المركز الرئيسي للشركة ومحل التأسيس
فرض المشرع المصري. كما سبق القول أحكام قانون الشركات على كافة أنواع الشركات التي تنشأ في ظل أحكام هذا القانون سواء كانت شركات مساهمة أو توصية بالأسهم أو ذات مسئولية محدودة التي تتخذ مركزها الرئيسي في مصر ولم يحدد المشرع المقصود بالمركز الرئيسي فالمشرع وهم بحسم ماله النطاق الإقليمي لأحكام القانون المصري للشركات حدد مفهوم الوجود على الإقليم بأنه وجود المركز الرئيسي للشركة.

ولاشك أن تعبير المركز الرئيسي للشركة تعبير وارد وليس تعبير اختبار إذا أنه بصورته الحالية يحوطه الغموض فما الذي يقصده المشرع بعبارة المركز الرئيسي؟

هل يقصد به المركز الرئيسي للإدارة أم المركز الرئيسي للنشاط، أم المركز الرئيسي بمجوعه الشركاء إذ كان أصحاب رأس المال شركات أخرى أو المركز الرئيسي للإدارة الفعلية أو المركز الرئيسي للإدارة الرسمية لاشك أن كل فرض من هذه الفروض ينبر كثيراً من المشاكل القانونية فنص المادة الأولى من قانون الشركات يقضي بسريان أحكام القانون على الشركات «التي تتخذ مركزها الرئيسي في جمهورية مصر العربية»

فهل المشرع يقصد بهذا الاصطلاح المفهوم الوارد في الفقرة الثانية من المادة الحادية عشرة من القانون المدني الخاص بالقانون الواجب التطبيق على النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية؟ إذ قرر المشرع في هذا النص إنه يسري على النظام القانوني لهذه الأشخاص «قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي الفعلي

«فعلها المشرع بقصد مركز الإدارة الرئيسي الفعلي أم أنه يقصد بهذا الإصلاح ما كان منصوصاً عليه في المادة رقم 88 من قانون الشركات السابق رقم 26 لسنة 1954 من سريان أحكامه على شركات المساهمة التي تؤسس في مصر أو التي تتخذ فيها مركز أدارتها أو مركز نشاطها الرئيسي فالمشرع يعني مركز الإدارة أو مركز النشاط وكل واحد منهما معيار مختلف فبالإضافة إلى عدم دقة الإصطلاح الذي استخدمها المشرع في القانون الجديد فإنه لم يوضح المقصود بمعيار المركز الرئيسي الذي نص عليه ولاشك أن ذلك يعد عيباً نشر بيعاً في الصياغة القانونية لنصوص التربع يترتب عليه غموض قصد المشرع، وبالتالي يؤدي إلى نتائج غير مقبولة في التفسير والتطبيق في كثير من الأحيان».

والسائد عملاً أن اصطلاح «المركز الرئيسي» إنما يتصرف إلى مقر إدارة الشركة ولا يوجد أمامنا إزاء الوضع التشريعي الحاصل بالصورة الحالية إلا أنه نرجع في تفسير هذا الاصطلاح إلى قواعد وأحكام القانون المدني باعتبارها الأصل العام الذي نركن إليه ولا نستطيع أن نرجع الوضع بإحكام قانون الشركات السابق رقم 26 لسنة 1954 لأن المشروع ألغى هذا القانون بالقانون الحالي رقم 15 لسنة 1981 وينصرف مفهوم هذه العبارة عبارة «المركز الرئيسي» إلى مركز الإدارة الرئيسي الفعلي وذلك في ضوء المادة رقم 11/2 من القانون المدني التي تقضي بأن «النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات الأموال فيسري عليها قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه الأشخاص مركز أدارتها الرئيسي الفعلي ……..»

ومركز الإدارة هو المكان التي توجد فيه أجهزة الشخص الاعتباري والهيئات القائمة على إدارته فهو المكان الذي تتخذ فيه القرارات والأوامر المتعلقة بحياة الشخص الاعتباري ويختلف شكل لإدارة بحسب نوع الشركة فإذا كانت شركة مساهمة فتتمثل الإدارة في مجلس الإدارة وإذ كانت شركه توصيه بالأسهم فالإدارة الشريك المتضامن وإذ كانت شركة ذات مسئولية محدودة فالإدارة لمدير الشركة سواء كان فرداً أو أكثر فمكان الإدارة إذ نايا كان الشكل الذي تتخذه هو فكان الإدارة الفعلية للشركة والذي تتركز فيه أجهزتها الإدارية.

ولعله يكون من المناسب القول بأن تفادياً لما قد ينشأ من خلاف حول مفهوم المركز الرئيسي للشركة الوارد في قانون الشركات فإن الشرع إلزم كل شركة تؤسس في مصر أن تتخذ فيها مركزاً رئيسياً لها فالمشروع ربط سريان أحكام القانون بمركز الشركة الرئيسي واشترط أنه يكون هذا المركز في مصر متى تم تأسيس الشركة في مصر ولاشك أنه المقصود بالمركز الإدارة والأساس في ذلك أن المشرع حين تناول تنظيم موضوع فروع الشركات الأجنبية استعمل صراحة تعبير مركز الإدارة حيث نص في المادة رقم 165 شركات على أن تسري أحكام هذا الباب على الشركات الأجنبية التي لا تتخذ في مصر مركز إدارتها أو مركز نشاطها الرئيسي ويكون لها مركز المزاولة الأعمال …………..»

ومفهوم هذا النص أن المشرع يفرض أحكام القانون على الشركات الأجنبية التي لا يكون مركز إدارتها في مصر وترغب أن يكون بها مركز للمزاولة الأعمال ويعني ذلك أن المشرع حين يتكلم عن المركز الرئيسي إنما يعني به مركز الإدارة الرئيسي أي مكان الإدارة الفعلية للشركة.

ويعني ذلك أن المشرع حين يتكلم عن المركز الرئيسي إنما يعني به مركز الإدارة الرئيسي أي مكان الإدارة الفعلية الشركة
ويمكن القول تأسيساً على ما تقدم أن المشرع فرض سريان أحكام هذا القانون على كل شركة تؤسس في مصر وتتخذ في مصر مركزاً إدارتها الرئيسي في مصر فإنها تخضع لأحكام قانون الشركات المصري لأن مركز إدارتها في مصر وإذا تم تأسيس شركة في مصر وقررت أنه يكون مركز إدارتها الرئيسي في الخارج فإنها تخضع لأحكام قانون الشركات المصري لأن المشرع يشترط أن تتخذ الشركة من مصر مركز لإدارتها ومن ثم لا يكون لقرار الشركة بجعل مركز إدارتها الرئيسي بالخارج أثر بالنسبة للقانون المصري

ويعامل المشروع هذه الشركة وفقاً للأحكام القانونية السائدة في القانون المصري بإعتبار إن مصر هي محل للتأسيس وليس وفقاً لأحكام القانون الأجنبي الذي جعلت الشركة مركز إدارتها الرئيسي في أطار أحكامه ويكون مركز الإدارة الوارد في عقد الشركة ونظامها الأساسي هو المحل الذي يتم التخاطب فيه وليس المركز الذي اتخذته الشركة لنفسها في الخارج وإذا خلا العقد والنظام من مركز الإدارة في مصر فلا يجوز تأسيس الشركة وقيدها في مصر لأن من شروط قبول تأسيس الشركة في مصر أن تتخذ فيها مركز إدارتها ولم يرتب المشرع البطلان على مخالفة هذا البيان.

