بحث قانوني حول الأضرار التي تسببها الإدارة و التعويض عنها

بسم الله الرحمن الرحيم
جامعة العلوم الإسلامية العالمية
كلية الشريعه والقانـــــون

إعداد الطالبة
بسمه عبد المعطي الحوراني

بإشراف
الأستاذ الدكتورخالد الزعبي
وذلك استكمالا لمتطلبات دراسة مادة القضاء الإداري
الفصل الدراسي الثاني
2010

الفهرس

الموضوع
المقدمة
المبحث الأول : الأضرار التي تسأل عنها الإداره
المطلـب الأول: شروط الضرر القابل للتعويض
المطلب الثاني: أنواع الضرر الذي يمكن التعويض عنه

المبحث الثاني:- أحكام تعويض الضرر
المطـــلب الأول: نوع التعويض
المطلب الثانـي : قواعد تقدير التعويض وكيفية الوفاء به

الخاتمه
المصادر والمراجع
الفهرس

الأضرار التي تسببها الإدارة والتعويض عنها

تمهيد:-

يتمثل قضاء التعويض في دعوى التعويض ويقصد بها تلك الدعوى التي يرفعها أحد الأفراد إلى القضاء طالباً فيها تعويضه عما أصابه من ضرر نتيجة تصرف من تصرفات الإدارة سواء كان هذا التصرف قانونياً أم ماديا.

ومبدأ مسؤولية الدولة عن أعمالها أي إلزامها بتعويض الأفراد عن الضرر التي أصابهم من جراء تلك الأعمال مبدأ حديث نسبياً ، حيث أنه لم يتقرر إلا مع نهاية القرن التاسع عشر ، أما قبل ذلك فقد كان المبدأ السائد في معظم دول العالم هو عدم مسئولية الدولة عن اعمالها على أساس أن تقرير مسئوليتها يتنافى مع ما لها من سيادة .

وأيا كان الأساس التي تقوم عليه مسؤولية الدولة، لا بد من وجود ضرر يجب على مدعي المسؤولية أن يثبت أنه قد أصابه بسبب خطأ الدولة أو نشاطها محل المساءلة حتى يمكن أن تقضي له بالتعويض.

المقدمه

الموضــوع:
إن موضوع ” تقدير التعويض” هو محل اهتمام الدارسات القانونية، حيث إن كثيرًا من علماء القانون والباحثين قد اهتموا بهذا الموضوع اهتمامًا كبيرًا لأهميته في حياة المجتمعات العملية المتشابكة الأطراف ، ولاتصالها اتصالاً وثيقاًََََ بعلاقات الأفراد وأعمالهم، حتى أنه يمكن القول إنه ما من تصرف قانوني أو فعل مادي إلا ويحتمل أن يترتب عليه أو ينشأ عنه ادعاء للمطالبة بالتعويض ؛ لأن الحياة بطبيعتها في كل عصر وفي كل بيئة عبارة عن صراع ومزاحمة بين الأشخاص.

أهمية الموضوع :
وتظهر أهمية دارسة هذا البحث في القانون المدني نتيجة لحداثة نشأته، واحتياج المهتمين من أفراد المجتمع لفهم نصوصه وشرح جوانب الغموض فيه إن وجدت، وتفسيرها وإيضاحها حتى يساير تشريعات وقوانين الدول الحديثة، وبالأخص القانون المدني المصري.
ولأن معرفة أوجه النقص والقصور له أهميته في إثراء الموضوع، وتقريب وجهات النظر، فإن هذا هو الدرب الذي سلكه المشرع في كثير من قوانينه، وبالأخص في الجوانب الشكلية، وترتيب النصوص بما يتناسب مع بيئته.
الاستفادة من التشريع المصري الذي يعد المرجع لكثير من التشريعات العربية، نتيجة لمرونته وتمشيه مع العصر، وكذلك الاستفادة من أحكام القضاء المصري لكفاءة قضاته ومستشاريه ومحامية فهو يعد قمة شامخة من المعارف النقلية والعقلية، ومفخرة من مفاخر المؤسسات القضائية في العصر الحديث.
كما أننا نأمل أن يسهم هذا البحث في التوعية القانونية بين الأفراد في المجتمع بحق اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة التي تقوم بتقدير التعويض عن الأضرار التي قد يتعرضون لها في حياتهم اليومية باعتبار أن عمر تلك الجهات قصيرة، إلى جانب عدم حصول المضرور على حقه الكامل في التعويض وبخاصة في أحكام التحكيم العرفية التي تتم بين الأفراد سواء كان ذلك عن الأضرار التي تصيب الجسم أو عن تلك التي تقع على المال.

منهج البحث:
لقد اتبعت في هذه الدراسة أسلوب المنهج التأصيلي للمواضيع وتفرعاتها لبيان الغرض من تناولها، حتى يسهل للقارئ والمطلع الوصول إلى فهم واستيعاب جوانب هذه الموضوعات والمبررات القانونية لها.
الموضوعات التي تناولناها ما أمكن ذلك، بهدف استخلاص النتائج من الموضوعات التي تم التطرق إليها في إطار البحث وبما يخدم خطتي، معتمداً على النصوص القانونية ، بالإضافة إلى الرجوع لأحكام القضاء المصري والقضاء الفرنسي ما أمكن ذلك .
خطة البحث
تقتضي طبيعة هذا الموضوع تقسيمه إلى مبحثين على النحو التالي:ـ
المبحث الأول : الأضرار التي تسأل عنها الإداره.
المبحث الثاني: أحكام تعويض الضرر

المبحث الأول
الأضرار التي تسأل عنها الإداره

لكي تنعقد مسئولية الإدارة ، لابد من إثبات وجود ضرر أصاب مدعي المسؤولية ، فالضرر هو المحور الأساسي الذي تدور حوله المسئوليه ، سواء في ذلك المسؤولية المدنيه أو الإدارية بحيث إذا إنتفى الضرر أنتفت المسئوليه.

والضرر كشرط من شروط إنعقاد مسؤولية الإدارة ، يجب توافره سواء كانت تلك المسؤولية قائمه على أساس الخطأ أو قائمة بدون خطأ على أساس المخاطر أو الإخلال بالمساواة أمام الأعباء والتكاليف العامة .

وسوف نتناول في هذا المبحث الشروط الواجب توافرها في الضرر حتى يمكن التعويض عنه وكذلك أنواع الضرر الذي يمكن التعويض عنه في مطلبين على النحو التالي :

المطلب الأول
شروط الضررالقابل للتعويض

يشترط في الضرر الذي يستتبع مسؤولية الإدارة أن يستجمع عدة شروط نوجزها فيما يلي :

أولاً : يجب أن يكون الضرر مباشرا
ومعنى هذا الشرط أن توجد علاقة سببية مباشرة بين فعل الإداره والضرر المدعى بوجوده ، أي أن يكون عمل الإداره هو السبب المباشر للضرر المطلوب التعويض عنه ، وقد قضت محكمة القضاء الإداري في هذا الشأن بأنه ” من المسلم فقهاً وقضاء أنه يجب أن تتوافر علاقه السببية المباشرة بين الضرر المطالب بالتعويض عنه وبين الفعل الناشيء عنه ضرر ، أي يجب أن يكون الضرر نتيجة مباشرة للفعل نفسه ( ).

أما إذا لم يكن عمل الإداره هو السبب المباشر للضرر المطلوب التعويض عنه ، ففي هذه الحالة تنتفى رابطة السببية بين عمل الإدارة وبين الضرر ولا تسأل عنه الإدارة .
ويترتب على اشتراط أن يكون الضرر هو النتيجة الطبيعية والمباشرة لعمل الإدارة حتى يمكن أن تسأل عنه ، أن مسؤولية الإدارة تنتفي إذا ثبت أن الضرر المطلوب التعويض عنه كان بسب قوة قاهرة أو حادث فجائي أو خطأ المضرور أو خطأ الغير ( ).

من الأمثله على ذلك إذا طلبت مدرسه الفصل في مدرسه ابتدائية من أحد التلاميذ أثناء الدراسه ، أن يخرج ليشتري لها برتقالاً، وبعد الخروج ، صدمه ترام فبترت ساقه، حوكم ناظر المدرسه تأديبياً ووقع عليه جزاء خصم خمسة أيام من راتبه لإهماله في الإشراف على المدرسه ،رفع والد التلميذ دعوى تعويض على المدرسه والناظر ووزارة التربية والتعليم ، لأنهم أخطأوا في رقابة الطفل ، مما أدى إلى أصابته .. وفي هذه الواقعة رفضت المحكمه الحكم بالتعويض وذلك لأن الضررلم يكن مباشراً . فلم ينتج هذا الضرر عن خطأ المدرسة وانما نتج عن خطأ سائق الترام وخطأ الطفل المضرور.”…. إن الأسباب المنتجة التي أدت إلى وقوع الحادث هي خطأ سائق الترام ، وخطأ الطفل المصاب ، أما خطأ مدرسة الفصل وناظر المدرسة فهو خطأ عارض غير منتج وغير مألوف في حدوث مثل هذا الحادث له . وبذلك فلا يصلح هذا السبب أساساً لدعوى التعويض.( )

*أشتراك اكثر من سبب في احداث الضرر
تثور في هذا المجال مشكلة تحديد مسؤولية الإدارة ، في حالة إشتراك أكثر من سبب في إحداث الضرر، مثل حالة الضرر بسبب أشتراك خطأ الإدارة مع خطأ المضرور نفسه أو خطأ الغير .

وفي هذه الحالة يميز الفقه والقضاء بين أمرين هما :
الأمر الأول : أن يستغرق أحد الأخطاء التي اشتركت في إحداث الضرر الأخطاء الأخرى فإذا كان خطأ الإدارة هو الذي أستغرق الأخطاء الأخرى التي أشتركت معه في إحداث الضرر ، كانت الإدارة مسؤولة عن الضرر.

أما إذا أستغرق أحد الأخطاء التي أشتركت مع الإدارة في إحداث الضرر خطأ الإدارة ، فإن الإدارة في هذه الحالة لا تكون مسؤولة عن الضرر( )

رأي الباحث :
مما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال ، إن الخطأ يعتبر مستغرقاً لخطأ آخر ، إذا كان عمدياً أو كانت الأخطاء الأخرى مترتبة عليه.

الأمر الثاني :الا يستغرق أحد الأخطاء التي اشتركت في إحداث الضرر الأخطاء الأخـرى وهنا يلزم تحديد الخطأ المسؤول عن الضرر ويوجد في هذا الشأن نظريتان تحددان العلاقة السببية بين الخطأ والضرر وتلك النظريتان هما:ـ

1ـ نظرية تعادل أو تساوي الأسباب

ومضمونها أن جميع الأسباب يتساوى دورها في إحداث الضرر ، وبالتالي يعد كل منها سببا مباشراً في حدوثه ، طالما أن تخلف أحدهم سوف يترتب عليه عدم حدوث الضرر . فالضرر وقع نتيجة لإجتماع كل الأسباب التي أشتركت في أحداثه والتي لا يكفي واحد منها بمفرده لإحداثه.

ولكن هذه النظريه لا يأخذ بها غالبية الفقه كما لا يأخذ بها القضاء ، لأن الأخذ بها يؤدي إلى إتساع شديد لنطاق المسؤولية.

2ـ نظرية السبب المنتج:

تقضي هذه النظرية بأن السبب المنتج هو الذي يكون مسؤولاً عــن الضرر، أما الأسباب العارضة فلا تؤخذ في الإعتبار في شأن المسؤولية عن الضرر والسبب المنتج وفقاً لهذه النظرية هو السبب المألوف الذي يؤدي طبقاً للمجرى العادي للأمور إلى حدوث الضرر . أما السبب العارض فهو السبب الذي لا يؤدي إلى حدوث الضرر طبقاً للمألوف وللمجرى العادي للأمور.( )

ويأخذ بنظرية السبب المنتج غالبية الفقهاء ، كما يأخذ بها القضاء سواء في فرنسا أو في مصر .

رأي الباحث:
وعلى ذلك إذا تعددت الأسباب التي ساهمت في إحداث الضرر فإن المسؤولية عن الضرر تنسب إلى السبب أو الأسباب التي يكون من شأنها أحداث مثل هذا الضرر طبقاً للمجرى العادي للأمور ، أما الأسباب العارضة فلا تؤخذ في الإعتبار عند تحديد المسؤولية وايضا قد تتعدد الأسباب المنتجة في أحداث الضرر، بحيث يساهم في إحداث الضرر أكثر من سبب منتج ، وفي هذه الحالة إذا كان خطأ الإدارة هو أحد الأسباب المنتجة فإنها تكون مسؤولة عن أداء جزء من التعويض يتناسب مع ما ساهم به خطؤها في إحداث الضرر.

ثانياً : أن يكون الضرر محققاً

وهذا يعني أن يكون الضرر مؤكداً أما إذا كان الضرر إحتمالياً فلا يحكم القضاء بالتعويض عنه . وقد أعلنت ذلك محكمة القضاء الإداري بقولها ” ولا إعتداد في تقدير التعويض بقول المدعي بأنه لو بقي في الخدمة لوصل إلى درجة وكيل وزاره في بحر عامين ، لأن العبرة في تقديره ( أي التعويض ) إنما يكون بمقدار الضرر الواقع فعلاً على أساس الواقع الثابت لا على أساس إفتراض أمور محتملة قد لا تحصل إذ يجب لصحة الأحكام أن تبنى على الواقع لا على الفروض والإحتمالات . وما دامت الترقية لدرجة أعلى سلطة بيد الحكومة تمنحها لمن تراه جديراً بها ، وليست حقاً للموظف فليس للمدعي أن يتمسك بترقيات لم تمنحها له الحكومة()

رأي الباحث
الضرر المحقق قد يكون ضرر ” حال” أي وقع فعلاً أو ضرر مستقبل ولكنه مؤكد الوقوع . ومن أمثلة الضرر المستقبل المؤكد الوقوع ، إصابة طفل بعجز يحول بينه وبين القدرة على ممارسة مهنته مستقبلاً، فهذا ضرر مؤكد الوقـــوع ويختلف عن الإحتمالي ، حيث أن الضرر هذا مؤكد الوقوع ومن ثـم يعوض عنه ، أما الضرر الأول فإنه قد يقع وقد لا يقع وبالتالي لا يجوز التعويض عنه إلا إذا وقع فعلا.
ومثال ذلك يرفض تعويض المصاب في حادث سيارة ترتب عليه منعه ـ كما أدعى ـ من تحقيق مشروعات كان من المحتمل أن تدر عليه بعض الأرباح .

ثالثاً : أن يكون الضرر خاصاً
بمعنى أنه يجب أن يصيب فرداً معيناً أو أفراد محددين على وجه الخصوص. أما إذا كان الضرر عاماً يصيب عدد غير محدود من الأفراد فإنه يعتبر من الأعباء أو التكاليف العامة التي يجب على عموم الأفراد تحملها دون تعويض .( )

فالضرر يجب أن يتصف اذن بالخصوصية بالنسبة لفرد أو افراد محددين بالذات( ).

رابعاً : يجب أن يقع الضرر على حق مشروع
يجب كما تقول محكمة القضاء الإداري أن يقوم التعويض ” على حق أثرفيه القرار فالحق يصاحبه ضرراً سواء من الناحية المادية أو الأدبية ” ويجب أن يكون الحق الذي وقع عليه الضرر مشروعاً. فقد رفض مجلس الدولة الفرنسي تعويض عشيقة عن الضرر الذي أصابها نتيجة مقتل عشيقها ( ).

خامساً : يجب أن يكون الضرر ممكن التقدير نقداً
وتقدير الضرر نقداً يسهل بالنسبة للأضرار المادية . أما الأضرار المعنوية كالالام النفسية الناشئة عن فقد عزيز أو الإعتداء على كرامة الشخص أو سمعته فقد ثار الشك حولها في بداية الأمر . ثم أتجه القضاء الإداري الفرنسي إلى الإقتداء بالقضاء العادي وأقر التعويض عن الضرر المعنوي ( )

رأي الباحث
الاصل في التعويض في المسؤولية التقصيرية التعويض النقدى لا التنفيذ العينى فان صور التعويض النقدى متعددة فقد يكون مبلغا من المال يدفع للمضرور دفعة واحدة او على اقساط وقد يكون ايرادا مرتبا له مدى الحياة او لمدة معينة ويجوز للقاضى في حالتى التعويض على اقساط والايراد المرتب الزام المسؤول بتقديم تامين او ضمان كاف .

المطلب الثاني
أنواع الضرر الذي يمكن التعويض عنه

الضرر نوعان: فهناك الضرر المادي الذي يمكن أن يصيب الشخص في جسمه أو في ماله نتيجة خطأ الإدارة . ولكن الضرر قد يكون أيضا ضرراً أدبياً او معنوياً غير مادي كالآلام النفسية والمساس بالسمعة أو الكرامة أو مركز الشخص الأدبي ( )
ـ التعويض عن الضرر المادي:

يتفق الفقه والقضاء سواء في فرنسا أو في مصر على ضرورة التعويض عن الأضرار المادية ، ويشمل التعويض ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب.
وإذا كان مجلس الدولة الفرنسي ـ في بداية الأمر ـ يقضي بالتعويض عن الضرر الذي يمس حق مالي للمضرور فحسب دون الضرر الذي يمس مصلحة مالية له الا أنه وافق بعد ذلك على التعويض عن الأضرار التي تمس مجرد المصلحة المالية للمضرور على الرغم من أنها لم تصل إلى درجة الحق.

رأي الباحث

الضرر المادي اخلال بحق للمضرور له قيمة مالية او بمصلحة لها ذات قيمة مالية على ان الضرر الجسدي أي المساس بسلامة الجسم هو ضرر مادي يترتب علية خسارة مالية للمضرور يتمثل في نفقات العلاج وكسب فائت يتمثل في العجز في القدرة علي العمل واظهر صور الضرر المادي يتمثل في الاعتداء علي حق مالي ايا كان نوعة أي سواء كان حقا عينيا تبعيا او علي حق شخصي وقد يتمثل الضرر المادي في المساس بمجرد مصلحة أي ميزة لم ترقى بعد الي مرتبة الحق بما في ذلك مثلا الحرمان من العائل .

انتقال الحق في التعويض عن الضرر المادي :
من المسلم بة ان المضرور او نائبة هو الذي يثبت له الحق في طلب التعويض اما غير المضرور فلا يستطيع ان يطالب بتعويض عن ضرر لم يصبة فاذا أصاب الضرر شخصا بالتبعية عن طريق ضرر اصاب اخر فيما يسمي بالضرر المرتد فلابد من توافر حق لهذا الغير يعتبر الاخلال بة ضررا اصابة اما بمجرد احتمال وقوع ضرر في المستقبل لا يكفي للحكم بالتعويض وهكذا يشترط للتعويض عن الضرر المادي المرتد ان ينشأ عن الاصابة او الوفاة الاخلال بحق ثابت يحمية القانون ويستوي في هذا أن يكون الحق ماليا ، او مدنيا او سياسيا بما في ذلك القبض علي الشخص دون وجة حق او اعتقالة او تعذيبة فأذا ثبت الحق فية للمضرور فأنه ينتقل الي وريثة .

وعلي العكس من ذلك يمكن ان يتمثل التعويض عن الضرر المادي المرتد لمجرد الاخلال بمصلحة مالية للاقارب اذا لم يكن لهؤلاء الحق في النفقة وثبت ان المتوفي كان يعولهم فعلا وفي هذة الحالة يشترط في تحقيق الضرر المادي للشخص الذي يدعية نتيجة وفاة اخر ان يثبت ان المتوفي كان يعوله فعلا وقت وفاتة وعلى نحو مستمر ودائم وان فرصة الاستمرارعلى ذلك كانت محققة ومجمل القول اذن ان العبرة في تحقيق الضرر المادي للشخص الذي يدعية نتيجة لوفاة اخر هو ان يثبت ان المجني علية كان يعولة فعلا وقت وفاتة وعلى نحو مستمر ودائم وان فرصة الاستمرار على ذلك في المستقبل كانت محققة فيقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائلة ويقضي له بتعويض علي هذا الاساس كما يشترط ان تكون المصلحة المالية مشروعة لوجوب المطالبة بتعويض الضرر المادي المرتد ، فاذا كانت العلاقة التي تربط المضرور بالمدعي غير مشروعة او مخالفة للاداب العامة فلا يحكم بالتعويض عن الضرر المادي المرتد من الوفاة وهكذا حكم بعدم تعويض الخليلة عن فقد خليلها رغم انة كان يتولي الانفاق عليها على ان هذا الحكم لا يمتد إلى الطفل الطبيعي بحيث يجوز تعويضة عن الضرر المادي المرتد عن فقد والده ولما كان الحق في التعويض يثبت للمضرور على هذا النحو فأنه ينتقل بالتالي الي ورثتة بحيث يمكن لهؤلاء المطالبة بالتعويض الذي كان لمورثهم ان يطالب بة لو بقي حيا .

ـ التعويض عن الضرر الادبي أو المعنوي :

لقد تردد مجلس الدولة الفرنسي في بداية الأمر في التعويض عن بعض حالات الضرر الأدبي إلا أنه بعد ذلك قضى بالتعويض عن كل حالاته كما قلنا سابقا . أما مجلس الدولة المصري فإنه يقضي منذ نشأته بالتعويض عن كل صور الضرر الأدبي شأنه في ذلك شأن القضاء العادي في مصر.( )

ومن الأمثلة القضائية على التعويض عن الضرر الأدبي، وليس فقط الضرر المادي نذكر بعض الأحكام :ـ

ـ قضت محكمة القضاء الإداري بتعويض أحد الموظفين عن قرار باطل أصدرته الإدارة بنقل صاحب الشأن من وظيفة محام بالشؤون القانونية إلى وظيفة كاتب بقسم الإيرادات، لأن هذا القرار أصاب كرامة الموظف وسمعته الأدبية ( ).

ـ كذلك بخصوص قرار أصدرته هيئة السكة الحديد بنقل أحد الموظفين من وظيفة محام بقسم القضايا إلى وظيفة ناظر محطة ، قضت نفس محكمة القضاء الإداري بأن ” المدعي قد أصابه ضرر مادي من ذلك القرار يتمثل في فوات الترقية التي يمكن أن يلقاها فيما لو بقي في قسم القضايا … وبالاضافة إلى ما سبق فإنه ينبني على القرر إصابة المدعي بالآم نفسية نتيجة تنزيل وظيفته دون مبرر ، وخدمة لأحد أصهار المدير العام للسكة الحديد مما يدخل في حساب التعويض المستحق له ( )

بالنسبة للضرر المعنوي البحت فقد رفض مجلس الدولة الفرنسي التعويض عنه فترة من الزمن ومن الأمثلة على ذلك حالة الضرر المعنوي الناشيءعن مقتل قريب عزيز كالولد أو الوالد أو الزوج كان مجلس الدوله يرفض الحكم بالتعويض بحجة أن الدموع لا تقوم بالمال وذلك الا إذا صحب الضرر المعنوي ضرر مادي يتمثل في أن المضرور كان يعتمد على القتيل في معاشه أو أن الموت قد أدى إلى تغير الظروف المعيشية للأسرة كما لو فقد الأبوان ولدهما الذي كانا يعدانه للإنفاق عليهما في المستقبل ( )

موقف القضاء في مصر من التعويض عن الضرر الأدبي أو المعنوي في واقع الأمر إن كل من القضاء العادي والقضاء الإداري المصري لم يفرق بين الضرر المادي والضرر الأدبي في شأن الحكم بالتعويض عن أي منهما إذا ما توافرت شروط استحقاقه. ويرجع ذلك إلى نص الفقرة الأولى من المادة (222) من القانون المدني التي تنص على أن ” يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضا …. ( )

رأي الباحث:

الضرر الادبي لا يمس اموال المضرور وانما يصيب مصلحة غير مالية ومن ذلك ان اصابة الجسم يمكن ان تعد ضررا ماديا كونها إعتداء علي حق الانسان في الحياة وسلامة الجسم وضررا ادبيا يصيب المضرور في عاطفتة وشعورة وتدخل الي قلبة الغم والحزن ويمكن ارجاعة الي حالات معينة منها الضرر الادبي الناجم عن اصابة الشخص والالم الذي تخلفة الاصابة يكون ضررا ماديا وادبيا كذلك وقد يتمثل الضرر الادبي فيما يصيب الشخص في شرفة واعتبارة نتيجة لقذف والسب وقد يحدث الضرر الادبي عن مجرد المساس بالعاطفة والشعور فانتزاع الطفل من والدية يصيبهما باللوعة والحسرة كما ان الاضرار المالية ان تخلف الما وحسرة مما يسوغ التعويض .

وقد تردد الفقة طويلا في خصوص التعويض عن الضرر الادبي وراي البعض عدم ملاءمة ذلك باعتبار ان الغاية من التعويض هو جبر الضرر وهو امر ينطبق على الضرر المادي الذي يمكن حساب الخسارة او الكسب الفائت عنه مبلغ محدد يدفع للمضرور . ومع ذلك فقد انتصر الرأي القائل بامكانية التعويض عن الضرر الادبي باعتبار انة اذا تعذرحساب الضرر الادبي فلا اقل من ان يمنح المضرور عنه بعض المال ليكون فية على الاقل بعض السلوي والعزاء وما لا يدرك كلة لا يترك كله .وهكذا نص القانون المدني المصري على ان التعويض يشمل الضرر الادبي ايضا ومن ذلك ما يستشعرة الشخص من الحزن والاسي واللوعة وما يفتقدة نتيجة موت عزيز علية .

من المسلم به ان نص م 222/2 من القانون المدني المصري قد جاء محددا الاشخاص الذين يحق لهم المطالبة بالتعويض عن الضرر الادبي وهذا التحديد للاشخاص الازواج او الاقارب حتي الدرجة الثانية لا بمعني ان النص قيد الحق في التعويض عن الضرر الادبي عن الوفاة او عن مجرد الاصابة.

وفي النهاية قد لا يكون التعويض هدفا في البداية ولا يخفف مصابنا ولكن قد يكون فيه رد اعتبار للشخص وإعادة وجوده في مجتمعه وفي أعين الأخرين فالتعويض أشبه بقطرات الندى فوق زهرة يعلوها الغبار فيزول بعد طول انتظار.

المبحث الثاني
احكام التعويض عن الضرر

إذا توافرت أركان مسئولية الإدارة ، سواء كانت قائمة على أساس الخطأ ، أم قائمة بدون خطاً على أساس المخاطر أو المساواة في تحمل الأعباء العامة ، فإن جزاؤها التعويض .
ونتناول فيما يلي أحكام التعويض من حيث نوعه وكيفية تقديره.

المطلب الأول
نوع التعويض

يتمثل التعويض في عدة صور أو أنواع ، فقد يكون نقدياً ، أو عينياً ، أو أدبياً . . وقد ورد ذلك في المادة (171/2) من القانون المدني المصري حيث نصت على “أن يقدر التعويض بالنقد ، على أنه يجوز للقاضي تبعاً للظروف وبناء على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه أو يحكم بإداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع وذلك على سبيل التعويض” .( ).

ويتضح من هذا النص إن المشرع وإن كان قد جعل التعويض النقدي هو الأصل في المسؤولية التقصيرية إلا أنه أجاز الحكم بالتعويض العيني إذا كان ممكناً وطلبه المضرور ، أو بتعويض بمقابل غير نقدي كنشر الحكم على سبيل التعويض على نفقة المحكوم عليه في قضايا السب والقذف وهذا ما عناه المشرع بالنص على أنه يجوز للقاضي ” أن يحكم بأداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع وذلك على سبيل التعويض ( ) وهذا النص وإن ورد في القانون المدني إلا أنه لا يوجد ما يحول دون تطبيقه في مجال القانون العام على أساس أنه يعالج مسألة من المسائل التي تتفق الحلول بشأنها في فروع القانون المختلفة ( ). ولكن إذا كان التعويض النقدي لا يثير مشاكل في مجال القانون الإداري سوى ضرورة وضع الضوابط الخاصة بكيفية تقديره ، فإن التعويض العيني يعترض تطبيقه في المنازعات الإدارية أكثر من عقبه.

ـ مدى إمكانية الحكم بالتعويض العيني في مجال القانون الإداري .
يعترض الحكم بالتعويض العيني في مجال القانون الإداري عدة صعوبات وإن كان يمكن أن تقوم الإدارة في بعض الحالات بالتعويض العيني . وذلك على النحو التالي :ـ
أولاً: الصعوبات التي تعترض الحكم بالتعويض العيني في مجال القانون الإداري تتمثل في :ـ

1ـ لا يجوز للقاضي أن يصدر أوامر للإدارة بأداء أمر معين أو بالامتناع عنه، لما كان مبدأ الفصل بين السلطات يقتضي أن تكون الإدارة مستقلة عن القضاء، لذلك فإن القاضي لن يستطيع أن يصدر للإدارة أمر بعمل معين أو بالإمتناع عن عمل معين ، أي أنه لن يستطيع أن يحكم على الإدارة بالتعويض العيني .

فمثلاً إذا حكم القاضي بإلغاء قرار إداري خاص بهدم منزل معين فإنه لن يستطيع أن يأمر الإدارة بإعادة إقامة المنزل الذي هدمته على سبيل التعويض العيني.( )
2ـ لا يجوز للقاضي أن يحكم على الإدارة بغرامات تهديدية لإجبارها على القيام بعمل أو الإمتناع عن القيام به ( ) وهذا ما قرره مجلس الدولة الفرنسي في أحكامه منذ القدم ، وهو ما يردده مجلس الدولة المصري أيضا( )
3ـ إن التعويض العيني يؤدي في بعض الأحيان إلى الإضرار بالمصلحة العامة للإدارة .( )
إذ يجب أن تظل للإدارة حريتها الكاملة في اتخاذ ما تراه من قرارات بمقتضى وظيفتها الإدارية ….”ومن الناحية العملية قد يصطدم تقرير التنفيذ العيني بالمصلحة العامة . فهو يعني هدم تصرفات الإدارة . مما يؤدي إلى شل حركة الإدارة ووقف نشاطها مما يؤثر على المصلحة العامة التي تعتبرهي المحرك الأساسي لنشاط الإداره ( ) كما أن التعويض العيني سيكون في الغالب مصحوباً بتعويض نقدي ، لأن النوع الأول إذا أمكن أن يزيل آثار الضرر بالنسبة للمستقبل ، فإنه لا يحقق هذا الأثر بالنسبة للماضي . ولكن السبب القانوني هو القاطع في هذا الصدد، وهو يتعلق بموقف القاضي من الإدارة . فإستقلال الإدارة عن القضاء ( سواء أكان ادارياً أم عادياً ) يتنافى مع تخويل القاضي سلطة اصدار أوامر للإدارة . ( )
ثانياً : الحالات التي يمكن أن تقوم فيها الإدارة بأداء التعويض العيني .
إن التعويض الناتج عن المسؤولية الإدارية ، يجب أن يكون نقدياً . وهذا لا يمنع حسب ما ذهب إليه الفقه الفرنسي أن يخير القاضي الإداري بين دفع التعويض النقدي أو أن تعيد الحال إلى ما كانت عليه . فالأمر هنا راجع إلى إرادة الإدارة التي تقدر الأمر ولا يتعلق بإلزام الإدارة بالتنفيذ العيني ومن ثم لا يمثل استثناءً حقيقياً على ضرورة أن يكون التعويض الناتج عن المسؤولية الإدارية نقدياً .

وعلى ذلك فإن الإدارة من تلقاء نفسها قد تلجأ إلى التعويض العيني لجبر الضرر إذا أمكن ذلك . وفي ذلك تقول محكمة النقض في حكم لها بتاريخ 16 ديسمبر 1948 ” … إذا اغتصبت الإدارة أرضاً للمدعي ولم تضمها إلى ملكها بإجراء شرعي ، فطالب بتعويض ، فسارعت برد الأرض اليه ، اعتبر ذلك تعويضاً عينياً يغني عن التعويض النقدي ( ).

المطلب الثاني
قواعد تقدير التعويض وكيفية الوفاء به

التعويض قد يحدده القانون ، وقد يترك تقديره للقاضي ، والقانون عادة لا يتدخل في تقدير التعويض الا إذا تعلق الأمر بمسؤولية الإدارة على أساس المخاطر أي بدون خطأ( )

وإذا حدد القانون قيمة التعويض ، فإن القاضي يتقيد بإرادة المشرع حتى ولو رأي أن هذا التعويض المحدد بنص القانون لا يغطي كافة الأضرار التي لحقت بالمضرور( )

أولاً: قواعد تقدير التعويض :

يراعي القاضي الإداري عند تقديره لقيمة تعويض الضرر الذي تسأل عنه الإدارة ، بعض الضوابط التي تضمن أن يكون التعويض عادلا ، وتلك الضوابط ـ في واقع الأمر ـ لا تختلف عن الضوابط المنصوص عليها في قواعد القانون المدني وتتمثل الضوابط التي يخضع لها القاضي الإداري عند تقديره للتعويض فيما يلي :ـ ( )

أ ـ مراعاة ظروف الشخص المضار
وعلى ذلك تنص المادة 170 من القانون المدني ” يقدر مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221و 222 مراعيا في ذلك الظروف الملابسه”.ويقصد بالظروف الملابسه هنا ظروف المضرور الشخصية ، وذلك لأن التعويض يقدر بقدر الضرر الذي أصابه . وتقدير ذلك لا شك يتطلب النظر في الحاله الصحية والبدنية والمالية للمضرور.

ب ـ يجب ألا يتجاوز مبلغ التعويض ما طلبه المضرور . فالقاضي لا يحكم الا في حدود طلبات المدعي . وعلى ذلك اذا طالب المدعي بالتعويض عن الضرر المادي فقط، لا يجوز للقاضي أن يدخل في عناصرتقدير التعويض في هذه الحاله الضرر الأدبي الذي أصاب المدعي . ومن ذلك أيضا إذا لم يطالب المدعي بالتعويض عن الضرر الأدبي أمام محكمة القضاء الإداري فإنه لا يجوز له أن يطلب التعويض عنه أمام المحكمة الإدارية العليا . وفي ذلك تقضي المحكمة الإدارية العليا في حكمها بتاريخ 21 يوليو 1992″…. ومن حيث أن الواضح من الأوراق أن المدعـــي ( الطاعن ) قد طالب أمام محكمة القضاء الإداري بالتعويض عن الأضرار المادية التي تتمثل في قيمة المشونات وأجور حراسه المعدات وايجار تلك المعدات عن المدة من 16/8/1982 إلى 16/1/1984 وقد حدد المدعي قيمة هذا التعويض بمبلغ …. ومن ثم فإنه لا يجوز له المطالبة بالتعويض عن الأضرار الأدبية الناتجة عن خطأ الجهة الإدارية أمام المحكمة الإدارية العليا نظراً لأن هذا الطلب لم يكن مطروحاً أمام محكمة القضاء الإداري ولم يطالب به المدعي في صحيفة دعواه أو في مذكراته الختامية أمام هذه المحكمة ، وذلك بإعتبار أن المحكمة الإدارية العليا هي محكمة طعن تحاكم الحكم المطعون فيه ومدى صحة ما فصل فيه من طلبات الخصوم …”( )

جـ ـ يجب أن يكون تقدير التعويض مرتبطاً بقدر مسؤولية الإدارة عن الفعل الذي سبب الضرر فإذا اشترك المضرور أو الغير مع الإدارة في احداث الضرر. فإن التعويض يقسم حسب اشتراك كل عامل من هذه العوامل في احداث الضرر.

د ـ يراعي في تقدير التعويض ما إذا كان ترتب على عمل الإدارة الذي سبب الضرر نفع أو فائدة للمضرور. فإذا حدث ذلك فإن القاضي يجب أن يستنزل هذه الفائدة من قيمة التعويض. فالتعويض لا يكون الا مقابل الضرر الفعلي.

هـ ـ يقدر القاضي التعويض وقت الحكم به لا وقت وقوعه . فمن ناحية أولى يعتبر الحكم بالتعويض كاشفاً عن الحق في التعويض وليس منشئاً له . وعلى ذلك فإن الحكم بالتعويض يأخذ في اعتباره جميع الأضرار التي أصابت المدعي منذ وقوع الفعل الضار حتى يوم الحكم به . على أنه إذا حكم القاضي بالتعويض ، وصار حكمه في ذلك نهائياً ، فلا يجوز للمضرور أن يعود بعد فترة من الزمن للمطالبة بزيادته ، وذلك الا إذا احتفظ القاضي أو القانون بنص خاص للمضرور الحق في المطالبة بإعادة النظر في تقدير التعويض ، وذلك خلال مدة معينة .( )
تقدير التعويض : القاعدة العامة في تقدير القاضي للتعويض في القضاء العادي أو في القضاء الإداري ، هي أن التعويض يكون بقدر ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب( )

ولكن يلاحظ أنه من الصعب إن لم يكن مستحيلاً تطبيق هذه القاعدة على حالة الأضرار الأدبية ، فتقدير هذه الأضرار سيكون على قدر من التحكم لعدم إستناد الضرر الأدبي إلى قيم معينة متعارف على تقديرها ( )

رأي الباحث

بالنسبة للجبر الكامل للضرر فان القاضى يقدر مدى التعويض عن الضرر فالتعويض ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب وكذلك الضرر الادبى والثابت ان الضرر المادى يصيب المضرور في جسمه او في ماله والضرر الجسمانى كاتلاف عضو من اعضاء الجسم او الانتقاص منه او احداث جرح او اصابة من شانه ان يخل بقدرة الشخص على الكسب كذلك يتعين ان يشمل الحكم الضرر الادبى الذى لايصيب الشخص في ماله ويمكن ارجاعه إلى حالات منها ما يتخلق عن الاصابة او الجرح من الم وما يصيب الشخص في شرفه او اعتباره نتيجة للقذف والسب او حتى لمجرد المساس بالعاطفة او الشعور وبالتعويض عن الضررين المادى والادبى بنى المشرع مبدأ جبر الضرر بالكامل بحيث لا يزيد او ينقص عن قدر الضرر الذى وقع فاذا زاد التعويض عن الضرر اثرى المضرور على حساب المسؤول بغير سبب وان نقص مقدار التعويض عن الضرر اختلت العدالة ومع ذلك فقد عثرنا فرضيتين يمكن ان ينقص فيهما مقدار التعويض عن قيمة الضرر : الاولى في اصابات العمل حيث يحدد المشرع مبلغا جزافيا لتعويض الاصابة قد تقل قيمته عما تخلفه الاصابة من ضرر والفرض الثانى ان يشترك المضرور مع المسؤول في وقوع الضرر فإن للمحكمة تخفيض مبلغ التعويض بقدر مساهمتة في احداث الضرر .

ـ تعويض التعويض طبقا للظروف الملابسة :- يقدر القاضى مدى التعويض عن الضرر المادي والادبى الذى لحق بالمضرور مراعيا في ذلك الظروف الملابسة والراجح في الفقه ان المقصود بالظروف الشخصية التى تراعى عند تقدير التعويض ظروف المضرور لا المسؤول على سند التعويض يقاس بمقدار الضرر الذى اصاب المضرور بالتحديد اما الظروف الشخصية للمسؤول عن الفعل الضار فلا تدخل في تقدير التعويض فالاصل انه لا ينظر إلى جسامة الخطا الذى صدر من المسؤول وانما يقدر التعويض بحسب جسامة الضرر.

