بحث قانوني متميز عن الأساليب القانونية لنقل ملكية الأصول للمصدر

تبنت الممارسة آليتين قانونيتين في كافة الأنظمة القانونية لنقل ملكية الأصول من البنك البادئ للتوريق للمصدر، الآليه الاولى ترتبط بحوالة الحق كطريق لإنتقال الالتزامات أو الحقوق، اما الثانية فهي تجديد الإلتزام كوسيلة لإنقضاء الإلتزام بما يعادل الوفاء بالإضافة لذلك يتبع عدد من البنوك الأنجلو اميريكية أسلوب معروف في هذه الأنظمة القانونية دون غيرها وهو أسلوب ” المشاركة الفرعية ” .

نقل الأصول بحوالة الحق أو التجديد أو المشاركة الفرعية .

وفي هذا الإطار مطالب نلقى الضوء فيها على تلك الأساليب الثلاثة المشار إليها لنقل الأصول محل التوريق .

(أولا ) نقل الأصول بحوالة الحق :

كما هو معلوم، فإن، حوالة الحق Assignment هي إتفاق يتم بمقتضاه نقل الدائن ( المحيل ) Assignor إلى طرف آخر ( المحال إليه ) Assignee حق شخص له قبل مدينه (المحال عليه) فيحل محله في هذا الحق ويكون بذلك دائنا جديدا لهذا المدين .

والغرض من حوالة الحق يمكن ان يقصد به مجرد التصرف في هذا الحق كقيمة مالية في ذمة المحيل ولكن استحقاقها الأجل يحول دون تلبية حاجته للاموال، كما قد تستهدف الحوالة الوفاء فينقضي بها إلتزام المحيل الملتزم في مواجهة المحال إليه، واخيرا قد يكون المقصود من الحوالة مجرد تقديم ضمان من المحيل لدائنيه فإذا لم ينفذ المحيل إلتزامه في مواجهة المحال إليه يمكن للاخير مطالبة المحال عليه بتنفيذ هذا الإلتزام( ).

والاصل وفقا للمادة 303 من التقنين المدني المصري ان الحق الشخصي، أي حق الدائنية قابل للحوالة ايا كان محله، وبصرف النظر عما إذا كان هذا الحق منجزا أو معلقا على شرط أو مقترنا بأجل أو كان حقا مستقبلا( ) ويسري هذا الاصل طالما لم تحظر الحوالة بنص قانوني، كحظر حوالة الحق غير القابل للحجز( ). أو بسبب منافاة الحوالة لطبيعة الإلتزام كالحقوق اللصيقة بشخصية الدائن أو نتيجة لإتفاق المتعاقدين على عدم جواز حوالة الحق( ) .

ولا تكون الحوالة نافذة قبل المدين، إلا بقبول المدين لها أو بإعلانه بها وهو ما يطلق عليه وصف ” شهر الحوالة ” علما بأن نفاذ الحوالة قبل الغير بقبول المدين يستلزم أن يكون هذا القبول ثابت التاريخ ( ) .
ويرى جانب من الفقه الأنجليزي ( ) ضرورة مراعاة عدد من القواعد المرشدة إذا إتفق أطراف صفقة التوريق على ان يتم نقل الأصول من خلال حوالة الحق على النحو الآتي :

1. التأكد من عدم وجود أية وثائق ذات صلة بالاصول موضوع النقل تتضمن إشتراطات تحظر حوالتها، وفي هذا الصدد يجب التأكد من آجال هذه الأصول والشروط الملازمة لها .
2. ان تكون الأصول قابلة للتحويل Assignable وفقا للانظمة القانونية المطبقة عليها .
3. أهمية تحري الدقة في الوقوف على اشتراط النظام القانوني المطبق أو عدم إشتراطه لضرورة موافقة المدين على الحوالة خصوصا اذا كانت هناك عبارات مثيرة للجدل القانوني Arguable مع الأخذ في الاعتبار إلى أنه لو تضمنت الاتفاقات المطبقة على الأصول التزامات على عاتق البنك البادئ للتوريق، أي كان الامر يتعلق باتفاق ملزم للجانبين فإن الممارسة المصرفية تجري على عدم جواز التحويل إلا بموافقة المدين على الحوالة ( ) .
4. اذا تبين عدم وجود قيود على البنك البادئ للتوريق في الحوالة فإن ذلك يعني أنه بمجرد انعقاد الحوالة ينتقل الحق المحول للمحال إليه بجميع ضماناته ودفوعه وصفاته وملحقاته ( )، وقد اوحت الممارسة مسارعة المدينين أو الكفلاء بإضافة شروط مقيدة لتحويل الرهون العقارية أو أي اصول أخرى ضامنة للاصول المحالة وهو ما يجب التحرز منه عند تبني حوالة الحق سبيلا لإنتقال ملكية الأصول للمصدر .
5. سندات المديونية – أو أي ضمانات أخرى لها كمحل للحق الذي يتم نقله بالحوالة – قد تتضمن ” سعر فائدة متغير ” Variable Rate of Interests وهو ما يمثل إئتمانا متهافتا بالنسبة للمستثمرين في الأوراق المالية للمصدر، وعندئذ فإنه في حالة الإصرار على تمرير صفقة التوريق عبر حوالة الحق فإنه يتعين الاتفاق على حد ادنى لسعر الفائدة لا يجوز النزول عنه لضمان الوفاء بالفوائد والمصروفات الحيوية للمستثمرين والمصدر وهو ما تجري به الممارسة المصرفية في صفقات الرهون العقارية في بريطانيا ( ) ولا يعرف النظام القانوني الفرنسي بديلا لحوالة الحق La cession في نقل الأصول حيث حددت المادة ( )، من مرسوم تطبيق قانون 23 ديسمبر سنة 1988 في شأن المنشآت المعينة بالنقل المجمع للاوراق المالية أو بالمنشآت المالية المتخصصة في توظيف الديون المجمعة والصادر في 9 مارس سنة 1989 حوالة الحق كطريق وحيد لنقل ملكية الأصول لمنشأة الإئتمان الوسيطة(المصدر) Fonds Commun de Creances( )، وذلك من خلال إتفاق بين البنك البادئ للتوريق وهذه المنشأة الوسيطة ملحق به قائمة( ) Borderedu تتضمن ما يلي :
1. عقد أو صك الحوالة Acte de Casseion de Creances
2. عبارة يفاد منها خضوع الحوالة لاحكام قانون 23 ديسمبر سنة 1988.
3. تعيين المحال إليه Designation du cessionnare
4. تعيين وتفريد الديون المحالة Des Creances Cedees
5. التفاصيل الخاصة بالمدينين Debiteurs.
6. إجمالي مبلغ الديون وتواريخ استحقاقها النهائي .
7. الأساليب المقبولة للوفاء بالديون .
8. عبارة تفيد أن الحوالة تلزم المحيل Le Cedant بأن يقوم – بناء على طلب من المحال إليه – بأي عمل ضروري للمحافظة على ضمانات الديون ( الأصول ) .

• النقل القانوني والانصافي للاصول :
Legal & Equitable Transfr of Assest:

تجدر الإشارة إلى أن عددا كبيرا من النظم القانونية الأنجلو اميريكية تميز ما بين الملكية القانونية Ownership Legal التي تتضمن حق الانتفاع والتصرف وتسمى أحيانا الملكية التامة أو الكاملة Perfct Title وبين حق الانتفاع Beneficial Ownership .

بناء على التقسيم السابق يثور التساؤل بشأن الأصول موضوع الحوالة وما إذا كان يتم نقل ملكيتها القانونية أو الكاملة للمصدر ام ان ما ينتقل فقط هو حق الانتفاع، وفي هذه الحالة الاخيرة لن يحصل المصدر إلا على سند إنصافي بحق الانتفاع Title in Equity( ) .

إنتقال الملكية الكاملة SPV يمثل في هذه النظم ضمانا اقوى – بطبيعة الحال – من مجرد السند الانصافي بحق الانتفاع بالاصول، خصوصا عندما تلوح بعض الشكوك أو النذر في شأن البنك البادئ للتوريق وإمكان تعرضه للاعسار أو للإفلاس .

مع ذلك فإن المشاهد حاليا من الممارسة المصرفية لأسواق التوريق يشير لتزايد التوجه نحو الإكتفاء بمنح المصدر سندات إنصافية لحق الانتفاع بالاصول، وزيادة مناظرة لقبول وكالات التصنيف لهذا الخيار بشكل غير متوقع في إطار تنظيم صفقات التوريق على اساس ان الفحص الدقيق للمركز المالي للبنك البادئ للتوريق، والضمانات الاضافية للصفقة يهونان كثيرا من أهمية مخاطر الإعتماد على هذه السندات الانصافية ( ).

إعلان المدين بحوالة الحق في الأصول : Notice

من الأهمية بمكان ان يقوم المصدر (SPV) بإعلان المدين بالحوالة سواء كانت تلك الحوالة قانونية Legal Assignment أم إنصافية Equitable Assignment لأنه لو لم يعلم بأمر حوالة الحق فسوف يستمر في الوفاء للبنك البادئ للتوريق، ولن يكون من الممكن إلزامه مرة أخرى في حالة عدم وفاء الأخير بالمبلغ الموفى به للمصدر نتيجة غش أو خطأ غير مقصود، وان كانت الممارسة تجري حتى الآن على إفتراض وكالات التصنيف حسن نية أطراف الصفقة أيان تنفيذها وعدم تصرفهم بشكل إحتيالي إلى جانب عدم توقع إقتراف البنك البادئ للتوريق لاخطاء ادارية فاحشة( )، وتعتبر حوالات الحقوق في سندات الديون قد تمت فعلا وبشكل قانوني في معظم النظم القانونية الأوروبية دون تعليق ذلك على إعلان المدين بالحوالة طالما لم تصطدم هذه الحوالات بنص قانوني أو بالآداب العامة، لكن تشترط هذه النظم أحيانا ضرورة إعلان المدين كشرط شكلي لنفاذ انتقال الحق في السندات، أو كسبيل لتغيير صورة الحوالة، من حوالة إنصافية لا يهم فيها الشكل القانوني بقدر الاهتمام التشريعي بقصد انتقال الحق المحال إلى الشخص المحال إليه، إلى حوالة قانونية مستكملة للأركان الموضوعية والشكلية، أو أخيرا لإحاطة المدين علما بأن البادئ للتوريق اصبح معسرا( ).

وتجري معظم التشريعات في خصوص ذلك التقسيم لحوالة حق قانونية واخرى إنصافية على غرار المادة 36/1من قانون أحكام الملكية الأنجليزي الصادر سنة 1925 والتي نص على شروط في الحوالة القانونية على النحو التالي : ( ).

1. ان تكون الحوالة مكتوبة بخط يد المحيل ( ).
2. محل الحوالة دين أو أي منقولات أخرى ( ).
3. تسليم إعلان صريح ومكتوب للمدين أو للأمين المودع لديه الدين ( ).

معنى ذلك ان عدم توافر أي شرط من الشروط الثلاثة السابقة في القانون الأنجليزي تستحيل معه الحوالة حوالة إنصافية وهو ما يترتب عليه ان المحال إليه لا يستطيع ان يرفع دعوى على المدين مباشرة لاستيفاء حقه ولكن لا بد من تدخل المحيل معه في هذه الدعوى .

ويتخذ شرط تسليم الإعلان للمدين أهمية – خاصة في الفقه الأنجليزي – خشية استمرار الوفاء للبنك البادئ للتوريق كما اوضحنا بالإضافة إلى ان تخلف شرط الاعلاان وصيرورة الحوالة إنصافية قد يدخلها في غمار حوالات أخرى إنصافية انشأها المحيل البادئ للتوريق فتكون الأولوية في وفاء المدين للحوالة المعلنة له، واخيرا، فإن تمام إعلان المدين يحول بينه وبين التمتع بأي حق جديد في التمسك بالمقاصة Off – Set أو بأي حق مقابل لحق المحيل ( ).

ويسير القضاء الأنجليزي على ضرورة موافقة الغير ذى الصلة بديون القروض المصرفية على الحوالة والا فإن أي حوالة للحق في الأصول من جانب البنك البادئ للتوريق سيترتب عليها انتقال الحقوق وفوائد سندات ديون القرض للمصدر (SPV) فقط وتظل الالتزامات على عاتق البنك وحده ( ).

وفي القانون المدني المصري – كما ذكرنا – فقد نصت المادة 305 على أنه : ” لا تكون الحوالة نافذة قبل المدين أو قبل الغير إلا اذا قبلها المدين أو اعلن بها، على أن نفاذها قبل الغير بقبول المدين يستلزم ان يكون هذا القبول ” ثابت التاريخ “.

ويستفاد من هذا النص نفاذ الحوالة فيما بين البنك البادئ للتوريق والمصدر المحال إليه لكنها تظل غير نافذة في مواجهة المدين أو الغير، بالنسبة للمدين يجب علمه بالحوالة ليتم الوفاء للمصدر كدائن جديد والا يتعرض لضرورة الوفاء مرتين، وبالنسبة لتحديد مفهوم الغير فقد قررت محكمة النقض أنه ” يعد من الغير في الحوالة كل شخص كسب من جهة المحيل حقا على الحق المحال به يتعارض مع حق المحال له( ). كذلك قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه : ” يعد من الغير هؤلاء الذين لم يكونوا طرفا في إتفاق الحوالة وتكون لهم مصلحة في ان يظل المحيل دائنا ” ( ).

في القانون المدني لهونج كونج( ) – والذي يتأثر كثيرا بالنظام القانوني الأنجليزي – تعد الحوالة قانونية لو توافرت لها الشروط الآتية :
1. كانت مكتوبة وموقعة من البنك البادئ للتوريق .
2. لم يكن يفهم من الحوالة أنها مجرد نقل لوديعة موضوعة تحت إشراف شخص آخر غير البنك .
3. الإعلان الصريح المكتوب بالحوالة تم تسليمه فعليا للمدين من جانب الشخص المخول تسلم هذا الدين أو المطالبة به (الـ SPV) من تاريخ تسلم المدين للاعلان، وينجم عن تسليم المدين لاعلان حوالة الحق في الأصول من البنك البادئ للتوريق للـ SPV في قانون هونج كونج بعض الآثار القانونية على النحو التالي :
1. إمكان تمسك المدين بالمقاصة الانصافية Equitable Set – Off وذلك في مواجهة المصدر الذي يطالبه بالوفاء له بمقتضى سندات الدين التي تسلمها من البنك البادئ للتوريق .
2. إمكان قيام المدين والبنك البادئ للتوريق بتعديل النصوص أو الشروط المرتبطة بالاصول دون إشتراك المصدر، ويمكن ان يتم تفادى ذلك بفرض اشتراط على البنك يقضي بعدم قيامه أو موافقته على قيام المدين بإجراء أي تعديلات أو إضافات أو تحريف للنصوص والشروط المرتبطة بالأصول ذات الصلة بالتوريق وذلك لمصلحة المصدر والأمين على ضمانات Trustee Security.
3. ضرورة ضم البنك البادئ للتوريق في أي دعوى قانونية يرفعها المصدر ضد المدين واعتبارهما طرفا واحدا في الدعوى ويمكن – في هذا الصدد – ان يطلب من المدين الموافقة على اشتراط مفاده ضرورة مساعدة المصدر أو انجاز أي خطوات اجرائية مطلوبة في أي دعوى قضائية تتعلق بالاصول .
4. من حق المدين التخلص من التزامه بالوفاء بدينه في مواجهة البنك البادئ للتوريق بكافة الطرق المفضية لذلك الهدف .

ثانيا : نقل الأصول عن طريق التجديد :

إذا كانت الحوالة وسيلة لإنتقال الحق من البنك البادئ للتوريق للمصدر (SPV) فإن التجديد Novation يمثل احد أهم الأسباب لإنقضاء ذلك الحق في جانب البنك ونشوء حق جديد للمصدر يحل محله ذلك الحق القديم .

ويشترط المشرع المصري التجديد ضرورة الاتفاق عليه صراحة أو استخلاصه من الظروف، فلا يجوز اقتراض وجوده ( م 453/1) مدنى ( ). ويتجدد الحق أو الإلتزام بتغيير الدين أو بتغيير المدين أو أخيرا بتغيير الدائن (م 352/3). في صفقات التوريق فإننا نكون بلا شك في إطار الصورة الثالثة المشار إليها وهي التجديد بتغيير الدائن الذي يصبح هو المصدر بدلا من البنك البادئ للتوريق. ويتعين في هذه الصورة ان يتم الاتفاق بين المدين من جانب والبنك البادئ للتوريق والمصدر من جانب آخر على صيرورة المصدر هو الدائن الجديد، ويترتب على التجديد إنقضاء الإلتزام الأصلي على عاتق المدين بتوابعه ونشوء إلتزام جديد مكانه بحيث لا ينشأ الإلتزام الجديد إلا بانقضاء الإلتزام الأصلي، ولا ينتقل إلى الإلتزام الجديد التأمينات التي تكفل تنفيذ الإلتزام الأصلي الابنص القانون إلا اذا تبين من الاتفاق أو من الظروف ان نية المتعاقدين قد انصرفت إلى ذلك ( )، وتبقى التأمينات العينية التي قدمها المدين بكفالة الإلتزام الأصلي فقط اذا إتفق المدين والبنك البادئ للتوريق والمصدر على ذلك ( ) ولا ينتقل إلى الإلتزام الجديد التأمينات التي تقدم من الغير كالكفالة العينية أو الشخصية أو التضامن إلا برضاء الكفلاء والمدينون المتضامنون( ).

بناء على ذلك تختلف حوالة الحق في القانون المصري كوسيلة لنقل الحق في الأصول عن التجديد بتغيير الدائن في ان الحوالة تتم باتفاق البنك البادئ للتوريق (المحيل) والمصدر ( المحال إليه ) دون تدخل المدين، إلى جانب انتقال الحق بكل ضماناته باعتبارها توابعه كالكفالة والامتياز والرهن، بينما يترتب على التجديد إنقضاء الإلتزام الأصلي ونشوء إلتزام جديد مكانه وعدم انتقال التأمينات المقدمة من المدين أو الغير لضمان الدين القديم إلا بقيود.

ويسير النظام القانوني الأنجليزي تقريبا على نفس القواعد السابقة في النظام المصري غير ان العقبة الأساسية في تطبيق التجديد في توريق الديون المصرفية في الممارسة الانجليزية كانت هي ضرورة إتفاق الأطراف جميعها في هذا التجديد بتغيير الدائن حيث يعتمد تنظيم التوريق في معظم الاحيان في الممارسة العملية على حشد ديون قروض مجمعة Syndicated Loans وهو ما يتطلب تراضي عدد كبير من المدينين مع الدائن القديم (البنك البادئ للتوريق ) والدائن الجديد (SPV)، أو حشد عدة بنوك بادئة للتوريق تشترك معا لاقراض مدين واحد على ان تتم صفقة القرض على عقد واحد بحيث يتحتم تراضي كافة البنوك المشتركة في القرض مع المدين والمصدر على تجديد دين القرض وهو ما أثار صعوبات بالغة أمام إنسجام الممارسة المصرفية مع النظام القانوني للتجديد( ).

مع ذلك فإن إستخدام التجديد كآلية لنقل الحق في ملكية الأصول للمصدر لا زال مزدهرا في الممارسات المصرفية حينما تكون سندات الديون مرتبطة بمسؤولية محتملة Liability Contingent كمسؤولية البنك البادئ للتوريق عن تبعات التسهيلات المشروطة لتمويل القروض Loan Facilities Back-Stop( ) أو تسهيلات الإئتمانات المتجددة Revolving Credit Facilities طويلة الأجل وعندئذ يكون الخيار الافضل هو ان تتضمن عقود هذه التسهيلات “صياغة ” تتيح نقل اصول ديون القروض من خلال تجديد هذه الديون ( ).

وقد اثمر توجيه المجموعة الإقتصادية الاوربية (EEC) رقم 3180 بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1978 في شأن وحدة النقد الاوربية (ECU)European Currency Unit التي سيتم التعامل بها لحين إتمام الوحدة الأوروبية تعميما اطلق عليه ” إتفاق القرض النموذجي ” Speciman Loan Agreement ( ). تضمن في الشروط رقم 25/2 منه نموذجا لتلك الصياغة التي يجب كتابتها لتسهيل إستخدام التجديد للتخلص من ديون القروض فيما بين البنوك الاوربية اذا كانت هذه الديون مجمعة وفي صورة تسهيلات معززة للقروض وذلك على النحو الآتي :
أولا : لو اراد أي بنك نقل ملكية كل أو أي جزء من حقوقه أو فوائد ديونه والتزاماته لدائن جديد (الـ SPV) وفقا لإتفاق يتم في هذا الشأن فإن هذا النقل يكون ساري المفعول يتسلم بنك معتمد Agent Bank شهادة نقل كاملة ومستوفاة Duly completed and Transfer Certificate Executed بياناتها على النحو الموضح بالنموذج وينقل فيها بيانات الاتفاق السابق بين البنك والدائن الجديد وتتضمن أيضا ما يلي :

‌أ. المقترض والبنك ( البادئ للتوريق ) تتقضى التزامات كل واحد منهما قبل الآخر وكذلك حقوق كل واحد منهما لدى الآخر ويطلق على هذه الالتزامات والحقوق بعد ذلك إصطلاح ” الالتزامات والحقوق الملغاة ” & Rights Discharged Obligations.
‌ب. سيناط بالمقترض والدائن الجديد (SPV) حقوق والتزامات جديدة متقابلة تختلف عن تلك التي كانت موجودة بين المقترض والبنك .
‌ج. على البنك المعتمد أن يقوم بسرعة Promptly بتسليم نسخة من شهادة النقل للمقترض (المدين) وإشعار الغير ذي الصلة – كدائني البنك البادئ للتوريق – بتسلمه لهذه الشهادة المتضمنة تجديد الدين، ويسهل الشرط رقم 25 المشار إليه في النموذج عمليات التجديد التي يمكن ان يحتاج إليها أطراف إتفاق القرض كوسيلة لنقل الأصول المصرفية( ).

** مآخذ التجديد كوسيلة لنقل الأصول :

إذا كان نجاح التجديد كطريق لنقل الأصول موضوع التوريق يعتمد على ضرورة أن يكون الدين قرضاً مصرفياً، فقد أثبتت الممارسة العملية أن معظم صفقات التوريق تتضمن – في العادة – محافظ ضخمة ومتنوعة للاصول المدنية غير القروض المصرفية ناهيك عن رغبة معظم البنوك البادئة للتوريق في عدم تدخل أي طرف آخر ( الـ SPV أو غيرها ) في علاقاتها بعملائها .
ويضيف جانب من الفقه ( ) أنه بالرغم من ان التجديد يمثل الطريق الوحيد الذي يتم بموجبه التحويل الحقيقي لكل من الحقوق والالتزامات لإستبداله للحقوق والالتزامات الأصلية بأخرى جديدة، ونجاحه كالية مستخدمة حتى الآن في بيع الذمم المدينة الناتجة عن البطاقات الإئتمانية المخصصة لتجارة التجزئة، فإن لقوانين حماية المستهلك اثر كبير على قدرة المقرض الأصلي (البنك البادئ للتوريق) والدائن الجديد (الـ SPV) على تنفيذ العقد ضد المقترض (المستهلك المدين). فمثلا ينظم (قانون الإئتمان الإستهلاكي) في بريطانيا والصادر عام 1974 الإئتمان الممنوح بمبالغ تقل عن 150.000 جنيه إسترليني اذ يتطلب الحصول على الترخيص المسبق ويفرض نوع من الرقابة على التجارية فيما يخص تجهيز البضائع على أساس الايجار والشراء اللاحق (Hire, or Hire Purchase) فإذا لم يتم الوفاء بمتطلبات الترخيص فإنه لا يمكن للبائع المقرض تنفيذ الدين .

(ثالثا) المشاركية الفرعية Sub- Participation

هو ثالث الأساليب المعروفة لنقل الأصول من البنك البادئ للتوريق للمصدر، وربما الاكثر شهرة كمصطلح مصرفي وان لم يكن له أي مدلول قانوني إلا في القانونين الأنجليزي والاميريكي، هذا الأسلوب يستخدم لوصف ترتيب تمويلي Funding Arrangement يتم ما بين البنك البادئ للتوريق وبنك آخر يطلق عليه أسم البنك ” المشارك ” Participant Bank أو ” البنك القائد ” Leading Bank .

بمقتضى هذا الترتيب يقوم البنك المشارك – الذي سيقوم المصدر (SPV) بدوره في التوريق – بتقديم مبلغ من المال للبنك الأول مقابل سندات مديونية على أن يسترد البنك المشارك أمواله وفوائدها – فقط عندما يحين موعد الوفاء بمبلغ مناظر – يشمل اصل المبلغ المقدم من البنك المشارك وفوائده – من المدين في هذه السندات(غالبا مقترض) للبنك البادئ للتوريق حيث يسلم هذا المدين للبنك الأخير ذلك المبلغ وفوائده فيقوم البنك بدوره بالوفاء للبنك المشارك .

في إطار الآليه لا يملك البنك المشارك رجوعا Non- Recourse على البنك البادئ للتوريق حيث لا يكون الأخير مسؤولا عن المبلغ المتفق على إعادة الوفاء به لو لم يستلمه من المدين ( ).

مآخذ أسلوب المشاركة الفرعية وطرق الحد منها :

المآخذ التي يمكن رصدها بالنسبة لهذا الأسلوب تنطلق من فرضية عدم علاقة تعاقدية Contractual Nexus على الإطلاق فيما بين البنك المشارك والمدين بعكس الحال في حوالة الحق والتجديد حيث تترتب علاقة بشروط محددة فيما بين المحال له والدائن الجديد وبين المدين وهو ما يترتب عليه الآثار الآتية :

أولا : عدم تمتع البنك المشارك ( الـ SPV) بحق انتفاع على الدين، واذا كان هذا الدين دين قرض فلا يتمتع بأي حق من حقوق البنك الباديء للتوريق بموجب إتفاق ” تسهيلات القروض ” Loan Facility .

ثانيا: عدم إستطاعة البنك المشارك رفع دعوى لمطالبة المدين (غالبا مقترض) بالوفاء بقيمة المبلغ المدفوع للبنك البادئ للتوريق وفوائده وذلك في حالة تأخر هذا المدين في الوفاء للبنك الأخير في تاريخ الإستحقاق بمقتضى التزاماته المقررة في العقد المبرم بينه وبين هذا البنك، ولن يكون بمقدوره – خاصة- في القانون الأنجليزي – إلا الإعتماد على قيام البادئ للتوريق برفع دعوى استرداد Recovery Action لإسترداد قيمة دينه المتأخر في الوفاء لدى المدين، و إنتظار نتيجة هذه الدعوى، لدى المدين، وانتظار نتيجة هذه الدعوى، وقد جرت الممارسة المصرفية على قبول اتخاذ البنك المشار لاجراءات قانونية مؤثرة على سير الدعوى، كما يبقى له الحق في توجيه (إعتراض) Veto على إجراءات أو تصرفات البادئ للتوريق في هذا الشان ليجبره على ضرورة إستشارته قبل اتخاذ مثل هذه الإجراءات أو التصرفات خصوصا فيما يتعلق بجدوله التسهيلات الإئتمانية للمدين لمساعدته على الوفاء، سواء بمد اجل إستحقاق الدين أو بتقليل سعرالفائدة ( ).

ثالثا: تجشم البنك المشارك لخطر إئتماني مزدوج ( ) Double Credit Risk ويمكن توضيح ذلك على النحو الآتي :
1. لو ا فلس البنك البادئ للتوريق وبدأت إجراءات الإفلاس لتصفية أمواله فإن الأموال المستردة من المدين لن تخصص للوفاء بدين البنك المفلس للبنك المشارك وإنما ستخصص للوفاء بديون كتلة الدائنين بشكل عام General Body of Creditors .
2. تعرض المدين لإعسار أو للإفلاس قد يؤخر أو يعدم فرصة سداده لدينه في مواجهة البنك البادئ للتوريق، وهو ما يعرض البنك المشارك لخطر إئتماني محقق – كما ذكرنا – لتخلف العلاقة التعاقدية فيما بينه وبين ذلك المدين .

وإذا كان من أهم أسباب نمو السوق الثانوي لبيوع الأصول في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا هو عدم فرض أي قيود جوهرية من جانب السلطات المصرفية المختصة في هذا الشأن على البنوك البائعة أو المشترية، فقد إرتأى جانب من هذه السلطات ضرورة التدخل للحد من مثالب أسلوب نقل الأصول بالمشاركة الفرعية، ففي الولايات المتحدة قيد مراقبة العملة Office of Comptroller of the Currency ( OCC) ممارسات البيع والشراء في هذه الاسوق ببعض القواعد الإرشادية، وعلى وجه الخصوص البيوع التي تتم على اساس المشاركة الفرعية وذلك لتفعيل ممارسات البنوك العاملة في هذه السوق واداء دورها ولكن بشكل يتسم بالحذر ( ).

بشكل رئيسي ظهر منشور للـ (OCC) عام 1983 موجه ” للبنوك المشاركة فرعيا ” ويلغى عليها مسؤولية ضرورة التأكد من الحصول على جميع الوثائق اللازمة واجراء التحليلات الإئتمانية الكاملة، والاحتفاظ بحق إدارة الديون خلال فترة المشاركة، كذلك يحمل هذا المنشور، المشار إليه، البنوك البادئة للتوريق – بإعتبارها البنك البائع لسندات المديونية – إلتزاما بضرورة تزويد البنوك المشاركة بالمعلومات وتعزير إئتمانها بالتأمينات Insurances والكفالات Warranties التي تمكنهم من تنفيذ مسؤولياتهم ( ).
وعلى الرغم مما ذكرناه الآن من عدم تدخل السلطات المركزية في بريطانيا والولايات المتحدة بفرض قيود على أسواق بيوع الأصول، فإن هذه السلطات تهتم بدعم البنوك خصوصا اذا كانت بنوك مشترية (SPVs) لضبط ميزانياتها العمومية وعدم تعريضها للمخاطر الإتمانية Balance Sheet Exposure لو كان نقل الأصول يتم من خلال أسلوب المشاركة الفرعية، وبشكل خاص إذا استشعرت هذه السلطات المركزية وجود التزامات أو مسؤوليات محتملة ستدرج في الميزانيات العمومية للبنوك المشاركة ( ).

في المقابل فقد شكك ” المعهد الامريكي للمحاسبين العموميين المرخص لهم ” American Institute of Certified Public Accountants (AICPA) في المخاطر الإئتمانية التي تنجم عن بيوع الأصول عن طريق المشاركة الفرعية مؤكدا أنه لا ينبغي استنتاج وجود هذه المخاطر من مجرد التأخر في الوفاء Default أو الادعاء الكاذب Misrepresentation بعدم الملاءة وإنما يتعين ان يعكس واقع الحال ذلك بحيث يثبت وقوع المدين في ضائقة مالية ويمثل رد فعله كعميل في مواجهة البنك البادئ للتوريق ( البنك البائع ) ” تغييرا مناقضا بشكل جوهري ” Material Adverse Change لممارسته السابقة مع هذا البنك ( ).

د.حسين فتحي عثمان