دراسة قانونية تشرح مفهوم الحق في الحياة وفقاً للدستور

حق الحياة: المفهوم والتهديد

الدكتور المساعد علي عيد حمد ، أستاذ بقسم العلاقات الدولية والدبلوماسية

جامعة جيهان أربيل، إقليم كوردستان العراق

ملخص
يعرف الحق لغةً بأنّه اللزوم، والثبات، والوجوب، ونقيض الباطل، وقد ورد في القرآن الكريم والسنّة النبويّة بمعانٍ كثيرة، وللإنسان حقوق كثيرة في الشرع والقانون، من بينها الحق في الحياة، حيث تعد الحياة من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، والحق هنا في إطار حقوق الإنسان المعلنة هو حق طبيعي، لا دخل للدولة أو أي جهة أخرى في منحه للإنسان، شأنه شأن الحقوق الطبيعية الأخرى بل هو الأزل عليها .

كما أن تهديد هذا الحق يُعد تهديد لجميع الحقوق الأخرى، وان الحروب، واستخدامات أسلحة الدمار الشاملة، والتهاون في صيانة وحماية البيئة، وانتشار ظاهرة الإرهاب دون جهود دولية كافية لمواجهتها هي تهديدات لا يمكن السكون عنها، ولا بد من وجود إستراتيجية عالمية لحماية هذا الحق بدأ من حماية حق المولود والطفل والمرأة .

Abstract

The truth defines language as necessity, stability, necessity, and the opposite of falsehood. It has been mentioned in the Qur’an and the Sunna in many ways, and man has many rights in law and law, including the right to life, where life is one of the greatest blessings that God has granted to man, The right here, within the framework of the declared human rights, is a natural right, which is not vested in the State or any other body in granting it to human beings.

The threat of this right is a threat to all other rights, and wars, the use of weapons of mass destruction, negligence in the maintenance and protection of the environment and the spread of the phenomenon of terrorism without sufficient international efforts to confront them are insurmountable threats. From the protection of the right of the child, child and woman.

مقدمة

يعرف الحق لغةً بأنّه اللزوم، والثبات، والوجوب، ونقيض الباطل، وقد ورد في القرآن الكريم والسنّة النبويّة بمعانٍ كثيرة، وللإنسان حقوق كثيرة في الشرع والقانون، من بينها الحق في الحياة، حيث تعد الحياة من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، والحق هنا في اطار حقوق الإنسان المعلنة هو حق طبيعي، لا دخل للدولة أو أي جهة اخرى في منحه للإنسان، شأمه شأن الحقوق الطبيعية الاخرى بل هو الازل عليها .

كما ان تهديد هذا الحق يُعد تهديد لجميع الحقوق الاخرى، وان الحروب، واستخدامات اسلحة الدمار الشاملة، والتهاون في صيانة وحماية البيئة، وانتشار ظاهرة الارهاب دون جهود دولية كافية لمواجهتها هي تهديدات لا يمكن السكون عنها، ولا بد من وجود استراتيجية عالمية لحماية هذا الحق بدأ من حماية حق المولود والطفل والمرأة .

ويخضع هذا الحق لأمرين، وهما:أنّ الله تعالى هو الذي أعطى الإنسان الحياة، حيث جعله فرداً حيّاً، كما أنّه طلب من الإنسان المحافظة على حياته حتّى يستردّها منه عند الموت، لهذا جاءت الشريعة الإسلاميّة بالعديد من الأحكام التي تضمن حماية حق الحياة، وفي هذا المقال سنعرّفكم على حق الإنسان في الحياة. حق الإنسان في الحياة، ويمكن ان تعرف حقوق الإنسان بأنها المعايير الأساس التي لا يمكن للناس من دونها أن يعيشوا بكرامة كبشر، وهي أساس الحرية والعدالة والمساواة، وان من شأن احترام حقوق الإنسان ان يتيح امكان تنمية الفرد والمجتمع تنمية كاملة، وتمتد جذور تنمية حقوق الإنسان في الصراع من أجل الحرية والمساواة في كل مكان في العالم، ويوجد الأساس الذي تقوم عليه حقوق الإنسان مثل احترام حياة الإنسان وكرامته في أغلب الديانات والفلسفات.

فرضية البحث: حق الحياة لا تهدده عقوبة الاعدام فقط، بل تعددت التهديدات افقياً وعامودياً ومن ابرزها القتل العشوائي للإرهاب بكل أنواعه، تداعيات اهمال المجتمع الدولي لحماية البيئة، المديونية المرتفعة عند دول الجنوب، مشاكل نقص الغذاء والماء الصالح للشرب، تراجع الخدمات الصحية والوقائية، وانتشار الجهل وتصدع انظمة التعليم في العالم .

اشكالية البحث: انها اشكالية متأتية من صعوبة الاجابة على تساؤل مهم، وهو ( لماذا ترتفع معدلات الوفيات والقتل مع ارتفاع صيحات المطالبة بتطبيق حقوق الإنسان في عموم مناطق العالم ؟) .

منهجية البحث: تمت الاستعانة بالمنهج التاريخي والقانوني ومنهج التحليل العلمي، مع المنهج الاحصائي، ومن اجل اثبات فرضية البحث وتم تقسيم البحث إلى ثلاث مباحث، مع خاتمة تتضمن استنتاجات، وتوصيات .

المبحث الاول: حق الحياة في الاديان

قبل الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وقبل تدوين حق الحياة في نصوص القوانين الوضعية، الاديان تطرقت لحق الحياة، وهنا يجب أولا: التمييز بين الأديان ( اليهودية، المسيحية، الإسلام ) كأديان ساهمت في تأسيس الوعي بحرية الإنسان وحقه في العيش الحر الكريم، وتحريره من كل القيود، حيث أن هذه الأديان ذات المصدر الواحد، جعلت الإنسان هو مدار الكون ومناط التكريم بصفته الإنسانية، ويجب أن نفرق بين تاريخ تطبيق هذه الديانات على حياة المجتمعات، وما رافق ذلك من انحرافات عن مسار العقائد الدينية .

أ – الديانة اليهوديـة:

إنها الديانة السماوية الاولى، وقد غرست اليهودية في نفوس أتباعها اعتبارات المصلحة القومية، وقواعد العناية بالشعب ومصائره، ونادت بالجزاء على الفضيلة والعقاب على الرذيلة، هذا بالنظر إلى الديانة اليهودية في أصولها الأولى، لكن نظرا لما شابها من التحريف في نصوصها، فإن استناد اليهود إلى نصوص التوراة المحرفة وإلى ما جاء في ‘ التلمود ” الذي يعتبر شريعة بني إسرائيل العليا”، قد جعلوا من شعبهم شعب الله المختار، وفي هذا يظهر اليهود على أنهم فضلوا أنفسهم على كل شعوب الأرض[1]، وهذا يعد إقرارا منهم على عدم وجود مبدأ المساواة عندهم في منح وحماية حق الحياة، كما يعد هذا تكريسا للتمييز والتفاضل بين البشر، الذي يمثل في الحقيقة صورة من صور انتهاك حقوق الإنسان، ويزداد ذلك وضوحا من خلال إباحة الإسرائيليين قتل غيرهم، وغزوهم للشعوب الأخرى “حسب تأويلهم للكتاب المقدس “.

إن الممارسة الدينية اليهودية بهذه المفاهيم المبنية على العنصرية، لا يمكن اعتبارها ديانة سماوية، ومن ثم فهي بعيدة عن مبادئ العدل والمساواة واحترام الحقوق الطبيعية للإنسان[2].

ب – الديانة المسيحيـة:

كانت المسيحية دعوة دينية خالصة، فلم تهتم بنظام الحكم الذي تفضله، فاكتفت بإعلان حرية العقيدة والدعوة إلى التسامح والمساواة ومحبة الإنسان لأخيه الإنسان، وكانت تهدف إلى تحقيق مثل أعلى للإنسانية معتمدة على أساس المحبة، كما هدفت إلى محاربة التعصب الديني،وأهم ما ساهمت به المسيحية في مجال حقوق الإنسان، أنها أكدت كرامة الإنسان الذي يستحق الاحترام والتقدير، باعتبار أن الله خلقه وخصه بهذه الكرامة، والأمر الآخر هو أنها جاءت بفكرة تحديد السلطة، حيث رأت أن السلطة المطلقة لا يمارسها إلا الله.

وقد انطوت المسيحية على مبدأ العدل والمساواة، وان فكرة الإخاء العام والمحبة تتضمن المساواة في الحقوق واحترام الشخصية البشرية.غير أن الممارسة المحرفة لهذه الديانة أقرت نظام الرق صراحة، الذي انسحب إلى مرحلة الديانة الاسلامية التي تخلصت منه بالتدريج بعد ربط فك قيوده بنظام احتساب المحاسن والمساوي يوم الحساب في الحياة الثانية، وشاب التطبيق الدنيوي الحياتي للديانة المسيحية بفقدان المرأة لحقوقها بسبب خضوعها كليا للرجل، وكذلك انعكس ذلك على وظاهر الحياة في الديانة الاسلامية.

المسيحية رسمت حدوداً فاصلة بين ما هو ديني وما هو دنيوي، من أجل تنظيم المجتمع الإنساني على أسس واضحة، وخاصة فيما يتعلق بالروابط بين الفرد والسلطة (اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، لقد كانت المبادئ الأساس التي رسختها المسيحية ثورة متقدمة في مجتمع علاقاته قائمة على القوة والتمايز الطبقي، فالمسيحية كما اسلفنا دعت إلى المحبة والتسامح بأفضل اشكاله الإنسانية (احبوا اعدائكم، احسنوا إلى مبغضيكم، من ضربك على خدك الأيمن فأعرض له الايسر)[3]، كما وقفت بشدة ضد عقوبة الإعدام، وأكدت على حماية الضعفاء والمحافظة على حقوق العمال، وقد عملت المسيحية بكل قواها على وضع تشريعات قانونية تضمن حقوق الإنسان وحرياته، إذن المسيحية تنطوي على مبدأ “العدل والمساواة”، أي ان هناك واجباً نحو الكنيسة وهو الواجب الروحي وواجب نحو الدولة وهو الواجب المادي، وان الدين المسيحي قد أمر بالإلتزام المدني والديني للحصول على الحقوق والقيام بالواجبات[4].

ج – الديانة الإسلاميـة:

لقد جاء الإسلام لإقرار الحقوق والحريات العامة وكفالتها للجميع، بدون أي تمييز بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي، إن حقوق الإنسان التي يقرها الإسلام هي حقوق أزلية لا غنى عنها وتتميز بأنها منح إلهية، ولقد وفقت الشريعة الإسلامية بين النزعة الفردية والنزعة الجماعية توفيقا لا تعارض فيه، فلا إفراط في حقوق الفرد على حساب الجماعة، ولا في حقوق الجماعة على حساب حقوق الفرد .فقد اعتمد الإسلام مجموعة من المبادئ لتكوين أساس المجتمع الإنساني: المساواة، العدل، الحرية، وقد جاء في الإسلام خصوصا التركيز عل التكريم الإلهي للإنسان بجعله أساس الحياة كما جاء في القرآن ‘ ولقد كرمنا بني آدم [5]، وفي الحديث النبوي (في خطبة الوداع):”أيها الناس إن ربكم واحـد، وإن أباكم واحد، لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ” [6].

ان أحكام الشريعة الإسلامية في حماية حق الحياة اعتبار حق الحياة حقّاً مشتركاً يتمتّع به كافّة الأشخاص دون تمييز، فقد قال تعالى:(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ)[المائدة:45]، فالمسلم وغيره كلّهم سواء في إقرار حرمة الدم، وفي استحقاق الحياة، بالإضافة إلى أنّ هذا الحق يشتمل على الكبير، والصغير، وكافّة البشريّة. تحريم قتل النفس بغير حق، وذلك لقوله تعالى:(وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ) “الأنعام151″ [7].

ان اعتبار قتل أرواح الآخرين بغير وجه حق من الجرائم ضد الإنسانيّة في القانون الوضعي الحالي، ولكن سبق هذا القانون تشريع سماوي اسلامي، فقال تعالى ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)المائدة32″ .ان حماية حق الحياة، من خلال تحديد عقوبة شديدة على من يعتدي على هذا الحق، وهي عقوبة القصاص، فقال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى) “البقرة178″، تحريم قتل المسلم لأخيه الإنسان، أو قتله لنفسه. إقرار دفاع الإنسان عن نفسه عند تعرّضه لأي اعتداء، سواء كان بالدين، أو النفس، أو العقل، أو العرض، أو المال[8].

وعدّ الإسلام الاعتداء على نفس واحدة بمثابة الاعتداء على البشريّة جمعاء، قال الله تعالى:(مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) ،[9] كما لا يجوز إيذاء أي أحد بالسب والشتم والطعن في السمعة والشرف، أو الاعتداء على كل ما يخصّ الآخرين من دمٍ ومالٍ وعرض[10]. وتلبية احتياجات البدن الأساسيّة من غذاء وملبس وحمايته من الهلاك، وتقع مسؤولية توفير فرص العمل على الدولة بالإضافة إلى دورها الرقابيّ المستمر على أوضاع العمال، ووضع القوانين اللازمة وتطبيقها. حق الثقافة والعلم:حثّ الإسلام على طلب العلم ونشره بين الناس، كما جعل للعلماء منزلة عظيمة ينافسون فيها العُبّاد، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:( فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب[11] .

المبحث الثاني: حق الحياة في التشريعات الدولية

المطلب الأول: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو بيان حقوق الإنسان المقبول على أوسع نطاق في العالم. والرسالة الأساسية لذلك الإعلان هي أن لكل إنسان قيمة متأصلة. وقد اعتمدته الأمم المتحدة بالإجماع، في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948 (على الرغم من امتناع ثماني دول عن التصويت). ويحدد الإعلان الحقوق الأساسية لكل شخص في العالم بغضِّ النظر عن عنصره أو لونه أو جنسه أو دينه أو رأيه السياسي، أو أي رأي آخر، أو أصله الوطني أو الاجتماعي، أو ثروته أو مولده، أو أي وضع آخر. وينص الإعلان على أن تتعهد الحكومات بتأييد حقوق معينة، ليس فقط بالنسبة لمواطنيها، بل أيضاً بالنسبة لأشخاص في بلدان أخرى. وبعبارة أخرى،فإن الحدود الوطنية لا تمثِّل عائقاً أمام مساعدة الآخرين على التمتع بحقوقهم. ومنذ العام 1948، أصبح الإعلان العالمي هو المعيار الدولي لحقوق الإنسان. وفي العام 1993، عُقد مؤتمر عالمي ضم 171 دولة تمثل 99% من سكان العالم، وأكد المؤتمر إلتزامه من جديد بإحقاق حقوق الإنسان[12].

يمكن تصنيف الحقوق إلى ثلاث فئات:

1- الحقوق المدنية والسياسية، وتسمى أيضاً “الجيل الأول من الحقوق”، وهي مرتبطة بالحريات، وتشمل الحقوق التالية:الحق في الحياة والحرية والأمن، وعدم التعرض للتعذيب والتحرر من العبودية؛ المشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير والتفكير والضمير والدين؛ وحرية الاشتراك في الجمعيات والتجمع.

ذ2- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتسمى أيضاً “الجيل الثاني من الحقوق”، وهي مرتبطة بالأمن وتشمل:العمل والتعليم والمستوى اللائق للمعيشة، والمأكل والمأوى والرعاية الصحية.

3-الحقوق البيئية والثقافية والتنموية، وتسمى أيضاً “الجيل الثالث من الحقوق”، وتشمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير، والحق في التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية، وعندما نقول إن لكل شخص حقوقاً إنسانية، فإننا نقول، كذلك، إن على كل شخص مسؤوليات نحو احترام الحقوق الإنسانية للآخرين.

المطلب الثاني: الوضع القانوني الدولي لحق الحياة:

على الرغم من أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو الذي أوحى بالجزء الأكبر من القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنه لا يمثل في حد ذاته وثيقة لها قوة القانون. غير أن لهذا الإعلان، بصفته إعلان مبادئ عامة، قوة كبيرة في أوساط الرأي العام العالمي. وقد تُرجمت مبادئ الإعلان إلى مبادئ لها قوة قانونية في صيغة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد التزمت الحكومات التي صادقت على هذين العهدين بأن تسنَّ في بلدانها قوانين لحماية تلك الحقوق. غير أن ما يزيد على نصف بلدان العالم لم تصادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

عملياً وبشكل عالمي يعد تاريخ ديسمبر/ كانون الثاني من عام 1984 يوم أطلقت الأمم المتحدة الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، هو البداية لتبني نصوص الاعلان العالمي كمرجعية قانونية دولية، والذي تنص بنوده على مجموعة حقوق، منها:

1- تساوي الأفراد في الكرامة والحريات والحقوق، ووجوب معاملتهم لبعضهم بتكافل وتآخٍ. منع الاتّجار بالبشر أو استعبادهم. الحفاظ على كرامة الإنسان.

2- عدم تعرّضه للإهانة أو التعذيب الوحشيّ. المساواة أمام القانون، والحصول على الحماية دون أي تمييز أو تفرقة. منع سجن أي شخص أو نفيه بدون سبب.

3- الحق في الحصول على محاكمة عادلة وعلنيّة للبت في التهم الموجهة للفرد وتحديد حقوقه وواجباته. حق التنقل ومغادرة الوطن والعودة إليه، بالإضافة إلى حقه في اختيار مكان الإقامة.

4- براءة الفرد حتى ثبوت إدانته من خلال محاكمة علنية يُتاح له فيها الدفاع عن نفسه.

5- عدم إدانة الفرد بسبب القيام بعمل معين أو الامتناع عنه ما لم يخالف قانون الدولة أو القوانين العالميّة.

6- حق الفرد بالحصول على جنسيّة، وعدم جواز حرمانه منها أو منعه من تغييرها دون سبب وجيه. حق اللجوء نتيجة التعرّض للاضطهاد ما لم يقترف تهمة غير سياسيّة، أو جريمة تخالف قوانين الأمم المتحدة وأنظمتها. حرية الاعتقاد والفكر والتديُّن، بالإضافة إلى حق تغيير الديانة وممارسة الشعائر بشكل فرديّ أو جماعيّ. حق الزواج عند بلوغ كلا الطرفين السن القانونيّ وبموافقتهما التامة دون إكراه، مع تساوي حقوقهما خلال الزواج أو في حال حدوث الطلاق. حق التملّك بشكل فرديّ أو مشترك، وعدم جواز حرمان الفرد من أملاكه بشكل تعسّفي.

7- إتاحة المجال للمواطنين لإدارة شؤون الدولة بطريقة مباشرة أو من خلال ممثّلين ينوبون عن الشعب.

8- تساوي المواطنين في حق تولي الوظائف العامة. تستمد الحكومة سلطتها من إرادة الشعب التي يتم تطبيقها من خلال انتخابات نزيهة وباقتراع سريّ، وتضمن هذه الانتخابات تكافؤ الفرص بين الجميع.

9- حرية اختيار فرص العمل المناسبة ودون تمييز في الأجر، بالإضافة إلى حق الحماية من البطالة. الانضمام للنقابات بهدف تحقيق المصالح وحمايتها. تخصيص عدد معين من ساعات العمل، والحصول على أوقات راحة.

10- الوصول إلى مستوى معيشيّ يضمن حياةً كريمة للأفراد وعائلاتهم، وتوافر الاحتياجات الأساسيّة؛ كالصحة، والملبس، والسكن، والغذاء، بالإضافة إلى تأمين مصدر دخل في حال التعرض للبطالة، والمرض، والشيخوخة، وغيرها من الظروف الخارجة عن إرادة الفرد.

11- حق الأطفال في الحماية الاجتماعيّة، سواء كانوا أبناء شرعيين أو غير شرعيين. حق التعليم المجانيّ في المرحلة الأساسيّة، وأن يكون القبول في التعليم الجامعي على أساس المساواة والكفاءة، بالإضافة إلى ضرورة نشر ثقافة التعليم المهنيّ. الحصول على تربية تعزز مفهوم التسامح والاحترام والتآخي بين الشعوب، وبناء شخصية الفرد. الحق في المشاركة الثقافية والفنية والعلمية والاستفادة من نتائجها.

12- حق حماية الملكية لنتائج أعمال الفرد العلمية والفني، اي حق حماية عقل الإنسان، جوهر قيمته الحياتية .

المطلب الثالث: عقوبة الاعدام وحق الحياة:

تعتقد منظمة العفو الدولية وهو ما ضمنّته في تقريرها الصادر في مارس/آذار من العام 2010. إن عقوبة الإعدام “تشرعن” فعلاً عنيفاً على يدي الدولة لا يمكن الرجوع عنه، وهو ما تؤكده متابعتنا لهذه المسألة منذ صدور كتاب منظمة العفو الدولية سنة 1989 “ضد عقوبة الإعدام” وقد أظهرت الأبحاث أن هذه العقوبة غالباً ما تطبق بشكل ينطوي على تمييز وتستخدم بصورة غير متناسبة ضد الفقراء والأقليات وأفراد الجماعات العرقية والدينية. وغالباً ما تفرض عقوبة الإعدام إثر محاكمة جائرة ولكن حتى عندما تحترم المحاكمات المعايير الدولية العادلة، فإن خطر إعدام شخص بريء هو احتمال لا يمكن استبعاده مثلما يتضح ذلك باستمرار.

وفي الوقت الذي تنطوي فيه عقوبة الإعدام على احتمال وقوع خطأ لا يمكن إصلاحه، فإنه لم يثبت حتى الآن أن لها تأثير رادع بشكل خاص وهي تحرم الشخص من إمكانية تأهيله، وتعزز الشروط المبسَطة على المشكلات الإنسانية المعقدة، بدلاً من البحث عن حلول بناءة.

كما إنها تستهلك الموارد التي يمكن استخدامها على نحو أفضل للعمل ضد الجريمة العنيفة ومساعدة الأشخاص الذين يتضررون من جرائها.إن عقوبة الإعدام هي من أعراض ثقافة العنف، وليست حلاً لها، وهي وصمة عار على جبين الكرامة الإنسانية. وبالرغم من أن أكثر من ثلثي دول العالم قد ألغت عقوبة الإعدام في القانون أم في الممارسة، فقد سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعلى معدلات عالمية للإعدام بالنسبة لكل شخص.

وسجل العراق أعلى معدل إعدام تبعته إيران ثم سوريا، واليمن. وهذه الدول توسعت فيها ظاهرة الارهاب التي تستهدف حياة الافراد والجماعات بشكل عشوائي مضاف اليها ليبيا وافغانستان، وبورما .

وعلى الصعيد العالمي فإن الاتجاه يسير نحو ازدياد أعداد الدول التي ألغت عقوبة الإعدام إما في القانون أو في الممارسة. وتعدّ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنتي 2007 و2008 مرجعاً مهماً حيث عبرت أكثر من 100 دولة عن قلقها العميق إزاء استمرار تطبيق عقوبة الإعدام، ودعت جميع الدول التي ظلت تحتفظ بعقوبة الإعدام إلى التقيّد التدريجي لاستخدام عقوبة الإعدام وتخفيض عدد الجرائم التي يجوز فرض العقوبة على مرتكبيها. ودعت أيضاً إلى وقف تنفيذ الإعدامات بقصد إلغاء عقوبة الإعدام، وتعزيزاً لهذا الاتجاه العالمي، انعقد المؤتمر العالمي الرابع ضد عقوبة الإعدام في جنيف فبراير/شباط 2010، الذي ضم أكثر من ألف مشاركة ومشارك من ممثلي الحكومات ومندوبين عن منظمات المجتمع المدني ومبدعين ومؤسسات البحث. ولقد كان هذا المؤتمر مناسبة أرادتها الجهة المنظمة “التحالف الدولي لمناهضة عقوبة الإعدام”، أن تكون فرصة لتبادل الخبرات وتطوير الاستراتيجيات، وعرض لإبداعات ثقافية تصب جميعها في هدف واحد، هو السير بخطى راسخة لكي يكون عالمنا خالياً من عقوبة الإعدام[13].

حق الحياة، وحق رعاية حياة الطفل في التشريعات الدولية:

ان الترابط العلمي والعلمي والديني السماوي ثم القانوني المحلي والدولي واضح بين حق الحياة وحقوق الولادة وحقوق رعاية المولود عند المرأة، وكان اعلان جنيف حول حقوق الاطفال الذي تم التصويت النهائي عليه من قبل اللجنة التنفيذية في جلستها بتاريخ 17 مايو 1923، والموقع عليه من أعضاء المجلس العام في فبراير 1924 بمثابة محرك انساني جوهري في المطالبة بحق الحياة، والتأكيد على رعاية حياة الطفل بعد الولادة هو مطالبة واقعية وعملية لبدء الحق مع بدء ولادة الجنين وخروجه من رحم امه إلى رحم المجتمع.

وإعلان حقوق الطفل اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة 1386 (د-14) المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1959، والمتتبع في تحليل ديباجة الاعلان يتوصل إلى البيئة النفسية التي كانت تسود المجتمع الدولي من اجل انقاذ حياة الإنسان من عبث الحروب والصراعات المسلحة.

وطبقا لذلك يعترف الرجال والنساء في جميع أنحاء البلاد بأن علي الإنسانية أن تقدم للطفل خير ما عندها، ويؤكدون واجباتهم، بعيدا عن كل اعتبار بسبب الجنس، أو الجنسية، أو الدين.

يجب أن يكون الطفل في وضع يمكنه من النمو بشكل عادي من الناحية المادية والروحية.
-2الطفل الجائع يجب أن يطعم، والطفل المريض يجب أن يعالج، والطفل المتخلف يجب أن يشجع، والطفل المنحرف يجب أن يعاد للطريق الصحيح، واليتيم والمهجور يجب إيواؤهما وإنقاذهما.

3- يجب أن يكون الطفل أول من يتلقى العون في أوقات الشدة.

4- يجب أن يكون الطفل في وضع يمكنه من كسب عيشه، وأن يحمي من كل استغلال. 5- يجب أن يربى الطفل في جو يجعله يحس بأنه يجب عليه أن يجعل أحسن صفاته في خدمة أخوته، بمعنى غرز ثقافة الحب والتسامح ليكون بعيداً عن جرائم القتل، أو تلك الجرائم التي تهدد حياة الاخرين بشكل غير مباشر .

ذحق الحياة وسياسات الفصل العنصري:

السياسات التي اتبعتها بعض الدول والمجتمعات والاحزاب العنصرية المتطرقة لا سيما مع نهاية القرن التاسع عشر وبدابات القرن العشرين لا سباب عديدة اهمها سياسة الاستعمار كانت خلف انتهاكات كبيرة وخطيرة بحق الحياة، ولذلك الصدر المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في دورته العشرين، يوم 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1978 اعلان تدين ويمنع ويجرم مثل هذه السياسيات التي ترتي المزيد من القتل .

وان اهم بنود هذا الاعلان التي تتعلق بحق الحياة هي:

المادة 1-ينتمي البشر جميعا إلى نوع واحد وينحدرون من أصل مشترك واحد. وهم يولدون متساوين في الكرامة والحقوق ويشكلون جميعا جزءا لا يتجزأ من الإنسانية.

المادة 2 – لجميع الأفراد والجماعات الحق في أن يكونوا مغايرين بعضهم لبعض، وفي أن ينظروا إلي أنفسهم وينظر إليهم الآخرون هذه النظرة. إلا أنه لا يجوز لتنوع أنماط العيش وللحق في مغايرة الآخرين أن يتخذوا في أية ظروف ذريعة للتحيز العنصري أو يبررا قانونا أو فعلا أية ممارسات تمييزية من أي نوع، ولا أن يوفرا أساسا لسياسة الفصل العنصري، التي تشكل أشد صور العنصرية تطرفا.

المادة 3 –لا تؤثر وحدة الأصل، علي أي وجه، في كون البشر يستطيعون ويحق لهم أن يتغايروا في أساليب العيش، كما لا تحول دون وجود فروق بينهم مصدرها تنوع الثقافات والظروف البيئية والتاريخية، ولا دون حقهم في الحفاظ علي هويتهم الثقافية.

المادة 4 – تتمتع شعوب العالم جميعا بقدرات متساوية علي بلوغ أعلي مستويات النمو الفكري والتقني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي.

المادة 5 – تعزي الفروق بين إنجازات مختلف الشعوب، بكاملها، إلي عوامل جغرافية وتاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. ولا يجوز بأية حال أن تتخذ هذه الفروق ذريعة لأي تصنيف متفاوت المراتب للأمم أو الشعوب.

ذحق الحياة واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة:

المرأة عي الحاضنة الاولى لاي مولود جديد، وهي بذلك الحاضنة الاولى لحق الحياة، وبذلك عرض المجتمع الدولي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979 – وتاريخ بدء النفاذ كان ايلول / سبتمر 1981، ومن اهم مواده ذات اصلة بحق الحياة: :

المادة 2- تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة

المادة 3 –تتخذ الدول الأطراف في جميع الميادين، ولا سيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل.

حق الحياة واتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة

اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 640 (د-7) المؤرخ في 20 كانون الأول/ديسمبر 1952 – تاريخ بدء النفاذ:7 تموز/يوليه 1954، ومن اهم بنودها:

المادة 3- للنساء أهلية تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة المنشأة بمقتضى التشريع الوطني، بشروط تساوي بينهن وبين الرجال، دون أي تمييز.

حق الحياة وترابط جميع الحقوق مع بعضها:

صدر عن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان المعقود في فينا خلال الفترة من 14 إلى 25 حزيران/يونيه 1993، واهم ما جاء في قرارات المؤتمر:

” الفقرة الاولى: جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة، ويجب علي المجتمع الدولي أن يعامل حقوق الإنسان علي نحو شامل وبطريقة منصفة ومتكافئة، وعلي قدم المساواة، وبنفس القدر من التركيز. وفي حين أنه يجب أن توضع في الاعتبار أهمية الخاصيات الوطنية والإقليمية ومختلف الخلفيات التاريخية والثقافية والدينية، فإن من واجب الدول، بصرف النظر عن نظمها السياسية والاقتصادية والثقافية، تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية” . وتضمن ايضاً في فقرة 9″ بالنظر إلي أهمية تعزيز وحماية حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات، وبالنظر إلي مساهمة هذا التعزيز وهذه الحماية في الاستقرار السياسي والاجتماعي للدول التي يعيش فيها هؤلاء الأشخاص. يؤكد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان من جديد واجب الدول في أن تضمن للأشخاص المنتمين إلي أقليات إمكانية ممارسة جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية ممارسة كاملة وفعلية دون أي تمييز وعلي قدم المساواة التامة أمام القانون وفقا لإعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلي أقليات قومية أو اثنية أو دينية ولغوية.

وللأشخاص المنتمين إلي أقليات الحق في التمتع بثقافتهم الخاصة، واعتناق دينهم الخاص وممارسة شعائره، واستعمال لغتهم الخاصة في السر والعلانية، بحرية ودون تدخل أو أي شكل من أشكال التمييز. واكد المؤتمر على حق التعليم وهو متربط بحق الرعاية الصحية وبحق العدالة والمساواة امام القانون وحماية الفرد من الاعتقال بدون اذن قانوني وحمايته من التعذيب وضمان حرياته الشخصية وحرية الرأي والتعبير . كل ذلك ورد في العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية 1966، واعلان اليونسكو بشأن التمييز العنصري 1978، واتفاقية حقوق الطفل 1989، وغيرها من الاعلانات والاتفاقيات والبروتوكولات الملحقة[14] .

المبحث الثالث: التهديدات المحلية والاقليمية والدولية لحق الحياة

تبدل التهديدات التي يواجها حق الحياة من التهديدات التقليدية جراء الحروب والفصل العنصري وانتهاكات حقوق الطفل والمرأة، وخسائر الكوارث الطبيعية وعقوبات الاعدام إلى تهديدات نوعية جديدة اكثر خطورة وترتب خسائر بشرية كبيرة، ومن ابرزها:

1- تهديدات البيئة:

ان موت الافراد والجماعات جراء حدوث كوارث طبيعية هنا وهناك كانت تدخل ضمن المعدل الطبيعي للخسائر البشرية تجاه مثل هذه الظاهر التي رافقت الحياة البشرية منذ وجودها على سطح الكرة الارضية . بيد ان ارتفاع معدلاتها نتيجة ارتفاع معدلات السموم، والتلوث، والانحباس الحراري في الكرة الارضية بالشكل الذي لا يهدد حياة الكائنات الحية فيها بل يعرضها للانهيار الكامل بعد عدة قرون ان لم يتم العمل بصدق في حماية البيئة وصيانتها .

فقد ذكرت دراسات بيئية جديدة أن التلوث بأنواعه جميعها – الهوائي والبيئي والغذائي – يساهم في وفاة 9 ملايين شخص سنويًا، أي واحد من كل ستة أشخاص، وبشكل أكثر دقة فإن حالات الوفاة المتصلة بالتلوث تزيد بنصف عدد الأشخاص الذين قتلوا بسبب التدخين، أي ثلاثة أضعاف عدد المصابين بالإيدز والسل والملاريا مجتمعة، وأكثر من ستة أضعاف عدد القتلى في حوادث الطرق، و15 ضعف عدد القتلى في الحروب أو قضايا العنف.

ووجد باحثون أن التلوث المائي يتسبب بإصابة 1.8 مليون شخص بالأمراض المعوية والتي تقضي على حياته[15] .

كما ان الحروب التي تسبب بقتل اعداد كبيرة من المقاتلين والتي يتم استخدام الاسلحة الكيميائية والبيولوجية، أو استخدام المحروقات الاحفورية بشكل كبير فيها كما حدث في حرب الخليج الثانية 1991 في الشرق الاوسط، عند احراق ابار نفطية عديدة قدرت كمياتها 6 ملايين برميل يومياً مع انتشار مئات البقع الزيتية في مياه الخليج العربي لأغراض لوجستية عسكرية، وتكر الحال مع حرب الخليج الثانية 2003، وبالرغم من قتل اكثر من مليونين فرد فيهما الا ان اثارهما البيئية الضارة استمرت تنتزع الحياة بالتدريج من الاخرين بسبب التلوث الكبير والخطير الذي خلفته اثار هذه الحروب[16] . كما ان انتشار اكثر من 20 مليون لغم ارضي في معظم مناطق العالم نتيجة الحروب المحلية والاقليمية والدولية هو الاخر تهديد مستمر للحياة البشرية، بل ولحياة الكائنات الحية [17].