ثانياً : طريقة الوفاء بالتعويض النقدي
يحدد القاضي الطريقة التي يتم بها الوفاء بالتعويض النقدي وذلك في ضوء ظروف المضرور ومصلحته ، وقد يكون التعويض عبارة عن مبلغ من المال يعطى للمضرور دفعة واحدة ، أو على أقساط ، وقد يكون إيراداً مرتباً مدى الحياة ( ).

وإذا كان تحديد القاضي لمقدار التعويض يكون ـ بحسب الأصل ـ تحديداً نهائياً ، إلا أن ذلك لا يصدق إلإ بالنسبة للضرر الثابت ، أما الضرر المتغير ، والذي لا يستطيع القاضي أن يحدد مقدار التعويض عنه تحديداً نهائياً، فإنه يجوز للقاضي في هذه الحالة الأخيرة أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في تقدير التعويض ( )

إلا أن مجلس الدولة الفرنسي قد خرج على هذه القاعدة ، في حالة ما إذا كان التعويض عن الضرر الثابت يأخذ شكل إيراد دوري للمضرور ، حيث أجاز أعادة النظر في تقدير قيمة هذا الإيراد الدوري في ضوء ما يطرأ على الأوضاع الإقتصادية من إرتفاع في الأسعار .( ) وذلك لأجل تحقيق مبدأ التعويض الكامل للضرر.

رأي الباحث :

فالبعض يقول ان قيمة التعويض تقدر بالنظر إلى وقت حصول القدر لا وقت الحكم في دعوى المسؤولية وذهب رأى اخر إلى ان مقدار التعويض يجب ان يتحدد بالنظر إلى تاريخ الحكم في دعوى المسؤولية واتجهه البعض إلى التمييز في وقت تقدير التعويض بين حالتين : الاولى يلزم فيها المسؤول باصلاح الضرر وفيها يقدر وقت وقوع الضرر والثانية لا يقوم فيها المسؤول باصلاح الضرر وفيها يقدر مبلغ التعويض وقت الحكم به لا وقت وقوع الضرر ورأينا ان المدة بين وقوع الضرر ووقت الحكم به تسمح بتغير قيمة الضرر بالزيادة او النقص فان لم تقدر التعويض عن الضرر وقت الحكم به يترتب في الاولى مخالفة لمبدا التعويض الكامل للضرر وفى الثانية اثراء للمضرور على حساب المسئول بلا سبب لذا يتعين على المحكمة النظر في قيمة الضرر ليس كما وقع وانما كما صدر اليه وقت الحكم بتقدير قيمة التعويض عنه خصوصا اذا كان الضرر متغيرا .

الخاتمة:

إن وظيفة التعويض واحدة هي جبر الضرر جبراً كاملاً، ولا عبرة بجسامة الخطأ في تقدير التعويض، لأن هذا ما يتنافر مع تلك الوظيفة، والمسؤول هو وحده الملتزم بالتعويض تجاه المضرور لأن هذا جزاء خطئه الملوم الذي لا يتحمل به غيره.
والقول بأن جبر الضرر لا يكون إلا بالتعويض الكامل لا يعبر اليوم عن الواقع بسبب تدخل الاتجاه نحو عدالة التعويض كضريبة للتوسع في المسؤولية من ناحية، وبسبب تدخل النظرة الاجتماعية في معنى جبر الضرر من ناحية أخرى ، وقد تحقق ذلك بالطرق القانونية، كتحديد المسؤولية، أو التعويضات الجزافية، وبالطريق الاتفاقي في صورة الشرط الجزائي، وبالطريق القضائي باتباع معايير العدالة أو معايير التخفيف، وبذلك اكتسبت وظيفة جبر الضرر مفهوماً جديداً في العصر الحديث عن طريق كفالة التعويض وعدالة التعويض، هو المفهوم الاجتماعي، سواء في قياس الفعل الذي يوجب الالتزام بالتعويض أو في الوفاء بالتعويض للمضرور(1).

وهكذا- بحمد الله تعالى- نكون قد انتهينا من دراستنا لهذا البحث التي نرجو أن نكون من خلالها قدمنا شيئاً يستحق الاهتمام وتنال رضاء وتقدير كل من يطلع عليها. وأخيرًا لا ننسى أن نشير إلى جملة من النتائج والتوصيات التي خرجنا بها من بحثنا هذا والتي نلخصها في الآتي:

أولاً النتائج:
1- توصلنا في هذه الدراسة إلى أن أساس المسؤولية عن جبر الضرر في الفقه القانوني- ومنه القانون المدني المصري – هو اشتراط الخطأ، أما في فقه الشريعة الإسلامية فإن المسؤولية المدنية عن العمل غير المشروع تقوم على أساس موضوعي، وتستبعد فكرة الخطأ بالمعنى المعروف في القوانين الوضعية.
2- من خلال دراستنا لتقدير التعويض اتضح لنا أن الأصل في جبر الضرر وتقدير التعويض عنه هو إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، وذلك برد الأعيان المعتدى عليها إلى أصحابها إذا كانت قائمة لم تتلف؛ لأن أخذ هذه الأعيان من أصحابها غصبًا أو جبرًا عنهم لا يزيل ملكيتهم عنها ولهم حق استردادها من تحت يد المتصرف إليه، ولو كان حسن النية، وهذا متفق عليه في كل من القانون المدني والفقه الإسلامي .
3- إن تقدير التعويض عن الضرر يجب أن يقدر تقديرًا كاملاً يكفي لجبر كل الأضرار التي لحقت بالمضرور دون زيادة ولا نقصان سواء كانت أضرارًا مادية كتلك التي تصيب الجسم أو المال أو كانت أضرارًا أدبية كتلك التي تصيب الشرف والعاطفة، فكلاهما على حد سواء.
4- العبرة في تقدير التعويض هو يوم صدور الحكم القضائي سواء اشتد الضرر أم خف عما كان عليه يوم وقوعه.
5- إن القانون الوضعي أعطى الحق للمضرور بالمطالبة في إعادة النظر في تقدير التعويض في حالة تغير قيمة الضرر وفقاً لما وصل إليه ذلك الضرر الجديد باعتبار أنه لم يتناوله الحكم السابق وذلك تحقيقاً لمبدأ العدالة في تقدير التعويض بقدر الضرر الحاصل، ولكن الفقه الإسلامي لم يجز للمضرور ولا للقضاء إعادة النظر في تقدير التعويض .
6- إن سلطة القاضي في القانون الوضعي تكاد أن تكون شبه مطلقة في تقدير التعويض بحيث يتوقف ذلك على اجتهاده، أما الفقه الإسلامي فلم يخول القاضي مثل هذه السلطة باعتبار أن الشريعة الإسلامية قد حددت مقادير كل شيء وإنما يكون اجتهاد القاضي في بعض الأضرار التي لم يرد بشأنها مثل تلك التقديرات.
7- كما توصلنا إلى أنه في حالة تقدير التعويض عن الأضرار التي تصيب الجسم أو المال بينت الدراسة أن القانون المدني يعالج هذه الأضرار من خلال قواعد موحدة، فيوجب على المدين الذي يخل بالتزامه التعاقدي التعويض عن الضرر المباشر ما لم يرتكب غشًّا أو خطأً جسيماً فيجب عليه التعويض عن كل الضرر المباشر المتوقع وغير المتوقع كالمسؤولية التقصيرية ، وذلك وفقاً لقاعدة ” ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب” سواء وقع الضرر على المال أو الجسم.

ثانيًا- التوصيات:
1- نطالب الجهات المختصة في بلادنا بأن تولي الفصل في قضايا التعويض وتقديره التقدير الكامل جُلَّ اهتمامها، حيث إن كثيراً من قضايا التعويض تتم بصورة جزافية، وذلك عن طريق التحكيم العرفي والقبلي، وذلك كله بسبب طول أمد التقاضي أمام المحاكم القضائية مما يضطر المضرور للقبول بأقل تقدير للتعويض.
2- نرى أن تكون الجهة التي تفصل وتقدر التعويض جهة قضائية متخصصة لأنها الأجدر من غيرها في تحقيق العدالة اللازمة لكل من المسؤول عن الضرر والمضرور، حيث يدور البحث في تقدير التعويض عن أمور قانونية متشعبة، يعجز غير القانوني الفصل فيها من حيث القانون الواجب التطبيق، ومقدار التعويض عن الضرر، وهل تقدير التعويض يحتاج إلى إشراك جهة فنية أم لا ؟، وطريقة دفع التعويض على شكل أقساط أم جملة واحدة أو في صورة رد الشيء إلى أصله، أو غير ذلك من الأمور التي يعجز غير القانوني بحثها أو على الأقل تكون تحت الإشراف المباشر للقضاء.
3- نناشد المشرع المطلع على الدراسات المقارنه عند انشاء مشاريع القوانين أو الأنظمة ذات العلاقه خصوصاً في الدول العربية والإسلامية أن تضع في اعتبارها عند سن قانون للتعويض عن الإصابات التي يتعرض لها المضرور، بنفس نظام تعويض المضرور الموجود في الشريعة الاسلامية ، لأنها- بما ترتكز عليه- أساسا من قرآن وسنة، بها نظام مُحكم لهذا الموضوع ، فالقرآن منزل من عند الله تبارك وتعالى وهو أعلم بما يحقق مصالح العباد مطلقاً، كذلك السنة النبوية المطهرة فهي مكملة أو مفسره أو مقررة لما ورد في القرآن الكريم. والرسول- صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى بل هو وحي من ربه جلا وعلا، فإن كان أي مشرع يحذوا حذوا الشريعة الاسلامية الغراء في تقديره لتعويض المضرور بالدية وحكومة العدل عن الإصابات الجسدية دون بخس أو هضم للإنسان، فإن تلك التشريعات لا شك ستكون موافقة للصواب.
فإذا كانت الدية تقدر بمائة من الإبل فإنه يجب احتساب مبلغ كهذا في تقدير الديات، والتقدير بالإبل، فليس الأمر عين الإبل، بل لما لها من قيمة مالية كبيرة في المجتمع العربي آنذاك، فعند احتسابها في العصر الحالي فإنه ينظر إلى ما تحققه تلك النظرة العميقة لجبر الضرر معنويًّا وماديًّا، ولتحقيق عيش كريم وهنيء للمصاب أو ورثته.
4- أطالب الجهات المختصة في بلادنا بضرورة الاهتمام بجمع ونشر أحكام المحكمة وترتيبها بأسلوب علمي حديث ، بحيث يسهل الرجوع إليها والاستفادة منها للباحثين والقضاة والمحامين على السواء ، وإلى ضرورة فصل كل تخصص من هذه الأحكام على حدة في مرجع مستقل كما هو معمول به في كثير من الدول وعلى سبيل المثال جمهورية مصر العربية .
5- كما نطالب الجهات المختصة بنشر الوعي القانوني في أوساط المجتمع ، وذلك بإقامة الندوات والمؤتمرات، وإنشاء المكتبات المتخصصة ، وإثرائها بالمراجع والكتب والبحوث العامة والمتخصصة، التي ستؤدي بالتأكيد إلى نتائج عظيمة في فهم نصوص القانون وتحقيق الغاية المرجوة لكل باحث ومطلع.
6- نوصي مشرعنا أن يصوغ مواد القانون المدني بحيث تشمل كل مادة منه على فقرات لكي يسهل الرجوع إليها أو تعديلها أو إضافة فقرات أخرى كلما استدعت الضرورة ذلك، دون اللجوء إلى تعديل نص المادة كاملاً ، فكلما كانت المادة بشكل فقرات مفصلة كانت أكثر وضوحاً وأكثر دقة.
وبهذه النتائج والتوصيات نرجو أن نكون قد وفقنا إلى إلقاء الضوء على الموضوع وبيان أهميته ، ونسأل الله أن يتقبل منا هذا العمل بقبولٍ حسن، وأن يجعله ذخراً لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَّسِيْنَآ أَوْ أَخْطَأْنَا، رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا، َربَّنَا وَلاَ تُحَمِلْنَا مَالاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَاعْفُ عَنَا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَنَا فَانصُرْنَا عَلىَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ..صدق الله العظيم.

المراجع

ـ جابر نصار ، مسؤولية الدولة عن أعمالها غير التعاقدية ، دار النهضة العربية ، 1995م
ـ عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، ـ1ـ مصادر الإلتزام ،
ـ محمد رفعت عبد الوهاب، القضاء الإداري ، قضاء الإلغاء ( أو الإبطال ) قضاء التعويض وأصول الإجراءات
– ماجد راغب الحلو ، القضاء الإداري ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية، 1985.
ـ مجموعة المباديء التي أقرتها محكمة القضاء الإداري السنة الخامسة
ـ سعاد الشرقاوي ، القضاء الإداري ، دار المعارف ، 1970م
ـ سليمان الطماوي ، الوجيز في القضاء الإداري ، مطبعة جامعة عين شمس ، 1982م
ـ سليمان الطماوي ، قضاء التعويض ، دار الفكر العربي، 1986م
ـ فتحي فكري ، القانون الدستوري “المبادئ الدستورية العامة- دستور 1971”
ـ محمد حسن قاسم ، مبادى القانون المدخل إلى القانون ـ الإلتزامات ، دارالجامعة الجديدة ، 2003م
ـ والرجوع إلى العديد من مواقع الإنترنت www.yahoo.com www.google.com and
الأضرار التي تسببها الإدارة والتعويض عنها