قضاء الأحداث بين الواقع و القانون محكمة الاحداث في نينوى نموذجاً

دراسة موجزة مقدمة من قبل القاضي

احمد محمد علي الحريثي

رئيس محكمة الاحداث في نينوى

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة :

يهدف قضاء الاحداث الى الحفاظ على نظام سلمي في المجتمع ضمن إطار شامل من العدالة الاجتماعية وحماية الأحداث وصغار السن بوصفه جزءاً من عملية التنمية في كل بلد وذلك من خلال تطبيق البرامج العلاجية والادماج الاجتماعيين , وتركيز الاهتمام على السياسات الوقائية من خلال الأسرة والمجتمع المحلي

ومجموعة الأقران والمدارس والتدريب المهني وعالم العمل والمنظمات الإنسانية ومؤسسات المجتمع المدني . وقد عقدت الأمم المتحدة الكثير من المؤتمرات وتبنت الكثير من المبادىء الدولية مراعاة لمصالح الطفل الفضلى ولعل من اهمها قواعد بكين ومبادىء الرياض التوجيهية وقواعد حماية الأحداث المجردين من حرياتهم

, ونظراً لما تمثله ظاهرة المشردين وأطفال الشوارع والأحداث الجانحين من خطورة , ولاسيما في ظل نظام العولمة وتراجع دور الدولة وتأثيرات ذلك على حجم الظاهرة واتساعها .

جاء قانون رعاية الأحداث رقم (76) لسنة 1983 وتعديلاته منسجماً مع السياسة الجنائية الحديثة في إدارة شؤون قضاء الأحداث مراعياً القواعد النموذجية لحقوق الطفل التي أقرتها الأمم المتحدة .

ولكن هل حقق القانون أهدافه على أرض الواقع ؟ وهل سايرت محاكم الأحداث أهداف المشرع وتطلعاته ؟ هذا ما سنحاول الاجابة عليه في الفقرات اللاحقة مستندين الى استقراء واقع قضاء الاحداث في العراق والتجربة العملية في محكمة احداث نينوى وتسليط الضوء على المعوقات التي تعترض عملها نموذجاً يمكن ان

نسحبه على كافة محاكم الاحداث في العراق , من حيث نظام المحكمة وتشكيلها وعمل مكتب دراسة الشخصية وقسم مراقبة السلوك , وتضمنت الدراسة أهم النتائج والمقترحات التي توصلنا اليها:

اولاً . نظام المحكمة :

حرصت غالبية تشريعات الاحداث المقارنة على ضرورة ان تنظر قضايا الاحداث في جميع مراحلها جهة متخصصة بشؤون الاحداث , رغم انها لم تتفق على تشكيل موحد للمحكمة , بل اتخذ كل منها اسلوباً معيناً يتفق والفلسفة التي تبناها التشريع والامكانيات المتاحة , في حين أبقت تشريعات اخرى الاختصاص معقوداً

للمحاكم العادية او لمجالس او لجان إدارية . وبين هذا وذاك نصت المادة (54) من قانون رعاية الاحداث المعدلة على مايأتي : “تنعقد محكمة الاحداث برئاسة قاضٍ من الصنف الثالث في الاقل وعضويين أحدهما من القانونيين والاخر من المختصين بالعلوم ذات الصلة بشؤون الاحداث ولهما خبرة لاتقل عن خمس سنوات

تنظر في قضايا الجنايات وتفصل بصفة تمييزية بقرارات قاضي التحقيق وفق احكام هذا القانون “.

في الوقت الذي انيطت به مهمة الفصل في قضايا الجنح وقضايا المشردين ومنحرفي السلوك والقضايا الاخرى كطلبات الضم وسلب الولاية والاقرار بنسب مجهولي النسب لقاضي الاحداث منفرداً عملاً بنص المادة (56) منه على ان يتم تسمية رئيس وعضوي المحكمة الاصليين والاحتياط من قبل رئيس مجلس القضاء

الاعلى ببيان يصدره بناءً على اقتراح من رئيس محكمة الاستئناف . م (55) من القانون .

نجد ان هناك بعض المعوقات التي تعترض عمل المحكمة , فالقانون لم يحدد صفة العضو القانوني – وهو بالتأكيد ليس قاضياً والا لنص عليه صراحة – كذلك لم يحدد مؤهلاً علمياً أو صفة خاصة بالعضو القانوني , وقد جرت العادة على تسمية معاون قضائي أو موظف من حملة شهادة البكالوريوس في القانون وممن لهم

خدمة خمس سنوات بغض النظر عما إذا كانت الخدمة في مجال الاحداث أو غيرها , وفي الغالب يكون العضو القانوني غير متفرغٍ لعضوية المحكمة , ونرى أن هذا لايمكن ان يكون مقصد المشرع .

أما فيما يتعلق بالعضو من المختصين بشؤون الاحداث , وبسبب النقص الحاصل من المختصين على ملاك وزارة العدل أو مجلس القضاء الاعلى تضطر محاكم الاستئناف الى الاستعانة بالمختصين من الوزارات الاخرى , ولا يخفى ما في ذلك من سلبيات فهم لايرشحون دوماً أكثر الموظفين كفاءة لديهم , فضلاً عن ارتباطهم في

دوائرهم الاصلية وحضورهم يوماً او يومين في الاسبوع لعضوية المحكمة , وعدم انتظام دوامهم لايوفر لهم وقتاً كافياً للاطلاع على الدعاوى ومتابعتها وتكوين رأي فيها يساعد المحكمة على تكييف الدعوى قانونياً واجتماعياً واتخاذ التدبير الملائم فيها . وهذا ما لا نراه متحققاً على ارض الواقع , بل ان حضور الاعضاء جلسات

المحاكمة اصبح صورياً وان اهتمامهم بدأ ينحصر في الجانب القانوني للدعوى واغفال جانبها الاجتماعي والتربوي الذي يجب ان تؤديه المحكمة طبقاً للقانون , رغم الجهود التي يبذلها المسؤولون في الاستئناف من متابعة للارتقاء بالعمل الى مستوى التشريع الا ان النقص الحاصل من المختصين يجعل من مهمة تطوير

المحكمة امراً ليس يسيراً , هذا من جهة , ومن جهة اخرى فاذا كان هناك ما يبرر ان تكون تسمية رئيس محكمة الاحداث من قبل مجلس القضاء الاعلى بصفته أحد اعضاء الهيئة القضائية بناءاً على اقتراح من رئيس الاستئناف – إذ أن المجلس هو المسؤول والادرى بامكانية كل قاضٍ وصلاحيته لتولي اي مسؤولية في القضاء

– فأننا لا نرى نفس المبرر القانوني أو الاهمية لتسمية اعضاء المحكمة الاصليين والاحتياط من قبل رئيس مجلس القاضاء الاعلى , ونجد من المستحسن أن يتم تسميتهم من قبل رئيس الاستئناف بوصفه المسؤول المحلي عن القضاء في محافظته وهوأدرى بشؤون الموظفين ضمن نطاق مسؤوليته على ان يتم إشعار المجلس

بذلك خلال فترة محددة وفي ذلك اختصار للوقت وتجاوز للروتين واستجابة سريعة للظروف التي قد تحصل للاعضاء كالوفاة او الاجازات الطويلة او الايفاد وغيرها , مما يؤدي الى تعذر تشكيل المحكمة فترات ليست بالقصيرة والتأثير على العملية القضائية , على ان يؤدي أعضاء المحكمة اليمين القانونية قبل مباشرتهم العمل

وتدارك هذا الامر بتعديل تشريعي .

ثانياً . نظام البحث الاجتماعي :

تميّز قانون رعاية الاحداث العراقي عن بقية التشريعات الاقليمية والعربية بأن اولى الجانب الاجتماعي والتربوي في قضاء الاحداث اهمية بالغة . وعلى هذا نص في المادة (12) منه على ان يتألف مكتب دراسة الشخصية ويرتبط بمحكمة الاحداث ويتكون من طبيب مختص أو ممارس في الامراض العقلية والعصبية او

طبيب اطفال عند الاقتضاء وأخصائي بالتحليل النفسي أو علم النفس وعدد من الباحثين الاجتماعيين , ويجوز تعزيز المكتب بعدد من الاختصاصيين في العلوم الجنائية او العلوم الاخرى ذات الصلة بشؤون الاحداث , ويعينون من قبل مجلس القضاء الاعلى ممثلاً برئيسه ويكون الطبيب مديراً للمكتب , كما يجوز طبقاً للمادة

(13) منه يتألف المكتب من اعضاء غير متفرغين من بين الاطباء التابعين لوزارة الصحة بترشيح من وزيرها ومن الاختصاصيين التابعين لوزارة التربية بترشيح من وزيرها أو من الجامعة بترشيح من رئيسها يتولون العمل في المكتب فضلاً عن وظائفهم ويعينون بأمر من رئيس مجلس القضاء الاعلى .

ويتولى المكتب مهامه طبقاً للقانون وكما يأتي :

1. دراسة حالة الاحداث الجانحين والمحالين الى المكتب من قبل قاضي التحقيق وتنظيم تقرير مفصل عن حالة الحدث البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية والاسباب التي دفعته الى الجريمة والتدبير المقترح لمعالجته , ومتابعة الفحص بصورة دورية كل ثلاثة اشهر حتى انتهاء مدة التدبير م(14) .

2. على مكتب دراسة الشخصية ان يرسل من يمثله لحضور المحاكمة ومتابعة سيرها في كل دعوى يقدم فيها تقريراً على ان يعدل فيه على ضوء المستجدات اثناء المحاكمة بعد التشاور مع مكتب دراسة الشخصية م(61) , وهذا نص ملزم وعدم مراعاته تقدح بقانونية المحكمة بلاشك رغم ان الواقع يظهر عدم مراعاة ذلك

في اغلب الاحيان وتكتفي المحكمة بوجود تقرير لدراسة هذه الحالة المرافق لاضبارة الدعوى.

3. دراسة حالة الاحداث وصغار السن المشردين ومنحرفي السلوك وتنظيم تقرير مفصل عن حالة كل حدث م ( 26) . مما يقتضى سرعة في اجراءات البحث الاجتماعي وهذا ما لاتجده متحققاً عملياً لان مكتب دراسة الشخصية لا يلتئم الا يوماً او يومين في الاسبوع على احسن حال لعدم تفرغ اعضائه , الامر الذي يؤدي

الى بقاء الاطفال المشردين رهن الاحتجاز لعدة ايام وفي ذلك ضرر نفسي واجتماعي وهم فضلاً عن ذلك ليسوا متهمين طبقاً للمادة (24) من القانون , لا بل هم ضحايا الواقع الاجتماعي .

4. إجراء البحث الاجتماعي والفحص الطبي والنفسي للصغير او الحدث في حالة اتجاه محكمة الاحداث الى سلب الولاية على الصغير او الحدث ومراقبة تنفيذ قرار الحد من الولاية م(34) و م(36) وبسبب عدم فعالية مكتب دراسة الشخصية لافتقاره الى كادر كافٍ بقيت هذه النصوص والمبادىء مهملة ونجد ان هذا

النص لم يجد له حظاً في التطبيق رغم اهميته الاجتماعية , وقد تجاوز المشرع العراقي باقراره مع المسؤولية الجزائية على أولياء الامور الذين يهملون في رعاية الصغار الكثير من التشريعات الدول المتقدمة وحتى قواعد الامم المتحدة .

5. إجراء البحث الاجتماعي على الزوجين في حالة طلب ضم الاطفال الايتام ومجهولي النسب عند تقديم الطلب وترسل المحكمة باحثاً اجتماعياً الى دار الزوجين طالبي الضم في الاقل كل شهر خلال مدة التجربة , ويقدم تقريراً مفصلاً الى المحكمة خلال الستة اشهر للوقوف على مدى صلاحية الاسرة للضم م(40) وفي

هذه الحالة نجد ان اجراءات البحث الاجتماعي لاتعدو كونها مسألة صورية وبدلاً من ان يقوم بزيارة الاسر في دورهم يكتفي الباحث الاجتماعي بحضورهم شهرياً أمامه في المحكمة وينظم تقريراً بذلك رغم اهمية البحث الاجتماعي الميداني في هذه الحالات وتعلق الامر بمسؤولية اخلاقية فضلاً عن المسؤولية القانونية .

ومن خلال ما تقدم يظهر ان المكتب – لكي يقوم بمهامه بشكل جيد ويحقق الحد الادنى من متطلبات العمل – يتطلب وجود كادر متخصص ومؤهل وتوفير المستلزمات الضرورية لانجاح مهامهم . وفي الغالب لايوجد باحثون في محاكم الاحداث وخاصة في المحافظات وان وجدوا فهم ليس باكثر من واحد او اثنين ومحكمة

احداث نينوى ليست بأحسن حالاً من غيرها مما اضطر الى الاستعانة بباحثين غير متفرغين وغير قادرين على الاستجابة لمتطلبات العمل , ولا يخفى ما في الاستعانة بكادر غير متفرغ من سلبيات أشرنا اليها في معرض الحديث عن اعضاء المحكمة.

ثالثاً . نظام مراقبة السلوك :

تتصف مراقبة السلوك بكونها تدبيراً علاجياً هاماً ثبتت فعالياته وجدواه في اصلاح الاحداث في كثير من التجارب الدولية , لذلك أقرته أغلب تشريعات الاحداث , وقد أفرد له قانون رعاية الاحداث باباً مستقلاً في القانون وحدد مهام قسم مراقبة السلوك والية تشكليه في المواد (87) وما بعدها . على ان يتولى قسم مراقبة السلوك

المرتبط بمجلس القضاء الاعلى مراقبة سلوك الحدث والاشراف على اعمال مراقبي السلوك وفقاً للقانون , ويرأسه مدير حاصل على شهادة بكالوريوس في علم الاجتماع او الخدمة الاجتماعية او العلوم ذات الصلة بشؤون الاحداث وله خبرة لاتقل عن خمس سنوات , في حين يُـعين مراقب السلوك من بين الحاصلين على شهادة

البكالوريوس في علم الاجتماع او الخدمة الاجتماعية او العلوم ذات الصلة بشؤون الاحداث او من بين خريجي المعاهد الفنية فرع الخدمة الاجتماعية , وان تكون لديه خبرة لاتقل عن ثلاث سنوات .

إن مهمة مراقب السلوك بعد تسلمه اقرار المراقبة واضبارة الدعوى اعداد خطة تفصيلية لعلاج الحدث تؤمن إعادة تكييفه اجتماعياً خلال مدة المراقبة ستناداً الى تقرير مكتب دراسة الشخصية , وعلى مراقب السلوك أن يزور الحدث الموضوع تحت المراقـبة في مسكنه او الاتصال بادارة مدرسته او محل عمله مرة واحدة في

الاقل كل خمسة عشراً يوماً , ومتابعة مدى مراعاته للشروط التي حددها قرار المراقبة وأن يقدم تقريراً شهرياً لمحكمة الاحداث والادعاء العام يتضمن حالة الحدث وسلوكه ومدى تأثير قرار المراقبة عليه.

ومن خلال استقراء واقع الحال يظهر تلاشي قسم مراقبة السلوك , وان وجد فلا يعدو عن كونه مراقب سلوك واحد , وفي الغالب غير متفرغ وان عمله صوري لا يلبي حتى الحد الادنى من متطلبات المهمة , واصبح تدبير مراقبة السلوك اشبه بالافراج او البراءة وتلجأ اليه المحكمة لهذا الغرض في الكثير من الاحيان .

النتائج و المقترحات

نخلـص من هذا العرض لبعـض نصوص القـانون وواقع عمل محاكم الاحداث والمعوقات التي تعترضها بجملة من النتائج وقد توصلنا الى بعض المقترحات سنوجزها بما يأتي :

النتائج :

1. ان القانون رعاية الاحداث بالاسس التي استند اليها والنصوص التي جاء بها والاهداف التي يسعى الى تحقيقها , وضع نظاماً متكاملاً لايقتصر على معالجة الحدث الجانح وانما يسعى الى وقايته من الجنوح وشموله بالرعاية اللاحقة لمنعه من العود الى الجريمة , فقد جاء القانون متطوراً يحاكي تشريعات الدول الاكثر تقدماً في العالم .

2. تدرج محكمة الاحداث ضمن تشكيلات المحاكم في قانون التنظيم القضائي الا ان المشرع العراقي لم يغفل طابعها الاجتماعي عندما جعل مكتب دراسة الشخصية يرتبط بها وهو محور عمل المحكمة في كل مراحلها وبهذا اعطى المشرع لمحكمة الاحداث طبيعة مزدوجة قضائية تتمثل باعتمادها على قانون العقوبات

والقوانين الاخرى وقانون اصول المحاكمات الجزائية في الاجراءات بما يتلاءم وقانون رعاية الاحداث , وطبيعته الاجتماعية تبدأ بالاكتشاف المبكر للاحداث الجانحين والفصل في قضاياهم ولا تنتهي مهمتها بحسم الدعوى إنما تستمر بالرعاية اللاحقة والاشراف على تنفيذ التدبير , فضلاً عن مهامها الاجتماعية الاخرى التي

أشرنا اليها سابقاً ,على هذا يكون من الانصاف ان تعتمد هذه الحقيقة عند تقييم عمل المحكمة والعاملين فيها لا ان تعتمد الاحصائيات القضائية بالنظر الى حجم الدعاوى من حيث الكم واهمال الكيف , لارتباط قضاء الاحداث بحقوق الانسان ومصالح الطفل الفضلى التي اصبحت معياراً تقاس من خلاله درجة تحضر الامم

والشعوب من خلال التقارير السنوية التي تقدمها المنظمات الانسانية الى الامم المتحدة .

3. نبين من خلال استقراء واقع عمل محاكم الاحداث في العراق مستنيرين بالتجربة العملية في محكمة احداث نينوى بوصفها نموذجاً ينسحب في ايجابياته وسلبياته على باقي محاكم الاحداث , وهي قد تكون احسن حالاً من غيرها لعدة اعتبارات منها رسوخ القضاء في مدينة الموصل , ووجود مؤسسات اجتماعية وعلمية يمكن

الاستعانة بها عند الاقتضاء الا ان واقع المحكمة لايرقى الى مستوى اهداف المشرع رغم المحاولات المتعاقبة من قبل رؤوساء الاستئناف لتطوير اسلوب العمل الا ان العقبة التي لازالت تواجه جهد اي رئيس استئناف هي قلة الكادر المتخصص بشؤون الاحداث او انعدامه في بعض الاحيان.

المقترحات:

1. تُـعد اجراءات البحث الاجتماعي اساس عمل محاكم الاحداث وان اي حديث عن تطوير تلك المحاكم دون ان تعزز بكوادر متخصصة بشؤون الاحداث من متخصصين في علم النفس والتحليل النفسي وعلم الاجتماع وتعيين عدد كافٍ منهم على ملاك مجلس القضاء الاعلى وينسبون الى مكتب دراسة الشخصية وقسم مراقبة

السلوك , يكون غير مجدٍ , مع ضرورة توفير المستلزمات المطلوبة للقيام باعمالهم .

وهذا لا يمنع من الاستفادة من خبرات المتخصصين في الجامعات والمؤسسات الاخرى في تحليل الضواهر الاجتماعية واعتماد الاساليب الحديثة ومواكبة التطور في مكافحة الجريمة والحد منها , وان وجود الاكاديميين في تلك المكاتب سيعود بالنفع عليهم , اذ ان تجربتهم العملية واطلاعهم على احصائيات واقعية ستغني

تجربتهم العلمية وسيعود النفع بالتأكيد على المجتمع , الا ان الاعتماد الحقيقي يجب ان يكون على الكوادر المُعينة على ملاك مجلس القضاء الاعلى .

2. كان موضوع تخصص العاملين في محاكم الاحداث مثار بحث ومناقشات حثيثة على مستوى المؤتمرات الدولية وتعالت الاصوات من قبل خبراء الامم المتحدة والمختصين بحقوق الطفل داعين الى ضرورة التخصص في مجال قضاء الاحداث وان يشمل التخصص العاملين في مرحلة التحقيق والمحاكمة وكذلك شرطة

الاحداث ومغادرة النظرة السطحية السائدة في التعامل مع الاحداث الجانحين .

لذا نرى ان يبادر مجلس القضاء الاعلى وبعد توفير الكادر الكافي من المتخصصين وتوفير المستلزمات والامكانيات لهم الى اعداد خطة مستقبلية للتخصص وتأهيلهم تأهيلاً علمياً من خلال اشراكهم في دورات تطويرية على ايدي متخصصين في ادارة شؤون قضاء الاحداث , ويمكن الاستعانة بمنظمات حقوق الانسان

وبالاخص التي تعمل في مجال شؤون الاطفال والاحداث الجانحين .

3. ندعو المشرع العراقي الى اعطاء مهمة تسمية اعضاء المحكمة ومكتب دراسة الشخصية وقسم مراقبة السلوك الى رئيس الاستئناف اختصاراً للوقت وتجاوزاً للاجراءات الروتينية واستجابة للظروف التي قد تطرأ على الاعضاء او موظفي مكتب دراسة الشخصية وقسم مراقبة السلوك على ان يُـشعر مجلس القضاء

الاعلى بذلك خلال مدة معينة , وان تراعى ذات المعايير العلمية والشخصية التي يجب توافرها في القاضي عند اختيار اعضاء المحكمة , ويجب ان يؤدي اعضاء المحكمة اليمين القانونية عند مباشرتهم اعمالهم , وذلك بتدخل تشريعي لتدارك هذا الامر .

***