دراسة حول جريمة القتل العمد والقتل الخطأ في القوانين العراقية القديمة والشريعة الإسلامية والفقه الجنائي والقوانين الوضعية وأحكام القضاء العراقي

وليـد محمد الشبيـبي المحـامـي
بغداد – 1421 هـ – 29/11/2000

(تم تقديم هذا البحث في دورة توسيع الصلاحية للمحامين التي فتحت
في نقابة المحامين العراقيين أواخر عام 2000 وحاز على تقدير امتياز)

المحتويات

الـمــوضــــــوع

مـقــدمــــة
المبحث الأول: جريمة القتل في القوانين العراقية القديمة
جريمتا القتل العمد والقتل الخطأ في القوانين العراقية القديمة
المبحث الثاني: جرائم القتل العمد وشبه العمد والقتل الخطأ في الشريعة الإسلامية
المبحث الثالث: جريمتا القتل العمد والقتل الخطأ في الفقه الجنائي
المبحث الرابع: جريمتا القتل العمد والقتل الخطأ في القوانين الوضعية
في قانون العقوبات العراقي النافذ
المبحث الخامس: أمثلة عن جرائم القتل العمد والقتل الخطأ في أحكام القضاء العراقي
المـراجـــــــع

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

ان الجرائم الماسة بحياة الإنسان ونعني بها هنا جرائم القتل العمد والقتل الخطأ، من الجرائم المعروفة منذ أقدم العصور كما ان التشريعات في الوقت الحاضر تعالجها في العديد من النصوص ويقع على رأس الجرائم من حيث الخطورة وشدة العقوبة جريمة القتل العمد، حيث تصل العقوبة، إذا ما أقترنت بظرفٍ مشدد، إلى الموت، والسبب يعود إلى انها تعدم حياة الإنسان وتنهي وجوده،
فالإنسان هو أغلى رأسمال وان حياته لا تقدر بثمن وان هذه الجريمة، بالإضافة
إلى تهديدها للفرد، فهي تعكَّر أمن المجتمع وسلامه وتعَّرض مصالحه للخطر.
ولهذا فقد أخترناها موضوعاً لبحثنا المختصر والمتواضع هذا، مع الإحاطة
بأنواع جرائم القتل كالقتل العمد العادي والبسيط والقتل العمد المقترن
بظرفٍ مشدد ثم القتل الخطأ.
فالمبحث الأول، كان يستقصي جريمة القتل
في القوانين العراقية القديمة (أقدم القوانين) وتطبيقاتها القضائية لتبيان
المدنية المتقدمة التي كان يعيشها شعب هذا البلد العريق في وقتٍ كانت أوربا
عبارة عن قبائل بربرية جرمانية.
أما المبحث الثاني، فقد رأينا نظرة الشريعة الإسلامية لجريمة القتل العمد وشبه العمد والقتل الخطأ والجزاء المترتب عليها.
أما المبحث الثالث، فقد تابعنا جريمتا القتل العمد والقتل الخطأ في الفقه الجنائي الحديث.
أما المبحث الرابع، فقد أوردنا النصوص الوضعية التي حددت ماهية جريمة القتل العمد وجريمة القتل الخطأ.
وأخيراً، أوردنا في المبحث الخامس جريمة قتل عمد وتطبيقاتها في أحكام
المحاكم العراقية الصادرة حديثاً من محكمة التمييز مع الإشارة إلى جرائم
أخرى من هذا النوع.
وفي النهاية، أرجو أن ينال هذا البحث المتواضع استحسان كل من يطالعه، مع فائق الشكر.

بغداد – 29/11/2000

المبحث الأول

جريمة القتل في القوانين العراقية القديمة (أقدم الشرائع والقوانين في العالم)

مقدمة عن القوانين العراقية القديمة

تعد القوانين العراقية القديمة من أهم ما يميز حضارة العراق ويضعها في
مقدمة الحضارات الإنسانية الأصيلة، فالقوانين المكتشفة في العراق هي بحق
أقدم القوانين المكتشفة في العالم حتى الآن، فهي أقدم من القوانين
الإيرانية والحثية والإغريقية والرومانية والعبرية بمئات السنين إضافة إلى
ذلك فهي على درجة كبيرة من النضج والتنظيم(1).
أن أقدم الإصلاحات
الاجتماعية والاقتصادية المعروفة لدينا حتى الآن يعود تأريخها إلى القرن
الرابع والعشرين قبل الميلاد (2355 ق.م)، وهي إصلاحات (اوروكاجينا)
واوروكاجينا هو حاكم مدينة لكَش الذي تولى الحكم بعد انتهاء حكم سلالة لكَش
التي أسسها أور – نانشة بثلاث عشرة سنة (القرن الرابع والعشرين قبل
الميلاد)، لذا فان إصلاحات اوروكاجينا تعتبر من أقدم الإصلاحات الاجتماعية
والاقتصادية المعروفة حتى الآن ليس في العراق فحسب بل في جميع بلدان العالم
القديم(2)، بعد هذه الإصلاحات، ينسب أقدم القوانين المكتشفة إلى أور –
نمَّو مؤسس سلالة أور الثالثة السومرية (2113 – 2095 ق. م)، جاء بعده قانون
لبت عشتار (1934 – 1923 ق. م) والذي دوّن كسابقه باللغة السومرية، بعده
جاء قانون اشنونا الذي تم الكشف عنه في موقع تل حرمل القريب من بغداد ويُعد
أقدم قانون دوّن باللغة الأكدية ويعود تأريخه إلى ما قبل حكم الملك
حمورابي بفترة يصعب تحديدها وينسب القانون إلى مملكة (اشنونا) إحدى
الدويلات التي حكمت في منطقة ديالى في بداية العهد البابلي القديم وعاصمتها
(اشنونا) (تل أسمر حالياً) الواقعة على نهر ديالى شرقي نهر دجلة. أما
قانون حمورابي فيعد أكمل وأنضج قانون مكتشف حتى الآن فهو القانون الوحيد
الذي وصل بصيغته الأصلية في حين بقية القوانين كانت عبارة عن نسخ ثانية من
القوانين الأصلية، دوّن قانون حمورابي بالخط المسماري وباللغة الأكدية على
مسلة من حجر الدايوريت الأسود وضم ما يقرب من (282) مادة قانونية بهيئته
الكاملة إضافة إلى المقدمة والخاتمة وقد تم الكشف عن مسلة حمورابي عام
(1901 – 1902) في مدينة شوشة عاصمة عيلام وهي محفوظة الآن في متحف اللوفر
في باريس وقد نحت على الجزء العلوي من وجه المسلة نحت بارز يمثل اله الشمس،
اله الحق والعدالة، جالساً على عرشه وبيده عصا الراعي وخيط القياس الخاص
بالبناء وتحديد الأسعار يسلمها إلى حمورابي الواقف أمامه بخشوع، يبلغ
أرتفاع المسلة (225) سم وقطرها من الأعلى (165) سم ومن الأسفل (190) سم أما
قطرها من الوسط (60) سم(3).
أما بقية القوانين، فهي القوانين الآشورية القديمة والوسيطة والقوانين البابلية الحديثة(4).

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

(1) أنظر: د0 عامر سليمان، جوانب من حضارة العراق القديم، العراق في التاريخ، ص 202 – 203 ، بغداد – 1983.
(2) أنظر: د0 عامر سليمان، القانون في العراق القديم، دراسة تاريخية قانونية مقارنة، ص 141 – 142 ، بغداد – 1987.
(3) أنظر: د0 بهيجة خليل إسماعيل، مسلة حمورابي، ص 6 ، بغداد – 1980.
(4) د0 عامر سليمان، القانون في العراق القديم، دراسة تاريخية قانونية مقارنة، ص 275 – 301 ، بغداد – 1987.

مبـــدأ الـقـصــــاص

إن مبدأ القصاص أتبع لأول مرة (إلى جانب مبدأ التعويض الذي أتبع في
قانوني أور- نمو ولبت عشتار) منذ عهد قانون اشنونا، والقصاص يعني ايقاع
الضرر نفسه على الجاني، أي مبدأ العين بالعين والسن بالسن، وهو مبدأ قانوني
أخذت به الشرائع السماوية وكثير من القوانين العالمية الوضعية ومنها
القوانين العراقية الوضعية التي تعاقب القتل بالقتل (النفس بالنفس) غير ان
قانون حمورابي وكذلك القوانين الآشورية قد غالت أحياناً في تطبيق هذا
المبدأ حتى لتبدو قاسية وتبلغ أحياناً حد التطرف فيما يتعلق بتطبيق مبدأ
القصاص مثل قتل أبن البنّاء الذي بنى بيتاً فأهمل في عمله فتهدم البيت وقتل
أبن صاحب البيت أو قطع أحد أعضاء الجسم في حالة أرتكاب الجاني عن قصد
جريمة ضد شخص آخر تسببت في قطع أحد أعضائه.
على أية حال، مهما كانت
هذه العقوبات قاسية الا انها لا تصل إلى القسوة والهمجية والبربرية التي
أتصفت بها القوانين الأوربية في العصور الوسطى فهي لم تعرف تعذيب المتهم
ولا التمثيل به وهو على قيد الحياة أو تقطيع جسمه ورميه إلى الحيوانات كما
تنص على ذلك قوانين انكَلترا بعد أكثر من ثلاثة آلاف سنة من تاريخ قانون
حمورابي(5).

جريمتا القتل العمد والقتل الخطأ في القوانين العراقية القديمة

لم تعرف القوانين العراقية القديمة هذا التحديد المجرّد العام المحصور
بنصوص وضعية فيما يخص نطاق جريمة القتل العمد وجريمة القتل الخطأ، بل كانت
هذه القوانين ترد أمثلة معينة وتتبعها بنصوص عقابية، لذا فأن هذا الفرز بين
الجرائم هو (سلطة تقديرية) للقاضي أو الحاكم القائم على الفصل في هذه
الجرائم.
في قانون حمورابي، نصت المادة (209) منه على عقوبة من يضرب
أبنة (آويلم) ويسبب لها الإجهاض يدفع عشر (شيقلات) من الفضة، أما إذا تسبب
بوفاة تلك المرأة فعليهم أن يقتلوا أبنة الجاني (المادة 210)(6).

جريمــة القتــل العـمــد

تحتل المادة (10) من القوانين الآشورية الوسيطة(7) أهمية خاصة لأنها
خاصة بجريمة القتل التي لم تذكر الا نادراً في القوانين العراقية القديمة،
فقد نصت على قتل الرجل أو المرأة في حالة دخول أحد بيت رجل وقتله رجلاً أو
امرأة ويجوز إبدال العقوبة بالتعويض أو بأخذ أحد أبناء أو بنات الجاني (إن
وافق ذوو المجني عليه على ذلك)(.

الإيذاء المفضي إلى الموت (القتل العمد والقتل الخطأ)

حددت المادة (50) من القوانين الآشورية الوسيطة عقوبة من يضرب زوجة رجل
آخر ويتسبب بإجهاضها – بمعاملة زوجته بالمعاملة نفسها ويدفع تعويضاً عن
الجنين، أما إذا تسبب الضرب إلى موت المرأة فيقتل الجاني ويعوض عن جنينها
بحياة، وإذا لم يكن للمجني عليها ابن وضربها رجل وتسبب في إجهاضها يقتل
الجاني حتى ولو كان الجنين أنثى.
وتتحدث المادة (53) عن قيام المرأة
بإجهاض نفسها برضاها فإذا ثبت الاتهام عليها عوقبت بالموت بالتوتيد ولا
يجوز دفنها أما إذا ماتت أثناء الإجهاض فانها توتد ولا تدفن(9).

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ
(5) د0 عامر سليمان، جوانب من حضارة العراق القديم، العراق في التاريخ، ص 208 ، بغداد – 1983.
(6) د0 عامر سليمان، القانون في العراق القديم، دراسة تاريخية قانونية مقارنة، ص 266 ، بغداد – 1987.
(7)
ان تاريخ كتابة هذه الألواح (التي تضمنت مواداً قانونية) يعود إلى الفترة
الواقعة بين (1450 – 1250 ق. م) أي إلى فترة من العهد الآشوري الوسيط.
( د0 عامر سليمان، القانون في العراق القديم، دراسة تاريخية قانونية مقارنة، ص 283 ، بغداد – 1987.
(9) د. عامر سليمان ، نفس المرجع ، ص 289.

أما
المادة الثانية من اللوح الثاني من القوانين الآشورية الوسيطة، فتتعلق
بجريمة القتل التي يقوم بها أحد الأخوة قبل ان يكونوا قد أقتسموا أرثهم،
ففي مثل هذه الحالة يسلم القاتل إلى ممثل المجني عليه وللأخير حق قتله أو
قبول التعويض المتمثل بحصة الأخ في التركة(10).
أما المادة (1) من قانون حمورابي، فقد نصّت(إذا أتهم رجل رجلاً ورماه بتهمة القتل ولم يثبت ذلك عليه فان متهمه يُقتل)).
والمادة (153) نصت(إذا تسببت امرأة بموت زوجها بسبب رجل آخر فتوضع تلك المرأة على الأوتاد)) (أي تصلب حتى الموت).
والمادة (229) نصت(إذا
بنى بنَّاء بيتاً لرجل ولم يتقن عمله وانهار البيت الذي بناه وسبّب قتل
صاحب البيت يُقتل ذلك البنّاء، فإذا تسبب بقتل ابن صاحب البيت يقتلون ابن
البنّاء)).
والمادة (218) فقد تكلمت عن القتل الخطأ كذلك المادة (219)، وهما تتحدثان عن خطأ الطبيب المفضي إلى موت المريض.

الأحكام القضائية الصادرة في جرائم القتـل

كان حضور اجتماع المجالس القضائية مفتوحاً في العهد البابلي القديم إلى
جميع الذكور من المواطنين الأحرار على أقل تقدير كما يستدل على ذلك من إحدى
الوثائق، ويبين أحد الرقم الطينية الذي يسجل محاكمة خاصة بجريمة قتل في
عهد أيسن أي قبل عهد حمورابي، بوضوح الدور الذي كان يلعبه الملك من جهة
والمجلس من جهة أخرى في تطبيق العدالة:
( أ ) ابن (ف)، (ب) ابن ( و)
الحلاق. (س) رقيق ( م ) البستاني قتلوا ( د ) ابن (ي) التشاكو (موظف) وبعد
أن قتل ( د ) أخبروا ( أ ) زوجة ( د ) ان زوجها ( د ) قد قتل. ( أ ) لم
تفتح فمها وأخفت القضية. وقد جلبت قضيتهم إلى أيسن أمام الملك و… أمر أن
تؤخذ قضيتهم إلى مجلس مدينة نيبور وهناك خاطب كل من (ق)… و(ك)… و(هـ)
المشكينم و(ج) و(ك) و(ل) و( م ) و(ن) و( و) (المجلس) وقالوا(ان
اولئك الذين قتلوا رجلاً لا يحق لهم الحياة. يجب ان يقتل اولئك الثلاثة
وتلك المرأة أمام كرسي (المجني عليه) ( د )…)) وخاطب (ب)… (ق)..
(المجلس) وقالوا هل ان ( أ ) قد قتلت زوجها حتى ُتقتل المرأة ؟ ثم خاطبهم
مجلس نيبور وقال: (لعل) المرأة لم تكن مطيعة لزوجها فأعطت معلومات إلى
اعدائه ثم (قاموا) بقتل زوجها.. (ولكن) قتلت هي زوجها ؟.. هم الذين قتلوا
زوجها. وإستناداً إلى قرار مجلس نيبور سلم ( أ ) و(ب) و(س) ليقتلوا(11).

الاتفاقيات الدولية التي تحدد المسؤولية في حالة سرقة أو قتل فرد من رعايا أحد الحكام في حدود الآخر
تزودنا الوثيقة التالية، وهي من (القرن الرابع عشر ق. م) بمثال على ذلك:
((اني – تشوب، ملك كَركَميش، أبرم معاهدة مع رجال اوغاريت. إذا قتل رجل
من كَركَميش في اوغاريت، فإذا قبض على الذين قتلوه فسيدفعون تعويضاً ثلاثة
أضعاف وسيعوضون عن الأشياء التي سرقوها منه ثلاثة أضعاف. ولكن إذا لم يعرف
اولئك الذين قتلوه، فسيدفع (الاوغاريتيون) تعويضاً ثلاثة أضعاف لحياته،
وسيعيدون الأشياء بقدر ما سرق بقيمتها الأصلية فقط، وإذا قتل رجل من
اوغاريت في كَركَميش، فالتعويض نفسه))(12).

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
(10) د. عامر سليمان ، نفس المرجع ، ص 290.
(11) د. هاري ساكز، عظمة بابل، موجز حضارة وادي دجلة والفرات القديمة، ترجمة وتعليق د. عامر سليمان، ص 257 ، فرنسا – 1979 .
(12) د. هاري ساكز، نفس المرجع، ص 270 – 271.

المبحث الثاني

جرائم القتل العمد وشبه العمد والقتل الخطأ (غير العمد) في الشريعة الإسلامية

لقد حرَّم الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز، قتل النفس إلا
بالحق، وقد ورد هذا التحريم في أكثر من سورة من سور القرآن الكريم. قال
تعالى(
وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ
وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا))(13)، ((وَلاَ
تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ
وَإِيَّاهُمْ))(14)، ((وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ
إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ))(15)، ((وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ
بِكُمْ رَحِيماً))(16)، ((وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا
لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ
مَنْصُورًا))(17)،
هذه بعض الآيات الكريمة التي حرّمت قتل النفس بغير
حق، وباختصار، فان الفقه الإسلامي لم يقسَّم الجرائم إلى جنايات وجنح
ومخالفات، لذلك فان لفظي الجناية والجريمة يعتبران مترادفين في المعنى في
الشريعة الإسلامية، ويبدو الجزاء الجنائي الشرعي في خمس صور لا يألفها
القانون وهي:
1 – نظام الحدود.
2 – نظام القصاص.
3 – الدية.
4 – نظام التعزير.
5 – نظام الكفارة.

1
– نظام الحدود: الحد عقوبة بدنية قدّرها المشرع لجريمة معينة لا تقبل
التغيير أو التعديل وهو جزاء فرضه الشارع على الاعتداء على حق الله أو على
ما غلب فيه حق الله على حق العبد، والحدود سبعة، كجرائم السرقة والزنا
والقذف والردة وتعاطي المسكرات والبغي وقطع الطريق والفساد.
2 – نظام
القصاص: القصاص عقوبة بدنية مقدّرة لأنها تساوي الجريمة في مقدارها، وقد
فرضها المشرع على الاعتداء على ما غلب فيه حق العبد، ويجب القصاص في حالة
العمد والعدوان، ويقع القصاص في حالتين:
أولاهما: القتل العمد – وفيها
ُيقتل القاتل، لان النفس بالنفس، وحق طلب القصاص يكون لولي الدم ويسقط
القصاص بالصلح على الدية كما يسقط بالعفو عن القاتل من القتيل قبل موته أو
بالعفو عنه من قبل أولياء الدم.
ثانيتهما: الجريمة العمدية على ما دون
النفس – إذا أمكنت المماثلة بين محلي الجريمة والقصاص من حيث الفعل
والمنافع فالعبن بالعين والأنف بالأنف والسن بالسن والطرف بالطرف والإصبع
بالإصبع والجروح قصاص فإذا لم يتحقق التماثل بين العضوين وجبت الدية عندئذ.

أنــواع الـقـتــل: قسَّم جمهور الفقهاء القتل إلى ثلاثة أنواع:
النوع الأول – القتل العمد: عندما تتوفر العناصر الآتية:

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
(13) سورة الإسراء/ الآية 31 .
(14) سورة الأنعام/ الآية 151.
(15) سورة الأنعام/ الآية 151.
(16) سورة النساء/ الآية 29.
(17) سورة الإسراء/ الآية 33 .

1 – يقع من القاتل فعل يفضي إلى وفاة المجني عليه.
2 – ان يتعمَّد الجاني النتيجة ويقصدها وهي (الموت).
3 – ان تكون هناك رابطة سببية بين الفعل والموت.
النوع
الثاني – القتل شبه العمد: يجب توفر العناصر السابقة (عدا تعمّد النتيجة
وهي القتل) اذ يتعمّد الفعل المادي فقط ويستنبط القاضي ذلك من ظروف القضية
ومن شهادة الشهود.
النوع الثالث – القتل الخطـأ: ويكون القتل الخطأ بتوافر العناصر التالية:
1 – ان يصدر من الجاني فعل يؤدي إلى وفاة المجني عليه.
2 – ان يخطأ الجاني في الفعل أو في القصد:
أ – الخطأ في الفعل: كأن يقصد فعلاً ما فيصدر عنه فعل آخر، كمن قصد
تنظيف سلاحه وخرجت منه الطلقة فوقعت على صدر المجني عليه وكان الجاني يجهل
وجود هذه الطلقة.
ب – الخطأ في القصد: كأن يقصد قتل صيد في غابة فأصاب بريئاً لم يره ولم يشخّصه.
3 – ان يكون بين الفعل والموت رابطة سببية.
فإذا توفرت هذه العناصر، تجب عليه (الجاني) الكفّارة وعلى عاقلته (عشيرته أو نقابته أو دائرته) الدية (التعويض).
3 – الـديـــة: عقوبة مالية ترد في حالات ثلاث:
أولاً – انها تحل محل القصاص إذا رضي بها المجني عليه أو ولي الدم بدلاً منه في القتل العمد.
ثانياً – انها تقع في حالة القتل غير العمد والجرائم غير العمدية على ما دون النفس.
ثالثاً – انها تجب في الجرائم العمدية على ما دون النفس إذا تعذَّر استيفاء القصاص فيها لورودها على عضو لا تتحقق فيه المماثلة.
4
– نظام التعزير: جريمة التعزير، هي جريمة لم تحدد عقوبتها بنص من القرآن
الكريم أو السُنّة بل تُرك أمر تقدير وتحديد هذه العقوبة لسلطة ولي الأمر
(رئيس الدولة) بالتعاون مع أهل الشورى وبناء على ذلك فان أكثر الجرائم
الوارد ذكرها في قانون العقوبات العراقي وغيره تدخل ضمن هذا القسم من
الجرائم.
وتتنوع جرائم التعزير إلى ثلاثة أنواع:
1 – كل
جريمة من جرائم الحدود والقصاص إذا تخلّف شرط من شروط تنفيذ العقوبة
المحددة لها أو حصلت فيها الشبهة تتحول تلقائياً إلى جريمة تعزيرية تحدد
عقوبتها من السلطة التشريعية الزمنية مثل جريمة الزنا لم تثبت بأربعة شهود
بل بثلاثة فقط.
2 – كل جريمة ثبت تجريمها بالنص من القرآن أو السُنة
ولكن لم تحدد عقوبتها بالنص تعتبر جريمة تعزيرية ويكون تقدير العقوبة من
السلطة التشريعية الزمنية ومن هذه الجرائم جريمة التجسس المنصوص عليها في
قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ
الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب
بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ
مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ
رَّحِيمٌ))(18).
3 – وهي الجرائم المستحدثة، والتي لم يرد بشأنها نص لا
لتجريمها ولا لعقابها بل يقوم ولي الأمر بالتعاون مع أهل الشورى باستحداث
هذه الجرائم وهي الأفعال التي تضر بالمصالح العامة أخلاقياً أو اقتصادياً
أو صحياً.. الخ، مثل جرائم التهريب، ومخالفات نظام المرور.
5 –
نظام الكفـّارة: والكفّارة عقوبة مقدّرة كذلك تجب في القتل غير العمد كما
تجب في أعمال أخرى لا تنطوي على اعتداء على حق العبد ولكنها تعتبر من
المعاصي كإفساد الصيام والحنث في اليمين وهي عتق رقبة فمن لا يجد فعليه
الصيام، فمن لا يستطيع فعليه إطعام المساكين.

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
(18) سورة الحجرات/ الآية 12.

وأخيراً
وليس آخراً، نشير إلى ان القاتل لا يرث من تركة مقتوله (المورّث) لقول
رسول الله () (لا يرث القاتل) بغض النظر عن نوع هذا القتل عمداً أم خطأً،
فالقتل من موانع الميراث مع (أختلاف الدين)(19).
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
(19) أنظر: د. مصطفى الزلمي، وعبد الباقي البكري، المدخل لدراسة الشريعة، ص 52 – 55 وص 174 وص 184 – 192 ، بغداد – 1989 .

المبحث الثالث

جريمتا القتل العمد والقتل الخطأ في الفقه الجنائي

لقد عرّف الفقيه الفرنسي كارو القتل العمد بانهإزهاق إرادياً وبصفة غير مشروعة، لحياة إنسان بفعل إنسان آخر)(20).

أركان جريمة القتل العمد:
1 – الركن المادي: المتمثل في الاعتداء المميت (القتل).
2 – محل الجريمة: يجب ان يكون إنسان على قيد الحياة.
3 – الركن المعنوي: القصد الجرمي.

1 – الركن المادي/ القتل: عناصره:
أ – الفعل الجنائي – الأعتداء.
ب – النتيجة الجنائية – الوفاة.
ج – العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة الحاصلة(21).

2
– محل الجريمة: لا تقع جريمة القتل العمد إلا على إنسان أي أن يكون المجني
عليه إنساناً، فهي لا تقع على حيوان، كذلك يجب ان يكون هذا الإنسان على
قيد الحياة فهي لا تقع على شخص ميت فعندما يطلق شخص النار على شخص آخر كان
قد فارق الحياة قبل إطلاق النار عليه فلا يُسأل الفاعل عن جريمة قتل عمد
ولا عن شروع فيها وذلك لفقدان هذا الركن من أركان جريمة القتل العمد (إنسان
على قيد الحياة).
3 – الركن المعنوي: القصد الجرمي: يجب أن تتوفر لدى
الجاني نية القتل لكي يُسأل عن جريمة قتل عمد وإلا كانت الجريمة ضرباً
مفضياً إلى موت، أو قتل خطأ أو قضاءً وقدراً حسب الأحوال.

جرائم
القتل العمد المقترنة بظرفٍ مشدد: قد ترتكب جريمة القتل العمد بشكلها
البسيط المار ذكره ويمكن ان ترتكب في ظروف تجعل مرتكبها أشد خطراً فيستحق
عقوبة أشد من عقوبة القتل العمد.
والظروف المشددة، مثلاً، القتل مع
سبق الإصرار والترصد، أو القتل باستعمال مادة سامة أو مفرقعة أو متفجرة، أو
إذا كان القتل بدافع دنيء أو مقابل أجر أو إذا استعمل الجاني طرقاً وحشية
في ارتكاب الفعل أو إذا كان المقتول من أصول القاتل أو إذا وقع القتل على
موظف أو مكلف بخدمة عامة أثناء تأدية وظيفته أو خدمته أو بسبب ذلك أو إذا
قصد الجاني قتل شخصين فأكثر فتم ذلك بفعل واحد أو إذا أقترن القتل العمد
بجريمة أو أكثر من جرائم القتل العمد أو الشروع فيه أو إذا أرتكب الفعل
تمهيداً لارتكاب جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تقل على سنة أو
تسهيلاً لارتكابها أو تنفيذاً لها أو تمكيناً لمرتكبها أو شريكه على الفرار
أو التخلص من العقاب أو إذا كان الجاني محكوماً عليه بالسجن المؤبد عن
جريمة قتل عمدي وأرتكب جريمة قتل عمدي أو شرع فيه خلال مدة تنفيذ
العقوبة… الخ، وهذا ما ذكرته بالتفصيل المادة (406) من قانون العقوبات
العراقي النافذ كما سنرى لاحقاً.

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
(20) د. سليم حربة، القتل العمد وأوصافه المختلفة، ص 29 ، بغداد – 1988 .
(21)
د. واثبة السعدي، قانون العقوبات – القسم الخاص، ص 92 ، بغداد 1988
-1989 ، و د. فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص، ص 103 ،
بغداد – 1996 .

جرائم
القتل العمد المقترنة بعذر قانوني مخفف: قد ترتكب جريمة القتل العمد
مقترنة بظروف معينة أعتبرت موجبة للتخفيف، لذا نص على اعتبارها مخففة
فأصبحت لها صفة الاعذار القانونية المخففة، ومثالها، حالة قتل الأم لطفلها
حديث العهد بالولادة اتقاءً للعار إذا كانت قد حملت به سفاحاً (المادة 407
ق. العقوبات) وقتل الرجل لزوجته أو إحدى محارمه في حالة التلبس بالزنا
(المادة 409 ق. العقوبات).

جريمة القتل الخطـأ: ينبغي الإشارة قبل
كل شيء إلى ان الفرق الجوهري بين جريمة القتل العمد وجريمة القتل الخطأ هو
في الركن المعنوي (القصد الجرمي) أي ان القتل الخطأ يختلف في الركن
المعنوي، ففي حين يتخذ الركن المعنوي في جريمة القتل العمد صورة القصد
الجرمي، يتخذ في القتل الخطأ صورة الخطأ(22).

أركان جريمة القتل الخطأ:
1 – الركن المادي: وهو القتل – حدوث الوفاة.
2 – الركن المعنوي: وهو الخطأ الذي ينسب إلى الجاني.

1 – الركن المادي: القتل – حدوث الوفاة: هذا الركن يتحقق بتوافر ثلاثة عناصر:
أ – النشاط الخاطئ للجاني.
ب – النتيجة الجرمية الضارة.
ج – العلاقة السببية بين الخطأ والوفاة(23).

2
– الركن المعنوي: خطأ الفاعل: يشترط لتحقق هذه الجريمة ان يقع خطأ من
الفاعل، فان لم يكن هناك خطأ فلا توجد مسؤولية جزائية وانما يعتبر الحادث
قضاءً وقدراً غير معاقب عليه، وان كان الفعل متعمداً خرجت الجريمة عن كونها
قتل خطأ وأعتبر قتل عمد أو ضرب مفضي إلى الموت.

تعريف الخطـأ: عرّف الفقيه كارو الخطأ بانهتصرّف لا يتفق مع الحيطة التي تتطلبها الحياة الاجتماعية)، فيما عرّفه الفقيه جندي عبد الملك بانهكل
فعل أو ترك إرادي تترتب عليه نتائج لم يردها الفاعل مباشرة ولا بطريق غير
مباشر ولكنه كان في وسعه تجنبها)، كما عرّفه الدكتور جلال ثروت بانههو ذلك المسلك الذي لا يأتيه الرجل الحريص لو وجد في مكان الجاني).

صـور الخطـأ: وردت صور الخطأ التي تستوجب المسؤولية الجزائية في المادة (35) من قانون العقوبات العراقي، وهذه الصور هي:
1 – الإهمال.
2 – الرعونة.
3 – عدم الانتباه.
4 – عدم الاحتياط.
5 – عدم إطاعة القوانين والأنظمة والأوامر(24).

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــ
(22) د. فخري الحديثي، نفس المرجع، ص 177.
(23) د. واثبة السعدي، نفس المرجع، ص 130 – 132.
(24)
للاستزادة فيما يخص (صور الخطأ) أنظر على سبيل المثال: د. واثبة داود
السعدي، نفس المرجع، ص 134 – 137، و د. فخري الحديثي، نفس المرجع ، ص 181 –
185، وللاستزادة في موضوع (الاركان العامة للجريمة) (الركن المادي/ الركن
المعنوي) و(الخطأ)، أنظر: د. فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات – القسم
العام، ص 177 – 320 ، بغداد – 1992 .

المبحث الرابع

جريمتا القتل العمد والقتل الخطأ في القوانين الوضعية

عرّف القانون الفرنسي في المادة (295) من قانون العقوبات (القتل العمد) بانهالفعل المرتكب إرادياً يوصف بالقتل العمد).
ان المشرع الفرنسي تكلم عن العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد وذلك في المادة (304) حيثيعاقب من يرتكب جريمة قتل عمد بالأشغال الشاقة المؤبدة).
هذه العقوبة لا يتم تطبيقها على المتهم بارتكاب جريمة قتل عمد إلا إذا
تحقق في الجريمة الركن المادي والركن المعنوي، ان عقوبة القتل العمد المشار
إليها يمكن ان تتنزل إلى حدها الأدنى وهي سنتين حبس في حالة قبول الاعذار
المخففة (المادة 463) ويكفي في فرنسا لمنح الظروف المخففة عندما يؤيد خمسة
من أعضاء محكمة الجنايات من بينهم المحلفين.
كما نصت المادة (296) من قانون العقوبات الفرنسي إلى انكل قتل عمد مقترن بسبق إصرار أو ترصد يوصف بالاغتيال) وقد بيّنت المادة (297) من قانون العقوبات الفرنسي بان سبق الإصرارهو
العزم المصمم عليه قبل الواقعة بالاعتداء على شخص محدد أو على الذي يوجد
أو يلتقي به حتى ولو كان هذا التصميم يرتبط بظرف أو بشرط)، كما ان المادة
(302) من قانون العقوبات الفرنسي تعاقب الاغتيال بالموت. كما جاء في المادة
(304) منهيعاقب
بالموت القتل العمد المسبوق أو المصاحب أو المتبوع بجناية أخرى كذلك يعاقب
بالموت القتل العمد الذي محله تهيئة أو تسهيل تنفيذ جنحة لتفضيل الهرب أو
تأمين عدم المعاقبة للفاعلين أو الشركاء في هذه الجنحة).

في قانون العقوبات العراقي النافذ (المرقم111 لسنة 1969المعدل)

جريمة القتل العمد: تنص المادة (405) من القانون المذكور على انهمَنْ قتل نفساً عمداً يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت.).
في حين تنص المادة (406) منه على ما يلي:
(1 – يعاقب بالإعدام مَنْ قتل نفساً عمداً في إحدى الحالات التالية: –
أ – إذا كان القتل مع سبق الإصرار أو الترصد.
ب – إذا حصل القتل باستعمال مادة سامة، أو مفرقعة أو متفجرة.
ج – إذا كان القتل لدافع دنئ أو مقابل أجر، أو إذا أستعمل الجاني طرقاً وحشية في ارتكاب الفعل.
د – إذا كان المقتول من أصول القاتل.
هـ – إذا وقع القتل على موظف أو مكلف بخدمة عامة أثناء تأدية وظيفته أو خدمته أو بسبب ذلك.
و – إذا قصد الجاني قتل شخصين فأكثر فتم ذلك بفعل واحد.
ز – إذا أقترن القتل عمداً بجريمة أو أكثر من جرائم القتل عمداً أو الشروع فيه.
ح
– إذا أرتكب القتل تمهيداً لارتكاب جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة
لا تقل على سنة أو تسهيلاً لارتكابها أو تنفيذاً لها أو تمكيناً لمرتكبها
أو شريكه على الفرار أو التخلص من العقاب.
ط – إذا كان الجاني محكوماً عليه بالسجن المؤبد عن جريمة قتل عمدي وأرتكب جريمة قتل عمدي أو شرع فيه خلال مدة تنفيذ العقوبة.
2 – وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد في الأحوال التالية: –
أ – إذا قصد الجاني قتل شخص واحد فأدى فعله إلى قتل شخصين فأكثر.
ب – إذا مثـّل الجاني بجثة المجني عليه بعد موته.
ج
– إذا كان الجاني محكوماً عليه بالسجن المؤبد في غير الحالة المذكور في
الفقرة (1 – ط ) من هذه المادة وأرتكب جريمة قتل عمدي خلال مدة تنفيذ
العقوبة.).
أما المادة (407) من نفس القانون فقد نصت على أنهيعاقب
بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين أو بالحبس مدة لا تقل عن سنة الأم التي
تقتل طفلها حديث العهد بالولادة اتقاءً للعار إذا كانت قد حملت به
سفاحاً.).
والمادة (408) منه تنص:
(1 – يعاقب بالسجن مدة لا
تزيد على سبع سنوات من حرّض شخصاً أو ساعده بأية وسيلة على الانتحار إذا تم
الانتحار بناءً على ذلك. وتكون العقوبة الحبس إذا لم يتم الانتحار ولكن
شرع فيه.
2 – إذا كان المنتحر لم يتم الثامنة عشرة من عمره أو كان ناقص
الإدراك أو الإرادة عد ذلك ظرفاً مشدداً. ويعاقب الجاني بعقوبة القتل عمداً
أو الشروع فيه – بحسب الأحوال – إذا كان المنتحر فاقد الإدراك أو الإرادة.

3 – لا عقاب على مَنْ شرع في الانتحار.).
وتنص المادة (409) منه على أنهيعاقب
بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه في حالة
تلبسها بالزنا أو وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال أو قتل
أحدهما أو اعتدى عليهما أو على أحدهما اعتداء أفضى إلى الموت أو إلى عاهة
مستديمة. ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر ولا
يطبق ضده أحكام الظروف المشددة.).

جريمة القتل الخطأ: وبخصوص هذا النوع من الجرائم، تنص المادة (411) من القانون المذكور على انه:
(1
– مَنْ قتل شخصاً خطأً أو تسبب في قتله من غير عمد بان كان ذلك ناشئاً عن
إهمال أو رعونة أو عدم انتباه أو عدم احتياط أو عدم مراعاة القوانين
والأنظمة والأوامر يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين.
2 –
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن ثلثمائة دينار
ولا تزيد على خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة
نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو
حرفته أو كان تحت تأثير مسكر أو مخدر وقت ارتكاب الخطأ الذي نجم عنه
الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب
المساعدة له مع تمكنه من ذلك.
3 – وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن
ثلاث سنوات إذا نشأ عن الجريمة موت ثلاثة أشخاص أو أكثر. فإذا توافر مع ذلك
ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة تكون العقوبة السجن مدة لا
تزيد على سبع سنوات.).

المبحث الخامس

أمثلة عن جرائم القتل العمد والقتل الخطأ في أحكام القضاء العراقي

رئاسة محكمة التمييز/ بغداد
44/هيئة عامة/ 94
المتهم/ (ح ج ح)
أحال قاضي تحقيق الاعظمية بقرار المرقم (711) والمؤرخ في 24/7/1993
المتهم (ح خ) موقوفاً على محكمة جنايات الرصافة لإجراء محاكمته بدعوى غير
موجزة وفق أحكام المادة (405) عقوبات.
قررت محكمة جنايات الرصافة
بتاريخ 8/9/1993 وفي الدعوى المرقمة 807/ج/1993 إدانة المتهم (ح خ) وفقاً
لاحكام المادة (406/ ف 1/ أ ) عقوبات لقتله عمداً المجني عليه (ع ب) بسبب
العداء السابق بينهما وحكمت عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت مع احتساب
موقوفيته من 18/3/1993 إلى 7/9/1993 وأفهمت بان أوراق دعواه سترسل تلقائياً
إلى محكمة التمييز وان له الحق بالطعن بالقرار خلال المدة القانونية كما
قررت إيداع البندقية المضبوطة (المبرز الجرمي) والبندقية الخاصة بالمجني
عليه إلى مركز الشرطة المختص لتطبق بشأنها أحكام القوانين المختصة استناداً
للمادة (309) الأصولية كذلك إلزامه بدفع تعويض إلى والدي المجني عليه كل
من (س س) و(ب ع) مقداره (000
آلاف دينار تقسم بينهما بالتساوي وإلزامه أيضاً بدفع أجور محاماة وكيلا
المدعين بالحق الشخصي المحاميان (ب ش) و(ف ع) مقداره (400) دينار تقسم
بينهما بالتساوي وتستحصل تنفيذاً كل ذلك بعد أكتساب الحكم الدرجة القطعية.
طلبت رئاسة الادعاء العام بمطالعتها المرقمة 156/هيئة عامة/93 والمؤرخة
في 5/4/1994 تبديل الوصف القانوني لفعل المتهم وإدانته وفق المادة (405)
عقوبات استناداً للمادة (260) من الأصول وتخفيف عقوبة الإعدام إلى السجن
المؤبد مع تصديق كافة القرارات الأخرى الصادرة من المحكمة لموافقتها
للقانون.
طعن المدعي العام أمام محكمة جنايات الرصافة بالحكم المذكور
طالباً نقضه للأسباب المذكورة بعريضته التمييزية المؤرخة في 19/9/1993.
قدم وكيل المدان المحامي (س ر) لائحته التمييزية المؤرخة في 12/9/1993 وطلب فيها نقض القرار للأسباب الواردة فيها.
قــــرار:
لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة العامة في محكمة التمييز وجد ان
محكمة جنايات الرصافة قررت بتاريخ 8/9/1993 في الدعوى المرقمة 570/ج/93
إدانة المتهم (ح خ) وفق المادة ( 406/1/ أ ) من قانون العقوبات لقيامه
بتاريخ 16/3/1993 بقتل المجني عليه (ع ب) عمداً مع سبق الإصرار والترصد
وحكمت عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت وإلزامه بالتعويض لوالدي المجني عليه
مقدار ثمانية آلاف دينار، ولدى عطف النظر على قراري الإدانة والعقوبة
المشار إليها بين بان المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون حيث ان الثابت وما
أظهرت وقائع القضية ان المتهم أعترف أمام المحقق وقاضي التحقيق بذهابه ظهر
يوم الحادث إلى بستان ذوي المجني عليه لكي يلتقي مع المدعوة (ب م) أبنة عم
المجني عليه وكان على علاقة بها وعندما شاهده المجني عليه حصلت مشادة بين
الطرفين وكان يحمل بندقية كلاشنكوف وسحب أقسامها وحصل اشتباك بالأيدي بين
المتهم والمجني عليه استطاع المتهم توجيه البندقية نحو المجني عليه وضغط
على الزناد فانطلقت ثلاثة اطلاقات أصابت المجني عليه في صدره وبطنه وان كشف
الدلالة الذي أجري من قبل قاضي التحقيق جاء مطابقاً لاعتراف المتهم كما ان
التقرير الطبي التشريحي العدلي لجثة المجني عليه تضمن إصابة المجني عليه
بثلاث اطلاقات نارية في الصدر والبطن بما يطابق اعتراف المتهم أيضاً وضبطت
البندقية في دار المتهم أثناء التحري وعند فحصها ثبت بات تاريخ الإطلاق
منها حديثاً إضافة إلى بقع الدماء التي وجدت على دشداشة المتهم المضبوطة في
داره عند التحري تأيد بانها دماء بشرية كما ان بندقية المجني عليه المعثور
عليها في محل الحادث تبين من فحصها بان تاريخ الإطلاق منها حديثاً إضافة
إلى ان الشاهدين (ق) و(ي) ولدي ( أ ح) أيدا مشاهدتهما المتهم بتاريخ ووقت
الحادث كان يحمل رشاشة وعليه تكون الأدلة المتوفرة في القضية كافية ومقنعة
ان المتهم أرتكب فعلاً ينطبق واحكام المادة (405) عقوبات لقتله المجني عليه
عمداً بإطلاق النار عله بتاريخ الحادث اثر مشاجرة حصلت بينهما وان سبق
الإصرار والترصد مستبعد في هذه القضية ذلك ان الوقائع لا تشير إلى توفر سبق
الإصرار ان الدليل المعتبر في القضية هو اعتراف المتهم المعرف ببقية
الأدلة والقرائن المشار إليها واستناداً لاحكام المادة (260) من قانون أصول
المحاكمات الجزائية قرر تبديل الوصف القانوني للجريمة التي ارتكبها المتهم
وادانته وفق المادة (405) من قانون العقوبات وبما ان عقوبة الإعدام شنقاً
حتى الموت المفروضة بحقه أصبحت لا تتفق وفعل المتهم وفق الوصف القانوني
الجديد عليه قرر تخفيفها إلى السجن المؤبد وتصديق بقية الفقرات الحكمية
الأخرى الصادرة من المحكمة وتنظيم مذكرة سجن جديدة تحتسب بها موقوفية
المدان ومدة سجنه السابقة وإرسالها إلى قسم إصلاح الكبار وصدر القرار
بالاتفاق في 8/صفر/1417 هـ الموافق 24/6/1996 م(25).

تم بحمد الله

(انجز طباعة البحث في 1/8/2006)

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(25)
أنظر: مجلة القضاء، الأعداد 1 و 2 و 3 و4 (مجتمعة)، ص 112 – 114، بغداد –
1999، كذلك أنظر في نفس العدد ص 153- 160، كذلك ص 160- 167 (قتل مقترن مع
سبق الإصرار)، وص 173- 176. كذلك أنظر: مجلة القضاء، العدد الرابع، بغداد –
1987، ص 168- 172 (القتل العمد المعزول عن سبق الإصرار)، كذلك ص 178- 181 و
ص 181- 185. كذلك أنظر: مجلة القضاء، الأعداد 1 و 2 و 3 و4 (مجتمعة)،
بغداد – 1982، ص 313- 314 وص 315- 318 و ص 322- 326 و ص 326- 329، كذلك
أنظر: مجلة القضاء، العدد الثالث – تموز – آب – أيلول 1971 ، ص 360 – 361
(قتل عمد) وص 372 – 374 (اقتران القتل بقتل) وص 374 – 375 (إذا أقترن القتل
بجريمة قتل آخر أو أكثر أو شروع في قتل يعاقب بالإعدام)، وص 375 – 378
(قتل عمد بظروف مشددة)، كذلك أنظر: الموسوعة العدلية، العدد 11، سنة 1993 ،
ص 10 – 11 ، الموسوعة العدلية ، العدد 8 ، سنة 1992 ، ص 10- 11.

المراجع

• القرآن الكريم.
• قانون العقوبات العراقي، رقم 111 لسنة 1969 وتعديلاته.
• د. عامر سليمان، العراق في التاريخ ، بغداد – 1983.
• د. عامر سليمان، القانون في العراق القديم، بغداد – 1987.
• د. بهيجة خليل إسماعيل، مسلة حمورابي، بغداد – 1980.
• د. هاري ساكز، عظمة بابل، ترجمة د. عامر سليمان إبراهيم، فرنسا – 1979.
• د. مصطفى الزلمي وعبد الباقي البكري، المدخل لدراسة الشريعة، بغداد – 1989.
• د. سليم حربة، القتل العمد وأوصافه المختلفة، بغداد – 1988.
• د. واثبة داود السعدي، قانون العقوبات – القسم الخاص ، بغداد 1988 – 1989 .
• د. فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص ، بغداد – 1996 .
• د. فخري الحديثي، شرح قانون العقوبات – القسم العام ، بغداد – 1992 .
• مجلة القضاء، العدد الثالث – بغداد – 1971 .
• مجلة القضاء، العدد 1 و 2 و 3 و4 ، بغداد – 1982 .
• مجلة القضاء، العدد الرابع – بغداد – 1987 .
• مجلة القضاء، العدد 1 و 2 و 3 و4 ، بغداد – 1999 .
• الموسوعة العدلية ، العدد 8 ، بغداد – 1992 .
• الموسوعة العدلية ، العدد 10 ، بغداد – 1992 .
• الموسوعة العدلية ، العدد 11 ، بغداد – 1993 .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت