دراسة قانونية معمقة حول عقود التشييد والاستغلال والتسليم

مقال حول: دراسة قانونية معمقة حول عقود التشييد والاستغلال والتسليم

عقود التشييد والاستغلال والتسليم B.O.T وتكييفها القانوني دراسة تحليلية

د. جمال عمران المبروك، أستاذ القانون التجاري المساعد بكلية القانون- جامعة طرابلس/ ليبيا

المقدمة
لقد كان للأزمة الاقتصادية العالمية في فترة الثمانينات أثرها البالغ على اقتصاديات دول العالم عموماً والدول النامية خصوصاً، الأمر الذي جعل هذه الدول تكاد عاجزة عن إقامة أو تشغيل أو تطوير بنيتها الأساسية، كإقامة محطات الكهرباء والماء الطرق والجسور والموانئ والمطارات وغيرها من المشاريع الحيوية.

لأنه وكما نعلم بأن إقامة مثل هذه المشاريع يعد من أهم وأكبر تحديات ومسؤوليات الدولة اتجاه مواطنيها،وذلك بسبب عدم قدرة الدولة على الإيفاء بهذه المتطلبات الضرورية، نظراً لاحتياجها أموالا كبيرة وأعباء مادية طائله تثقل كاهل الدولة، وتؤديإلى اختلال موازنتها العامة، فلم تجد أمامها سوى اللجوء إلى القطاع الخاص لتمويل البنى التحتية لتوفير الخدمات المختلفة لجمهور مواطنيها، وكان من أفضل السبل المتاحة أمام هذه الدولة هو التعاقد حول هذه المشروعات بنظام عقود التشييد والاستغلال والتسليم المعروفة اختصارا بعقود البوت (B.O.T).

وتكمن أهمية اللجوء إلى صيغة عقود البوت في الاعتماد الكلي على القطاع الخاص للقيام بتشييد هذه البُنى الأساسية وتشغيلها، وبالتالي فإن الدولة أوالجهة المتعاقدة تلقي على كاهل المستثمر الخاص عبء إقامة وتشغيل هذه المرافق الحيوية، فلا تتحمل الدولة مثل هذه الأعباء مما يخفف من اختناقات الموازنة العامة لهذه الدولة.

ومن هنا نستطيع أن نلمس مدى احتياج الدولة لإبرام مثل هذه العقود ، حيث اضطررت الدولة تكرار ورضخت لسطوة عقود البوت المدعومة أساساً من قبل الترسانة الاقتصادية العالمية في ظل النظام الرأسمالي السائد والمهيمن على المقدرات الاقتصادية للدول النامية والأقل نموا لذا نجد أن غالبية عقود البوت المبرمة تكون مع مستثمرين أجانب يمثلون اتحاداً مالياً واقتصادياً ضخماً يفوق حتى موازنة كثير من دول العالم الثالث التي تعجز ميزانياتها العامة عن تحقيق احتياجات مواطنيها من الخدمات الأساسية، والنهوض بمتطلبات التنمية الاقتصادية المستدامة بسبب شح المواردوالأزمات الاقتصادية الخانقة.

ونظراً لما تتطلبه إقامة مثل هذه المشروعات من إمكانات مادية كبيرة، فكان لزاماً اللجوء الى عقودالبوت التي مثلتطوق النجاة لمثل هذه الدول ، فأقبلت على نظام البوت (B.O.T) دون تأني أو دراسة مستفيضة لمخاطر هذا النوع من العقود التي ستكون لها آثارمستقبليةووخيمة على المستقبل الاقتصادي لهذه الدول على المدى البعيد إذا لم يحسن التعامل معها، مما يتطلب من الدول النامية التروي والتعقل قبل الإقدام على إبرام عقود البوت (B.O.T)، وضرورة إعداد البيئة القانونية الملائمة لمثل هذه العقود، وإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة في المجال الفني والقانوني والمالي والتفاوضي، وبهذا فإن التعاقد بنظام البوت سيؤتيأُكُله المرجوة منه.

هذا وتقوم فكرة نظام عقد البوت على قيام الدولة أو أحد الأجهزة الحكومية التابعة لها بإسناد مهمة التمويل لمشروع معين إلى مستثمرخاص يسمى شركة المشروع عن طريق منحها امتيازاً لمدة زمنية طويلة يقوم خلالها بتشييد المشروع وتشغيله، وبعد انتهاء مدة الامتياز يعود المشروع ملكاً خالصاً للدولة المضيفة لامتياز البوت، بعد أن يكون هذا المستثمر قد قام باسترداد كافة النفقات والمصروفات الماديةالتي كان قد أنفقها مع هامش ربح ليس بالقليل،عنطريق تحصيله لمقابل الخدمات من المنتفعين من هذا المشروع.

ويعد نظام التعاقد بصيغة البوت (B.O.T) نظاماً مستحدثاً نسبياً في إقامة وتشييد وتشغيل مشاريع البنية الأساسية، حيث يعتبر نظام البوت من أكثر الأنظمة التعاقدية جاذبيةً وإغراء لكافة الجهات سواء الدولة أو الجهات الاعتبارية الخاصة على حدٍ سواء، لأنه كما سبق وأوضحنا بأنه نظام يلقي بعبء تمويل هذه المشروعات على كاهل المستثمرالخاص، شركةً كانتأم فرداً أو اتحادا ماليا، فيخفف الأعباء المالية على موازنات هذه الجهات المتعاقدة بنظام البوت،وبالتالي يعطي للدولة المتعاقدة فرصة سانحة للالتفاتإلى مشاريع أخرى قد تكون ملحةًوحيوية للغاية ، فتقوم الدولةبالتفرغ لتمويلها كالتعليم والصحة والقضاء مثلاً، بدلاً من أن ترهق الدولة في تمويل كافة المشروعات التنموية دفعةً واحدةً وهو أمرغير مُيسر القيام به، إن لم يكن مستحيلاً في ظل عجز موازناتهذه الدول كما سبق وأوضحنا.

كما تكمن أهمية دراسة نظام البوت في الدور المهم الذي يلعبه هذا النوع من صيغ التعاقد في مجال التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث أن غالبية الدول بدأت في الاتجاهإلى سياسة السوق الحرة، وتحرير التجارة وتبني نظام العولمة، لأن النظام الاقتصادي العالمي يتجه برمته نحو إشراك القطاع الخاص في القيام بدور اقتصادي في إنجازمشروعات التنمية المستدامة.

وفي هذا الخضم المتنامي نجد أن عقود البوت هي نظام تعاقدي حديث نسبياً، يقوم بدور الريادة في تحقيق طموحات وتطلعات كافة دول المعمورة عموماً ودول العالم الثالث خصوصاً، فيترسيخ أسس متينة للتنميةالاقتصادي المستدامة،وما تعود به من عموم الرخاء الاقتصادي المنشود من كافة شعوب الأرض وذلك من دواعي اختيارنا لهذا الموضوع ، ومما دعانا الى الوقوف على فكرة نظام البوت كأحد الأنظمة التعاقدية الرائدة في وقتنا الحديث والمعاصر، ومحاولة الفهم العميق لما هيته وطبيعته القانونية وخصوصاً مسألة تأصيل الجدل الفقهي الكبير القائم حول التكييف القانوني السليم لعقد البوت، وهو ما لمسناه حقيقةً واقعةً بين فقهاء القانون العام وفقهاء القانون الخاص، والذي يبدو للوهلة الأولى بأنه جدل تنظيري أو ترف فكري لاداعي للإغراق في تفاصيله الفقهية التي لاتقدم ولاتؤخر من الناحية القانونية والواقعية.

وعلى الرغم مما يقال عن هذه الإشكالية الفقهية إلا أن الباحثيرى ضرورة أن يتمتع عقد التشييد والاستغلال والتسليم بالتكييف القانوني السليم كغيره من العقود ناهيك إذاعلمنا مدى الأهمية القصوى لعقد البوت في وقتنا الحاضر،وبشكل لا يمكن تجاهله حيث أن تكييف هذا العقد تارةً بأنه ضمن طائفة عقود القانون العام وتارةًأخرى باعتباره ضمن طائفة عقودالقانون الخاص،أو بأنهعقدذوطبيعة خاصة إنما له آثار قانونية كبيرة، فمن الناحية القانونية يترتب على تكييف عقد البوت وتحديد طبيعته القانونية تحديد القانون الواجب التطبيق عند نشوب أي منازعات بخصوص هذه العقود هذا بالإضافةإلى أن تصنيف عقود البوت ضمن طائفة محددة من العقود من شأنه أن يحددلنا القضاء المختص بنظر المنازعات حيثتخضع العقودالإدارية لقواعد القانون الاداري، ويختص بنظر المنازعات المتعلقة بها القضاءالاداري، بينما تخضع العقود المدنية والتجارية لقواعد القانون المدنيأوالتجاري، ويختص القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عنها.

هذا وتكمن أهمية تحديد الطبيعة القانونية لعقد البوت وإضفاء التكييف القانوني المناسب والسليم عليه في أنه يتحدد في ضوؤه الأثار القانونية التي يرتبهاعقدالبوتبين أطرافه بشأن حقوق والتزامات كل منهم، ناهيك إذاعلمنا بأن هناك شبكة تعاقدية متداخلة ومتشابكة للغاية ترتبط بعقد البوت والتي تدور مع عقد البوت وجوداً وعدماً باعتباره مصدراً قانونياً لهذه العقود كالعقودالمبرمة من الباطن بين العديد من الشركات من جهة وشركة المشروعمن جهةٍأخرى، وكذلك عقود القروض وخطابات الضمان وعقود الاعتمادات المستندية،الأمر الذي يتطلب منا حقيقة الوقوف على التكييف القانوني لعقد البوت مما يسهل تنفيذ هذا العقد بسهولة ويسر وبعيداًعن التعقيدات القانونية الغير محبذه في هذا النوع من العقود.

وتكمن إشكالية دراستنا لموضوع عقود البوت والتكييف القانوني لها في محاولة الإجابة عن التساؤلات الأتية:

– ما المقصود بعقود البوت وماهيأهميتهاوما مخاطرها على الدولة المضيفة للاستثمار؟

– وماهوالتكييف القانوني السليم لعقد البوت وما مدى توفيق المدارس الفقهية السائدة في الوصول إلىالتكييف القانوني السليملهدا النوع من العقود؟

– وهل من الممكن أن نضع حداً قانونيا سليماً للجدل الفقهي القائم بصدده أم أنه لايوجد جدل فقهي حقيقي وجدًي حولالطبيعة القانونيةلعقود البوت؟

سنحاول من خلال هذه الدراسة تسليط الضوء على كافة هذه الإشكاليات التي كما سبق وأوضحنا أن لها آثار قانونية بالغة الأهمية، تترتب على تحديد المقصود بعقد البوت ابتداء، ومن ثم على تكييفه القانوني بإدخاله تحت عباءة قانونية موحدة، سواء مجال القانون العام أم الخاص أم تحييده عن كل ذلك باعتباره عقد ذو طبيعة خاصه، يستوجب عدم إقحامه ضمن طائفة معينة ومسماه من العقود المعروفة لدينا سواء عقود القانون العامأو الخاص.

هذا وسنعتمد في حل كافة إشكاليات هذه الدراسة على المنهج العلمي الوصفي والتحليلي حيث سننهجالمنهج الوصفي في تناولنا للمدارس الفقهية التقليدية منها والحديثةبشأن تناولها للتكييفالقانوني لعقد البوت، كما أننا سننهج المنهج التحليلي لاستخدامه فيتحليل الحجج والأسانيد التي قال بها الفقه والأحكام القضائيةالمتعلقة بالموضوع.

حيث إن أهمية هذه الدراسة أنها جاءت في فترة مكتظة بالتطبيقات القانونية والعملية لعقود البوت في مختلف الدول النامية، ومنها ليبيا ومصر وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، وغيرها من الدول التي اتجهت بشكل متعجل للغاية لإبرام عقود البوت، وقبل الدراسة المستفيضة لمثل هذه العقود وقبل المعرفة المتكاملة لأضرارها بعيدة الأمد، وخصوصاً إذا لم تحسن الدول النامية التعامل الدقيق مع عقود البوت من خلال الإلمام الوافي بمفهومها القانوني، ومدى مخاطرها وتصنيفها وتكييفها التكييف القانوني السليم لكي لا تتعثر هذه الدول في تنفيذها لخطط التنمية المستدامة المأمولة والمبتغاة.

لذا فإننا سنحاول الوقوف على هذه الإشكالية ومعالجتها باتباع المنهج العلمي القويم، التحليلي والوصفي وسنقوم بعون الله تعالى وتوفيقه بتناول هذا الموضوع ذو الأهمية البالغة من خلال تقسيم هذه الدراسةإلى ثلاثة مطالب رئيسية نتناول في المطلب الأول منها التعريف بعقد البوت وأهميته بالنسبةللدولةالمضيفة للاستثمار ونخصص المطلب الثانيلتناولإشكاليةالتكييف القانوني لعقد البوتوفقاً لكافة المدارس الفقهية في هذا الصدد أما المطلب الثالث سنتحدث فيه عن وجهة النظر الخاصة للباحث حول عموم هذه الإشكاليات، سائلين الله العلي القديرأن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه وهو ولي التوفيق.

المطلب الأول: التعريف بعقد البوت وأهميته

يعد نظام التعاقد بصيغة البوت صورة من صورتمويل المشروعات ذات الطابع التنموي، لذا فقد حضي بإقبال كبير من طرف كافة دول العالم المتقدمة منها والنامية،وعقود البوت وإن كانت قد أصبحت معروفة في عصرنا الحديث إلا أن جدورها التاريخية تمتد إلى العام 1782،وتعد فرنسا أول دولة عرفت هذا النظام حيث قامت بإبرام أول عقد بوت في العام 1782م، عندما منحت شركه (بيرن إخوان) الالتزام بتوزيع المياه في العاصمة الفرنسية باريس، كما تعدجمهورية مصر العربية أول دولة في الشرق الاوسط تُقدم على إبرام العقود بنظام البوت (B.O.T) وذلك في مشروع قناة السويس في العام 1869م، حيث تم التقدم لمنح امتياز حفر القناةإلى محمد على باشا الذي رفضه في تلك الفترة خوفاً من مخاطره المستقبلية على الاستقلال السياسي والاقتصادي للبلاد، إلا أنه وفي فترة لاحقة قامالمهندس الفرنسي (فردناندديلسيبس) بإعادة طرحفكرة منح الامتياز على الوالي محمد سعيد والذي وافق عليه ليبرم العقد لمدة (99) عاماً قابلة للتجديد، وبموجب هذا الامتياز منحت الدولة المصرية الشركة العالمية لقناة السويس الأراضي اللازمة لتشييد القناة مع إعفاء شركة المشروع من كافة الرسوم والضرائب والجمارك على كافة معدات وأدوات ولوازم هذا المشروع الاستراتيجي([1]).

وعلى الرغم من أن السرد التاريخي لتطور نظام البوت ونشأته لا تخلو من الفائدة العلمية ولاشك،إلا أن ما يهمنا من خلال هذا المطلب هو تحديد المقصود بهذا النظام التعاقدي المستحدث نسبياً وبمعناه الواسع من خلال الوقوف على تعريف عقد البوت كمتطلب أساسي وبديهي في ذات الوقت (الفرع الأول)، ثم الحديث عن العقود التي تقترب في مفهومها من نظام البوت (الفرع الثاني)، والذي ارتأينا أنه ضرورياً لغاياتالتعريف بعقد البوت المقصود من هذه الدراسة وتحديده بشكل دقيق لا لبس فيه وهو من المتطلبات الموضوعية في هذه الدراسة، كما أننا ومن خلال هذا المطلب سنسلط الضوء على أهمية التعاقد بصيغة البوت بالنسبة للدولة المضيفة للاستثمار (الفرع الثالث)، والذي كان من دواعي قيامنا بإعداد هذه الدراسة نظراً لما لمسناه من الفوائد والمزايا الاقتصادية لهذا النوع من العقود على اقتصاديات الدولة المتعاقدة، ناهيك عن العديد من المنافع الأخرى التي سنتناولها بالدراسة والتحليل والتعليق كلما لزم الأمر.

الفرع الاول: تعريف عقد البوت (B.O.T):

لعله ومن نافلة القول أن نوضح بأن عقد البوت محل دراستنا غالبا مايتم إبرامه بين أشخاص من القانون العام ممثلاً في الدولة أو إحدى مؤسساتها العامة ، كالوزارات والمصالح الحكومية أو يتم إبرامه من قبل الأشخاص الإقليمية ممثلة في المدن والمحافظات كما أن بإمكان الأشخاص الاعتبارية الخاصةأيضا إبرام عقد البوت سواء كانت شركات أو أفراد،وبالتالي فإن الطرف الأول في عقود البوت يمكن أن يكون دولة أو شركة خاصة، أي ليس بالضرورة دائماًأن يكون الطرف الأول من أشخاص القانون العام، أما الطرف الثاني في عقد البوت والذي يسمى شركة المشروع فغالبا مايكونتجمع من المستثمرين الخواص في إطار شركة متعددةالجنسيات ذات رؤوس أموال ضخمة،وتمتلك كافة المقدرات الفنية والمادية والتكنولوجية، وباستطاعتها تمويل مشروعات البنية الأساسيةلدى الجهة المتعاقدة والحصول على عائد ربحي لابأس به.

كما أن شركة المشروع وفي سعيها لتنفيذ مشروعات البنية التحتية، فإنها تقوم بإقامة العديد من العلاقات القانونية المتشابكة من الباطن، وذلك لأغراض الإنجاز السريع للمشروع وبأقل التكاليف، حيث تبرم شركة المشروع عقود مختلفة ومتنوعة، كالعقود المبرمة من الباطن مع شركات المقاولات المحليةأو عقود تقديم الخدمات الاستشارية كالاستعانة بالمختصين في المجال المالي والقانوني والفني هذا بالإضافةإلى إبرام عقود التأمين و التوريد أوغيرها.

أما بخصوص إيجاد تعريفاً جامعاً مانعاً لعقد البوت فقد دأب الفقه على مختلف مشاربه على البحث عن تعريف لعقد البوت، فجاءت هذه التعريفات في مجملها متأثرة بالنزعات الفقهية التي تحاول بُوتقة هذا العقد ضمن عقود القانون العام أوعقود القانون الخاص أوعلى أنه يمثل عقد ذو طبيعة خاصة فمن هذه المنطلقات الفكرية ولدت تعريفات كثيرة لعقد البوت متأثرة بالجدل حول الطبيعة القانونية لهذا العقد، والمتعلقةبتكييفها القانوني، ولكنه وبغض النظرعن كل ذلك فإننا نجد جملة من هذه التعريفات قد أصابت كبد الحقيقة بتجسيدها لمعنى عقد البوت من الناحية الواقعية والقانونية.

ومما تقدم نستشف أن عقد البوت هو”تسليم الدولة للقطاع الخاص صاحب رأس المال قطعة من الأرض لإقامة مشروعاً من مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة وفقاً لمواصفات محددة سلفاً بين الدولة والمستثمر على أن يتحمل المستثمر كافة أعباء البناء والتشغيل، ويكون للمستثمر الحق في الحصول على إيرادات تشغيل المشروع لمدة زمنية محدودة يتم الاتفاق عليها في عقد البوت”([2]).

كما عرفه آخر([3]) بأنه “نظام من نظم تمويل مشروعات البنية الأساسية، حيث تعهد الدولة إلى شخص من أشخاص القانون الخاص يطلق عليه شركة المشروع بموجب اتفاق يبرم بينهما يسمىالترخيص، تلتزم شركةالمشروع بمقتضاه بتصميم وبناء مرفق من مرافق البنية الأساسية ذات الطابع الاقتصادي، ويرخص لشركة المشروع بتملك أصول هذا المشروع وتشغيله بنفسها أوعن طريق الغير، ويكون عائد تشغيل المرفق خالصاً لها على نحويُمكنها من استرداد تكلفة المشروع، وتحقيق هامش ربح طوال مدة الترخيص، وتلتزم شركة المشروع بنقل ملكية أصول المشروع إلى الدولة عند نهاية مدة الترخيص”.

هذا وقد ذهب جانب من الفقه ([4])إلى تعريف عقد البوت بأنه “منح الحكومة لمن يرغب في الاستثمار في إحدى مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة من الأفراد أو الشركات الخاصة فرصةإقامة المشروع على الأرض التي تحددها الدولة وتحمله أعباء شراء وتزويد المشروع بالمعدات والتكنولوجيا اللازمة وتحمله بكافة نفقات التشغيل، وذلك مقابل حصول المستثمر على إيرادات تشغيل المشروع خلال الفترة التي تحددها له الحكومة، والتي تعرف بفترة الامتياز وبعد انتهاء هذه الفترة يتم تحويل المشروع الى الحكومة التي يحق لها التصرف فيه وفقاً لما تراه من اعتبارات قوميةأو اقتصادية”.

هذا وقد عرفته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري([5])، المعروفة بــ (اينسترال) بأنه “شكل من أشكال تمويل المشروعات، تمنح الحكومة بموجبه مجموعة من المستثمرين يطلق عليهم الاتحاد المالي للمشروع امتياز لبناء مشروع معين وتشغيله وإدارته واستغلاله تجارياً لعدد من السنيين تكون كافية لاسترداد تكاليف البناء إلى جانب تحقيق أرباح مناسبة من عوائد التشغيل واستغلاله تجارياًأومن المزايا الأخرى الممنوحة لهم ضمن عقد الامتياز، وفي نهاية الامتياز تنتقل ملكية المشروع إلى الحكومة دون أي تكلفة أو بمقابل تكلفة مناسبة يكون قد تم الإنفاق عليه مسبقاًأثناء التفاوض على منح المشروع”.

ومن الجدير بالذكر الإشارة هنا إلى أن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري قد أطلقت على عقود البوت تسمية مشاريع البناء والتشغيل والنقل، وذلك في تقريرها لعام1996م، ثم أطلقت عليها تسمية مشاريع الهياكل الأساسية ذات التمويل الخاص في تقريرها الصادرعام 1997م، ثم أطلقت عليها تسمية مشاريع البنية الأساسية المحمولة من القطاع الخاص وذلك في تقريرها للعام 1999 م، ومؤخراًأطلقت عليها تسمية الأعمال الممكنة في المستقبل بشأن مشاريع البنية التحتية الممولة من القطاع الخاص وذلك في تقريرها للعام 2001″([6]).

كما أن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) قد عرفت عقد البوت بأنه “اصطلاح أو صياغة لاستخدام القطاع الخاص ليقوم بمشروعات التنمية الأساسية التي كانت من قبل حكراً على القطاع العام، ذلك أن تمويل هذه المشروعات هو زاوية الأساس لمفهوم عقد البوت”.

ويعد اصطلاح البوت (B.O.T) في حد ذاته اختصاراً لثلاث كلمات إنجليزية وهي (Build) والتي تعني البناء ، وكلمة (Operate) والتي تعني التشغيل وكلمة (Transfer) والتي تعني نقل الملكية، وبذلك يكون مصطلح البوت معبراً عن عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية وقد تم اختصاره بأخذ الأحرف الأولى من التسمية الإنجليزية المشار إليه أنفاً ليصبح المصطلح المعروف والمشهور هو (B.O.T).

وقد ذهب البعض([7])، إلى أن أول من استعملاختصار( B.O.T) ليكون معبراً عن عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية هو رئيس الوزراء التركي (ترجوت أوزال) في بداية الثمانينيات، وذلك أثناء اجتماعه برجال الأعمال والمستثمرين وأصحاب شركات المقاولات من القطاع الخاص بُعيدِ نجاحه في الإنتخابات البرلمانية، وأثناء شرحه لخططه المستقبلية واستراتيجيته المقبلة سعياً لإنعاش وتحسين الاقتصاد التركي والقائم على إسناد المشروعات التنموية الجديدة في البلاد إلى القطاع الخاص بصيغة عقود البوت B.O.T)).

وعلى الرغم مما تقدم فإن البعض([8]) يرى عدم دقة اصطلاح البوت (B.O.T)، وأنه لا يعبر عن حقيقة الحال في المشروعات المتعاقد عليها بنظام البوت والتي تخول شركة المشروع حيازة الأرضعلى سبيل الانتفاعوليس على سبيل التملك، ومن ثم فإن اختصار البوت (B.O.T)-والذي يعني نقل الملكية- يكون اصطلاحاً غير دقيق، لأن الملكية لم تنتقل أصلاً من مالكها وإنما الذي انتقل إلى شركة المشروع هو الحيازة التي ستعود لاحقاً لمالكها بعد انتهاء عقد الامتياز (بوت)، حيث أن واقع الحال يؤكد بأن شركة المشروع إنما تمتلك العناصر التي أوجدتها واللازمة لإنجاز المشروع كالآلات والمعدات والأجهزة ولا تمتلك المرفق ذاته، بل إن ملكيتها لهذه المعدات لا تكون هي الأخرى مطلقة، وإنما أثناء تنفيذها للمشروع فقطوقبل تمام تشييده أي إنها تمتلك هذه الموجودات ما دامت مستقلة عن المرفق ولم تدخل في كيانه بعد.

ولعل مثل هذا التحليل هو الذي دعا البعض([9])إلى وضع تعريف لعقود البوت،يكون أكثر دقة وانضباطية من حيث المفهوم،حيث عرف عقد البوت بأنه “عقد يبرم بين الدولة أو إحدى الجهات الإدارية التابعة لها وطرف خاص أجنبي عادة ما يتخذ شكل الشركة، تطلق عليها شركة المشروع بغرض تشييد إحدى المرافق العامة ذات الطبيعة الاقتصادية، على حساب تلك الشركة وقيامها مقابل ذلك باستغلال المرفق والحصول على عائد هذا الاستغلال طوال مدة التعاقد، وفي نهاية تلك المدة تلتزم الشركة بتسليم المرفق إلى الجهة الإدارية المتعاقدة دون أي مقابل، وخالياً من كافة الأعباء وبحالة جيدة”.

ويذهب البعض([10])في معرض تعليقه على هذا التعريف بأنه ابتعد عن الترجمة الحرفية لمصطلح (B.O.T) حيث استبدل كلمة (البناء)بكلمة تشييد واستبدل كلمة (التشغيل) بكلمة الاستغلال وكذلك استبدل كلمة (نقل الملكية)بكلمة التسليم، لتصبح التسمية السليمة وفقاً لهذا الرأي من الفقه، هي عقود التشييد والاستغلال والتسليم –وهو ما يؤيده الباحث في هذا الصدد-كون هذا التفسير أكثر دقة من التسمية السابقة، حيث ان استخدام مصطلح تشييد تعد أوسع وأشمل للتعبيرعلى المفهوم الحقيقي لعقود البوت،لأن شركة المشروع لا تقوم بعملية البناء والإنشاء فقط وإنما قد تقوم بوضع الدراسات والتصاميم، ومن ثم تبدأ في عملية البناء كما أن شركة المشروع تقوم بتجهيز المبنى بالأجهزة والمعدات اللازمة لاستغلاله، مما يعني أن استخدام كلمة تشييد تفي بكافة هذه الأعمال هذا ويعتبر استخدام مصطلح الاستغلال أوسع مفهوماً من استخدام مصطلح التشغيل، حيث أن شركة المشروع بعد استكمالها لعملية التشييد إنما تقوم باستغلال المشروع بكافة الطرق الممكنة والمتاحة من أجل تحصيل الربح وهذا العمل ليس مجرد عملية تشغيل للمشروع فحسب وإنما تشمل كافة أنواع الاستغلال المتاحة.

هذا ويعتبر استخدام مصطلح التسليم أوسع مفهوماً وتعبيراً عن واقع الحال في عقود البوت من استخدام اصطلاح نقل الملكية الذي لا يعبر عن حقيقة وآلية نظام البوت المعمول به في كافة دول العالم،حيث أن شركة المشروع لا تمتلك الأرض المقام عليها المشروع وإنما تحوزها بقصد استغلالها والانتفاع بها لمدة من الزمن طالت أو قصرت يحددها عقد الامتياز، و بانتهاء هذه المدة تقوم شركة المشروع بتسليم ما في حوزتها وهو المشروع إلى الدولة حيث أن واقع الحال في عقود البوت لا يجعل شركة المشروع مالكة له([11]).

وما يلاحظه الباحث على مجمل التعريفات التي قيلت كمحاولة جادة لوضع تعريفاً دقيقاً ومنضبطا لعقد البوت إنما جاءت متقاربة في كثيرٍ منها في وصفها لأطراف عقد البوت وأن الدولة تعد طرفاً أساسياً فيه وأن هذا القول وإن كان يمثل الغالبية في عقود البوت إلا أنه ليس هناك مايمنع من أن يكون أطراف عقد البوت من الجهات الاعتبارية الخاصة، كما لو تعاقدت إحدى الشركات الخاصة المملوكة لأفراد خواص مع شركة المشروع لتشييد مشروع معين بنظام البوت.

ومن الأمثلة الواقعية على هذه الصورة من صور التعاقد بنظام البوت ما قامت به قرية (جولدن بيتش) السياحية بمدينة الغردقة بطرح مشروع لتشييد محطة مياه بصيغة عقد البوت، كما أن نادي الصيد المصري قد طرح مشروعاً بناء صالة لألعاب البولينج والبلياردو بصيغة عقد البوت لمدة عشرة سنوات، كما أن ذات النادي قد طرح مشروعاً آخر بنظام البوت لإنشاء جراج متعدد الطوابق بنظام البوت مما حدى بمجموعة من النوادي المصرية إلى الاقتداء بنادي الصيد في طرح عدة مشاريع بصيغة البوت([12]).

ومن ثم يرى الباحث بأن إبرام عقد البوت ليس مقصوراً على أشخاص القانون العام فحسب ، الدولة أو إحدى مؤسساتها العامة وإنما قد يبرم بين مستثمرين خواص شركة المشروع من جهة وشركة استثمارية خاصةمن جهة أخرى.

كما أن الباحث يرى بأن مجمل التعريفات السابقة قد ركزت على أن عقد البوت إنما يبرم لإقامة مرفق عام أو مشروع من مشروعات البنية الأساسية التي تحقق المصلحة العامة، أو تستهدف تسيير عمل المرافق العامة، كتشييد المطارات أو الموانئ أو محطات الماء والكهرباء أو الاتصالات أو الطرق والكباري وغيرها من المشروعات، وهذا وإن كان الغالب في عقود البوت إلا أنه تمت عقودبوت تُبرملأغراضاقتصادية أو تجاريةبحتة ولا تستهدف المصلحة العامة كما يفهم من مجمل التعريفات المشار إليها كأن تبرم الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية الخاصة مشاريع سياحية أو ترفيهية أو إنشاء صالات رياضية أو مراكز تجارية عملاقة تستهدف تحقيق الربح والكسب الاقتصادي والتجاري مما يعني قصور هذه التعريفات عن المعنى الحقيقي لعقود البوت B.O.T)).

وبناءا على ما تقدم فإن الباحث يعرف عقود البوت بأنها صيغة خاصة من العقود التي تستهدف توفير التمويل الخاص، تتم بموجب اتفاق بين جهة بحاجة إلى إقامة مشروع عام أو اقتصادي مع مستثمر خاص ذو كفاءة فنية ومالية عالية ولمدة من الزمن، تمنح من خلالها المستثمر الخاص الإذن بإقامة المشروع واستغلاله خلال مدة معقولة متفق عليها وبانتهائها يقوم بتسليم المشروع إلى الجهة المتعاقدة دون أية تكاليف مادية وبحالة جيدة.

هذ ا وتجدر الاشارة الي انه لم يرد أي تعريف لعقد البوت ضمن قانون تشجيع الاستثمارالليبي رقم(9) لسنة2010م، وانما اورد شروطا لازمة في المشروعات الاستثمارية المراد تشييدها واستغلالها وذلك بموجب المادة السابعة منه، والتي لا تسعفنا في تلمس تعريفا محدد لعقد البوت ولائحتي عقد الاستثمار عموما وعلي ذات المنوال سار قانون استثمار رأس المال الأجنبي العماني والذي لم يورد هو الآخر أي تعريف لعقد البوت.

الفرع الثاني: أهمية عقود البوت ومخاطرها:

كما هو معلوم لدينا بأن التعاقد بصيغة البوت (B.O.T) من حسناته أنه يخفف الأعباء المالية الثقيلة عن كاهل الدولة أو الجهة المتعاقدة المضيفة لهذا النظام، حيث يلقي نظام البوت بمهمة تمويل المشروعات الأساسية أو الاقتصادية إلى القطاع الخاص فهو الذي يتحمل نفقات وأعباء التشييد والتشغيل طوال مدة امتياز البوت، مما يجنب الموازنة العامة للجهة المتعاقدة هذه النفقات المادية العالية، وخصوصاً إذا علمنا بأن إقامة مشروعات البنية الأساسية أو حتى المشروعات ذات الطابع التجاري أو السياحي والترفيهي إنما تتطلب أموال طائلة لإنجازها على أرض الواقع، ناهيك عن احتياجها للتكنولوجيا الحديثة التي تفتقدها كثيرٌ من البلدان النامية والأقل نمواً، وبذلك يكون التعاقد من خلال نظام البوت ذو فائدة كبيرة للدولة يمكَنها من توجيه مواردها المتواضعة إلى مشروعات أخرى مهمة وذات نفع مباشر لمواطنيها كالتعليم والصحة والقضاء مثلاً أما دورها بخصوص المشروعات الأساسية الأخرى فإنما تقتصرعلى الإشراف والمراقبة لسير العمل ومراحله المختلفة الذي يضطلع به المستثمر الخاص.

هذا ويتميز الأخذ بصيغة البوت كأسس للتعاقد بأنه يخلق فرص عمل لمواطني الدولة المضيفة ويقضي علىمشاكل البطالة والتضخم حيث إن المدة الزمنية الطويلة لعقد البوت إنما تمكَن أعداداً لابأس بها من مواطني الدول المضيفةللالتحاق بسوق العمل ضمن شركة المشروع كما أنه يعطي الفرصة للعديد من الشركاتالوطنية بمختلف أغراضها للانخراط في تنفيذ مراحل المشروع، وخصوصاً شركات المقاولات وشركات التموينوالتوريد وغيرها عن طريق التعاقد من الباطن مع شركة المشروع، وهذا في مجمله إنما يقضي على مشاكل البطالة والفقر، ومن ثم القضاء على العديد من المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ويرفع من معدل النمو الاقتصادي في الدولة المضيفة للبوت([13]).

لذا نجد أن بعض الدول وخصوصاًفيالعالم الثالث تقوم بالعديد من الترتيبات والتحوطات للاستفادة من هذه الميزة لعقود البوت عن طريق استصدارها للتشريعات القانونية اللازمة لحماية العمالة الوطنية العاملة مع شركة المشروع ضماناً لحقوق مواطنيها ، وتوفير الحماية القانونية لهم فمثلاً: نجد أن المشرع في جمهورية مصر العربية قد أصدر القانون رقم (139) لسنة 1981 م، ومن خلال مواد وأحكام هذا القانون خصوصا في المواد من (174 حتى 176) والتي تقضي بوجوب ألا يقل عدد المصريين العاملين بهذه الشركات ومهما كانت مشاركة الطرف الأجنبي – عن نسبة (90%) من مجموع العاملين وألا يقل ما يتقاضونه من أجور عن ( 80%) من أجور العاملين الأجانب وأن لا يقل عدد الفنيين والإداريين المصريين عن نسبة (75%)وبذلك سيضمن المشرع المصري حماية فعالة للقوى العاملة المصرية ومكافحة البطالة وخلق الكوادر المؤهلة وذات الـخبرة ([14]).

كما أن المشرع الليبي ومن خلال قانون تشجيع الاستثمار قد نص في المادة الثالثة منه على أن هذا القانون يهدف إلى تأهيل وتنمية العناصر الليبيةفنياً ورفع كفاءتها وإكسابها مهارات متقدمة وتوفير فرص العمل لها وذلك بموجب أحكام الفقرة الأولى من المادة الثالثة المشار إليها، كما أن المادة السابقة من ذات القانون قد أكدت على ضرورة توفير وظائف للأيدي العاملة الليبية بما لا تقل عن 30 % من العمل على تدريبها واكسابها المهارات والخبرات الفنية وذلك بموجب أحكام الفقرة السابقة من المادة السابقة المشار إليها آنفا .

وفي هذا الصدد يذهب جانب من الفقه([15])،إلى أن اعتماد نظام البوت كأساسٍ للتعاقد في مجال مشروعات البنية التحتية إنما يسهل ويسرع من عمليات نقل التكنولوجيا بين مختلف بلدان العالم، وخصوصا ً الدول النامية والأقل نمواً، حيث إنه ومن خلال السعي الدؤوب والمتواصل من قبل شركة المشروع في تقديم أفضل ما لديها من إمكانيات وقدرات للفوز بأكبر قدر من عقود البوت وتحقيق أكبر عائد ربحي، فإنها تستخدم في ذلك أفضل الوسائل والطرق التكنولوجية التي تم التوصل إليها حديثاً، وأن من شان ذلك أن يخلق بيئة تقنية عالية في الدولة المضيفة لنظام البوت، مما ينعكس بشكل إيجابي في تطوير البنية المحلية الصناعية وكافة المرافق العاملة مما يعود بالنفع والرخاء الاقتصادي في عموم الدولة المضيفةوهو ما ينعكس واقعياً في الرفع من المستوى الفني للأيدي العاملة من خلال تدريبها على أحدثالطرق التكنولوجية المتبعة عالمياً في مجال التشييد أو التشغيل ، فيفتح بذلك أمام هذه العناصر الوطنية سوق التأهيل والعمل التقني المحلي والدولي، وليس أدل على هذه الميزة في عقود البوت مــن قيـــام شــــركة (كي . جي . إل) الكورية الجنوبية بالتعاقد مع ميناء دمياط بجمهورية مصر العربية من خلال صيغة البوت وذلك لإقامة وتشييد محطة بحرية كمستودع كبير للحاويات حيث تم إقامة (أثنان وعشرون رافعة جسريه متطورة) تعمل بأحدث الطرق والوسائل التكنولوجية العالمية، حيث أنجز هذا المشروع العملاق وسلم إلى ميناء دمياط في العام (2008)، الأمر الذي كان له بالغ الفائدة في خلق بيئة تقنية في مجال عمل ميناء دمياط وكافة الموانئ المصرية الأخرى التي استفادت من التجربة التكنولوجية المستعملة في ميناء دمياط، ناهيك عن تأهيل وتدريب العديد من العناصر الوطنية المصرية على هذه التقنية الحديثة للغاية([16]).

كماأن هناك من يرى بأن النجاح الكبير الذي حققه نظام البوت إنما يكمن في كونه يمثل صيغة معتدلة للتعاقد، فهي بمثابة الخيار الوسط في الشراكة بين القطاع العام والخاص بخصوص تمويل مشروعاتالبنية الأساسية، مما جعل الرأي العام لجمهور المنتفعين من صيغة البوت متقبلاً ومتفائلاً جداً بهذا النظام الذي لا يرهن مقدرات الدولة للأجنبي وإنما يظل المشروع وأصوله المختلفة ملكاً خالصاً للدولة، ولا يُعرض الاقتصاد الوطني للخطر، وهو ما يؤيده الواقع العملي المتمثل في الزيادة المضطرة في الاقدام على التعاقد بهذا النظام ليكون أساساً للتعاقد في مختلف دول العالم الحديث منه والنامي، حيث أن الدول المتقدمة تسعى وبصورة متعاظمة إلى الشراكة مع القطاع الخاص في تمويل كافة مشاريع البنية الأساسية وذات الاتجاه موجوداً لدى الدول النامية والأقل نمواً([17]).

هو ما تؤكده إحصائية أجريت في العام 1994م، والتي كان من نتائجها أن (37) بلداً نامياً اتجه إلى اعتماد القطاع الخاص ممولاً رئيسياً في مشروعات البنية التحتية وذلك بمبلغ (200) مليار دولار حيث زادت هذه النسبة بالمقارنة بالأعوام السابقة حيث كانت في سنة 1988 بحدود (430) مليون دولار فقط، كما أن نسبة (7%) من التوظيفات الخاصة في مشاريع البنية الأساسية كان مصدره القطاع الخاص أو شركات المشاريع ضمن نظام البوت مما دفع البنك الدولي إلى القول بأننجاح هذه التوظيفات الخاصة سيؤدي حتماً إلى ارتفاع محسوسً في نسبة الأرقام المالية المشار إليها في السنوات القادمة ، وهو ما تؤيده نسبة الأقدام على نظام البوت في دول كهنغاريا وسلوفينيا ورومانيا وبولينا وسلوفاكيا، بل ومعظم بلدان العالم تقريبا([18]).

ومما تقدم وبناءاً على الأهمية العملية والقانونية لصيغة التعاقد (B.O.T)ونظراً لتزايد الإقبال على طلب التعاقدبنظام البوت من قبل غالبية الدول النامية والأقل نمواً(يونيدو) فأن هذه الدول طلبت المشورة والرأي الفني والقانوني من هذه المنظمة حول مدى جدوى اللجوء إلى هذه الطريقة في التعاقد وإلحاح هذه الدول طلب المزيد من المعلومات الإرشادية ومدى فعالية إقامة مشاريع البنية التحتية بنظام البوت تشييداً وتشغيلاً وتطويراً وتحديثاً مما حدى بالمنظمة الدولية واستجابة لمطالب هذه الدول باتخاذ مبادرة مهمة للغاية، تتمثل في إعداد مجموعة من الإرشادات القانونية والفنية التي تساعد هذه الدول بتطوير بنيتها الأساسية بناءاً على صيغة البوت مما يقلل المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي قد تنجم عن إبرام عقود التنمية المستدامة بصيغة عقود البوت والتي تمتد لفترات زمنية طويلة للغاية([19]).

إلا أنه وعلى الرغم من الأهمية العملية والقانونية لعقود البوت والتي يؤيدها الباحث ولا شك، إلا أن الواقع العملي للتعاقد بصيغة البوت قد أثار بعض الانتقادات وأسفر عن بعض المساوئ والمثالب الناتجة عن هذا النظام الحديث نسبياً أن ما تطلبه منا الأمانة العلمية والموضوعية في تناول هذه الموضوع هو الدافع وراء التركيز على بعض هذه المساوئ والمخاطر، وهو ما يؤكده جانب معتبر من الفقه، حيث ذهب البعض([20])، إلى أن من شأن التعاقد بنظام البوت أنيُحمّل الدولة المضيفة الكثير من الأعباء الباهظة على المدى البعيد، وذلك عندما تُقدم الدولة على الالتزامبشراءالخدمة أو المنتج من شركة المشروع ثم تقوم الدولة لاحقاً بإعادة طرح الخدمة أو المنتج بسعرِ أقل من التكلفة كدعم لمواطنيها أو لاعتبارات اجتماعية أو سياسية معينة، مما يؤدي عمليا إلى تحملها لتلك الأعباء المادية المرهقة التي كانت قد أمّلت في أن يتحملها الممول الخــاص أو شــركة المشـروع ابتـداءً، وهـو مـا حـدث واقعا ملموسا مـن قبل هيئة الكـهرباء المـصرية وشـركـة (انتراجن سيدي كرير) حيث تم إبرام اتفاق البوت بين الطرفين في العام 1998، والذي ألزم الحكومة المصرية شراء الكهرباء من شركة المشروع بمبلغ سنوي يقدر بحوالي (220) مليون دولار لمدة (25 سنة)،أي أن حصيلة ما تشتريه الحكومة المصرية خلال مدة العقد بأكمله هو خمسة مليارات دولار ونصف، وهو ما يفوق فعلياً النفقات التي تحملها شركة المشروع عند إقامتها للمحطة الكهربائية.

كما أن هناك من يرى([21]) بأنه منمخاطر ومساوئ التعاقد بصيغة عقود البوت أن يؤدي إلى رهن البلد المضيف لهذا النوع من العقود إلى الأجنبي ويؤدي إلى الهيمنة الاقتصادية والسياسية على كافة مقدرات الدولة بسبب امتداد آثار عقد البوت إلى مدة زمنية طويلة للغاية، والتي تصل إلى تسعة وتسعين عاماً متواصلة كما هو الحال في عقد تشييد وتشغيل قناة السويس ناهيك إذا علمنا بأن شركات المشاريع المتعاملة بصيغة البوت هي مجموعة من الشركات الرأسمالية العملاقة والمتحدة مالياً، الأمر الذي يهدد السيادة الوطنية والاستقرار السياسي والاقتصادي للبلد المضيف لأن هذه الشركات إنما تسعى إلى تحقيق أكبر قدر من الأرباح ولو على حساب رزوحمستقبل الدولة بل وأجيال من مواطنيها تحت رحمة الاستعمار الاقتصادي الهينمة الاقتصادية وخصوصاً في البلدان النامية والأقل نمواً.

كما يؤخذ على نظام البوت بأنه يؤدي إلى استنزاف المقدرات الاقتصادية للدولة المضيفة على المدى البعيد، وخصوصا الدول التي تبالغ في الدعم الحكومي لشركات المشاريع لديها، أو تلك التي تقدم الحوافز الاستثماريةالسخية للمستثمرين الخواص وغالبيتهم، كما نعلم من الأجانب وليس الوطنيون كالمبالغة في تقديم الإعفاءات الضريبية والجمركية لشركة المشروع أو تقديم الإعانات والدعم الحكومي والقروض المالية المبالغ فيها بفوائد منخفضة للغاية أو منحها الاستغلال الكامل لأراضي المشروع بشكل مجاني ومنحها حتى جزء من الأراضي المجاورة لأرض المشروع للتمدد خلالها لأغراض إنجاز المشروع مما يعطل الاستفادة المثلى من هذه الأراضي في التنمية الوطنية المستدامة حيث تظل هذه الاراضي معطلة طيلة فترة الامتياز والتي تعد طويلة للغاية كما سبق وأوضحنا([22]).

وهو ما نلاحظه واقعا معاشا من خلال نصوص قانون الاستثمار الليبي الذي أعطي شركات المشاريع الأجنبية الكثير والكثير من المزايا والحوافز الاستثمارية المبالغ فيها وهو ما نقرأه في نص المادة (10) من قانون تشجيع الاستثمار الليبي وذلك في الفقرات من(1)الي (7)، والتي شملتالإعفاء من الضرائبوالرسوم الجمركية ورسوم الخدمات التوريدية بشأن آلات ومعدات وأجهزة المشروع بل طالت هدة الإعفاءات حتى رسوم الموانئ والتخزين والمناولة،هذا بالإضافة إلى الإعفاءات المقررة عن التجهيزات وقطع الغيار ووسائل النقل والأثاث ومستلزمات المواد الاولية ومواد الدعاية والإعلان، كما شملت هذه الإعفاءات الإعفاء من ضريبة الدخل وضريبة الإنتاج وضريبة الدمغة وغيرها من الإعفاءات الكثيرة جداً التي لا يسع المقام لذكرها جميعاً فاكتفينا بذكر أهمها.

وذات الإعفاءات الاستثمارية كان قد نص عليها قانون استثمار رأس المال الاجنبي العماني رقم (102) لسنة1994، وذلك في المواد من المادة الثامنة حتى المادة الحادية عشر، والتي جاءت مشابهة بشكل كبير لما أورده المشرع الليبي في موادهالمشار إليها آنفا لذا فإننا نكتفي به منعاً للتكرار.

كما أن التعاقد بنظام البوت إنما يحمل في طياته العديد من الالتزامات المالية التي من الواجب على الدولة القيام بها في سبيل إنجاح قيام المشروع، مما يحملها أعباء مالية إضافية، كالقيام بتحضير مستندات التعاقد وخوض غمار المفاوضات الطويلة مع شركة المشروع وتعيين وتدريب المستشارين الماليين والفنيين والقانونيين الذين يمثلون الدولة في إجراء المفاوضات على المشروع ، كما أن الدولة وبموجب عقد البوت فإنها تتحمل بالإضافة الى ما تقدم كافة المعوقات التي يتعرض لها المشروع كالمخاطر السياسية والتشريعية أو الاحداث غيرالمتوقعةالاستثنائية كالحروب والازمات ، حيث تلتزم الدولة بتعويض شركة المشروع عن كافة خسائرها المتولدة عن أي من هذه المخاطر([23]).

الفرع الثالث: العقود المشابهة لعقود البوت:

لقد أفرز الواقع العملي في مجال إقامة مشروعات البنية الأساسية العديد من العقود قريبة الشبه بعقود البوت، مما يتطلب منا من خلال هذه الدراسة تناول بعض أنواع هذه العقود المهمة منها، والأكثر شيوعا وانتشاراً في الدول النامية والأقل نموا، وذلك دفعا لأي التباس قد يقع بينهاوبين عقود البوت محل دراستنا والتي سنوردها تباعاً ضمن البنود التالية:

أولاً:- عقود البناء والتأجير ونقل الملكية(B.L.T)

تعد عقود البلت من الصيغ التعاقدية الحديثة نسبياً وهي اختصار للكلمة الانجليزية(Build, lease,transfer) وفي هذا النوع من التعاقد تلتزم شركة المشروع بتمويل بناء المشروع محل التعاقد، وغالباً ما يكون أحدالمباني الحكومية، ثم بعد الانتهاء من مرحلة البناء تقوم الجهة الادارية المتعاقدة باستئجار المشروع من المستثمر الخاص لمدة زمنية متفق عليها في امتياز البلت، بحيث تكون القيمة الإيجارية كافية لتحقيق هامش ربح معقول لشركة المشروع ناهيكعن تغطيتها لمصروفات البناء والتشييد، ثم في فترة لاحقة لانتهاء الامتياز يصبح هذا المشروع ملكاً خالصا للدولة المضيفة لعقد البلت كما أن البعض من الفقه يسمي هذا النوع من العقود بعقود التشييد، للتأجيروالاستغلال والتسليمكما تسمى أيضاً عقود التشييد والاستئجار والاستغلال والتسليم([24]).

ومن الأمثلة العملية لهــذا النــوع مـن العقــود مـا قـام به بنك (ستاندرد هونج كــونغ)، حيث تــعاقد معشــركة (توشيما تسو) العقارية اليابانية لمدة امتياز تقدر بخمسة وعشرون سنة وذلك لتأجير ما نسبته (30%) من المشروع المقام، وهو مبنى إداري دون أن يلتزم بنك (ستاندرد) بأيالتزامات مالية بخصوص عملية البناء، وهكذا فإن شركة المشروع اليابانية تسترد النفقات التي كانت قد صرفتها على المشروع مع هامش ربح معقول من خلال تأجيرها لمساحة (30%) من مساحة المبنى([25]).

وتجدر الإشارة إلى أنه في هذا النوع من العقود لا تنتقل ملكية المشروع محل عقد البلت إلى شركة المشروع حيث تظل أرض المشروع ملكاً خالصاً للدولة المضيفةوهي المستأجرة في هذا النوع من العقود، بالمقابل يكون لشركة المشروع الحق في استرداد ما أنفقته من المصروفات مع هامش ربح لا بأس به ذلك من خلال حصولها على القيمة الايجارية في شكل أقساط شهرية أو ربع سنوية، وتلجأ بعض الدول إلى هذا النوع من صيغ التعاقد عندما لا تكون لديها الرغبة في أن يتغلغل الأجنبي في النسيج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للدولة المضيفة، وذلك لدواعي سياسية أو أمنية، وقد جرت العادة أن يتم التعاقد بهذا النوع من الصيغ لإنجاز المشروعات العملاقة كالطرق السريعة وسلسلة المطاعم الفخمة والمنتجعات السياحية([26]).

ثانياً: عقود التحديث والتملك والاستغلال والتسليم ( M.O.O.T )

يعد هذا النوع هو الآخر من صيغ التعاقد المستحدثة، وترجع تسمية هذه العقود بعقود (M.O.OT) اختصاراً للكلمة الإنجليزية (modernize,own,oprrate,and, transfer)وفي هذا النوع من العقود والمتعلق تطوير او تحديث إحدى مشروعات البنيةالتحتية الموجودةوالمشيدةأصلاً، يتم إبرام عقد (M.O.O.T) بين شركة المشروع أو المطور من جهة والدولة المضيفة من جهة أخرى تقوم خلالها شركة المشروع بتحديث وتطوير المشروع محل عقد (M.O.O.T) عن طريق حيازته طيلةفترة الامتياز الممنوح، وهنا يتضح لنا بأن شركة المشروع لا تقوم بأي بناء أو استحداث للمشروع محلعقد (M.O.O.T) وإنما تقوم بتطوير وتحديث مشروع قائم أساساً، وتحصل من خلال حيازتها له على مقابل مالي من جمهور المنتفعين يكون كافياً لأن تسترد شركة المشروع مصروفاتها ونفقاتها المترتبة على عملية التحديث والتطوير مع هامش ربح معقول وبالتالي فإن شركة المشروع لا تملك هذا المشروع وإنما تحوزه لفترة زمنية محددة في عقد (M.O.O.T) وذلك لأغراض التطوير والتحسين والتحديث([27]).

وعادةً ما تلجأ الدولة إلى إبرام عقود (M.O.O.T) لأغراض تطوير وتحديث مشروعاتها ذات الطبيعة الفنية والتي تحتاج إلى تقنية متطورة حديثة لتواكب التقدم التكنولوجي السائد في العالم، ولأن هذه التكنولوجيا عادة ما تكلف أموالاً باهظة وإمكانيات فنية عالية لا تستطيع الدولة المضيفة تدبيرها فتلجأ إلى إبرام عقد (M.O..O.T) مع مستثمر خاص غالبا ً ما يكون أجنبياً، وخصوصاً في دول العالم الثالث، وعادة مايتم الاتفاق من خلال صيغة (M.O..O.T) على أن تقوم شركة المشروع بتدريب مجموعة من القوى العاملة الوطنية على كيفية التشغيل والصيانة مستقبلاً للعمل على إدامة عمل هذا المشروع في مرحلة ما بعد انتهاء امتياز (M.O..O.T) مما يخلق قاعدة تكنولوجية دائمة في الدولة المضيفة([28]).

ثالثاً:عقود التجديد والتملك والاستغلال(R.O.O)

تعد عقود (R.O.O)، والتي هي اختصارا للكلمة الإنجليزية (Rehabilitate, Own &Operate)، من العقود المستحدثة هي الأخرى، ففي مثل هذه العقود تقوم الدولة بإبرام العقد مع شركة المشروع عندما تكون الحاجة ملحة إلى تجديد هياكل بعض مشروعات البنية الأساسية المتعثرة أساسا، أو تلك التي تعاني صعوبات في التشغيل، مما عرضها للخسارة أو تلك المشروعات التي تكون بحاجة ماسة لإجراء التدعيم سواء من حيث تجديد المباني أو الآلات أو الأجهزة أو وسائل النقل أو المعدات أو غيرها من الاحتياجات المهمة والمحتاجة إلى التجديد، ويقتضي عقد R.O.O)) أن تقوم شركة المشروعبتملك المشروع محل العقد والقيام بتشغيله واستغلاله نظيرأن تمنحالدولة المضيفة مقابلاً مالياً كثمن نقلالملكية لشركة المشروع التي تقوم بتجديده واستغلاله وتقديم خدماتها أو منتجاتها إلى جمهور المنتفعين والحصول على المردود المادي الذي يعوضها عن نفقات ومصروفات التجديد وحصولها على هامش مستمر من الربح نظراً لأنها تمتلك المشروع نهائيا ولا تلتزم برده للدولة المضيفة ([29]).

رابعاً : عقود البناء والتملك والتشغيل ( B.O.O):

تعد تسمية (B.O.O) اختصار للكلمة الإنجليزية (Build, own, and operate) من العقود المستحدثة على الساحة الاستثمارية الدولية، وبموجب عقد (B.O.O) يتم التعاقد بين الدولة وشركة المشروع على أن تقوم هذه الأخيرة بتشييد المشروع محل العقد، ومن ثم تملكه والقيام باستغلاله وتشغيله خلال مدة زمنية، كما أن شركة المشروع لا تلزم في نهاية الامتياز بإعادة المشروع إلى الدولة المضيفة وإنما بإمكانها أن تتصرف في رقبة المشروع وإن كان الغالب الأعمفي مثل هذه الصيغ منالتعاقد أن تكون الدولة مالكة لنسبة معينة من المشروع، ممثلة في الأرض المقام عليها وبانتهاء مدة الامتياز تقوم شركة المشروع بدفع مقابل مالي للدولة المضيفة نظير ملكية الارض بناءاً على تقييم متكامل وشامل لموجودات المشروع وأصوله وخصومه.

خامساً: عقود التصميم والبناء والتمويل والتشغيل (D.B.F.O)

هذا هو آخر العقود المستحدثة في مجال الاستثمار وتعد تسمية (D.B.F.O) اختصار للكلمة الانجليزية (Design ,Build , Finance, And Operate) وفي إطار صيغة هذه العقود يتم التعاقد بين الدولة من جهة وشركة المشروع من جهة أخرى، على أن تلتزم شركة المشروع بإعداد كافة التصاميم اللازمة للمشروع محل عقد، ثم في مرحة لاحقة تقوم بتشييد المشروع وفقاً للتصاميم المعدة مسبقاً، وتمويل عملية البناء وبعدهاتقوم شركة المشروع بعملية التشغيل والاستغلال وعادة ما تلجأ الدولة المضيفة لهذا النوعمن الصيغ التعاقدية في المشروعات التي تتطلب إعدادً وتصميماً مسبقاً قبل التنفيذ كإقامة الجسور والانفاق والموانئ والمطارات، حيث يقع على شركة المشروع واجب الالتزام بتشييد المشروع وفقاً للتصاميم المتفق عليها تماماً، وبإمكان شركة المشروع في عقود D.B.F.O)) أن تسترد ما كانت قدأنفقته من تمويل أثناء إعداد التصاميم أو أثناء فترة التشييد وذلك من خلال قيامها باستغلال هذا المشروع طيلة فترة الامتياز الممنوح وحصولها على هامش ربح([30]).

وتجدرالإشارة في نهاية هذا المطلب إلى أنه توجد أنواع أخرى من العقود قريبة الشبه من عقود البوت لا يسع المقام لتعدادها جميعا لذا حاولنا من خلال هذه الدراسة أن نعطي القارئ صورة متكاملة حول مجموعة من هذه العقود التي رأينا بأنها الأكثر قرباً لعقود البوت والأكثر استعمالا وشيوعاً في الناحية العملية .

المطلب الثاني: التكييف القانوني لعقود البوت:

كما سبق وأوضحنا من خلال هذه الدراسة بأن إشكالية التكييف القانوني لعقود البوت تعد من المسائل ذات الأهمية البالغة من الناحية القانونية والعملية، وليس كما قد يبدو للوهلة الأولى بأنها إشكالية نظرية فحسب وذلك لأن التحديد السليم والصحيح لعقد البوت وإدخاله ضمن تكييف قانوني محدد من شأنه أن يجعل من هذا العقد أكثر انضباطية من الناحية القانونية ،حيث إن تكييف أي عقد من العقود إنما يتم عن طريق إسناده إلى نظام قانوني محدد يحكمه، ومن ثم يكون بإمكاننا معرفة طبيعة الحقوق والالتزامات المترتبة على عقد البوت والوقوف على آثارها القانونية المرتبة بين أطراف العقد.

كما أن مسألة تحديد التكييف القانوني لعقد البوت تمكننا من معرفة القانون الواجب تطبيقه فيما لو نشبت منازعات بين طرفيه كما أنه يحدد القضاء المختص بنظر النزاع ، ولا يكون هناك صعوبة في تحديد التكييف القانوني لعقد البوت متى ما تم إبرام العقد بين طرفان ينتميان إلى القانون الخاص فهنا وبكل بساطة يمكننا إسناد عقد البوت ضمن طائفة عقود القانون الخاص أي إننا نخضعه لأحكام القانون المدني أو القانون التجاري .

إلا أن المشكلة تثور عندما يكون طرفا عقد البوت ينتميان إلى نظامين قانونيين مختلفين أحدهما نظام القانون الخاص ممثلا في شركة المشروع باعتبارها شخصاً من أشخاص القانون الخاص والطرف الثاني ينتمي إلى نظام القانون العام ممثلاً في الدولة أو إحدى مؤسساتها أو أجهزتها الإدارية حيث يتم إبرام عقد البوت غالباً بين الدولة المضيفة للبوت وبين شركة المشروع سواء كانت مستثمر محلي أو أجنبي وهو ما خلق الإشكالية القانونية حول إعطاء عقد البوت تكييفه القانوني السليم سواء بانتمائه إلى نظام القانون الخاص أو نظام القانون العام أو باعتباره عقداًذا طبيعة قانونية خاصة تستوجب معاملة خاصة، ومن ثم اخضاعه لنظام قانوني خاص يتماشى مع طبيعته الخاصة، مما زاد من الخلاف بين فقهاء القانون الخاص الذين يؤكدونويصرون على اعتبار عقد البوت من عقود القانون الخاص – وفقهاء القانون العام الذين يعتبرونه من عقود القانون العام بل ويستميتون على تأصيلهم الفقهي لهذا العقد، ويُصرون على ذلك مما فاقم من الإشكالية وأطال في أمد الخلاف والشقاق الحاصل في تكييف هذا العقد الحديث نسبياً، لذا فإن فقهاء القانون العام يُصرون على اعتبار عقد البوت عقداّ إداريا( الفرع الأول) بينما فقهاء القانون الخاص يرون أنه عقد مدني وتجاري (الفرع الثاني) وبينما ذهب فريق ثالث من كلا الطرفين إلى اعتبار عقد البوت من العقود ذات الطبيعة الخاصة وهو ما سنتناوله في (الفرع الثالث).

الفرع الأول: عقود البوت داخلة في نطاق العقود الإدارية:

ذهب جانب من فقهاء القانون العام([31]) إلى اعتبار عقد البوت صورة حديثة لعقد الامتياز،لأنه عقد التزم مرافق عامة ومن ثم فإنه يدخل ضمن طائفة العقود الادارية بطبيعتها مما يستلزم أن يتبع في إبرامها طرق إبرام العقود الإدارية ومن ثم يجب مراعاة القواعد القانونية المنظمة للمناقصات والمزايدات ويؤسس أنصار هذا التوجه أسانيدهم القانونية لإدارية عقد التشييد والاستغلال والتسليمعلى أن هذا الأخير إنما تنطبق عليه شروط العقد الإداري المعروفة حيث يتم إبرامه من قبل شخص من أشخاص القانون العام وهي الدولة أو إحدى مؤسساتها العامة وذلك بقصد إدارة أو تسيير عمل مرفقاً عام وتتجه فيه إدارة الدولة إلى الأخذ بأسلوب القانون العام عند التعاقد وذلك بأن يتضمن العقد شرطاً أو عدة شروط استثنائية غير اعتيادية أو غير مألوفة في مجال عقود القانون الخاص.

وهو ما أكدته في هذا الصدد محكمة القضاء الاداري المصرية في العديد من أحكامها على أن صيغة العقد الإداري تختلف عن صيغة العقد المدني في أنه أي العقد الاداري يبرم بين شخص من أشخاص القانون العام وبين فرد أو شركة من أشخاص القانون الخاص يستهدف تحقيق المصلحة العامة بإدارة أو تسيير العملفي مرفق عام وأن كفتي المتعاقدين فيها غير متكافئة نظراً لأن العقودالإدارية إنما تراعيتحقيقالمصلحة العامة والنفع العام([32]).

إلا أنه وعلى الرغم من تأكيد غالبية ساحقة من فقهاء القانون العام على انعقاد البوت إنما هو عقد إداري وهوعقد التزام المرافق العامة ومن ثم يجب إخضاعه للقانون الإداري فإن هذا التوجه قد قوبل بالانتقاد حيث انبرى جانب معتبراً من الفقه([33]) للرد على الأسانيد القانونية التي ساقها أنصار العقد الإداري حيث يرى المنتقدون بأنه مع التقارب الكبير بين عقد البوت من جهة وعقد امتياز المرفق من جهة أخرى ولكنه توجد بين العقدين فروقا ًجوهرية لا يمكن تجاهلها.

حيث إنه وفي إطار عقد البوت تلتزم شركة المشروع لتمويل المشروع بأكمله ابتداء بتشييده وانتهاء بتشغيله وما تتطلبه هذه العملية الطويلة والمكلفة من أموال باهظة يتحمل عبأها المستثمر الخاص دون غيره، بينما الحال على خلاف ذلك تماما ً في عقد امتياز المرفق العام، حيث أن الملتزم بتشغيل المرفق العام لا يتحمل أية مصروفات أو نفقات لأنه لا يقوم بعملية البناء والتشييد أصلا، مما يؤكد وجه الاختلاف بين عقد البوت من جهة وعقد امتياز المرفق العام من جهة أخرى.

كما أنه في معرض الانتقاد لمذهب العقد الإداري ذهب البعض([34])إلى القول بأن عقد البوت إنما يخضع كغيره من العقود لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين المنبثق عن سلطان الإرادة ، والذي يقضي بعدم جواز نقض العقد أو تعديله بالإرادة المنفردة لأحد طرفيه وإنما بالاتفاق بين طرفيه ومن ثم ينكرون على عقد البوت صفته الادارية لأن واقع عقد البوت إنما يقوم على الاتفاق بين الدولة أو إحدى مؤسساتها أو إدارتها العامة كطرف عام من جهة وشركة المشروع كطرف خاص من جهة أخرى.

حيث إن الدولة قد رضيت ابتداءِ بأن تكون على قدم المساواة مع الطرف الخاص من خلال الدخول في مفاوضات طويلة لإبرام عقد البوت مما يعد تنازلاً عن سيادتها وسلطتها الاستثنائية المعروفة في مجال عقود القانون العام، وهو ما يعرف بأسلوب الادارة الخاصة، ومن ثم فأنها لا تملك أية سلطات استثنائية في مجال عقود البوت وإنما تخضع لأحكام هذا العقد ومتى ما أخلت الدولة بأي من شروطه قامت مسؤوليتها العقدية والتزمت بدفع التعويضات التي غالبا ما تكون كبيرة جدا ًمما يعني أن الدولة تقف على قدم المساواة مع المستثمر الخاص أو ما يعرف بشركة المشروع مما يؤكد عدم إدارية عقد البوت حسب ما يزعم فقه القانون العام.

كما أنه وفي بعض الأحيان فإن الدولة كطرف في عقد البوت قد لا تبتغي دائما ً تحقيق المصلحة العامة والنفع العام من خلال إقامتها للمرافق العامة أو الحرص على إدامة تسييرها وتشغيلها، وإنما قد تستهدف تحقيق الربح والاستغلال الاقتصادي للمشروع محل العقد من وراء إبرامها لعقد البوت مما ينفي عنه صفته الادارية مطلقاً، مما يعني أن الدولة قد نزلت إلى منزلة الاشخاص الخواص، وتنازلت عن سيادتها وسلطاتها الاستثنائية المعروفة في اطار عقود القانون العام([35]).

وهو ما أكده حكم المحكمة الإدارية العليا المصرية([36]) في إحدى القضايا التي عرضت عليها بشأن عقد معين بأنه وإن كان هذا العقد قد أبرمته جهة إدارية ويتسم بصفة العقود الإدارية إلا أنه مملوكا ً للدولة كملكية خاصة لا عامة فهي تتصرف فيه على نحو ما يتصرف الافراد في أموالهم طبقا ًلأحكام القانون المدني كما أن العقد محل النزاع قد تم إبرامه بأسلوب القانون الخاص، ولا يوحي باتجاه نية الإدارة في الأخذ بأسلوب القانون العام عند إبرامه.

وفي حكم آخر أكدت فيه المحكمة الإدارية العليا المصرية([37]) بأن “العقارات التي تنشئها مجالس المدن لإسكان بعض موظفيها بقصد التخفيف من أزمة الإسكان لا تعتبر أموالا ً عامة وفقا ً لحكم المادة (87) من القانون المدني ذلك أن الأموال العامة وفقاً لهذا النص هي العقارات والمنقولات التي للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة التي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرارا جمهوريا أو قرار الوزير المختص فمعيار التعرف على صفة المالوالتخصيص للمنفعة العامة وهذا التخصيص لا يتوافر بالنسبة لهذه العقارات لأنها مخصصة لفئة معينة ومحددة من الموظفين، ومن ثم تدخل في الملكية الخاصة لمجلس المدينة كما أن العلاقة بين المنتفعين ومجلس المدينة تقوم على أساس تعاقدي، وهذا التعاقد لا يتسم بمميزات وخصائص العقود الإدارية، إذ يتعين لكي يعتبر العقد إداريا ً أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفا ً فيه، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره وتنظيمه وأن يتضمن شروط استثنائية غير مألوفة في روابط القانون الخاص وهو ما لا يتوافر في العقود محل المنازعة …، فإن تلك الشروط بخصوص هذه العقارات تعد شروطا ً مألوفة مع نوعية من العقود المدنية المعروفة بعقود الاذعان، ومن ثم فإن هذه العقود تكون من قبيل عقود الإيجار التي تصف بشأنها قواعد القانون الخاص، ولا يغير من هذا النظر ما وصفت به العلاقة في العقود بأنها تراخيص إذ العبرة في هذا الشأن حقيقة العلاقة وفقا للتكييف القانوني الصحيح …)

وفي معرض التعليق على هذا الحكم ذهب أحد الباحثين إلى القول بأنه لكي نعتبر العقد إداريا ً فلا بد أن يبرمه أحد أشخاص القانون العام للدولة أو إحدى الجهات الاداريةالتابعة لها، وأن يستهدف تسيير مرفق عام أو تنظيمه وأن يستهدف تحقيق النفع العام والمصلحة العامة وأخيرا ً أن يتضمن العقد شروط استثنائية غير مألوفة في مجال القانون الخاص، وبالتالي إذا كان العقد لا يتضمن هذه الشروط وإنما يستهدف تحقيق المصلحة الخاصة كان عقداً من عقود القانون الخاص وبالتالي تخرج كافة المنازعات القانونية الناشئة بصدده من دائرة وولاية القضاء الإداري لتكون ضمن ولاية دائرة القضاء العادي([38])، هذا وفي اطار الحديث عن أسباب الخلافالمتجذر بين فقهاء القانون العام وفقهاء القانون الخاص ذهب أحد الباحثين([39]) إلى أن هذا الخلاف لا يعدوا كونه خلافا ً نظريا ً بحتا ، وإنما ترجع الأسباب الحقيقية الكامنة وراء إشكالية التكييف القانوني لعقد البوت إلى أن لكل من الطرفين المختلفين من فقهاء القانون العام والخاص مصلحة في ضم هذا النوع من العقود إلى تخصصه العلمي الأكاديمي، حيث أن من يفوز بثمرة هذا الخلاف النظري سيتمكن من إدخال مادة عقود البوت ضمن تخصصه الأكاديمي كمادة ومقرر دراسي من مقررات كلية الحقوق فكلا الطرفين يتحيز ويتشيع لتخصصه العلمي لتوسيع مجاله بحجة حب العمل وحب التخصص والغيرة المحمودة على التخصص أي أن المصالح الأكاديمية –إنجاز لنا التعبير- هي التي تقف وراء هذا الجدل الكبير حول تحديد الطبيعة القانونية لعقود البوت.

الفرع الثاني: عقود البوت تدخل في نطاق القانون الخاص:

تحت وطأة الانتقادات التي وجهت إلى نظرية العقد الإداري اتجه فريق من فقهاء القانون الخاص إلى محاولة التأكيد على أن عقد البوت إنماهو عقد من عقود القانون الخاص يخضع في أحكامه إلى القانون المدني والقانون التجاري، ويختص القضاء العادي بالنظر إلى كافة المنازعات المتعلقة بهذا النوع من العقود أو ويختص بها قضاء التحكيم التجاري بحسب الأحوال.

وقد أقام هذا التوجه من الفقه([40])، أسانيده المؤيدة على أساس أن الدولة وبمجرد موافقتها على إبرام عقد البوت فإنها قد تنازلت عن سلطاتها السيادية والإدارية، وقد ارتضت أن تنزل منزلة الأشخاص الخاصة، وهو ما يؤكده تنازل الدولة لصالح شركة المشروع عن التمسك بأي من القوانين السيادية التي تضر بمصالح الطرف الثاني في العقد، فتقوم الدولة مضطرة بتعديل كافة قوانينها وخصوصا ً تلك المتعلقة بالاستثمار لتكون موائمة ومتماشية مع صيغة عقود البوت أي متماشية مع مصلحة شركة المشروع كمستثمر خاص مما يؤكد الطبيعة الخاصة لعقد البوت وتنفي عنه أية صفة إدارية.

وليس أدل على ذلك من قيام الدولة المصرية بتعديل العديد من قوانينها الوطنية لتكون موائمة لبيئة البوت ومنها القانون رقم (155) لسنة 1996م، بشأن قطاع الكهرباء وكذلك القانون رقم (229) لسنة 1997 م بشأن الطرق والقانون رقم (3) لسنة 1997م بشأن المطارات.

كما أن العديد من أحكام عقود البوت عادة ما تنص على عدم جواز تطبيق التشريعات الوطنية التي قد تصدر مستقبلا في الدولة المضيفة متى كانت ضارة بمصالح شركات المشاريع، كما جرى العمل على النص على عدم جواز أن تقوم الدولة أو إحدى مؤسساتها على إلغاء العقد أو تعديله من جانب واحد وإذا ما قامت الدولة بمخالفة هذا الحكم تتحمل كافة المسؤوليات القانونية المترتبة على ذلك وتلتزم بتعويض شركة المشروع عن كافة الاضرار المترتبة على هذه الخطوة الأحادية من طرف الدولة([41]).

وهو ما اعتمده المشرع الليبي في قانون تشجيع الاستثمار في المادة (23) والمعنونة بضمان المشروع حيث تنص على أنه “لا يجوز تأميم المشروع أو نزع ملكيته أو الاستيلاء الجبري عليه أو مصادرته أوفرض الحراسة أو التحفظ أو التجميد أوإخضاعه لإجراءات لها نفس التأثير إلا بموجب قانون أو حكم قضائي وفي مقابل تعويض عادل… ويحسب التعويض على اساس القيمة السوقية العادلة للمشروع عند اتخاذ الإجراء…”وهو مانص عليه كذلك قانون استثمار راس المال الأجنبي العماني بموجب المادة (12) منه والتي جاء فيها “لايجوز مصادرة المشروعات المشار إليها ولانزع ملكيتها الا للمنفعة العامة طبقاً للقانون ومقابل تعويض عادل …”

كما أن أنصار مدرسة القانون الخاص([42])، يرون بأن عقد البوت يعد داخلا ً في دائرة القانون الخاص وليس القانون العام استنادا ً إلى أن الدولة عند لجؤها إلى إبرام عقد البوت إنما تكون مضطرة للنزول إلى مصاف الأشخاص الخواص تحت ضغط المصلحة العامة للدولة وسعيها الحثيث لإقامة مشاريع بنيتها الاساسية والتي لا تستطيع هي القيام بها بمفردها وتكون بحاجة ماسة إلى ضرورة تمويل القطاع الخاص لهذه المشروعات الحيوية المتمثل في شركات المشاريع، أو المستثمرين الخواص الذين عادة ما يكونون شركات أجنبية متعددة الجنسيات، أو عابرة للقارات لذا تضطر الدولة الى التعامل على قدم المساواة مع هؤلاء المستثمرون الخواص الذين لن يوافقوا بأي حال من الأحوال على تمويل هذه المشروعات الباهظةالتكاليف مادامت الدولة ستتعامل معهم من خلال عقد البوت باعتبارها شخص عام ذو سيادة يتمتع بسلطات استثنائية أو امتيازات غير مألوفة، الأمر الذي يضطر الدولة إلى الرضوخ والتعامل مع شخص من أشخاص القانون الخاص للحصول على الدعم والتمويل والتطوير، وهو ما يؤكد الطبيعة الخاصة لعقد البوت وأنه من طائفة عقود القانون الخاص.

هذا ويذهب أخرون([43]) إلى أنه ليس أدل على كون عقد البوت إنما ينتمي إلى طائفة عقود القانون الخاص في أنه غالبا ً ما ينص في هذه العقود على أن هذا العقد عقد مدني وأن الاختصاص بنظر منازعاته إنما ينعقد لقضاء التحكيم التجاري الدولي أو القضاء العادي بحسب الأحوال ، وهو ما يؤكده عملاٍ العقد المبرم بين الجانب المصري ممثلا ً في الحكومة المصرية وشركة المشروع الملزمة بتشييد وبناء وتشغيل مطار مرسى علم المصري وفقا ً لصيغة نظام البوت، حيث ورد بهذا العقد حكمُ يقضي بأنه في حالة نشوب نزاع بين أطرافه حول تفسير أحكام العقد وجب أولاً اللجوء إلى طريق التفاوض كطريق ودي لإنهاء النزاع وإلا يتم إحالة النزاع إلى شخص أو هيئة يتفقان عليها للفصل فيه إذا فشلت هذه المساعي يتم اللجوء إلى قضاء التحكيم وفقا ًلنظام غرفة التجارة الدولية.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن نظرية القانون الخاص لم تسلم هي الأخرى من سهام النقد من قبل المؤيدين لإدارية عقد البوت حيث يذهب جانب من هذا الفقه([44])، إلى القول بأن إخضاع عقد البوت لقواعد القانون الخاص المدني هو قولا ًلا يستقيم حيث أن نصوص هذا القانون قد جاءت خلو من أي تنظيم لعقد البوت الذي يعد عقدا ً حديث نسبيا ًمما يؤدي عملا ًعلى اعتبار هذا العقد في ضمن عقود القانون الإداريإلا أنه مع احترامنالهذا الرأي فإن أنصار مدرسة القانون الخاص قد ردوا على هذه الحجة بالقول بأن القانون المدني قد نظم نوعان من العقود أحدهما شائع الاستعمال وهي طائفة العقود المسماة والتي حظيت بتنظيم تشريعي متكامل بموجب نصوص القانون المدني ونوع أخر من العقود وهي العقود غير المسماة وهي عقود ليست شائعة الاستعمال ومع ذلك فإنها لا تخرج من نطاق القانون المدني كما أن أنصار القانون العام قد ذهبوا إلى القول بأن الحجة المسندة إلى أن عقد البوت محكوم بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين مما يؤكد طابعه الخاص بأنه قولاً لا يستقيم عمليا، لأن الدولة باعتبارها صاحبة السلطة والامتيازات بإمكانها أن تعدل في عقد البوت بإرادتها المنفردة دون الرجوع إلى المتعاقد الأخرى مما يعزز بأن عقد البوت من طائفة العقود الإدارية وقد تم الرد على هذه الحجة بالقول أن الدولة لا تستطيع أن تعدل أو تلغي عقد البوت في جانب واحد وذلك لأن العقد شريعة المتعاقدين وإذا ما أقدمت الدولة على هذه الخطوة غير المسؤولة وغير المحسوبة فإنها تتعرض للمسؤولية القانونية قبل شركة المشروع وما يترتب على ذلك من دفع التعويضات الكبيرة.

الفرع الثالث: عقود البوت ذات طبيعة قانونية وتكييف قانوني خاص:

نتيجة للجدل الفقهي الواسع حول إشكالية التكييف القانوني لعقود البوت حاول جانب من الفقه أن يتخذ موقفا ً وسطا ً بين الاتجاهين المتضاربين بأن أعتبر عقود البوت عقود ذات طبيعة خاصة تتميز بها عن سائر العقود، وليس بالضرورة إقحام هذه العقود تحت طائلة القانون العام أو القانون الخاص.

حيث يذهب أنصار هذا الاتجاه([45]) إلى القول بضرورة معرفة الهدف أو الغاية من إبرام عقد البوت والتي يهدف الأطراف إلى تحقيقها حيث أن الدولة عندما تُقدم على إبرام عقد البوت فإنها تسعى إلى تشييد مرفق عام أو تشغيله لإدامة عمله ودون رغبة في أن تتحمل الأعباء المالية الكبيرة المترتبة على ذلك ، فتطلب تمويلا ً من القطاع الخاص، بينما يسعى الطرف الأخر وهو شركة المشروع إلى تحقيق أكبر عائد ربحي من مشروع البوت فالدولة تسعى إلى الاقتصاد في النفقات وشركة المشروع تسعى إلى تحقيق منافع اقتصادية أي أن كلا الطرفين تحدوه الرغبة في الاستفادة التجارية من وراء إبرام عقد البوت مما يدخل هذا العقد في طائفة عقود الاستثمار، لأن الدولة عند إبرامها لعقد البوت تكون قد رضت مسبقا ً بالتنازل عن سلطاتها وامتيازاتها والوقوف على قدم المساواة مع المستثمر الخاص في إطار مبدأ العقد شريعة المتعاقدين وبأسلوب إبرام العقود الخاصة مما يعني أن عقد البوت يعد من العقود القانون ذات الطبيعة الخاصة.

هذا ويذهب آخرون([46]) إلى أن عقود البوت تعد عقودا ً ذات طبيعة خاصة على الرغم من أن جذورها التاريخية تستمد من عقود امتياز المرافق العامة ، ولكن عقود البوت بصيغتها المستحدثة إنما تختلف اختلافا كبيرا ً عن أصلها التاريخي عقود الامتياز، كما أن مفهوم التمويل الخاص لمشروعات البنية الأساسية وبشكله المعاصر يعد مفهوم هو الآخر حديث نسبياً، لأن الدولة التي تزمع إبرام عقد البوت إنما تدخل في مفاوضات قانونية وفنية ومالية شاقة للغاية والتي تسفر في نهاية المطاف إلى التعاقد مع إحدى الاتحادات المالية الخاصة والذي يسمى شركة المشروع ومن ثم فإن مفهوم عقود البوت يعد مفهوما ً مستحدثا ً وجديد على المجالات المعرفة القانونية مما يتطلب تنظيمه بقواعد خاصة تراعي طبيعته الخاصة.

كما أن جانب من الفقه([47]) اتجه إلى القول بأن عقود البوت تارة تدخل في طائفة العقود الإدارية وتارة أخرى في عقود التجارة الدولية، وذلك حسب كل حالة على حدى وفقا ً لصيغة الشروط المدرجة في عقد البوت، مما يعني أن تكييف عقد البوت من الناحية القانونية يكون مختلفا ًحسب مقتضى العقد وظروف إبرامه وبحسب نوع المشروع المراد تشييده وتشغيله فعقود البوت ليست ذات طبيعة واحدة ومن ثم لا تخضع لنظام قانوني محددا ً بشكل دقيق مما يستوجب إخضاعها إلى قواعد قانونية خاصة تستجيب لطبيعتهاالخاصة وذلك لإمكانية وضع تكييف قانوني سليم ومحدد لهذه الطائفة من العقود المستحدثة.

هذا ويرى أنصارالطبيعة الخاصة لعقود البوت([48])، بأنه وبالنظر إلى الغرض المراد تحقيقه من قبل أطراف العقد فإن عقود البوت تدخل ضمن طائفة عقود الاستثمار، وإذا نظرنا إلى أطراف العقد نجد الدولة طرفا ً في عقد البوت مما يوحي بأن عقد البوت من طائفة العقود الإدارية، أما إذا ما نظرنا إلى أسلوب التعاقد في صيغ البوت فيمكننا القول بأن عقد البوت إنما يدخل ضمن طائفة عقود القانون الخاص.

وهو ما يؤكد الطبيعة الخاصة لعقد البوت لأنه ليس بالإمكان إسباغه بصبغة محددة ضمن عقود القانون العام فقط أو القانون الخاص فقط وإنما يجب النظر إليه باعتباره من العقود الحديثة ذات الطبيعة الخاصة هذا ويؤكد أنصارالطبيعة الخاصة لعقد البوت بأن الموضوعات المتنوعة التي يضطلع بها نظام البوت كأحد الأنظمة الرائدة في مجال التمويل الخاص لمشاريع البنية الأساسية أو تلك التي أسفر عنها نظام البوت، إنما تستدعي أن تراعى طبيعته القانونية الخاصة والتي تختلف في عقود القانون العام والخاصمعا.

ومن هذه المسائل المتنوعةوالشائكة والتي أسفرت عنها عقد البوت ضرورة وضع قواعد قانونية لتنظيم الوضع القانوني لأرض المشروع ومسألة جواز تحويل الأموال التي يدرها هذا المشروع إلى خارج أراضي الدولة المضيفةوكيفية فض منازعات البوت وآلية إعادة المشروع إلى الدولة المضيفة بعد انتهاء امتياز البوت وتحديد مدة عقد البوت ومدى جواز الحجز على الأموال والتأمينات العينية لمشروع البوت وغيرها مما يستوجب تحديد النظام القانوني لهذه العقود كل على حده، وهو ما يؤكد دون شك الطبيعة الخاصة لعقد البوت، وأنه من غير الممكن إخضاعه ضمن نطاق القانون العام أو نطاق القانون الخاص.

ويخلص أنصار هذا الاتجاه([49]) إلى اعتبار عقود البوت من العقود ذات الطبيعة الخاصة لأنها تبرم من خلال نظم قانونية مختلفة مما يجعل وضع قاعدة عامة ومجردة لتحديد تكييف عقد البوت، على أنه ضمن عقود القانون العام فقط أو القانون الخاص فقط لأنه وكما ظهر لنا سابقا ً فإن عقود البوت في بعض الأحيان يغلب تكييفها على أنها عقود إدارية وتارة أخرى يغلب القول بأنها عقود مدنية أو تجارية أو استثمارية وهو ما يؤكد لنا الطبيعة الخاصة لعقود البوت.

المطلب الثالث:التقييم الخاص للباحث حول اشكاليات الدراسة:

لعله ومن نافلة القول أن نؤكد بأن التعاقد بنظام البوت يعد من الأنظمة التعاقدية الحديثة نسبياً، حيث أن هذا النظام من الأنظمة الرائدة حقا كأسلوب متطوروفعاللتمويل لمشروعات البنية الأساسية والاستثمارية السياحة والترفيهية أيضا عن طريق إشراك القطاع الخاص وجعله الممول الرئيسي لهذه المشروعات الحيوية ونظرا لما يتمتع به نظام البوت من أهمية بالغة في إرساء دعائم التنمية الاقتصادية المستدامة في الدول المضيفة له وخصوصا منها الدول النامية والأقل نموا حيث يمكن نظام البوت هذه الدول من إقامة بنيتها الأساسية على أسس من الحداثة -إن جازلنا التعبير- لأنه وبمساعدة القطاع الخاص الممثل في شركات المشاريع أصبح بإمكان الدول المضيفة أن تتمتع بنقل آمن للتكنولوجيا المتطورة، بل وصار هناك أمل حقيقي لدى هذه الدول في توطين وتوليد هذه التكنولوجيا الوافدة اليها عن طريق نظام البوت.

كما أن مشروعات البوت إنما تسهم في الرفع من كفاءة العمالة الوطنية، ومنحها الثقة اللازمة للمنافسة في سوق الاستثمار الدولي، وتقضي على مشاكل البطالة والتضخم، بل إن نظام بوت قد شجع القطاع الخاص المحلي على الشراكة مع شركات المشاريع لإنجاز الكثير من تعاقدات البوت.

وأن من شان ذاك ولا شك أن يرفع من قدرة هذه الشركات المحلية على التنافسية وتحقيق عوائد ربحية لا بأس بها، مما يحسن من الدخل القومي ومستوى المعيشة في الدول المضيفة للبوت وخصوصا الدول النامية والأقل نموا وهو حقيقة ما دعا الباحث الى تأييد اللجوء الى صيغة البوت لإقامة كافة المشاريع التنموية والاستثمارية على حد سواء لأن هذا النظام من وجهة نظر الباحث يعد نظاما رائدا و فعالاً للتمويل يجنب الدول المضيفة له أعباء القيام بتشييد وتشغيل المرافق الحيوية والخدمات الأساسية التي يحتاجها جمهور مواطنيها.

الا أنه وعلى الرغم من تشجيع الباحث لهذا النوعمن صيغ الشراكة الاقتصادية فإن التسرع والتهافت من قبل الدول المختلفة على إبرام عقود البوت إنما له عواقب وخيمة على الدول المضيفة للبوت متى ما تم الالتجاء الى صيغة البوت دون دراسة متأنية ومستفيضة لمدى احتياجاتها للتعاقد بهذه الصيغة فعلاً ودون إعداد متكامل وشامل لإجراء عملية التفاوض لإبرام هذا النوع من العقود دلك من خلال إعداد الكوادر الوطنية المؤهلة تأهيلاً عالياً ومتميزاً في شتى المجالات القانونية والإدارية والمالية والمصرفية والهندسية وغيرها من المجالات اللازمة للإعداد للرقابة أو للتفاوض في إطار عقود البوت.

كما أنه يجبلتلافي مخاطر البوتأن يصاغ العقد بالشكل الذي يحفظ للأطراف قدر متساويا من التوازن العقدي ، وأن يكون مبدأ العقد شريعة المتعاقدين هو الفيصل في حل كافة إشكاليات عقد البوت وعدم لجوء الدولة المضيفة بأي شكل من الأشكال إلى تعديل بنود هذا العقد أوإنهاؤه من طرف واحد دون الرجوع إلى شركة المشروع، لأن لهذا الأمر عواقبه الوخيمة على الدولة المضيفة للبوت ويحملها بالمسؤولية القانونية عن تعويض الطرف الأخر عن كافة الأضرار التي لحقت من جراء ذلك وما يعنى ذلك من دفع مبالغ مالية باهظة جدا لهذه الشركات الرأسمالية المسيطرة على الاقتصاد العالمي، لذا يجب على الدولة المضيفة أن تحسن اللجوء الى الطرق الودية لفض منازعتها مع المستثمر الاجنبي عن طريق التفاوض والتوفيق والوساطة بعيداً عن اللجوء الى القضاء العادي أو قضاء التحكيم التجاري والذي غالبا لا يكون في مصلحة الدولة المضيفة للبوت

أما بخصوص مدى تحديد المفهوم القانونيالدقيق للعقد البوت من خلال جملة التعريفات التي أضفيت على عقد البوت والتي سبق وأن ذكرنا بأنها قد جاءت متأثرة بدرجة كبيرة بالتوجهات الفقهية السائدة والداعية الى اعتبار عقد البوت من ضمن عقود القانون العام، حيث جاءت أغلب هذه التعريفات مؤكدة على أن عقد البوت إنما يبرم بين الدولة من جهة وشركة المشروع من جهة أخرى، وأن هذا القول وإن كان يستقيم في غالبية عقود البوت إلا أنه قد لا ينطبق على البقية الباقية في عقود البوت التي تبرم بين أشخاص من القانون الخاص، مما يعتبره الباحث مصادرة للواقع في عقود البوت ولا يعفي بالمفهوم القانوني الواسع للعقد البوت والتصور الحقيقي لمضمونه.

كما أن الباحث يرى بأن ارتباط عقود البوت بمشروعات البنية التحتية أو الأساسية قول قد يجافي الواقع في كثير من الأحيان،لأن الدولة قد تتعاقد بصيغة البوت من أجل إقامة مشاريع اقتصادية ربحية لاتستهدف المصلحة العامة بالمعنى الفني الدقيق، وإنما تستهدف تحقيق العائد الربحي فقد تتعاقد الدولة أو إحدى المؤسسات أو الجهات الإدارية التابعة لها على إقامة مشاريع ترفيهية أو سياحية لا ترتبط بمفهوم المرافق العامة إطلاقاً، وهو ما يؤكده التعريف الذي قالت به لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري والتي لم تحدد كون المشروع المزمع إقامته بنظام البوت أن يكون مرفقاً عاماًأو مشروعاً من مشروعات البنية الأساسية، وإنما وصفته بعبارة (مشروع معين) وذلك على النحو المشار إليه ضمن طيات هذه الدراسة مما وسع كثيراً من مفهوم عقد البوت الأمر الذي يدعونا الى النظر إلى عقد البوت بمفهوم واسع ليشمل كافة المشاريع ذات الطابع العامأوذات الطابع الاقتصادي الصرف على حداً سواء.

أما بخصوص الاشكالية القائمة حول تحديد الطبيعة القانونية لعقد البوت من حيث محاولة إيجاد التكييف القانوني السليم لهذا النوع من العقود المستحدثة الذي اختلفت حوله المشارب الفقهية بين اعتباره من ضمن عقود القانون العام أو اعتباره من ضمن طائفة عقود القانون الخاص، أو أنه عقد ذو طبيعة قانونية خاصة مستقلة عن عقود القانون العام والخاص.

ويرى الباحث اتجاه هذه الإشكالية بأن عقود البوتتعد من عقود القانون الخاص لأنه وبعيداً عن التشبع للتخصص العلمي وبموضوعية تامة فإن عقود البوت وحسبما أوضحنا من خلال هذه الدراسة إنما يتم إبرامها ابتداء بطرق إبرام عقود القانون الخاص لأن الدولة وفي الحالات التي تكون فيها طرف في عقد البوت إنما تنزل بإرادتها عن كافة امتيازاتها وسلطاتها المعهودة في إطار عقود القانون العام، فتقف بذلك على قدم المساواة مع شركة المشروع وفقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين المعروف في عقود القانون الخاص.

كما أن عقد البوت لا يتضمن اية شروط استثنائية أو غير مألوفة وهي سمة عقود القانون العام لأن الدولة تتساوي هي وشركة المشروع في ذات المركز القانوني ولا توجد أية شروط استثنائية تخول الدولة الحق في إنهاء العقد أو تعديله بأرادتها المنفردة لأنها تعلم مسبقا أن ذلك سيكلفها الكثير والكثير وبالعكس من كل ذلك فأن الدولة من الناحية الواقعية انما ترضخ للمستثمر الخاص ابتداء من جولات المفاوضات الأولى فتظل تُمني شركات المشاريع بالحوافز الاستثمارية السخية والمبالغ فيها للغاية بقصد اجتذاب الاستثمار الاجنبي وعدم عزوفه عنها فتقدم له الدعم الحكومي اللامحدود والمجاني وتقدم له القروض الكبيرة بفوائد منخفضة للغاية.

بل أكثر من هذا تلتزم أمامه حتى بشراء المنتجأو الخدمة وبالأسعار التي يحددها الشريك الأجنبي، فتتحمل بذلك أعباء مالية ضخمة دون مبرر مقبول ولا معقول أساسا مما يؤكد لنا بأن عقود البوت إنما تدخل تحت عباءة عقود القانون الخاص ومن ثم تحكمها نصوص القانون المدني والقانون التجاري حسب مقتضى الحال ومن ثم فان القول بإدارية عقود البوت قول لا يستقيم بأي حال من الأحوال مع الواقع والقانون وإن مجرد ترديده في الأوساط الفقهية -والتي نجلَها ونحترمها ولا شك- إنما يعد مصادرة على المطلوب لا نجد له من جانبنا أي مبرر منطقي.

كما أنه وللرد على حجج القائلين بإدارية عقود البوت استناداً الى أن الدولة بإبرامها لهذا النوع من العقود إنما تسعى الى تحقيق المصلحة العامة مما يصبغ العقد بصبغة عقود القانون العام ومع احترامنا الشديد للقائلين بهذه الحجة إلا أن الباحث لا يشاطرهم في الأخذ به الراي في الاكتراثوذلك لأن عقود البوت تعد من عقود الاستثمار التي يستهدف المستثمر الأجنبي من خلالها تحقيق الكسب الاقتصادي المتمثل في الربح.

أما بالنسبة للدولة المضيفة للبوت فإنها وإن كانت في الغالب الأعم يستهدف تحقيق المصلحة العامة وخصوصا عند إقامتها لمشاريع البنية الأساسية تحديداً ولكن واقع الحال قد أوقع الدول المضيفة للبوت، ومنها الدول النامية في غير مرادها لأن الدولة قد أضاعت هيبتها ابتداءً ومنذ نزولها عن سلطانها وسيادتها وارتضاها الوقوف على قدم المساواة مع الشريك الأجنبي وهو شركة المشروع وفقا لمبدأ سلطان الإرادة فكيف تسطيع الدولة يا ترى أن تحقق المصلحة العامة في ظل نظام البوت، مما يعني أن القول بذلك هو مجرد تصورغير حقيقي لواقع الحال الذي يتمتع فيه المستثمر الأجنبي بالقوة الاقتصادية المفرطة في اتجاه الدولة الضعيفة اقتصاديا وتفاوضيا مما اضطرها إلى الرضوخ لإرادة المستثمر الأجنبي حتى إنها عدلت قوانينها التي تحمي المصلحة العامة لتكون متماشية مع اقتصاد السوق الرأسمالي والذي لا يعرف إلا مصلحة واحدة وهي الربح الوفير.

هذا ونود الإشارة الى أنه في بعض عقود البوت فإن الدولة لا تستهدف المصلحة العامة وإنما تستهدف تحقيق الربح كما هو الحال في المشاريع الاقتصادية السياحية والترفيهية والرياضية وغيرها، مما يعزز القول بأن عقود البوت إنما هي ضمن طائفة عقود القانون الخاص ناهيك إذا علمنا بان الكثير من صيغ البوت إنما تنص صراحة على تطبيق نصوص القانون المدني والقانون التجاري كما أن الاختصاص بنظر المنازعات حولها معقود لقضاء التحكيم التجاري وليس للقضاء الإداري كما يتوقع القائلين.

أما بخصوص القائلين بالطبيعة الخاصة لعقود البوت وإن كانوا أفضل حالاً من القائلين بإدارية عقود البوت الا أنهم-ومع احترامنا الشديد لمسلكهم العلمي في التكييف القانوني لعقد البوت- فإنهم قد تبنوا مسلكاً مختلطاً بحسب رأي الباحث حيث يحاولون التوسط بين مذهبين أحدهما يعلي إدارية البوت والآخر ونحن من أنصاره يرى عقد البوت من عقود القانون الخاص حيث إن القائلين بالطبيعة الخاصة لعقد البوت لم يحددوا لنا بشكل دقيق ماهيه الطبيعة القانونية لعقد البوت، هذا بالإضافة الى أنهم لم يحددوا وبشكل دقيق لا لبس فيه النظام القانوني الذي يمكن أن يطبق على عقود البوت، مما فاقم من إشكالية تحديد الطبيعة القانونية لعقد البوت اكثر من أن يساهم في حلها حيث نهل هذا المسلك الفقهي من كلى المنهلين فجاء مختلطا بينهما ولم يوصل الجدل القائم إلى بر الأمان حسب رأي الباحث.

الخاتمة

نأتي إلى خاتمة هذه الدراسة التي كنا قد تناولنا فيها موضوع عقود البوت وتكييفها القانوني والتي تعد من المسائل ذات الأهمية الكبيرة نظراً للآثار القانونية المترتبة على التحديد الدقيق لمفهوم عقد البوت من حيث تعريفه وأهميته، وفي ذات الوقت مخاطرة على الدولة المضيفة له ناهيك عن ضبط تكييفه القانوني ومدى اعتباره من ضمن طائفة عقود القانون الخاص، أو طائفة عقود القانون العام، أو اعتباره عقد ذو طبيعة مستقلة وخاصة والتداعيات القانونية لكل ذلك على مستقبل نظام البوت كأحد الأنظمة الرائدةفي مجال تمويل مشروعات البنية الأساسية، والمشروعات الاقتصادية وخصوصاً في بلداننا النامية والتي بحاجة ماسة للغاية لتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية المستدامة والضرورة الملحة لهذه البلدان لتقديم الخدمات الأساسية إلى جمهور مواطنيها في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالاقتصاد العالمي، عموماً مما كان له بالغ الأثر على قدرة الموازنات العامة لهذه الدول على مواجهة الأعباء المالية الضخمة التي تتطلبها إنجاز مشروعات البينة التحتية، وقد خلصنا من خلال هذه الدراسة إلى العديد من النتائج، كما أننا أوصينا بجملة من التوصيات التي نأمل الأخذ بها أو على الاقل الاهتداء بها في حل إشكاليات هذه الدراسة والتي لها انعكاساتها القانونية والواقعية الخطيرة على كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الدول المضيفة للاستثمارات الاجنبية.

أولاً:النتائج:

1- يعد نظام البوت من الأنظمة التعاقدية الرائدة والتي تعود بالنفع الكبير على الدول المضيفة له باعتباره نظاماً متميزاً لتمويل مشاريع البنية الأساسية بل والاستثمارية عموماً، وذلك لما يتمتع به هذا النظام من مميزات عملية فريدة من شأنها أن تخفف عبء الموازنة العامة والقضاء على البطالة وتوطين التكنولوجيا في الدول المضيفة للبوت وخصوصا ًمتى كانت هذه الدولة من الدول النامية أو الأقل نمواً.

2- كما يتميز نظام التعاقد بصيغة البوت بأنه يؤسس للتنمية الاقتصادية المستدامة من خلال رعايته وتمويله لمشروعات البنية الأساسية والاستثمارية مما يقوي من قيمة العملة المحلية ويقضي على التضخم الذي تعاني منه العديد من دول العالم المتحضرة منه والنامية، لأنه يعد مؤشرا ً على الجدوى الاقتصادية ناهيك عن أنه يوفر الخدمات الأساسية لمواطني الدول المضيفة للبوت، كما أنه يشجع على خلق البيئة المثاليةالاقتصادية للمنافسة المشروعة مما يحفز روح العمل لدى المؤسسات الحكومية أو الخاصة للمنافسة في سوق الاستثمار الدولي إن جاز لنا التعبير.

3- ولكنه بالرغم من الفوائد الكبيرة التي يحققها نظام البوت للدولة المضيفة، فإن له مساوئ بالغة الخطورة متى ترك دون ضوابط قانونية تمكن من الاستفادة المثلى منه، حيث أن التسرع والتهافت على إبرام عقود البوت دون دراسة مستفيضة ومتأنية من قبل الدولة المضيفة قد يجعل من نظام البوت وبالاً على الدولة المضيفة متى ما أسرفت هذه الدول في تقديم التنازلات التفاوضية للمستثمر وخصوصا ًالاجنبي دون الحصول منه على ما يعادل ذلك من الاستفادة المثلى من نظام البوت، كما يجب على الدولة المضيفة في حالة رغبتها شراء المنتج أو الخدمة من شركة المشروع أن تكون بأسعار مناسبة غير مبالغ فيها.

4-يؤدي التسرع في إبرام عقود البوت دون رقابة أو دراسة مسبقة إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني وتحميله أعباء مالية كبيرة، كانت الدولة المضيفة ترغب في تجنبها والتخلص منها ابتداء كالتزام الدولة المضيفة بشراء المنتجات أو الخدمات بأسعار مرتفعة جداً، أو المبالغة في الدعم الحكومي أو الموافقة على امتداد امتياز البوت لسنوات طويلة للغاية مما يمكن الأجنبي من الاستحواذ على المقدرات الاقتصادية للبلد المضيفورهن مستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة لصالح استعمار اقتصادي بغيض.

5- تعد مسألة التكييف القانوني لعقد البوت من المسائل المهمة للغاية،وليست ترفا ً فكرياً أو جدلاٍ فقهيا تنظيرياً بحتاً نظراً لما لها من أثار قانونية تستوجب الوقوف عندها، حيث إن تحديد التكييف القانوني السليم لعقد البوت من شأنه أن يحدد القانون الواجب التطبيق على منازعات البوت، وكذلك تحديد القضاء المختص بنظر المنازعات كما انه يحدد في ضوئه حقوق والتزامات كلمن الطرفين ناهيك إذ علمنا بأن هناك شبكة معقدة للغاية من العلاقات التعاقدية تنشأ في كنف نظام البوت، وعلى النحو المبين في طيات هذه الدراسة.

6- لقد غلب على التيارات الفقهية ـالمعنية بإيجاد تكييف قانوني سليم لعقود البوتنزعة الانتصار للتخصص–إن جاز لنا التعبير– فمن يدعَون بأن عقد البوت من ضمن طائفة القانون العام وهو عقد إداري وهم زملائنا في تخصص القانون العام يصرون على موقفهم دونما تزحزح ولو قيد انملة، ويؤكدون على أن عقد البوت عقد إداري، كما أن من يدعون إلى اعتبار عقد البوت عقد يدخل في طائفة عقود القانون الخاصوهم زملاؤنا في تخصص القانون الخاص قد انتصروا لتخصصهم على الرغم مما ساقوه من حجج منطقية وقانونية إلا أن نزعة الغيرة على التخصص كانت غالبة ولا شك الأمر الذي ترتب عليه بعد الشُقة بين الطرفين وعقَد إشكالية التكييف القانوني لعقد البوت مما جعلها مشتعلة ومستمرة حتى تاريخ إعدادنا لهذهالدراسة .

7- غياب التنظيم القانوني لعقود البوت في التشريعات الداخلية زاد من تعقيد إشكالية التكييف القانوني لعقود البوت،حيث إن أغلب قوانين الاستثمار محل الدراسة جاءت خلوة من التنظيم التشريعي الدقيق لهذا النوع من العقود التي تحدد المستقبل الاقتصادي لهذه الدول المضيفة للاستثمارات الخارجية .

ثانياً: التوصيات:

1- ضرورة إيجاد تشريع قانوني يكون جامعا ً مانعا ً لكافة الأحكام القانونية لعقود البوت يعده مجموعة من المختصين في المجال القانوني والمالي والمصرفي والفني وبإشراف واستشارة المنظمات الدولية المعنية بشؤون الاستثمار الدولي، ويكون مستقلا عن قوانين الاستثمار المعمول بها أو على أقل تقدير يكون معدلا ً تعديلا ً جذريا ً في هذه القوانين القائمة حاليا سواء في ليبيا أومصر أوسلطنة عمان، وبما يتماشى مع المستجدات التي طرأت على هذا العقد ويكون ناظماً لكافة الجوانب القانونية لنظام البوت، ويكون ضامناً لحقوق كلا الطرفين الدولة المضيفة، وشركة المشروع مما يسهل علينا فض إشكالية التكييف القانوني له والاثار القانونية المترتبة عليها وبأن يتيح للأطراف قدرا ًمن التساوي في المراكز القانونية بأن يجعل من مبدأ العقد شريعة المتعاقدين أساساً في حل كافة الاشكاليات بإقامة التوازن المالي المناسب للعقد مما سيكون له بالغ الاثر في إيجاد تنمية اقتصادية مستدامهللبلدان المضيفة للبوت ويجذب إليها العديد من الاستثمارات الاجنبية الوافدة.

2- إن أهم ما يميز عقود البوت هو التمويل الكبير لمشروعات البنية الاساسية والاقتصادية ذات الطابع الاستثماري بما يرفع العبء المالي عن موازنة الدولة المضيفة لذا فإننا نوصي بعدم السماح بتحويل هذا النظام الفريد للغاية إلى مخاطر حتمية تؤرق الاقتصاد الوطني عن طريق الإسراف في الدعم الحكومي لشركات المشاريع والتي غالباً ما تكون أجنبية عن طريق تقديم الاعفاءات الجمركية والضريبية السخية للغاية والمبالغ فيها أو القيام بشراء منتجات أو خدمات المشروع بأسعار باهظة مما يؤدي في بالنهاية إلى تحمل الدولة المضيفة لأعباء مالية كانت تتمنى التخلص منها بتطبيق نظام البوت لذا نوصى الدول المضيفة بعدم التمادي في هذه الحوافز والإغراءات الاستثمارية المبالغ فيها حقا والتركيز على الفوز بمفاوضات ناجحة ومثمرة للدولة المضيفة.

3- نوصي الدولة المضيفة لنظام البوت بضرورة فرض نظاما ً صارما ً للرقابة على مشروعات البوت، وعدم السماح للمستثمر الأجنبي بارتهان الاقتصاد الوطني لصالحالقوى الاقتصادية الرأسمالية، وعدم السماح بأن تقوم شركة المشروع بطرح خدماتها على الجمهور بأسعار مبالغ فيها أو ممارسة احتكار فعلي أو قانوني في السوق المحلي.

4- نوصي بأن تتخذ الدولة المضيفة لنظام البوت أقصى درجات الحيطة والحذر عند إبرامها لعقود البوت، وعدم التسرع فيها، بل يجب أن يسبق ذلك كله الدراسة الوافية والكافية والمستفيضة لمشروعات البوت ومدى الفائدة المرجوة من تمويلها من الطرف المستثمر الخاص، وأن يسبق ذلك جولات من المفاوضات التي يجب أن تتسم بالروح الوطنية العالية من قبل الدولة المضيفة عن طريق فريق متخصص من المستشارين القانونيين والماليين والفنيين للوصول إلى أفضل الصيغ التعاقدية مع شركة المشروع فبذلك نتجنب الكثير من المخاطر والسلبيات التي قد ترتبها عقود البوت على مصالح الدول المضيفة للاستثمارات وخصوصاً النامية منها.

5- نوصي بضرورة إيجاد التكييف القانوني السليم لعقد البوت بعيدا ً عن المماحكات الفقهية أو التشيع للتخصص أوالتشيع للذات، وإنما يكون ذلك بالدراسة الوافية للطبيعة القانونية لعقد البوت باعتباره من العقود الحديثة نسبياً والجديرة بالتأصيل القانوني الصحيح وبما لذلك من أهمية بالغة في إقامة التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة لذا يجب علينا نحن القانونيين بذل قصارى جهدنا لإيجاد التكييف القانوني لهذا النوع من العقود بعيدا عن النعرات الفقهية التي تعقد من الإشكالية أساساً.

6- يجب على الدولة المضيفة لعقود البوت الالتزام بنصوص وأحكام هذه العقود وفقا ً لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين وعدم القيام بإلغاء العقد أو تعديله بالإرادة المنفردة للدولة تحت ذريعة سيادة الدولة أو سلطات وامتيازات الدولة المعروفة في مجال العقود الادارية أو اهتداء بالأصوات التي تدعو إلى اعتبار عقد البوت من طائفة عقود القانون العام لأن ذلك سيؤدي من الناحية القانونية والواقعية إلى أن تتحمل الدولة المسؤولية القانونية حيال عدم تنفيذها لالتزاماتها بموجب عقد البوت مع تحملها لكافة الاضرار التي تلحق بشركة المشروع من جراء الاخلال بالالتزام العقدي كما أن إقدام الدولة على مثل هذه التصرفات الرعناء إنما يسئ إلى سمعتها في المحافل الاقتصادية الدولية ويؤدي إلى عزوف الاستثمارات الأجنبية عنها مما يعرض مصيرالتنمية الاقتصادية المستدامة في هذه الدول للخطر ناهيك عن توقف العديد من الخدمات الأساسية لجمهور مواطنيها.

7- يجب على الدول المضيفة لنظام البوت وخصوصاً الدول النامية والأقل نمواً محاولة فض النزاعات الناشئة عن تنفيذ عقود البوت بالطرق الودية قدر المستطاع عن طريق التفاوض والوساطة والتوفيق والتصالح بدلاً من اللجوء إلى قضاء التحكيم والذي بقدر ماله من مميزات فإن فيه قدر كبير من المساوئ والمخاطر التي لا تخفى على كل مطلع بالمجال القانوني.

8- يجب على الدول النامية المضيفة لعقود البوت من فرض رقابتها الصارمة على شركات المشروعات العاملة لديها في تنفيذ مشروعات البنى الأساسية، وذلك حرصاً على إنجاز هذه المشروعات الحيوية على أكمل وجه وفي التوقيت الزمني المتفق عليه، وأن تكون مدة الاستغلال قصيره نسبيا وأن لا تتعدى مدةثلاثون سنة بدلاً من المدد الطويلة لعقود البوت التي قد تجاوز التسعون سنة كما سبق وأوضحنا من خلال هذه الدراسة، وكل هذا لن يتأتى من الناحية الواقعية مالم تقم هذه الدول بإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة تأهيلاً علمياً وفنياً عالياً من خلال إعداد الخطط والبرامج التدريبية المتكاملة لتأهيل هذه الكوادر الوطنية في المجال القانوني والمالي والفني وعدم الاكتفاء باستخدام العناصر الاجنبية لتقوم بهذه الاعمال كالشركات الاستشارية الدولية والتي قد يكون ولاؤها وتبعيتها للشركات الرأسمالية المتعددة الجنسيات مما يفرغ عملية الرقابة والإشراف من مضمونها.

9- لعلنا نعلم جميعاً ودون مواربة بأن قضاء التحكيم التجاري قد بات القضاء الوحيد -حسب تقديرنا– المختص بنظر منازعات الاستثمار الدولي لأنه إنما يفرض على الدول المضيفة للاستثمار من خلال المفاوضات الشاقة والطويلة التي تسبق إبرام عقود البوت والذي غالباً ما تسلم به الدولة المضيفة حرصاً على جلب الاستثمارات الأجنبية إليها أو تحت ضغط حاجتها الماسة لبناء بنيتها الأساسية وتقديم الخدمات الضرورية والحيوية لجمهور مواطنيها، إلا أنه على الرغم من هذه الحقيقة الماثلة أمامنا إلا أن الدولة المضيفة للاستثمار عليها أن تتحلى بالقوة التفاوضية العالية والتي تستطيع من خلالها التخفيف من وطأة نظام التحكيم المفروض عليها بأن تمارس ضغطا تفاوضيا قويا نحو اختصاص قضاءها الوطني بنظرمنازعات البوت أو على أقل تقدير أن تطلب أن تكون المؤسسة التحكيمية التي يتم التحكيم من خلالها من المؤسسات الرائدة في مجال التحكيم وذات السمعة الحسنة والمعروفة بالنزاهة ونرى أن تكون إحدى الهيئات التحكيمية في البلدان النامية كالمركز الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالقاهرة مثلاً والذي يكتسب سمعة متميزة محليا وإقليميا ودولياً.

قائمة المصادر والمراجع

أحمد سلامة، العقود الادارية وعقود البوت ( O.T)، دار النهضة العربي، القاهرة، ط1، 2003م.
أكثم الخولي، الاتجاهات الكبرى في قانون المشروع العام، بحث مشورة في مجلة قضايا الدولة، ع2، 1999.
أحمد رشاد، عقد الانشاء والادارة وتحويل الملكية (O.T) في مجال العلاقات الدولية الخاصة، دار النهضة العربية ط،1 ،2014.
أنيس حكيم، العقود الادارية، دراسة مقارنة في نظم المناقصات والمزايدات في عقود البوت (O.T)، دار النهضة العربية، ط3، 2012.
ابراهيم الشهاوي، عقد امتياز المرفق (B.O.T) ، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 2002.
– إلياس ناصيف ، العقود الدولية ،، العقود الدولية ، (B.O.T) في القانون المقارن، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان 2011. ط2 2011 .
جمال نصار، مصطفى حسن، مشروعات البوت مشاريع البناء والتملك والتشغيل والتمويل، بحث مقدم إلى مؤتمر التنمية الادارية، المنعقد في كلية الحقوق، جامعة القاهرة، 1997 .
جابر نصار، عقود البوت (O.T) والتطور الحديث لعقد الالتزام، دار النهضة العربية، ط1 ، 2002 .
جيهان حسن السيد، عقود البوت وكيفية فض المنازعات الناشئة عنها، دار النهضة العربية، ط1، 2006.
حمدي ياسين عكاشة، موسوعة العقود الادارية الدولية في التطبيق العملي، منشأة المعارف، 2010.
حمدي عبد العظيم، عقود البناء والتشغيل والتمويل بين النظرية والتطبيق، دار النهضة العربية، ط1، 2001.
حسن محمود، النظام القانوني لمشاريع البنية الاساسية ذات التمويل الخاص، دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، جامعة القاهرة، 2006.
حبيب أبو صقر، التمويل الذاتي للمشاريع من قبل المتعهد (B.O.T)، دارسة منشورة بمجلة الفضاء المالي، ع43، 2000.
حمدي عبد العظيم، عقود البناء والتشغيل والتمويل بين النظرية والتطبيق، بحث مقدم إلى الندوة العلمية الاولى لعقود البوت (O.T) المنعقدة في أكاديمية السادات، القاهرة، 2001.
خالد عطية، النظام القانوني لعقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية، رسالة الماجستير، جامعة القاهرة،
دويب حسين، الاتجاهات الحديثة في عقود الالتزام وتطبيقاتها على عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية البوت(B.O.T)، أطروحة دكتوراه، جامعة أسيوط، 2006.
رمزي زكي، الاقتصاد السياسي للبطالة، سلسلة عالم المعرفة، ع2، 1997.
سامي عبدالباقي، الإطار التشريعي والتعاقدي لمشروعات البنية الأساسية ، الممولة من القطاع الخاص (O.T)، بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي للمشروعات، المنعقد في شرم الشيخ للعام 2011م
عصمت عبدالله، التحكيم في العقود الادارية ذات الطابع الدولي، دار النهضة العربية، ط1، 2000.
عبد الفتاح بيومي حجازي، عقود البوت (B.O.T) في القانون المقارن، دار الفكر الجامعي، ط1 ، 2016.
عصامأحمد البهجي، الطبيعة القانونية لعقود البوت O.T))،دار الفكر الجامعي،ط1، 2014.
محمد الروبي، عقود التشييد والاستغلال والتسليم،(0.T)، دار النهضة العربية، القاهرة ط1، 2004
محمد عبدالعزيز، فكرة العقد الاداري، دار النهضة العربية، ط2، 2000 .
محمود محمد فهمي، عقود البوت وتكييفها القانوني، بحث مقدم إلى مؤتمر القاهرة الدولي لعقود البوت المنعقد في الفترة من 28-29 –أكتوبر، 2002م
محمد بهجت قايد ، إقامة المشروعات الاستثمارية (O.T) ، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1 ،2000.
ماهر محمد حامد، النظام القانوني لعقد البوت، أطروحة دكتوراه، جامعة الزقازيق، 2004.
محمد الروبي، عقود التشييد والاستغلال والتسليم، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 2004.
محمد محمد بدران، النظامالقانوني لمشروعات البوت، بحث مقدم للمؤتمر الدولي لعقود البوت المنعقد في القاهرة من 7-8- اكتوبر 1997
محمد محمد بدران، النظام القانوني لمشروعات (O.T)، بحث مقدم إلى مؤتمر المشروعات الاساسية الممولة إلى القطاع الخاص، القاهرة، 1998.
هاني صلاح سري الدين، التنظيم القانوني والتعاقدي لمشروعات البنية الاساسية، دار النهضة العربية ط1، 2001م.
وضاح محمود، عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية O.T حقوق الإدارة المتقاعدة والتزاماتها، دار الثقافة للنشر، عمان، ط1، 2010.

ثانياً: القوانين:

1ـ قانون تشجيع الاستثمار الليبي

2ـ قانون استثمار رأس المال الأجنبي العماني

([1]) لمزيد من التفاصيل أنظر، يعرب محمد الشرع، تفويض المرافق العامة، عقود البوت، دار الثقافة عمان، ط1، 2017، ص2 وما بعدها، عصام احمد البهجي، الطبيعة القانونية لعقود البوت (B.O.T)، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، ط1،2014، ص29 وما بعدها، وضاح محمود، عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية للبوت ، حقوق الإدارة والتزاماتها، دار الثقافة، عمّان، ط1، 2010، ص16 وما بعدها.

([2]) انظر، عصام أحمد البهجي، مرجع سابق، ص5

([3] ) انظر، صلاح سري الدين، التنظيم القانوني والتعاقدي لمشروعات البنية الاساسية، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 2001، ص44.

([4] ) انظر، عبد الفتاح بيومي حجازي، عقود البوت (B.O.T) في القانون المقارن، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية ط1، 2016، ص13 وقاربذلك، حمدي عبدالعظيم، عقد البناء والتشغيل والتحويل بين النظرية والتطبيق، بحث مقدم إلى الندوة العلمية الأولى لعقود البوتB.O.T)) المنعقدة في أكاديمية السادات، جمهورية مصر العربية، في الفترة من 27 الى 31 فبراير، 2001، ص3، وقارب ذلك، محمد محمد بدران، النظامالقانوني لمشروعات البوت، بحث مقدم للمؤتمر الدولي لعقود البوت المنعقد في القاهرة من 7-8- اكتوبر 1997، ص5.

([5] ) تقرير لجنه الأمم المتحدة للقانون التجاري، الدورة التاسعة والعشرون المنعقدة بنيويورك في 28 مايو حتى 16/12/1996، تحت عنوان الأعمال المقبلة المتعلقة بالبناء والتشغيل ونقل الملكية، ولمزيد من التفصيل حول هذا التقرير انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص5ومابعدها، ماهر محمد حامد، النظام القانوني لعقد البوت، أطروحة دكتوراه، جامعة الزقازيق، 2004، ص18، عبد الفتاح بيومي، المرجع السابق، ص12 ومابعدها.

([6] ) لمزيد من التفاصيل أنظر، محمد الروبي، عقود التشييد و الاستغلال والتسليم ،(B.0.T) ، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 2004، ص25، عبد الفتاح بيومي، مرجع سابق، ص13.

([7]) أنظر، صلاح سري الدين، المرجع السابق، ص43، عبدالفتاح بيومي، المرجع السابق، ص10-11.

([8]) محمد الروبي، المرجع السابق، ص34، وما بعدها، عصام أحمد، المرجع السابق، ص20، ماهر محمد حامد، المرجع السابق،ص37 .

([9]) انظر محمد الروبي، المرجع السابق، ص17.

([10]) انظر، وضاح محمود، المرجع السابق، ص34.

([11]) انظر، محمد الروبي،المرجع السابق، ص17، وما بعدها، وضاح محمود، المرجع السابق، ص34 وما بعدها.

([12]) لمزيد من التفاصيل أنظر، ماهر محمد حامد، مرجع سابق، ص25، محمد بهجت قايد، إقامة المشروعات الاستثمارية بنظام البوت B.O.T))، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 2000، ص112، عصام أحمد، المرجع السابق، ص17.

([13])لمزيد من التفصيل انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص6 وما بعدها، وضاح محمود، المرجع السابق ص36-37، هاني صلاح، المرجع السابق، ص158 وما بعدها، جمال نصار، مصطفى حسن، مشروعات البوت، مشروعات البناء والتملكوالتشغيل والتمويل، بحث مقدم إلى مؤتمر التنمية الإدارية، المنعقد في كلية الحقوق جامعة القاهرة، في العام 1997م، ص4.

([14])انظر، الياس ناصيف، العقود الدولية، عقود البوت(B.O.T( ، في القانون المقارن، منشورات الحلبي الحقوقية ، ط2، بيروت 2011، ص146-147، رمزي زكي، الاقتصاد السياسي للبطالة، سلسلة عالم المعرفة، ع2،، يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1997، ص481 وما بعدها، دويب حسين، الاتجاهات الحديثة في عقود الالتزام وتطبيقاتها على عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية البوت ( B.O.T)، اطروحة الدكتورة جامعة أسيوط، 2006، ص513، إبراهيم الشهاوي، عقد امتياز المرفق العام B.O.T))، دار النهضة العربية، القاهرة، ط1، 2002، 60

([15]) انظر، دويب حسين، مرجع سابق، ص 513 ومابعدها، وعاصم أحمد، المرجع السابق، ص59-60، خالد عطية، النظام القانوني لعقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية، رسالة الماجستير، جامعة القاهرة، 2009، ص16 وما بعدها، صلاح سري الدين، مرجع سابق، ص 187 – 188، الياس ناصف، مرجع سابق ، ص146 ومابعدها.

([16]) لمزيد من التفصيل انظر، خالد العطية، مرجع سابق،ص17-18، هاني صلاح، المرجع السابق، ص187 وما بعدها عصام أحمد، المرجعالسابق، ص60.

([17])أنظر، إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص150-151.

([18]) ـلمزيد من التفصيل حول هذه الإحصائيات انظر، حبيب أبو صقر، التمويل الذاتي للمشاريع من قبل المتعهد ( B.O.T)، بحث منشور في مجلة القضاء المالي، ع43، 2000، ص18 وما بعدها، إلياس ناصيف، المرجع السابق، ص15ومابعدها.

([19])ـلمزيد من التفاصيل انظر، خالد العطية، المرجع السابق، ص8 ومابعدها، عصام أحمد، المرجع السابق، ص57 وما بعدها.

([20])هاني صلاح، المرجع السابق، ص 192، دويب حسين، المرجع السابق، ص554، عصام أحمد، المرجع السابق، ص62 وما بعده.

([21]) انظر، جابر نصار، عقود البوت (B.O.T) والتطوير الحديث لعقد الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، ط2002، ص61 ومابعدها، عاصم أحمد، المرجع السابق، ص64، دويب حسين، المرجع السابق، ص21-22، وضاح محمود، المرجع السابق، ص 36 ومابعدها، محمد بهجت، مرجع سابق، ص13-14.

([22]) لمزيد من التفصيل انظر، حسن محمود، النظام القانوني لمشاريع التنمية الاساسية ذات التمويل الخاص، دراسة مقارنة – اطروحة دكتوراه من جامعة القاهرة ،2006، ص98 وما بعدها، عصام أحمد، مرجع سابق، ص69 وما بعدها.

([23]) انظر، وضاح محمود، المرجع السابق، ص37، هاني صلاح، المرجع السابق، ص180 ومابعدها، عصام أحمد، المرجع السابق، ص6.

([24]) لمزيد من التفصيل حول هذه النوع من العقود انظر، حمدي عبدالعظيم، عقود البناء والتشغيل والتمويل بين النظرية والتطبيق دار النهضةالعربية، القاهرة، ط1، 2001، ص112، وما بعدها، خالد العطية، المرجع السابق، ص53، وما بعدها، دويب حسين، مرجع سابق، ص60،وما بعدها، عصام أحمد، مرجع سابق، ص22-23.

([25]) انظر، عبدالفتاح بيومي، المرجع السابق، ص53، محمد الروبي، المرجع السابق، ص42، محمود محمد فهمي، عقود البوت وتكييفها القانوني، بحث مقدم إلى مؤتمر القاهرة الدولي لعقود البوت المنعقد في الفترة من 28-29 –أكتوبر، 2002 ، ص62.

([26]) لمزيد من التفصيل انظر، عبدالفتاح بيومي، المرجع السابق، ص53 وما بعدها،دويب حسين، المرجع السابق، ص59 .

([27]) لمزيد من التفصيل حول عقود M.O.O.T)) انظر، عصام أحمد، مرجع سابق، ص25، عبدالفتاح بيومي، مرجع سابق، ص64، محمد الروبي، مرجع سابق، ص54 .

([28])لمزيد من التفصيل انظر ماهر محمد، المرجع السابق، ص40 وما بعدها، محمد الروبي، المرجع السابق، ص55، عبدالفتاح بيومي، المرجع السابق، ص65 وما بعدها.

([29]) لمزيد من التفصيل حول عقد (R.o.o) انظر، عبدالفتاح بيومي، المرجع السابق ص68 وما بعدها، أحمد سلامة، العقود الادارية وعقود البوت ( B.O.T)، دار النهضة العربي، القاهرة، ط1، 2003، ص5.

([30])لمزيد من التفصيل حول عقد (D.B.F.O)، البوت انظر، محمد الروبي، المرجع السابق، ص57، عصام أحمد، المرجع السابق، ص24 وما بعدها، حمدي عبدالعظيم، المرجع السابق، ص111، دويب حسين، المرجع السابق، ص60 ومابعدها، عبدالفتاح بيومي، المرجع السابق، ص70، ماهر محمد، المرجع السابق، ص3 ومابعدها.

(([31]لمزيد من التفصيل انظر محمود محمد فهمي، مرجع سابق، ص42، جيهان حسن سيد، عقود البوت وكيفية فض المنازعات الناشئة عنها، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006م، ص46 وما بعدها، حمدي ياسين عكاشة، موسوعة العقود الادارية الدولية في التطبيق العملي، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2010م، ص4.

([32] )أحكام محكمة القضاء الاداري –الدعوى رقم (625)، لسنة 4 ق، جلسة 2-12-1962. الدعوى رقم (3480) لسنة (9 ق) جلسة 2-6-1967، والدعوى رقم (1184) لسنة (14 ق)، جلسة 25-6-1961، وكذلك الدعوى رقم (222) لسنة ،(15 ق) ، جلسة 13-12-1966.

([33] )ـ لمزيد من التفاصيل انظر، عصمت عبدالله، التحكيم في العقود الادارية ذات الطابع الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000م، ص86 وما بعدها، أكثم الخولي، الاتجاهات الكبرى في قانون المشروع العام، دراسة منشورة في مجلة قضايا الدولة، ع2، 1999م، ص30 وما بعدها، ماهر محمد حامد، المرجع السابق، ص170، عصام أحمد، المرجع السابق، ص20 وما بعدها.

([34])انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص94 وما بعدها، أكثم الخولي، المرجع السابق، ص31 وما بعدها، ماهر محمد حامد، المرجع السابق، ص166 وما بعدها.

(([35]انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص25 وما بعدها.

(([36]المحكمة الإدارية العليا، جلسة 24-2-1968م، لمزيد من التفاصيل حول هذا الحكم انظر، عصام أحمد المرجع السابق، ص25، حمدي ياسين، المرجع السابق، ص30.

(([37]حكم المحكمة الإدارية العليا في الدعوى رقم (12) لسنة (4ق) – بتاريخ 3-4-1976م.

(([38]انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص97.

(([39]انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص103 -104 .

([40])أحمد رشاد، عقد الإنشاء والإدارة والتحويل (B.O.T)،في مجال العلاقات الدولية الخاصة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014م، ص190 ومابعدها، محمد عبد العزيز، فكرة العقد الإداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000م، ص23، عصام أحمد، المرجع السابق، ص100.

([41] ) لمزيد من التفاصيل انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص103 وما بعدها.

([42]) هاني صلاح، المرجع السابق، ص180 وما بعدها، سامي عبدالباقي، الإطار التشريعي والتعاقدي لمشروعات البنية الأساسية ، الممولة من القطاع الخاص (B.O.T)، بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي للمشروعات، المنعقد في شرم الشيخ للعام 2011م، ص35، محمد الروبي، المرجع السابق، ص79، دويب حسين، المرجع السابق، ص179.

([43]) لمزيد من التفاصيل انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص100 محمد الروبي، المرجع السابق، ص80،دويب حسين، المرجع السابق، ص179 وما بعدها.

(([44]لمزيد من التفاصيل حول هذه الآراء الفقهية والرد عليها انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص105 وما بعدها، دويب حسين، المرجع السابق، ص209 وما بعدها، خالد العطية، المرجع السابق، ص70 وما بعدها، أحمد سلامة، المرجع السابق، ص380 وما بعدها، أحمد رشاد، المرجع السابق، ص190 وما بعدها.

([45] )لمزيد من التفاصيل انظر، عصام احمد، المرجع السابق، ص107.

([46]) أنيس حكيم، العقود الإدارية، دراسة مقارنة في نظم المزايدات والمناقصات في عقود البوت (B.O.T)، دار النهضة العربية، القاهرة، ط2، 2012، ص80 وما بعدها، عبدالفتاح بيومي، المرجع السابق، ص140-141.

([47]) أحمد سلامة، المرجع السابق، ص385-386، أنيس حكيم، المرجع السابق، ص83، أحمد عصام، المرجع السابق، ص102.

([48]) لمزيد من التفاصيل انظر، عصام أحمد، المرجع السابق، ص107 وما بعدها، ماهر محمد، المرجع السابق،ص180 ومابعدها، عبدالفتاح بيومي، المرجع السابق، ص142 وما بعدها.

([49]) انظر، عبدالفتاح بيومي، المرجع السابق، ص140 وما بعدها، احمد سلامة، المرجع السابق، ص384 وما بعدها، عصام أحمد، المرجع السابق، ص104 وما بعدها، أحمد رشاد، المرجع السابق، ص197، ماهر محمد،المرجع السابق، ص180 ومابعدها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.