الـــمــــرفـــق الـــعــــام الـــــريـــاضــــي فـــي الـــتشـــريع الـــجـــزائـــــري

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

كـــــــــــــربـــوعــة زكــــريـاء

مستشار في التسيير و الإدارة الرياضية

باحث في العلوم القانونية و الإدارية – الجزائر-

ملخص الدراسة:

نسعى من خلال هذه الدراسة، إلى التعرف على تطبيقات القانون الإداري في القطاع الرياضي، و ذلك من خلال تناولنا لموضوع المرفق العام الرياضي الذي يمثل الغاية الرئيسية للنشاط الإداري للدولة لكونها صاحبة الاختصاص الأصيل في الميدان الرياضي سواء من ناحية التنظيم المؤسساتي أو التمويل العمومي لها، وذلك في إطار تقديم خدمة ذات نوعية و إشباع الحاجات المتنوعة لمواطنيها و بالتالي تحقيق المصلحة العامة. و في هذا الصدد سنتطرق للمرفق العام بوجه عام، و أنماط التسيير المتبعة في المرفق الرياضي و ما تثيره من مشاكل في مواجهة الحداثة و التطور الذي يعرفه موضوع المرفق الرياضي و الآثار الاقتصادية المترتبة على هذه الأساليب باعتبارها تهدف إلى ضمان المصلحة العامة من جهة و تكفل تحقيق الهدف من خلال تحسين المردودية.

الكلمات المفتاحية: المرفق العام ، المرفق الرياضي، تفويض المرفق الرياضي.

تمهــــيد:

إن واجبات الدولة و مسؤوليتها الإدارية تتفاوت بين دولة حارسة و أخرى متدخلة، و يختص المشرع بتحديد مجالات النشاط التي يكون للإدارة حق ارتيادها وفق ما تراه مناسبا للصالح العام، وفي بداية القرن التاسع عشر قامت الدولة بنفسها ثم بواسطة إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة بإنشاء مشروعات ) مرافق عامة ) تحت مظلة المرفق العام، بهدف إشباع الرغبة الجماعية لجمهور المنتفعين و تأمين ما يحتاجون إليه من خدمات.

و يعتبر المجال الرياضي احد مجالات النشاط الذي توليه السلطات العمومية في الجزائر أهمية خاصة بالنظر لاتساع الممارسة الرياضية و انتشارها، فكان الأحرى بالدولة إحداث مرافق عمومية في شكل منشآت قاعدية تعنى بالنشاط الرياضي توكل لها مهمة تنظيم وتنشيط الممارسة الرياضية و البدنية داخل هذه الهياكل و المرافق وتقديم خدمة عمومية ذات جودة ترتقي لمتطلبات و حاجيات مواطنيها، بمقابل ذلك فقد دأبت السلطة العمومية الجزائرية على اتخاذ كافة التدابير و الإجراءات القانونية و التنظيمية لضمان سير فعال و ذات جودة لهذه المرافق مع مراعاتها لخصوصية المرفق العمومي الرياضي و ما يقدمه من خدمات، فختلفت بذلك طرق و أنماط التسيير بين ما هو عمومي و ما هو خاص، و ما هو تقليدي و ما هو حديث، و لكل نمط أو نوع أحكامه و خصائصه و أثاره الاقتصادية.

و قد أدت إدارة المرفق العام الرياضي الحالية في الجزائر إلى تدهور العلاقة بين الدولة و المواطن، نتيجة للاحتكار مما تسبب في حدوث عجز جزئي و كلي أحيانا في تقديم الخدمة له، وان قدمت خدمة فإنها بدون شك لا ترتقي و لا تتفق مع تطلعات و حاجيات المواطن و لا تتسم بالجودة المطلوبة.

أهمية الموضوع:

تتجلى خصوصية الموضوع من خلال أهمية المرفق العام في تقديم المصلحة العامة و إشباع الحاجيات المتنوعة لمختلف شرائح المجتمع، و إبراز الوضعية الحالية للمرفق العام بصفة عامة.

كما أن الحديث على موضوع المرفق الرياضي من شأنه أن يساهم في ضمان الفعالية و الجودة من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المادية و البشرية من أجل تقديم خدمة ذات نوعية.

أهداف الموضوع:

يهدف هذا الموضوع إلى تبيان الأداء النمطي للمرفق العام الرياضي بالجزائر في الفترة الحالية، و هذا مرجعه للنتائج الحالية سواء منها الإدارية و المالية السيئة من خلال انتهاج أنماط و طرق تسيرية محددة لا تتوافق مع خصوصية و نوعية الخدمة المقدمة و النتائج و الأهداف المسطرة خاصة في قطاع يصنف على انه قطاع خدماتي )قطاع الشباب و الرياضة( و باعتباره قطاع واعد من حيث العائدات و الآثار الاقتصادية التي يدرها في دول العالم.

إشكالية الموضوع:

إن المرفق العام الرياضي في الجزائر يعاني حقيقة من عجز إداري و فني و مالي حاد، مما أصبح يشكل عبأ على الاقتصاد الوطني و الميزانية العامة للبلاد، و انه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتواصل تسييره بهذا الشكل، بالمقابل وجب أن تتخلى الدولة تتدريجيا عن دورها الرئيسي كمتدخلة و ضابطة و حارسة في ميدان المرفق العام الرياضي، و ذلك من خلال تفويض هذا الأخير بطرق تتوافق و تتماشى مع ما هو مطبق في الدول المتطورة.

هذا ما جعل الإشكالية الرئيسية للموضوع تتمحور، حول ما مدى فعالية النظم الحالية في تسيير المرافق العامة الرياضية بالجزائر ؟

وتتفرع هذه الإشكالية الرئيسية إلى تساؤلات فرعية نوردها كمايلي:

هل طرق التسيير التقليدية لإدارة المرفق العام الرياضي كفيلة بتقديم خدمة ذات نوعية و نجاعة اقتصادية ؟
ما مدى نجاح تفويض المرفق العام كآلية جديدة لتسيير المرفق العام الرياضي؟
أسباب الموضوع:

تكمن أسباب اختيار الموضوع في الأهمية البالغة التي يكتسيها موضوع المرافق العامة الرياضية، و ضرورة مواكبة الحركية الحديثة بصياغة نصوص قانونية مستحدثة تراعى فيها و تستحدث تقنيات و طرق حديثة في التسيير، وذلك من أجل تحسين نوعية الخدمة العمومية و ضمان الفعالية و الجودة و النجاعة الاقتصادية.

المنهج المتبع:

سنعتمد في دراستنا هذه على المنهج الوصفي التحليلي و الذي سيسمح لنا باستعراض المفاهيم القانونية و الإدارية المنتهجة في الفترة الحالية بالجزائر في تسيير المرفق العام بصفة عامة و المرفق الرياضي بصفة خاصة، بالإضافة لاعتمادنا على المنهج القانوني و النقدي لدراسة هذه الأنماط و مدى فعاليتها و ذلك بطريقة تسمح لنا بكشف النقائص و الاختلافات السائدة فيها، و الوصول إلى أنجع السبل و أحدثها في تسيير المرفق الرياضي.

الخــــطــة:

كإجابة منا على ما أسلفنا به من إشكالية، يستوجب ذلك منا التطرق للعناصر الآتية:

أولا: المرفق العام بوجه عام

مفهوم المرفق العام
الأحكام القانونية لتسير المرفق العام في الجزائر
ثانيــا: أحكام المرفق العام الرياضي

ماهية المرفق العام الرياضي
الطرق و الوسائل المستحدثة في تسير المرفق العام الرياضي

الفصل الأول: المرفق العام بوجه عام

المبحث الأول: مفهوم المرفق العام

المطلب الأول: ظهور و تطور نظرية المرفق العمومي

يتفق اغلب الفقهاء[1] عند القيام بتحديد مفهوم المرفق العمومي، أن هذا الأخير يعكس إحدى تصورات الدولة، وتنطبق هذه الملاحظة سواء على الجزائر أو على الدول الأخرى.

وبما أن مفهوم المرفق العمومي حسب الفقهاء بزعامة كل من الفقيه ليون دوجي، و بونار و رولان، تبلور في إطار النظرية الفرنسية للقانون الإداري، فان المرفق العمومي قد تم استعماله فقها و قضاءا و بكثرة في النصف الأول من القرن التاسع عشر على أساس فكرة السلطة العمومية، في قضية الحكم الشهيرة بلانكو الصادر عن محكمة التنازع الفرنسية في 8 فيفري 1873، و هو ما يعتبر بصفة عامة تاريخ نشأة ما يسمى بمعيار المرفق العمومي و الذي كان نتيجة ما توصل إليه في أن نشاط المرافق العمومية قد تسبب في أضرار، و يرجع النزاع المترتب عنه للقاضي الإداري و يطبق عليه قواعد القانون العمومي، و هو ما يعتبر معيارا لتحديد اختصاص القاضي الإداري و الأساس الوحيد للقانون الإداري.

و للمرفق العام[2] في القانون الفرنسي اثر بالغ الأهمية إذا كانت هذه الفكرة تمثل في بداية القرن المنقضي العيار الموحد للقانون الإداري و للقضاء الإداري، فقد اعتمد جيل كامل من الفقهاء كما سبق ذكره هذه النظرية، و أسسوا عليها جميع قواعد القانون الإداري، و أصبحت هذه المدرسة تعرف القانون الإداري بأنه قانون المرافق العامة، ولئن تراجع دور هذه الفكرة في تفسير مفاهيم القانون الإداري تحت تأثير الأفكار السياسية و العوامل الاقتصادية، فإنها تبقى من العناصر الأساسية المعتمدة في القانون الإداري.

و رغم اشتداد ما يعرف بأزمة المرفق العمومي فيما بعد كمعيار معتمد في تطبيق القانون الإداري، و انه ينظر إليه من الزاوية المتعلقة بالمنازعات كمعيار لتحديد اختصاص القاضي الإداري و تخفى أو تهمل فيه جانب أساسي و هو واقع الحياة الإدارية ، فمن هذا المنظور فان المرافق العمومية مازالت تشكل الوظيفة الأساسية للإدارة بشكل عام.

المطلب الثاني: تعريف المرفق العام

يمكن تعريف المرفق العام في الجزائر للدلالة على معنيين:

من وجهة نظر عضوية: يقصد بالمرفق العمومي، استنادا إلى المعيار العضوي، بأنه جهاز أو هيكل أو هيئة، الذي يسير الشؤون العمومية، و يقصد بهذا المفهوم الإدارة العمومية بشكل عام أو أي مؤسسة إدارية معينة.
من وجهة نظر وظيفية: و يقصد به بنا إلى المعيار المادي، هو النشاط الذي تقوم به الإدارة و كذا أجهزة أخرى خاصة أو عمومية بهدف تحقيق المصلحة العامة.
“[3] أو هو النشاط الخاص الذي تتولاه الإدارة لتحقيق الصالح العام”.

من خلال هذين المعنيين يمكن إعطاء تعريف موحد للمرفق العام في الجزائر بأنه: هو[4] نشاط تقوم به السلطة العمومية تجاه مواطنيها بصفة مباشرة و غير مباشرة و تحت رقابتها، بهدف تحقيق المصلحة العامة و بالخضوع و لو جزئيا لقواعد القانون العام.

من خلال التعريف السابق، فان المرفق العام يتوافر على العناصر الأساسية التالية:

الفرع الأول: المرفق العام و المصلحة العامة

يستهدف إنشاء المرفق العام تحقيق الصالح العام أي المنفعة العامة من خلال سد الاحتياجات العمومية و تقديم الخدمات للمواطنين، ويعود تقرير المصلحة العامة من عدمه مبدئيا إلى تقدير السلطة العامة التي عليها تقدير ما إذا كانت هذه الحاجة على قدر من الأهمية ما يستوجب تأديتها بصفة كلية و حصرية من طرف الإدارة أو ترك الخواص يتدخلون إلى جنبها لتلبية هذه الحاجة العمومية، ويخضع هذا التقدير لرقابة القاضي الإداري الذي يبقى صاحب الاختصاص بالنظر في مدى توفر ركن المصلحة العامة.

الفرع الثاني: الارتباط بسلطة عمومية

من الصفات الجوهرية للمرفق العام خضوعه للسلطة العامة على مستوى إدارته، بمعنى أن تكون الكلمة النهائية في إحداث الخدمة العمومية و تنظيمها لهذه السلطة، و لا تكون بالضرورة هي من تتولى هذا النشاط بصفة مباشرة إذ يمكن أن تتولاه بصفة غير مباشرة.

الفرع الثالث: قواعد سير المرفق العام

ويقصد بها تلكم القواعد الأساسية التي تمثل القاسم المشترك بين مختلف المرافق العامة، وهذه القواعد ثلاث تتمثل فيما يلي: مبدأ استمرارية المرفق العام، مبدأ المساواة أمام المرفق العام، مبدأ تكيف المرفق.

مبدأ استمرارية المرفق العام: تهدف المرافق العامة بصفة أساسية إلى تقديم الخدمات الضرورية إلى جمهور المنتفعين من الخدمات التي يؤديها المرفق، و كل انقطاع أو تعطل في سير مرفق من المرافق يؤدي إلى اضطراب داخل المجتمع.
مبدأ المساواة أمام المرفق العام: لما كانت المرافق العامة تنشأ لفائدة الكافة فقد اقتضى هذا بالتبعية أن يتساوى لديها كافة الأفراد من أعوان مكلفين بإدارة هذه المرافق أو منتفعين أو مستعملين على حد السواء و دونما تمييز في الاستفادة من خدمات هذه الأخيرة.
مبدأ تكيف المرفق العام: باعتبار أن المرفق العام يسعى للاستجابة إلى حاجيات المواطنين و متطلبات الصالح العام و تأمينها، و لكون هذه الحاجيات و المتطلبات في تطور مستمر، وجب على المرفق العام أن يدخل التغيرات ليلبي المتطلبات و الحاجيات الجديدة.
الفرع الرابع: أنواع المرفق العام[5]

تتنوع المرافق العمومية و تتعدد لأنواع متعددة، و سنركز في موضوع دراستنا هذه على تقسيم المرافق العمومية من حيث موضوع نشاطها إلى:

المرافق العمومية الإدارية
هي المرافق التي تعنى بمهام تقليدية إداري و التي تأسست عليها نظرية المرفق العام كأساس للقانون الإداري وينصب جل نشاطها على وظائف الدولة المتعلقة عموما بالمهام الرئيسية للدولة و هي خاضعة لقواعد القانون العمومي لا سيما منها قواعد القانون الإداري.

المرافق العمومية الاقتصادية:
إلى جانب المرافق الإدارية التقليدية المتصلة بالوظائف الأساسية للدولة، ظهرت أعقاب الحرب العالمية الأولى نتيجة لاعتماد سياسة الاقتصاد الموجه مرافق عمومية اقتصادية ذات صبغة صناعية و تجارية، تخضع بالأساس إلى قواعد القانون الخاص والى اختصاص القاضي العادي.

المبحث الثاني: الأحكام القانونية لتسيير المرفق العام في الجزائر

نظرا لتنوع المرافق العمومية و تعددها، فانه من الطبيعي أن تختلف تبعا لذلك طرق تسييرها، و من خلال هذه الدراسة سنتناول أهم الطرق المتبعة في تسيير المرفق العمومي في الجزائر من الفترة الممتدة من الاستقلال إلى غاية يومنا هذا.

المطلب الأول: تسيير المرفق العمومي بواسطة أشخاص القانون العام

الفرع الأول: الاستغلال المباشر

يعد أسلوب الإدارة المباشرة أهم أساليب تسيير المرافق العمومية، إذ يطبق على كامل المرافق التابعة للدولة و تتميز هذه الطريقة بان تتولى المجموعات العمومية الإقليمية مباشرة بواسطة أعوانها و أموالها، إدارة المرفق العمومي الذي أنشأته.

الفرع الثاني: المؤسسة العمومية

يعد أسلوب المؤسسة العمومية أكثر الأساليب استخداما في إدارة المرافق العامة، وقد لجأت إليها معظم الدول و منها الجزائر، نظرا لما يوفره من مزايا في تصريف شؤون المرافق العامة، لذا يكون من الضروري تحديد مفهوم المؤسسة العمومية.

تعريف المؤسسة العمومية:
هي عبارة عن شخص عمومي معنوي الهدف من إنشائها هو التسيير المستقل لمرافق عمومية تابعة للدولة أو إحدى مجموعاتها الإقليمية.

أنواع المؤسسات العمومية:
إن المؤسسات العمومية تنقسم إلى نوعين: المؤسسة العمومية الإدارية و المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية.

2-1- المؤسسة العمومية الإدارية:

المؤسسات العمومية الإدارية هي المؤسسات التي تمارس نشاطا ذا طبيعة إدارية محضة، و تتخذها الدولة و الجماعات الإقليمية كوسيلة لإدارة مرافقها العمومية الإدارية، و تتمتع المؤسسة العمومية بالشخصية المعنوية، وتخضع لقواعد القانون العام و القضاء الإداري، ومن أهم امتيازات التي تتمتع بها المؤسسة العمومية الإدارية امتياز السلطة العامة أي لها الحق في اتخاذ القرارات الإدارية.

2-2- المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية:

يمكن تعريف المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية، بأنها المرفق التي يكون موضوع نشاطها تجاريا و صناعيا مماثل للنشاط الذي تتولاه الذي تتولاه الأشخاص الخاصة، وتتخذها الدولة و الجماعات الإقليمية أحيانا كوسيلة لإدارة مرافقها ذات الطابع الصناعي و التجاري، و هي تخضع لكلا القانونين العام و الخاص كلا في نطاقه.

2-3- الفرق بين المؤسسة العمومية الإدارية و المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية:

سنحاول باختصار ذكر أهم الفروق في النقاط التالية:

من حيث القانون المطبق: تخضع المؤسسة العمومية الإدارية و فقط إلى قواعد القانون العام و نعني بذلك قواعد القانون الإداري سواء في معاملاتها الإدارية أو التجارية، في حين إن القانون المطبق على المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية هي قواعد القانون المختلط أي أنها تخضع من حيث التنظيم لقواعد القانون العام عموما و بشكل خاص لقواعد القانون الخاص مع الغير و ذلك كما سبق ذكره في حدود نطاق محدد.
من حيث تنظيم الموارد البشرية: تخضع المؤسسة العمومية الإدارية بكافة منظومتها من رؤساء و مرؤوسين و عمال لقواعد قانون الوظيفة العامة في تنظيم مواردها البشرية و المسار التنظيمي و المهني لموظفيها، في حين أن المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية فتخضع في تنظيم علاقات إدارة موردها البشرية لقواعد قانون العمل.
من حيث المهام: تسند للمؤسسة العمومية الإدارية عموما مهام تقليدية كلاسيكية يغلب عليها الطابع السيادي كون أن الدولة متدخلة و حارسة في نفس الوقت و بالتالي فتوكل المهام الأساسية للأجهزة التي تقوم هي بإنشائها، في حين أن المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية فتوكل لها غالبا مهام تقنية و متخصصة، وهي تخضع من حيث تأسيها لقوانين خاصة ذات طبيعة تعاقدية.
من حيث الهدف: لا تهدف المؤسسة العمومية الإدارية عموما لتحقيق الربح حال تأدية مهامها، في حين أن الهدف من إنشاء المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية هو خلق المنافسة مع القطاع الخاص من خلال تحقيق الربح و المرابحة.
من حيث التمويل: تمول المؤسسة العمومية الإدارية عن طريق الإعانات التي تخصصها الدولة من خلال الميزانية السنوية كل رأس سنة كون أن هذا النوع من المؤسسات لا يهدف لتحقيق الربح و أن المهام الموكلة إليه تدخل ضمن المهام السيادية للدولة.
من حيث القضاء المختص: باعتبار أن المؤسسة العمومية الإدارية تخضع لقواعد القانون الإداري، فانه من المنطقي أن يختص القضاء الإداري في النظر في المنازعات المرفوعة أمامه و التي تكون الدولة أو احد الجماعات الإقليمية طرفا فيها، في حين أن القضاء العادي هو المختص في النظر في المنازعات المرفوعة ضد المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية.
من حيث تطبيق قواعد المحاسبة: تخضع المؤسسة العمومية الإدارية لقواعد المحاسبة العمومية باعتبار أنها تعتمد على إعانات الدولة، و عليه فوجب مرافقتها عن طريق آلية عمومية قانونية لمراقبة المال العام و ترشيده، كالمحاسب العمومي و المراقب المالي، في حين أن المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية تخضع لقواعد المحاسبة الخاصة و لتقارير الحصيلة المالية و الأدبية السنوية و لمحافظ الحسابات.
من حيث أجهزة التسيير: تعكف الدولة حين إنشائها للمؤسسة العمومية الإدارية على وضع شخص مسير يعين وفق لقواعد القانون العام و يخضع له أو عن طريق تسيير بموجب مجلس توجيه، في حين أن المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية تسير عن طريق قواعد القانون الخاص إما عن طريق مجلس المساهمة أو عن طريق مجلس المدراء أو عن طريق مجلس الإدارة.
المطلب الثاني: تسيير المرفق العام من طرف أشخاص القانون الخاص

الفرع الأول: امتياز المرفق العام

تعريف عقد الامتيــاز
هو عقد أو اتفاق تكلف الإدارة المانحة فيه سواء كانت دولة أو احد أشخاص الجماعات المحلية بموجبه شخصا طبيعيا فردا كان أو شخصا معنويا من القانون العام أو من القانون الخاص و يسمى صاحب الامتياز، بتسيير و استغلال مرفق عمومي لمدة محددة، و يقوم صاحب الامتياز بإدارة هذا المرفق مستخدما عماله و أمواله و متحملا المسؤولية الناجمة عن ذلك و في مقابل القيام بهذه الخدمة أي تسيير المرفق العام يتقاضى صاحب الامتياز مقابل مالي يحدد في العقد، يدفعه المنتفعين بخدمات المرفق.

النظام القانوني لعقد الامتياز:
إن الالتزام الرئيسي في عقد الامتياز هو تأمين سير المرفق بما يخدم المصلحة العامة فيجب أن يقوم بالاستغلال بنفسه، فلا يجوز له التنازل عن الحقوق و الالتزامات المترتبة عن الامتياز للغير إلا بإذن من السلطة العمومية المانحة للامتياز.

كما انه يشترط في صاحب الامتياز، احترام القواعد الأساسية التي تحكم سير المرافق العمومية و هي السهر على استمرارية المرفق العام و المساواة في المعاملة بين المرتفقين و قابلية المرفق للتكيف، كما يجب على صاحب الامتياز، الامتثال للمراقبة التقنية والمالية الدورية التي يقوم بها مانح الامتياز.

في حين أن لصاحب الامتياز جملة من الحقوق، كحق التحصيل المالي و التوازن المالي باستعمال بعض امتيازات السلطة العامة.

نهاية عقد الامتياز:
باعتبار أن عقد امتياز المرفق العام من العقود الإدارية التي تبرمها الإدارة مع احد أشخاص القانون العام أو الخاص، فان كيفيات إنهاء هذه التعاقدات يتم إما عن طريق الانتهاء العادي للعقد، أو عن طريق الفسخ سواءا الإرادي أو القضائي، أو بسبب ارتكاب أخطاء جسيمة أو بسبب التنازل، و بهذا يكون للادراة الحق في استرجاع المرفق.

الفرع الثاني: الإيـــــجـــار

يتمثل عقد التأجير في الأسلوب الذي يؤجر بمقتضاه شخص عمومي إلى أجير استغلال مرفقا من المرافق العمومية لمدة محددة في مقابل مبلغ مالي يدفع مسبقا من المتعاقد الذي يحتفظ بالربح الذي يوفره الاستغلال.

بالإضافة إلى ما سبق ذكره من طرق و أساليب لتسيير المرفق العام، فانه توجد كذلك طرق أخرى : كطريقة التسيير عن طريق التجمعات و النقابات المهنية، بالإضافة لطريقة المقاولة العمومية، و الغالب على هذه الطرق أنها كانت سائدة في زمن مضى و لا تتماشى مع التطورات الحاصلة على مستوى المرفق العمومي.

خلاصـــــة الفصل الأول:

سنحاول من خلال ما تم ذكره في الفصل الأول بإبراز أوجه التفرقة بين مختلف الأنماط التسيرية الخاصة بالمرفق العمومي في الجزائر من خلال الجدول الآتي :

InconvénientsAvantagesCaractéristiquesMode de Gestion
Gestion directe
.absence de maitrise des couts..Lourdeur du statut du personnel.

.Rigidité de la comptabilité publique

 

.Maitrise  municipale de la décision..garantie d’application du choix politique.

 

Administration directe par la communeRégie directe
Les même que pour la régie directe mais un peu atténués.Les même que pour la régie directe.Administration directe mais existence d’un budget annexe et d’organes de gestion distincts.Régie autonome
Grande lourdeur dans le fonctionnement..moyens de gestion autonomes..existence d’une comptabilité commerciale.Véritable établissement public sous contrôle de la collectivité.Régie personnalisée
Gestion déléguée
Contrôle réduit de la collectivité sur le mode fonctionnement du service.La collectivité n’apporte aucun moyen financier ni à l’investissement ni au fonctionnement.L’entreprise prend a sa charge la totalité du serviceConcession
L’investissement revient cher à la collectivitéLa durée du contrat est plus courte et garantit a la collectivité un meilleur contrôle sur le fonctionnement.La collectivité assure les frais de construction et d’extension.Le fonctionnement et les risques sont à la charge du délégataire.Affermage
L’investissement et le risque financier reposent sur la collectivité.La collectivité a la responsabilité du service.Le gérant est plus motivé par le système de paiementLa collectivité assure l’investissement et la responsabilité financière du service.Le régisseur le fait fonctionner moyennant une rémunération.

 

Régie intéressée

                    

                       الفصل الثاني: أحكام المرفق العام الرياضي
المبحث الأول: ماهية المرفق العام الرياضي

المطلب الأول: مفهوم المرفق العام الرياضي

لقد عكفت الدولة الجزائرية من خلال وزارة الشباب و الرياضة على تجسيد السياسة الوطنية للرياضة التي سطرتها منذ الاستقلال و إلى غاية اليوم و التي ترمي لنشر الممارسة البدنية و الرياضية في أوساط المجتمع و التشجيع على بذل العناية في إطار الممارسة التنافسية و النخبوية، و نتيجة لذلك استوجب توفير كافة الوسائل و الإمكانات المادية و البشرية لتجسيد هذه السياسة من خلال إيجاد و إنشاء منشآت و مؤسسات رياضية تعنى بمجابهة الحاجات و الاحتياجات الخاصة بهذه الشريحة عن طريق تنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية كلا في اختصاصه.

الفرع الأول: تعريف المرفق العام الرياضي

باعتبار أن المرفق العام الرياضي هو جزء لا يتجزأ عن المرفق العام عموما، فان تعريفه لا يختلف عن التعريف السابق، و” هو نشاط الذي تقوم به السلطة العمومية تجاه مواطنيها بصفة مباشرة و غير مباشرة و تحت رقابتها، بهدف تحقيق المصلحة العامة المتمثلة في النشاط البدني و الرياضي وتحقيقا للسياسة القطاعية المسطرة من طرف وزارة الشباب و الرياضة”.

و المعروف أن المرفق العام الرياضي في مجمله عبارة عن هياكل و منشآت عمومية قاعدية عامة منها و متخصصة موجهة لممارسة النشاطات البدنية و الرياضية، تهتم الدولة عن قرب بإنشائها و تسعى إلى وضع القواعد التي من شأنها التوفيق بين ما يلزم من حرية لتمكين منشآتها من التصرف في شؤونها على الوجه الأفضل و ما يلزم من رقابة للحفاظ عليها باعتبارها تدخل في إطار المصلحة العامة و الأملاك الوطنية للدولة.

الفرع الثاني: تعريف الهياكل و المنشآت الرياضية العامة و الأحكام القانونية المتعلقة بها

وفقا لنص المادة 02 من الأمر رقم 95/24[6] الموافق 25 سبتمبر 1995 المتعلق بحماية الأملاك العمومية و أمن الأشخاص فيها بأنها:” أملاك عمومية في مفهوم هذا الأمر، المنشآت الأساسية و التركيبات و المنشآت الكبرى و الوسائل و الممتلكات العمومية المنقولة و العقارية التي تستغل في إطار الأنشطة الرياضية و البدنية”.
المادة 01 من المرسوم التنفيذي رقم 91/416 الموافق 2 نوفمبر 1991 المتعلق بشروط إحداث المنشآت الرياضية و استغلالها:” تعتبر منشأة رياضية بمفهوم هذا المرسوم كل منشأة مفتوحة للجمهور و معدة للممارسات البدنية و الرياضية.
المادة 151 من قانون 13/05 الموافق 23 يونيو 2013 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها: تنص على أن الدولة هي صاحبة الاختصاص السيادي و الأصيل فيما يخص إنشاء و تمويل المنشآت و الهياكل القاعدية الرياضية، وانه تعتبر منشأة رياضية إذا ما تم إنشاءها وفقا للمواصفات التقنية المحددة سلفا من خلال اللجان التقنية المعدة لهذا الغرض.
أنواع المنشآت و الهياكل الرياضية العامة: تقسم هذه المنشآت و الهياكل الرياضية الرياضية إلى:
– المنشآت الرياضية المخصصة للأحداث الرياضية الكبرى.

– المنشآت الرياضية الجماهيرية.

– المنشآت الرياضية الخاصة الطبيعية.

– المنشآت الرياضية المساندة.

5- خصائص المنشآت و الهياكل الرياضية العامة: تتميز هذه المنشآت و الهياكل بجملة من الخصائص و المميزات أهمها:

– غير قابلة للتقادم

– غير قابلة للحجز

– غير قابلة للتنازل

6- أما عن كيفيات إنشاء هذه الهياكل و المنشآت العمومية الرياضية العامة فتخضع لما جاء في المرسوم التنفيذي 91/416[7] الموافق 2 نوفمبر1991، المحدد لشروط إحداث المنشآت الرياضية و استغلالها، و القرار المؤرخ في 26 يناير 1997[8] المحدد لدفتر الأعباء المتضمن الشروط العامة لإنشاء المنشآت الرياضية و استغلالها.

المطلب الثاني: الأحكام الخاصة بالإدارة الرياضية في إطار المرفق العام الرياضي

باعتبار أن الدولة هي صاحبة الاختصاص فيما يخص إنشاء و انجاز مختلف الهياكل و المنشآت الرياضية العمومية و نظرا لخصوصيتها، فان الأمر يتطلب توفير مختلف الإمكانات المادية و البشرية في إطار مؤسساتي تعنى بتسيير و تنشيط هذه الهياكل و المنشآت الرياضية في إطار تفويض المنفعة العامة والصالح العام.

وعليه بناءا على ما جاء في نص المادة 149 وما يليها من قانون 13/05 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها، فان الدولة و الجماعات المحلية و بالعلاقة مع مؤسساتها الرياضية المختلفة و الموضوعة لهذا الشأن تسهر على انجاز و تهيئة الهياكل و المنشآت الرياضية العمومية وفقا لتكييف يخضع لمختلف أشكال الأنشطة البدنية و الرياضية و وفقا للخريطة الوطنية للتطوير الرياضي و في إطار المخطط التوجيهي للرياضة و التجهيزات الرياضية الكبرى.

و في هذا الصدد جاء قانون 13/05 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها على ذكر أهم الهيئات و المؤسسات العمومية و الخاصة التي تعنى بتسيير المرفق العام الرياضي بما يتوافق و خصوصية الخدمة العمومية المقدمة و هي على النحو الآتــــي:

أولا- الهيئات العمومية التي تسير الأنشطة البدنية و الرياضية:

تنقسم هذه الهيئات العمومية إلى ثلاثة أهمها:

الأجهزة الاستشارية: جاءت على ذكرها المادة 110 من قانون 13/05 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها وهي كالآتي:
– المرصد الوطني للرياضة المادة 111

– اللجنة الوطنية لرياضة النخبة و المستوى العالي المادة 112

– اللجنة المنهجية و العلمية الوطنية للرياضة المادة 113

2- الأجهزة التنفيذية: نجدها تتكون من :

– المجلس البلدي للرياضة المادة 115

– اللجنة الوطنية التنفيذية للوقاية من العنف داخل المنشآت الرياضية

3- هياكل الدعم: نصت عليها المادة 117 من قانون 13/05 و هي مؤسسات و هيئات موضوعة محصورة تحت وصاية الوزير المكلف بالرياضة، و تأخذ في تنظيمها شكل المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري، أو مؤسسة العمومية ذات طابع صناعي و تجاري.

ثانيا- الهيئات الخاصة بتسيير الأنشطة البدنية و الرياضية:

تنقسم هذه الهيئات إلى:

هياكل الحركة الوطنية الرياضية: أو هي ما يعرف و فقا للمادة 70من قانون13/05 بهياكل التنظيم و التنشيط الرياضيين، و قد جاءت المادة 71 على ذكر هذه الهياكل كمايلي:
– النوادي الرياضية

– الرابطات الرياضية

– الاتحاديات الرياضية الوطنية

– اللجنة الوطنية الاولمبية

– اللجنة الوطنية شبه اولمبية

– الجمعيات الرياضية المذكورة في نصوص المواد56،49،24

– تجدر الإشارة على أن هذه الهياكل توكل لها في بعض الأحيان مهام تسيير المرفق العام الرياضي، أو أنها تقوم في إطار تفويض المنفعة العامة و الصالح العام المعترف لها به تقوم بإنشاء و تسيير مرافق عامة رياضية عمومية، إلا انه و للتذكير جل هذه الهياكل يتم إنشائها وفقا للقانون الخاص بالجمعيات 12/06 وتخضع إلى أحكامه التنظيمية من خلال التسيير الإداري و المالي، و تحت إشراف و رقابة الدولة و مؤسساتها.

المبحث الثاني: الطرق و الوسائل المستحدثة في تسير المرفق العام الرياضي

في إطار التحولات السياسية و الاقتصادية التي عشتها و تعيشها الجزائر منذ تبني النظام الرأسمالي في المنظومة الاقتصادية الوطنية، وفي ظل تزايد الحاجات العامة و ضرورة تلبيتها بطريقة فعالة و ذات نوعية خاصة ما تعلق منها بقطاع النشاط البدني و الرياضي الذي أصبح يشكل عصب حساس في ترقية الاقتصاد من خلال العائدات و الآثار المالية التي يدرها في الاقتصاديات الكبرى، أصبح من الضروري بالدولة الجزائرية إيجاد بدائل و طرق تسييرية أخرى تكفل مواكبة الحداثة و العصرنة السائدة في دول العالم، بانسحاب الدولة كمتدخلة و تحرير النشاطات العمومية و من جهة أخرى ضمان المصلحة العامة و النفع العام بمراعاة تقديم خدمة ذات نوعية و جودة عالية، فتم الاهتداء إلى طريقة جديدة في التسيير تعرف بما يسمى بتفويض المرفق العام.

المطلب الأول: تفويض المرفق العام

الفرع الأول: تعريف تفويض المرفق العام

1- التعريف الفقهي:

“هو ذلك العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام أو تنظيمه، وتظهر فيه نية الإدارة في الأخذ بأحكام القانون العام، وأية ذلك أن يتضمن العقد شروطا استثنائية و غير مألوفة في القانون الخاص و ان يخول المتعاقد مع الإدارة الاشتراك مباشرة في تسيير المرفق العام.”[9]

“هو العقد الذي يتولى من خلاله شخص من أشخاص القانون العام تسيير مرفق عام بكل مسؤوليته وبكل ما يحمله التسيير من أرباح و خسائر لشخص آخر بمقابل مالي متعلق مباشرة بنتائج استغلال المرفق و يتحمل بذلك كل المنشآت و الهياكل و التجهيزات الضرورية التي تسمح له بالاستغلال الأمثل و التسيير العادي للمرفق.”[10]

التعريف القانوني:
لقد جاء المرسوم الرئاسي رقم 15-247 الموافق 16 سبتمبر 2015 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات الرفق العام، بتعريف تفويض المرفق العام في معرض الباب الثاني الخاص بالأحكام المطبقة على تفويضات المرفق العام، حيث نصت المادة 207 منه على انه ” يمكن للشخص المعنوي الخاضع للقانون العام المسؤول عن مرفق عام، أن يقوم بتفويض تسييره إلى مفوض له، وذلك ما لم يوجد حكم تشريعي مخالف و يتم التكفل بأجر المفوض له بصفة أساسية من استغلال المرفق العام.

وتقوم السلطة المفوضة التي تتصرف لحساب شخص معنوي خاضع للقانون العام بتفويض تسيير المرفق العام بموجب اتفاقية.

وبهذه الصفة يمكن السلطة المفوضة أن تعهد للمفوض له انجاز منشآت أو اقتناء ممتلكات ضرورية لسير عمل المرفق العام.

تحدد كيفيات تطبيق أحكام هذا الباب بموجب مرسوم تنفيذي.

الفرع الثاني: شروط تفويض المرفق العام[11]

يشترط في تفويض المرفق العام جملة من الشروط أهمها:

أن يكون احد طرفي العقد جهة إدارية عامة
أن يرتبط و يتصل العقد بمرفق عام من حيث إدارته و تسييره و استغلاله
اعتماد و إتباع وسائل القانون العام في إبرام العقد و تنفيذه بحيث يتضمن العقد شروطا استثنائية و غير مألوفة في عقود القانون الخاص
وجود مانح للتفويض و صاحب التفويض و هما السلطة العامة و القطاع الخاص
التوازن المالي و مدى ارتباطه بالقدرة التشغيلية للمرفق العام
تواجد الرقابة على صاحب التفويض
الفرع الثالث: طرق التفويض في المرفق العام الرياضي

إن التشريعات المتعاقبة التي شهدتها الجزائر و التحولات الجديدة التي يعرفها المرفق العام الرياضي، خاصة لما جاء به قانون 13/05 المتعلق بالأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها و النصوص التنظيمية و التطبيقية المرافقة له، قد تقرر الانسحاب التدريجي للدولة كمتدخلة في النشاط البدني و الرياضي خاصة في مجال إنشاء الهياكل و المنشآت القاعدية الرياضية و استغلالها و استعمالها بالإضافة للتمويل العمومي لها إلى فتح الباب أمام تفويض تسيير المرفق العام الرياضي في وجه الأشخاص الطبيعية و المعنوية العامة و الخاصة سواء عن طريق مشاطرة الاستغلال أو تشجيع التمويل أو حتى الاستثمار الخاص في هذا المجال، و في هذا الصدد سنحاول التطرق لأساليب تفويض المرفق العام الرياضي في الجزائر وفقا للقوانين المعمول بها.

أولا: وفقا للمرسوم الرئاسي15-247[12] المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام

لقد نصت المادة210 من هذا المرسوم بشكل عام على أن تفويض المرفق العام قد يأخذ عدة وضعيات و هذا حسب مستوى التفويض و الخطر الذي يتحمله المفوض و مدى رقابة السلطة المفوضة، شكل الامتياز، أو الإيجار، أو الوكالة المحفزة أو التسيير.

كما يمكن أن يأخذ تفويض المرفق العام أشكالا أخرى غير تلك التي سنأتي على ذكرها فيما بعد وفق الشروط و الكيفيات المحددة عن طريق التنظيم و هو الأمر الذي يخص المرفق العام الرياضي و خصوصيته.

الامتياز: تعهد السلطة المفوضة للمفوض له بتسيير مرفق عام وصيانته، مقابل إتاوة سنوية يدفعها لها و يتصرف المفوض له حينئذ لحسابه و على مسؤوليته.
تمول السلطة المفوضة بنفسها إقامة المرفق العام و يدفع أجر المفوض له من خلال تحصيل الأتاوى من مستعملي المرفق العام.

الوكالة المحفزة: تعهد السلطة المفوضة للمفوض له بتسيير أو بتسيير و صيانة المرفق العام، ويقوم المفوض له باستغلال المرفق العام لحساب السلطة المفوضة التي تمول بنفسها إقامة المرفق العام و تحتفظ بإدارته
و يدفع اجر المفوض له مباشرة من السلطة المفوضة بواسطة منحة تحدد بنسبة مئوية من رقم الأعمال تضاف إليها منحة إنتاجية و حصة من الأرباح، عند الاقتضاء.

تحدد السلطة المفوضة بالاشتراك مع المفوض له، التعريفات التي يدفعها مستعملو المرفق العام ويحصل المفوض له التعريفات لحساب السلطة المفوضة المعنية.

التسيير: تعهد السلطة المفوضة، بالاشتراك مع المفوض للمفوض له، بتسيير أو بتسيير وصيانة الرفق العام ويستغل المفوض له المرفق العام لحساب السلطة المفوضة التي تمول بنفسها المرفق العام و تحتفظ بإدارته.
و يدفع اجر المفوض له مباشرة من السلطة المفوضة بواسطة منحة تحدد بنسبة مئوية من رقم الأعمال تضاف إليها منحة إنتاجية.

تحدد السلطة المفوضة التعريفات التي يدفعها مستعملو المرفق العام و تحتفظ بالأرباح، وفي حالة العجز، فان السلطة المفوضة تعوض ذلك للمسير الذي يتقاضى أجرا جزافيا و يحصل المفوض له التعريفات لحساب السلطة المفوضة المعنية.

ثانيا: وفقا للمرسوم التنفيذي 91-419[13] المتضمن التنازل عن المنشآت الرياضية

ينص هذا المرسوم على أن تفويض المرفق العام الرياضي يكون عن طريق اتفاقية لصالح هيكل أو عدة هياكل الخاصة بالتنظيم و التنشيط الخاصة بالنشاط البدني و الرياضي، و يعهد فيه التنازل على استغلال المنشآت و الهياكل الرياضية لشخص معنوي أو مالك المرفق العام الرياضي من جهة و رئيس أو رؤساء الهياكل الرياضية المتنازل لها باستغلال هذه المرافق العام الرياضية وفقا لما يحتويه دفتر الشروط مرافق لموضوع الاتفاقية و هو ما يعد احد صور الامتياز بمواصفات خاصة تراعي خصوصية و نوع المرفق الرياضي.

المطلب الثاني: المناجمنت العمومي الحديث

أمام العجز الإداري و المالي الذي أصبحت تعاني منه المؤسسات على اختلاف أشكالها من خلال انتهاج ما سبق ذكره من طرق و أساليب في التسيير، أصبح من الضروري البحث عن بدائل و سبل أخرى تكفل التسيير العقلاني للمرافق و الموارد العمومية من خلال ترشيد النفقات العمومية و تخفيض الأعباء و التكاليف بمقابل تقديم خدمات أفضل و ذات جودة و نوعية للمواطنين، و لبلوغ الأهداف أصبح جليا أمام الدولة و مؤسستها اقتراح تطبيق أسلوب يتماشى و الحداثة و يضمن بلوغ الأهداف فكان الاقتراح هو نقل الوسائل المطبقة في القطاع العمومي الاقتصادي الخاص و الأساليب المستعملة فيه إلى الإدارة العمومية القائمة على إدارة و استغلال و تسيير المرفق العام عموما و المرفق العام الرياضي خصوصا وهذا عن طريق ما يعرف بالمناجمنت العمومي الحديث.

الفرع الأول: التعريف الفقهي للمناجمنت[14]

لقد قام الفقيه فريدريك تايلور بتعريف المناجمت على انه”معرفة بالضبط ماذا تريد ثم تتأكد من أن الأفراد يؤدنه بأفضل طريقة ممكنة و بأقل تكلفة “.

أما الفقيه هنري فايول فعرف المناجمنت على » أنها إمكانية التنبؤ و تخطيط و التنظيم و إصدار الأوامر و التنسيق و المراقبة « .

أما التعريف الذي يتفق عليه غالبية الفقهاء فهو »أن المناجمنت هو عملية مركبة من مجموع العمليات )تنبؤ و تخطيط و تنظيم و قيادة و توجيه وتنسيق و رقابة( و هذا بغية وصول الأهداف المسطرة من المنظمة بأقل تكلفة ممكنة عن طريق استخدام الأمثل و الأنجع لكافة الموارد المتاحة«.

الفرع الثاني: الوظائف الأساسية المكونة لعملية التسيير )المناجمـــنت (

التخطيط: هو التقرير سلفا بما يجب عمله، و كيف يتم و متى و من الذي سيقوم به.
التنظيم: هو إمداد المؤسسة بكل ما يساعدها على تأدية وظيفتها.
التنسيق: هو العملية التي من خلالها يمكن للرئيس وضع ترتيب ينظم الجهد الجماعي لمرءوسيه و يضمن وحدة العمل في سبيل الوصول إلى الأهداف المسطرة و المشتركة.
القيادة: هي القيام بنشاط التأثير على الناس لكي يعملوا برغبتهم على تحقيق الأهداف المرغوبة.
الفرع الثالث: المبادئ الأساسية في التسيير

من اجل التطبيق الفعال للمناجمنت العمومي الحديث وجب التطرق لأهم المبادئ و الركائز الأساسية التي تدخل في ضمان التسيير الحديث و الفعال في المرفق العمومي و أهم هذه المبادئ نجد:

الشفافية
المشاركة
الشراكة
الكفاءة و الفعالية
الفرع الرابع: المسير و وظائفه

يعتمد المناجمنت الحديث بصورة كبيرة على المورد البشري في تحقيق الأهداف التي يسمو لها، لذا فهو يرى فيها ضرورة و وجوب توفر صفات القائد في الشخص الذي يقود المنظمة، و أهم هذه الصفات سنأتي على ذكرها كمايلي:

أن يكون يتمتع بروح التخطيط و التنبؤ للمستقبل.
أن يكون قادرا على تحقيق الأهداف.
القدرة على التحليل و الإقناع.
تشجيع العمل و روح المبادرة.
التمتع بروح الموضوعية و ديمقراطية الرأي.
الالتزام بالنزاهة و الشفافية.
الذكاء و سرعة البديهة.
روح التواصل و الاتصال داخل و خارج التنظيم.

الخاتـــــــــمة:

تأسيسا على ما سبق ذكره و في ختام هذه الدراسة التي تتناول موضوع المرفق العام الرياضي، يمكن القول على انه عموما لا يمكن للدولة أن تتخلى عن بعض الخدمات خاصة ما تعلق منها بالنشاط البدني و الرياضي و تفويضها وهذا راجع أساسا لخصوصية هذه الخدمة، لكن فانه بالمقابل وجب إدخال و إجراء تعديلات و إصلاحات معمقة فيما يخص التقنيات و الأساليب التسييرية المستخدمة حاليا، خاصة مع ثبوت عدم نجاعتها و قدمها و هذا بغية تثمين استقلاليتها و إعادة هيكلتها هيكلة جذرية تتوافق و الوضع الحالي المعاش خاصة ما تعلق منه بالجانب الاقتصادي و ما يمكن للمرفق العام الرياضي تقديمه في الشق الاقتصادي باعتباره احد الأسس الحالية في ازدهار و رفاهية اقتصاديات الدول الكبرى.

و في هذا الصدد يمكن لنا أن نقدم بعض من التوصيات و الاقتراحات التي نرى أنها يمكن أن تقدم الإضافة:

– إثراء المنظومة التشريعية في المجال الرياضي خاصة التي تهتم منها بالمرفق العام الرياضي و تنظيمه.

– الاهتمام بمجال التسيير و الإدارة الرياضية بما يخدم المرفق العام الرياضي و يساعد في تطويره.

– إيجاد البدائل و الطرق التي من شأنها أن تكفل تسيير عالي و ذات جودة للمرفق العام الرياضي بأهداف مسطرة.

– تفعيل أجهزة الرقابة الإدارية و المالية الموضوعة خارج قطاع الشباب و الرياضة و إخضاع المرفق العام الرياضي لها بصورة دورية.

– تشجيع الدراسات و البحوث و تنظيم المؤتمرات و الأيام الدراسية التي تتناول سبل تطوير المرفق العام الرياضي.

قــــــــائمة المراجع:
النصوص القانونية:

قانون 13- 05 الموافق 23 يناير 2013 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها.
المرسوم الرئاسي15-247 الموافق 16 سبتمبر 2015 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام.
المرسوم تنفيذي رقم 91-416 المؤرخ في 02 نوفمبر 1991 المحدد لشروط إحداث المنشأة الرياضية و استغلالها.
امر95- 24 الموافق 25 سبتمبر 1995 المتعلق بحماية الأملاك العمومية و امن الأشخاص فيها.
المرسوم تنفيذي رقم 91-419 مؤرخ في 02 نوفمبر 1991 المتعلق بالتنازل عن المنشآت الرياضية.
المؤلفــــات:

احمد محيو، محاضرات في المؤسسات الإدارية، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1986.
جنيح محمد رضا، القانون الإداري، الطبعة الثانية، مركز النشر الجامعي، سوسة،2008.
ناصر لباد، الأساسي في القانون الإداري، الطبعة الأولى، دار المجدد للنشر و التوزيع، الجزائر.
عوابدي عمار، دروس في القانون الإداري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2000.

ناصر لباد، الأساسي في القانون الإداري، الطبعة الأولى، دار المجدد للنشر و التوزيع، ص142، الجزائر. .1

محمد رضا جنيح، القانون الإداري، الطبعة الثانية، مركز النشر الجامعي، ص283، سوسة، 2008.. 2

3.محمد رضا جنيح، المرجع السابق،ص 284.

4.ناصر لباد، المرجع السابق، ص 150.

5.ناصر لباد، المرجع السابق، ص 152 وما يليها.

الجريدة الرسمية رقم 55.
7.الجريدة الرسمية رقم 54.

الجريدة الرسمية رقم 70.

عمار عوابدي، دروس في القانون الاداري، ديوان المطبوعات الجامعية، ص 246، الجزائر،2000..9

[10] Pierre Delvolve. Droit public de l’économie .page 608. Dalloz . paris.1998.

عمار عوابدي، المرجع السابق، ص 246..11

الجريدة الرسمية رقم 50.12

الجريدة الرسمية رقم 54..13

[14] Bernrath.W. Le nouveau management public. Bruxelles. Revue OSF. P91. 1998.