دراسة و بحث حول مفهوم القانون الجنائي الدولي اواعه و مصادره

القانون الجنائي الدولي

(( مفهوم القانون الجنائي الدولي ومصادره-المسؤولية الجنائية الدولية –الجريمة الدولية و أنواعها –نظام تسليم المجرمين – القضاء الجنائي الدولي ))

مقدمه

على مدى طويل تعاونت مجموعة من فقهاء القانون لوضع تقسيم واضح يبين من خلاله أفرع القانون المختلفة، كانت البداية من نصيب الفقهاء التقليديين الذين قسموا القانون إلى قسم خاص وآخر عام . أما الفقهاء الحديثون فقد قسموا القانون إلى قانون داخلي وآخر دولي، ومن الأخير أفرزوا القانون الجنائي الدولي ، القانون الذي شطر الفقهاء إلى شطرين ، شطر يسميه القانون الدولي الجنائي وآخر يسميه القانون الجنائي الدولي، نحن من خلال هذه الدراسة سنأخذ بتسمية القانون الجنائي الدولي متبعين مفهوم الفقه الأنجلوسكسوني.

في هذه الدراسة سنتحدث عن القانون الجنائي الدولي بعرض خلاصة ماتوصل اليه الفقهاء من اراء حوله بالاضافة الى ما جاء في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وبذلك سيكون موضوعنا على النحو التالي:
الفصل الأول: مفهوم القانون الجنائي الدولي ومصادره
الفصل الثاني: المسئولية الجنائية الدولية
الفصل الثالث: الجريمة الدولية وأنواعها
الفصل الرابع: نظام تسليم المجرمين
الفصل الخامس: القضاء الجنائي الدولي

الفصل الأول: مفهوم القانون الجنائي الدولي ومصادره

ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين:

المبحث الأول: مفهوم القانون الجنائي الدولي
المبحث الثاني: مصادر القانون الجنائي الدولي

المبحث الأول: مفهوم القانون الجنائي الدولي

عزمت الدول منذ القدم على إقامة العلاقات فيما بينها بل دأبت دوماً على تعزيزها والبذل من أجل ازدهارها إلا ان لكل شيء في العالم إيجابياته وسلبياته ، فتكونت مع مرور الزمن فترات توتر وأزمات بين الدول الأمر الذي دفعها إلى التفاقم حتى قامت الحروب والأزمات وساد منطق القوة على بعض العلاقات الدولية فأورث البشرية الخسائر والويلات ، والحروب وما يلحق بها من أحداث قتل وتدمير وتخريب لم تقتصر على زمن من الأزمان أو حقبة من الحقبات بل استمرت معها الانتهاكات الجسيمة للبشرية جمعاء مولدة أزمات جديدة ، الأمر الذي دفع نخبة من البشر للعمل على الحد من هذه الحروب ووضع نظام يحاسب مجرميها .
من هنا ظهرت أهمية القانون الجنائي الدولي على اعتبار أنه قانون يوقع العقوبة على منتهكي النظام العام الدولي في أشد صور الانتهاك من حيث الجسامة ، حيث أن القانون لا يحاسب فقط على قتل إنسان أو إصابته بل هو قانون يعمل على محاسبة الجرائم التي تتمثل في الحرب وما يحدث فيها من فظائع ضد الإنسانية مثل إبادة جنس بشري معين ، أو تدمير البيئة الطبيعية أو تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين أو ضد مواقع لا تشكل أهدافاً عسكرية أو قتل المقاتل الذي يسلم سلاحه ويستسلم مختار أو استخدام الأسلحة السامة الضارة .

إذا السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما هو القانون الجنائي الدولي ؟ أي ما تعريفه ومفهومه ؟
اجتهد العديد من فقهاء القانون على وضع تعاريف عديدة يوضحون من خلالها المقصود بالقانون الجنائي الدولي ، فاتفقت مجموعة منهم على أن القانون الجنائي الدولي هو (( القواعد القانونية الناشئة عن المعاهدات الخاصة بالمساعدات الدولية في شأن تطبيق النصوص الجنائية الوطنية ، مثال القواعد الخاصة بتسليم المجرمين وتنفيذ الأحكام الأجنبية ، والإنابات القضائية ، كاستجواب متهم أو شاهد أو ضابط هارب )) ( )

إلا أننا نرى أن مثل هذا التعريف يعتبر تعريفاً ضيقاً للمفهوم الحقيقي للقانون الجنائي الدولي وذلك يعود إلى أن التعريف السابق يركز على المجرمين العاديين أي الذين يقومون بجرائم تسري عليها من حيث الأصل قواعد القانون الداخلي (قانون الدولة) ويدخل فيها اختصاص القانون الدولي عند هروب المتهم أو فراره فيتم إعمال المعاهدة التي دخلت بها الدولة التي تسعى للإمساك بالمتهم وكما أسلفنا سابقاً أن حاجة للقانون الجنائي الدولي ظهرت للحد من الانتهاكات التي تحصل في الحروب كقتل المقاتل المستسلم اختيارا أو استعمال الأسلحة السامة أو إبادة جنس معين من البشر أو بمعنى أصح أن هذا التعريف لا يتعرض للانتهاكات الجسيمة أو الخطيرة على الجنس البشري بل على مجرم فار من العدالة .
وبالتالي فإن انتقادنا لهذا التعريف هو أنه تعريف يركز على إتاحة الفرصة لتطبيق القانون الوطني تطبيقاً فاعلاً ومنتجاً أي لا يتناول تنظيم الجرائم الدولية .
هذا التعريف دفع فريقاً من الفقهاء إلى وضع تعريف آخر وهو ((القواعد القانونية التي قررتها بعض المعاهدات في شأن الجرائم ذات الخطورة التي لا تقتصر على دولة واحدة ، وإنما تمتد إلى عدد من الدول بالنظر إلى كون مرتكبيها أعضاء في عصابات دولية تباشر نشاطها في أقاليم دول مختلفة ، مثال ذلك جرائم الاتجار في الرقيق وتهريب المخدرات ، وجرائم تزييف العملة والمسكوكات ، وجرائم الاتجار في النساء والأطفال من أجل الفجور والدعارة )) ( )
يتناول هذا التعريف الجرائم التي ترد عادة في نصوص القانون الجنائي الدولي أي القانون الوطني الداخلي للدولة فهو يعالج جرائم ينص عليها القانون والتعريف يحاول أن يسهل من إعمال قواعد القانون الوطني وبالتالي فانه لا يعد صحيحا إطلاق صفة القانون الجنائي الدولي على هذه الطائفة من الجرائم بالمعنى الذي نسعى إليه في هذه الدراسة نعم يمكن أن تصبح هذه الجرائم جرائم دولية عند توافر شروط معينة مثال ان يحدث فعل ضار لدولة اخرى كمسألة من مسائل القانون الدولي الخاص ولكن ذلك لا يعني أنه تعريف موضح لمفهوم القانون الجنائي الدولي .
إلا أن التعريف الأقرب للصحة هو تعريف الفقيه (Graven) حين قال: (هو مجموعة من القواعد القانونية المعترف بها في العلاقات الدولية والتي يكون الغرض منها حماية النظام الاجتماعي الدولي بالمعاقبة على الأفعال التي تتضمن اعتداء عليه) ( )
إذا يمكن لنا تعريف القانون الجنائي الدولي على انه:
القواعد القانونية المحددة للأفعال التي تعد جرائما دولية والموضحة للجزاءات الجنائية المستحقة على مرتكبيها والمعتمدة في نطاق العلاقات الدولية.
من التعريف نستطيع أن نستشف أن القاعدة القانونية حتى نتعرف عليها ونصنفها على أنها قاعدة تنظم مسالة من مسائل القانون الجنائي الدولي فإنها لابد وان تتمتع بخاصتين هما:

1. الخاصية الجنائية.
2. الخاصية الدولية.
والآتي الحديث عن كل منهما:

-1- (الخاصية الجنائية)

لا يغيب عن ذهن أي فقيه أو باحث في الحقل الجنائي المبدأ الأساسي لأي تشريع جنائي وهو مبدأ المشروعية القاضي بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني أي أن الفعل لا يدخل تحت طائلة التجريم إلا ان كان مجرما فعلا والأمر سيان في العقوبة حيث أنه لا يجوز أن توقع أية عقوبة من غير أن يكون لها سند من نص القانون .
وعليه فإن القاعدة يجب وأن تحمل خاصية تحديد الجريمة والنص على جزاء من يرتكب الجريمة .
وبمعنى أصح فانه يقصد بمبدأ المشروعية وجوب النص على الجريمة وعلى عقابها في القانون ، فالقانون يتولى مهمة ايضاح السلوكيات التي تعتبر جرائم وهو الذي يحدد العقوبات التي توقع على مرتكبيها.
ومن مسؤوليتنا أن نوضح أن الشريعة الاسلامية الغراء قد سبقت القوانين الوضعية في تقرير هذا المبدأ منذ مايقارب الأربعة عشر قرنا من الزمان ، قال سبحانه وتعالى في سورة القصص الآية 59 : (( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا )) وفي سورة الاسراء الآية 15 قال تعالى : (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) و قال سبحانه : ((لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) . هذه الآيات العظيمة التي وردت في مواطن مختلفة من سور القرآن الكريم تبين لنا حال الناس قبل ارسال الرسل وحالهم بعد ارسال الرسل فالله سبحانه وتعالى يوضح للناس رحمته على عدم محاسبة الناس في الاعمال التي لايعرفون ان كانت آثمة أم جائزة حتى يرسل اليهم رسله ويبين لهم الصواب وعند العلم تتم المحاسبه والحال نفسه عندنا في القوانين والتشريعات الحديثة ان لا جريمة و لا عقوبة الا بنص القانون عليها ، وهذه الآيات الكريمة قد تفرع منها قواعد أصولية عديدة تؤكد مبدأ الشرعية مثل القاعدة الشرعية (( لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص )) وتعني أن افعال المكلف لا يمكن وصفها بأنها محرمة ما لم يرد نص يقضي بتحريمها .

-2- (الخاصية الدولية)

ينبغي لمعرفة هذه الخصيصة الإلمام بأمر هام وهو عدم الخلط بين القواعد الخاصة بالقانون الجنائي الدولي وقواعد القانون الدولي الخاص حيث أن الأخيرة تتناول مواضيع تنازع القوانين الوطنية للدول ولا تركز في نصوصها على تجريم الأفعال بل مهمتها قاصرة على تنظيم الاجراءات حسب موضوع كل نزاع، الا انه في حال ما إذا نشأت مشكلة حول جريمة دولية فإن مسألة تنظيم الإجراءات التالية لوقوع الجريمة الدولية يندرج تحت نطاق قواعد القانون الجنائي الدولي فهي قواعد لها جوانب شكلية وأخرى موضوعية أي بمعنى أوضح أن الجريمة الدولية هي أساس الموضوع في القانون الجنائي الدولي .
وكذلك ينبغي عدم الخلط بين القانون الدولي العام والقانون الجنائي الدولي وذلك لان الدولية في الأول تنحصر في العلاقات الدولية بينما الدولية في الثاني تتجاوز الحد الذي يتوقف عنده القانون الدولي العام ليكون هناك الفرد الذي أما يكون جانيا أو مجنيا عليه.
بعد أن عرفنا القانون الجنائي الدولي بأنه القواعد القانونية المحددة للأفعال التي تعد جرائماً دولية والموضحة للجزاءات الجنائية المستحقة على مرتكبيها والمعتمدة في نطاق العلاقات الدولية، وأن القاعدة القانونية حتى تكون منظمة للقانون الجنائي الدولي يجب أن تتسم بخاصتين الجنائية والدولية فإنه يلزم علينا التعرف على أهداف هذا القانون .

(أهداف القانون الجنائي الدولي)

المصالح المشتركة لأعضاء المجتمع الدولي كانت ولا تزال محط اهتمام من قبل حماة المجتمع الدولي ، هذه المصالح جاء ذكرها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مثل تجريم الإبادة الجماعية التي تهدف إلى إنهاء نسل طائفة معينة مثال ذلك ما قام به الصرب ضد المسلمين في البوسنة والهرسك من عمليات أطلقوا عليها عمليات التطهير العرقي أو ما قام به هتلر النازية من وضع الطائفة اليهودية بأفران حرارية وتركهم للموت أو ما قام به الطاغية المخلوع صدام حسين من إطلاق السلاح الكيميائي على الأكراد فهذه المصلحة (( تحريم الإبادة الجماعية)) تعني (( أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه هلاكاً كلياً أو جزئياً :ـ

‌أ) قتل أفراد الجماعة .
‌ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة .
‌ج) إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً .
‌د) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة .
‌ه) نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى . ))( )

وكذلك عد من قبيل مصالح المجتمع الدولي احترام قواعد الحرب المتعارف عليها ( ) وعدم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية مثل ما يحدث من إبعاد لسكان القرى والمناطق الفلسطينية الأصليين وإخراجهم قسراً وبالقوة من قبل القوات الإسرائيلية ، وكذلك ما قام به النظام العراقي البائد من إخراج عدد من المواطنين الكويتيين من منازلهم وتحويلها إلى ثكنات عسكرية وسط الأحياء المدنية ((مخالفة البند (د) من المادة (7) النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)) ، ويدخل في إطار الجرائم ضد الإنسانية ما تقوم به القوات الأمريكية لمعتقلي جوانتانامو من حرمان شديد للحرية البدنية كتكبيل اليدين والأرجل وتغطية الأعين ووضعهم في سجون تحت نوع خاص من الأشعة ((مخالفة البند (هـ) من المادة (7) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)) .
بهذه الانتهاكات والجرائم يأتي القانون الجنائي الدولي لوضع جزاء عادل يتناسب مع جسامة الفعل المرتكب حتى يحقق الهدف الأساسي من القانون وهو تعزيز مفهوم العدالة في المجتمع الدولي .
يتضح جلياُ أن القانون الجنائي الدولي يهدف إلى الوقاية من الجرائم، والوقاية تتوفر عن طريق نصوص المحكمة الجنائية الدولية التي تدفع أعضاء المجتمع الدولي إلى الابتعاد عن ارتكاب الجرائم المنصوص عليها والتي يهدف القانون إلى تجريمها ، في تحقيق هذا الدور الوقائي .

(المبحث الثاني): مصادر القانون الجنائي الدولي

يقصد بمصادر القانون الجنائي الدولي : المنابع التي تستقي منها القاعدة القانونية أساسها ومنشأها وبها ترسم حدودها .
والمصادر نوعان :
1. مصادر رئيسية .
2. مصادر ثانوية .

1- المصادر الرئيسية :

ورد في المادة (21) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ترتيب المصادر إلى مقامات مقسمة على بنود حيث جاء في البند الأول من النظام الأساسي للمحكمة نفسها وقواعد الإثبات الخاصة فيها ثم البند الثاني المعاهدات واجبة التطبيق ومبادئ القانون الدولي وقواعده بما فيها تلك المتعلقة بالنزاعات المسلحة (الحرب) .
ويلي البند الثاني البند الثالث المبادئ القانونية المستخلصة من القوانين الوطنية على ألا تتعارض مع نظام المحكمة الأساسي .
وعليه فإن المصادر الأساسية تشمل :ـ

1- النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
2- المعاهدات المواثيق الدولية .
3- مبادئ القانون الدولي وقواعده .

-1- ( النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية )

مثلما ذكرنا في المبحث السابق من أن القانون الجنائي الدولي يتمتع بخاصيتين أحدهما الخاصية الجنائية والتي تحوي على مبدأ المشروعية والذي يعني أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص القانون ، والقانون الجنائي الدولي وضح لنا الجريمة وأنواعها في نصوصه ووضح لنا العقوبات المترتبة على إرتكابها وبالفعل جاء في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ما يؤكد على مبدأ لا جريمة إلا بنص ((لا يسأل الشخص جنائياً بموجب هذا النظام الأساسي ما لم يشكل السلوك المعني وقت وقوعه جريمة تدخل في اختصاص المحكمة)) ( )
وجاء كذلك تعزيز مبدأ لا عقوبة إلا بنص (( لا يعاقب أي شخص إدانته المحكمة إلا وفقاً لهذا النظام الأساسي)) ( )

– 2 – (المعاهدات والمواثيق الدولية)

تأتي المعاهدات والمواثيق الدولية في ثاني المصادر الرئيسية والمعاهدات (( تعني اتفاق دولي يعقد بين دولتين أو أكثر كتابة ويخضع للقانون الدولي سواء تم في وثيقة أو أكثر وأياً كانت التسمية التي تطلق عليها)) ( )
وتنقسم المعاهدات إلى نوعين :ـ

1. النوع الأول :ـ
المعاهدات التي تعقد بين دولتين أو أكثر في أمر متعلق بها وهي لا تلزم غير الأطراف الموقعين عليها . ( )
2. النوع الثاني :ـ
المعاهدات التي تعقد بين عدد غير محدد من الدول في أمور تعنيهم جميعاً وتهمهم ويقرر النظام الأساسي للمحكمة فيما إذا كانت المعاهدات التي تطبقها المحكمة هي معاهدات واجبة التطبيق أو العكس ، ويعني بالمعاهدات واجبة التطبيق هي التي تتضمن قواعد خاصة بالقانون الجنائي الدولي .
والجدير بالذكر أن القواعد التي تحكم إبرام المعاهدات الدولية وتحديد ما يترتب عليها من آثار تضمنتها اتفاقية فيينا الخاصة بقانون المعاهدات الدولية لعام 1969م والتي دخلت حيز النفاذ عام 1980م.

– 3 – (مبادئ القانون الدولي وقواعده )

اعتبر النظام الأساسي مبادئ القانون الدولي وقواعده مصدراً رئيسياً من مصادر القانون الجنائي الدولي ، مما يؤكد الصلة الوثيقة بين القانونين ، ومبادئ القانون الدولي وقواعده يستوي فيها أن تكون مكتوبة أو غير مكتوبة ، وفي هذا الجانب يبرز دور العرف بين مصادر القانون الجنائي الدولي ، فغالبية مبادئ القانون الدولي وقواعده مصدرها العرف ، وما نص عليه النظام الأساسي من مصادر أساسية (المعاهدات والمواثيق الدولية) ثم تلاها بمبادئ القانون الدولي وقواعده فإنه يعني من ذلك المبادئ والقواعد التي لم تركز في المعاهدات ، إن المبادئ المستخلصة من العرف الدولي باعتباره أحد أهم مصادر القانون الدولي في قواعده غير المكتوبة .
تشمل المبادئ المقررة في القانون الدولي للمنازعات المسلحة وتعني تلك المبادئ التي تتضمنها قوانين الحرب وأعرافها ، والغاية من تحديد هذه القواعد تعود إلى المبادئ والقواعد الخاصة بتحديد مفهوم العدوان ، والأفعال التي تتحقق بها جريمة الحرب العدوانية.

2- المصادر الثانوية :

المصادر الثانوية الوارد ذكرها في النظام الأساسي هي : المبادئ القانونية العامة ، ومبادئ القانون المستمدة من المحاكم الدولية ، والعرف الدولي .

– 1 – (المبادئ القانونية العامة)

تعرف هذه المبادئ بأنها المبادئ الأساسية التي تعتمد عليها مختلف الأنظمة القانونية في عدد من الدول. ولا يعني ذلك أن تكون المبادئ قاصرة للتطبيق على الأفراد وعلاقاتهم بل يسري تطبيقها على العلاقات الدولية.
وفي حقيقة الأمر يتم اللجوء إلى هذه المبادئ عند عجز المصادر الأصلية سابقة الذكر وحول هذا المعنى جاء في ميثاق روما شروط اللجوء إلى هذه المبادئ.

1- “أن تكون هذه المبادئ مستخلصة من القوانين الوطنية للنظم القانونية في العالم، بما في ذلك القوانين الوطنية للدول التي تكون لها ولاية على الجريمة.
2- ألا نتعارض هذه المبادئ مع النظام الأساسي ولا مع القانون الدولي ولا مع القواعد والمعايير المعترف بها دولياً.
3- أن تكون هذه المبادئ متسقة مع حقوق الإنسان المعترف بها دولياً، وألا يترتب على تطبيقها أي تمييز بين الأفراد.”*

-2- ( مبادئ القانون المستمدة من المحاكمة الدولية )

يعني بالمبادئ القانونية المستمدة من قبل المحاكم الدولية تلك الآراء الفقهية التي يدلي بها فقهاء القانون وشراحة أو الأحكام التي تصدرها المحاكم المختلفة في شتى دول العالم، وتعتبر مصادر ثانوية استثنائية يتم اللجوء إليها على وجه الاستدلال.
وفي هذا الخصوص ورد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة توضيح بشأن الأخذ بآراء المحاكم حيث قصرت على الآراء التي تصدرها المحكمة نفسها “الجنائية الدولية الدائمة”.

-3- ( العرف الدولي)

لا يعد العرف مصدراً يتم تنفيذ العقاب بموجبه لأن للقانون الجنائي الدولي خاصية جنائية تقضي بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص من القانون كما نوهنا سابقاً وورد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية توضيح تمسكها بمبدأ المشروعية القاضي بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني “المادة 23” والمادة “23”.
بالنسبة للمادة “22” جاء في الفقرة الأولى “لا يسأل الشخص جنائياً…. ما لم يشكل السلوك المعنى وقت وقوعه جريمة تدخل في اختصاص المحكمة” ثم ورد في النظام الأساسي المادة (23) لا يعاقب أي شخص أدانته المحكمة إلا وفقاً لهذا النظام الأساسي.
إلا أن عدداً لا يستهان به من الفقهاء الغربيين وبالذات المحدثين منهم لم ينكروا العرف كمصدر في أمور متعلقة بالعلاقات الدولية، فهم قصروه في هذا الحيز لا على حيز العقوبة أو التجريم توافقاً مع الأديان السماوية والأخلاق الإنسانية والمنطق السليم.

ملخص الفصل الأول:

تعريف القانون الجنائي الدولي :

القواعد القانونية المحددة للأفعال التي تعد جرائما دولية والموضحة للجزاءات الجنائية المستحقة على مرتكبيها والمعتمدة في نطاق العلاقات الدولية.

مصادر القانون الجنائي الدولي :

مصادر رئيسية
(النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
المعاهدات المواثيق الدولية .
مبادئ القانون الدولي وقواعده .)

مصادر ثانوية

(المباديء القانونية العامة _ احكام المحاكم – العرف الدولي )

الفصل الثاني: المسؤولية الجنائية الدولية

نتحدث في المبحث الأول من هذا الفصل عن فكرة المسئولية الدولية وأنواعها والذي نقسمه إلى مطلبين:
المطلب الأول: تعريف المسئولية الدولية.
المطلب الثاني: أنواع المسئولية الدولية
ثم نتحدث عن المسئولية الجنائية الدولية في المبحث الثاني والذي سيقسم إلى مطلبين :
المطلب الأول: المسئولية الجنائية الدولية للفرد الطبيعي
المطلب الثاني: المسئولية الجنائية الدولية للدولة

المبحث الأول: فكرة المسؤولية الدولية

من الواجب أن نتعرض لفكرة المسئولية الدولية قبل الخوض في المسئولية الجنائية الدولية.
ينقسم هدا المبحث الى مطلبين :

المطلب الأول : تعريف المسؤولية الدولية
المطلب الثاني : انواع المسؤولية الدولية

المطلب الأول تعريف المسئولية الدولية

عرفت المسئولية الدولية بعدة تعاريف من قبل فقهاء القانون الدولي، وسوف نستعرض لكم بعض التعاريف محاولين من خلالها التقريب بين وجهات النظر المختلفة لوضع تعريف جامع للمسئولية الدولية.

اتفاقية لاهاي:

ورد في اتفاقية لاهاي تبيان خاص للمسئولية الدولية: “الدولة التي تخل بأحكام هذه الاتفاقية تلتزم بالتعويض إن كان لذلك محل وتكون مسئولية عن كل الأفعال التي تقع من أي فرد من أفراد قواتها المسلحة” فهذه المادة تبين كيف تقوم المسئولية الدولية وما يترتب على قيامها.

تعريف معهد القانون الدولي :

“تسأل الدولة عن كل فعل أو امتناع يتنافى مع التزاماتها الدولية أياً كانت سلطة الدولة التي أتته تأسيسية كانت أو قضائية أو تنفيذية”

تعريف لجنة التحكيم في قضية نير:

‌أ) “تتحمل الدولة المسئولية الدولية إذا فشل أحد أعضاء هيئاتها في تنفيذ الالتزامات الدولية الملقاة على عاتق الدولة وسبب ضرراً لأشخاص وأموال الأجانب في أقليمها”.
‌ب) المسئولية الدولية تعني الواجب في أداء التعويض الذي ينتج عن الفشل في الاذعان للالتزامات الدولية.
‌ج) تسأل الدولة عندما يقع على عاتقها واجب في التعويض لصالح دولة أخرى عن ضرر تحملته الأخيرة نتيجة لضرر أصاب أحد
رعاياها.”

تعريف الجمعية اليابانية للقانون الدولي:

“تسأل الدولة عن الأضرار التي يتحملها الأجانب في أشخاصهم أو ممتلكاتهم نتيجة أفعال عمدية أو امتناع عن القيام بأفعال يجب القيام بها، من قبل موظفي سلطاتها أثناء تأديتهم لواجباتهم الوظيفية إذا كانت الأفعال، أو الامتناع عنها ناتجة عن انتهاك لواجب دولي يقع على عاتق الدولة التي تتبعها السلطات المذكورة”

تعريف جامعة هارفارد :

“تسأل الدولة دولياً عن الأعمال أو الامتناع التي تنسب إليها وتسبب ضرراً للأجانب، ويقع واجباً عليها إصلاح الضرر الذي أصاب الأجنبي مباشرة أو لمن يخلفه أو قبل الدولة التي تطالب به”

تعريف لجنة القانون الدولي لدول أمريكا اللاتينية :

1- “لا يجوز التدخل لحمل الدول على تنفيذ التزاماتها الدولية (المبدأ الأول).
2- لا تسأل الدولة عن الأفعال أو الامتناع فيما يتعلق بالأجانب باستثناء الحالات المشابهة التي تسأل الدولة فيها عن أفعال أو امتناع رعاياها طبقاً لقوانينها (المبدأ الثاني).
3- لا يجوز اللجوء إلى القوة العسكرية لتحصيل الديون العقدية مهما كان الوضع (المبدأ الثالث).
4- لا تسأل الدولة عن الأضرار التي تلحق بالأجانب نتيجة أعمال شغب أو ثورة سياسية أو اجتماعية إلا في حالة خطأ سلطاتها (المبدأ الخامس).
5- لا تعتبر نظرية المخاطر أساساً للمسئولية الدولية (المبدأ السادس).
6- الدولة التي تسأل عن حرب عدوانية تكون مسئولة عن الأضرار التي تنشأ عن ذلك (المبدأ السابع).”

تعريف الجمعية الألمانية للقانون الدولي:

“تسأل الدولة من قبل الدول الأخرى عن الأضرار التي تصيب الأجانب في إقليمها عند انتهاكها لإلتزاماتها الدولية تجاه هذه الدول”

تعريف (دي فيشي):

“فكرة واقعية تقوم على إلتزام الدولة بإصلاح النتائج المترتبة على عمل غير مشروع منسوب إليها”

تعريف الأستاذ الدكتور/ محمد حافظ غانم:

“المسئولية الدولية تترتب قبل الدولة وقبل أي من أشخاص القانون الدولي إذا ما أتى ذلك الشخص أمراً يستوجب المؤاخذة وفقاً للمبادئ والقواعد القانونية السائدة في المجتمع الدولي” .

تعريف الفقيه (روث):

“تسأل الدولة عن الأعمال المخالفة لقواعد القانون الدولي من قبل الأفراد أو النقابات التي يعهد إليها في القيام بالوظائف العامة، إذا ثبت أن هذه الأعمال تدخل في النطاق العام للسلطة الدولية القضائية” .

تعريف الدكتور حامد سلطان :

“تنشأ في حالة الإخلال بالتزام دولي ـ رابطة قانونية جديدة بين الشخص القانوني الذي أخل بالتزامه أو امتنع عن الوفاء به والشخص القانوني الذي حدث الإخلال في مواجهته، ويترتب على نشوء هذه الرابطة الجديدة أن يلتزم الشخص القانوني الذي أخل بالتزامه أو امتنع عن الوفاء به والشخص القانوني الذي حدث الإخلال في مواجهته، ويترتب على نشوء هذه الرابطة الجديدة أن يلتزم الشخص القانوني الذي أخل بالتزامه أو امتنع عن الوفاء به بإزالة ما ترتب على إخلاله من النتائج كما يحق للشخص القانوني الذي حدث الإخلال أو عدم الوفاء بالالتزام في مواجهته بالتعويض، وهذه الرابطة القانونية بين من أخل بالالتزام ومن حدث الإخلال في مواجهته هي الأثر الوحيد الذي يترتب في دائرة القانون الدولي على عدم الوفاء بالالتزام الدولي”

تعريف الفقيه (روسو):

“وضع قانوني بمقتضاه تلتزم الدولة المنسوب إليها ارتكاب عمل غير مشروع وفقاً للقانون الدولي بتعويض الدولة التي وقع هذا العمل في مواجهتها” .
من خلال إستعراضنا للتعاريف السابقة يمكن لنا أن نعرف المسئولية الدولية على أنها:
تلك المسئولية التي تترتب قبل شخص من أشخاص القانون الدولي جراء قيامه بفعل (إيجابي أو سلبي) غير مشروع دولياً من شأنه إحداث ضرر بشخص آخر مما يحمل الأول إلتزام بالتعويض عن هذا الضرر شريطة أن يكون الفعل منسوب إلى الشخص الأول.

المطلب الثاني: أنواع المسئولية الدولية

سوف نقسم هذا المطلب إلى ثلاثة أفرع كالآتي :

الفرع الأول : مسئولية الأفراد الطبيعيين
الفرع الثاني: مسئولية المنظمات الدولية والإقليمية
الفرع الثالث: مسئولية الدولة

الفرع الأول: مسئولية الأفراد الطبيعيين

إن موضوع المسئولية الدولية للفرد متشعب إلى عدة آراء من هذه الآراء:
رأي يقول بأن الفرد يعتبر شخص من أشخاص القانون الدولي العام، ويستند هذا الرأي إلى أن القانون الدولي يرتب على الفرد واجبات ويمنحه حقوق كعدم الإتجار بالرقيق وعليه فإنه يسأل”
وأما الرأي الآخر فهو لا يعترف للفرد بأنه شخص من أشخاص القانون الدولي، وسند هذا الرأي إلى أن الحقوق التي يكفلها القانون الدولي للأفراد لا تدخل حيز النفاذ إلا عند إقرار الدولة لها.
“والرأي الثالث يرى بأن الفرد شخص غير مباشر للقانون الدولي العام لأن الدولة موجودة لأجل الفرد تعمل لمصلحته والمجتمع الدولي عبارة عن مجموعة من الدول والدول مجموعة من الأفراد وبالتالي فإن الفرد يتمتع بحقوق ويتحمل إلتزامات وهو شخص غير ظاهر، والدولة هي الشخصية الدولية وليس الفرد.”
والرأي الذي أميل إليه هو الرأي الأول لأنه من غير المتصور أن نكون أمام قانون جنائي دولي يتسم في شقه الجنائي على مبدأ هام وهو شخصية العقوبة وعليه فإنه يجب أن يساءل كل من قام بالعمل غير المشروع عن فعله.

الفرع الثاني: مسئولية المنظمات

(الدولية ـ الإقليمية)
يعترف العديد من الفقهاء بالشخصية القانونية للمنظمات الدولية مما يحملها الأهلية التي بموجبها تساءل دولياً.
حين قال أحد أصحاب هذا الرأي:
“أن غالبية الفقهاء، وخاصة المحدثين منهم، تعترف للمنظمات الدولية بالشخصية القانونية لا سيما بعد تواتر دساتير هذه المنظمات على النص عليها. إلا أن البعض حاول أن يحد من آثاره الشخصية بقدر تمتع هذه المنظمات بالأهلية القانونية دون الشخصية القانونية، أو يحاول قصرها على بعض المنظمات الدولية، فيقرر أنها لا تثبت إلا للمنظمات الدولية التي تملك تكوين الإرادة الدولية الشارعة، أو تلك التي تصدر بالأغلبية وليس بالإجماع” .
إلا أن فريقاً من آخر من الفقهاء خالفهم الرأي حين ذهب رأي إلى أن “المنظمة لا يكون لها وجود إلا في علاقاتها مع الدول التي وقعت وصدقت أو إنضمت إلى دستورها”
بل أن رأياً آخر توسع في الموضوع بشكل أوسع حين ذهب إلى التفرقة بين حالتين فيما يتعلق بالتعويض عن الأضرار التي تلحق ممثلي الأمم المتحدة:

“الحالة الأولى: الموظفون الذين يتم اختيارهم دون النظر إلى جنسياتهم وهؤلاء يجوز للمنظمة الدولية المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم.
الحالة الثانية: الموظفون الذين يتم اختيارهم بالنظر إلى جنسياتهم فهؤلاء تطالب دولهم التي ينتمون إلى جنسياتها بالتعويض عن الأضرار التي أصابتهم” .
وبالنسبة للمنظمات الإقليمية التي وضحت المادة (52) من ميثاق الأمم المتحدة مهامها على أنها:
“تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
يبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات الإقليمية وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن” .
نستدل من هذه المادة دور المنظمة الإقليمية الهامة في حل المنازعات بالطرق والوسائل السلمية، الأمر الذي يفتح أمام هذه المنظمات باب الاجتهاد الذي قد يصيب أو يخطأ ومما لا شك فيه فإن مسئوليتها تقوم عند حدوث الخطأ.
بل إن محكمة العدل الدولية ذكرت في رأيها الاستشاري “أن أهداف المنظمات الإقليمية أهداف تستحق أن يعترف لمثل هذه المنظمات بقدر من الشخصية الدولية في نطاق المسئولية الدولية وخاصة بعد أن دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة جامعة الدول العربية لحضور دوراتها مما يزيد من أهمية دور المنظمات الإقليمية”

الفرع الثالث: مسئولية الدولة

مفهوم الدولة:

قال تعالى: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله والرسول ولذى القربى واليتامي والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم” ، تبين لنا الآية الكريمة لفظ “دولة التي وردت بالضم وتعني “الشئ، المتداول” أي أنه قابل للتداول والانتقال من شخص إلى آخر أو جماعة إلى جماعة أخرى ، فنستشف من الشئ المتداول الذي ورد ذكره في الآية الكريمة وهي دولة بالضم حال الدولة التي قد تنتقل من قيادة على قيادة أخرى أو من حاكم إلى حاكم آخر.
والجدير بالذكر أن لفظ “دولة” بالضم لم يرد في القرآن الكريم غير مرة واحدة كما يبين لنا الشراح والفقهاء من أهل العلم الشرعي في الآية آنفة الذكر كما ذكروا في دراسات عديدة أن لفظ “دولة” بالفتح لم يرد في القرآن الكريم أبداً بل أوضحوا أن لفظ “دولة” بالفتح استخدم بألفاظ أخرى تبين معناها كقوله تعالى: {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها} وتبين الآية الكريمة ما قالته ملكة سبأ عند ما حاورت قومها والملكة سبأ يشهد المؤرخون بمملكتها التي كانت تتمتع بمقومات الدولة “كما سنذكرها بعد قليل”، وبالتالي فإن لفظ “القرية” يسير أو يبين لنا لفظ “دولة” بالفتح الدارجة اليوم.
من خلال الآيات القرآنية السابقة الذكر يتضح أن القرآن الكريم قد بين لنا مفهوم الدولة بضرب المثال على مملكة سبأ التي كانت تتمتع بمقومات الدولة، إلا أن ديننا الإسلامي لم يشرح لنا مفهوم الدولة بالقرآن الكريم فقط بل من خلال التاريخ الإسلامي الزاخر بالتفاصيل والأمثلة الواضحة على شرح مفهوم الدولة كالمدينة المنورة عندما هاجر إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد بنى فيها اللبنات الأساسية للدولة من مراكز عسكرية وإجتماعية وثقافية وتوافر فيها الشعب وهم المهاجرين والأنصار والسلطة التي تتمثل بقيادته صلى الله عليه وسلم ورجوع المسلمين إليه والإقليم المتمثل بالمدينة المنورة*.
ولا يغيب عن أذهاننا المراحل التالية لحقبة الرسول صلى الله عليه وسلم من دولة الخلفاء الأربعة والدولة الأموية وتليها العباسية وحتى العثمانية فكلها كانت دول.

إلا أننا وإن أردنا التركيز بشكل أعمق أو مفصل أكثر فإننا ننتقل إلى اللغات الأوروبية وذلك لارتباط قوانينا “الدول العربية” بها ربما لرغبة جامعة نحو مواكبة العصر الذي نعيشه كما كان سائد في أفكار تلك الفترة للأسف مع إن الشريعة الإسلامية ما هي إلا شريعة خالدة متجددة يمكن استعمالها بسهولة ويسر في كل زمان ومكان.
نعلم أن اللغات الأوروبية عديدة إلا أنها اشتقت مفهوم الدولة من الكلمة اللاتينية Status التي تعني استقرار وضع ما، حتى أدخل اللفظ إلى لغات أوروبية عديدة.*.
وبالتالي فإن اللغات الأوروبية على نقيض اللغة العربية تتمتع بقواعد لغوية مختصرة كما أن علامات التنوين وغيرها بالكاد تكتب بل هي قليلة ولا تشترك بها معظم لغاتهم الأوروبية وعليه فإن كلمة الاستقرار في وضع ما يمكن حمل تفسيرها إلى عدة معاني فهي توحي باستقرار جماعة من الناس والاستقرار لابد وأن يكون على حيز مادي وهو الإقليم “عندنا في القانون” أي توافر كل من المقوم الأول والثاني “الشعب والإقليم”.

وكذلك يمكن أن نستوعب بداهة الإستقرار الذي لا يتحقق إلا بوجود سلطة والسلطة هي التي بدورها تعمل على الموازنة بين الأمور حتى تحقق لنا الاستقرار، وبذلك “الاستقرار في وضع ما” “Status” قد يحمل نا هذه المعاني الثلاثة الشعبة والإقليم والسلطة.
وفي الحقيقة عند البحث في المراجع القانونية الغربية نجد أن المادة الأولى من اتفاقية “مونتيفيدو” الموقعة عام 1933م قد تعرضت إلى مفهوم الدولة حين جاء فيها “الدولة كشخص من أشخاص القانون الدولي يجب أن يتوافر لها الأركان التالية: شعب دائم وإقليم محدد وحكومة أهلية للدخول في علاقات مع الدول الأخرى”.
تتفق هذه المادة مع ما ذكرناه عن لفظ الدولة في اللغات الأوروبية والألفاظ الدالة على مقومات الدولة في القرآن الكريم وعليه فإنه حتى نضع مفهوم واضح للدولة فلابد من توافر العناصر الثلاثة الشعب والإقليم والسلطة التي هي في واقع الأمر مقومات أساسية تقوم عليها الدولة.
ولذلك ينبغي أن نشرح هذه المقومات حتى نخرج بتعريف واضح للدولة:

1- المقوم الأول: الشعب:
ذكرت اتفاقية “مونتيفيدو” أن الشعب “دائم” أي متواجد ومقيم ومستقر على الإقليم غير متنقل بل ثابت وليس متحرك.
2- المقوم الثاني: الإقليم:
وهو الحيز المادي أو العنصر المادي وبالتالي فإن الإقليم يعتبر مكمل للشعب يساعده على تحقيق الدوام والاستقرار عليه، ولابد للإقليم أن يكون محدد حتى نعرف من خلال التحديد حدود الدولة.
3- المقوم الثالث: السلطة:
ويقصد بالسلطة التي تملك وظائف الحكم على الشعب في إقليم الدولة.

بناءاً على ما تقدم فإن الدولة هي:

هي مجموعة من الأفراد تعيش بشكل مستقر ودائم على إقليم محدد تحت ظل سلطة تتولى دفة حكم الأفراد في حدود الإقليم.
في بداية حديثنا عن مفهوم المسئولية الدولية قلنا بأنها “المسئولية التي تترتب قبل شخص من أشخاص القانون الدولي جراء قيامه بفعل (إيجابي أو سلبي) غير مشروع دولياً من شأنه إحداث ضرر بشخص آخر مما يحمل الأول إلتزاما بالتعويض عن هذا الضرر شريطة أن يكون الفعل منسوب إلى الشخص الأول”.

من خلال هذا التعريف نستخرج أركان المسئولية الدولية:

1- أن يكون الفعل المولد للمسئولية منسوباً إلى شخص من أشخاص القانون الدولي.
2- أن يكون غير مشروع دولياً.
3- أن يلحق ضرراً بشخص دولي آخر.

واستعرضنا في المطالب السابقة مسئولية كل شخصية على حدى دون التطرق إلى مسئولية الدولة، وبالتالي فإن مسئولية الدولة تنقسم إلى قسمين الأول وهو القسم المتعلق بأفعال السلطات والثاني عن الأفراد العاديين.
ففيما يخص القسم الأول فمن المتعارف عليه أن غالبية دول العالم تنقسم سلطاتها إلى ثلاثة سلطات “التنفيذية – التشريعية – القضائية”.

مسئولية الدولة عن الأفعال التي تصدر من موظفيها في السلطة التنفيذية “يقصد بالأفعال هنا تلك الأفعال التي يخالف فيها الموظف إلتزاماً دولياً” ففي هذه الحالة تقوم المسئولية الدولية للدولة على أفعال موظفيها في السلطة التنفيذية مثل القرار الإداري الذي ينفذ مخالفاً لمعاهدة دولية فالقرار غير مشروع من وجهة القانون الدولي ومشروع في نظر القانون الداخلي.
ومثال لمسئولية الدولة عن أفعال السلطة القضائية صور حكم قضائي مخالف لإتفاقية دولية التزمت بها الدولة، وعن السلطة التشريعية فإن المسئولية تقوم بإصدار السلطة لتشريع مخالف لاتفاقية دولية الدولة طرف فيها أو قيام السلطة بمنع تنفيذ إلتزام دولي تلتزم الدولة به من خلال إتفاقية أو معاهدة.
وعن القسم الثاني من مسئولية الدولة الدولية وهو القسم المتعلق بالأفراد العاديين فإن مسئولية الدولة تقوم إذا نسب الفعل إليها كأن يثبت إهمال الدولة في توفير الحماية اللازمة لبعثة دبلوماسية تعرضت لإعتداء من قبل أفراد عاديين.

المبحث الثاني: المسئولية الجنائية الدولية

في العام 1979م إعترفت لجنة القانون الدولي في مشروعها الخاص بالمسئولية الدولية على إمكان الأخذ بفكرة المسئولية الجزائية للدولة، أي من نافلة القول أن المجتمع الدولي حرص على تبيان هذا النوع من المسئولية ووضع أنواع لها.
ولا يعني إعتراف اللجنة بالمسئولية الجزائية للدولة أنها وجدت للتو بل عرفت قبل ظهور الأمم المتحدة ، على سبيل المثال محاكم نور بميببرج*، أو قيام الجيش الأمريكي بمجموعة من المحاكمات الخاصة بمساءلة جنوده عن جرائم يمكن تسميتها بجرائم حرب في السنوات من 1899م إلى 1902م*.
سوف نقسم المبحث الثاني إلى مطلبين:

المطلب الأول :المسئولية الجنائية الدولية للفرد الطبيعي.
المطلب الثاني: المسئولية الجنائية الدولة للدولة.

المطلب الأول: المسئولية الجنائية الدولية للفرد الطبيعي

ورد في اتفاقية لاهاي الرابعة (1907م) أن الأطراف المتحاربة ستكون مسئولة عن كل الأعمال التي يرتكبها اشخاص منتمون إلى عضوية القوات المسلحة، أي أن الأفراد يمكن مسائلتهم عن الجرائم الدولية، حتى أن مؤتمر القرم قرر مسئولية الأفراد في عام 1945م حيث ورد فيه “يتعرض كل مجرمو الحرب للعقوبات العادلة والسريعة” .
نستشف مما سبق أن الفرد الطبيعي الذي يتعرض للمسائلة إما أن يكون رئيساً أو مرؤوساً في جرائم الحرب كالقادة العسكريين.
ومن الواقع العملي نجد العديد من السوابق مثل محاكمة الزعيم السياسي لصرب البوسنة (داروفان كارادزيتش) والجنرال العسكري (راتكوملاديتش) عام 1955م عن جرائمهم البشعة ضد الإنسانية من تعذيب وما يعرف بالتطهير العرقي، اضافة الى سوابق محاكم نورمبيرج في أربعينات القرن الماضي.

المطلب الثاني: المسئولية الجنائية الدولية للدولة

عند الحديث عن المسئولية الجنائية الدولية للدولة فإننا نقف أما م مشكلة سيادة الدولة من حيث أن تقرير مثل هذا النوع من المسئولية قد يمس سيادة الدولة وهيبتها الأمر الذي دفع عدداً من فقهاء القانون إلى الإختلاف وتقرير كل منهم لحججه بالأدلة والبراهين المختلفة فمنهم من اعتبر مسألة سيادة الدولة حجر عثرة أمام المسئولية الجنائية الدولية لأنها معدومة والبعض الآخر خالفهم الرأي على أن المسئولية تثار بل وموجودة ولا تعد ماسة لسيادة الدولة.

نظرية عدم مسائلة الدولة الجنائية:

“تبنى هذه النظرية كلاً من الفقيه Trainin وبولاسنكي Polanski حين برروها وشرحوها على أن الدولة عبارة عن منظمة ذات سيادة تسمو وتعلو عن غيرها من المنظومات أو الهيئات الأخرى لأن هذه المنظمات أو الهيئات مهما علت فإنها لن تعلو على سيادة الدولة”

نظرية مسائلة الدولة الجنائية:

“تبنى هذه النظرية الفقيه بلافسكي الذي شرحها على أن مسئولية لدولة تثار بل ولا تتعارض مع سيادة الدولة، حتى أن الدولة في مجال العلاقات الدولية تتنازل عن جزء من سيادتها، والجدير بالذكر أن الفقيه بلافسكي استدل بما قرره الأستاذ نانت في إحدى محاضرته” .

وذكر بلافسكي أن:
“للدولة سيادة ولكنها سيادة تعني استقلال تصرفاتها وكونها السيد الحر التصرف لصالح الأفراد أو الدول الأقل قوة منها. ولكن إطلاق حرية التصرف أدى حسبما يطالعنا التاريخ إلى ارتكاب الجرائم وانتهاك الحرمات ومثالنا الواضح على التدليل على سوء استعمال فكرة السيادة “الدولة الألمانية النازية”. ولكي نتجنب ما حدث في الماضي يجب ألا نعطي الدولة الحق في الظلم أو القهر تجاه الأفراد أو الدول الضعيفة باسم السيادة” .
من خلال عرض آراء الفقهاء يتضح أن مبدأ سيادة الدولة لا يعرقل مسئوليتها الجنائية الدولة بل يدل مسألة إقرار المسئولية أن الدولة تحترم وجود ها في المجتمع الدولي وتساهم في إقرار العدالة الدولية وتحافظ على العلاقات السلمية بينها وبين أقرانها من الدول.

ملخص الفصل الثاني

المسؤولية الجنائية الدولية

• تعريف المسؤولية الدولية : تلك المسئولية التي تترتب من قبل شخص من أشخاص القانون الدولي جراء قيامه بفعل (إيجابي أو سلبي) غير مشروع دولياً من شأنه إحداث ضرر بشخص آخر مما يحمل الأول إلتزام بالتعويض عن هذا الضرر شريطة أن يكون الفعل منسوب إلى الشخص الأول.
• أنواع المسؤولية الدولية :
• 1 مسؤولية الدولة
• 2 مسؤولية الأشخاص الاعتبارية
• 3 مسؤولية الشخص الطبيعي
• المسؤولية الجنائية الدولية :
• تنقسم الى نوعين مسؤولية جنائية للدولة ومسؤولية جنائية للفرد الطبيعي و اتفق القانون الدولي على تقرير مسؤوليتهما

الفصل الثالث: الجريمة الدولية وأنواعها

نتحدث في هذا لفصل عن الجريمة الدولية والأركان التي تقوم عليها، وعن أنواع الجريمة الدولية.
وسوف نتناول الموضوع على الشكل الآتي:
المبحث الأول: مفهوم الجريمة الدولية وأركانها
المبحث الثاني: أنواع الجريمة الدولية

المبحث الأول: مفهوم الجريمة الدولية وأركانها

لقد قام نخبة من فقهاء القانون بوضع تعاريف مختلفة للجريمة الدولية ومن هؤلاء الفقهاء الفقيه بيلا حين عرف الجريمة الدولية بأنها “إذا كانت عقوبتها تطبق وتنفذ باسم الجماعة الدولية” في حين عرفها الفقيه جلاسير بأنها “واقعة إجرامية مخالفة لقواعد القانون الدولي تضر بمصالح الدول التي يحميها هذا القانون”

أما لجنة القانون الدولي في مشروعها لتقنين قواعد المسئولية الدولية عن الأعمال غير المشروعة دولياً تطرقت إلى تعريف الجريمة الدولية على أنها “تلك التي تقع مخالفة لقواعد القانون الدولي الواردة في نصوص اتفاقية مقبولة على نطاق واسع أو الثابتة كعرف دولي أو كمبادئ عامة معترف بها من قبل الدول المتمدنة وأن تكون تلك الجريمة من الجسامة بحيث أنها تؤثر في العلاقات الدولية أو تهز الضمير الإنساني” [المادة 19 من المشروع].

من خلال ما تقدم ذكره فان الجريمة الدولية تعرف بأنها الجريمة التي تقع مخالفة للقانون الدولي حيث يرتكبها الشخص الدولي بسلوك إيجابي أو سلبي عالماً بحرمة السلوك وراغباً بارتكابه محدثاً ضرراً على المستوى الدولي.

وكما للجريمة في التشريعات الوطنية الداخلية أركان ثلاثة “ركن شرعي– ركن مادي ـ ركن معنوي” فإن الجريمة الدولية تشمل هذه الأركان مع الركن الرابع وهو الركن الدولي ، والآتي بيانها بالتفصيل :

1- الركن الشرعي:

يفترض هذا الركن وجود نص قانوني يجرم الفعل وأن يكون النص موجوداً في الجريمة الدولية ، الا إننا نجد أن طبيعته عرفية لا تسمح بمحاكمة الشخص على عمل لا يعتبر في العرف الدولي جريمة عند ارتكابها ولا يوجد أي مشرع للقانون الدولي، لذا فإن الركن الشرعي يستمد وجوده من العرف وإلى جوار العرف الدولي توجد الاتفاقيات الدولية وتحتل الاتفاقيات الدولية المرتبة التالية للعرف الدولي في مصادر القانون الدولي بل أن العديد من الاتفاقيات الدولية تحيل إلى العرف الدولي.

2- الركن المادي:

هو النشاط أو الفعل الخارجي الذي يرد فيه نص قانوني يجرمه.
والجريمة الدولية حالها من حال الجريمة الداخلية تفترض وجود نشاط إنساني خارجي محسوس لا يختلف إن كان سلوكاً إيجابياً أم سلبياً، وعادة ما يؤدي إلى نتيجة يجرمها القانون الجنائي الدولي.

3- الركن المعنوي:

هو كافة الصور التي تعبر عنها الإرادة في الجريمة سواء كانت عمدية أو غير عمدية والواقع العملي يثبت لنا ندرة وقوع جرائم دولية غير عمدية.

4- الركن الدولي:

يعتبر هذا الركن هو أساس التفرقة بين الجريمة الداخلية (التي تحصل داخل الدولة) والجريمة الدولية (موضوع الدراسة). فلو زالت صفة الدولية عن الجريمة نكون بصدد جريمة داخلية لا دولية.
وبالتالي فإنه يشترط في الركن الدولي صفة الدولية أي أن يكون النشاط، والفعل “الإيجابي أو السلبي” يمس مصلحة من المصالح التي يسعى القانون الدولي إلى حمايتها أو بمعنى أصح تمس مصلحة من مصالح المجتمع الدولي.
على سبيل المثال قيام مجموعة إجرامية من دولة معينة بالتخطيط على إرتكاب جريمة مدبرة ضد دولة أخرى، أو قيام منظمة إرهابية بتوجيه ضربة ضد أشخاص يتمتعون بحماية دولية “وفد دبلوماسي” كعملية تفجير لموكبهم.

المبحث الثاني: أنواع الجريمة الدولية

سوف نتحدث في هذا المبحث عن أنواع الجريمة الدولية و التي سيكون عرضها على الوجه الآتي:
المطلب الأول: جرائم الحرب.
المطلب الثاني: جرائم ضد الإنسانية.
المطب الثالث: جرائم إبادة الجنس البشري.
المطلب الرابع: جرائم العدوان.
المطلب الخامس: الجرائم المنظمة
المطلب السادس: الجرائم البيئية

المطلب الأول: جرائم الحرب

“تعرف جرائم الحرب بأنها تلك الأفعال التي تقع أثناء نشوب الحرب مخالفة للمواثيق والعهود المتعلقة بالحرب والمواثيق الدولية المرتبطة بالحرب عددية مثل اتفاقية جنيف لسنة 1864 وأعمال معاهدة إلفسفور 1888م ومعاهدة لاهاي لسنة 1899م” وقد وضحت اتفاقيات جنيف لعام 1949م بعضاً من الانتهاكات (جرائم الحرب) مثل: “المعاملة السيئة ـ إبعاد المدنيين عن مساكنهم ـ القتل المتعمد ـ تخريب المدن السكنية والأحياء السكنية” فهذه الأعمال تفترض وجود حرب قائمة مستمرة ويقوم أطراف الحرب أثنائها بهذه الأفعال.
ولو أردنا أن نوضح معنى جرائم الحرب بشكل أوضح فإنها الأعمال الواقعة من قبل المحاربين أثناء الحرب بمخالفة مواثيق الحرب وعاداتها المعروفة في العرف الدولي والمعاهدات الدولية.
ولهذه الجرائم ثلاثة أركان نذكرها بالتفصيل:

1- الركن المادي:

حتى يتوافر هذا الركن ينبغي أن نكون أما م حرب قائمة فعلاً وأن يقوم أحد أطراف الحرب بأحد الأفعال، المحضورة “المخالفة للأعراف الدولية ومواثيق الحرب”.
والحرب القائمة ينبغي أن تنشب من نزاع مسلح يتبادله طرفان أو أكثر والأفعال المحضورة في مواثيق الحرب والأعراف الدولية كثيرة مثل استعمال الأسلحة الكيماوية “غاز الخردل ـ غاز الأعصاب” أو استعمال أسلحة جرثومية أو بيولوجية “قذف ميكروبات ضد العدو أو أسلحة ذات تركيبة تمنع التكاثر في الجسم أو تمنعه”، واستعمال أسلحة حارقة كالفسفور، واستعمال المفاعلات النووية، وحتى اللجوء إلى وسائل الغش والخداع المحرمة كقتل الخصم عن طريق إيهامه بالاستسلام.
“ويعد من ضمن هذه الطائفة إخضاع الأسرى أو المدنيين للتجارب الطبية أو البيولوجية أو معاملة الأسرى معاملة لا إنسانية كالحط من كرامته وإهانته أو الاعتداءات الجسمية المفرطة على جسد الأسير أو إخضاع الأسير للتعذيب” .

2- الركن المعنوي:

يتفق جميع فقهاء القانون الدولي على أن جرائم الحرب هي جرائم عمدية يتطلب ركنها المعنوي ضرورة توافر القصد الجنائي [العلم مع الإرادة]” أي أن يعلم الفاعل بحرمة الفعل ويقوم به.

3- الركن الدولي:

يعني بهذا الركن أن تتم جريمة الحرب من قبل دول متحاربة “على سبيل المثال من أحد مواطنيها” باسم الدولة ويرضاه ضد دولة أخرى معادية لها، أي مفهوم المخالفة لو وقعت الجريمة من مواطن ضد مواطن آخر فلا دولية فيها.
ومن المعاهدات والمواثيق الدولية التي أولت اهتماماً واضحا على تجريم هذه الجريمة نذكر:

حول موضوع تجريم استعمال بعض الأسلحة:

– إعلان لاهاي 1899م.
– معاهدة فرساي 1919م.
– بروتوكول لندن 1936م.
– مؤتمر طهران الدولي لحقوق الإنسان 1968م.
– مؤتمر جنيف لنزع السلاح 1973م.

المطلب الثاني: جرائم ضد الإنسانية

تهدف هذه الطائفة من الجرائم إلى حماية الصفة الإنسانية بالإنسان نفسه والعمل على المحافظة عليها.
فتعرف بأنها تلك التي تنطوي على اعتداء صارخ على إنسان معين أو جماعة معينة لأسباب معينة قد تكون دينية أو عرقية أو سياسية.
وهذه الجريمة لا تتحقق إلا توافر أركانها الآتي ذكرها:

1- الركن المادي:

يقوم هذا الركن على مجموعة من الأفعال الجسيمة التي تمس إحدى المصالح الجوهرية للإنسان أو مجموعة بشرية تشترك بالدين أو بالفكر السياسي أو بالعرق، وأن يتم على شكل هجوم منهجي مدروس ضد هذه المجموعة.
ومن صور هذه الأفعال أو الاعتداءات ” الاسترقاق ـ الإبادة ـ إبعاد السكان الأصليين أو نقلهم قسراً من مناطقهم ـ القتل المتعمد ـ السجن الذي يشكل حرمانا شديدا للحرية البدنية ـ التعذيب ـ إضطهاد الجماعة ـ الاغتصاب ـ اختطاف الأشخاص”.

2- الركن المعنوي:

يتفق فقهاء القانون الدولي في هذه الجريمة أيضاً على أنها جريمة عمدية تتطلب القصد الجنائي العام (العلم ـ الإرادة) العلم بتجريم الفعل والقيام به رغم المعرفة بحرمته.

3- الركن الدولي

ويتوافر الركن الدولي كأن تخطط دولة معينة بوضع خطة مدروسة ضد جماعة معينة تشترك بالدين أو الفكر السياسي أو العرق والأمر سيان سواء بتمتع الجماعة بجنسية الدولة المعتدية أو غير متمتعة. “لا فرق بين المواطن والأجنبي”.
ومن المعاهدات والمواثيق الدولية التي اهتمت وأدانت مثل هذا النوع من الجرائم الدولية نذكر:

– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م.
– مشروع تقنين الجرائم ضد السلم وأمن البشرية 1954م.
– العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966م.
– النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (ميثاق روما) 1998م.

المطلب الثالث: جريمة إبادة الجنس البشري

تعرف الإبادة بأنها استئصال مادي أي إتيان أفعال مادية تؤدي إلى القضاء على الجماعة البشرية عن طريق إضطهادها أو تعرضيها للمذابح أو أن تتخذ شكل الاستئصال المعنوي المتمثل بالتأثير على النفس البشرية أو حملها على العيش تحت ظروف معينة كنقل صغارها إلى جماعات أخرى تختلف عنها في الدين أو العادات أو التقاليد أو الأعراف السائدة.
ولعل أهم الاتفاقيات والمعاهدات التي عالجت هذه الجريمة بذكر صورها وتقرير عقوبات إزاء إرتكابها هي اتفاقية مكافحة جريمة إبادة الجنس البشري لعام 1948م وبالتحديد في المادة الثانية الى المادة الثامنة فقد ورد في المادة الثانية تعريف جريمة إبادة الجنس البشري على أنها “أي فعل من الأفعال الآتية يرتكب بقصد القضاء كلاً أو بعضاَ على جماعة بشرية بالنظر إلى صفتها الوطنية أو العنصرية أو الجنسية أو الدينية”

1- قتل أعضاء هذه الجماعة.
2- الاعتداء الجسيم على أفراد هذه الجماعة جسمانياً أو نفسياً.
3- اخضاع الجماعة عمداً إلى ظروف معيشية من شأنها القضاء عليها مادياً كلاً أو بعضاً.
4- اتخاذ وسائل من شأنها إعاقة التناسل داخل الجماعة.
5- نقل الصغار قسراً من جماعة إلى جماعة أخرى”

كما بينت الاتفاقية الأفعال المعاقب عليها وهي:

1- “إبادة الجنس.
2- الاتفاق بقصد ارتكاب إبادة الجنس.
3- التحريض المباشر والعلني على ارتكاب إبادة الجنس.
4- الشروع في إبادة الجنس.
5- الاشتراك في إبادة الجنس.”

وحددت شروط الجاني هل يقتصر على فئة معينة أم مفتوحة بذكرها “سواء أكان الجاني من الحكام أو الموظفين أو من الأفراد” .
كما بينت الاتفاقية تسليم المجرمين، وبينت كذلك اختصاص المحاكم الوطنية بأنه متاح وكذلك للمحاكم الجنائية” .
بناءاً على ما سبق ذكره نستشف أركان الجريمة على الوجه الآتي:

1- الركن المادي:

بالرجوع إلى نص المادة الثانية من اتفاقية مكافحة جريمة إبادة الجنس البشري والجزاء عليها والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة السادسة يتبين أن كل من الأفعال التالية موقعة للركن المادي وهي:

1- قتل أعضاء جماعة معينة “أي وقوع عملية قتل جماعية سواء كانت كلية أو جزئية”.
2- الإعتداء الجسيم الجسماني أو النفسي على أفراد جماعة معينة “وهو كما أسلفنا الاستئصال المادي والاستئصال المعنوي بحيث يتمثل الأول بالاعتداء على الجسد كتعذيبه وتشويهه الثاني بالإرهاب النفسي المتمثل على حمل الشخص على العيش بشكل معين”
3- إرغام الجماعة على منعها من التناسل أو التكاثر: “كالفصل الإجباري بين الجنسين ومنع الجماعة من الزواج، القيام بعمليات إبادة بيولوجية”.
4- إخضاع الجماعة على العيش تحت ظروف معيشية معينة بهدف القضاء عليها “كمنعهم من إرتياد المستشفيات وإجبارهم على الاعمال الشاقة”
5- إجبار الصغار من الانتقال إلى جماعة أخرى غير جماعتهم “كنقل أطفال مسلمين إلى جماعة يهودية بهدف تهويدها وتكفيرها ومحو هويتها الإسلامية”.

2- الركن المعنوي:

تعتبر جريمة عمدية تتطلب توافر القصد الجنائي (العلم ـ الإرادة) العلم بأن الفعل جريمة والرغبة بارتكابها.

3- الركن الدولي:

يعني بهذا الركن أن تقوم الجريمة على خطط مدروسة ومعدة مسبقاً من قبل (( أفراد تابعين للدولة أو رؤساء)) على القيام بمثل هذه الأفعال المكونة للركن المادي مع ملاحظة أن الركن الدولي يتحقق سواء تمت الجريمة على مواطنين أو أجانب وسواء وقعت في زمن الحرب أو السلم.

المطلب الرابع: جرائم العدوان

أثار تعريف جريمة العدوان جدلاً واسعاً في الفقه القانوني إلا أننا لن نتعرض إليه في دراستنا واضعين تعريفاً يقرب من وجهات نظر الشراح والفقهاء المختلفة على أن جريمة العدوان ما هي الا فعل عدائي يتمثل باستخدام القوة المسلحة تنفيذا لأمر صادر من الحاكم في الدولة أو قيادين بارزين فيها ضد دولة أخرى. وهذا التعريف يأخذنا إلى أركان الجريمة:

1- الركن المادي:

كما بينا في تعريف العدوان فهو يتمثل بأمر صادر من شخص مسئول حاكم أو قيادي على القيام بفعل عدائي ضد دولة أخرى أي أن الركن المادي يقوم على فعل عدائي وأمر صادر من شخص يتمتع بسلطة إصدار الأمر، فالفعل العدائي أو العدواني لا يكون الا باستعمال القوة المسلحة على هيئة الهجوم لا الدفاع ، لأن الدفاع يعتبر أمر مشروع يمنع الدولة من المسائلة “الدفاع الشرعي” أما الهجوم فهو عدوان ونشاط مؤثم ضد دولة أخرى.

2- الركن المعنوي:

تعد كحال باقي الجرائم الدولية عمدية وأن يتوفر فيها القصد الجنائي مع “العلم ـ الإرادة” علم الفاعل بتجريم الفعل وتوجه إرادته لارتكابه مع العلم ، وعليه فإن علم الجاني بعدم مشروعية العدوان وقيامه به يعرضه للمساءلة القانونية.

3- الركن الدولي:

ينبغي لقيام هذا الركن أن يتم العدوان باسم الدولة أو بناء على خطتها أو برضاها على وقوع فعل العدوان ضد دولة أخرى.
من خلال عرض الاركان السابقة يتضح أن قيام طيار عسكري بشن غارة جوية ضد دولة مجاورة دون صدور أمر لذلك أي من وليد إرادته لا يشكل جريمة عدوان لأن الفعل قدتم دون أمر صادر من مسئول حاكم أو قيادي، أي بمعنى أدق الفعل لم يتم باسم الدولة أو بناء على خطتها.

ومن المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي سلطت الضوء على جريمة العدوان نذكر:

– مؤتمر نزع السلاح في لندن 1933م.
– النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998م.

المطلب الخامس: الجرائم المنظمة

تتسم الجرائم المنظمة عادة بأنها تهدف إلى التجارة (( لا التجارة العادية المشروعة بل التجارة الغير مشروعة )) التي باتت محل رفض واستياء المجتمع الدولي نذكر منها:

– جريمة الإتجار بالرقيق.
– جريمة الإتجار بالأشخاص لغرض أعمال الدعارة.
– جريمة الاتجار بالمخدرات.
– جريمة الاتجار بالمطبوعات الإباحية والجنسية.
– جريمة غسيل الأموال.
– جرائم الإرهاب.

هذه الطائفة من الجرائم تتفق على أنها جرائم منظمة ، ويجمع المجتمع الدولي على أنها باتت تهدد النظام العالمي أي انها (( ظاهرة عالمية )) مما دفع المجتمع الدولي إلى عقد المؤتمرات الساعية للحد منها ومن ثم القضاء عليها، مثل مؤتمر نابولي لسنة 1994م والذي ناقش موضوعات هامة مثل:

– المشاكل والأخطار التي تطرحها الجريمة المنظمة عبر الدول في مختلف مناطق العالم.
– التشريعات الوطنية ومدى كفاءتها في التصدي لمختلف أشكال الجريمة المنظمة عبر الدول.
– أشكال التعاون الدولي لمنع ومكافحة الجريمة المنظمة عبر الدول على مستويات التحقيق والإنابة والقضاء.
– الأساليب والمبادئ التوجيهية الملائمة لمنع ومكافحة الجريمة المنظمة عبر الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي.
– مدى جدوى الصكوك والاتفاقيات الدولية في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الدول.
– منع ومكافحة غسل الأموال ومراقبة عائدات الجريمة.

وانتهى المؤتمر إلى إصدار إعلان نابولي السياسي والذي من خلاله وضعت خطة عمل عالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر دول العالم المختلفة. ولكن المؤتمر لم يكن أول تحرك للمجتمع الدولي بل جاء مكملاً للعديد من جهود القانونيين السابقين نذكر منها:

– مؤتمر فيينا 1815م “إنتهى بإصدار تصريح يقرر فيه تعاون الدول ضد تجارة الرقيق”
– اتفاقية سان جرمان 1919م “بشأن حظر الرق والعبودية والسخرة”.
– اتفاقية السخرة 1930م.
– الاتفاق الدولي المعقود في 18 مايو 1904م حول تحريم الإتجار بالرقيق الأبيض ، والمعدل بالبروتوكول الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 ديسمبر 1948م.
– الاتفاقية الدولية المعقودة في 4 مايو 1910م حول تحريم الإتجار بالرقيق الأبيض، والمعدلة بالبروتوكول السالف الذكر.
– الاتفاقية الدولية المعقودة في 30 سبتمبر 1921 م حول تحريم الإتجار بالنساء والأطفال والمعدلة بالبروتوكول المقر من الأمم المتحدة في 20 أكتوبر 1947م.
– الاتفاقية الدولية المعقودة في 11 أكتوبر 1933 م حول تحريم الإتجار بالنساء البالغات ، والمعدلة بالبروتوكول السالف الذكر.
– اتفاقية جنيف للحد من تصنيع المواد المخدرة 1931م.
– الاتفاقية الموحدة للمخدرات 1961م.
– اتفاقية جنيف الخاصة بتجريم وعقاب الإرهاب الدولي 1937م.
– اتفاقية واشنطن الخاصة بمنع ومعاقبة أعمال الإرهاب 1971م.
– اتفاقية نيويورك الخاصة بمنع ومعاقبة الجرائم الموجهة ضد الأشخاص المقيمين بالحماية الدولية 1973م.
– الاتفاقية الأوروبية لقمع الإرهاب 1977م.
من الملاحظ على هذه الاتفاقيات والمؤتمرات أنها وضعت خصائص مشتركة لطائفة من الجرائم المنظمة بحيث لو توافرت نكون أمام جريمة منظمة وهي:
1- أن الجريمة المنظمة ترتكب من عصابات أو جماعات إجرامية منظمة على الصعيد العالمي.
2- أن هذه الجماعات تتخذ من العنف والتهديد والترويع أسلوباً لتعاملها مع الآخرين حتى تضمن تسيير أعمالها.
3- أن الجريمة المنظمة لابد وأن تكون مدروسة و مخطط لها.
4- تهدف الجماعات الإجرامية إلى الربح والكسب من وراء عملياتها على الغالب.
5- تتحرى هذه الجماعات السرية والدقة في ارتكاب جرائمها.
6- لا تقوم هذه الجماعات على شخص واحد بل مستمرة على الدوام.
فهذه الخصائص من شأنها أن تسهل لنا معرفة ما إذا كانت الجريمة جريمة منظمة دولية ، كما أن الجرائم التي عرضناها ليست هي فقط جرائم دولية منظمة أي إنها ليست على سبيل الحصر بل المثال لأن هناك جرائم أخرى مثل الإتجار بالسلاح والاحتيال الدولي وتهريب التحف والآثار وسرقة المصنفات الفكرية أو الفنية وتزويرها ، فكل هذه الصور يمكن اعتبارها جرائم منظمة .

المطلب السادس: الجرام البيئية

وردت قيود عديدة في بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والخاصة بأطراف النزاعات المسلحة كحظر استعمال أنواع معينة من الأسلحة المضرة بالبيئة (( اتفاقية لاهاي لعام 1907م)) (المادة 22) حق المتحاربين في اختيار وسائل الإضرار بالعدو ليس حقاً مطلقاً من أية قيود أو حدوده كما ورد في ديباجة الاتفاقية الخاصة بحظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة على أن “حق الأطراف في النزاع المسلح باختيار أساليب ووسائل القتال ليس بالحق غير المحدود”
كما جاء في الاتفاقية الخاصة بحظر و تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة (الديباجة) ((أنه من المحظور استخدام أساليب ووسائل حربية يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب للبيئة الطبيعية أضرار بالغة واسعة النطاق وطويلة الأمد”، وحظر البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف استعمال وسائل أو أساليب القتال التي يتوقع منها أن تسبب أضرار بالغة واسعة الإنتشار وطويلة الأمد للبيئة الطبيعية (مادة 35)، وجاء في المادة الأولى من الاتفاقية الخاصة بحظر الاستخدام العسكري ((تتعهد الدول الأطراف بعدم القيام باستخدام عسكري أو باستخدام عدائي آخر للتقنيات التي تؤدي الى إحداث تغييرات بيئية تكون لها آثار بالغة الضرر أو واسعة النطاق طويلة الأمد كوسيلة لإلحاق الدمار والخسائر والأضرار بأية دولة طرف في الاتفاقية”.
نستخلص مما سبق أن المجتمع الدولي دأب ومنذ أمد بعيد على الاهتمام بالبيئة والثروات الطبيعية لأنها تعد مصلحة من المصالح التي يسعى المجتمع الدولي على حمايتها.
لذلك تعرف الجرائم البيئية بأنها: جرائم تتم بسلوك إيجابي أو سلبي قبل شخص من أشخاص القانون الدولي مع علمه بحرمة السلوك المرتكب بأن يترتب على هذا السلوك ضرر بالبيئة الطبيعية على مستوى دولي.
أي أنه يمكن تقسيم أركان الجريمة البيئية إلى ثلاثة أركان: الركن المادي و المتمثل بصدور فعل إيجابي أو سلبي يترتب عليه إلحاق ضرر بالبيئة ، والركن المعنوي المتمثل بالعلم بحرمة الفعل أو السلوك مع توافر إرادة ارتكابه ، والركن الدولي الذي يشترط أن تتم الجريمة البيئية على نطاق دولي أي تترتب آثاره من دولة إلى دولة أخرى أو من أحد أشخاص القانون الدولي ضد الآخر.
ومن الجرائم البيئية التي لا تنسى جريمة النظام العراقي البائد على دولة الكويت بإحراق آبار النفط حتى أحدث تلوثاً واسعاً في المنطقة.

ملخص الفصل الثالث :

تعريف الجريمة الدولية :

الجريمة التي تقع مخالفة للقانون الدولي حيث يرتكبها الشخص الدولي بسلوك إيجابي أو سلبي عالماً بحرمة السلوك وراغباً بارتكابه محدثاً ضرراً على المستوى الدولي.

أنواع الجريمة الدولية :

جرائم الحرب.
جرائم ضد الإنسانية.
جرائم إبادة الجنس البشري.
جرائم العدوان.
الجرائم المنظمة
الجرائم البيئية
جرائم الحرب :الأعمال الواقعة من المحاربين أثناء الحرب بمخالفة مواثيق الحرب وعاداتها المعروفة في العرف الدولي والمعاهدات الدولية.
الجريمة المنظمة هي التي ترتكب قبل عصابات أو جماعات إجرامية منظمة على الصعيد العالمي. وعادة ما تتخذ من العنف والتهديد والترويع أسلوباً لتعاملها مع الآخرين حتى تضمن تسيير أعمالها.

الجرائم البيئية هي جرائم تتم بسلوك إيجابي أو سلبي قبل شخص من أشخاص القانون الدولي مع علمه بحرمة السلوك المرتكب بحيث يترتب على هذا السلوك ضرر بالبيئة الطبيعية على مستوى دولي.

جريمة العدوان فعل عدائي يتمثل باستخدام القوة المسلحة بأمر صادر من الحاكم في الدولة أو قيادين بارزين فيها ضد دولة أخرى.
جرائم ضد الانسانية هي تلك التي تنطوي باعتداء صارخ على إنسان معين أو جماعة معينة لأسباب معينة قد تكون دينية أو عرقية أو سياسية.

جريمة ابادة الجنس البشري : استئصال مادي أي إتيان أفعال مادية تؤدي إلى القضاء على الجماعة البشرية عن طريق إضطهادها أو تعرضيها للمذابح أو أن تتخذ شكل الاستئصال المعنوي المتمثل بالتأثير على النفس البشرية أو حملها على العيش تحت ظروف معينة كنقل صغارها إلى جماعات أخرى تختلف عنها في الدين أو العادات أو التقاليد أو الأعراف السائدة.

الفصل الرابع: نظام تسليم المجرمين

نتحدث في هذا الفصل عن النظام المتبع في تسليم المجرمين وينقسم هذا الفصل إلى مبحثين:

المبحث الأول: مبدأ تسليم المجرمين
المبحث الثاني: مبدأ تسليم المجرمين من خلال المنظمة الدولية للشرطة والجنائية (الإنتربول).

المبحث الأول: مبدأ تسليم المجرمين

يعرف التسليم على أنه اجراء تتخلى فيه الدولة عن شخص موجود لديها إلى سلطات دولة أخرى (تطالب بتسليمه إليها) لمحاكمته عن جريمة ارتكبها أو لأعمال حكم صدر ضده بعقوبة جنائية.
ومبدأ تسليم المجرمين ما هو إلا وسيلة لحسم تنازع الاختصاص في الجرائم ذات الصفة الدولية ، ويعد الهدف من التسليم هو الحيلولة دون إفلات المجرم من أيدي العدالة في حالة ما إذا كان القانون الداخلي للدولة المتواجد المجرم عليها لا يسمح لها بمحاكمته في جريمته وعليه فإن هذا الإجراء يعد مظهراً من مظاهر التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة.
ففيما يتعلق بجرائم القانون العام ، فإن التسليم يتم وفقاً للشروط التي يتم الاتفاق عليها بين الدول المعنية ، وفي نطاق المعاهدات المبرمة، فإذا لم تكن هناك معاهدات ، أو كان القانون الداخلي للدولة ـ المتواجد على إقليمها الشخص المطلوب تسليمه ـ لم ينظم إجراءات التسليم فإنه لا يوجد ثمة التزام قانوني يحتم على الدولة القيام بالتسليم بل يكون من حق الدولة التي يلجأ المتهم إلى إقليمها أن تقوم بتسليمه ، أو أن ترفض التسليم.
على سبيل المثال نرى التجربة السويسرية في مجال تسليم المجرمين التي حرصت سويسرا من خلالها على عقد عدد من الاتفاقيات والمعاهدات مثل:
معاهدات ثنائية مع ألمانيا 1974 والأرجنتين 1906 والنمسا والمجر 1896 وبلجيكا 1874 والبرازيل 1932 وأسبانيا 1883، والولايات المتحدة الأمريكية 1900 وفرنسا 1869 وبريطانيا 1880 واليونان 1910 وإيطاليا 1868 ولوكسمبورج 1876 وموناكو 1885 وبروجواي 1906 وهولندا 1898 وبولندا 1937 والبرتغال 1873 وروسيا 1873 وسان سالفادور 1883ومع يوغوسلافيا 1887 وتركيا 1933 وأرجواي 1923 وإسرائيل 1958.
و تبادل مذكرات مع جزر فيجي 1974 وكينيا 1965 وماولاوي 1967 والباكستان 1955 وغينيا الجديدة 1977 ورواندا 1971.
وتتبع سويسرا في حالة عدم وجود اتفاقيات مبدأ المعاملة بالمثل.
و نجد تجربة رواندا التي أولت اهتماماً في الموضوع من خلال تشريعها الوطني الصادر بموجب مرسوم في 24 إبريل 1921 .
وأبرمت المعاهدات الدولية التي تحكم تسليم المجرمين مثل معاهدتها مع تنزانيا في 25 يناير 1965، ومع زائير بموجب اتفاقية قضائية في 4 مارس 1966، ومع بوروندي و زائير في اتفاقية قضائية ثلاثية أبرمت في 21 يونيو 1975.

المبحث الثاني: مبدأ تسليم المجرمين من خلال المنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول”

نسلط الضوء في هذا المبحث على دور المنظمة الدولية للشرطة الجنائية على اعتبار أنها تمثل مظهراً بارزاً من مظاهر التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة ذات الصفة الدولية.
كانت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول” في بادئ أمرها لجنة وتم إنشاؤها سنة 1923م للتنسيق بين أجهزة الشرطة (( مخصصة للدول الأوروبية)) في مجال مكافحة الجريمة ، غير أنه بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية توقف نشاط هذه اللجنة ، حتى أعادها مؤتمر فيينا عام 1946م تحت إسم منظمة الشرطة الجنائية الدولية.
وبينت المادة الثانية من دستور المنظمة أهداف إنشائها على النحو التالي:
1- “تأكيد وتشجيع المساعدة المتبادلة ـ على أوسع نطاق ممكن ـ بين سلطات الشرطة الجنائية ـ في حدود القوانين السائدة في الدول المختلفة وبروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
2- إنشاء وتطوير النظم التي من شأنها أن تسهم، على نحو فعال ـ في منع ومكافحة ظاهرة الإجرام”*

وعن مهامها فإنها تقوم بأكثر من مهمة مثل:
القيام بتجميع كافة البيانات والمعلومات المتعلقة بالجريمة والمجرم من المكاتب المركزية الوطنية للشرطة الجنائية المتواجدة في أقاليم الدول الأعضاء والتعاون مع الدول الأعضاء في مجال ملاحقة المجرمين وتسليمهم، وفي مجال الجرائم الماسة بأمن وسلامة وسائل النقل الجوي فإن المنظمة تتعاون مع منظمة الطيران المدني لدراسة الكيفية الصحيحة لمكافحة مثل هذه الجرائم ، وفي مجال المخدرات تقوم بإصدار نشرات وإحصائيات شهرية تثقيفية للحد من هذه الجرائم وكذلك في تجارة الرقيق والمطبوعات الإباحية والجنسية تقوم المنظمة بجمع كافة البيانات المتعلقة بمرتكبي هذه الجرائم.
ولا تقتصر على هذه الطوائف من الجرائم بل حتى في الجرائم المنظمة عبر الدول تتصدى المنظمة بمحاولات جادة لجمع المعلومات والبيانات المتعلقة بمرتكبي مثل هذه الجرائم((تزييف العملات ـ الإرهاب”.
وللمنظمة دور عملي وتوعوي متمثل بعقد الندوات والمؤتمرات العلمية الهادفة إلى الحد من الظواهر الإجرامية.

ملخص الفصل الرابع :

تعريف نظام تسليم المجرمين :

اجراء تتخلى فيه الدولة عن شخص موجود لديها إلى سلطات دولة أخرى (تطالب بتسليمه إليها) لمحاكمته عن جريمة ارتكبها أو لأعمال حكم صدر ضده بعقوبة جنائية.

الفصل الخامس: القضاء الجنائي الدولي

ينقسم هذا الفصل الى مبحثين :

المبحث الأول : القضاء الجنائي الدولي في القرن الماضي
المبحث الثاني: القضاء الجنائي الدولي في القرن الحالي

المبحث الأول: القضاء الجنائي الدولي في القرن الماضي

لقد شهد التاريخ تشكيل خمس لجان تحقيق دولية وأربع محاكم دولية خاصة وثلاث محاكمات دولية رسمية منذ عام 1919 وهذه اللجان هي:
1- لجنة تحديد مسئوليات مبتدئي الحرب وتنفيذ العقوبات (لجنة 1919).
2- لجنة الأمم المتحدة لجرائم الحرب (1943).
3- لجنة الشرق الأقصى (1946).
4- لجنة الخبراء المشكلة بناء على قرار مجلس الأمن رقم 780 للتحقيق في جرائم الحرب وانتهاكات القانون الإنساني في يوغوسلافيا السابقة (1992) لجنة الخبراء المعنية بيوغوسلافيا (1992).
5- لجنة الخبراء المشكلة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 935 للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني التي

ترتكب على أرض دولة رواندا (1994) والتي عرفت بعد ذلك بلجنة الخبراء المعنية بدولة رواندا (1994).
والمحاكم الدولية الخاصة الأربعة شكلت على حسب الترتيب الزمن الآتي:

1- المحكمة العسكرية الدولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب على الساحة الأوروبية (1945).
2- المحكمة العسكرية الدولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب في الشرق الأقصى (1946).
3- المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة (1993).
4- المحكمة الجنائية الدولية لرواندا (1994)

والمحاكم الدولية الرسمية التي جاءت بعد تطورات المحاكمة السابقة هي:

1- المحاكمات التي أجرتها المحكمة العليا الألمانية (1921 – 1923) بناء على الطلبات المقدمة من الدول المتحالفة، استناداً إلى معاهدة فرساي (محاكمات ليبزج).
2- المحاكمات التي أجراها الحلفاء الأربعة الكبار على الساحة الأوروبية (1946-1955) بموجب قانون مجلس الرقابة رقم 10 (control Council Law).
3- المحاكمات العسكرية التي أجرتها الدول المتحالفة في الشرق الاقصى بناء على توجيهات لجنة الشرق الأقصى (1946-1951).

لجنة تحديد مسئوليات مبتدئي الحرب وتنفيذ العقوبات “لجنة عام 1919″
في نهاية الحرب العالمية الأولى أنشأ الحلفاء المنتصرون أول لجنة تحقيق دولية وذلك بعد أن دعت القوى المتحالفة إلى مؤتمر السلام التمهيدي في باريس عام 1919*
خلال المؤتمر تفاوض ممثلوا الحلفاء حول موضوع استسلام ألمانيا ومعاهدة السلام التي تم كتابة شروطها كما تداولوا مناقشات حول محاكمة قيصر ألمانيا (ويلهلم” الثاني وغيره من مجرمي الحرب الألمان والمسئولين الأتراك عن جرائمهم ضد الإنسانية.
وفي ختام المؤتمر اتفق ممثلوا الحلفاء على شروط معاهدة السلام بين الحلفاء والقوى المتحالفة وألمانيا وتم إبرامها في “28 يونيو 1919”.
وجاء في إحدى نصوص المعاهدة مادة تقضي بإنشاء محكمة جنائية خاصة لمحاكمة قيصر ألمانيا “ويلهلم الثاني” عن دوره في الحرب ، وجاء في المواد التي تليها محاكمة ضباط الجيش الألماني المتهمين بإنتهاكهم لأعراف وقوانين الحرب.
وقد أطلق على لجنة الحكومة الرسمية التي أنشأها المؤتمر التمهيدي “لجنة تحديد مسئوليات مبتدئي الحرب وكل من خالف أعرافها*.
في العام 1920م انتهت اللجنة من إعداد تقريرها وقامت بتقديم قائمة خاصة تحمل أسماء 895 مجرم حرب على أن تتم محاكمتهم أمام محاكم الحلفاء*
إلا أن ما جاء في المادتين 228 و 229 لم يكتب لها النجاح وذلك لما جرى من إحداث فراغ بين مرحلتي التحقيق والمحاكمة.
ولم يتم تطبيق المواد المهمة 227 و 228 و 229 على القيصر الألماني حيث تقدم بطلب اللجوء إلى هولندا التي رفضت تسليمه إلى الحلفاء.
وبحلول عام 1921 طلب الحلفاء من ألمانيا بمحاكمة عدد محدود من مجرمي الحرب أمام المحكمة الألمانية العليا في “ليبزج” بدلاً من إنشاء محاكم خاصة بالحلفاء طبقاً لنص المادة 228 من معاهدة فرساي.
لجنة الامم المتحدة لتحديد مجرمي الحرب
(1943)
UNWCC
نتيجة للجرائم الفظيعة التي ارتكبت في الحرب العالمية الثانية برزت الحاجة إلى محاكمات دولية. وفي العام 1942 قامت القوى المتحالفة بقصر سانت جيمس بالتوقيع على إتفاقية إنشاء لجنة الأمم المتحدة لجرائم الحرب ، والتي كانت أول خطوة لإنشاء المحكمة العسكرية في نورمبيرج.
ولقد كان لهذه اللجنة تأثير ودعم سياسي محدود مما أوحى إلى مستقبل غير مؤكد لتلك الحكومات المبعدة .
والجدير بالذكر أن مهام لجنة الأمم المتحدة UNWCC كانت التحقيق في الجرائم فقط ، وبالتالي فإن أعضاء اللجنة عندما أرادوا التحقيق في المزاعم الخاصة بالأعمال الوحشية ضد اليهود لم يستطيعوا لاعتبار تلك الأفعال جرائم ضد الإنسانية وليست جرائم حرب أي تناقض ما جاء من أعمال اللجنة كما ذكر. الأمر الذي أدى الى ظهور معالم فشل اللجنة وكذلك لم توفر الدول المنشأة للجنة الموظفين الكافيين أو الدعم المالي المناسب حتى يتسنى للجنة القيام بأعمالها.
و بعد أشهر قليلة من إنشائها أعلن أول رئيس لها “السير: سيل هيرست” “أن اللجنة لن تستطيع أن تؤدي العمل المنوط بها على الوجه الأكمل” .
المحكمة العسكرية الدولية في نورمبيرج عام 1945م
في الثامن من أغسطس عام 1945م شكلت المحكمة العسكرية الدولية بموجب اتفاق لندن ، وجاء بها ملحق يحتوي على النظام الأساسي للمحكمة ، والجرائم التي تعاقب عليها وهي الجرائم التي تم النص عليها في المادة (6) من النظام الأساسي وهي:

1- جرائم ضد السلم.
2- جرائم مرتبطة بالحرب.
3- جرائم ضد الإنسانية

وفي المادة نفسها إشتملت الفقرة (ج) على تعريف جرائم الحرب: وهي التي تأتي مخالفة للقوانين المتعارف عليها (أي قوانين وأعراف الحرب).
أما المادة الثامنة من النظام الأساسي فقد اعتبرها فقهاء القانون الدولي مساهمة في تطوير قانون النزاعات المسلحة و بطريقة تدريجية حيث أزالت المادة آنفة الذكر مقولة الدفاع “إطاعة أوامر الرؤساء” فجعلت منه عاملاً مخففاً لا يعفي المدعي عليهم من مسئوليتهم عما أقترفوه من جرم ، فهذه المادة جاءت مناقضة تماماً لما نصت عليه أغلب القوانين العسكرية حينما بدأت الحرب العالمية الثانية.
فلم تقوم المحكمة العسكرية الدولية في أحكامها باتباع ما نصت عليه المادة الثامنة في جميع الأحوال ، ومن جانب آخر أقرت الدفاع بحالة ما إذا كان ليس للتابع خيار لرفض تنفيذ الأمر .
من جانب الأعمال التي قامت بها المحكمة محاكمة إثنين وعشرين شخصاً من بين أربعة وعشرين متهم ، فحصل ثلاثة من المدعى عليهم على حكم البراءة وحكم على إثني عشر بالإعدام شنقاً وبالسجن مدى الحياة على ثلاثة ، وصدرت على البقية أحكام بالسجن لمدد تتراوح ما بين عشرة إلى عشرين عاماً.
لجنة الشرق الأقصى والمحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى
“طوكيو 1946م”
في ديسمبر من العام 1945م تمت الموافقة على تشكيل لجنة الشرق الأقصى FEC بموسكو استجابة لطلب الاتحاد السوفيتي “سابقاً” وقد أعطت اللجنة للإتحاد السوفيتي القليل من السيطرة على اليابان كمكافأة على اشتراكه المتأخر في الحرب وتركت سيطرة اللجنة للولايات المتحدة.
ويشير عدد من الباحثين على أن اللجنة تقتصر علىدوافع سياسة أكثر منها تحقيقية أي بمعنى أصح تقتصر على توطيد سياسة احتلال اليابان والعمل على التنسيق بين سياسات الحلفاء في الشرق الأقصى.
وبالفعل أصبحت اللجنة جمعية مناقشات وعند توقيع إتفاقية سلام مع اليابان انقرضت اللجنة بهدوء.
وفي يناير 1946 تم إنشاء المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى IMTFE.
وبعد ثلاثة أعوام أي في العام 1949م أصدرت لجنة الشرق الأقصى تقريراً رسمياً إلى القوى المتحالفة في الشرق الأقصى تدعو من خلاله إلى ضرورة إنعقاد محاكمات لمجرمي الحرب اليابانيين في موعد أقصاه (30 سبتمبر 1949م)، الا انه في عام 1951م تم التوقيع على معاهدة السلام مع اليابان في سان فرانسيسكو ، وجاء في نص المادة الثانية من المعاهدة الامر بنقل جميع مجرمي الحرب الذين صدرت أحكام بإدانتهم إلى اليابان لتنفيذ المدد المتبقية لهم تحت إشراف القائد الأعلى لقوات التحالف ، وكان الهدف من ذلك إطلاق سراح المجرمين مبكراً.
وتم الإفراج عنهم شرطياً في الأعوام التالية ما بين “1951م ، 1957″*
لجنة الخبراء الخاصة بالتقصي عن جرائم الحرب الحاصلة في يوغسلافيا “السابقة”
المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 780 لعام 1993
أصدر مجلس الأمن في السادس من أكتوبر عام 1992م القرار رقم 780 القاضي بإنشاء لجنة الخبراء الخاصة بالتحقيق وجمع الأدلة عن المخالفات الجسيمة لمعاهدات جنيف و الإنتهاكات الأخرى للقانون الدولي الإنساني وذلك فيما يخص الصراعات القائمة في يوغسلافيا السابقة.
وفسرت اللجنة مهامها على أساس جمع المعلومات والأدلة الكافية المتعلقة بانتهاكات القانوني الدولي الإنساني في حدود إمكانياتها وقدراتها. وبالفعل تمكنت من تسليم المعلومات والأدلة إلى المدعي العام للمحكمة في عام 1994م*
المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة
“1993”
لقد شكلت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا حتى تقوم بمحاكمة الأشخاص المسئولين عن ارتكاب انتهاكات خطيرة في هذه الدولة وذلك بقرار مجلس الأمن الدولي “808/1993”.
وبعد مرور سنتين على صدور القرار تم اختيار قضاة هذه المحكمة وتبيان إجراءات التقاضي والاتفاق على مقر لها وغير ذلك من العناصر المتعلقة بالمحكمة “المدعي العام ـ قلم كتاب المحكمة ـ بناء قاعات المحكمة”.
وبالنسبة لاختصاصات المحكمة فإنها قاصرة على أربعة أنواع من الجرائم:

1- الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المبرمة عام 1949م.
2- مخالفة قوانين وأعراف الحرب.
3- الإبادة الجماعية.
4- جرائم ضد الإنسانية.

24 مايو 1999م كان يوم العمل الحقيقي للمحكمة من خلال توجيهها الاتهام إلى رئيس يوغسلافيا الأسبق “سلوبودان ميوزوفيتش” بالإضافة إلى أربعة من المسئولين في حكومته.
والجدير بالذكر أن المحكمة إلى يومنا هذا تنظر في الاتهامات الموجهة إلى الرئيس آنف الذكر.
لجنة الخبراء لرواندا
(1994م)
شكلت هذه اللجنة في يوليو من العام 1994م بالقرار رقم (935/1994م) وذلك للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبت أبان الحرب الأهلية في رواندا.
المحكمة الجنائية الدولية لرواندا
(1994)
أنشأت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا بموجب قرار مجلس الأمن رقم (995/1994)، وتهدف إلى العمل على معاقبة الأشخاص المسئولين عن:

1- جرائم ضد الإنسانية.
2- الإبادة الجماعية.
3- إنتهاكات المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949م وأحكام البروتوكول الثاني بشأن المنازعات غير الدولية.
لم ينكر فقهاء وشراح القانون الإنجازات التي حققتها المحاكم المؤقتة لكل من رواندا ويوغسلافيا السابقة إلا أنها تبقى محاكم مؤقتة مخصصة لجرائم ارتكبت في فترة معينة وكذلك محاكم قاصرة على دول معينة.
من هنا برزت الحاجة إلى إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة تنظر إلى كافة أنواع الجرائم الدولية المختلفة وفي كافة أرجاء العالم أي تختص بالنظر في المنازعات الدولية التي نشأت في السابق وستنشأ في المستقبل ، فما كان من المجتمع الدولي إلا السعي الحثيث الى إنشاء مثل هذا النوع من المحاكم حتى ترسي العدالة وتحقق المصالح المشتركة لدول العالم. (العدالة الدولية).
وبالفعل تعاون المجتمع الدولي على إنشاء المحكمة التي طالما كانت حلماً يراود المجتمع الدولي ألا وهي المحكمة الجنائية الدولية.
ولأن هذه المحكمة تمثل أحدث نظام قضائي جنائي دولي وأدخلت حيز التنفيذ في العام 2002 فاننا سنتناولها في المبحث التالي.

المبحث الثاني: القضاء الجنائي الدولي في القرن الحالي

بالفعل لقد كان مؤتمر روما الدبلوماسي في أواخر القرن الماضي عام (1998م) إلا أن إتفاق روما دخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو 2002م ، وعليه فإننا سوف نعتبرها من المحاكم الجنائية الدولية الحديثة لهذا السبب كما سنتحدث عن المحكمة الجنائية الخاصة بالنظر في جرائم الحرب التي تمت في العراق ، وبذلك سوف ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين:

المطلب الأول: المحكمة الجنائية الدولية.
المطلب الثاني: المحكمة الجنائية العراقية الخاصة .

المطلب الأول: المحكمة الجنائية الدولية الدائمة (1998م)

في مبنى المقر الرئيسي لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) عقد مؤتمر روما الدبلوماسي الذي تمخض عنه لجنة الصياغة لعمل محكمة جنائية دولية دائمة.
وبالفعل إنطلقت عملية المفاوضات بعد أن بذلت اللجان جهودها كاللجنة الخاصة واللجنة التحضيرية للمؤتمر، واستمرت عملية المفاوضات حتى توصل أعضاء المؤتمر إلى إقرار إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في يوليو من العام 1998م ودخل إتفاق روما حيز النفاذ في يوليو عام 2003م.

طبيعة المحكمة الجنائية الدولية:

تعد المحكمة الجنائية الدولية مؤسسة دولية دائمة أنشئت بناءاً على معاهدة خاصة وقعت عليها دول كاملة السيادة ، حيث جاء في المادة الأولى من النظام الأساسي للمحكمة:
“تنشأ بهذا محكمة جنائية دولية (المحكمة). وتكون المحكمة هيئة دائمة لها السلطة لممارسة اختصاصاتها على الأشخاص إزاء أشد الجرائم خطورة موضع الاهتمام الدولي ، وذلك على النحو المشار إليه في هذا النظام الأساسي ، وتكون المحكمة مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية، ويخضع اختصاص المحكمة وأسلوب عملها لأحكام هذا النظام الأساسي”
وتعني هذه المادة أن المحكمة تتمتع بالآتي:

1- أنها محكمة جنائية دولية دائمة وليست مؤقتة كالمحاكم السابقة (محاكم نورمبيرج ـ طوكيو) وتعني الديمومة هنا أن المحكمة تختص بنظر المنازعات الداخلة باختصاصها “المبينة في النظام الأساسي” وتمتد سلطتها على دول عديدة لا قاصرة على دولة واحدة مثل رواندا أو يوغوسلافيا السابقة أي لم توضع هذه المحكمة لغرض التقاضي عن جرائم دولية وقعت في إقليم معين بل ممتدة وليست مؤقتة.

2- ولاية المحكمة مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية أي أن المحكمة لا تدخل في منازعة من تلقاء نفسها بل عند إثبات عجز القضاء الوطني أو عند تقصيره تتدخل المحكمة.
هذا ما يتعلق بالمادة الأولى أما المادة الثانية فإنه من الواجب علينا ذكر أن المادة الثانية كانت في المشروع عام 1993م تلحق المحكمة بأجهزة الأمم المتحدة أي أنها تابعة للمحكمة ولكن المسألة لم تحسم عام 1993م على هذا الرأي بل من الأعضاء (أعضاء اللجنة) المؤيد أن تصبح المحكمة جهازاً تابعاً للأمم المتحدة ورأى أعضاء آخرون أن المسألة تقتضي تعديل ميثاق الأمم المتحدة ودعوا إلى قيام نوع آخر من العلاقة مع هذه المنظمة كمعاهدة التعاون على غرار المعاهدات المبرمة بين الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. أو معاهدة مستقلة تنص على تولي الجمعية العامة انتخاب القضاة. كما ارتؤا أن وجود نوع من رابطة رسمية على الأقل بين المحكمة والأمم المتحدة سينطوي على ميزة ليست فقط من حيث السلطة والدوام اللذين ستحرزهما المحكمة بل لأن جزءاً من اختصاص المحكمة قد يتوقف على قرارات مجلس الأمن ولذلك أشار بعض الأعضاء إلى أن رابطة من هذا النوع يمكن منحها بإنشاء المحكمة على وصفها جهازاً فرعياً للجمعية العامة. أو بأي آلية أخرى قد تقررها الأمم المتحدة.
إلا أن مسألة تنظيم العلاقة بين المحكمة والأمم المتحدة قد استقرت عام 1998 بأن علقت الأمور بأيدي جمعية الدول الأطراف فورد بالمادة

(2) “تنظم العلاقة بين المحكمة والأمم المتحدة بموجب اتفاق تعتمده جمعية الدول الأطراف في هذا النظام الأساسي ويبرمه بعد ذلك رئيس المحكمة نيابة عنه”.
وجمعية الدول الأطراف شرحتها المادة 112 من النظام الأساسي بأنها تكون من الدول الأطراف التي يكون لكل منهما ممثل واحد في الجمعية مع جواز أن يكون له مستشارين ونواب وتقوم الجمعية بما يلي:

‌أ) “*نظر واعتماد توصيات اللجنة التحضيرية، حسبما يكون مناسبا.
‌ب) توفير الرقابة الإدارية على هيئة الرئاسة والمدعي العام والمسجل فيما يتعلق بإدارة المحكمة.
‌ج) النظر في تقارير وأنشطة المكتب المنشأ بموجب الفقرة 3، واتخاذ الإجراءات المناسبة فيما يتعلق بهذه التقارير والأنشطة.
‌د) النظر في ميزانية المحكمة والبت فيها.
‌ه) تقرير ما إذا كان ينبغي تعديل عدد القضاة وفقاً للمادة 36.
‌و) النظر عملاً بالفقرتين 5و 7 من المادة 7، في أية مسألة تتعلق بعدم التعاون.
‌ز) أداء أي مهمة أخرى تتسق مع هذا النظام الأساسي ومع القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات”.

المركز القانوني للمحكمة:

ورد في نص المادة الرابعة من النظام الأساسي أن:

1- تكون للمحكمة شخصية قانونية دولية ، كما تكون لها الأهلية القانونية اللازمة لممارسة وظائفها وتحقيق مقاصدها.
2- للمحكمة أن تمارس وظائفها وسلطاتها ، على النحو المنصوص عليه في هذا النظام الأساسي في إقليم أية دولة طرف ، ولها وبموجب اتفاق خاص مع أية دولة أخرى، أن تمارسها في إقليم تلك الدولة”
يعني من النص أن المحكمة تتمتع بالشخصية القانونية المعترف بها وعلى الصعيد الدولي ما يصحبه اهليه تكسبها حقوق وتحملها إلتزامات ، كما أن المحكمة لها أن تسلك السبل المشروعة من أجل تحقيق الأهداف والغاية من إنشائها وكل ذلك في حدود النظام الأساسي.

ولها أن تبرم بموجب أهليتها الاتفاقيات الخاصة مع أي شخص آخر من اشخاص القانون الدولي .

حجية النظام الأساسي:

للنظام الأساسي حجية في نصوصه ، كما انها ليست قاصرة على لغة دون الأخرى بل تتساوى الحجية سواء كانت نصوص النظام أسبانية أو إنجليزية أو روسية أو عربية أو فرنسية أو صينية.
كما لا يجوز إبداء أي نوع التحفظات على النظام الأساسي، وفيما يتعلق بالانسحاب فقد شرحت آليته المادية 127:
“لأية دولة طرف أن تنسحب من هذا النظام الأساسي بموجب إخطار كتابي يوجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ويصبح هذا الانسحاب نافذاً بعد سنة واحدة من تاريخ تسلم الإخطار، ما لم يحدد الإخطار تاريخاً لاحقاً لذلك.
لا تعفى الدولة بسب انسحابها من الالتزامات التي تنشأ عن النظام الأساسي مادامت طرفاً فيه ، بما في ذلك الالتزامات المالية التي قد تكون مستحقة عليها ، ولا يؤثر انسحاب الدولة على أي تعاون مع المحكمة فيما يتصل بالتحقيقات والإجراءات الجنائية التي كان على الدولة المنسحبة واجب التعاون بشأنها والتي كانت قد بدأت في التاريخ الذي أصبح فيه الانسحاب نافذاً ، ولا يمس على نحو مواصلة النظر في أي مسألة كانت قيد نظر المحكمة بالفعل قبل التاريخ الذي أصبح فيه الانسحاب نافذاً”
وعن موضوع التعديلات تطرق النظام الأساسي في المادة 121 موضحاً أنها:

1- بعد انقضاء سبع سنوات من بدء نفاذ هذا النظام الاساسي لا يجوز لأية دولة طرف أن تقترح تعديلات عليه ، ويقدم نص أي تعديل مقترح إلى الأمين العام للأمم المتحدة ليقوم على الفور بتعميمه على جميع الدول الأطراف.
2- تقرر الجمعية التالية للدول الأطراف ما إذا كانت ستتناول الاقتراح أم لا، وذلك بأغلبية الحاضرين المصوتين وفي موعد لا يسبق انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ الاخطار. وللجمعية أن تتناول الاقتراح مباشرة ولها أن تعقد مؤتمراً استعراضياً خاصاً إذا اقتضى الأمر ذلك.
3- يلزم توافر أغلبية ثلثي الدول الأطراف لاعتماد أي تعديل يتعذر بصدده التوصل إلى توافق آراء في اجتماع لجميعة الدول الاطراف أو في مؤتمر استعراضي.
4- باستثناء الحالات المنصوص عليها في الفقرة 5 يبدأ نفاذ التعديل بالنسبة إلى جميع الدول الأطراف بعد سنة واحدة من إيداع صكوك التصديق أو القبول لدى الأمين العام للأمم المتحدة من قبل سبعة أثمانها.
5- يصبح أي تعديل على المادة 5 من هذا النظام الأساسي نافذاً بالنسبة إلى الدول الأطراف التي تقبل التعديل ، وذلك بعد سنة واحدة من إيداع صكوك التصديق أو القبول الخاص بها ، وفي حالة الدولة الطرف التي لا تقبل التعديل ، يكون على المحكمة ألا تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشمولة بالتعديل عندما يرتكب هذه الجريمة مواطنون من تلك الدولة أو ترتكب الجريمة في إقليمها.
6- إذا قبل تعديلاً ما سبعة أثمان الدول الأطراف وفقاً للفقرة 4، جاز لأية دولة طرف لم تقبل التعديل أن تنسحب من النظام الأساسي انسحاباً نافذاً في الحال، بالرغم من الفقرة 1 من المادة 127 ولكن رهناً بالفقرة 2 من المادة 127، وذلك بتقديم إشعار في موعد لا يتجاوز سنة واحدة من بدء نفاذ التعديل.
7- يعمم الأمين العام للأمم المتحدة على جميع الدول الأطراف أي تعديل يعتمد في اجتماع لجمعية الدول الأطراف أو في مؤتمر استعراضي.

وفيما يتعلق بالتعديلات ذات الطابع المؤسسي ذكرت المادة 112 أن:

1- يجوز لأية دولة طرف أن تقترح في أي وقت من الأوقات، بالرغم من الفقرة 1 من المادة 121، تعديلات على أحكام النظام الأساسي ذات الطابع المؤسسي البحت،وهي المادة 25 والفقرتان 8، 9 من المادة 36 والمادتان 37، 38 والفقرات 1(الجملتان الأوليان) 2، 4 من المادة 39، والفقرات 4 إلى 9 من المادة 42، والفقرتان 2، 3 من المادة 43، والمواد 44، 46، 47، 49 ويقدم نص أي تعديل مقترح إلى الأمين العام للأمم المتحدة أو أي شخص آخر تعينه جمعية الدول الأطراف ليقوم فوراً بتعميمه على جميع الدول الأطراف وعلى غيرها ممن يشاركون في الجمعية.
2- تعتمد جمعية الدول الأطراف أو مؤتمر استعراضي بأغلبية ثلثي الدول الأطراف، أية تعديلات مقدمه بموجب هذه المادة يتعذر التوصل إلى توافق آراء بشأنها، ويبدأ نفاذ هذه التعديلات بالنسبة إلى جميع الدول الأطراف بعد انقضاء ستة أشهر من اعتمادها من قبل الجمعية أو من قبل المؤتمر حسب الحالة.
ولا تتوقف مسألة التعديلات عند هذا الحد بل للأمين العام للأمم المتحدة أن يعقد مؤتمراً بعد سبع سنوات يتداول من خلاله جدوى إجراء تعديلات على النظام الأساسي، كما أن للأمين العام القيام بعقد مؤتمر في أي وقت ولكن بعد موافقة أغلبية الدول الأطراف.
ويحق للدولة عندما تصبح طرفاً في النظام الأساسي إعلان عدم اختصاص المحكمة لمدة سبع سنوات من سريان النظام الأساسي أي من دخول النظام حيز النفاذ في يوليو 2002 وحتى يوليو 2007 يحق للدولة الطرف القيام بهذا الإجراء.

اختصاصات المحكمة:

تختص المحكمة بالنظر في الجرائم الآتية:

‌أ) جريمة الإبادة الجماعية.
‌ب) الجرائم ضد الإنسانية.
‌ج) جرائم الحرب.
‌د) جرائم العدوان.

وتعني الإبادة الجماعية:

أي فعل من الأفعال يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه. إهلاكاً كلية أو جزئياً:
‌أ) قتل أفراد الجماعة.
‌ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.
‌ج) إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أوجزئياً.
‌د) فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة.
‌ه) نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى”*

أما الجرائم ضد الإنسانية فهي:

التي ترتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم.
‌أ) القتل العمد.
‌ب) الإبادة.
‌ج) الاسترقاق
‌د) إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان.
‌ه) السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي.
‌و) التعذيب .
‌ز) الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة.
‌ح) اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية ، أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3 أو لأسباب أخرى من المسلم عالمياً بأن القانون الدولي لا يجيزها. وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة.
‌ط) الاختفاء القسري للأشخاص.
‌ي) جريمة الفصل العنصري.
‌ك) الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمداً في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.

لغرض الفقرة 1:

‌أ) تعني عبارة هجوم موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين نهجاً سلوكياً يتضمن الارتكاب المتكرر للأفعال المشار إليها في الفقرة 1 ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، عملاً بسياسة دولة أو منظمة تقضي بارتكاب هذا الهجوم، أو تعزيزاً لهذه السياسة.
‌ب) تشمل الإبادة تعمد فرض أحوال معيشية من بينها الحرمان من الحصول على الطعام والدواء بقصد إهلاك جزء من السكان.
‌ج) يعني الاسترقاق ممارسة أي من السلطات المترتبة على حق الملكية، أو هذه السلطات جميعها على شخص ما، بما في ذلك ممارسة هذه السلطات في سبيل الإتجار بالأشخاص، ولا سيما النساء والأطفال.
‌د) يعني إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان نقل الأشخاص المعنيين قسراً من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة بالطرد أو بأي فعل قسري آخر دون مبررات يسمح بها القانون الدولي.
‌ه) يعني التعذيب تعمد إلحاق شديد أو معاناة شديدة ، سواء بدنياً أو عقليا، بشخص موجود تحت إشراف المتهم أو سيطرته، ولكن لا يمشل التعذيب أي ألم أو معاناة ينجمان فحسب عن عقوبات قانونية أو يكونان جزءاً منها أو نتيجة لها.
‌و) يعني الحمل القسري إكراه المرأة على الحمل قسراً وعلى الولادة غير المشروعة بقصد التأثير على التكوين العرقي لأية مجموعة من السكان أو ارتكاب انتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي.
ولا يجوز بأي حال تفسير هذا التعريف على نحو يمس القوانين الوطنية المتعلقة بالحمل .
ز) يعني الاضطهاد حرمان جماعة من السكان أو مجموع السكان حرماناً متعمداً وشديداً من الحقوق الأساسية بما يخالف القانون الدولي، وذلك بسبب هوية الجماعة أو المجموع.
‌ز) تعني جريمة الفصل العنصري أية أفعال لا إنسانية تماثل في طابعها الأفعال المشار إليها في الفقرة 1 وترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى ، وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام.
‌ح)
‌ط) يعني الاختفاء القسري للأشخاص إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة أو منظمة سياسية ، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه، ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة.
لغرض هذا النظام الأساسي، من المفهوم أن تعبير نوع الجنس يشير إلى الجنسين، الذكر والأنثى في إطار المجتمع ولا يشير نوع الجنس إلى أي معنى آخر بخلاف ذلك”*

ويعنى بجرائم الحرب:

“أ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12أب/ أغسطس
1949، أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص ، أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة:
1القتل العمد.
2التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية.
3تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة.
4إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.
5إرغام أي أسير أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية.
6الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع.
7أخذ رهائن.
ب) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات في النطاق الثابت للقانون الدولي، أي أي فعل من الأفعال التالية :
1- تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية.
2- تعمد توجيه هجمات ضد مواقع معينة، أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية.
3- تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة ما داموا يستخدمون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة.
4- تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحاً إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.
5- مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية بأية وسيلة كانت.
6- قتل أو جرح مقاتل استسلم مختاراً، يكون قد ألقى سلاحه أو لم تعد لديه وسيلة للدفاع.
7- إساءة استعمال علم الهدنة أو علم العدو أوشارته العسكرية وزيه العسكري أو علم الأمم المتحدة أو شاراتها وأزيائها العسكرية، وكذلك الشعارات المميزة لاتفاقيات جنيف مما يسفر عن موت الأفراد أو إلحاق إصابات بالغة بهم.
8- قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.
9- تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى شريطة ألا تكون أهدافاً عسكرية.
10- إخضاع الأشخاص الموجودين تحت سلطة طرف معاد للتشويه البدني أو لأي نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي لا تبررها المعالجة الطبية أو معالجة الانسان أو المعالجة في المستشفى للشخص المعني والتي لا تجري وتتسبب في وفاة ذلك الشخص أو أولئك الأشخاص أو في تعريض صحتهم لخطر شديد.
11- قتل أفراد منتمين إلى دولة معادية أو جيش معاد أو إصابتهم غدراً.
12- إعلان أن لن يبقى أحد على قيد الحياة.
13- تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو الاستيلاء مما تحتمه ضرورات الحرب.
14- إعلان أن حقوق ودعاوى رعايا الطرف المعادي ملغاة أو معلقة أو لن تكون مقبولة في أية محكمة.
15- إجبار رعايا الطرف المعادي على الاشتراك في عمليات حربية موجهة ضد بلدهم حتى وإن كانوا قبل نشوب الحرب في خدمة الدولة المحاربة.
16- نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تم الاستيلاء عليه عنوه.
17- استخدام السموم أو الأسلحة المسممة.
18- استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أو المواد أو الأجهزة.
19- استخدام الرصاصات التي تتمدد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشري مثل الرصاصات ذات الأغلفة الصلبة التي لا تغطي كامل جسم الرصاصة أو الرصاصات المحرزة الغلاف.
20- استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضراراً زائدة أو آلاماً لا لزوم لها، أو تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة ، بشرط أن تكون هذه الأسلحة والقذائف والمواد والأساليب الحربية موضع خطر شامل وأن تدرج في مرفق لهذا النظام الأساسي ، عن طريق تعديل يتفق والأحكام ذات الصلة الواردة في المادتين 121، 123.
21- الاعتداء على كرامة الشخص وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.
22- الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري على النحو المعرف في الفقرة 2 من المادة 7، أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضا انتهاكاً خطيراً لاتفاقيات جنيف.
23- استغلال وجود شخص مدني أو أشخاص آخرين متمتعين بحماية لإضفاء الحصانة من العمليات العسكرية على نقاط أو مناطق أو وحدات عسكرية معينة.
24- تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية و وسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي.
25- تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغذائية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف.
26- تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر إلزامياً أو طوعياً في القوات المسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في الأعمال الحربية.
جـ) في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي، الانتهاكات الجسيمة للمادة 2 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة في 12 آب/ أغسطس 1949 وهي أي من الأفعال التالية المرتبكة ضد أشخاص غير مشتركين اشتراكاً فعلياً في الأعمال الحربية ، بما في ذلك أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا سلاحهم وأولئك الذين أصبحوا عاجزين عن القتال بسبب المرض أو الإصابة أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر:
1- استعمال العنف ضد الحياة والأشخاص، وبخاصة القتل بجميع أنواعه والتشويه، والمعاملة القاسية والتعذيب.
2- الاعتداء على كرامة الشخص، وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.
3- اخذ الرهائن.
4- إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلاً نظامياً تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموماً بأنه لا غنى عنها.
‌ح) تنطبق الفقرة 2 (ج) على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي وبالتالي فهي لا تنطبق على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية مثل أعمال الشغب أو أعمال العنف المنفردة أو المتقطعة أو غيرها من الأعمال ذات الطبيعة المماثلة.
‌ط) الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، في النطاق الثابت للقانون الدولي، أي أي من الأفعال التالية:
1 )تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية.
2)تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المبينة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي.
3)تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب القانون الدولي للمنازعات المسلحة.
4)تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو الخيرية والآثار التاريخية والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى، شريطة ألا تكون أهدافاً عسكرية.
5)نهب أي بلدة أو مكان حتى وإن تم الاستيلاء عليه عنوة.
6)الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري على النحو المعرف في الفقرة 2 من المادة 7 أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضاً انتهاكاً خطيراً للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع.
7)تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر إلزامياً أو طوعياً في القوات المسلحة أو في جماعات مسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في الأعمال الحربية.
8) إصدار أوامر بتشريد السكان المدنيين لأسباب تتصل بالنزاع، ما لم يكن ذلك بداع من أمن المدنيين المعنيين أو لأسباب عسكرية ملحة.
9) قتل أحد المقاتلين من العدو أو إصابته غدراً.
10) إعلان أنه لن يبقى أحد على قيد الحياة.
11) إخضاع الأشخاص الموجودين تحت سلطة طرف آخر في النزاع للتشويه البدني أو لأي نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي لا تبررها المعالجة الطبية أو معالجة الانسان أو المعالجة في المستشفى للشخص المعني والتي لا تجري لصالحه وتتسبب في وفاة ذلك الشخص أو أولئك الأشخاص أو في تعريض صحتهم لخطر شديد.
12) تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو الاستيلاء مما تحتمه ضرورات الحرب.
تنطبق الفقرة 2 على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي وبالتالي فهي لا تنطبق على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلية ، مثل أعمال الشغب أو أعمال العنف المنفردة أو المتقطعة أو غيرها من الأعمال ذات الطبيعة المماثلة ، وتنطبق على المنازعات المسلحة التي تقع في إقليم دولة عندما يوجد صراع مسلح متطاول الأجل بين السلطات الحكومية وجماعات مسلحة منظمة أو فيما بين هذه الجماعات.
ليس في الفقرتين 2 (جـ – د )ما يؤثر على مسئولية الحكومة عن حفظ أو إقرار القانون والنظام في الدولة أو عن الدفاع عن وحدة الدولة وسلامتها الإقليمية، بجميع الوسائل المشروعة”*
من خلال استعراض أنواع الجرائم الدولية الواردة في النظام الأساسي يتبين أن النظام قد صيغ صياغة دقيقة واضحة ومحددة، فالجرائم الدولية السابق شرحها* كانت متداولة ومحل نظر شراح وفقهاء القانون قبل صدور النظام الأساسي ولم تكن مدونة في وثيقة محددة كالمحكمة الجنائية الدولية بل كانت متناثرة بين كتب وأبحاث قانونية أو مواثيق دولية غير محددة أو مشروعات خاصة تتدارسها لجنة القانون الدولي.
أما اليوم فإن النظام الأساسي يعتبر نتيجة لجهد وبذل الفقهاء السابقين بذكر الجرائم الدولية التي تختص المحكمة بنظرها وشرحها من المواد الخامسة وحتى المادة التاسعة من النظام الأساسي.
وبالتالي فإن المحكمة لا تختص إلا بنظر الجرائم آنفة الذكر، كما أن المحكمة لا تنظر إلا بالجرائم والقضايا ذات العلاقة التي تحصل بعد دخول النظام الأساسي حيز النفاذ ، وكذلك لا تختص المحكمة في النظر بالجرائم التي تحصل قبل دخول الدولة طرفاً في النظام الأساسي بل بعد دخول الدولة إلا إذا قامت الدولة بإعلان تودعه لدى (مسجل المحكمة) فهنا يمكن للمحكمة التدخل والنظر في الجريمة الدولية الواقعة.
إذا يمكن القول بأن الاختصاص الزمني للمحكمة الجنائية الدولية يقوم عند:
1- دخول النظام الأساسي حيز النفاذ “منذ يوليو 2002”.
2- دخول الدولة طرفاً في النظام الأساسي.
3- إعلان الدولة لمسجل المحكمة إذا لم تكن طرفاً في النظام الأساسي.
كما أن هنالك شروط بديهية لكي تمارس المحكمة بموجبها الاختصاص:
1- أن يقع السلوك المحدث للمسئولية الجنائية الدولية في إقليم دولة طرف في النظام الأساسي.
2- أن يكون الشخص المتهم أحد مواطني الدولة الطرف أو من رعاياها.
آلية دخول المحكمة في النظر بالجريمة محل البحث:
1- إحالة دولة طرف إلى المدعي العام كطلب للتحقيق في حالة من الحالات التي تعد جرائماً داخلة في اختصاص المحكمة “جرائم العدوان ـ الإبادة الجماعية ـ الحرب ـ ضد الإنسانية” أو أكثر من جريمة، وقد ارتكبت بالفعل.
2- قيام مجلس الأمن بإحالة طلبه إلى المدعي العام موضحاً فيه أن جريمة من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت بالفعل.
3- إذا كان المدعي العام قد قام فعلاً بالبدء في التحقيق بجريمة من الجرائم التي تختص المحكمة بالنظر فيها وفقاً للأحكام الواردة في النظام الأساسي. في المادة (15) والتي تمكنه من مباشرة التحقيق طالما كانت الجريمة داخلة في اختصاص المحكمة.

حالات عدم قبول الدعوى:

‌أ) “إذا كانت تجري التحقيق أو المقاضاة في الدعوى دولة لها ولاية عليها، ما لم تكن الدولة حقاً غير راغبة في الاضطلاع بالتحقيق أو المقاضاة أو غير قادرة على ذلك.
‌ب) إذا كانت قد أجرت التحقيق في الدعوى دولة لها ولاية عليها وقررت الدولة عدم مقاضاة الشخص المعني، ما لم يكن القرار ناتجاً عن عدم رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقاً على المقاضاة.
‌ج) إذا كان الشخص المعني قد سبق أن حوكم على السلوك موضوع الشكوى. ولا يكون من الجائز للمحكمة إجراء محاكمة طبقاً للفقرة 3 من المادة 20.
‌د) إذا لم تكن الدعوى على درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذ المحكمة إجراء آخر”*
الدفع بعدم اختصاص المحكمة:
تقوم المحكمة من تلقاء نفسها بالتحقق من أن لها الاختصاص في نظر الدعوى أم لا.
الحق بالطعن في مقبولية الدعوى أو الدفع بعدم اختصاص المحكمة يكون مقرراً لكل من:
‌أ) المتهم أو الشخص الذي يكون قد صدر بحقه أمر بإلقاء القبض أو أمر بالحضور.
‌ب) الدولة التي لها اختصاص النظر في الدعوى لكونها تحقق أو تباشر المقاضاة في الدعوى أو لكونها حققت أو باشرت المقاضاة في الدعوى.
‌ج) الدولة التي يطلب قبولها بالاختصاص.
كما أن حقهم بالطعن مقرر لهم مرة واحدة فقط ويجوز في ظروف استثنائية للمحكمة أن تسمح بالطعن أكثر من مرة، كما أن الطعن لا يؤثر على صحة إجراءات المدعي العام أو أوامر المحكمة قبل تقديمه، ويحق للمدعي العام أن يقدم قراراً بعدم المقبولية أو عدم اختصاص المحكمة وكذلك من حق المجني عليهم والجهة المعنية تقديم ملاحظاتهم إلى المحكمة.

الإلتماس وطلب إعادة النظر:

يكون للمدعي العام الحق بأن يلتمس من المحكمة إذن للقيام بمواصلة التحقيق أو أخذ الأقوال أو شهادة شاهد أو إتمام عملية جمع الأدلة في التعاون مع الدولة حتى لا يهرب المتهم من أيدي العدالة.
في حال قيام المحكمة بعدم قبول الدعوى فإن للمدعي العام القدرة على تقديم طلب إعادة النظر في القرار عند اقتناعه التام بوجود وقائع جديدة نشأت بل ومن شأنها إلغاء الأساس الذي يبنى عليه “عدم المقبولية”*
القانون الواجب التطبيق في المحكمة الجنائية الدولية:
‌أ) “في المقام الأول، هذا النظام الأساسي وأركان الجرائم والقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات الخاصة بالمحكمة.
‌ب) في المقام الثاني، حيثما يكون ذلك مناسباً، المعاهدات الواجبة التطبيق ومبادئ القانون الدولي وقواعده، بما في ذلك المبادئ المقررة في القانون الدولي للمنازعات المسلحة.
‌ج) وإلا فالمبادئ العامة للقانون التي تستخلصها المحكمة من القوانين الوطنية للنظم القانونية في العالم، بما في ذلك، حسبما يكون مناسباً القوانين الوطنية للدول التي من عادتها أن تمارس ولايتها على الجريمة، شريطة ألا تتعارض هذه المبادئ مع هذا النظام الأساسي ولا مع القانون الدولي ولا مع القواعد والمعايير المعترف بها دوليا.
يجوز للمحكمة أن تطبق مبادئ وقواعد القانون كما هي مفسرة في قراراتها السابقة.
يجب أن يكون تطبيق وتفسير القانون عملاً بهذه المادة متسقين مع حقوق الإنسان المعترف بها دوليا وأن يكون خاليين من أي تمييز ضار يستند إلى أسباب مثل نوع الجنس، على النحو المعروف في الفقرة 3 من المادة 7 أو السن أو العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو المعتقد أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الإثني أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو وضع آخر”*.
وتضمن النظام الأساسي في المادة 20 مبدأ هام وقديم وهو “عدم جواز المحاكمة عن الجريمة ذاتها مرتين”، كما احتوت المواد (22، 23) على مبدأ الشرعية القاضي بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني، ويعود النظام الأساسي إلى مسألة الاختصاص الزمني في المادة (24) بعدم رجعية الأثر على الأشخاص “لا يسأل الشخص جنائياً.. عن سلوك سابق لبدء نفاذ النظام”، وتمسك النظام الأساسي بمبدأ القانون الأصلح للمتهم حين ذكر في المادة 24 الفقرة 2، “يطبق القانون الأصلح للشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو الإدانة”.

المسئولية الجنائية الدولية:

تسائل المحكمة كل من الأشخاص الطبيعيين والقادة العسكريين والرؤساء الآخرين مسائلة جنائية طالما دخلت الجرائم المرتبكة في صميم اختصاص المحكمة، كما أن المحكمة لا تختص بمحاكمة من هم أقل عمراً عن 18 سنة ميلادية ، ولا تعتد المحكمة بالصفة الرسمية للشخص أياً كانت الصفة فإنه يسائل سواء رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة أو في السلطة التشريعية أو حتى موظفاً حكومياً أي أن الكل سواسية أمام العدالة الجنائية الدولية وبالتالي فإن الحصانات لا تحول دون ممارسة المحكمة اختصاصها على الشخص.
وحتى يسأل الشخص جنائياً في حالة قيامه بالآتي:
‌أ) “ارتكاب هذه الجريمة سواء بصفته الفردية أو بالاشتراك مع آخر أو عن طريق شخص آخر بغض النظر عما إذا كان ذلك الآخر مسئولاً جنائياً.
‌ب) الأمر أو الإغراء بارتكاب، أو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها.
‌ج) تقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل آخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها.
‌د) المساهمة بأية طريقة أخرى في قيام جماعة من الأشخاص، يعملون بقصد مشترك لارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، على أن تكون هذه المساهمة متعمدة وأن تقدم:
1- إما بهدف تعزيز النشاط الإجرامي أو الغرض الإجرامي للجماعة، إذا كان هذا النشاط أو الغرض منطوياً على ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة.
2- أو مع العلم بنية ارتكاب هذه الجريمة لدى هذه الجماعة.
‌ه) فيما يتعلق بجريمة الإبادة الجماعية، التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
‌و) الشروع في ارتكاب الجريمة عن طريق اتخاذ إجراء يبدأ به تنفيذ الجريمة بخطوة ملموسة، ولكن لم تقع الجريمة لظروف غير ذات صلة بنوايا الشخص، ومع ذلك، فالشخص الذي يكف عن بذل أي جهد لارتكاب الجريمة أو يحول بوسيلة أخرى دون إتمام الجريمة لا يكون عرضة للعقاب بموجب هذا النظام الأساسي على الشروع في ارتكاب الجريمة إذا هو تخلى تماماً وبمحض إرادته عن الغرض الإجرامي”*
يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلاً بأعمال القائد العسكري مسئولاً مسئولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين، أو تخضع لسلطته وسيطرته الفعليتين، حسب الحالة، نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات ممارسة سليمة:
أ‌) إذا كان ذلك القائد العسكري أو الشخص قد علم، أو يفترض أن يكون قد علم، بسب بالظروف السائدة في ذلك الحين، بأن القوات ترتكب أو تكون على وشك ارتكاب هذه الجرائم.
ب‌) إذا لم يتخذ ذلك القائد العسكري أو الشخص جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.
فيما يتصل بعلاقة الرئيس والمرؤوس. يسأل الرئيس حالياً جنائياً عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليتين نتيجة لعدم ممارسة سيطرته على هؤلاء المرؤوسين ممارسة سليمة.
إذا كان الرئيس قد علم أو تجاهل عن وعي أي معلومات تبين بوضوح أن مرؤوسيه يرتكبون أو على وشك أن يرتكبوا هذه الجرائم.
إذا تعلقت الجرائم بأنشطة تندرج في إطار المسئولية والسيطرة الفعليتين للرئيس.
إذا لم يتخذ الرئيس جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.”*
في حال ما إذا ارتكب شخص ما جريمة من الجرائم الداخلية في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وكان عند ارتكابه الجريمة متمثلاً لاوامر رئيسه أو حكومته فإنه لا يعفى من المسئولية الجنائية أياً كانت صفته (مدني ـ عسكري) إلا في حالات معينة تضمنها النظام الأساسي كأن يكون الشخص ملتزم قانوناً بإطاعة مصدر الأمر (الرئيس أو الحكومة) أو عدم علم الشخص بأن الفعل غير مشروع أو إذا لم تكن مشروعية الأمر ظاهرة.
ولا يعد الغلط في الوقائع أو الغلط في القانون سبباً من أسباب امتناع المسئولية إلا إذا نتج الغلط عن انتفاء الركن المعنوي المطلوب لارتكاب الجريمة، والركن المعنوي يعرف على إنه توافر القصد (قصد ارتكاب الفعل مع قد إحداث النتيجة) والعلم (أي المعرفة بحرمة الفعل).
ونظم النظام الأساسي أسباب موانع المسئولية التي إن توافرت يعفى الشخص جنائياً إذا كان عند ارتكابه للفعل:
“يعاني مرضاً أو قصوراً عقلياً بعدم قدرته على إدراك عدم مشروعية أو طبيعة سلوكه، أو قدرته على التحكم في سلوكه بما يتمشى مع مقتضيات القانون.
في حالة سكر مما يعدم قدراته على إدراك عدم مشروعية أو طبيعة سلوكه أو قدرته على التحكم في سلوكه بما يتمشى مع مقتضيات القانون، ما لم يكن الشخص قد سكر باختياره في ظروف كان يعلم فيها أنه يحتمل أن يصدر عنه نتيجة للسكر سلوك شكل جريمة تدخل في اختصاص المحكمة أو تجاهل فيها هذا الاحتمال.
يتصرف على نحو معقول للدفاع عن نفسه أو عن شخص آخر أو يدافع في حالة جرائم الحرب عن ممتلكات لا غنى عنها لإنجاز مهام عسكرية ضد استخدام وشيك وغير مشروع للقوة. وذلك بطريقة تتناسب مع درجة الخطر الذي يهدد هذا الشخص أو الشخص الآخر أو الممتلكات المقصود حمايتها، واشتراك الشخص في عملية دفاعية تقوم بها قوات لا يشكل في حد ذاته سبباً لامتناع المسئولية الجنائية بموجب هذه الفقرة الفرعية.
إذا كان السلوك المدعي أنه يشكل جريمة في اختصاص المحكمة قد حدث تحت تأثير إكراه ناتج عن تهديد بالموت الوشيك أو بحدوث ضرر بدني جسيم مستمر أو وشيك ضد ذلك الشخص أو شخص آخر، وتصرف الشخص تصرفاً لازماً ومعقولاً لتجنب هذا التهديد. شريطة ألا يقصد الشخص أن يتسبب في ضرر أكبر من الضرر المراد تجنبه، ويكون ذلك التهديد صادراً عن أشخاص آخرين، أو تشكل بفعل ظروف أخرى خارجة عن إرادة ذلك الشخص.
1- تبت المحكمة في مدى انطباق أسباب امتناع المسئولية الجنائية التي ينص عليها هذا النظام الأساسي على الدعوى المعروضة عليها.
2- للمحكمة أن تنظر أثناء المحاكمة في أي سبب لامتناع المسئولية الجنائية بخلاف الأسباب المشار إليها في الفقرة 1 في الحالات التي يستمد فيها هذا السبب من القانون الواجب التطبيق على النحو المنصوص عليه في المادة 21، وينص في القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات على الإجراءات المتعلقة بالنظر في هذا السبب”*
بعد أن تحدثنا عن طبيعة المحكمة وعن اختصاصها وحجية نظامها الأساسي ومركزها القانوني والمسئولية الجنائية تنتقل إلى الشق الإجرائي المتمثل بالتحقيق والتقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية.

سلطة التحقيق:

يتولى التحقيق المدعي العام، ويقوم المدعي العام بالنظر في:
1
‌أ) “ما إذا كانت المعلومات المتاحة للمدعي العام توفر أساساً معقولاً للاعتقاد بأن جريمة تدخل في اختصاص المحكمة قد ارتكبت أو يجري ارتكابها.
‌ب) ما إذا كانت القضية مقبولة أو يمكن أن تكون مقبولة بموجب المادة 17.
‌ج) ما إذا كان يرى، أخذاً في اعتباره خطورة الجريمة ومصالح المجني عليهم، أن هناك مع ذلك أسباباً جوهرية تدعو للاعتقاد بأن إجراء تحقيق لن يخدم مصالح العدالة.
فإذا قرر المدعي العام عدم وجود أساس معقول لمباشرة إجراء وأن قراره يستند فحسب إلى الفقرة الفرعية (ج) أعلاه، كان عليه أن يبلغ الدائرة التمهيدية بذلك.
2 إذا تبين المدعي العام، بناءاً على التحقيق، أنه لا يوجد أساس كاف للمقاضاة:
‌أ) لأنه لا يوجد أساس قانوني أو وقائعي كاف لطلب إصدار أمر قبض أو أمر حضور بموجب المادة 58او
‌ب) لأن القضية غير مقبولة بموجب المادة 17او
‌ج) لأنه رأى بعدم مراعاة جميع الظروف، بما فيها مدى خطورة الجريمة ومصالح المجني عليهم وسن أو اعتلال الشخص المنسوب إليه الجريمة أو دوره في الجريمة المدعاة، أن المقاضاة لن تخدم مصالح العدالة.
وجب عليه أن يبلغ الدائرة التمهيدية والدولة المقدمة للإحالة بموجب المادة 14 أو مجلس الأمن في الحالات التي تندرج في إطار الفقرة (ب) من المادة 13، بالنتيجة التي انتهى إليها والأسباب التي ترتبت عليها هذه النتيجة.
3
‌أ) بناء على طلب الدولة القائمة بالإحالة بموجب المادة 14 أو طلب مجلس الأمن بموجب الفقرة (ب) من المادة 13. يجوز للدائرة التمهيدية مراجعة قرار المدعي العام بموجب الفقرة 1 أو 2 بعدم مباشرة إجراء ولها أن تطلب من المدعي العام إعادة النظر في ذلك القرار.
‌ب) يجوز للدائرة التمهيدية بالإضافة إلى ذلك وبمبادرة منها، مراجعة قرار المدعي العام بعدم مباشرة إجراء إذا كان القرار يستند فحسب على الفقرة جـ أو 2 جـ، وفي هذه الحالة لا يصبح قرار المدعي العام نافذاً إلا إذا اعتمدته الدائرة التمهيدية.
4 يجوز للمدعي العام في أي وقت، أن ينظر من جديد في اتخاذ قرار بما إذا كان يجب الشروع في تحقيق أو مقاضاة استناداً إلى وقائع أو معلومات جديدة”*
يجوز للمدعي العام أن يتولى التحقيق في إقليم الدولة، كما له أن يوسع نطاق التحقيق وأن يتخذ التدابير المناسبة لضمان فعالية التحقيق وله أيضاً أن يفحص الأدلة بعد جمعها واستجواب الأشخاص محل التحقيق والشهود والمجني عليهم بعد طلب الحضور، ويستطيع المدعي العام أن يتعاون مع أي دولة أو منظمة حكومية أو دولية أو ترتيب حكومي دولي، وله أن يعقد الاتفاقات التي لا تتعارض مع النظام الأساسي إن كانت تعود بالفائدة لمهامه، وللمدعي العام الحق بعدم الكشف عن أية مرحلة من مراحل التحقيق (من مستندات أو معلومات) وله الحق في طلب التدابير اللازمة لكفالة سرية المعلومات أو لحماية الأدلة أو الأشخاص.

حقوق الأشخاص أثناء سير التحقيق:

‌أ) لا يجوز إجبار الشخص على تجريم نفسه أو الاعتراف بأنه مذنب.
‌ب) لا يجوز إخضاع الشخص لأي شكل من أشكال القسر أو الإكراه أو التهديد، ولا يجوز إخضاعه للتعذيب أو لأي شكل آخر من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
‌ج) إذا جرى استجواب الشخص بلغة غير اللغة التي يفهمها تماماً ويتحدث بها يحق له الاستعانة مجاناً بمترجم شفوي كفء والحصول على الترجمات التحريرية اللازمة للوفاء بمقتضيات الإنصاف.
‌د) لا يجوز إخضاع الشخص للقبض أو الاحتجاز التعسفي، ولا يجوز حرمانه من حريته إلا للأسباب ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في النظام الأساسي.
حيثما توجد أسباب تدعو للاعتقاد بأن شخصاً ما قد ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة ويكون من المزمع استجواب ذلك الشخص إما من قبل المدعي العام أو السلطات الوطنية بناء على طلب مقدم بموجب الباب 9 من هذا النظام الأساسي، يكون لذلك الشخص الحقوق التالية أيضاً ويجب إبلاغه بها قبل استجوابه:
‌أ) أن يجري إبلاغه، قبل الشروع في استجوابه ، بأن هناك أسباباً تدعو للاعتقاد بأنه ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة.
‌ب) التزام الصمت دون أن يعتبر هذا الصمت عاملاً في تقرير الذنب أو البراءة.
‌ج) الاستعانة بالمساعدة القانونية التي يختارها وإذا لم يكن لدى الشخص مساعدة قانونية، توفر له تلك المساعدة في أية حالة تقتضي فيها دواعي العدالة ذلك. ودون أن يدفع الشخص تكاليف تلك المساعدة في أية حالة من هذا النوع إذا لم تكن لديه الإمكانيات الكافية لتحملها.
‌د) أن يجري استجوابه في حضور محام، ما لم يتنازل الشخص طواعية عن حقه في الاستعانة بمحام.”*
الدائرة التمهيدية وسلطة التحقيق:
يجوز للدائرة التمهيدية أن تصدر قرارات أو أوامر لازمة لأغراض التحقيق وأن تطلب بناءاً على طلب قد ألقى القبض عليه أو أمر بالحضور ما يلزم من أوامر، كإصدار تدابير بناء على طلب المدعي العام مثل:

‌أ) “إصدار توصيات أو أوامر بشأن الإجراءات الواجب اتباعها.
‌ب) الأمر بإعداد سجل الإجراءات.
‌ج) تعيين خبير لتقديم المساعدة.
‌د) الإذن بالاستعانة بمحام عن الشخص الذي قبض عليه أو مثل أمام المحكمة تلبية لأمر حضور وإذا كان الشخص لم يقبض عليه ولم يمثل أمام المحكمة بعد أو لم يكن له محام، تعيين محام للحضور وتمثيل مصالح الدفاع.
‌ه) انتداب أحد أعضائها أو عند الضرورة أو قاض آخر من قضاة الشعبة التمهيدية أو الشعبة الابتدائية تسمح ظروفه بذلك، لكي يرصد الوضع ويصدر توصيات أو أوامر بشأن جمع الأدلة والحفاظ عليها واستجواب الأشخاص.
‌و) اتخاذ ما يلزم من إجراءات أخرى لجمع الأدلة أو الحفاظ عليها”*

أو تلتمس ما يلزم من تعاون حتى تساعد الشخص في دفاعه، وللدائرة أن تتخذ كل ما يلزم من أجل حماية المجني عليهم والشهود للمحافظة على الأدلة وحماية من يلقى القبض عليهم، ولها أن تأذن للمدعي العام أن يتخذ خطوات تحقيق محددة داخل إقليم دولة طرف دون ضمان تعاون الدولة، ولها أن تطلب من الدول التعاون معها.
ويجوز للدائرة التمهيدية بناءاً على طلب المدعي العام أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان فعاليات الإجراءات كما أنها تستطيع أن تتخذ التدابير اللازمة للحفاظ على الأدلة الأساسية للدفاع أثناء المحكمة حتى لو لم يطلب المدعي العام اتخاذ التدابير.
كما يجوز للمدعي العام طلب استئناف القرار الذي تتخذه الدائرة التمهيدية بالتصرف بمبادرة منها وينظر إلى هذا الاستئناف بصفة الاستعجال.
“تصدر الدائرة التمهيدية في أي وقت بعد الشروع في التحقيق ، وبناء على طلب المدعي العام ، أمرا بالقبض على الشخص إذا اقتنعت بما يلي ، بعد فحص الطلب والأدلة أو المعلومات الأخرى المقدمة من المدعي العام:

أ‌) وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الشخص قد ارتكب جريمة تخل في اختصاص المحكمة.
ب‌) أن القبض على الشخص يبدو ضرورياً.

1- لضمان حضوره أمام المحكمة.
2- لضمان عدم قيامه بعرقلة التحقيق أو إجراءات المحكمة أو تعريضهما للخطر.
3- حيثما كان ذلك منطبقاً لمنع الشخص من الاستمرار في ارتكاب تلك الجريمة أو لمنع ارتكاب جريمة ذات صلة بها تدخل في اختصاص المحكمة وتنشأ عن الظروف ذاتها”*

وتقوم الدولة الطرف التي تتلقى طلباً بالقبض الاحتياطي أو طلباً بالقبض والتقديم باتباع الخطوات اللازمة والتي تستفيد من التعاون الدولي المتفق عليه وذلك بعد أن تكفل الدولة الطرف بإتاحة الإجراءات اللازمة بموجب قوانينها الوطنية لتحقيق التعاون الدولي. ويتم القبض الاحتياطي بوثيقة مكتوبة.

وقبل الخوض بالقبض الاحتياطي فإنه من الواجب علينا ذكر أشكال التعاون الدولي الأخرى وهي:
‌أ) تحديد هوية ومكان وجود الأشخاص أو موقع الأشياء.
‌ب) جمع الأدلة، بما فيها الشهادة بعد تأدية اليمين، وتقديم الأدلة بما فيها آراء وتقارير الخبراء اللازمة للمحكمة.
‌ج) استجواب الشخص محل التحقيق أو المقاضاة.
‌د) إبلاغ المستندات، بما في ذلك المستندات القضائية.
‌ه) تيسير مثول الأشخاص طواعية كشهود أو كخبراء أمام المحكمة.
‌و) النقل المؤقت للأشخاص على النحو المنصوص عليه في الفقرة 3.
‌ز) فحص الأماكن أو المواقع بما في ذلك إخراج الجثث وفحص مواقع القبور.
‌ح) تنفيذ أوامر التفتيش والحجز.
‌ط) توفير السجلات والمستندات، بما في ذلك السجلات والمستندات الرسمية.
‌ي) حماية المجني عليهم والشهود المحافظة على الأدلة.
‌ك) تحديد وتعقب وتجميد أو حجز العائدات والممتلكات والأدوات المتعلقة بالجرائم بغرض مصادرتها في النهاية، دون المساس بحقوق الأطراف الثالثة الحسنة النية.
‌ل) أي نوع آخر من المساعدة لا يحظره قانون الدولة الموجه إليه الطلب، بفرض تيسير أعمال ا لتحقيق والمقاضاة المتعلقة بالجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة.
2- تكون للمحكمة سلطة تقديم ضمانات للشاهد أو الخبير الذي يمثل أمام المحكمة بأنه لن يخضع للمقاضاة أو للاحتجاز أو لأي قيد على حريته الشخصية من جانب المحكمة فيما يتعلق بأي فعل أو امتناع سابق لمغادرته الدولة الموجه إليها الطلب.
3- حيثما يكون تنفيذ أي تدبير خاص بالمساعدة، منصوص عليه في طلب مقدم بموجب الفقرة 1، محظوراً في الدولة الموجه إليها الطلب استناداً إلى مبدأ قانوني أساسي قائم ينطبق بصورة عامة، تشاور الدولة الموجه إليها الطلب على الفور مع المحكمة للعمل على حل هذه المسألة، وينبغي إيلاء الاعتبار في هذه المشاورات التي ما إذا كان يمكن تقديم المساعدة بطريقة أخرى أو رهناً بشروط ، وإذا تعذر حل المسألة بعد المشاورات ، كان على المحكمة أن تعدل الطلب حسب الاقتضاء.
4- لا يجوز للدولة الطرف أن ترفض طلب مساعدة بموجب الفقرة 1 ل أن تنظر قبل رفض الطلب، فيما إذا كان من الممكن تقديم المساعدة وفق شروط محددة أو تقديمها في تاريخ لاحق أو بأسلوب بديل ، على أن تلتزم المحكمة أو يلتزم المدعي العام بهذه الشروط إذا قبلت محكمة المدعي العام تقديم المساعدة وفقاً لها.
5- على الدولة الموجه اليها طلب المساعدة بموجب الفقرة 1 ل أن تنظر قبل رفض الطلب، فيما إذا كان من الممكن تقديم المساعدة وفق شروط محددة أو تقديمها في تاريخ لاحق أو بأسلوب بديل، على أن تلتزم المحكمة أو يلتزم المدعي العام بهذه الشروط إذا قبلت محكمة المدعي العام تقديم المساعدة وفقاً لها.
6- على الدولة الطرف التي ترفض طلب مساعدة موجهاً اليها أن تخطر المحكمة أو المدعي العام على الفور بأسباب رفضها.
7)
أ‌) يجوز للمحكمة أن تطلب النقل المؤقت لشخص متحفظ عليه لأغراض تحديد الهوية أو للإدلاء بشهادة أو للحصول على مساعدة أخرى، ويجوز نقل الشخص إذا استوفى الشرطان التاليان:
– أن يوافق الشخص على النقل بمحض إرادته وإدراكه.
– أن توافق الدولة الموجه إليها الطلب على نقل الشخص ، رهناً بمراعاة الشروط التي قد تتفق عليها الدولة والمحكمة.
ب‌) يظل الشخص الذي يجري نقله متحفظاً عليه ، وعند تحقيق الأغراض المتواخاة من النقل تقوم المحكمة بإعادة الشخص دون تأخير إلى الدولة الموجه إليها الطلب.
8)
تكفل المحكمة سرية المستندات والمعلومات باستثناء ما يلزم منها للتحقيقات والإجراءات المبينة في الطلب .
للدولة الموجه إليها الطلب أن تحيل إلى المدعي العام، عند الضرورة، مستندات أو معلومات على أساس السرية، ولا يجوز للمدعي العام عندئذ استخدام هذه المستندات أو المعلومات إلا لغرض استقاء أدلة جديدة.
للدولة الموجه إليها الطلب أن توافق فيما بعد، من تلقاء ذاتها أو بناء على طلب من المدعي العام على الكشف عن هذه المستندات أو المعلومات، ويجوز عندئذ استخدامها كأدلة عملاً بأحكام البابين 5، 6 ووفقاً للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات.
9)
أ‌) إذا تلقت دولة طرف طلبين، غير طلب التقديم والتسليم، من المحكمة ومن دولة أخرى عملاً بالتزام دولي تسعى الدولة الطرف بالتشاور مع المحكمة والدولة الأخرى، إلى تلبية كلا الطلبين، بالقيام إذا اقتضى الأمر بتأجيل أحد الطلبين أو بتعليق شروط على أي منهما.
في حالة عدم حصول ذلك، يسوى الأمر فيما يتعلق بالطلبين وفقاً للمبادئ المحددة في المادة 90.
ب‌) مع ذلك حيثما يتعلق الطلب المقدم من المحكمة بمعلومات أو ممتلكات أو أشخاص يخضعون لرقابة دولة ثالثة أو منظمة دولية بموجب اتفاق دولي، تقوم الدولة الموجه إليها الطلب بإبلاغ المحكمة بذلك وتوجه المحكمة طلبها إلى الدولة الثالثة أو إلى المنظمة الدولية.
10-
‌أ) يجوز للمحكمة، إذا طلب إليها ذلك، أن تتعاون مع أية دولة طرف وتقدم لها المساعدة إذا كانت تلك الدولة تجري تحقيقاً أو محاكمة فيما يتعلق بسلوك يشكل جريمة تدخل في اختصاص المحكمة أو يشكل جريمة خطيرة بموجب القانون الوطني للدولة الطالبة.
‌ب) تشمل المساعدة المقدمة في إطار الفقرة الفرعية (أ) جملة أمور ومنها ما يلي:
1- إحالة أية بيانات أو مستندات أو أية أنواع أخرى من الأدلة تم الحصول عليها في أثناء التحقيق أو المحاكمة الذين أجرتها المحكمة.
2- استجواب أي شخص احتجز بأمر من المحكمة.
2) في حالة المساعدة المقدمة بموجب الفقرة الفرعية (ب) (1)، يراعي ما يلي:
إذا كانت الوثائق أو الأنواع الأخرى من الأدلة قد تم الحصول عليها بمساعدة إحدى الدول. فإن الإحالة تتطلب موافقة تلك الدولة.
إذا كانت البيانات أو المستندات أو الأنواع الأخرى من الأدلة قد قدمها شاهد أو خبير، تخضع الإحالة لأحكام المادة 68.
‌ج) يجوز للمحكمة بالشروط المبينة في هذه الفقرة، أن توافق على طلب مساعدة تقود دول غير طرف في النظام الأساسي بتقديمه بموجب هذه الفقرة”*
“يكون للشخص المقبوض عليه الحق في تقديم طلب إلى السلطة المختصة في الدولة المتحفظة للحصول على إفراج مؤقت في إنتظار تقديمه إلى المحكمة.
على السلطة المختصة في الدولة المتحفظة، عند البت في أي طلب من هذا القبيلة ، أن تنظر فيما إذا كانت هناك ، بالنظر إلى خطورة الجرائم المدعى وقوعها ، ظروف ملحة واستثنائية تبرر الإفراج المؤقت وما إذا كانت توجد ضمانات ضرورية تكفل للدولة المتحفظة القدرة على الوفاء بواجبها بتقديم الشخص إلى المحكمة، ولا يكون للسلطة المختصة في الدولة المتحفظة أن تنظر فيما إذا كان أمر القبض قد صدر على النحو الصحيح وفقاً للفقرة ا (أ) أو (ب) من المادة 58.
تخطر الدائرة التمهيدية بأي طلب للحصول على إفراج مؤقت. وتقدم الدائرة توصياتها إلى السلطة المختصة في الدولة المتحفظة، وتتولى السلطة المختصة في الدولة المتحفظة كامل الاعتبار لهذه التوصيات، بما في ذلك أية توصيات بشأن التدابير اللازمة لمنع هروب الشخص، وذلك قبل إصدار قرارها.
إذا منح الشخص إفراجاً مؤقتاً، يجوز للدائرة التمهيدية أن تطلب موافاتها بتقارير دورية عن حالة الإفراج المؤقت.
بمجرد صدور الأمر بتقديم الشخص من جانب الدولة المتحفظة، يجب نقل الشخص إلى المحكمة في أقرب وقت ممكن”*

المحاكمة:

تناول الباب الرابع تكوين المحكمة وشرح أجهزتها وهي هيئة الرئاسة ومكتب المدعي العام و تقسم المحكمة إلى شعبة تمهيدية وأخرى ابتدائية وأخرى استثنائية أما عن إجراءات المحاكم فان الشخص يقدم للمحاكمة أو يمثل طوعاً أو بناءاً على أمر حضور وللدائرة التمهيدية الحرية بالاقتناع بأن الشخص قد بلغ بالجرائم المدعي ارتكابه لها وبحقوقه كحقه بالإفراج المؤقت لانتظار المحاكمة.
ثم تعقد الدائرة التمهيدية بعد مدة معقولة جلسة لاعتماد التهم التي يزعم المدعي العام طلب المحاكمة على أساسيها، ومع حضور المتهم ومحاميه إلى الجلسة كما يجوز للدائرة التمهيدية بناء على طلب المدعي العام عقد جلسة في غياب الشخص محل الاتهام من أجل اعتماد التهم التي يعتزم المدعي العام طلب المحاكمة على أساسها ويكون ذلك بالحالات التالية:

1- عند تنازل الشخص عن حقه بالحضور.
2- عند فرار الشخص وتعذر إيجاده.

ويجب العلم بأن للشخص المتهم الحق في تزويده بصورً من المستندات المحتوية على التهم المنسوبة إليه، مع إبلاغه بالأدلة التي يزعم بها المدعي العام.
كما للشخص الحق بالاعتراض على التهم أثناء الجلسة وأن يطعن بالأدلة المقدمة من المدعي العام مع تقديم أدلته ، وللمدعي العام قبل بدء المحاكمة أن يعدل التهم بعد حصوله على إذن الدائرة التمهيدية وللدائرة التمهيدية بناءاً على الجلسة أن تقرر براءة المتهم أو مسئوليته كما يجوز أن تأسس قرارها على:

‌أ) “أن تعتمد التهم التي قررت بشأنها وجود أدلة كافية ، وأن تحيل الشخص إلى دائرة ابتدائية لمحاكمته على التهم التي اعتمدتها.
‌ب) أن ترفض اعتماد التهم التي قررت الدائرة بشأنها عدم كفاية الأدلة.
‌ج) أن تؤجل الجلسة وأن تطلب إلى المدعي العام النظر فيما يلي:

1- تقديم مزيد من الأدلة أو إجراء مزيد من التحقيقات فيما يتعلق بتهمة معينة.
2- تعديل تهمة ما لأن الأدلة المقدمة تبدو وكأنها تؤسس لجريمة مختلفة تدخل في اختصاص المحكمة”*.

بعد ذلك قد تتم إحالته إلى الدائرة الابتدائية والتي تقوم بالآتي:

أ) “أن تتداول مع الأطراف وأن تتخذ التدابير اللازمة لتسهيل سير الإجراءات على نحو عادل وسريع.
‌ب) أن تحدد اللغة أو اللغات الواجب استخدامها في المحاكمة.
‌ج) رهنا بأية أحكام أخرى ذات صلة من هذا النظام الأساسي ، أن تصرح بالكشف عن الوثائق أو المعلومات التي لم يسبق الكشف عنها ، وذلك قبل بدء المحاكمة بوقت كاف لإجراء التحضير المناسب للمحاكمة.
يجوز للدائرة الابتدائية أن تحيل المسائل الأولية إلى الدائرة التمهيدية إذا كان ذلك لازماً لتيسير العمل بها على نحو فعال وعادل، ويجوز لها عند الضرورة أن تحيل هذه المسائل إلى أي قاض آخر من قضاة الشعبة التمهيدية تسمح ظروفه بذلك.
يجوز للدائرة الابتدائية حسبما يكون مناسبا وبعد إخطار الأطراف
يجوز للدائرة الابتدائية لدى اضطلاعها بوظائفها قبل المحاكمة أو أثنائها أن تقوم بما يلي حسب الحاجة:
ممارسة أي وظيفة من وظائف الدائرة التمهيدية المشار إليها في الفقرة 11 من المادة 61.
الأمر بحضور الشهود وإدلائهم بشهاداتهم وتقديم المستندات وغيرها من الأدلة، فتحصل لهذا الغرض، إذا اقتضى الأمر، على مساعدة الدول وفقاً لما هو منصوص عليه في هذا النظام الأساسي
اتخاذ اللازم لحماية المعلومات السرية.
الأمر بتقديم أدلة بخلاف الأدلة التي تم بالفعل جمعها قبل المحاكمة أو التي عرضتها الأطراف أثناء المحاكمة.
اتخاذ اللازم لحماية المتهم والشهود والمجني عليهم.
الفصل في أية مسائل أخرى ذات صلة.
تعقد المحاكم في جلسات علنية، بيد أنه يجوز للدائرة الابتدائية أن تقرر ظروفاً معينة تقتضي انعقاد بعض الاجراءات في جلسة سرية للأغراض المبينة في المادة 68 أو لحماية المعلومات السرية أو الحساسة التي يتعين تقديما كأدلة.
أ‌) في بداية المحاكمة، يجب على الدائرة الابتدائية أن تتلو على المتهم التهم التي سبق أن اعتمدتها الدائرة التمهيدية، ويجب أن تتأكد الدائرة من أن المتهم يفهم طبيعة التهم وعليها أن تعطيه الفرصة للاعتراف بالذنب وفقاً للمادة 65 أو للدفع بأنه غير مذنب.
ب‌) يجوز للقاضي الذي يرأس الجلسة، أن يصدر أثناء المحاكمة، توجيهات تتعلق بسير الإجراءات، بما في ذلك ضمان سير هذه الإجراءات سيراً عادلاً ونزيهاً، ويجوز للأطراف، مع مراعاة توجيهات القاضي الذي يرأس الجلسة، أن يقدموا الأدلة وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي.
يكون للدائرة الابتدائية ضمن أمور أخرى سلطة القيام بناءاً على طلب أحد الأطراف أو من تلقاء ذاتها بما يلي:
‌أ) الفصل في قبول الأدلة أو صلتها.
‌ب) اتخاذ جميع الخطوات اللازمة للمحافظة على النظام أثناء الجلسة.
‌ج) تكفل الدائرة الابتدائية إعداد سجل كامل بالمحاكمة يتضمن بياناً دقيقاً بالإجراءات ويتولى المسجل استكماله والحفاظ عليه.”*.
وعند سير إجراءات الخصومة فإن المتهم قد يكون بريئاً أو يعترف بذنبه وجريمته ولكن لا يعني ذلك أن يتعرض للتنكيل أو الإيذاء سواء النفسي أو الجسدي لذلك ورد في المادة 67 طائفة من حقوق المتهم وهي:
أن يبلغ فوراً وتفصيلاً بطبيعة التهمة الموجهة إليه وسببها ومضمونها، وذلك بلغة يفهمها تماماً ويتكلمها.
أن يتاح له ما يكفي من الوقت والتسهيلات لتحضير دفاعه، وللتشاور بحرية مع محام من اختياره وذلك في جو من السرية.
أن يحاكم دون أي تأخير لا موجب له.
مع مراعاة أحكام الفقرة 2، من المادة 63، أن يكون حاضراً في أثناء المحاكمة، وأن يدافع عن القانونية بحقه هذا وفي أن توفر له المحكمة المساعدة القانونية كلما اقتضت ذلك مصلحة العدالة، ودون أن يدفع أية أتعاب لقاء هذه المساعدة إذ لم تكن لديه الإمكانيات الكافية لتحملها
أن يستجوب شهود الإثبات بنفسه أو بواسطة آخرين وأن يؤمن له حضور واستجواب شهود النفي بنفس الشروط المتعلقة بشهود الإثبات، ويكون للمتهم أيضاً الحق في إبداء أوجه الدفاع وتقديم أدلة أخرى مقبولة بموجب هذا النظام الأساسي.
أن يستعين مجاناً بمترجم شفوي كفء وبما يلزم من الترجمات التحريرية لاستيفاء مقتضيات الإنصاف إذا كان ثمة إجراءات أما المحكمة أو مستندات معروضة عليها بلغة غير اللغة التي يفهمها المتهم فهماً تاماً ويتكلمها.
1- ألا يجبر على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بالذنب وأن يلزم الصمت، دون أن يدخل هذا الصمت في الاعتبار لدى تقرير الذنب أو البراءة.
2- أن يدلي ببيان شفوي أو مكتوب، دون أن يحلف اليمين، دفاعاً عن نفسه. ألا يفرض على المتهم عبء الإثبات أو واجب الدحض على أي نحو.
بالإضافة إلى أية حالات أخرى خاصة بالكشف منصوص عليها في هذا النظام الأساسي، يكشف المدعي العام للدفاع، في أقرب وقت ممكن، الأدلة التي في حوزته أو تحت سيطرته أو التي يعتقد أنها تظهر أو تميل إلى إظهار براءة المتهم أو تخفف من ذنبه أو التي قد تؤثر على مصداقية أدلة الإدعاء وعند الشك في تطبيق هذه الفقرة تفصل المحكمة في الأمر.
ولم تقتصر الحماية لحقوق المتهم بل للدول نفسها فإن تم عرض معلومات في المحاكمة من شأنها المساس بأمن الدولة الوطني فإن للدولة الحق بالمطالبة بعدم الكشف عما يمس أمنها الوطني.
تطرقنا في ما مضى الى العقوبات التي تقرر ازاء ارتكاب الجرائم الدولية المبينة في المادة الخامسة من جرائم حرب وعدوان ، إلا أن هنالك نوعا آخر من المعاقبة وهو على سوء السلوك أمام المحكمة وذلك بأن تصدر أفعال إجرامية تخل بإقامة العدالة الدولية كالإدلاء بشهادة زور أو تقديم أدلة مزورة أو ممارسة ضغط على الشهود أو على المسئولين في المحكمة أو قبول شخص مسئول في المحكمة للرشوة.
وفي هذه الحالة يجوز توقيع عقوبة بالسجن لمدة لا تتجاوز الخمس سنوات أو بغرامة أو بالعقوبتين معاً.
جاء في الباب الثامن شرح للاستئناف وإعادة النظر وبينت المادة (81) الأسباب التي يجوز الاستئناف بها ومن قبل وهي:
أ‌) للمدعي العام أن يتقدم باستئناف استناداً إلى أي من الأسباب التالية:
– الغلط الإجرائي.
– الغلط في الوقائع.
– الغلط في القانون.
ب‌) للشخص المدان أو المدعي العام نيابة عن ذلك أن يتقدم باستئناف استناداً إلى أي من الأسباب التالية:
– الغلط الإجرائي.
– الغلط في الوقائع
– الغلط في القانون
– أي سبب آخر يمس نزاهة أو موثوقية الإجراءات أو القرار.
أما عن إعادة النظر فشرحت المادة 84 ذلك بقولها:
1- يجوز للشخص المدان ويجوز، بعد وفاته، للزوج أو الأولاد أو الوالدين، أو أي شخص من الأحياء يكون وقت وفاة المتهم قد تلقى بذلك تعليمات خطية صريحة منه، أو للمدعي العام نيابة عن الشخص، أن يقدم طلباً إلى دائرة الاستئناف لإعادة النظر في الحكم النهائي بالإدانة أو بالعقوبة استناداً إلى الأسباب التالية:
أ) أنه قد اكتشفت أدلة جديدة :
1- لم تكن متاحة وقت المحاكمة، وأن عدم إتاحة هذه الأدلة لا يعزي كلياً أو جزئياً إلى الطرف المقدم للطلب.
2- تكون على قدر كاف من الأهمية بحيث أنها لو كانت قد أثبتت عند المحاكمة لكان من المرجح أن تسفر عن حكم مختلف.
3- أنه قد تبين حديثا أن أدلة حاسمة، وضعت في الاعتبار وقت المحاكمة واعتمدت عليها الإدانة، كانت مزيفة أو ملفقة أو مزورة.
4- أنه قد تبين أن واحد أو أكثر من القضاة الذين اشتركوا في تقرير الإدانة أو اعتماد التهم، قد ارتكبوا، في تلك الدعوى، سلوكاً سيئاً جسيماً أو أخلوا بواجباتهم إخلالاً جسيماً على نحو يتسم بدرجة من الخطورة تكفي لتبرير عزل ذلك القاضي أو أولئك القضاة بموجب المادة 46.
2- ترفض دائرة الاستئناف الطلب إذا رأت أنه بغير أساس، وإذا قررت أن الطلب جدير بالاعتبار، جاز لها، حسبما يكون مناسباً:
‌أ) أن تدعو الدائرة الابتدائية الأصلية إلى الانعقاد من جديد.
‌ب) أن تشكل دائرة ابتدائية جديدة.
‌ج) أن تبقى على اختصاصها بشأن المسألة.
بهدف التوصل بعد سماع الأطراف على النحو المنصوص عليه في القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات إلى قرار بشأن ما إذا كان ينبغي إعادة النظر في الحكم.
كما بينت المادة 85 أن للشخص المقبوض عليه بطريق غير مشروع الحق بطلب التعويض ما لم يثبت أن عدم الكشف عن الواقعة المجهولة يعود إليه نفسه.
الباب السابع من النظام الأساسي تناول العقوبات بأن جعلها:
1- السجن لعدد محدد من السنوات لمدة أقصاها 30 سنة.
2- السجن المؤبد إذا كانت الجريمة خطيرة بشكل كبير.
3- الغرامة وفقاً للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات.
4- مصادرة العائدات والممتلكات والأصول المتأتية بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الجريمة، دون المساس بحقوق الأطراف الثالثة الحسنة النية التي لا تعلم.
ولم يمنع النظام الأساسي من عقوبات القانون الوطني أما الباب العاشر فقد تضمن التنفيذ من حيث شرح كيفية تنفيذ الحكم بالسجن بأن تقوم دولة تعينها المحكمة من قائمة دول وتكون قد أبدت استعداداتها، كما يجوز في أي وقت أن تغير المحكمة دولة التنفيذ المعينة، كما للمحكمة الحق في إعادة النظر في شأن تخفيض العقوبة.
كانت هذه أبرز ملامح المحكمة الجنائية الدولية والتي يعد نظامها الأساسي أحدث مدونة للقانون الجنائي الدولي كما تعد المحكمة الجنائية الدولية الدائمة الوحيدة .

المطلب الثاني: المحكمة الجنائية العراقية الخاصة

بموجب القانون رقم 1 لسنة 2003م سيحاكم رموز النظام البائد لجرائمهم المرتكبة بحق الشعب العراقي والشعب لإيراني والكويتي على حد سواء ، فجرائم ذلك النظام مورست بأسوأ الطرق الوحشية الماسة بالجنس البشري والبيئة الطبيعية.
والمحكمة الجنائية العراقية الخاصة سوف تباشر اختصاصها على الأشخاص الطبيعيين من العراقيين أو المقيمين في العراق والمتهمين بانتهاك المواد (11، 12، 13، 14) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية العراقية الخاصة ، كما أنها ستحاسبهم على الجرائم المرتكبة من الفترة (17 يوليو 1968م حتى الأول من مايو 2003م) والواقعة على الإقليم العراقي والأقاليم الأخرى (الإيرانية والكويتية).
ووفقاً للمواد (12 – 13) فإن اختصاصها يشمل كافة فئات الشعب العراقي من عرب وأكراد وتركمان سنة وشيعة. ونلحظ أن المحكمة تختص فقط بمحاكمة الأشخاص من الطبيعيين المتهمين بارتكاب الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي بغض النظر عن صفتهم (مدني ـ عسكري) أي أن المحاكمة لا تحاسب الدول أو الأشخاص الاعتبارية ونلاحظ على من لهم سلطة التحقيق مع مجرمي الحرب العراقيين الاهتمام الواضح بتوجيه الأسئلة الدائرة حول معرفة الجرائم المرتكبة وصفتهم والتأكد من جميع الجوانب التي من مقتضاها تكفل لهم محاكمة عادلة.

اختصاصات المحكمة:

تختص المحكمة في النظر إلى الجرائم الدولية الآتية:
1- انتهاكات بعض القوانين العراقية.*
2- جريمة الإبادة الجماعية.*
3- جرائم ضد الإنسانية.*
4- جرائم الحرب. * **

ورد في المادة 14 تحديد واضح للمسئولية عن انتهاكات بعض القوانين العراقية وهي:

1- الحقوق والواجبات في الدستور العراقي المؤقت 1970 والقوانين الأخرى.
2- جرائم إهدار وتبديد الثروة الوطنية إستناداً إلى المادة الثانية من قانون معاقبة المتآمرين على سلامة الوطن ومفسدي نظام الحكم والممتلكات العامة (قانون رقم 7 لعام 1958م).
3- انتهاكات القانون رقم 7 لعام 1985م والمتمثلة بسوء استخدام المنصب الرسمي والسعي وراء سياسات كادت تؤدي إلى التهديد بالحرب أو باستخدام القوة المسلحة ضد دولة عربية.

نستشف من خلال ما سبق أن المحكمة الجنائية العراقية الخاصة ما هي إلا محكمة مؤقتة خاصة بالعراق أي أنها تشابه تقريباً محاكم يوغسلافيا السابقة وغيرها من المحاكم المؤقتة في القرن الماضي.
نأمل أن يتم العمل بالنظام الأساسي للمحكمة وذلك لمحاسبتهم عن الجرائم التي هزت الضمير الإنساني ومست البيئة الطبيعية بتجفيف الأهوار وإحراق آبار النفط الكويتية و إطلاق الصواريخ أثناء حرب تحرير العراق في العام 2003، ولا يمكننا الحديث عن جرائم النظام المخلوع في الكويت في كتاب بل في كتب لكوني أحد الأشخاص الذين عاصروا وشاهدوا هذه الجرائم.

ملخص الفصل الخامس :

القضاء الجنائي الدولي في القرن الماضي

تمثل بعدد من المحاكم المؤقتة الخاصة بدول معينة وهي نورمبيرج وطوكيو ويوغسلافيا السابقة ورواندا
القضاء الجنائي الدولي في القرن الحالي
اشتمل على ابرز المحاكم المحكمة الجنائية الدولية والتي تعتبر محكمة دائمة تتمتاز بنظر النزاعات الدولية لكل الدول وليست قاصرة على دولة ما مع حفاظ المحكمة على سيادة الدول الاطراف .
وبين النظام الأساسي للمحكمة انواع الجرائم الدولية وصورها وانواعها والعقوبات المقررة عليها ، كما اوضحت سبل التقاضي امام المحكمة وكيفية تسليم المتهمين وطرق التحقيق .
ومن ابرز المحاكم المعاصرة المحكمة الجنائية العراقية الخاصة والتي تنظر في عدد من الجرائم الدولية بالاضافة الى انتهاكات القوانين العراقية .

الخاتمة

عندما كان هم الفقهاء في البداية ضمان حقوق المتضررين من الحروب والنزاعات المسلحة و توقيع العقوبات على المجرمين لاح في الأفق اختلاف حول مدى قوة والزامية هذا القانون هل من الملزم احترامه وما هي مصادره ، مع السنين دونت الاتفاقيات وصدقت المعاهدات ولكنها كانت قاصرة ولم تكن شاملة وبحلول عام 2002 م دخلت اتفاقية روما حيز التنفيذ واعتبرت أول مدونة شاملة للقانون الجنائي الدولي متبعة المفهوم الانجلوسكسوني شارحة القواعد الجنائية العتيدة كمبدأ المشروعية وبالفعل بدأ الهم يتضاءل بتوقيع الدول على النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الحديثة وتصديقها عليه ، فبرهنت المحكمة صدق المجتمع الدولي على محاسبة المجرمين الدوليين من جرائم هزت الضمائر واقشعرت منها الابدان .
نشاهد اليوم سير اجراءات التحقيق مع مجرمي الحرب من النظام العراقي البائد ، كما نتابع تطورات اقليم دارفور وجهود المجتمع الدولي لاحلال السلم والامن العالمي ان هذه الاحداث لهي مدعاة للتفاؤل والطمأنينة الى قرب الحساب لكل مجرم وكل معتدي ظالم فكر ودبر ومن ثم فجر ودمر ، انه ولمن الواجب علينا ان نرسخ مفاهيم هذا القانون ونعزز اهدافه على جميع الميادين ومختلف المستويات حتى ننعم بعد توفيق الله سبحانه وتعالى بنعمة الامان والاستقرار .
الكويت الحبيبة لم تكن بعيدة عن المجتمع الدولي بل كانت من الدول السباقة التي وقعت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في الثامن من سبتمبر عام 2000 م ، وهذه الخطوة لهي مدعاة فخر واعتزاز لكل مواطن كويتي .

خالد طعمة صعفك
6-7-2005م
الأربعاء
الصليبيخات – الكويت

قائمة المراجع :

أولا : المراجع العربية :

القران الكريم
المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، الجزء الأول، الطبعة الثالث
بو تسدام ـ كتاب وثائقي ـ موسكو ـ 1967 ـ غير مشار لعدد الطبعة
حامد سلطان ـ لقانون الدولي العام وقت السلم، غير مشار ولمكان الطبعة ـ غير مشار لعدد الطبعة ـ 1965
د/ عبد العزيز سرحان ـ مساهمة القاضي عبد الحميد بدوي في فقه القانون الدولي ـ غير مشار لعدد الطبعة
محمد محمود خلف – حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي الجنائي – دار النهضة المصرية – 1973م
د/ محمد حافظ غانم ـ المسئولية الدولية ـ غير مشار لمكان الطبعة ـ غير مشار لعدد الطبعة ـ 1962
د/ محمود سامي جنينه ـ القانون الدولي العام ـ غير مشار لعدد الطبعة ـ غير مشار لسنة الطبعة ـ غير مشار لمكان الطبعة
د/ مفيد شهاب ـ المنظمات الدولية ـ غير مشار لعدد الطبعة ـ 1974 ـ غير مشار مكان الطبعة

ثانيا : المراجع الانجليزية:

the American continent to the principles of international Law that govern the responsibility of the state document C.I.J. 61, in OAS official records, OEA, Ser. 1 V1.2 (Washington D.C. pan American union 1962
Briggs-The lawof Nations
Ch. Devisscher Denialof Justice in international Law. 1952. Vol. 52
Friedman, L, The Law of War. Vol 1
Oppenheim
international Law International. Law association, report 34conference. 1926
Y.B.I.L.C. 1969, Vol. II.

ثالثا : المراجع الفرنسية :

Rousseau (Ch.)( : La responsabilié internationale, cours de droit international public de la faculté de droit, Paris, 1959, 1960,
Strupp. K. Elements de droit international public universed eurupoeen et American Paris. 1930 Aisha Rateb, L’individ et le droit international public – 1959.

Prelot (m), Bouloouis (J.), Inst. Pol. Et droit consl, Dalloz 1990, n. 1.
Dossier pour la paix, Extraits de texts et discours de sècrétaire General des Nations Unies, U. Thant, sur les grandes questions d’actualities, 1961-1968, Nations – Unies, New York

V. Pella, La guerre –crime et les criminals de guerre, geneve – Paris, 1948
Pella, la criminalité coll ectived des etats etle droit penal de’lavenir

Glasser. Introducation & L’etude d droit international Pémal, Benux elles – Paris, 1954
Graven: cours.

De l’extradition: pricipe de la cooperation inter tatique (Rwanda).

رابعا:الدوريات :

مجلة الأمن العام
مجلة القانون والاقتصاد

خامسا: الوثائق الدولية :

اتفاقية مكافحة جريمة إبادة الجنس البشري والجزاء عليها ـ 1948.
دستور المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)
بروتوكول لندن 1936م.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م.
مشروع تقنين الجرائم ضد السلم وأمن البشرية 1954م.
العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966م.
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (ميثاق روما) 1998م.
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية العراقية الخاصة
ميثاق الأمم المتحدة.

سادسا: أحكام دولية :

الفهرس

الموضوع الصفحة
المقدمة 3
الفصل الأول مفهوم القانون الجنائي الدولي ومصادره6
الفصل الثاني المسؤولية الجنائية الدولية 22
الفصل الثالث الجرائم الدولية وأنواعها 45
الفصل الرابع نظام تسليم المجرمين 68
الفصل الخامس القضاء الجنائي الدولي 75
الخاتمة 137
قائمة المراجع 139

—————————————————-
تمت إعادة النشر بواسطة محاماة نت.