الدفع بسبق ما يكذب الدعوى محضا-المحامي/عبدالرقيب القاضي

معني الدفع بسبق ما يكذب الدعوى محضا
ما شدني للبحث في هذه الجزئية هو طائلة الدفوع الكيدية التي تثار باسم الدفع بسبق ما يكذب الدعوى محضا والفصل فيها من قبل القضاء وتكييف غالبيتها العظمي بانها عبارة عن رد موضوعي على الدعوى.

ورفعا لهذا اللبس الذي يقع فيه الكثير فقد ارتئيت ايضاح معني هذا الدفع في هذه العجالة المتواضعة على النحو الاتي:
يعد الاساس والسند القانوني للدفع بعدم سماع الدعوى لتقدم ما يكذبها محضاً هو نص الفقرة (4) من المادة (186) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني والتي قضت بقولها: (تعتبر من النظام العام الدفوع التالية:
4-الدفع بعدم سماع الدعوى لتقدم ما يكذَّبها محضاً.)

بالإضافة الي نص الفقرة (1) من المادة (14) من قانون الإثبات اليمني والتي نصت بان: (لا تسمع الدعوى في الأحوال الأتية:
1-إذا تقدم ما يكذبها محضا. )

ولمعرفة المعنى القانون للكذب الذي يعتد به كأساس لعدم سماع الدعوى ينبغي علينا الرجوع إلى المراجع التي حددها القانون لتفسير النصوص القانونية وفقا للمادة (18) من القانون المدني التي قضت بقولها:(المرجع في تفسير نصوص القوانين وتطبيقها هو الفقه الإسلامي والمذكرات الإيضاحية والكتب الشارحة الصادرة من الهيئة التشريعية المختصة)

إذ انه وبالرجوع إلى كتب الفقه الإسلامي نجد أنها قد بينت معنى الكذب الذي يدفع بمواجهة الدعوى وهو صدور أمر سابق من المدعي يكذب الدعوى -أي يناقضها – وهو ما قصده المشرع في نص المادة (186/4) من قانون المرافعات حيث اعتبر الفقه أي قول صادر من المدعي يناقض ما ادعاه بأنه كذب يكون مانع لسماع الدعوى وللمدعى عليه دفع الدعوى بذلك التكذيب.

ونقتبس للدلالة على ذلك ما جاء في شروح الفقه الإسلامي والقانوني على النحو الاتي: –
1- جاء في المجلد الرابع من درر الحكام شرح مجلة الأحكام في الكتاب الرابع عشر تحت عنوان الدعوى المادة (1615) ما يلي: –
(التناقض هو سبق كلام من المدعى مناقض لدعواه أي سبق كلام منه موجب لبطلان دعواه) وعرف التناقض لغة وشرعا بقوله:
التناقض لغة بمعنى التدافع.
وشرعا هو سبق كلام من المدعى مناقض لدعواه).

المرجع/ درر الحكام شرح مجلة الحكام تأليف علي حيدر تعريب المحامي / فهمي الحسني المجلد الرابع الطبعة الأولى 1411هـ- 1991م صـ 176.

2- كما جاء في الفصل الرابع من نفس المجلد تحت عنوان في بيان التناقض – شرح المادة (1636) ما يلي:

((انه يشترط في صحة الدعوى عدم وقوع التناقض فيها فذلك لا تسمع الدعوى التي يقع تناقض فيها لأن كذب المدعى يظهر في الدعوى التي يقع فيها التناقض مثلا إذا ادعى قائلا: إن هذا المال ملكي وأثبت المدعى عليه بأن المدعى قد طلبه شراء ذلك المال منه يظهر كذب المدعى في دعواه)).

مرجع سابق درر الحكام شرح مجلة الحكام / صـــ 261 .
وقد ذكر في هذا الفصل أنواع للتناقض التي تكون صادرة من المدعي.
كما جاء في كتاب التاج المذهب – المجلد الرابع ما يلي: –
(فصل – في بيان الدعاوى التي لا تسمع من مدعيها أي لا تقبل وهي (أربع) الأولى لا تسمع دعوى في الوديعة وكل عين غير مضمنه كالعارية المستأجرة غير المضمنة – إذا تقدم من المدعي ما يكذبها محضا مثال ذلك ان يدعي رجل وديعة له أو نحوها فيقول الوديع ما أودعني شيئا فيقيم المدعي البينة على انه أودعه فيدعي في مجلس الإنكار أو بعده بتاريخ متقدم انه قد ردها).
المرجع / التاج المذهب لأحكام المذهب شرح متن الأزهار في فقه الأئمة الأطهار – المجلد الرابع الطبعة الأولى 1366هـ 1947م صــــ 12
3- ما أورده الدكتور شعبان الكومي احمد في مؤلفه الدعوى بالمجهول صـــ83 بقوله :(يشترط في صيغة الدعوى عدة شروط وهي: –
عدم التناقض بينها وبين أمر سبق صدوره من المدعي.

والمقصود بالتناقض في الدعوى إن يسبق من المدعى كلام مناف للكلام الذي يقوله في دعواه كان يقر أمام القاضي بعين في يده لغيره فيأمر القاضي بتسليمها لمن اقر له بها وبعد ذلك يدعي المقر انه اشترى هذه العين من المقر له بتاريخ سابق على وقت الإقرار فبذلك يكون متناقضاً إذ بإقراره الأول يكون معترفاً بملكية غيره في تاريخ إقراره وبدعواه الثانية يكون مدعياً انه هو المالك في ذلك التاريخ وما هذا إلا التناقض .فإذا وجد مثل هذا التناقض فانه يمنع من قبول الدعوى لأنه يعد دليلاً على كذب المدعى في دعواه إذا انه يستحيل الجمع في الصدق بين الشيء ونقيضه ).

المرجع الدعوى بالمجهول د/ شعبان الكومي ص83
ومن خلال تلك المراجع القانونية والشروح الفقهية والتي هي المر جع في تفسير النص القانوني الواردة في المادة (186/4) مرافعات وكذا نص المادة (14/1) إثبات يتضح وبما لا يدع مجالا للشك أن التكاذب في الدعوى لا يكون الا من المدعي دون سواه وكذلك أن التكاذب لا يكون الا في واقعة موضوعية دون القانونية.

اعداد المحامي/عبدالرقيب محمد القاضي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت