دراسة وبحث قانوني هام عن دخول سلطنة عُمآن بطريقة غير مشروعه

بسم الله الرحمن الرحيم
المحتويات :

1 المقدمة .
2 القصد .
3 سيادة الدولة على أراضيها .
4 قوانين السلطنة المتعلقة بدخول البلاد بطريقة غير مشروعة .
5 الدخول لأراضي السلطنة بطريقة غير مشروعة .
6 الجنسيات التي تدخل السلطنة بطريقة غير مشروعة .
7 دوافع وأسباب دخول السلطنة بطريقة غير مشروعة .
8 مناطق دخول السلطنة بطريقة غير مشروعة .
9 التعامل مع مرتكبي جنحة دخول السلطنة بطريقة غير مشروعة .
10 الآثار الناجمة لدخول السلطنة بطريقة غير مشروعة .
11 الخلاصة .
12 التوصيات .
13 المراجع .

المقدمة :

لقد حققت السلطنة منذ بداية النهضة المباركة طفرة تنموية رائدة تغيرت خلالها كل أوجه الحياة العمانية وواصل فيها البناء والتعمير ، وأرتفع المستوى الاقتصادي والصناعي. فكان لازما الإستعانة بالعمالة الوافدة التي كان لها دورا كبيرا فيما تحقق على أرض السلطنة في شتى المجالات وقد تمكنت هذه العمالة السيطرة على الكثير من النواحي التجارية في البلد وأصبح أثرها ظاهر في السيطرة على سوق الخدمات والعاملين فيه.

وكان لارتفاع المستوى الاقتصادي والأمني والاجتماعي في السلطنة ودول الخليج العربي مقابل انخفاضها في دول الجوار أوجد بيئة مناسبة لآلاف المتسللين للهرب من بلدانهم والتسلل خلف أهدافهم وغاياتهم مستغلين الفجوة الأمنية في حراسة السواحل العمانية واتساع الرقعة الجغرافية لهذا البلد ، وساهم وجود العمالة الوافدة كثيرا في انصهار هؤلاء المتسللين مع المجتمع حيث كانت العمالة ولا تزال توفر لهم المأوى والعمل وتساعدهم على التهرب والتخفي عن الأجهزة المعنية في متابعة العمالة المتسربة.

إن آثار المتسللين الاجتماعية والأمنية والاقتصادية أصبحت ظاهرة لا يمكن التغاضي عنها أو إغفالها وقد تقود إلى مشاكل أكثر تعقيداً إذ علمنا أن أعدادهم بالآلاف سنوياً وفي ظل الأحداث العالمية المتسارعة فإن الضرر أعظم من أن يتصور وفي حدوث أعمال تخريبية من شأنها التأثير على قدرة البلد وزعزعة أمنها واستقرارها الذين هما السمة الأساسية للسلطنة وقد تعددت آثار المتسللين إلى حد القتل والسرقة وإقلاق أمن وسلامة الصيادين وقاطني المناطق الساحلية.

فظاهرة التسلل إلى السلطنة ليست وليدة سنة أو عشر وإنما بدأت منذ السبعينات وأخذت تتسارع في الزيادة في العقدين الأخيرين ولكنها كانت تعالج بشيء من عدم الاكتراث لنتائجها المستقبلية حتى تفاقمت ومع ذلك لا توجد أية دراسات ميدانية تخصصية اهتمت بهذه الظاهرة والتي تكلف السلطنة ليس المادة فحسب وإنما السمعة السيئة في مجال حماية الحدود.

إن هذا البحث لن يستطيع التعمق كثيراً في تحليل هذه الظاهرة لأنه ليس دراسة تحليلية ميدانية أو إحصاء استدلالي ولكننا سوف نطرح ظاهرة التسلل بشكلها العام نبدأ بالدولة والحدود والقوانين التي تكيف هذه الظاهرة ثم عن واقع التسلل إلى السلطنة بحيث يكون هذا البحث بمثابة نواة يمكن أن تساهم في أي بحث أو دراسة تخصصية لاحقة عن التسلل.

القصد :

دراسة التسلل إلى أراضي السلطنة والوقوف على مسبباته ودوافعه وتأثيره على الأمن مع تقديم التوصيات.

سيادة الدولة على أرضيها :

منذ القدم وترسم الدول ملامح واضحة المعالم لبسط سيادتها على الأراضي الخاضعة لها وسيطرتها على كل ما يقع في نطاق قدرتها في توفير الحماية للأقاليم التي تتألف منها والأمن والاستقرار لشعوبها والأفراد القاطنين عليها بما يضمن سلامة تطبيق قوانينها وأنظمتها والعمل بما تقره من إجراءات لتنظيم أمور الحياة لما تشكل من وطن .
إن الشعوب وفي تطورها عبر الأزمنة تفاعلت مع جيرانها تصارعت وتمازجت وارتبطت بعلاقات إنسانية عديدة وأوجدت آليات تحدد هذه العلاقة وما تشمله من حقوق وواجبات تكفل التعايش والوئام.

مفهوم الدولة :

الدولة نظام قانوني وسياسي يمكن تعريفها بأنها ” جمع من الناس يعيش على سبيل الاستقرار على إقليم معين محدد ويدين بالولاء لسلطنة حاكمة لها السيادة على الإقليم وعلى أفراد هذا المجتمع .
ومن التعريف يمكن القول أن مسمى الدولة يتكون من الشعب والإقليم والسيادة وهي أركان أساسية لتكوين الدولة وسنعرضها كالتالي :

أ- الشعب :

1- إن الشعب هم أشخاص تربطهم صلة أو علاقة معينة استوطنوا في رقعة من الأرض فلا يمكن أن يطلق مسمى دولة في غياب الشعب مثالا القطب الجنوبي الخالي من الاستيطان الإنساني لا يمكن أن يطلق عليه مسمى دولة.

2- إن الجنسية هي رابطة تربط الفرد بالدولة تقوم على أساس الحرية من الدولة والخضوع والتسليم من قبل الفرد وتختص كل دولة بأن تحدد في قوانينها الأشخاص الذين يتمتعون بجنسيتها وتعترف الدول الأخرى بتلك القوانين في حدود عدم تعارضها مع الاتفاقات الدولية والعرف الدولي والمبادئ القانونية المعترف بها من الدولة على وجه العموم في مسائل الجنسية ارتباط الأشخاص بعرق أو بعادات وأعراف ولغة لا يعني أنهم يشكلوا وطناً واحداً ودولة موحدة ومثال ذلك الوطن العربي المقسم لعشرين دولة برغم المقومات التي تربط أفراده كاللغة والثقافة والتقاليد والدين وغيرها , ونجد أن بلد مثل الصين بكل التباينات توحد أفرادها تحت كتلة وطن ذو حدود دولية معلومة وكذلك الحال بالنسبة للنهد والولايات المتحدة الأمريكية .

ب- الإقليم :

لا يمكن أن يتصور بناء دولة من شعب فقط فلابد من وجود إقليم الذي هو ذلك الجزء من الكرة الأرضية الذي تمارس الدولة عليه سيادتها ؛ يسوده سلطانها . والذي لا يشترط فيه أن يكون ذا مساحة واسعة أو مسكوناً كله أو قابلاً كله للسكن إلا انه يجب أن يعين ويحدد وهذا هو المعيار الذي تميز به الدولة بعضها عن بعض والفيصل الذي يفرق بين دوائر سيادتها . ويعين النطاق الذي تمارس فيه كل دولة مالها من اختصاصات وسلطات وصلاحيات ويتألف إقليم الدولة من العناصر الثلاثة الآتية :

(1) العنصر البري اليابسة : وهو العنصر الأصلي في تكوين الإقليم فهو ذلك الجزء اليابس من الأرض الذي تضمه حدود الدولة وما ينطوي تحته أو ما يقوم عليه من المعالم الطبيعية الأرضية كالسهول والجبال والوديان ؛ والصحاري والتلال والهضاب والأنهار والبحيرات , وقد تشكل هذه العالم أو بعضها وحد : واحدة أو أنها منفصلة عن بعضها .

(2) العنصر البحري : ترتبط العديد من الدول وتجاور البحار والمحيطات بينما لا تطل بعضها على أية بحار ويكون الإقليم البحري للدولة هو الجزء الذي تمارس عليه سيادتها والمرتبط باليابسة ووفقاً للقانون الدولي للبحار يمكن التمييز بين خمسة نطاقات مائية هي :

(أ) المياه الداخلية: وتقع بين الحدود البرية للدولة وخط الأساس الذي تقاس منه الحدود البرية بموجب قانون البحار لعام 1982م .
(ب) المياه الإقليمية : وتمتد لمسافة 12ميلاً بحرياً من خط الأساس .
(ج) المنطقة المتاخمة : وهي ملاصقة للمياه الإقليمية تجاه البحر لمسافة لا تزيد عن 12 ميلاً بحرياً أيضاً .
(د) المنطقة الاقتصادية : وتقع وراء المياه الإقليمية والمنطقة المتاخمة وتمتد لمسافة 200ميل بحري من خط الأساس .
(هـ) الرصيف القاري : ويشمل المساحات الأرضية المغمورة بالماء والتي تمتد وراء المياه الإقليمية حتى عمق 200 متر على أن لا يتجاوز عرضه 350 ميلاً بحرياً .
(و) أعالي البحار : وهي جميع أجزاء البحر التي لا تشملها المناطق السابقة .
(ز) تعتبر المياه الداخلية والمياه الإقليمية جزء من أراضي الدولة تستخدمها لكافة الأغراض , ولها حق الرقابة والإشراف على المنطقة المتاخمة وتستغل الموارد الطبيعية في المنطقة الاقتصادية والرصيف القاري . أي أن لها ولاية على هذه المناطق من وجهة نظر اقتصادية وتعتبر أعالي البحار منطقة مفتوحة لكل دول العالم من حيث الصيد والبحث العلمي وتحليق الطائرات وغيرها من طرق الاستخدام باعتبارها تراث إنساني مشترك .

(3) عنصر الهواء والفضاء: يتحدد إقليم الدولة بمعالم أرضية وبحرية ويكتمل بالمجال الجوي الذي يغطي هذا الجزء ويعلوه , فحيث يوجد الماء واليابسة فبحكم الضرورة يوجد إقليمها الهوائي , ولم تستطيع الدولة تحديد أو إيجاد منطقة أو وسيلة يمكن أن تتخذ كأساس لقياس سيادة الدولة في الفضاء ورغم عدم الاتفاق النهائي فقد اعتبرت النهاية العليا للغلاف الجوي هي المنطقة التي ينتهي عندها المجال الجوي للدولة .

(ح) سيادة “قانون” : إن وجود شعب وإقليم لا يكفي لبناء دولة فلا بد من قانون تستطيع من خلاله الدولة وتتباين كيفية تطبيقه ولكن أهدافه وأحده وهو بسط وإظهار هيبة وقدرة الدولة وتمتعها بحق تطبيق النظام الذي تراه مناسباً لشعبها وقد سمي النظام الذي يحدد معالم الحكم وطبيعته وسياسته وكيفية إدارة السلطة وعلاقاتها بالدستور وتأتي بقية القوانين واللوائح لتحقيق معالم السيارة وحفظ العلاقة بين الدولة والشعب والإفراد بعضهم ببعض .

قوانين السلطنة المتعلقة بدخول البلاد بطريقة غير مشروعة :

أولت السلطنة اهتماماً بالغاً في الحفاظ على هوية إقليم السلطنة وحمايته من كل ما بخل بأمنه واستقراره فأصدرت القوانين المختلفة التي تنظم نواحي الحياة وتضمن سيادة الدولة على أراضيها وهذه القوانين لا تزال تشهد تطوراً وتحديثاً لمواكبة المتغيرات المستمرة في الحياة ولمواجهة ما يستجد في العالم من أحداث.

النظام الأساسي للدولة :

حدد النظام الأساسي للدولة هوية السلطنة حيث نصت المادة الأولى على ” سلطنة عمان دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة تامة عاصمتها مسقط ” وبالتالي فإن السلطنة لها الصلاحية في حماية أراضيها من أي اعتداء أو انتهاك وهذا ما أكدته المادة العاشرة المبادئ السياسية الفقرة الأولى ” المحافظة على الاستقلال والسيادة ، وصون كيان الدولة وأمنها واستقرارها والدفاع عنها من كل عدوان”.

نصت المادة (16) أنه ” لا يجوز إبعاد المواطنين أو نفيهم أو منعهم من العودة إلى السلطنة ” ولا يجوز اعتبار المواطن متسللا حيث لا يتصور أن يتسلل المواطن إلا إن كان السبب ارتكاب جريمة التهريب ومع ذلك فإنه لا يمكننا وضعه ضمن إطار المتسللون بالمفهوم الأمني ولكن يمكن اعتبار طريقة دخوله وأسلوبه في الاختباء عن أجهزة مراقبة الحدود علامة ينبغي الاهتمام بها ودراستها.

قانون الجزاء العماني :

أوضح قانون الجزاء العماني في المواد ( 7،6،5،4،3 ) نطاق الصلاحية الإقليمية في تطبيق الشريعة العمانية على جميع الجرائم المقترفة في أراضي السلطنة أو الأراضي الخاضعة لسيطرتها ، وأخذ كمعيار لتطبيق جميع القوانين النافذة بالسلطنة وقد نصت المادة 5 على أن ” تشمل الأراضي العمانية طبقة الهواء التي تغطيها ” أي المجال الجوي العماني.

قانون إقامة الأجانب :

أصدر هذا القانون لينظم عملية دخول وإقامة الأجانب في السلطنة وخروجهم منها والأمور المرتبطة بكيفية وشروط منح تأشيرات الدخول وسمات الإقامة كما أشتمل على العقوبات المحددة لمخالفة هذا القانون وبين القانون في مادته الأولى معنى المنفذ بأنه ” أي مكان يحدده المفتش العام لدخول أراضي السلطنة أو الخروج منها سواء كان ميناء بحرياً أو جويا أو منفذا برياً ” كما وضح الإخراج بأنه ” إعادة الأجنبي الذي دخول أراضي السلطنة بصورة غير مشروعة إلى خارج الحدود”.

حددت المادة الخامسة شروط دخول الأجنبي إلى السلطنة حيث نصت على ” لا يجوز للأجنبي دخول أراضي السلطنة أو الخروج منها إلا إذا كان يحمل جواز أو وثيقة سفر تقوم مقامه سارية المفعول صادرة من السلطات المختصة ببلدة أو أية سلطنة أخرى معترف بها ويشترط في الوثيقة حاصلا على تأشيرة دخول من السلطنة المختصة أو من السفارات أو القنصليات العمانية أو من المرجع المكلف برعاية مصالح العمانيين بالخارج ” أما المادة السادسة فقد اعتنت بكيفية الدخول ” لا يجوز دخول أراضي السلطنة أو الخروج منها إلا من المنافذ التي يحددها قرار يصدر من المفتش العام وبإذن من الضابط المختص وذلك بالتأشير على جواز السفر التي تقوم مقامه”

وأجاز القانون في مادته 29 للمفتش العام أن يأمر بإخراج الأجنبي الذي دخل السلطنة بصورة غير مشروعة ويكون ذلك على نفقة الأجنبي أو نفقة من قام بإدخاله أو بتشغيله كما أجازت المادة للمفتش العام أن يلغي إقامة الأجنبي ويأمر بإبعاده من السلطنة في خمسة أحوال منها إذا لم تكن لهو وسيلة عيش ظاهرة ومشروعة.

لقد قرر هذا القانون عقوبة السجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ريال ولا تزيد على خمسمائة ريال أو بأحدي هاتين العقوبتين لكل أجنبي يدخل أراضي السلطنة خلسة أو بطريق التسلل ( المادة 41) كما أوجبت المادة 43 مكرر عقوبة السجن مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على ألفي ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين ربابنة السفن والطائرات وقائدي المركبات الذين يدخلون أو يحاولون إدخال أجنبي إلى أراضي السلطنة بطريقة مخالفة لأحكام هذا القانون وأجاز القانون في المادة 48 للمفتش العام أن يأمر بحجز أية مركبة أو طائرة أو سفينة تستعمل ، أو بشرع في استعمالها لإدخال أجنبي إلى أراضي السلطنة.

الدخول لأراضي السلطنة بطريقة غير مشروعة :

إن السلطنة ليست بمعزل عن الأحداث العالمية خاصة بعدما أصبحت دولة تسعى إلى تنمية اقتصادها وتزدهر تجارتها ومشاريعها فمنذ بداية السبعينات كانت السلطنة من الدول المستوردة للعمالة.

الموقع الجغرافي :

حبا الله السلطنة بموقع متميز فهي بوابة الخليج العربي الذي يضم دول الخلييج العربية المستوردة للعمالة وذات اقتصاديات نامية واستقرار سياسي وأمني وبنية تحتية متكاملة وخدمات صحية عالية والسلطنة في الجانب الآخر تمتلك شريط بحري يمتد بطول 3300 كيلو متر يطل على بحر العرب وخليج عمان ويطل عليهما في الجهة المقابلة أكثر دول العالم المصدرة للعمالة العالمية وترتبط السلطنة بحدود أرضية بثلاث دول عربية كالتالي:-

أ- الإمارات العربية المتحدة :

(1) استطاعت دولة الإمارات أن تبني اقتصاداً قوياً وتجارة نشطة مما جعلها بحاجة إلى العمالة المستوردة والتي بدورها أوجدت تركيبة سكانية متنوعة تعد أرض خصبة لانصهار أعداد المتسللين وقد تم ترسيم الحدود بين السلطنة وإمارة أبوظبي مما يسهل عملية المراقبة وتبقى الحدود مع بقية الإمارات غير مرسمة ومتداخلة يصعب السيطرة عليها نظراً لوجود الجبال والأودية.

(2) إن قصر الساحل الإماراتي المطل على خليج عمان يوفر سيطرة أمنية ومراقبة يصعب على المتسللين اجتيازه لذا يلجئون إلى النزول في الشواطئ العمانية ” ساحل الباطنة ” ومن ثم يعبرون إلى الإمارات باجتياز الممرات الجبلية مستغلين تداخل الأراضي الحدودية.

(3) إذ كان المتسلل عند قدومه من بلده يتجنب الظهور ويظل يتسلل حتى يصل هدفه فإنه وعند رغبته العودة إلى دياره يعبر إلى أراضي السلطنة ويسلم نفسه طواعية إلى رجال الأمن أو أي مواطن ليأخذه إلى أقرب مركز للشرطة لعلمه المسبق بالمعاملة الجيدة وأنه سيصل سالماً إلى بلده.

ب – المملكة العربية السعودية :

(1) إن حدود السلطنة مع المملكة ذات طبيعة شبه صحراوية وليس من السهل اجتيازها وقد قامت حكومات البلدين بترسيم الحدود وحيث لا يوجد مدن متقاربة على الحدود فمن المستبعد تسلل العمالة عبر الحدود.

(2) رغم عدم وجود متسللين كعمال فإنه يوجد مهربين ” مخدرات – أسلحة – سيارات ” ينشطون في المناطق الصحراوية بين الإمارات والملكة عبر عمان ومن ثم إلى جمهورية اليمن.

ج- الجمهورية العربية اليمنية :

(1) لا تزال اليمن تصدر العمالة نظراً للكثافة السكانية العالية مقارنة بحجم التنمية والاقتصاد والدخل المحدود للمواطنين فيها مما يجعلهم يبحوث عن العمل في دول المجلس فيلجئون إلى التسلل عبر أراضي السلطنة إلى دولة الإمارات أو المملكة العربية السعودية.

(2) يوجد باليمن أعداد كبيرة من الصوماليين وبعض الإثيوبيين والتنزانيين والكينيين الذين يتسللون إليها بغرض العمل فإن لم يجدوا العمل بها يتسللوا إلى السلطنة أو يعبروا منها إلى دولة الإمارات.

(3) ” قامت السلطنة بترسيم الحدود مع دولة اليمن وسيقوم الجيش السلطاني العماني بوضع سياج لمنع التسلل من منطقة صرفيت خلال الفترة القادمة بطول 7 كيلو متر يمتد من الجبل حتى البحر يفصل بين البلدين .

التركيبة السكانية :

إن التطور السريع في نواحي الحياة المختلفة بالسلطنة أوجب كما أسلفنا استقطاب أعداد كبيرة من العمالة نظراً لنقص الخبرات الفنية في السبعينات وحاجة البلد إلى البناء والتعمير وقد أوجد هذا الأمر تركيبة سكانية خليطة أصبح في بعض الأحياء نصيب الأجانب من الكافة السكانية والذين بدورهم استطاعوا أن يخلقوا نمط في الحياة الاجتماعية داخل السلطنة لم يكن سائداً من قبل. يسترخص بعض المواطنين فيقومون بتشغيل بعض المتسللين بغض النظر عن هويتهم أو كيفية دخولهم لأراضي السلطنة فهم لا يهتموا بمن يقدم الخدمة بقدر ما يهمهم الكيفية والقيمة وهذا ما يحدث في بعض المزارع بمنطقة الباطنة أو لدى مالكي الماشية بمحافظة ظفار أو لدى أصحاب شركات المقاولات . سواء تم هذا الفعل بقصد أو عن جهل بالعواقب .

الجنسيات التي تدخل السلطنة بطريقة غير مشروعة وحجمها :

كانت ولا تزال السلطنة ومنذ بداية السبعينات تواجه جموع المتسللين فرداً وجماعات في شمالها ومن جنوبها من الجنسيات محددة رغم ضبط أفراد ينتمون لجنسيات أخرى في فترات مختلفة وهي حسب الجداول التالية .

إحصائية عام 2000م إحصائية عام 2001م :

الجنسية العدد
سعودي 1
إمارتي 1
عراقي 35
مصري 1
يمني 799
باكستاني 2041
إيراني 944
أفغاني 1205
صومالي 430
أثيوبي 65
تنزاني 4
هندي 3
بنجالي 55
سوداني 1
بدون جنسية 7

المجموع 5642

لا يزال الباكستانيون يشكلون النسبة الأكبر بما يزيد عن 50% من مجموع المتسللين المضبوطين خلال السنوات الخمس الأخيرة يأتي بعدهم الأفغان والإيرانيين ثم اليمنيين والصوماليين ومعظم المتسللين الإيرانيين يكون قصدهم العبور إلى دولة الإمارات أو العودة إلى بلادهم عن طريق القوارب الإيرانية القادمة إلى محافظة مسندم .

يمكن تقسيم المتسللين إلى جهتين شمالية وهم الذين يتسللون عبر المناطق الشمالية للسلطنة وتشمل ( الباكستانيون – الأفغان – الإيرانيون – البنجاليون – الهنود – العراقيون – الإماراتيون – المصريون – السعوديون ) بينما يتسلل من جنوب السلطنة ( اليمنيون – الصوماليون – الإثيوبيون – التنزانيون – الأرتيريون ) ” إن أعداد المتسللين المضبوطين لا تمثل حقيقة حجم .

إحصائية الجرائم للإدارة العامة للادعاء العام بمحافظة مسندم لعام 2006م
نوع الجرم العدد عماني خليجي عربي هندي بنجالي سيرلنكي باكستاني إيراني فلبيني أوربي جنسيات أخرى المجموع
إيواء متسللين 2 1 7 1 1 13
تهريب متسللين ـ
دخول البلاد بطريقة غير مشروعة 74 2 3 42 65 1 174 287

التسلل فمن المحتمل وجود أعداد غير معروفة وهي تختبئ وسط تجمعات العمالة الوافدة في السلطنة وقد تكون أكبر من العدد المضبوط أو قريب منه وتم القيام بحملتين مشتركتين في محافظة ظفار ومنطقة الباطنة ومع ذلك كان عدد المضبوطين قليل وهو لا يعكس الرقم المتوقع “.

دوافع وأسباب دخول السلطنة بطريقة غير مشروعة
إن الإطلاع على حجم المتسللين ومعرفة تحركاتهم وكيفية إلقاء القبض عليهم لسوف يكشف حقيقة دوافعهم وسبب تسللهم إلى أراضي السلطنة حيث تنحصر هذه الدوافع في الآتي :
أ- البحث عن العمل إن معظم المتسللين إلى أراضي السلطنة يكون هدفهم الحصول على عمل يستطيعوا من خلاله توفير لقمة العيش الهانئة لأسرهم بعد أن انقطعت بهم السبل في العثور على وظائف في بلدانهم ويكون بحثهم عن العمل في :-
1- العبور إلى دولة الإمارات العربية المتحدة حيث يرى أغلبية المتسللين أنها توفر لهم ما يطمحوا إليه من عمل مكسب وسرعة العثور على العمل خاصة وأنهم يلتحقوا بأقاربهم وأصحابهم أو في أقل تقدير أبناء عرفهم الذين يكفلوا لهم العمل فور وصولهم .
2- البقاء في العمانية والبحث عن العمل إذا كان لهم قريب أو وجدوا من يشغلهم من أبناء البلد ومن ثم يبقون في حالة بحث عن أعمال توفر الاختباء عن أجهزة المراقبة وعادة يكون هؤلاء من الجنسية الباكستانية أو البنغالية أو الصومالية والتي تجيد أعمال الرعي والاعتناء بالماشية وهذا ما يبحث عنه المواطنين في جبال محافظة ظفار.

ب- التهريب يتسلل البعض إلى أراضي السلطنة بغية التهريب ويتم تهريب :-
(1) المخدرات : حيث يقوم مهربي المخدرات باستخدام سواحل السلطنة لتهريب كميات كبيرة من المخدرات فقد تم ضبط أطنان الحشيش في كل من ساحل الباطنة ومسقط والشرقية.
(2) الأسلحة فما زالت الأسلحة يتم تهريبها بواسطة التسلل وإن لم يكن هناك ما يثبت ذلك ولكن وجود الأسلحة في الأسواق وتداولها وخاصة في محافظة ظفار لا يبررها سوى إدخالها عبر التسلل عن طريق اليمن.
(3) السيارات : يقوم لصوص المركبات بسرقة السيارات وخاصة ذات الدفع الرباعي من عمان ودولة الإمارات ويتسللوا بها عبر الصحراء العمانية على جمهورية اليمن.
(4) الأغنام ” يتسلل رعاية الماشية والماعز والأغنام من على الحدود العمانية اليمنية بقصد بيع حيواناتهم إلى المواطنين في المناطق الحدودية لجنوب عمان.

إن القيام بأعمال تخريبية غير مستبعد في ظل الأوضاع العالمية وخاصة إنك لا تستطيع تحديد نوعية المتسللين الذين يأتون إلى أراضي السلطنة ودوافعهم.
أما من حيث العوامل المساعدة على التسلل فإن للسلطنة تأثير بالغ في زيادة العدد وهذه العوامل الأسباب يمكن عرضها في الآتي:-
أ- نقص الرقابة الأمنية على الشواطئ والمياه الإقليمية والتي لم يتم التخطيط لها فترة كافية بحيث تتناسب ومساحة السواحل وخطورة الزيادة المطردة في أعداد المتسللين وخاصة الغير معروفة.
ب- لا توجد إجراءات رادعة عند التعامل مع المتسللين فبعد إلقاء القبض عليهم يعاملوا بكل احترام ومن ثم يرحلوا إلى بلدانهم بأسلوب لا يسهم في ردع المتسلل برغم أن هذا الأسلوب له تأثير إيجابي في تعامل المتسللين مع رجال الأمن والمواطنين.
ج- استيلاء الوافدين على معظم التجارة في البلد وتحكمهم بالزراعة مما يسهل حصول المتسلل على الوظيفة واندماجه في المجتمع.
د- عدم وجود سياسة واضحة للتعامل مع هذه الظاهرة منذ السبعينات رغم وجودها فكانت تعالج بالكتمان إن صح التعبير حتى تفاقمت.
هـ- قرب السواحل العمانية من دول المنشأ ( الدول المصدرة للعمالة) والتي كان ينبغي مراعاتها في تخطيط حماية السواحل العمانية من الهجرة الغير مشروعة بالإضافة إلى التهريب.
و- المعاملة الحسنة التي يتصف بها رجال الأمن والمواطنين العمانيين.

مناطق دخول السلطنة بطريقة غير مشروعة

مناطق الدخول:.
لا يمكن تحديد نقاط بعينها باعتبارها مناطق إنزال المتسللين أو عبور لهم وإنما بالنظر إلى أماكن الضبط فإن المواقع التالية هي الأكثر استخداما :.

أ- ساحل الباطنة :.
إن الشريط الساحلي الممتد من حدود دولة الإمارات العربية لولاية شناص وحتى مسقط وربما حتى شاطئ العذيبة هو المستهدف الرئيسي لقوارب المتسللين وذلك بسبب :.
(1) لأنها تتمتع بقدرة على استيعاب وإخفاء تحركات المتسللين ليلاً لعتمة الليل وعدم وجود الإضاءة على طول الساحل كما أن القرى الساحلية متباعدة عن بعضها في مسافات كبيرة.
(2) عدم وجود نقط مراقبة دقيقة لحركة القوارب في عرض البحر وإمكانيات خفر السواحل لا تستطيع أن تغطي الرقعة الواسعة من خليج عمان.
(3) توجد على طول الشريط الساحلي وقريبة من البحر مزارع مهجورة وأحراش وتبعد عن السكني وهي غير منارة مما يجعلها ملجأ مناسب للمتسلين وقد أكد لي أحد الوافدين أن ربانية السفن والقوارب التي تأتي بالمتسللين ينصحونهم بالدخول إلى المزارع لأن العاملين بها من نفس الجنسية أو جنسية وافدة تسهل وتوفر لهم المأكل والمشرب والنصيحة.
(4) لأنها الأقرب والأفضل لعملية العبور من دول المنشأ ومن ثم الانتقال بالمسير على الأقدام إلى سلسلة الجبال المرتبطة بدولة الإمارات.

ب- الحدود الجنوبية :.
تعتبر المنطقة الممتدة من عروق ابن حموده غرباً إلى المزيونة والمناطق الحدودية الجبلية وصرفيت شرقا مناسبة لتسلل القادمين عبر دولة اليمن بسبب تداخل القبائل والعائلات بين حدود البلدين كما أن ضباب الخريف الكثيف يوفر غطاء جيد للاختباء عن أجهزة الأمن والجيش في صرفيت .

ج- محافظة مسندم:.
إن سواحل السلطنة الشمالية هي الأقرب إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تضم على أراضيها العديد من جاليات دول جنوب أسيا فأصبحت بيئة ممتلئة بالراغبين للعبور إلى دول مجلس التعاون الخليجي ورغم ذلك فإن المحافظة ليست مستهدفة بقصد الإستقرار وإنما هي محطة إستقبال أولية للعبور إلى دولة الإمارات العربية.
د- بقية المناطق لا يمكن الجزم بعدم تعرض مناطق السلطنة للتسلل وإستهدافها فالأرقام تشير إلى وجود أعداد كبيرة تم ضبطها فقد كانت ولايتي قريات وصور ضمن نطاق وصول قوارب المتسللين والتفريغ فيها.

حركة الدخول :.

ترتبط حركة المتسللين داخل السلطنة بدوافعه وحيث أن الدافع هو العمل فإن المدن الرئيسية هي الأنسب لهم ولأنهم سيلتقوا بمن سيوفر ذلك العمل من أقاربهم أو أصحابهم أما المزارعون أو من كان معارفه يعملون في الزراعة فإنهم في الغالب يتواجدوا في الباطنة في المزارع المنتشرة هناك.

ومن تتبع حركة المتسلل فإنه يأتي إلى السلطنة فيظل أو يعبر إلى دولة الإمارات ويظل في حالة اختباء حتى يحس برغبته في العودة عندها يكشف نفسه ليحصل على نقل مجاني وأمن إلى بلده .
لقد تعرض العديد من المتسللين التائهين الذين لا يعلمون الطرق والممرات إلى خطر الموت سقوطاً من على جبال محافظة مسندم كما تعرض بعضهم إلى إطلاق النار من قبل زوارق القراصنة أو الرمي في عرض البحر فمنهم من غرق ومنهم من حالفه الحظ بمساعدة أحد الصيادين المتواجدين بالقرب من الواقعة.

التعامل مرتكبي جنحة دخول البلاد بطريقة غير مشروعة

إن شرطة عمان السلطانية هي الجهة المسؤولة عن ضبط المتسللين وذلك بالتعاون مع الأجهزة العسكرية والحكومية والمواطنين حيث يتم البحث عن أماكن تواجدهم بواسطة:.
أ- دوريات شرطة خفر السواحل.
ب- دوريات البحرية السلطانية العمانية.
ج- دوريات سلاح الجو السلطاني العماني.
د- دوريات الجيش العماني المتواجدة على الحدود.
هـ- مراكز ومخافر الشرطة وبواسطة المرشدين والمخبرين.
و- فرق التفتيش المشتركة بين وزارة القوي العاملة وشرطة عمان السلطانية.

بعد إلقاء القبض عليهم أو تسليمهم أنفسهم يتم التحقيق معهم ومراجعة السجلات والكشوفات فإن ثبت أن أحدهم عائد (سبق وأن ألقى القبض عليه) عندما يتم فتح ملف قضية بتهمة دخول البلاد بطريقة غير مشروعة ويقدم إلى عدالة المحكمة التي بدورها تصدر حكمها عليه.
أما من كان تسلله لأول مرة أو لم يكشف اسمه ضمن العائدين يتم حجزه بالمركز مع بقية المتسللين ومن ثم إبعادة بالطرق القانونية المتبعة والمبرمة من قبل السلطنة مع الدولة التي ينتمى إليها .
أما المتسللين في جنوب عمان فيتم تسليمهم إلى مراكز الشرطة الحدودية لجمهورية اليمن.

تقوم شرطة عمان السلطانية بالإعلان عن المتسللين في الجرائد اليومية وذلك لتمكن من الضغط على الحكومات المعنية وحتى يكون الإعلان والنشر بمثابة إبلاغ رسمي عن مستوى التسلل إلى السلطنة وخاصة إلى الجهات العالمية المعنية بمتابعة المتسللين.

” قامت الحكومة بالتنسيق مع سفارات الدول المعنية لاتخاذ خطوات إيجابية لمنع تسلل مواطنيها إلى السلطنة وتحمل تكاليف إعادتهم وبعد أخذ ورد قامت بعض السفارات ببعض النواحي والبوادر الجيدة ومن خلال التنسيق مع هذه السفارات وخاصة السفارة الباكستانية والإيرانية وافقنا على إصدار تصاريح دخول لمواطنيها من خلال موانئ محددة في كراتشي / بندر عباس حيث تقوم السلطنة ممثلة بشرطة عمان السلطانية باستئجار سفن لنقل هؤلاء المتسللين إلى بلادهم بواقع ( خمسة عشر ريالاً للشخص الواحد ثم يتم ترحيلهم على شكل مجمعات )
وقد تم مناقشة ظاهرة التسلل على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لإيجاد خطة مشتركة.

الآثار الناجمة لدخول البلاد بطريقة غير مشروعة

إن ظاهرة كهذه لن تخلو من رواسب سلبية تفرضها على المجتمع وخاصة الآثار الاجتماعية والثقافية والأمنية حيث تلك الفجوة بين دول المنشأ والدول المستقبلة.

الآثار الاجتماعية:.
إن طريقة دخول المتسلل إلى البلد تجعله في خوف مستمر وتفرض عليه الكثير من الحيطة والحذر في تعامله مع الغير وهو يحاول البحث عن العمل والسكن وتظل علاقاته الاجتماعية محدودة بمعارفه المقربين وتؤثر على المحيطين به وعلى سلوكهم اليومي وطريقة معيشتهم فهم يتسترون على مجرم مطارد وحيث أن المجتمع نظام سلوكي متوازن فإن ظهر سلوك الخوف والحذر على فئة منه فإن المجتمع يتأثر بهذا السلوك فالمطلع على تحركات وتصرفات المتسللين سيجد أنهم يحاولون التستر عن أنظار المواطنين حتى يندمجوا مع المجتمع القريب وبما أن المجتمع خليط بين الوافدين والمواطنين فمن المنطقي أن تؤثر هذه الحالة على أفراد المجتمع.

يأتي المتسلل وفي نيته الحصول على عمل يحقق له رغباته وعادة ما يجد العمل ومن بين هؤلاء المتسللين من تكون نيته القدوم إلى البلد لأجل الاستجداء والتسول فكثير ما نرى على الطرقات وفي المساجد العديد من هؤلاء الأجانب يسألون المارة عن المساعدة المالية ويدعون المرض والعجز بالإضافة إلى الاستعانة بالأطفال والنساء في تحقيق مآربهم في سؤال الناس.

الآثار الاقتصادية :.
تعاني السلطنة من وجود أعداء من الوافدين يسطرون على التجارة من دون المواطن الذي يبحث عن الوظيفة ومع وجود المتسللين فإن الاحتكار سوف يزيد بلا شك من حدة المشكلة فإن كانت البطالة المستترة قد باتت تنكشف أكثر من ذي قبل بسبب زيادة عدد الشباب خلال السنوات الأخيرة وحاجاتها إلى العمل فإن المنافسة سوف تأخذ منحنى آخر مع وجود المتسللين الذين يقبلون ويرضون بالقليل من الأجر بالمقارنة المواطن.

إن المبالغ المرحلة أو التي تنقل إلى خارج الدولة لا تزال تقلق الاقتصاديين ، فالسلطنة تسعي إلى خفض تلك التحويلات الخارجية إلى الحد الآمن فإن كنا عند مشكلة خروج الأموال بواسطة الوافدين ، فالضرر أكبر مع المتسللين وخاصة أن أعداهم كما سبق وأن ذكرناها ليست بسيطة فلو فرضنا أن المتسلل الواحد ينقل ما مقداره (50 ريال) شهرياً فإن المبلغ يكون (600 ريال) سنوي وسيكون
( 3.205.800 ريال) حسب إحصائية عام 2001م وخلال الخمس السنوات الأخيرة يكون المبلغ (13.855.200 ريال) وهذا العدد يزيد بكثير إذا سلمنا بوجود أعددا كبيرة غير مكشوفة متسربة في محافظات ومناطق السلطنة إضافة إلى مبالغ مهدورة صرفت في التعامل معهم بعد إلقاء القبض عليهم.
كما أن تكلفة ترحيلهم إلى بلدانهم وخاصة الباكستانيين والإيرانيين وهي خمسة عشر ريال فإن المبلغ لعام 2001 م يكون ( 50.925 ريال).

الآثار الأمنية:

إن حياة الشعوب تبني على مدى الاستقرار والأمن فإن خل الأمن وشاع الخوف انهار كل شئ فلا تنمية ولا تطور ولا صحة ورخاء في غياب الإحساس بالأمان ، لذلك فإن النظرة الأولى التي تراعي عند التعامل مع أي ظاهرة هو بعدها الأمنى وخطورتها على المجتمع والآثار السلبية الناجمة عنها ولا تزال السلطات الأمنية بالدولة تتوجس خيفة من التسلل وهي تنظر إلى المشكلة باهتمام وفق الإمكانيات وتسعى إلى بلورة مفاهيم وأفكار تساعد في التقليل من هذه بالظاهرة ويمكن النظر إلى الآثار الأمنية على النحو التالي :.

تشتيت الإمكانيات الأمنية :.

فإن التعامل مع المتسللين بهذا الحجم يكلف جهاز الشرطة موارد يمكن استغلالها في أوجه أخرى من العمل الأمنى فالبحث والتحري وإلقاء القبض والتحقيق وما يتضمنه من إجراءات والنقل والحراسة بحاجة على تفريغ الكوادر التي تتعامل مع حقوقهم هذا بالإضافة إلى إنهاء الإجراءات المتعلقة بترحيلهم واستلامهم ومتابعة حقوقهم هذا بالإضافة خروج الدوريات في غير محلها الأساسي.

التهريب:

إن تهريب المخدرات إلى أراضي السلطنة ينطوى ضمن التسلل فالمهربين يتسللون لنقل بضائعهم إلى داخل السلطنة وما الكميات التي تم ضبطها على شواطئ السلطنة إلا نتيجة للتسلل.
السرقات والاعتداء على المواطنين:
إن المطلع على السرقات التي حدثت على القرى الساحلية بمحافظة مسندم وولايات منطقة الباطنة يستطيع الجزم أن المتسللين هم ورائها كما إن إقلاق راحة الأمنيين في المناطق التي يمر عليها المتسللين أصبحت تؤرق المواطنين وما خوف الصيادين من الخروج بالليل والابتعاد عن الشاطئ إلا بسبب الشعور بعدم الأمان.
بالإضافة إلى بعض الآثار التي من المتوقع أن تكون مثل :.

أ- القيام بالعمليات التخريبية : حيث لا يمنع المتسلل من ارتكاب أفعال وأعمال تخريبية داخل السلطنة سوى تلك السياسة المتوازية التي تنتهجها السلطنة بالإضافة إلى المعاملة الجيدة التي يلقاها المتسللين من قبل رجال الشرطة ولكن ذلك لن يمنع أصحاب النوايا المبينة من تحقيق مقاصدهم وإن كان على المدى البعيد كما أنه يمكن أن يشن المتسللين عمليات السرقة المنظمة.

ب- إن الخطر الأساسي الذي قد يؤثر على أمن الدولة هو توافد الأعداد الكبيرة إلى أراضي السلطنة واستقرارهم بها أن يكون هذا التسلل نزوحاً هائلاً يضع أجهزة الأمن في محنة حقيقية للسيطرة على أفعالهم كما أن تراكم الأعداد الغير مكتشفة سيؤدي إلى خلق مجتمع وبيئة من المتسللين سيصعب التعامل معها مستقبلاً.

إن من جملة الآثار التي يسببها المتسللون آثار صحية من خلال حملهم لأمراض وفيروسات خطيرة تعيش في مجتمعات مثل أفريقيا ودول جنوب أسيا سواء كانت هذه الأمراض تصيب الإنسان ( الإيدز – الملاريا .. الخ) أو كانت أمراض حيوانية أو نباتية.

الخلاصة :

إن الدولة بناء متوازن وجد لحماية شعب من أية ظواهر سلبية تؤثر على حقه في العيش وهي تركز على ضمان وجود معالم تحدد ما لها من أراضي وما ينبغي منها تجاه حمايتها ضد أي طرف ووضع الآليات المناسبة لتجنب تسلل الأشخاص إلى أراضيها ، والدول تركز على ضبط أمن حدودها البرية والبحرية والجوية فتعمل على توفير القوى المناسبة التي تحرس إقليمها ضد أي تسلل.
تبني علاقات الدول على احترام حق الجوار وما يتضمنه ذلك من تعاون وثيق في ضمان تبادل المعلومات ومنع التسلل وضبط أسبابه الداخلية وعلاقات الدول يجب أن تبنى على وضوح المصير المشترك وحق الدول في إيجاد بنية اقتصادية قوية توفر الأمن الوطني وتقضي على البطالة التي هي السبب الأساسي لحركة المتسللين وفي هذا النطاق فإن على الدول الاقتصادية أن تعمل على إقامة المشاريع التي تسهم في توطين العمالة المحلية.
قننت السلطنة عملية الدخول إلى أراضيها وأوجدت الأنظمة التي تضمن حماية حدودها من أي خرق فقد حدد قانون الجزاء مبدأ الإقليمية وحق السلطنة في تطبيق قوانينها على أراضيها وفق ما تراه مناسباً لرعاية مصالح مواطنيها وقد بين قانون إقامة الأجانب آليات الدخول للسلطنة والإقامة فيها وما يترتب من عقوبات على من يتعدى على تلك الإجراءات.

إن الدخول إلى إقليم دولة أجنبية بطريقة غير مشروعة هو تسلل مهما كانت أهدافه أو الغاية منه ولا تعفي الأسباب والدوافع التي أوردناها – ما يتعلق منها بالدولة المنشأ أو الدولة المستقبلة أو المتسلل أو النظام العالمي – المتسلل من الملاحقة والمحاسبة ومع اختلاف أشكال التسلل وأساليبه يظل هاجساً ينبغي البحث عن الوسائل لمكافحته وسد الطرق وإيجاد الحلول المناسبة والتي تتلاءم مع الأسلوب المستخدم مهما كان شكل التسلل أو الطريقة التي ينفذ بها.

إن موقع السلطنة واتساع رقعتها وامتداد سواحلها والتنمية الاقتصادية المستمرة هي أسباب رئيسية لاستهداف المتسلل لها هذا بالإضافة لكونها أقرب بلدان دول مجلس التعاون الخليجي النامية إلى دول جنوب آسيا المصدرة للعمالة وقد بلغ حجم التسلل إلى السلطنة درجة مقلقة للجهات المعنية حيث كانت أعداد المتسللين للخمس السنوات الماضية (23092) متسللا هذا بالإضافة إلى الأعداد الأخرى الغير مكتشفة ويعتبر البحث عن العمل والعبور إلى دولة الإمارات هما السببان الرئيسيان للتسلل إلى السلطنة ومع ذلك لا يمكن إغفال دوافع التهريب وارتكاب جرائم السرقات التي حدثت في بعض مناطق السلطنة أو تلك الدوافع والأسباب التي تم ذكرها والتي ينبغي النظر إليها باهتمام بالغ وعدم إهمالها ولم تكن السلطنة مسرحاً لتسلل جنس محدد حيث تشمل قائمة المتسللين ما يقارب عشرين جنسية من شتى بقاع الأرض ولكن يعتبر رعايا دول الجوار (باكستان – إيران – اليمن – أفغانستان – الصومال) هم الأكثر تسللا إلى أراضي السلطنة.

إن منطقة الباطنة ومحافظة ظفار الأكثر استهدافاً بسبب فريهما إلى دول المنشأ وقد قامت الجهات المعنية بدور فعال في رصد وضبط المتسللين وشرطة عمان السلطانية هي المسؤولة عن متابعة هذه الظاهرة بالتعاون مع الأجهزة الحكومية الأخرى من خلال التنسيق المباشر مع هذه الدوائر وخاصة وحدات الجيش السلطاني العماني وسلاح الجو السلطاني العماني والبحرية السلطانية العمانية من خلال دورياتهم المنتشرة في مختلف مناطق السلطنة.

لقد أوجد المتسللين في أرض السلطنة بعض الآثار السلبية التي باتت تؤرق المعنيين من تفاقمها وخاصة أنها وصلت إلى درجة القتل والاعتداء على المواطنين .
هذا بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية والاقتصادية والأمنية الملحة والتي يجب النظر إلى أبعادها المستقبلية ومراعاتها والتفكير في القضاء على هذه الظاهرة.

التوصيات :

من خلال ما تم إيضاحه يتبين أن ظاهرة التسلل مشكلة ينبغي الوقوف عندها بإرادة قوية وأن يتم التعامل بعناية بالغة وعليه فإني أوصي بالآتي :-
أ) إيجاد لجنة وطنية لمكافحة التسلل أسوة باللجان الوطنية العاملة في مختلف المجالات يكون هدفها دراسة هذه الظاهرة وإيجاد الوسائل المناسبة للقضاء عليها من خلال تحليل دوافع وأساليب التسلل ووضع الأطر الأساسية التي يمكن السير عليها وفق ما يتلاءم وسياسات السلطنة ومصالحها الوطنية والإقليمية والدولية.
ب) انتشار إدارة متخصصة لمكافحة التسلل تلحق بالإدارة العامة للعمليات بشرطة عمان السلطانية للإشراف والمتابعة وإيجاد البيانات والإحصائيات ووضع الدراسات والبحوث والتنسيق مع المعنيين ومتابعة شؤون المتسللين.
ج) القيام بحملة توعية هادفة علنية أو بواسطة السلطة المحلية متمثلة بمكاتب الولاة بالولايات وغرفة تجارة وصناعة عمان لشرح الآثار السلبية لوجود المتسللين والعواقب القانونية التي تترتب على توظيف أو تشغيل المتسللين وضرورة معرفة المؤجرين للأشخاص الذين يقطنون مساكنهم المؤجرة.
د) ضرورة الإسراع في تعمين الوظائف وتوطين الأعمال من خلال مشروع ( سند ) لما له من دور أساسي للقضاء على هذه الظاهرة وغلق أحد أسباب التسلل إلى السلطنة وإعداد دراسة تفصيلية متعمقة لإيجاد الحلول المناسبة للقضاء على التجارة المستترة.
هـ) تركيب أجهزة مراقبة رادارية لكشف القوارب الصغيرة تكون في المناطق التي يكثر فيها التسلل تربط بمركز العمليات وخفر السواحل والاستفادة من الدول المتقدمة في هذا المجال .
و) زيادة التنسيق مع الدول المجاورة من خلال لجان مشتركة للحد من تسلل رعاياها إلى أراضي السلطنة واتخاذ الإجراءات المناسبة لردع المتسللين بعد استلامهم.

المراجع :

– النظام الأساسي للدولة .
– قانون إقامة الأجانب.
– قانون الجزاء العماني.
– الإحصائية الجرمية لشرطة عمان السلطانية 2001 – 2002 م.
– إحصائية الجرائم السنوية للإدارة العامة للإدعاء العام لعام 2006م
– إدارات الإدعاء العام ( مسندم ـ ظفار ـ دبا ـ البريمي ).