بحث حول أشخاص التفليسة

مــقـــدمـــــــــــة

بما أن الإفلاس و التسوية القضائية لا يتم الإعلان عليها إلا بعد صدور حكم، بالتالي فإن غل يد المدين يؤدى بقوة القانون، و هذا ما يجعله غير قادر على إدارة أمواله سواء الحاضرة أو المستقبلة أو إبرام أي تصرف قانوني قابل للتمسك به تجاه الدائنين، لذلك فإن تنظيم الإفلاس و التسوية القضائية يبرز من خلال تحديد مراكز الأشخاص القائمين بالتفليسة، بما أن القضاء هو الذي يشرف على الإفلاس من بدايته إلى نهايته ذلك لتمكين الدائنين من التنفيذ على أموال المدين و تقسيمها بينهم قسمة غرماء تحقيقا لمبدأ المساواة بينهم و عليه فمن هم الأشخاص القائمين بالتفليسة ؟؟ !!
وللإجابة على هاته الإشكالية إتبعنا الخطة الآتية ذكرها.

خطـــة البحـــث: أشخــــــــــاص الـتفلــيــــــــــــــســة

المبحث الأول: الأشخاص غير القضائية في التفليسة
المطلب الأول: المدين (المفلس
الفرع الأول: مركزه في التفليسة
الفرع الثاني: مركزه في التسوية القضائية
الفرع الثالث: الأعمال التحظيرية للمدين المفلس
المطلب الثاني: جماعة الدائنين
الفرع الأول: الطبيعة القانونية لجماعة الدائنين
الفرع الثاني: وقف الإجراءات الفردية
الفرع الثالث: الرهن الرسمي الجبري
المطلب الثالث: المراقبون
المبحث الثاني: الأشخاص القضائية في التفليسة
المطلب الأول: الوكيل المتصرف القضائي
الفرع الأول: تعيينه و عزله
الفرع الثاني: مهامه و أتعابه
الفرع الثالث: مسؤوليته
المطلب الثاني: القاضي المنتدب
الفرع الأول: تعيينه و إستبداله
الفرع الثاني: مهامه و سلطاته
المطلب الثالث: محكمة الإفلاس و النيابة العامة
الفرع الأول: محكمة الإ‘فلاس
الفرع الثاني: النيابة العامة

المبحث الأول: الأشخاص غير القضائية في التفليسة

المطلب الأول: المدين (المفلس)

حيث يشمل نظالم الإفلاس التجار و الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص هذا ما جاءت به المادة 201 من ق ت، و يختلف مركز المدين المحكوم عليه بالإفلاس عن مركز المدين المقبول في التسوية القضائية

!الفرع الأول: مركز المدين في التفليسة
يؤدي الحكم المعلن للإفلاس بقوة القانون إلى غل يد المدين المفلس عن إدارة كل أمواله الحاضرة و المستقبلة بحيث لا يقوم بأي دور في التفليسة لأن الوكيل المتصرف القضائي تدخل محله، و بما أنه قد غلت يده عن جميع أمواله فلا يمكنه العيش إلا بواسطة أقاربه حيث يجب أن تخصص له إعانة هو و أسرته و هذا بناءُ على إقتراح الوكيل المتصرف القضائي هذا ما نصت عليه المادة 242/1 من ق ت أما الفقرة الثانية من نفس المادة فهي تقضي بإستخدام المدين قصد تسهيل عملية الإفلاس و يكون ذلك عن طريق ترك المفلس في محله التجاري حتى يستطيع تقديم مساعدته للوكيل المتصرف القضائي، ويخصص له القاضي المنتدب مقابلا ماليا يسمح له بالعيش، و في هذه الحالة لا يمكن إعتبار التاجر المفلس كأجير لدى جماعة الدائنين على أساس أنه يستحيل على الوكيل المتصرف القضائي أن يبرم عقد عمل مع التاجر، ذلك لأن المسألة خاصة بالمساعدة فقط و المقابل المالي الذي يتلقاه المفلس المساعد يعد إعانة و ليس أجراُ.

الفرع الثاني: مركز المدين المقبول في التسوية القضائية
يعتبر المدين المقبول في التسوية القضائية قانونا كالمفلس، و لكن غل اليد هنا لا يقصد به إستبدال المدين بالوكيل المتصرف القضائي و إنما مساعدته من طرف هذا الأخير مع ملاحظة أن هذه المساعدة إجبارية، هذا ما نصت عليه المادة 244/3 من ق ت.(1)

الفرع الثالث: الأعمال التحضيرية للمدين المفلس
المدين المفلس يبقى مالكا لحقوقه بالرغم من أن الوكيل المتصرف القضائي هو الذي يمارسها فهذه الممارسة لا تؤدي إلى إنفصال ذمته المالية عن الإفلاس ليشارك في بعض الأعمال التحضيرية التي تسبق المداولات للدائنين و قرارهم بإيجاد حل لحالة الإفلاس و تتمثل هذه الأعمال فيما يلي:
(1) نادية فضيل، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ص 27.

أولا: وضع الأختام: توضع الأختام بالشمع من طرف القاضي المنتدب في مخازن المفلس و مكاتبه و أوراقه و دفاتره و سائر منقولاته و أشيائه، و في شركة التضامن توضع الأختام أيضا على محل إقامة كل شريك من الشركاء المتضامنين على حدى حسب المادة 253 ق ت.

ثانيا: الجرد: توضع الأختام على موجودات المفلس لمدة معينة ثم يتم رفعها و إجراء جرد الموجودات بعد إنقضاء 3 أيام على وضعها حسب المادة 263. و بناء على طلب من الوكيل المتصرف القضائي أو من تاريخ صدور حكم بشهر الإفلاس و يتم رفع الأختام و تنظيم الجرد بحضور القاضي المنتدب و على نسختين أصليتين فيوقع عليهما القاضي و تودع نسخة منه لدى كتابة الضبط في المحكمة فورا و يبقى الثاني بين يدي الوكيل المتصرف القضائي و هذا في مدة 24 ساعة من تاريخ التحرير حسب المادة 264 من ق ت.

ثالثا: تدقيق دفتر المفلس: بعد أن يستلم الوكيل المتصرف القضائي من القاضي المنتدب دفاتر المفلس و أوراقه يقوم بالتدقيق في حسابات المفلس بعد إغلاق الدفاتر و إيقاف حساباتها، ويتم ذلك بحضور المفلس، فإن لم يحضر خلال 48 ساعة يمكن أن ينوب عنه وكيلا بكتاب خاص شرط أن يبدي أسبابا تمنعه من الحضور و يجوز للقاضي المنتدب بناء على طلب من الوطيل المتصرف القضائي أن يسمع أقوال المفلس و مستخدميه و كل شخص أخر سواه فيما يخص بتنظيم الميزانية أو أسباب التفليسة. و على الوكيل المتصرف القضائي أن يرفع إلى القاضي المنتدب خلال 15 يوم من تاريخ إستلامه مهامه تقريرا أو حسابا إجماليا عن حالة الإفلاس القاهرة.

رابعا: تحصيل ديون المفلس و حقوقه: بعد الإنتهاء من الإجراءات التحفظية، يقوم بتحصيل ديون المفلس و حقوقه فيقم دعاوي بشأن هذه الديون و الحقوق و يطالب باسترداد الأموال المودعة أو المرهونة بعد وفاء الدين الذي رهنت من أجله تلك الأموال. و قد يطلب من القاضي المنتدب الإذن ببيع منقولات المفلس القابلة للتلف أو التي يخشى هبوط أسعارها أو التي تطلب نفقات باهضة لحفظها، ويجوز بيع المنقولات بعد إذن المفلس نفسه و بعد أمر من القاضي المنتدب و يكون البيع عن طريق المزاد العلني بواسطة التراضي.(1)

المطلب الثاني: جماعة الدائنين

و هم دائنون عاديون للمدين مرتبطون قانونا ضمن تجمع يدعى بالجماعة و هي ممثلة من طرف الوكيل المتصرف القضائي في دعاويها سواء كانت مدعية أو مدعى عليها، و بالتالي توقف كل الإجراءات الفردية ما عدا إجراءات الطعن في الحكم بشهر الإفلاس و التظلم لدى القاضي المنتدب من أعمال الوكيل المتصرف القضائي.
(1)أ. خليفاتي عبد الرحمان، دروس في القانون التجاري، السندات التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية، ص 149-150.

الفرع الأول: الطبيعة القانونية لجماعة الدائنين
جماعة الدائنين هي مؤسسة خاصة بالقانون التجاري حيث تتكون هذه الجماعة إجباريا و يحكمها تنظيم قانوني و تدار من طرف الوكيل المتصرف القضائي. كما أن جمعياتها العامة و حساب الأغلبية و التصديق على القرارات يخضع لأحكام القانون، إذن فهي تجمع قانوني حددت شروطه من قبل القانون. و جماعة الدائنين لا تشكل شخصا معنويا لأنها لا تملك أية ذمة مالية كما أن مفهوم هذه الجماعة غير موحد و تركيبها يتغير بتغيير النظام القانوني المطبق، حتى و لو أضيفت عليها الشخصية المعنوية فإن ذلك لن يكون له آثار عملية.

أولا: طبيعة حقوق جماعة الدائنين: هي حقوق المفلس الممثل من طرف الوكيل المتصرف القضائي و هي ناشئة بعد إعلان الإفلاس، فالوكيل المتصرف القضائي يتمتع بسلطة التصرف باسم المدين فيمكنه تأجير محلات المفلس و دين الإيجارة سيحصل عليه الوكيل المتصرف القضائي لفائدة جماعة الدائنين.

ثانيا: طبيعة ديون جماعة الدائنين: إن ديون جماعة الدائنين هي التي تنشأ قبل صدور الحكم بالإفلاس يستوفون هذه الديون قبل الآخرين، دائنوا جماعة الدائنين لأن ديونهم نشأت بسبب تغيير الذمة المالية للمدين و يجب التمييز بين وضعية جماعة الدائنين حسب تركيبها.(1)
أ‌- تركيب جماعة الدائنين إستنادا إلى تاريخ نشوء الدين: و يشترط من أجل إنضمام الدائنين لجماعة الدائنين أن تكون حقوقهم سابقة على الإفلاس أو التسوية القضائية. و هذه القاعدة تتطلب منا تبيين تاريخ نشوء الحق، فالديون الناشئة عن التعاقد يعتد فيها بتاريخ إبرام العقد و بالنسبة للديون الناشئة عن المسؤولية التقصيرية فيعتد فيها بتاريخ وقوع الفعل الضاؤ و ليس بتاريخ صدور الحكم بالتعويض.
ب‌- تركيب جماعة الدائنين إستنادا على صفة الدائن: تضم الدائنين العاديين و الدائنين أصحاب حقوق الإمتيازالعام حسب المادة 245 ق ت، و التي منعت الدائن من متابعة الإجراءات الفردية المتعلقة بالتنفيذ على المنقولات أو العقارات إلا إذا كانوا من أصحاب الإمتياز الخاص أو المرتهين رهنا حيازيا أو رسميا(3)، و السبب في إنضمامهم في جماعة واحدة يرجع إلى أن إمتيازهم يرد على جميع أموال المدين و أثر هذا الإمتياز يظهر عند التنفيذ على أموال المدين فهم يعتبرون دائنون عاديون يتمتعون بحق الأولوية.(3)
(1) أ. خليفاتي عبد الرحمان، دروس في القانون التجاري، السندات التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية، ص 147-148.
(2) راشد راشد، الأوراق التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ص 263.
(3) حقوق الإمتياز العامة و الخاصة، أنظر المواد من 990 إلى 998 من القانون المدني الجزائري.

الفرع الثاني: وقف الإجراءات الفردية
يمنع على الدائنين إبتداء من صدور الحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية ممارسة حقهم في إتخاذ الإجراءات الفردية ضد المدين. و هذه القاعدة ماهي إلا نتيجة من نتائجنشوء جماعة الدائنين، فمنذ الحكم توقف كل طرق التنفيذ سواء كانت على المنقولات أو على العقارات من جانب الدائنين الذين لا يضمن ديونهم إمتياز خاص أو رهن رسمي أو حيازي على تلك الأموال، أما الدعاوى المنقولة أو العقارية و طرق التنفيذ التي لا يشملها الإيقاف فلا يمكن متابعتها أو رفعها إلا ضد الوكيل المتصرف القضائي و أن كان للمحكمة أن تقبل المفلس كخصم متدخل. و في التسوية القضائية لا يكون ذلك إلا ضد المدين و الوكيل المتصرف القضائي معا، و دعوى وقف الإجراءات لا تطبق على الدعاوى التالية:
– دعاوى الدائنين أصحاب الإمتياز الخاص و الدائنين أصحاب الرهن الحيازي أو الرسمي.
– الدعاوى التي أنتجت أثرها القانوني كالدعاوى المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير.
– الدعاوى ضد الغير، فالأصل أن هذه الدعاوى لا تهم التفليسة و لا تطبق عليها قاعدة وقف الإجراءات الفردية.

!الفرع الثالث: الرهن الرسمي الجبري المخول لجماعة الدائنين
حسب المادة 254 فإن الحكم المعلن للتسوية القضائية أو الإفلاس يستتبع لصالح جماعة الدائنين رهنا رسما على كل أموال المدين الحاضرة أو التي يكتسبها في المستقبل.

أولا: فائدة الرهن الرسمي: في حقيقة الأمر لا فائدة من هذا الرهن على أساس أنه لا يقدم للدائنين ضمانات أكثر مما يقدمه لهم غل يد المدين، لكن لا يمكننا إلغاء الآثار القانونية لهذا الرهن الجبري الذي قرره المشرع لإعتقاده بأنه في حالة تنازع الحقوق المتعلقة بالعقار يكون من الأفضل الإحتفاظ بقواعد القانون المدني، ومنح الرهن الرسمي لجماعة الدائنين كان من أجل أن يضمن لها مركزا لا يمكنها أن تحتله بمقتضى الحجز الشامل لوحده المنجز عن الإفلاس.
ثانبا: شروط الرهن:أوجبت المادة 254 على الوكيل المتصرف القضائي تسجيل الرهن الرسمي فورا على جميع أموال المدين الحاضرة و المستقبلة فهو لا ينتج آثاره إلا بعد تسجيله. و التسجيل يخضع للأحكام الواردة في قانون الإشهار العقاري، و على الوكيل أن يقوم بهذا الإجراء على وجه السرعة حتى لا يتقدم على جماعة الدائنين مرتهنون آخرون قاموا بتسجيل رهونهم الرسمية على عقارات المدين في الحالات التي يسمح لهم القانون بذلك.(1)
(1) راشد راشد، الأوراق التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ص 266-267.

ثالثا: أثر الرهن: بسبب قيام غل يد المدين يكفي إعلان الإفلاس أو التسوية القضائية لجعل قيود الرهون الرسمية و الامتيازات الحاصلة بعد الحكم المعلن غير نافذة تجاه جماعة الدائنين. كما أن الرهن الرسمي الجبري يضمن تنفيذ عقد الصلح أي أنه يبقى لصالح جماعة الدائنين لسداد حصص المصالحة و أثر القيد في هذه الحالة ينحصر في مبلغ تحدده المحكمة في حكم المصادقة على الصلح. و بإستثناء هذه الحالة الأخيرة فإن فائدة الرهن الرسمي الجبري الممنوح لجماعة الدائنين هي محل خلاف و المشرع الجزائري تردد بين النظام المدني لإشهار الضمانات العينية و القاعدة التجارية المتعلقة بالغل القانوني ليد المدين.

المطلب الثالث: المراقبون

تنص المادة 240/1 من ق ت على ما يلي: “للقاضي المنتدب أن يعين في أي وقت بأمر يصدره، مراقبا أو إثنين من بين الدائنين” و لقد جرت العادة على أن يرشح كبار دائني المفلس أنفسهم لوظيفة المراقبين. و يشترط في المراقب ألا تكون له صلة قرابة بالمفلس حتى الدرجة الرابعة، و وظيفة المراقب غير مأجورة حسب المادة 249/3 من ق ت و لا يجوز عزل المراقب إلا بأمر من القاضي المنتدب يصدره بناء على إقتراح رأي أغلبية الدائنين و ذلك حسب المادة 241 من ق ت، و ينوب المراقب عن هيئة الدائنين و لا يسأل إلا عن أخطائه الفاحشة. و مهمة المراقبين هي التحقق من بيان الحالة المالية الذي قدمها المفلس عن نفسه و مراقبة أعمال الوكيل، و التحقق من سير إجراءات التفليسة، و من صحة ما تحصل لحساب المفلس أو صرف من حسابه، و على الوكيل المتصرف القضائي أن يستنير برأيهم في كل الدعاوى.(1)

المبحث الثاني: الأشخاص القضائية في التفليسة

المطلب الأول: الوكيل المتصرف القضائي

الوكيل المتصرف القضائي هو الذي يقوم مقام المفلس بإدارة أمواله، و يعن في متن الحكم القاضي بشهر الإفلاس. و يشترط ألا يكون قريبا أو مصاهرا للمفلس حتى الدرجة الرابعة و يجوز أن يكون للتفليسة أكثر من وكيل شريطة ألا يتجاوز عددهم ثلاثة، و يتقاضون مرتبات تحدد من قبل القاضي المنتدب. و هذا الشخص سماه المشرع الجزائري بوكيل التفليسة ثم استبدله بالوكيل المتصرف القضائي بموجب الأمر رقم 96-23 المؤرخ في 09 جويلية 1996.
(1) نادية فضيل، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ص 39

الفرع الأول: تعيينه و عزله

أولا: تعيينه: تنص المادة 04 من الأمر 96-23 على أنه: ” يعين الحكم الصادر بالتسوية القضائية أو الإفلاس الوكيل المتصرف القضائي من بين الأشخاص المسجلين في القائمة التي تعدها اللجنة الوطنية المذكورة في المادة 9.” (1) و هذه القائمة يحددها وزير بعد إعدادها من طرف اللجنة الوطنية، و لا يمكن أن تحتوي هذه القائمة إلا على محافظي الحسابات و الخبراء المحاسبين و الخبراء المتخصصين في الميادين العقارية و الفلاحية و التجارية و البحرية و الصناعية الذين لهم 05 سنوات تجربة على الأقل بهذه الصفات و يتلقى المسجلون في القائمة الوطنية تكوينا مناسبا. كما يجوز للمحاكم بأمر مسبب تعيين الوكلاء المتصرفين من بين الأشخاص الطبيعيين المتمتعين بتأهيل خاص و لو كانوا غير مسجلين في قائمة الوكلاء المتصرفين القضائيين شرط ألا يكونوا قد منعوا من ممارسة إحدى المهن المنصوص عليها في المادة 06 من الأمر 96-23 و يقوم بأداء اليمين أمام المجلس القضائي الذي يتبع له محل إقامته المهنية، كما يجب أن يكون قد أتم 30 سنه، و أن يتوفر فيه النزاهة و الكفاءة، و أن لا يكون محكوما عليه بجناية أو جنحة، أن يكون حاملا شهادة جامعية، أن يقدم كفالة مالية. كما لا يجوز للوكيل المتصرف القضائي إمتلاك شيء من أموال المدين و عليه فإن الوكيل المتصرف القضائي عبارة عن وكيل قضائي يمثل المدين المفلس و جماعة الدائنين المتحدين في جماعة واحدة. غير أنه لا يمثل المدين في التسوية القضائية و إنما يساعده و بالتالي لا يتصرف بإسمه، و المدين كذلك لا يتصرف دون مساعدته. و ما تجدر الإشارة إليه لا يمكن للوكيل المتصرف القضائي الجمع بين الإفلاس و التسوية القضائية في نفس القضية.

ثانيا: عزله: أما فيما يخص عزله فإن القاضي المنتدب هو الذي له أن يطلب من المحكمة عزله، و يكون ذلك بناء على شكوى من المفلس أو من بعض الدائنين أو من تلقاء نفسه، أو لمرضه أو طلبه الإستقالة. على أن القاضي المنتدب إذا رفض رفع الشكوى للمحكمة أو أهملها ما يزيد على 8 أيام، جاز للمفلس أو الدائنين رفع الشكوى مباشرة للمحكمة فتفصل فيها بعد سماع تقرير القاضي المنتدب و أقوال الوكيل المتصرف القضائي، و للمحكمة من تلقاء نفسها و بغير طلب أن تأمر باستبدال الوكيل المتصرف القضائي أو إضافة آخر إليه بناء على طلب القاضي المنتدب و قرارات المحكمة بعزل الوكيل المتصرف القضائي أو استبداله لا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن.

(1) أنظر المادة 9 من الأمر 96-23 تنص: “تتكون اللجنة الوطنية من قاضي من المحكمة العليا رئيسا، قاضي من مجلس المحاسبة عضوا، قاضي حكم من المجلس القضائي عضوا، قاضي من المحكمة عضوا، عضو من المفتشية العامة للمالية عضوا، أستاذ في الحقوق أو العلوم الإقتصادية أو التسيير عضوا، خبيرين في الميدان الإقتصادي أو الإجتماعي عضوين، ثلاثة وكلاء متصرفين قضائيين أعضاء، تحدد كيفيات تعيين أعضاء اللجنة الوطنية عن طريق التنظيم، يعين ممثل الوزير يتولى على الخصوص أمانة اللجنة الوطنية.”

!الفرع الثاني: مهامه و أتعابه
أولا: مهامه: يقوم الوكيل المتصرف القضائي بإجراء التصرفات الأولية المتمثلة في تحصيل ديون المدين و بيع منقولاته و عقاراته، كما يرفع الدعاوي و يتصالح و يجري التحكيم و يساعد في إستمرار إستغلال المحل التجاري إذا تمكن من ذلك و أهم التصرفات التي ينجزها عند إبتداء مهامه تتمثل في ما يلي:
1- يقوم بعملية جرد أموال المدين بحضوره أو بعد إستدعائه قانونا بموجب رسالة موصى عليها م 264 ق ت.
2- يقوم بعملية قفل الدفاتر التجارية و حصرها في حضور المدين م 253 ق ت.
3- يقوم بوضع الميزانية مستعينا بالدفاتر و المستندات و الأوراق و المعلومات التي يحصل عليها ما لم يقم المدين بإيداع الميزانية.
4- يقوم بالإجراءات اللازمة لحفظ حقوق المدين ضد مدينه و الإجراءات التحفظية (خاصة قيد الرهون)، و إذا كان الأمر متعلقا بالتسوية القضائية يجوز للمدين بمساعدة الوكيل المتصرف القضائي القيام بها و إذا رفض يقوم بها الوكيل المتصرف القضائي لوحده بإذن من القاضي المنتدب م 274/1 ق ت.
5- يقدم الوكيل المتصرف القضائي تقرير خلال شهر من استلامه مهامه للقاضي المنتدب حول الوضعية الظاهرة للمدين و أسبابها و خصائصها م 257 ق ت.
6- يقترح الإعلانات المعاشية للمفلس و أسرته م 242 ق ت.
7- يقوم بتحصيل ديون المفلس التي حل أجلها م 268 ق ت، و الأوراق التجارية يقدمها للقبول أو للوفاء، في حالة التسوية القضائية يقوم المدين بمساعدة الوكيل بتحصيل السندات و الديون، و إذا لم يقم بها جاز للوكيل تحصيلها بمفرده بعد الحصول على إذن من القاضي المنتدب.
8- يقوم ببيع منقولات المدين بعد الحصول على إذن من القاضي المنتدب و الأموال يقوم بإيداعها في الخزينة العامة فورا، كما يلتزم بتقديم للقاضي المنتدب ما يثبت حصول الإيداع خلال 15 يوم من تحصيلها.
9- يمارس الوكيل جميع حقوق و دعاوى المفلس المتعلقة بذمته طيلة مدة التفليسة. و فيما يتعلق بالتصالح و التحكيم فإن المشرع قد أجاز للوكيل المتصرف القضائي بعد حصوله على إذن من القاضي المنتدب و بعد سماع أقوال المدين أو إستدعائه برسالة مسجلة أن يجري التحكيم أو التصالح و ذلك في كافة المنازعات التي تخص جماعة الدائنين بما فيها المنازعات المتعلقة بحقوق أو دعاوى عقارية. و في حالة التسوية القضائية يجوز للمدين بمساعدة الوكيل و بعد حصوله على إذن من القاضي المنتدب القيام بكافة إجراءات التخلي و العدول، أو القبول و كذلك التحكيم و المصالحة شرط ألا تتجاوز قيمة الحق إختصاص المحكمة التي تنظر في الدعوى في الدرجة الأخيرة.
10- يجوز للوكيل أن يستمر في إستغلال المحل التجاري و لكن شريطة أن يحصل على إذن من المحكمة المختصة بناء على تقرير من القاضي المنتدب م 277 .(1)

ثانيا: أتعابه: أما فيما يخص أجر الوكيل المتصرف القضائي يقدره القاضي المنتدب، و يعتبر الوكيل دائنا للجماعة بأجره فيأخذه قبل أي توزيع، و على أي حال يمكن إعتبار هذا الأجر ضمن الديون الممتازة بإعتباره من المصروفات القضائية و يحصل الوكيل على أجره بعد إنتهائه من عمله و تقديمه الحساب.

!الفرع الثالث: مسؤوليته
نجد أن المشرع الجزائري في المادة 30 من الأمر 96-23 قد منع الوكيل المتصرف القضائي من القيام ببعض الأعمال و هي:
– التوقيع على سندات أو إعترافات بدين دون ذكر إسم الدائن.
– الإحتفاظ بالمبالغ أو السندات التي يجب دفعها إلى قباضات الضرائب و الخزينة.
– إستعمال المبالغ أو السندات أو الأوراق المودعة في غير الإستعمال المخصص لها و لو بصورة مؤقتة.
كما وقع عليه جزاءات تأديبية إذا ما أخل بالأحكام القانونية أو التنظيمية المتعلقة بممارسة مهامه و تتمثل هذه الجزاءات حسب المادة 21 من الأمر 96-23 فيما يلي:
– الإنذار.
– التوبيخ.
– المنع المؤقت لمدة لا تتجاوز سنة واحدة.
– الشطب من قائمة الوكلاء المتصرفين القضائيين.
كما يمكن للجنة الوطنية أن تحول الملف إلى وكيل الجمهورية المتخصص حسب م 22 من الأمر 96-23، و يمكن لها أن توقف مؤقتا كل وكيل متصرف قضائي عن ممارسة مهامه عندما يكون محل متابعة جزائية أو تأديبية إذا تبين من خلال التفتيش أو التحقيق أن هناك إخلالا من شأنه إلحاق ضرر جسيم بالأموال المكلف بتسييرها.
هذا و تتقادم الدعوى التأديبية بمرور 5 سنوات.(2)
(1) نادية فضيل، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ص 30-31-32.
(2) نادية فضيل، نفس المرجع، ص 33.

المطلب الثاني: القاضي المنتدب

!الفرع الأول: تعيينه و إستبداله

أولا: تعيينه: تقضي المادة 235/1 من ق ت على أن القاضي المنتدب يعين بداية كل سنة قضائية بأمر من رئيس المجلس القضائي بناء على إقتراح من رئيس المحكمة، و يكون القاضي المنتدب هو أحد قضاة المحكمة في ذلك يمنح نوع من الثقة و ضمان كاف للمحكمة. المشرع لم يشترط حد أدنى لدرجة القرابة و تسري عليه القواعد الخاصة بالرد و التنحي كسائر القضاة. و تخصص المحكمة عادة أحد قضاتها للقيام بهذا العمل لما يعرض عليها من تفليسات بحيث يتوفر لديه قدر كاف من الخبرة و الدراسة.

ثانيا: استبداله: أما فيما يخص استبداله فالمحكمة تستبدله في أي وقت و قراراتها في ه>ا الشأن لا تقبل أي طريق من طرق الطعن، و يكون الاستبدال في حالات خاصة تستدعي ذلك (تقاعد، عزل، نقل) و قد تستبدله مؤقتا في حالة المرض و الإنتداب المؤقت أو الإجازة.

!الفرع الثاني: وظيفته و سلطاته

أولا: وظيفته: توضع كل تفليسة أو تسوية قضائية تحت رقابة القاضي المنتدب الذي أكدت دوره الأساسي المادة 235 من ق ت، التي كلفته بملاحظة و مراقبة أعمال و إدارة التفليسة أو التسوية القضائية. و منه فالقاضي المنتدب يشرف على أعمال التفليسية، و يكون حلقة إتصال بينها و بين المحكمة، كما له إشراف عام على كل مل يقوم به الوكيل المتصرف القضائي حتى لا يهمل إدارة الأعمال الموكولة إليه، كما له الحق في أن يعين في أي وقت بأمر يصدره مراقبا أو إثنين من بين الدائنين، كما له الحق في عزلهما بناء على رأي أغلبية الدائنين حسب م 240 ق ت، و له سلطة منح الإذن للوكيل المتصرف القضائي في القيام ببعض التصرفات القانونية، و له الحق في الفصل خلال 3 أيام في كل مطالبة تقدم ضد أي عمل قام به الوكيل حسب م 239 ق ت. و يقوم أيضا بإحالة التقرير الذي يقدمه له الوكيل إلى وكيل الدولة مرفقا بملاحظاته م 257 ق ت، كما يقوم بتقديم تقرير شامل إلى المحكمة متعلقا بجميع النزاعات الناجمة عن التسوية القضائية أو الإفلاس حسب م 235/4 ق ت، و نصت المادة 315 من ق ت على أن القاضي المنتدب يترأس جمعية الدائنين.

ثانيا: سلطاته: حسب المادة 235 ق ت للقاضي المنتدب سلطات بحث واسعة فهو يجمع كافة عناصر المعلومات التي يراها مجدية كما يلتزم بسماع أطراف الدعوى. و في حالة موت المدين المفلس أو المقبول في التسوية القضائية فإن لأرملته أو ورثته الحضور أو الإنابة في الحضور للحلول محله في كافة أعمال التفليسة أو التسوية القضائية، كما له أن يستمع إليهم و بمقتضى سلطة البحث التي يتمتع بها يمكن له أن يأمر بإجراء الخبرة من التحقيق في محاسبة المدين و تصرفاته التجارية. كما يتمتع القاضي المنتدب بسلطة إصدار القرارات في الحالات التي حددتها بعض نصوص القانون التجاري و يمكن إستعمال هذه السلطة في الأمور التالية:
– تقرير إعانة المدين و أسرته م 242 ق ت.
– بيع البضائع م 269 ق ت.
– الفصل في المطالبة ضد أعمال الوكيل م 289 ق ت.
– إعطاء إذن الإستمرار في إستغلال المؤسسة التجارية أو الصناعية في حالة التسوية القضائية م 277 ق ت.
– الإعفاء من وضع الأختام م260 ق ت.
لقد أوجب المشرع الجزائري إيداع أوامر القاضي المنتدب فورا بكتابة ضبط المحكمة بحيث تجوز المعارضة فيها خلال 10 أيام من حصول الإيداع، و يعين القاضي المنتدب في الأمر الذي يصدره الأشخاص الذين يجب إخبارهم بالإيداع بمعرفة كاتب ضبط المحكمة، و على المحكمة أن تفصل فيها في أول جلسة لها. و للمحكمة تنظر تلقائيا في أموامر القاضي المنتدب فتعدلها أو تبطلها خلال 10 أيام من إيداعها بكتابة ضبط المحكمة.(1) و تجدر الإشارة إلى أن أموامر القاضي المنتدب لا تقبل المعارضة و لا الإستئناف و لا الطعن بالنقض، إلا إذا تجاوز القاضي المنتدب حدود صلاحياته.(2)

المطلب الثالث: محكمة الإفلاس و النيابة العامة

!الفرع الأول: محكمة الإفلاس
تظل محكمة الإفلاس محتفظة برقابتها على شؤون التفليسة و ذلك في الفصل في الأمور التي تخرج عن إختصاص القاضي المنتدب نظرا لأهميتها و خطورتها فرئيس محكمة الإفلاس هو الذي يقترح على رئيس المجلس القضائي تعيين القاضي المنتدب كما أشارت إليه المادة 235 من ق ت. و لمحكمة الإفلاس أن تعدل في حدود القانون تاريخ التوقف عن الدفع بقرار تال للحكم الذي صدر بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية. كما لها أن تأمر بوضع الأختام على الخزائن و الحافظات و الدفاتر الخاصة بالمدين. و إذا تعلق الأمر بشخص معنوي مثل “شركة التضامن” فتضع الأختام على أموال كل شريك متضامن حسب م 258 ق ت. كذلك تنظر من تلقاء ذاتها في أوامر القاضي المنتدب، و تقضي بتحويل التسوية القضائية إلى تفليسية إن وجدت محل لذلك، بحكم يصدر في جلسة علنية تلقائيا، أو بناء على طلب وكيل التفليسة و بناء على تقرير القاضي المنتدب بعد سماع المدين و دعوته للحضور، حسب م 336 ق ت.(3)
(1) د. أحمد محرز، نظام الإفلاس في القانون التجاري الجزائري ،ص 66.
(2) أ خليفاتي عبد الرحمان، نفس المرجع، ص 145.
(3) عباس حلمي، نفس المرجع، ص 46.

الفرع الثاني: النيابة العامة
بما أن المشرع الجزائري قد جرم الإفلاس و فرض عقوبات على مرتكبي الإفلاس بالتقصير أو التدليس لهذا إعتبر النيابة العامة كشخص من أشخاص التفليسة. لذلك أوجب القانون على كاتب الضبط في المحكمة التي أصدرت الحكم بشهر الإفلاس أن يوجه فورا إلى النيابة العامة ملخصا للحكم الصادر بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية و يجب أن يتضمن هذا الملخص البيانات الرئيسية لتلك الأحكام و نصوصها م 250 ق ت. و ذلك حتى تتمكن النيابة بإعتبارها المهيمنة على الدعوى العمومية أن تحركها إذا توفرت شروطها، و أجاز لها القانون كذلك حضور الجرد و أقر لها في أي وقت الحق في طلب الإطلاع على كافة المحررات و الدفاتر و الأوراق المتعلقة بالتسوية القضائية أو الإفلاس حسب م 266 ق ت.

الخــــاتــــمــــــة:

نستخلص من خلال دراستنا لأشخاص التفليسة بأننا نكون قد أجبنا عن إشكاليتنا المطروحة، بحيث إعتبرنا أن المدين المفلس و الدائنين هم المحور الأساسي في التفليسة بإعتبار أن الشخص المفلس هو الذي يتعرض للإفلاس. كما أن الأشخاص القضائية هي صاحبة السلطة و الإدارة في التفليسة فتعين المحكمة الوكيل المتصرف القضائي في ذات الحكم الذي يصدر بشهر الإفلاس، إلا أن المشرع الجزائري وضع قيود عديدة على هذه الحرية تتمثل في ضرورة استصدار أمر من القاضي المنتدب و حق هذا الأخير في الإشراف على أعماله و الفصل في الدعاوى التي رفعها إليه المفلس أو الدائنون. كما أن هناك مسائل نظرا لخطورتها قد لا يبث فيها القانون المدني فجعلها المشرع الجزائري من إختصاصات المحكمة التي أصدرت الحكم بشهر الإفلاس بالإضافة إلى النيابة العامة التي تسعى لمراقبة أدوار التفليسة حتى يحفز لرفع الدعوى العمومية إذا ظهرت من المفلس جريمة من جرائم الإفلاس. بالإضافة إلى المراقبين بحيث يمكن للقاضي المنتدب أن يعين في أي وقت بأمر يصدره مراقبا أو إثنين من الدائنين، وبهذا نكون قد أحطنا دراستنا بكل أشخاص التفليسة.

المـــراجــــــــع

1- نادية فضيل، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، 2005.
2- راشد راشد، الأوراق التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، 2005.
3- د. أحمد محرز، نظام الإفلاس في القانون التجاري الجزائري، الطبعة الثانية، 1980.
4- أ. خليفاتي عبد الرحمان، دروس في القانون التجاري، السندات التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية، 2005-2006.
5- القانون التجاري الجزائري.