ان زواج الخاطف من المخطوفة في الجرائم المرتكبة وفق المواد (421-426) من قانون العقوبات يعد عذراً معفياً من العقاب وذلك بصريح نص المادة (427) من قانون العقوبات العراقي(1). فزواج الخاطف من المخطوفة يعد من الحالات التي تؤدي إلى وقف تنفيذ الحكم الجزائي الصادر في حالة صدور حكم جزائي وبالتالي يؤدي إلى وقف القوة التنفيذية للحكم الجزائي التي اكتسبها بمجرد صدوره فوراً من المحكمة المختصة، اذن فأن زواج الخاطف من المخطوفة يعد عذراً معفياً من العقاب وذلك بصريح نص المادة (427) من قانون العقوبات العراقي التي تنص على انه (إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المجنى عليها اوقف تحريك الدعوى والتحقيق فيها والاجراءات الاخرى واذا كان قد صدر حكم في الدعوى اوقف تنفيذ الحكم)، ومن ملاحظة نص المادة اعلاه يتضح ان المشرع العراقي قد اوجب على المحكمة المختصة في حالة حصول زواج صحيح بين الجاني والمجنى عليها في جرائم الخطف والقبض والحجز ان توقف التحقيق والاجراءات المتخذه ضد الجاني وفي حالة صدور حكم جزائي ضد الجاني فأنه على المحكمة ان توقف تنفيذ هذا الحكم وذلك بنص القانون وكذلك لتوفر عذر يمنع المحكمة من تنفيذ العقوبة على الجاني. الا ان اتجاه المحاكم في العراق يذهب إلى عكس ما جاء بصريح نص المادة (427) من قانون العقوبات وتقرر فرض العقوبة على الجاني في حالة زواج مرتكب احدى الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب وعدم مراعاة وجود عقد زواج صحيح بين مرتكب هذه الجرائم والمجنى عليها(2) لكنه ينبغي الاشارة إلى ان المشرع العراقي عندما أوجب على المحكمة المختصة وقف تنفيذ الحكم الجزائي في حالة زواج الجاني بالمجنى عليها فان هذا الزواج ليس مانع دائمي للعقاب وانما هو مانعاً مشروطاً بفترة زمنية محددة يجب ان لا يقع الطلاق خلالها واذا ما وقع الطلاق فان الاجراءات التي اوقفت يتم استئنافها وذلك استناداً للمادة (427/2) عقوبات التي تنص على انه (تستأنف اجراءات الدعوى أو التنفيذ بحسب الاحوال- إذا انتهى الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع أو بطلاق حكمت به المحكمة لاسباب متعلقة بخطأ الزوج أو سوء تصرفه وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على وقف الاجراءات)(3).

ومن ملاحظة نص المادة السالفة الذكر يتضح ان المشرع العراقي قد اعطى الحق للمحكمة استئناف اجراءات تنفيذ الحكم التي اوقفت بسبب الزواج إذ ما انتهى الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع، وبيان فيما إذا كان السبب مشروع أو غير مشروع متروك لتقدير المحكمة وكذلك الحال تستأنف اجراءات الدعوى أو تنفيذ الحكم الذي اوقف ايضاً في حالة صدور حكم بالتفريق حكمت به المحكمة لاسباب متعلقة بخطأ الزوج أو سوء تصرفه اما إذا كان الطلاق قد تم لاسباب متعلقة بخطأ الزوجة وتقصيرها فان ذلك لا يؤدي إلى استئناف الاجراءات التي اوقفت لان نص المادة (427) قد اعطى للمحكمة استئناف الاجراءات في حالة وقوع الطلاق بسبب خطأ وتقصير الزوج، وكذلك ينبغي الاشارة إلى ان استئناف اجراءات تنفيذ الحكم الجزائي الموقوفة في حالة وقوع الطلاق بين الزوجين بسبب خطأ الزوج ليس مطلقاً بل ان المشرع العراقي قيد استئناف الاجراءات الموقوفة بقيد وهو ان يكون الطلاق قد تم قبل انقضاء ثلاث سنوات على وقف الاجراءات، فاذا ما انقضت ثلاث سنوات ووقع الطلاق فان المحكمة لا يجوز لها استئناف الاجراءات والعودة إلى تنفيذ الحكم الذي اوقف بنص القانون. ومن هذا يتضح ان المشرع العراقي قد اوجب وقف اجراءات تنفيذ الحكم الجزائي الصادر في حالة زواج الخاطف من المخطوفة الا انه في ذات الوقت قد اعطى للمحكمة الحق في استئناف الاجراءات الموقوفة والحكم الصادر بالدعوى الجزائية والذي اوقف تنفيذه في حالة وقوع الطلاق بسبب خطأ من الزوج أو سوء تصرفه وكذلك في حالة انتهاء الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على وقف هذه الاجراءات وان المشرع العراقي قد اعطى الحق في تقديم طلب استئناف السير في الدعوى أو تنفيذ الحكم الجزائي لكل من الادعاء العام والمجنى عليها ولكل ذي علاقة بذلك(4).

وبذلك يتضح ان اتجاه المشرع العراقي في ايقاف تنفيذ الحكم الجزائي في حالة زواج الخاطف من المخطوفة هو اتجاه صحيح ويحمد المشرع على هذا الاتجاه وفي نفس الوقت لدينا ملاحظة على ايراد المشرع لعبارة استئناف الاجراءات في حالة وقوع الطلاق قبل انقضاء ثلاث سنوات وكان من الافضل ان يجعل المشرع استئناف الاجراءات بدون قيد أو مدة محددة في حالة وقوع الطلاق بسبب تقصير الزوج أو خطأه وذلك ليكون رادعاً اكثر للذين يفكرون في ارتكاب مثل هذه الجرائم. اما بالنسبة للمشرع المصري فقد اخذ بالمانع المعفي من العقاب في حالة زواج الخاطف من المخطوفة ولكنه يختلف عن اتجاه المشرع العراقي وذلك لان المشرع المصري جعل زواج الخاطف بالمخطوفة مانعاً دائمياً للعقاب وذلك في المادة (291) من قانون العقوبات المصري التي تنص على انه (إذا تزوج الخاطف بمن خطفها زواجاً شرعياً لا يحكم عليه بعقوبة ما). ومما تقدم يتضح ان زواج الخاطف من المخطوفة يعد من بين الحالات التي تؤدي إلى وقف تنفيذ الحكم الجزائي وبالتالي وقف قوته التنفيذية ولكن هذه القوة التنفيذية الموقوفة قد ترجع إلى حيز الوجود في حالة انتهاء الزواج بطلاق صادر من الزوج بدون سبب مشروع أو بطلاق حكمت به المحكمة بسبب خطأ الزوج أو بسبب تقصيره وفي هذه الحالة تحوز القوة التنفيذية قوة تأكيدية اخرى للتنفيذ بما لا يدع مجال للشك في هذه القوة وكذلك لا يمكن ايقاف تنفيذ الحكم بعد ذلك ولا يمكن تعليقها على شرط وقد تنتهي القوة التنفيذية للحكم الجزائي وتعتبر بحكم الملغية في حالة وقوع الطلاق بعد انقضاء ثلاث سنوات من وقف الاجراءات، أي يمكن اعتبار القوة التنفيذية في حالة زواج الخاطف من المخطوفة معلقة على شرط وهو وقوع الطلاق بعد ثلاثة سنوات أو قبلها فاذا ما وقع الطلاق بعد انقضاء ثلاثة سنوات تعتبر بحكم القوة الملغية اما إذا وقع قبل انقضاء ثلاث سنوات فأنها تحوز قوة تاكيدية فوق قوتها التنفيذية بما لا يكون هناك مجال لوقفها أو تعليقها مرة اخرى.

______________________

1- ينبغي الاشارة إلى ان زواج الجاني بالمجني عليها في الجرائم المخلة بالاخلاق والاداب العامة كانت ايضاً تعتبر عذراً معفياً من العقاب بموجب المادة (398) من قانون العقوبات الا ان المشرع اعتبر الزواج عذراً مخففاً للعقاب وذلك بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المرقم (91) لسنة 1987 الذي الغي نص المادة (398) وعدلها واعتبر زواج الجاني بالمجنى عليها عذراً قانونياً مخففاً للعقوبة

2- انظر على سبيل المثال قرار محكمة جنايات ديالى المرقم 473/ج/1999 في 30/7/1999 وكذلك قرار محكمة جنايات الرصافة المرقم 91/ج/2000 في 19/4/2000.

3-يقابل النص العراقي نص المادة (308/2) من قانون العقوبات الاردني التي اجازت للمحكمة استئناف الاجراءات في حالة انتهاء الزواج بطلاق المرأة بدون سبب مشروع.

4- الاستاذ عبد الامير العكيلي- د. سليم ابراهيم حربة- شرح اصول المحاكمات الجزائية- الجزء الاول- سنة 1987- ص33-34.

المؤلف : عباس حكمت فرحان الدركزلي
الكتاب أو المصدر : القوة التنفيذية للاحكام الجزائية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .