدينه. ويجب أن يختصم المدين في الاجراءات وان يبين أه يقوم بها نيابة عن مدينه بطريق الدعوى غير المباشرة.

على أن حجز ما للمدين لدى الغير قد يغنى عن اتباع هذا الطريق الذى يستلزم توافر شروط معينة لقيام الدائن باستعمال حقوق مدينه كما يؤدى إلى استفادة جميع الدائنين من ذلك ولو لم يتدخلوا في الاجراءات.

وإذا توفى طالب التنفيذ في أثناء سير الاجراءات، فإن ذلك لا يبطل الاجراءات التي تمت صحيحة قبل وفاته ولا يؤدى إلى انقطاع سير الاجراءات قياسا على الخصومة لما بين الأمرين من فرق، وغاية ما هنالك أن يستمر الورثة في التنفيذ بعد إعلان من يجرى التنفيذ ضده بما يثبت صفتهم أي انهم يتابعون الاجراءات التي اتخذها مورثهم، ومن النقطة التي انتهى عندها، إذا لم تكن قد سقطت.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .