دعوى تزوير فرعية ودعوى اصلية

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الأول – السنة 28 صـ 166
جلسة 5 من يناير سنة 1977
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي؛ والدكتور عبد الرحمن عياد؛ وصلاح نصار، وأحمد وهدأن.
(43)
الطعن رقم 115 لسنة 42 القضائية
(1) تزوير. دعوى.

(1) دعوى التزوير الأصلية. القصد منها. درء الاحتجاج بمحرر مزور. الاحتجاج بالفعل بمجرد في نزاع قائم. وجوب سلوك طريق الادعاء بالتزوير في ذات الدعوى.

(2) دعوى “وقف الدعوى”. محكمة الموضوع.

لمحكمة الموضوع تقدير مدى جدية طلب وقف الدعوى وفقاً للمادة 129 مرافعات.
(3) إيجار “إيجار أماكن”. دعوى.

دعوى المستأجر باسترداد ما دفعه زائد عن الأجرة القانونية. جواز رفعها على استقلال أو مندمجة مع دعوى تخفيض الأجرة. لا محل لتعليق الفصل فيها على صيرورة الحكم بتخفيض الأجرة نهائياً.
(4) إثبات “القرائن”. محكمة الموضوع.

لمحكمة الموضوع التعويل في حكمها على حكم صادر في قضية أخرى لم يكن الخصم طرفاً فيها. اعتبار ذلك قرينه قضائية.

1- إذ كان المشروع قد نظم في المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 الطريق الذي يجب إتباعه عند الادعاء بتزوير الوراق التي يحتج بها الخصوم في دعوى منظورة أمام القضاء، ثم اتبع ذلك بالمادة 59 التي أجاز فيها لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيد منه لسماع الحكم بتزويره، ويكون ذلك بدعوى أصلية ترفع بالأوضاع المعتادة، حتى إذا ما حكم له بذلك أمن عدم الاحتجاج عليه بهذه الورقة في نزاع مستقبل، ومفاد ذلك أن الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية لا يصادف محلا إذا احتج بهذا المحرر في نزاع مرفوع بشأنه دعوى، ويكون متعينا سلوك طريق الادعاء بالتزوير الذي رسمه القانون باعتباره وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى فيجب إبداءه أمام المحكمة التي تنظره ولا يجوز لغيرها أن تتصدى له،

لما كان ذلك وكان البين من مدونات حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه أن المطعون عليه قدم ضمن مستنداته صورة فوتوغرافية لكل من عقد الإيجار والإيصال – المشار إليها بسبب النعي – مقرراً أن المستأجر السابق لذات العين كان قد قدمهما في الدعوى المرددة بينه وبين الطاعن – المؤجر -، وكان الثابت أن الطاعن لم يطعن على هذين المحررين بأي مطعن، وإنما لجأ بعد الحكم عليه ابتدائياً إلى رفع دعوى تزوير أصلية ضد المستأجر السابق وأدخل فيها المطعون عليه ليصدر الحكم في مواجهته، وطلب من محكمة الاستئناف لدى استئنافه حكم محكمة أول درجة وقف السير فيه حتى يفصل في تلك الدعوى، فإن من حق محكمة الاستئناف ألا تعير هذا الطلب التفاتاً.

2- جعلت المادة 129 من قانون المرافعات التي استند إليها الطاعن، الأمر في القف جوازاً للمحكمة ومتروكاً لمطلق تقديرها حسبما تستنبنه من جدية المنازعة في المسألة الأولية أو عدم جديتها.

3- إذ كانت المادة السادسة من القانون رقم 121 تقضي بردها ما حصل زائداً على الأجرة المستحقة قانوناً أو باستقطاعه من الأجرة التي يستحق دفعها، وكانت هذه المادة ضمن المواد التي نصت المادة 43 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على استبقائها واستمرار العمل بأحكامها على الأجرة المحددة طبقاً للقانون 121 لسنة 1947، وكانت الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً على الأجرة القانونية يجوز رفعها مستقلة بدعوى مبتدأه أو مندمجة في دعوى تخفيض الأجرة، ويصح رفعها ولو بعد انتهاء العلاقة الإيجازية وكانت نصوص أي من القانون رقم 121 لسنة 1947 أو القانون رقم 52 لسنة 1969 خلوا مما يفيد الحيلولة دون إقامة تلك الدعوى إلا بعد تحديد الأجرة بحكم نهائي، فإنه لا تأثير لإباحة الطعن في الأحكام على طبيعة هذه الدعوى بحيث يجوز الفصل فيها دون توقف على صيرورة الحكم الصادر بالتخفيض نهائياً، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قضى بتخفيض أجرة الجراج فإن لازم ذلك أن يقضي برد الفروق المطلوبة منه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في التسبب يكون على غير أساس.

4- من المقرر أنه ليس ثمة ما يمنع في القانون استناد المحكمة في حكمها إلى ما قضى به في قضية أخرى لم يكن الخصم طرفاً فيها إذا كان ذلك لمجرد تدعيم الأدلة التي ساقتها لأن ذلك لا يعدو أن يكون استنباطاً لقرينة قضائية رأت فيها المحكمة ما يؤيد وجهه نظرها.

المحكمة
بعد الإطلاع على الوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1326 لسنة 1965 مدني أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعن، بطلب الحكم بتخفيض إيجار الشقة المبنية بصحيفة الدعوى إلى مبلغ 10 جنيه و 352 مليماً وإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 407 جنيه و 316 مليم، قيمة فروق الأجرة المستحقة منذ تاريخ التعاقد وقال شرحاً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 28/ 1/ 1965 استأجر شقة بالعقار رقم 21 شارع نادي الصيد المملوك للطاعن، لقاء أجرة شهرية قدرها 23 جنيه شاملة الجراج وإذ تبين أنها تخالف الأجرة القانونية وأنه بأعمال قوانين التخفيض أرقام 168 لسنة 1961، 169 لسنة 1961، 7 لسنة 1960 لا تجاوز 10 جنيه و 352 مليماً فقد أقام الدعوى،

وبتاريخ 27/ 12/ 1965 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لبيان تاريخ البدء في إنشاء الشقة وإقامتها وبدء تأجيرها وتحديد شهر الأساس والأجرة الفعلية فيه أو أجرة المثل مع بيان الأجرة القانونية وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 24/ 11/ 1969 (أولاً) بتخفيض إيجار الشقة موضوع النزاع إلى مبلغ 10 جنيه و 352 مليماً شهرياً ابتداء من تاريخ التعاقد في 28/ 8/ 1965، (ثانياً) بإلزام الطاعن بأن يرد للمطعون عليه مبلغ 417 جنيه و 316 مليم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2326 سنة 96 ق القاهرة طالباً إلغاؤه ورفض الدعوى، وبتاريخ 5/ 1/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الأول والثاني والخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق للقانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب في بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه بالتخفيض على سند من الصور الفوتوغرافية لكل من عقد الإيجار المؤرخ 20/ 12/ 1961 والإيصال المؤرخ 1/ 4/ 1962 المقدمة من المطعون عليه – للتدليل على الأجرة الفعلية للعين المؤجرة والتي كان يدفعها المستأجر السابق لعين النزاع وأن الطاعن لم يطعن عليهم بأي مطعن عند تقديمهما لأول مرة في الدعويين 265، 286 سنة 1965 الدقي الجزئية المرددتين بينهما،

في حين أنه طلب في صحيفة الاستئناف وقف الدعوى بالتطبيق للمادة 129 من قانون المرافعات حتى يفصل في الدعوى رقم 9855 لسنة 1969 مدني القاهرة الابتدائية والتي أقامها ضد المستأجر السابق وأدخل بها المطعون عليه مطالباً برد وبطلان أصل العقد والإيصال، وقد التفت الحكم عن طلبه وأجاب عليه بما لا يصلح رداً، وكان عليه أن يبين أن الفصل في الدعوى الأصلية لا يقتضي الوقف، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون هذا إلى أن الحكم ذكر في مجال التدليل على عدم جدية طلب الوقف أنه كان يتعين عليه أن يسلك سبيل الادعاء بالتزوير على أصل العقد والإيصال المقدمين من المستأجر السابق في النزاع الخاص به، مع أن الثابت أن المقدم كان صورة فوتوغرافية من هذين المستندين؟ ولا يرد عليها الادعاء بالتزوير، كما تمسك الطاعن بأنه لا حجية لها إلا بقدر ما تهدى إلى الأصل، وأغفل الحكم الرد على دفاعه بما يشوبه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المشرع قد نظم في المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 الطريق الذي يجب اتباعه عند الادعاء بتزوير الأوراق التي يحتج بها الخصوم في دعوى منظورة أمام القضاء ثم اتبع ذلك بالمادة 59 التي أجاز فيها لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيد منه لسماع الحكم بتزويره، ويكون ذلك بدعوى أصلية ترفع بالأوضاع المعتادة، حتى إذا ما حكم له بذلك أمن عدم الاحتجاج عليه بهذه الورقة في نزاع مستقبل ومفاد ذلك أن الالتجاء إلى دعوى التزوير الأصلية لا يصادف محلاً إذا احتج بهذا المحرر في نزاع مرفوع بشأنه دعوى، ويكون متعيناً سلوك طريق الادعاء بالتزوير الذي رسمه القانون باعتباره وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى فيجب إبداؤه أمام المحكمة التي تنتظره ولا يجوز بغيرها أن تتصدي له،

لما كان ذلك وكان البين من مدونات حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه أن المطعون عليه قدم ضمن مستنداته صورة فوتوغرافية لكل من عقد الإيجار والإيصال المشار إليها بسبب النعي مقرراً أن المستأجر لذات العين كان قد قدمهما لا في الدعوى رقم 265، 286 لسنة 1965 الدقي الجزئية المرددة بينه وبين الطاعن، وكان الثابت أن الطاعن لم يطعن على هذين المحررين بأي مطعن وإنما لجأ بعد الحكم عليه ابتدائياً إلى رفع الدعوى التزوير الأصلية رقم 9855 لسنة 1969 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المستأجر السابق،وأدخل فيها المطعون عليه ليصدر الحكم في مواجهته،وطلب من محكمة استئناف لدي استئنافه حكم محكمة أول درجة وقف السير فيه حتى يفصل في تلك الدعوى،

فإن من حق محكمة ألا تعير هذا الطلب التفاتاً. لما كان ما تقدم وكانت المادة 129 من قانون المرافعات التي استند إليها الطاعن قد جعلت الأمر في الوقف جوازياً للمحكمة ومتروكاً لمطلق تقديرها حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية أو عدم جديها وكان الحكم قد أفصح عن ذلك فيما أثبته من تراخي الطاعن في الطعن على هذين المحررين عند تقديم صوريتها لأول مرة في دعوى المستأجر السابق وأنه عمد بعدهما إلى ترك دعوى المطالبة بالأجرة للشطب وإلى التنازل عن الحجز الموقع استناداً لها، واستخلص من ذلك أنه لا يهدف إلا المطل في التداعي، وكانت إشارة الحكم في هذا الخصوص إلى أصل المحررين دون صورتهما غير مؤثر في قضائه طالما كان موقف الطاعن منهما سلبياً منذ البداية، فإن النعي برمته يكون على غير أساس.

وحيث إن حاصل السبب الثالث مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قضي برد فروق الأجرة المستحقة منذ بدء الإيجار، مع أن مؤدي إباحة المطالبة برد الفروق إلا بعد أن يصبح الحكم بتحديدها نهائياً، خلافاً للوضع خلال سريان القانون رقم121 لسنة 1947 والذي كانت الأحكام الصادرة بمقتضاه نهائية. هذا بالإضافة إلى أن الطاعن تمسك في الاستئناف بأن الحكم الابتدائي قضى برد الفروق المستحقة عن الجراج الذي لم يحكم بتخفيض الأجرة المتفق عليها بشأنه وأغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع مما يشويه بمخالفة القانون والقصور في التسبب.

وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة السادسة من القانون رقم 121 لسنة 1947 تقضي برد ما حصل زائداً على الأجرة المستحقة قانوناً أو باستقطاعه من الأجرة التي يستحق دفعها، وكانت هذه المادة ضمن المواد التي نصت المادة 43 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على استبقائها واستمرار العمل بأحكامها على الأجرة المحددة طبقاً للقانون رقم 121 لسنة 1947 وكانت الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً على الأجرة القانونية يجوز رفعها مستقلة بدعوى مبتدأه أو مندمجة في دعوى تخفيض الأجرة ويصح رفعها ولو بعد انتهاء العلاقة الإيجازية وكانت نصوص أي من القانون رقم 121 لسنة 1947 أو القانون رقم 52 لسنة 1969 خلوا مما يفيد الحيلولة دون إقامة تلك الدعوى إلا بعد تحديد الأجرة بحكم نهائي، فإنه لا تأثير لإباحة الطعن في الأحكام على طبيعة هذه الدعوى، بحيث يجوز الفصل فيها دون توقف على صيرورة الحكم الصادر بالتخفيض نهائياً. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قضى بتخفيض أجرة الجراج فإن لازم ذلك أن يقضى رد الفروق المطلوبة عنه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في التسبب يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الرابع والسادس والسابع من الحكم المطعون فيه القصور في التسبب من عدة وجه (أولها) أن الحكم عدل في قضائه على تقرير الخبير وعلى الحكم الصادر في الدعويين 286، 765 سنة 1965 الدقي الجزئية مع أن المطعون عليه لم يكن طرفاً فيها، ولا يكون للحكم الصادر حجية قبله، بل أنه لم يصدر حكم وإنما تنازل الطاعن عن مدعاة بشأن المطالبة بالأجرة والحجز اقتضاء لها. (ثانياً) أن تقرير الخبير الذي اعتدت به محكمة الموضوع أثبت إطلاعه على الإيصال المؤرخ 1/ 4/ 1962 من المستندات المقدمة بملف الدعوى رقم 286 لسنة 1965 الدقي، في حين أن المستندات كانت قد سحبت قبل اطلاع الخبير عليها. (ثالثاً) إن ذلك التقرير استبعد العقد المقدم من الطاعن والمؤرخ 20/ 9/ 1961 بقوله إن المستأجر السابق ادعى بتزويره في الدعوى رقم 265 سنة 1965 الدقي مع أن القول في هذا الصدد جاء مرسلاً، ولم يتتبع الإجراءات المرسومة قانوناً بالادعاء بالتزوير، وإذ ضمن الطاعن دفاعه ما سلف ولم يرد الحكم المطعون فيه عليه فإنه يكون معيباً بالقصور.

وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاؤه على قوله”…….. إن الخبير باشر المأمورية وانتهى إلى النتيجة التي استخلصها من أسس مستساغة لها ما يدعمها من محاضر أعمال وتطمئن إليها المحكمة وتأخذ بها ولا تلتفت إلى ما أناره المدعى عليه – الطاعن – من اعتراضات ليس لها ما يبرره، فقد أورد بتقريره ما يفي بالغرض الذي اعتمده الخبير دون العقد المؤرخ عن شقة النزاع، والذي كان مصدره إيصال سداد إيجار شهر أبريل 1962 فسبق أن تعرضت له محكمة الدقي في حكمها في القضية رقم 286 سنة 1965 المرفوعة من المدعى عليه في الدعوى الحالية من المهندس… … وفي التظلم رقم 265 لسنة 1965 المرفوع من الأخير ضد الأول، ولم يبد المدعى عليه في الدعوى الحالية أي اعتراضات جدية عليه وارتكنت إليها المحكمة في أسباب حكمها…”،

لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع متى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقدير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على المآخذ التي وجهها الطاعن إلى ذلك التقرير لأن في أخذها به محمولاًً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، فلا على الحكم أن هو لم يعرض للعقد المقدم من الطاعن والذي استبعده الخبير لما أثبته بتقريره، لما كان ما تقدم وكان من المقرر أن ليس ثمة ما يمنع في القانون من استناد المحكمة في حكمها إلى ما قضى به في قضية أخرى لم يكن الخصم طرفاً فيها إذا كان ذلك لمجرد تدعيم الأدلة التي ساقتها، لأن ذلك لا يعدو أن يكون استنباطاً لقرينة قضائية رأت فيها المحكمة ما يؤيد وجهة نظرها، فإنه لا تثريب على الحكم إذا استنبط من الحكم الصادر في الدعويين رقم 265، 286 سنة 1965 الدقي ما يدعم النتيجة التي خلصت إليها.

لما كان ما سلف وكان الخبير لم يثبت أنه أطلع على أصل الإيصال المشار إليه بسبب النعي حسبما يقول الطاعن، وأنه قرر أن المستندات قد سحبت وأورد فجوالها نقلاً من وجه الحافظة، وكانت المحكمة غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مناحي دفاعهم وحججهم، وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يصلح لحمله فإن النعي على الحكم بالقصور بكافة وجوهه يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.