ويلاحظ أن المشرع اشترط في نماذج العقود الخاصة بشركات الأموال أن يكتب المدينة التي بها مقر الشركة وألزم المشرع في قانون السجل التجاري شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحددة بالقيد في السجل التجاري ولا يتم قيد أي من هذه الشركات بالسجل إلا إذا كان لها في مصر محل يباشر فيه نشاطها

واشترط المشرع في قانون السجل التجاري أنه يركز المقر الرئيسي للشركة والفروع التابعة لها واشترط المشرع نماذج عقود إنشاء هذه الشركات أنه يكون اجتماعات الجمعية العامة للشركة في مركز الشركة أي أن تكون اجتماعات الجمعية العامة للشركة في مصر حتى يضمن وجود مركز إدارة الشركة في مصر وليس في الخارج ويعني ذلك أنه يمكن ضبط مقر الشركة الرئيسي في مصر متى تأسست الشركة فيها من خلال الجمع بين خصوص قانون الشركات وباقي النصوص الواردة في اللائحة التنفيذية ونماذج العفو الملحقة بالقانون والنصوص الواردة في قانون السجل التجاري.

ولم يشترط المشرع في قانون الشركات أن يكون مركز الشركة مكاناً محدداً في مصر ويعني ذلك إنه لا يكتفي بالنص في عقد الشركة على أن يكون مركزها في مصر إنما يشترط أن يذكر في العقد المكان الذي ستمارس فيه الشركة عملها لأنه موطنها والموطن في هذه الحالة هو «المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة بالنسبة لإدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة»

(م41 مدني ومتى تحدد هذا المكان خضعت الشركة لأحكام قانون السجل التجاري فتلتزم بالقيد في قلب السجل الذي يقع في دائرته المحل التجاري (م17ق. السجل التجاري وبتعدد القيد بالنسبة للمحل الرئيسي أو الفرع أو الوكالة أو المركز العام للشركة في هذا المكان، أي مكان الإدارة الرئيسي للشركة إلا أن المشرع نص في المادة رقم 39 من نموذج النظام الأساسي لشركة المساهمة على أجازة انعقاد الجمعية العامة في المدينة التي بها مركز الشركة.

ولعله يكون من المناسب أن يبادر المشرع في تعديل النص الحالي من المادة الأولى من قانون الشركات ويضيف إليه كلمة الإدارة حتى يستقيم النص ولا ثار بشأنه أي لبس أو غموض فالنص الحالي يقضي بأن «تسري أحكام هذا القانون على شركات المساهمة ……….. التي تتخذ مركزها الرئيسي في جمهورية مصر العربية ……….. » ويكون النص بعد إجراء التعديل على النحو التالي «تسري أحكام هذا القانون على شركات المساهمة ……….. التي تتخذ مركز إدارتها الرئيسي في مصر».

ولم يتناول مشروع قانون الشركات الموحد هذه المسألة بالنص في حين تناول مشروع قانون التجارة الجديدة هذه المسألة ونص في المادة 50/2 على أن «كل شركة تؤسس في مصر يجب أن تتخذ فيها موطنها فاستخدام المشروع اصطلاح المواطن وهو اصطلاح دقيق».

النشاط الرئيسي الشركة:
اشترط المشرع لسريان أحكام قانون الشركات المصري أن تكون مصر هي مكان النشاط الرئيسي للشركة ومفاد ذلك إنه إذا كانت إدارة الشركة خارج مصر ونشاطها الرئيسي داخل مصر فإن الشركة تخضع لأحكام القانون المصري ويعني ذلك إن المشرع يفترض في هذه الحالة أن مركز إدارة الشركة الرئيسي في الخارج ولكن نشاطها الفعلي في مصر ولم يعرف المشرع مفهوم النشاط الرئيسي للشركة

كما لم يحدد معيارة ومكان النشاط الرئيسي للشركة هو المكان الذي تتجمع فيه مصالحها والمكان الذي يكون فيه معظم نشاط الشركة وهذه مسألة موضوعية تختلف بحسب كل ماله وهي تقديرية لقاضي الموضع ولا رقابه عليه في ذلك من محكمة النقض ولكن تختص محكمة النقض بمراقبة المعيار الذي استند إليه القاضي في تقدير النشاط الرئيسي لأنها مسألة قانونية يترتب عليها وجود مركز قانوني محدد.

وفرض المشرع هذا المعيار لسريان أحكام قانون الشركات المصري محل نظر فالأمر يحتاج إلى تمحيص وتحليل ذلك إن المشرع في قانون الشركات أنما يعالج إنشاء الشركة وإدارتها ماليتها وتصفيتها ولا يعالج تصرفات الشركة كشخص قانوني يمارس نشاطه التجاري فإذا قلنا بسريان القانون على الشركة لأن مصر مكان النشاط الرئيسي لها فهل يعني ذلك أن تلتزم الشركة المذكورة بأن تعقد جمعيتها العامة في مصر وأن تنتقل إدارتها إلى مصر إذا كانت الإدارة في الخارج وأن تعقد اجتماعاتها في الخارج وفقاً للقواعد السائدة في قانون الشركات المصري والمسألة غير مقبولة في أي من الفرضين.

ولعل الصحيح أن المشرع حين يحدد هذه المعايير إنما يحددها وهو بصدد تحديد جنسيه الشخص المعنوي لتحديد القانون الواجب التطبيق على تصرفات هذا الشخص ولذلك فإن منطقياً أن يضع المشرع هذه المعايير في أطار قواعد وأحكام القانون المدني أما في قانون الشركات فإن المشرع لا يتعامل مع تصرفات الشركة وإنما يتعامل مع الشركة ذاتها والتي يكون مركز إدارتها على إقليمية فهو يراقب إدارتها واجتماعاتها وماليتها حماية لأموال المساهمين ومنفا للغش وهذه الشركة ذاتها إذا كان لها نشاط في الخارج فإنها ستخضع للقانون الواجب التطبيق في تصرفاتها خارج الإقليم وفقاً للقواعد السائدة في القانون الخاضعة له في تصرفاتها.

ومن المقبول أو من المتصور أنه يخضع الشخص لأكثر من قانون تصرفه أما فيما عان هذه الشركة وصحة تشكيلها من عدمه فتخضع لأحكام القانون المصري الذي نشأت في ظله.

ومثال للنتيجة غير المألوفة التي يقضي إليها معيار مكان النشاط الرئيسي هو مسألة الشخص المعنوي المملوك لشخص واحد في ظل قانون دولة تأخذ بهذا النظام ويمارس نشاطه الرئيسي في مصر فهل يعتبر الشكل القانوني لهذا الشخص باطل فى نظر المشرع المصري لأنه لا يأخذ بهذا النظام؟ بطبيعة الحال الإجابة بالنفي فقد سبق القول بأن الشكل القانوني الذي تتخذ الشركة في ظل القانون الذي يحكم نشاطها يلتزم المشرع المصري بقبوله إذ حدث وأرادت الشركة إنه يكون لها وجود بأي صورة من الصور في أطار أحكام القانون المصري.

فمتى أسبغ المشروع الأجنبي وصف الشركة على الشخص الاعتباري الذي نشأ في ظل أحكامه فإن المشرع المصري يلتزم بأن يعامل هذا الشخص الاعتباري بنفس الوصف القانوني الذي أسبغه عليه المشرع الأجنبي أعمالاً للمادة رقم 11/2 من القانون المدني والتي تقضي بأن «النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها فيسري عليه الدولة التي اتخذت فيها هذه الأشخاص مركز أدارتها الرئيسي الفعلي ………..» فالمشرع المصري اعت في مسألة النظام القانوني للأشخاص مركز إدارتها الرئيسي الفعلي.

ولذلك يكون من الأوفق أن يقصر المشرع المصري سريان أحكام قانون الشركات من الناحية الإقليمية على الشركات التي تنشأ في ظله وتتخذ من مصر مركز إدارتها الرئيسي بحيث لا ينفصل المعيارين على أساس أن قانون الشركات هو القانون الذي يحدد الوصف القانوني للأشخاص الاعتبارية فالشركة التي تتأسس في مصر يجب أن تتخذ مركز إدارتها الرئيسي في مصر ويكون من الأفضل أن يعاد صياغة نص المادة الأولى من قانون الشركات الحالي على النحو السابق إيضاحه ليتفق وهذا النظر حتى تضمن دقة تطبيق أحكام قانون على الشركات التي تنشأ في ظل أحكامه على الإقليم المصري وأن يطرح معيار النشاط الرئيسي لعدم اتفاقه وأحكام قانون الشركات.