2- تهديدات الحروب ،والارهاب:

الارهاب من الجرائم التي تحمل انواع عديدة من التهديدات، فهي تهدد حق الحياة، وحق الملكية، وحق التعبير الحر عن الراي وجميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية الاخرى، وهو تهديد في مستويات الامن الثلاثة المحلية والاقليمية والدولة، كما ان الجهود الدولية في القضاء على هذه الجرائم غير موفقة وتفتقد للجدية والشفافية بسبب توظيف مواجهة الارهاب لأغراض سياسية ونفعية مادية اخرى .

ان عملية تحليل اعداد ضحايا الارهاب والابادة الجماعية في كمبوديا عام 1979 والتي قدرت بنحو 1,5 مليون، وضحايا الارهاب في الجزائر للفترة 1991-1997، والتي اطلق عليها مجتزر العشرية السوداء قدرت بنحو 500 ألف ضحية، وضحايا الارهاب والإبادة الجماعية في راوندا 1994 قدرت بنحو 800 ألف ضحية . ففي الوقت الذي حصد فيه الإرهاب أرواح 3329 شخصا سنة 2000، ارتفع هذا الرقم سنة 2014 إلى 32685، في أعلى مستوى له منذ 15 سنة. وفي العراق وحده، بلغ عدد القتلى الذين سقطوا سنة 2014 ثلاثة أضعاف مجموع ضحايا الإرهاب في العالم كله سنة 2000. وتم احصاء عدد ضحايا الارهاب في العراق لعام 2016 فقط بنحو 10 ألاف ضحية [18] . وللعام نفسه في افغانستان سقط 18 ألف قتيل[19].

وعرف عدد العمليات الإرهابية بدوره ارتفاعاً صاروخياً. ففي الوقت الذي لم يتجاوز عددها عتبة 2000 هجمة مع بداية الألفية، اقترب من حاجز الـ14 ألفا سنة 2014[20].

وتسبب تنظيم بوكو حرام، الذي لم يبدأ نشاطه العسكري المكثف إلا سنة 2009، في مقتل أكثر من 6644 شخصاً سنة 2014[21] .

الخاتمة

الاستنتاجات:

تمتاز حقوق الإنسان بعدة خصائص، منها أنها:

عالمية:فهي نفسها لكل البشر، بغض النظر عن اللون والعرق والدين والجنس والرأي السياسي والأصل الاجتماعي.
متكاملة:فلا يمكن الانتقاص منها، ولا يملك أحد حق حرمان الآخرين منها، وانتهاكها لا يعني عدم وجودها.
لازمة لكل البشر:فهي لا تشترى ولا تباع، وهي ليست منحة من أحد، بل هي ملك للبشر بصفتهم بشراً، فهي متأصلة في كل إنسان، وهي لازمة له كونه إنساناً.
وحدة واحدة:غير قابلة للتصرف سواء أكانت مدنية، أو سياسة، أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية.
متطورة:فهي في حالة تطور مستمر
وهذه الخصائص تجعله اكثر عرضة لمتغيرات التهديدات الارهابية والبيئية . وان اكانية دولة واحدة أو عدة دول غير قادرة على حماية هذا الحق طبقأص لمتغيرات التهديدات .

التوصيات:

1- تدعيم قانون الامن الإنساني من خلال تفعيل تدابير الوقاية والعلاج لمتغيرات تهديدات البيئة والارهاب .

2- تفعيل ادوار المنظمات المحلية والاقليمية لكون المساعد الاول في عمل الامم المتحدة .

3- اعادة قراءة للقوانين الدولية التي تحمي هذا الحق، وتشريع قوانين، وابرام معاهدات دولية جديدة لتكون غطاء قانوني دولي لجميع التدابير المطلوبة .

4- تعميم اساليب جديدة لمحاسبة ومحاكمة المنظمات الارهابية التي تستهتر بهذا الحق .

5- تعميم اساليب جديدة لمحاسبة ومحاكمة الافراد والجماعات والمؤسسات التي تهمل اجراءات حماية وصيانة البيئة .

المصادر:

المرجع: أبو داوود، في سنن أبي داوود، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:3641.

1- احمد زكي بدوي، معجم المصطلحات الاجتماعية، مكتبة لبنان .

2- ابو يعرب المرزوقي ،مسالك الفقه الاسلامي إلى القانون الغربي، 21/1/2014 تحت الرابط: https://abouyaarebmarzouki.wordpress.com/

3 – آيانلوستك، الاصولية اليهودية في اسرائيل، ترجمة مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 1992..

4 – اسحق جرينفيم، الحركة الصهيونية، ترجمة جودت الاسعد، مطبعة كتابكم، الاردن /عمان .

5- د. احمد رفعت، الارهاب الدولي في ضوء احكام القانون الدولي والاتفاقيات الدولية وقرارات الامم المتحدة، دار النهضة العربية، القاهرة 1998.

6- دونالد كيلي، بدء الايدلوجية في الغرب، ترجمة محمد جعفر داود، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد 1990.

7- المبادئ القانونية الدولية بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1970، ووفقت عليها الدول الاعضاء الحاضرة في الاعلان المرقم A/RES/2627 (XXV)، للمزيد ينظر: http://www.un.org/arabic/documents/instruments/docs_ar.asp?year=1970

8- محمد عبد الشافي اللبان، حقوق الإنسان المعاصر، الهيئة المصرية للاستعلامات، القاهرة 1979.

9- د. عبد الوهاب علوب، معجم المصطلحات السياسية، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2006 . وكذلك وهشام الملاطي، مفهوم الجريمة السياسية، الجريدة الالكترونية هيسبريس، العدد 62413 / ايلول 2012حت الرابط: http://www.hespress.com/writers

10- – فؤاد حسين على، اليهودية واليهودية المسيحية، معهد البحوث والدراسات العربية القاهرة 1968 ص 125-137

11 – المطران برلتوني دي لاس كازاس، المسيحية والسيف، ترجمة سميرة عزمي، منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، ج 2 بلا تأريخ، ص8-10.

12- منصور الرفاعي، الاسلام وموقفه من العنف والتطرف والارهاب، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1987 .13- محمد زكي عويس، اسلحة الدمار الشاملة، القاهرة مطبوعات مكتبة الاسرة، الهيئة المصرية للكتاب، 2003.

14- نظر:لؤي صافي، العقيدة والسياسة، منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1416هـ-1996م.

15- – راضي القداح، الاسلام السياسي، الرابط:www.kotbarabia.com، ص 92-94.

16- ينظر الاعلان العالمي لحقوق الإنسان موقع اللجنة الوطنية تحت الرابط: www.nhrc-qa.org/ar

17 – انظر التقرير السنوي 2014-2015 حول انتهاكات حقوق الإنسان تحت الروابط: www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5ynjfl.htm

18- www.shrc.org–

19 www.un.org/ar/rights-

20 – ينظر التقارير السنوية تحت الرابط: www.ohchr.org/AR/HRBodies/CCPR/Pages/CCPRIndex.aspx

21 – للمزيد ينظر التقرير المصور الرسمي تحت الرابط: https://www.noonpost.org/content/20368

22 – تقرير وبيانات رسمية تحت الرابط: http://alqabas.com/461692/

23–تقرير الحسن بن طلال، نص خطاب ” الكرامة والعدالة لنا جميعاً، خطاب مع تقري حلقة نقاشية في الجمعية العامة للأمم المتحدة نيويورك 22/5/2008.

24 – التقرير المصور تحت الرابط: …

www.bbc.com/arabic/worldnews/2014/11/141118_terror_vict

25 – ينظر التقرير والبيانات: بالأرقام:ضحايا الإرهاب حول العالم

www.irfaasawtak.com/a/328974.html

[1] – آيانلوستك، الاصولية اليهودية في اسرائيل، ترجمة مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1992، ص 30-33 .

[2] – ينظر اسحق جرينفيم، الحركة الصهيونية، ترجمة جودت الاسعد، مطبعة كتابكم، الاردن /عمان 1984، ص 15-17.

محمد عبد الشافي اللبان، حقوق الإنسان المعاصر، الهيئة المصرية للاستعلامات، القاهرة 1979، ص 34 وما بعدها.

– د. عبد الناصر حريز ، مصدر سبق ذكره، ص 86.

– ينظر: د. احمد رفعت، الارهاب الدولي في ضوء احكام القانون الدولي والاتفاقيات الدولية وقرارات الامم المتحدة، دار النهضة العربية، القاهرة 1998، ص 9 وما بعدها.

للمزيد ينظر إلى المبادئ القانونية الدولية بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1970، ووفقت عليها الدول الاعضاء الحاضرة في الاعلان المرقم A/RES/2627 (XXV)، للمزيد ينظر:

http://www.un.org/arabic/documents/instruments/docs_ar.asp?year=1970

د. عبد الوهاب علوب، معجم المصطلحات السياسية، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2006 . وكذلك وهشام الملاطي، مفهوم الجريمة السياسية، الجريدة الالكترونية هيسبريس، العدد 62413 / ايلول 2012حت الرابط: http://www.hespress.com/writers

ينظر: احمد زكي بدوي، معجم المصطلحات الاجتماعية، مكتبة لبنان، 1982، ص 433.

[3] – ينظر: فؤاد حسين على، اليهودية واليهودية المسيحية، معهد البحوث والدراسات العربية القاهرة 1968 ص 125-137.

[4] – دونالد كيلي، بدء الايدلوجية في الغرب، ترجمة محمد جعفر داود، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد 1990، ص 35 -36.

[5] – للمزيد ينظر:المطران برلتوني دي لاس كازاس، المسيحية والسيف، ترجمة سميرة عزمي، منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، ج 2 بلا تأريخ، ص8-10.

[6] – منصور الرفاعي، الاسلام وموقفه من العنف والتطرف والارهاب، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1987، ص 109.

[7]- المرجع: أبو داوود، في سنن أبي داوود، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم:3641.

[8] – المصدر نفسه ص 99.

[9] – نظر:لؤي صافي، العقيدة والسياسة، منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1416هـ-1996م، ص 36-39.

[10] – – راضي القداح، الاسلام السياسي، الرابط:www.kotbarabia.com، ص 92-94.

[11] – – ينظر ابو يعرب المرزوقي ،مسالك الفقه الاسلامي إلى القانون الغربي، 21/1/2014 تحت الرابط:

:https://abouyaarebmarzouki.wordpress.com/

[12] – ينظر الاعلان العالمي لحقوق الإنسان موقع اللجنة الوطنية تحت الرابط: www.nhrc-qa.org/ar

[13] – أنظر التقرير السنوي 2014-2015 حول انتهاكات حقوق الإنسان تحت الروابط:

:www.icrc.org/ara/resources/documents/misc/5ynjfl.htm

www.shrc.org

www.un.org/ar/rights

[14]- ينظر التقارير السنوية تحت الرابط: www.ohchr.org/AR/HRBodies/CCPR/Pages/CCPRIndex.aspx

[15]- للمزيد ينظر التقرير المصور الرسمي تحت الرابط: https://www.noonpost.org/content/20368

[16]- للمزيد من المعلومات ينظر: الحسن بن طلال، نص خطاب ” الكرامة والعدالة لنا جميعاً، خطاب مع تقري حلقة نقاشية في الجمعية العامة للأمم المتحدة نيويورك 22/5/2008.

[17]- محمد زكي عويس، اسلحة الدمار الشاملة، القاهرة مطبوعات مكتبة الاسرة، الهيئة المصرية للكتاب، 2003، ص 88.

[18]- تقرير وبيانات رسمية تحت الرابط: http://alqabas.com/461692/

[19]- المصدر نفسه .

[20] – التقرير المصور تحت الرابط: …

www.bbc.com/arabic/worldnews/2014/11/141118_terror_vict

[21]- ينظر التقرير والبيانات: بالأرقام:ضحايا الإرهاب حول العالم

www.irfaasawtak.com/a/328974.html

إعادة نشر بواسطة محاماة نت