بين المشرع حالات كسب الجنسية المصرية في المواد ٧ ،٥ ،٤ ،٣ من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ بشأن الجنسية المصرية الذي عمل به بعد ثلاثين يوماً من تاريخ نشره نشر في ٢٩ مايو سنة ١٩٧٥ وهذه الأحكام منقولة عن نظيرتها التي أوردها قانون جنسية الجمهورية العربية المتحدة عام ١٩٥٨ ، وتلك التي أوردها تشريع ١٩٥٦ الذي كان بدوره قد نقل أحكام الجنسية المكتسبة عن قانوني الجنسية الصادرين عام ١٩٢٩ وعام ١٩٥٠ مع بعض التعديلات. وقد استجاب المشرع في مصر للأصول العامة في الجنسية، فأفسح لإرادة الفرد دوراً في كسبها، مع تزويد السلطة التنفيذية بسلطة تقديرية مطلقة في تقدير منح الجنسية أو رفضها، ولا يجوز الطعن في قرارها بالرفض إلا إذا شابه عيب الانحراف بالسلطة. وحالا تكسب الجنسية المكتسبة تنحصر في التجنس بمعناه الاصطلاحي، وهو ما يسمى التجنس العادي، أي التجنس الذي يعتمد على الإقامة وحدها. وفي التجنس الخاص، أي التجنس الذي يستغنى فيه عن الإقامة مكتفياً بعوامل أخرى مثل الانتماء إلى الأمة العربية، أو أداء خدمات جليلة للدولة أوالقومية العربية، أو الذي تقرن فيه الإقامة بعوامل أخرى كالميلاد في الخارج من أم وطنية. وبجانب التجنس بصورته العادي والخاصة بنى المشرع كسب الجنسية على مبدأ التبعية العائلية، سواء بالنسبة للأولاد القصر، أم بالنسبة للزوجة في حالة الزواج المختلط. ولا يوجد في التشريع المصري الحالي حالات لكسب الجنسية المكتسبة نتيجة لانفصال الإقليم أو ضمها، غير أن المشرع قد اعتمد على هذه الأصول في تأسيس الجنسية المصرية غداة انفصال مصر عن الدولة العثمانية. وسوف نعرض في هذا الفصل، للموضوعات الآتية :

١- التجنس العادي. ٢- التجنس الخاص.

٣- الزواج المختلط. ٤- التبعية العائلية للمتجنس.

٥- آثار الجنسية المكتسبة.

١- حالات التجنس العادي :

يتميز الجنس العادي بأن قوامه الإقامة العادية في مصرن دونما عنصر آخر، وهو يتم في التشريع المصري بعمل إرادي من جانب الفرد طالب التجنس ومن جانب الدولة. وهو أمر جوازي من حق الدولة منحه ومن حقها رفضه رغم توافر الشروط التي نص عليها القانون. وقد استقر القضاء الإداري في مصر على أنه لا يجو الطعن في قرار رفض الجنسية، ما لم يكن هذا القرار قد شابه عيب إساءة استعمال السلطة من جانب الإدارة، وهو يكون كذلك إذا كانت الغاية منه غير مشروعة، وعلى من يدعي عدم المشروعية عبء الإثبات. وسنقتصر هنا على دراسة شروط التجنس، أما آثاره فسنرجئ بحثها إلى دراسة آثار الجنسية المكتسبة عموماً. وللتجنس في التشريع المصري صورتان، التجنس العادي بالإقامة، والتجنس الخاص وهو الذي يقوم على فكرة الإقامة مضافاً إليها عوامل أخرى، أو أطلق بعضها من شرط الإقامة وغيره من الشروط، وسنعرض لكل من التجنس العادي بالإقامة والتجنس الخاص كل على حده.

أولا: التجنس العادي بالإقامة

شروطه :

أورد المشرع شروط التجنس العادي، في الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من قانون الجنسية المصرية رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ ، والتي نصت على أنه يجوز بقرار من وزير الداخلية، منح الجنسية المصرية )خامساً(، لكل أجنبي، جعل إقامته العادية في مصر مدة عشر سنوات متتالية على الأقل، سابقة على تقديم طلب التجنس، متى كان بالغاً سن الرشد وتوافرت فيه الشروط المبينة في البند )رابعاً(.

والشروط المبينة في البند رابعاً من ذات المادة، والتي تطلبت الفقرة الخامسة ضرورة توافرها في الأجنبي طالب التجنس هي :

١- أن يكون سليم العقل، غير مصاب بعاهة تجعله عالة على المجتمع.

٢- أن يكون حسن السلوك محمود السمعة، ولم يسبق عليه الحكم بعقوبةجناية، أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره.

٣- أن يكون ملماً باللغة العربية.

٤- أن تكون له وسيلة مشروعة للكسب.

ومن الجلي، أن هذه الشروط لا تخرج عن الشروط المألوفة التي سبق أن عرضنا لها في الأصول العامة للتجنس، وهي تدور حول شرطي الإقامة، والأهلية، وشروط تكميلية، تستهدف الاستيثاق من الاندماج في الجماعة المصرية، وعدم كون الشخص عالة على المجتمع بفقره أو بخلقه أو بصحته. ومن الواضح أن الجنسية لا تثبت بقوة القانون، بل تخضع للتقدير المطلق للسلطة التنفيذية بعد توافر شروط كسبها.

١- إقامة عادية مدة عشر سنوات :

إن شرط الإقامة هو عماد التجنس، وعلة اقتضائه هي الإستيثاق من اندماج طالب التجنس في الجماعة المصرية. ويجب أن تكون هذه الإقامة إقامة عادية، وتتحقق الإقامة العادية بتوافر ركنيها : الإقامة الفعلية، ونية الاستقرار. وعلى ذلك، فإن على طالب التجنس أن يتخذ من مصر موطنه الفعلي، ويقتضي ذلك الإقامة المستمرة المتصلة، فإذا انقطعت الإقامة بغياب الشخص من مصر ثم عودته إليها لا تحسب له المدة السابقة على غيابه، وعليه أن يبدأ إقامة جديدة. والغيبة التي تقطع الإقامة هي الغيبة بنية عدم الاستقرار في مصر، وذلك على خلاف الغيبة العارضة فإنها لا تقطع اتصال الإقامة، مثل السفر إلى الخارج لدواعي الاستشفاء أو طلب العلم أو السياحة، طالما كانت لديه نية العودة إلى مصر والتوطن فيها. ونية العودة مسألة موضوعية يستخلصها القاضي من الظروف والملابسات الخاصة في كل حالة على حده، ولذلك إذا قام مانع قهري يجعل العودة متعذرة، فإن هذا المانع لا يؤثر في إقامة الشخص، ما دامت لديه نية العودة، وهي تتحقق بالعودة الفعلية إلى مصر بعد زوال المانع، واستخلاص هذه النية وتقدير المانع من الأمور المتروكة للقضاء، وهذا التفسير هو ما استقر عليه القضاء الإداري في مصر. ويشترط أن تتصل الإقامة، بالمعنى سالف الذكر، مدة عشر سنوات، فإذا انقطعت الإقامة في مصر قبل انقضاء مدة السنوات العشر ثم عاد الشخص إليها، لا تحسب له المدة السابقة وعليه أن يبدأ مدة إقامة جديدة. ويشترط في الإقامة فضلاً عن كونها إقامة عادية ومستمرة متصلة، أن تكون إقامة مشروعة. وعلى ذلك، فمن صدر أمر بإبعاده عن البلاد ثم عاد إليها خلسة وأقام بها، فإنه لا يعتد بهذه الإقامة في التجنس. ولا يشترط أن يكون الأجنبي بالغاً سن الرشد وقت بدء مدة الإقامة، بل يجوز أن يكون قاصراً وقتذاك، إذ أن شرط البلوغ لازم عند تقديم طلب التجنس وليس عند بدء الإقامة. وقد ثار التساؤل عن الوقت الذي يتقدم فيه الأجنبي بطلب التجنس بعد مضي مدة السنوات العشر، فذهب فريق من الشراح إلى أنه على الأجنبي أن يتقدم بطلب التجنس فور تمام السنوات العشر، فإذا تراخى في تقديم طلبه دل ذلك على عزوفه عن التجنس، فإذا ما عن له أن يطلب التجنس بعد مضي مدة لاحقة على تمام السنوات العشر لا يقبل طلبه، وعليه أن يبدأ مدة جديدة.

وذهب فريق آخر من الشراح إلى القول، بعدم ضرورة وضع قاعدة عامة في هذا الخصوص، بل يجب أن نبحث كل حالة على حدة، ويترك تقدير أمرها للسلطة التنفيذية، وهذه تسترشد في ذلك بمسلك الأجنبي الذي تستطيع استخلاصه من ظروف حالته، فإن كان تراخيه في تقديم الطلب يدل على عزوفه عن التجنس، كما لو نقل مركز أعماله إلى الخارج ثم عاد إلى مصر، وجب عليه بدء مدة إقامة جديدة إذا ما أراد التجنس، أما إذا كان التراخي في تقديم الطلب يرجع إلى أسباب قهرية، كما لو كان قد استدعى لأداء الخدمة العسكرية في بلده وعاد عقب أدائها، فإن طلبه يقبل ولا يطالب ببدء مدة إقامة جديدة. أما الرأي الثالث، وهو الصحيح عندنا، لأنه يتفق مع عبارة النص، فيرى أن المشرع لا يتطلب التقدم بطلب التجنس فور تمام مدة الإقامة، ومن ثم يجوز له التقدم بهذا الطلب في أي وقت طالما أن إقامته العادية بمصر متصلة حتى تقديم الطلب، فإذا سافر إلى الخارج بعد تمام مدة الإقامة في غيبة عارضة، ثم عاد وتقدم بطلبه يقبل منه الطلب، أما إذا سافر إلى الخارج وأقام هناك وتقدم بطلب التجنس من هناك يرفض طلبه، وكذلك يرفض طلبه في هذه الحالة إذا عاد إلى مصر وعليه أن يبدأ مدة إقامة جديدة، أما إذا بقى في مصر وتراخى في تقديم طلبه، فإنه يقبل منه طالما ظل محافظاً على إقامته المعتادة المتصلة بمصر، وهذا الرأي يدعمه أن مدة السنوات العشر هي الحد الأدنى الذي قدره المشرع للاندماج في الجماعة المصرية، فلا ضير على الأجنبي أن زاد عليها.

٢- إلمام الأجنبي باللغة العربية:

وهو شرط مكمل لشرط الإقامة، يستهدف منه الإندماج في الجماعة المصرية، ذلك أن مصر تسودها لغة قومية واحدة هي اللغة العربية، ولا يتحقق الاندماج إلا بمعرفة لغة الجماعة المصرية، واقتصر النص على ذكر الإلمام باللغة العربية، ولم يفصح عن كنه هذا الإلمام، هل هو معرفتها بالسماع، أم معرفتها قراءة وكتابة. وأمام هذا الإجمال في النص، ذهب معظم الشراح إلى ضرورة معرفتها كتابة وقراءة، وهناك رأي يدعو إلى القول بأن إجمال النص لا يسمح بهذا التقييد في كل الحالات، فقد يكون الأجنبي أمياً يجهل القراءة والكتابة. ومن الأفضل أن يراعي حالة الشخص، فإذا كان أمياً اكتفى بقدرته على التفاهم باللغة العربية، وإن كان متعلماً وجب أن يعرف العربية قراءة وكتابة. ونرى أن مصر التي تحارب الأمية فيها، لمي عد مقبولاً لديها منح شخص أمي أجنبي جنسيتها، لتزيد الأميين الوطنيين، أمياً أجنبياً تضفي عليه جنسيتها. وقد اكتفى المشرع المصري باشتراط الإلمام بالعربية، دون التشبه الجماعة في حياتها وطرق معيشتها، وكان من الأوفق أن يشترط التشبه بالجماعة . المصرية، كما فعل المشرع الفرنسي في قانون الجنسية الفرنسية سنة ١٩٤٥.

٣- بلوغ سن الرشد وقت تقديم الطلب :

ويكمن لزوم هذا الشرط، في أن التجنس عمل إرادي، غير أنه يثور التساؤل عن القانون الذي يحكم سن الرشد، وعن تفسيره. هل يحمل على معنى كمال الأهلية، أم يكتفي ببلوغه سن الرشد حتى ولو كان الشخص ناقص الأهلية، لإصابته بعارض من عوارض الأهلية كالسفه أو الجنون..إلخ. من المسلم أن القانون المصري هو الذي يحكم الأهلية، وعلى ذلك فتحديد سن الرشد يخضع للقانون المصرين وقد أكد المشرع في المادة ( ٢٣ ) من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ أن سن الرشد يتحدد طبقاً لأحكام القانون المصري. ونعتقد، مع غالبية الشراح، أن اشتراط بلوغ سن الرشد يجب أن يحمل على معنى كمال الأهلية، أي عدم إصابة الشخص. بعارض من عوارض الأهلية، لأن التجنس عمل إرادي يؤدي إلى تغيير جوهري في مركز الشخص، ومن ثم، يجب أن يصدر التعبير عن إرادة واعية حرة ناضجة. ويجب أن نلاحظ، أن إقصار المشرع على ذكر بلوغ سن الرشد دون كمال الأهلية، يكمله ما ورد في البند رابعاً من ذات المادة، من اشتراط كمال العقل وعدم الإصابة بعاهة تجعل الأجنبي عالة على المجتمع، ولم تستوعب هذه الفقرة كل عوارض الأهلية، فهي لا تنصرف إلى السفه، تأسيساً على أن المشرع اقتصر على شرط بلوغ سن الرشد وسلامة العقل دون كمال الأهلية. ولا يجوز قبول طلبه – طبقاً للرأي الذي اخترناه – تأسيساً على أن بلوغ سن الرشد يحمل على معنى كمال الأهلية، وعلى كل حال، فشرط سلامة العقل والبدن ضيق من شقة الخلاف بين الرأيين، فضلاً عن أن أمر التجنس متروك لتقدير السلطة التنفيذية، وهي عادة لا تقبل طلب التجنس من ناقص الأهلية.

٤- كون الأجنبي غير عالة على المجتمع المصري :

هذا الشرط مألوف في الأصول العامة للتجنس، وقد حدد المشرع المصري هذه الحالات باشتراط سلامة العقل والبدن، حسن السير والسمعة الحميدة، وعدم سبق الحكم عليه بعقوبة جناية، أو عقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف ما لم يكن رد إليه اعتباره، ووجود وسيلة مشروعة للكسب على النحو الوارد في البند رابعاً من ذات المادة والسابق الإشارة إليه.

٥- التقدم بطلب التجنس :

يعتبر هذا الشرط من خصائص التجنس، وبالنظر إلى أن التجنس منحة من الدولة، فإنه يخضع في منحه أو رفضه لتقديرها المطلق. وقد حدد المشرع الجهة التي تقدم إليها طلبات التجنس، وإجراءاته في المادة ( ٢٠ ) من قانون الجنسية المصرية رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ ، فنص على أن “الإقرارات وإعلانات الإختيار والأوراق والطلبات المنصوص عليها في هذا القانون، توجه إلى وزير الداخلية أو من ينيبه في ذلك، وتحرر على النماذج التي يصدر قرار من وزير الداخلية بتحديدها”. ويلاحظ أن قانون ١٩٧٥ قد جاء خلواً من النص على جواز تسليم الطلب في الخارج إلى الممثلين السياسيين لمصر أو قناصلها، كما كان عليه الحال في تشريعات الجنسية السابقة، وذلك دون سبب واضح. أما كيفية التسليم فقد ترك المشرع تنظيمها لقرار يصدر من وزير . الداخلية. وقد صدر ذلك بالفعل قرار وزير الداخلية رقم ١١٩٧ لسنة ١٩٧٥ والتقدم بطلب التجنس مع توافر الشروط المنصوص عليها في القانون، لا يلزم الحكومة بمنح طالب التجنس الجنسية المصرية، بل أن الأمر جوازي لها، فتستطيع رفض طلبه رغم توافر الشروط المطلوبة. ولا يطعن على قرارها إلا إذا شابه عيب الانحراف بالسلطة، وهذا الرأي تمليه طبيعة التجنس وهو ما استقر عليه القضاء الإداري في مصر. ويجب ألا يفهم من خضوع طلب التجنس لتقدير الدولة، أنها تستطيع منحه بالرغم من عدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون، فهي لا تستطيع منحه بالمخالفة لهذه الشروط، ولكنها تستطيع – رغم توافر الشروط – رفضه.

عدم اشتراط موافقة دولة الأجنبي على التجنس :

لم يرد في قانون الجنسية الصادر عام ١٩٧٥ ، ولا في قوانين الجنسية السابقة عليه، اشتراط تنازل الأجنبي عن جنسيته الأصلية، ولا حصوله على تصريح من الدولة التابع لها بخروجه من جنسيتها. وقد أثار عدم النص على هذا الشرط خلافاً بين الشراح. فذهب بعضهم إلى أنه يشترط في طالب الجنسية المصرية أن يفقد جنسيته الأصلية فقداً صحيحاً وفقاً لقانون دولته، بحجة أن مؤتمر لاهاي الذي انعقد سنة ١٩٣٠ والذي اشتركت فيه الحكومة المصرية، يوصي بأن تستوثق الدولة قبل منح جنسيتها بطريق التجنس أن يكون طالب التجنس قد خرج من جنسيته الأصلية، وذلك لمحاربة ازدواج الجنسية. وذهب معظم الشراح، إلى أن توصية لاهاي لا تلزم القاضي، طالما أن المشرع المصري لم يسن بها تشريعاً، فضلاً عن أن تعليق منح الجنسية المصرية على إجراء يصدر من دولة أجنبية، يتنافى مع مبدأ حرية الدولة في مادة الجنسية في مواجهة غيرها من الدول.

ولذلك انتهى رأيهم إلى عدم تعليق منح الجنسية المصرية على تنازل الأجنبي عن جنسيته الأصلية ولا على موافقة دولته، ما دام المشرع المصري لم يشترط هذا الشرط، والقول بغير ذلك يؤدي إلى تحميل النص بأكثر مما تتسع له عبارته. ونود أن نشير إلى أن المشرع المصري أيد الفقه السائد والقال بعدم جواز تعليق منح الجنسية المصرية على تنازل الأجنبي عن جنسيته الأصلية. وذلك عندما صدر القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ بشأن الجنسية المصرية وأجاز في مادته العاشرة، ازدواج الجنسية على النحو الذي سيرد فيما بعد.

تشريع ١٩٧٥ لم يأخذ بالتجنس العادي بالإقامة القصيرة :

كانت المادة السادسة من القانون رقم ٨٢ لسنة ١٩٥٨ تنص على أنه “يجوز بقرار من رئيس الجمهورية، منح جنسية جمهورية مصر العربية المتحدة، لكل أجنبي توافرت فيه شروط المادة السابقة” (والخاصة بالتجنس بالإقامة الطويلة)، إذا كان بقصد التجنس، قد حصل على إذن وزير الداخلية بالتوطن في الجمهورية العربية المتحدة، وان يكون قد أقام بها فعلاً مدة خمس سنوات متتاليات بعد هذا الإذن. ويبطل أثر الإذن إذا انقضت تلك المدة ولم يطلب التجنس خلال الثلاثة أشهر التالية. وإذا مات المأذون قبل منحه جنسية الجمهورية العربية المتحدة، جاز لزوجته وأولاده القصر وقت صدور الإذن أن ينتفعوا به وبالمدة التي يكون المتوفى قد أقامها”. ، والنص سالف الذكر، منقول عن المادة السادسة من قانون سنة ١٩٥٦ الذي نقلها عن المادة السادسة من قانون ١٩٥٠ ، والذي أخذ هو الآخر من المادة التاسعة من قانون ١٩٢٩ مع بعض التعديلات.

ومن الواضح، أن منح الجنسية – بالتجنس العادي بالإقامة القصيرة – كان يتم – وفقاً لقانون ١٩٥٨ – بناء على طلب من الأجنبي. وموافقة الحكومة التي تستطيع منحه الجنسية المصرية إذا تحققت الشروط المطلوبة، وهي تستطيع – رغم توافر الشروط – أن ترفض منحها. وكانت الشروط المطلوبة لمنح الجنسية – بالتجنس العادي بالإقامة القصيرة- هي ذات الشروط في التجنس بالإقامة الطويلة، مع تخفيض المدة إلى خمس سنوات، وإلزام طالب التجنس بالتقدم بطلب التجنس خلال الثالثة أشهر لتمام المدة، وفي حالة وفاة الزوج المأذون له بالإقامة قبل اكتساب الجنسية المصرية، يجوز للزوجة والأولاد القصر أن يستفيدوا من الإذن ومن مدة الإقامة التي قضاها الزوج قبل وفاته، مع التفرقة بين وفاة الزوج قبل انقضاء مدة الخمس سنوات ووفاته بعد انقضاء المدة المذكورة. ففي الحالة الأولى يجوز لهم إكمال مدة الخمس سنوات، ثم يتقدم كل منهم بطلب التجنس خلال الثلاثة أشهر التالية لتمام السنوات الخمس. وفي الحالة الثانية، تجب التفرقة بين حالة ما إذا كانت الوفاة قبل انقضاء مهلة الثلاثة أشهر أم بعد انقضائها، وما إذا كان الزوج المتوفى قد تقدم بطلب التجنس من عدمه، فإذا كانت الوفاة قبل انقضاء مهلة الثلاثة أشهر يجوز لهم التقدم بطلبات التجنس من عدمه، فإذا كانت الوفاة قبل انقضاء مهلة الثالثة أشهر يجوز لهم التقدم بطلبات التجنس خلال المدة الباقية من الثلاثة أشهر، وإذا كانت الوفاة بعد انقضاء المهلة، وكان المتوفى قد تقدم بطلب التجنس جاز لهم الإفادة. ومن الطبيعي يكون التقدم بالطلب خلال فترة معقولة عقب الوفاة وقبل البت في طلب التجنس. وإذا كانت الوفاة بعد انتهاء المهلة، ولم يتقدم المتوفى بطلب التجنس،فيمتنع على زوجته وأولاده الإفادة من إذن الإقامة ومدة الإقامة. وكل ما سلف، على النحو الواضح في تشريع ١٩٥٨ والتشريعات السابقة عليه. ولكن تشريع سنة ١٩٧٥ جاء خلواً من النص على التجنس العادي بالإقامة القصيرة كسبب من أسباب كسب الجنسية، وبررت المذكرة الإيضاحية إغفال النص عليه بأن “التطبيق العملي خلال عهد طويل جداً وفي ظل القوانين المتعاقبة، أثبتت ندرة تطبيق النص، فليس له ما يبرره من العمل ولهذا أغفله المشرع”.

وعلى هذا، أصبح إعمال النص الخاص بالتجنس العادي بالإقامة القصيرة، محصوراً في مجال تطبيقه الزمني، ولم يأخذ به تشريع الجنسية . المصرية الحالي الصادر بالقانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥

٣- حالات التجنس الخاص :

أجاز المشرع منح الجنسية المصرية بجانب حالات التجنس العادية، في حالات أخرى شبيهة بالتجنس العادي، ولكنها تختلف عنه في أنها لا تركز على الإقامة وحدها، بل أضاف إليها المشرع عوامل أخرى، أو أطلق منحها من شرط الإقامة وغيره من الشروط، وكل هذه الحالات وتلك يطلق عليها التجنس الخاص، تمييزاً لها عن التجنس العادي. وتشترك هذه الحالات مع التجنس العادي، في كون الجنسية تتم على سبيل المنحة من الدولة بناء على طلب من الفرد، وتثبت لشخص من تاريخ منحه إياها.

وحالات التجنس الخاص في التشريع المصري، تشمل الصور الآتية :

١- الجنسية المبنية على حق الدم الثانوي مقروناً بالإقامة.

٢- الجنسية المبنية على ميلاد الأجنبي في مصر مقروناً بالإقامة فيها.

٣- الجنسية المبنية على فكرة الانتماء إلى الأمة العربية مقرونة بالميلاد

المضاعف، أو بالإقامة، أو غير مقرونة بأي منهما.

٤- الجنسية المبنية على اعتبارات أدبية.

وسوف نعرض لكل حالة من هذه الحالات على حده.

أولاً: التجنس بناء على حق الدم الثانوي والإقامة :

نصت على هذه الحالة، المادة الثالثة من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ بشأن الجنسية المصرية، بقولها “يعتبر مصرياً، من ولد في الخارج، من أم مصرية، ومن أب مجهول أو لا جنسية له أو مجهول الجنسية، إذا اختار الجنسية المصرية خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشد، بإخطار يوجه إلى وزير الداخلية، بعد جعل إقامته العادية في مصر. ولم يعترض وزير الداخلية على ذلك خلال سنة من وصول الإخطار إليه.

يبين من هذا، أنه يتضمن حماً بجواز كسب الجنسية اللاحقة، بناء على طلب الشخص وبموافقة الحكومة المصرية، التي تتمتع بسلطة مطلقة في القبول أو رفض. وتعد هذه الجنسية جنسية مكتسبة بالرغم من أن الميلاد عنصر من عناصر كسبها، لأنها تثبت لشخص بعد بلوغه سن الرشد من تاريخ منحه إياها ولا ترتد إلى الماضي. وهي تعتمد على أساسين : حق الدم الثانوي، والإقامة العادية في مصر. وهي حالة من حالات التجنس الخاص، تختلف عن التجنس العادي، في أنها ترتكز على حق الدم الثانوي بجانب الإقامة، وفي ضرورة التقدم بطلب التجنس خلال سنة من تاريخ بلوغ سن الرشد.

شروطه : يستلزم الحكم المقرر في هذه المادة توافر الشروط الآتية :

١- الولادة في الخارج، من أم مصرية، مع جهالة الأب أو جهالة جنسيته أو انعدامها:

اعتمد المشرع هنا على حق الدم الثانوي، فاشترط أن تكون الأم مصرية، وقيد هذه الولادة بأن تكون خارج مصر، من أب مجهول أي لم يثبت نسب الولد منه شرعاً، أو من أب معلوم وثبت نسب الولد منه ولكنه كان مجهول الجنسية أو عديمها وقت الولادة الطفل. واشتراط الولادة في الخارج، يخرج هذه الحالة من نطاق الحكم الوارد في ، الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الثانية من قانون الجنسية رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ الذي يقضي بأن مثل هذا الشخص – إذا ولد في مصر – يكتسب الجنسية المصرية الأصلية بناء على حق الإقليم. واشتراط جهالة الأب أو جهالة جنسيته أو انعدامها، تخرج هذه الحالة من نطاق الفقرة الأولى من المادة الثنية، التي تكسب الولد جنسية أبيه المصرية فور ولادته بناء على حق الدم الأصلي، وعدم اكتسابه إياها إن كان الأب أجنبياً معلوم الجنسية الأجنبية. واشتراط تمتع الأم بالجنسية المصرية، يؤدي إلى عدم تطبيق الحكم إن كانت الأم غير مصرية، سواء كانت أجنبية أم عديمة الجنسية.

٢- الإقامة العادية في مصر قبل بلوغ سن الرشد :

يجب أن تكون إقامة الشخص العادية في مصر قبل التقدم إلى وزير الداخلية لإبداء رغبته في كسب الجنسية المصرية، وبطبيعة الحال فالغيبة العارضة لا تقطع هذه الإقامة، ويجب أن يتم الإفصاح عن الرغبة في كسب الجنسية خلال سنة من بلوغ سن الرشد. وهذا يعني أن تبدأ الإقامة العادية في مصر لطالب التجنس قبل بلوغ هذه السن، إذ من الصعب استخلاص نية الاستقرار في مصر من مجرد الإقامة فيها فترة لا تتجاوز السنة. ولم يحدد ، التشريع الحالي الفترة المتطلبة للإقامة العادية في مصر خلافاً لتشريع ١٩٥٨ الذي كان يستلزم أن تكون الإقامة العادية في مصر مدة خمس سنوات متتالية. وبررت المذكرة الإيضاحية للتشريع الحالي عدم وضع حد أدنى للإقامة العادية في مصر، بأنه لم يثبت من العمل ضرورته أو أهميته. ومن ثم ، يكفي في ظل القانون الحالي أن يكون الشخص قد جعل إقامته العادية في مصر، ولو لفترة تقل عن خمس سنوات، حتى يمكن له التقدم بطلب اكتساب الجنسية ما دام يمكن استخلاص نيته في الاستقرار في مصر.

والحكمة من هذا الشرط، يه الاستيثاق من الاندماج في المجتمع المصري، لأن الميلاد من أم وطنية في الخارج لا يكفي وحده لتحقيق الولاء لمصر والاندماج في المجتمع المصري، فقد تكون للبيئة الأجنبية أثر في قطع ارتباط الولد بمصر، بالرغم من ولادته من أم وطنية.

٣- طلب الجنسية المصرية خلال سنة من تاريخ بلوغ سن الرشد :

علق المشرع كسب الجنسية المصرية على تقدم الشخص بطلب كسبها، وقد استعمل المشرع كلمة “اختار” بدلا من كلمة “طلب” وكان الأدق أن يستعمل الكلمة الأخيرة. واشتراط التقدم بطلبها شرط طبيعي. لأنها جنسية مكتسبة لا تفرض على الشخص بل يترك أمرها لرغبته، إذ من الجائز أن يكون قد كسب جنسية أجنبية ولا يرغب في حمل الجنسية المصرية، كما في حالة ولادته في دولة تمنح الجنسية بناء على حق الإقليم لمن يولدون على أرضها. ويجب أن نلاحظ أن كسب الجنسية هنا – كما هو الشأن في كل حالات التجنس – غيرمعلق على تنازل الشخص عن جنسيته الأجنبية. أما تحديد مهلة مدتها سنة بعد بلوغ سن الرشد للتقدم بطلب الجنسية، فحكمته التأكد من جدية الشخص في طلبها، فضلاً ‘ن توفر الاستقرار للجنسية. وهي مدة سقوط لا مدة تقادم، فإذا انقضت هذه المدة دون تقديم الطلب، امتنع عليه الإفادة من هذا لحكم، ويصبح سبيله إلى التجنس هو حكم الفقرة الخامسة من المادة الرابعة. أما اشتراط بلوغ سن الرشد، فيرجع إلى أن كسب الجنسية علم إرادي، ونعتقد أن بلوغ سن الرشد يجب أن يحمل على معنى كمال الأهلية. ويقدم طلب التجنس إلى وزير الداخلية، طبقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة ٢٠ من قانون الجنسية التي أوردنا حكمها من قبل. ونكرر، أن التقدم بطلب الجنسية مع توافر الشروط المقررة، لا يلزم وزير الداخلية بمنحها بل له التقدير المطلق في منحها أو رفضها. ونلاحظ، أن المشرع لم يشترط في الصورة التي نتكلم عنها، إلمام طالب التجنس باللغة العربية، ولا وجود مصدر مشروع لتكسبه، ولا سلامة بدنه من العاهات. ولعل المشرع أغفل ذكر هذه الشروط، إعتماداً على ارتباط الولد بالمجتمع المصري عن طريق أمة المصرية، فهو ليس أجنبياً تماماً عن المجتمع خلافاً للأجانب الآخرين. ولم يشترط أيضاً عدم تمتعه بجنسية أجنبية، الأمر الذي قد يؤدي إلى ازدواج الجنسية، إذا حل على الجنسية المصرية وكان متمتعاً بجنسية أجنبية.

٤- عدم اعتراض وزير الداخلية، خلال السنة التالية لإبلاغه باختيار الجنسية:

اشترط المشرع في نص المادة الثالثة من قانون ١٩٧٥ المشار إليه، أن يوجه اختيار الجنسية بإخطار إلى وزير الداخلية، وهذا الإختيار يكفي لإكتساب الشخص الجنسية المصرية إذا توافرت الشروط السابقة، ولم يعترض وزير الداخلية على ذلك خلال سنة من وصول الإخطار إليه. أي أن السلطة التقديرية لوزير الداخلية مقيدة بمدة السنة المشار إليها، ويعتبر فوات المدة دون اعتراض منه، دليلاً على قبول دخول الشخص في الجنسية المصرية.

ثانياً: التجنس المبني على ولادة الأجنبي في مصر وإقامته فيها :

نص المشرع على هذه الحالة، في الفقرة “رابعاً” من المادة الرابعة من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ بقوله “يجوز بقرار من وزير الداخلية، منح الجنسية المصرية، لكل أجنبي ولد في مصر وكانت إقامته العادية فيها عند بلوغه سن الرشد، متى طلب خلال سنة من بلوغه سن الرشد التجنس بالجنسية المصرية، وتوافرت فيه الشروط الآتية:

١- أن يكون سليم العقل، غير مصاب بعاهة تجعله عالة على المجتمع.

٢- أن يكون حسن السير والسلوك محمود السمعة، ولم يسبق عليه بعقوبة جناية، أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره.

٣- أن تكون له وسيلة مشروعة للكسب. ويبين من هذا النص، أنه يجيز كسب الجنسية المصرية بناء على طلب من الفرد وموافقة الدولة، وهي جنسية مكتسبة بالرغم من أن الميلاد في مصر يدخل في عناصرها، لأنها لا تكتسب بقوة القانون لحظة الميلاد، بل فقط من وقت منحها بعد بلوغ سن الرشد، ولا ترتد إلى الماضي. ويعتمد منح الجنسية على أساسين : الولادة في مصر، والإقامة العادية بها. وتفترق هذه الحالة عن التجنس العادي، في أنه لا يكتفي فيها بالإقامة، بل يزيد عليها الولادة في مصر، والتقدم بطلب التجنس خلال سنة من تاريخ بلوغ سن الرشد.

شروطه :

يستلزم تطبيق الحكم سالف الذكر، توافر الشروط الآتية : يجب توافر شروط التجنس العادي السابق الكلام عنها، فضلاً عن الولادة في مصر. ومن ثم، يشترط :

١- الإلمام باللغة العربية.

٢- كون الأجنبي غير عالة على المجتمع المصري بضعف عقله أو بدنه أو بسوء خلقه أو بفقره.

٣- تقديم طلب التجنس خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشد: وهو يقدم هذا الطلب إلى وزير الداخلية طبقاً للإجراءات المنصوص عنها في المادة ٢٠ من قانون الجنسية، والقرار الوزاري رقم ١١٩٧ لسنة ١٩٧٥ السابقة الإشارة إليه ومدة السنة المقررة هنا هي مدة سقوط وليست مدة تقادم، فإذا انقضت المدة دون التقدم بالطلب، امتنع على الأجنبي الإفادة من الحكم المشار إليه في الفقرة ٤ من المادة الرابعة، ويصبح سبيله إلى التجنس – إذا أراد – هو الحكم العام الوارد في التجنس العادي، المقرر في الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من قانون الجنسية. وغني عن البيان، أن منح الجنسية طبقاً لهذه المادة، يخضع للتقدير المطلق لوزير الداخلية، الذي يستطيع منحها أو رفض منحها، رغم توافر الشروط المقررة.

٤- ولادة الأجنبي في مصر، وإقامته العادية فيها عند سن الرشد : ويقصد بهذا الشرط، تحقيق الاندماج بين الأجنبي والجماعة المصرية، ولا تكفي ولادته في مصر، بل يجب أيضاً أن تكون إقامته العادية فيها قبل بلوغه سن الرشد. وعلى ذلك، لا يفيد من حكم هذه المادة من ولد في الخارج ثم أقام في مصر، ولا يفيد منه أيضاً من ولد بالصدفة في مصر ولم يجعل منها محلاً لإقامته العادية.

وقد وصف المشرع الإقامة هنا بأنها الإقامة العادية، أي الإقامة في مصر بنية اتخاذها وطناً له، فإذا انقطعت هذه الإقامة لا يفيد الشخص من حكم هذه المادة، مع ملاحظة أن الغيبة العارضة لا تقطع الإقامة مراراً. ولم يحدد المشرع مدة الإقامة العادية. وعلى ذلك، يكتفي أن يتوفر في الإقامة ركنا الإقامة العادية وهما الإقامة الفعلية، والاستمرار أي نية التوطن. وكسب الجنسية المصرية هنا – كما هو الشأن في حالات التجنس – غير معلق على تنازل الشخص عن جنسيته الأجنبية.

ثالثاً: التجنس المبني على فكرة الانتماء إلى الأمة العربية :

سنجمع تحت هذا العنوان، كل حالات التجنس الخاص الذي يعتمد على فكرة الانتماء إلى الأمة العربية. فقد اعتمد المشرع على هذا الضابط في منح الجنسية في بعض الحالات، وفي حالة منها قرنه بالميلاد المضاعف في مصر(م ٤/٣( وفي حالتين أخريين اتخذ من الأصل المصري أساساً لمنح الجنسية، وقرنه في إحداهما بالإقامة العادية في مصر )م ٤/3) وقرنه في الثانية بالميلاد في مصر والإقامة العادية فيها )م ٤/1) وفي حالة رابعة اكتفى المشرع بالانتماء إلى الأمة العربية، دونما شرط آخر من إقامة أو ميلاد )م/ ١١)

وسنعرض لكل حالة من هذه الحالات على حده :

أ)الانتماء إلى بلد عربي أو إسلامي، مقروناً بالميلاد المضاعف في مصر :

نصت الفقرة الثالثة من المادة الرابعة، من قانون الجنسية المصرية رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ ، على أنه “يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية ).. ثالثاً (لكل أجنبي ولد في مصر لأب أجنبي ولد أيضاً فيها، إذا كان هذا الأجنبي ينتمي لغالبية السكان، في بلد لغته العربية أو دينه الإسلام، متى طلب التجنس خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشد”. ومن الواضح، أن هذا النص يجيز منح الجنسية المصرية على أساسين :

الميلاد المضاعف في مصر، والانتماء إلى أكثرية السكان في بلد عربي أو إسلامي. والجنسية المقررة هنا هي جنسية مكتسبة، بالرغم من ان الميلاد يدخل في عناصر منحها، لأنها لا تكسب بقوة القانون لحظة الميلاد، بل تكتسب في تاريخ لاحق بناء على طلبها وموافقة الدولة، ولا يرتد تاريخ كسبها إلى الماضي، بل تثبت فقط من تاريخ صدور قرار منحها. وهي تختلف عن حالة التجنس العادي، في أنها لا تكتفي بالإقامة، بل تشترط الميلاد المضاعف، والانتماء إلى بلد عربي أو إسلامي. ويستهدف هذا الحكم، تيسير اكتساب الجنسية المصرية للمنتمين إلى الأمة العربية و تتخذ بعض القوانين من الميلاد المضاعف أساساً للجنسية الأصلية، وقد سلك المشرع المصري هذا المسلك في قانون سنة ١٩٢٩ ، ولكنه عدل عنه وجعله من حالات الجنسية المكتسبة منذ صدور قانون الجنسية سنة ١٩٥٠ ، وهذا المسلك الأخير، هو ما اعتنقه المشرع في قانون سنة ١٩٥٨ ، ومن بعده قانون سنة ١٩٧٥

شروطه : يشترط لكسب الجنسية بناء على هذه المادة توافر الشروط الآتية :

١- الميلاد المضاعف في مصر :

أي يجب أن يكون الأجنبي هو وأبوه قد ولدا بمصر، والعبرة هنا بمولد الولد ومولد أبيه معا، بصرف النظر عن حالة الأم. وعلى ذلك، فإن ولادة الولد وحده في مصر، أو ميلاد أبيه وحده فيها، لا يكفي لإعمال الحكم الوارد في هذا النص، ولا تغني ولادة الأم الأجنبية في مصر عن شرط ولادة الأب الأجنبي فيها. ويخرج من مجال تطبيق هذا النص، الحالات التي أورد المشرع حكمها في المادة الثانية في الفقرة الثانية )الولادة في مصر من أم مصرية وأب مجهول الجنسية( والفقرة الثالثة )الولادة في مصر من أم مصرية ولم يثبت نسب الولد لأبيه) وقد اكتفى النص بذكر الميلاد المضاعف، ولم يتكلم عن الإقامة في مصر. ولذلك يرى فريق من الشراح، أن التوطن في مصر سواء بالنسبة للولد أو بالنسبة لأبيه ليس شرطاً لازماً هنا، ومن ثم ينطبق النص حتى ولو كان الأب قد أقام بعد ولادته في الخارج، وكذلك الحال لو كان الابن بعد ولادته في مصر قد أقام في الخارج. ويرى فريق آخر، أن هذا الرأي ولو أنه صحيح من الناحية النظرية، إلا أنه ينافي حكمة الحكم المقرر وهو الاندماج في الجماعة المصرية. فيفترض النص تحقيق هذا الاندماج بالميلاد المضاعف، وهذا الاندماج لا يتم إلا بالإقامة على الأقل في الفترة ما بين ولادة الأب وميلاد ولده. وبذلك يتحقق توطن الأسرة في مصر، وعلى ذلك فالميلاد المضاعف يفترض توطن الأسرة في مصر.

٣- انتماء الأب بجنسه إلى غالبية السكان، في بلد لغته العربية أو دينه الإسلام :

يقتضي هذا الشرط، أن تكون لغة البلد الذي ينتمي إليه الأب الأجنبي هي العربية أو يكون دينها هو الإسلام. وينطبق الوصف الأول على كل الدول العربية من المحيط إلى الخليج، وينطبق الوصف الثاني على البلاد الإسلامية، مثل تركيا وإيران وباكستان وأفغانستان وأندونيسيا. ولا يشترط النص الجمع بين الوصفين، إذ يكفي أن يكون البلد عربياً ولو كان معظم سكانه غير مسلمين، وهو فرض نادر، إذ أن معظم البلاد التي تتحدث العربية يدين معظم سكانها بالإسلام، ويكفي أيضاً أن يكون البلد إسلامياً، ولو كان معظم سكانه لا يتحدثون العربية. وحكمة هذا الشرط، هي أن سكان البلد الأجنبي الذين يتحدثون العربية أويدينون بالإسلام، يرتبطون روحياً بالجماعة المصرية، بأحد الروابط الأساسية التي تميز الأمة العربية عن غيرها من الأمم، وهي رابطة اللغة العربية أو رابطة الإسلام، ولذلك حرص النص على اشتراط الانتماء إلى غالبية السكان في هذا البلد، وبذلك تتحقق هذه الرابطة الروحية. أما الانتماء إلى أقلية الساكن، فينفي وجود هذه الرابطة بينه وبين الجماعة المصرية، أو بينه وبين الأمة العربية بصفة عامة. وعلى ذلك، لا ينطبق الحكم على الأب الأجنبي الذي ينتمي إلى أقلية السكان في البلد العربي أو البلد الإسلامي، كما لو كان أرمينيا تركياً مثلا، لأنه لا ينتمي بجنسه إلى غالبية الساكن في تركيا الإسلامية. ولا توجد صعوبة إذا كان الأجنبي ينتمي إلى أكثرية السكان في بلد عربي، فرابطة اللغة العربية تكفي هنا بصرف النظر عن دينه، كالمسيحي اللبناني، أما إن كان الشخص ينتمي إلى أكثرية السكان في بلد إسلامي غير عربي، فذهب البعض إلى اشتراط اعتناق الإسلام، وذهب بعض الشراح إلى عدم لزوم هذا الشرط، تأسيساً على أن الحكم يقضي بأن يكون الشخص منتمياً بجنسه إلى أغلبية السكان وليس بدينه. وقد اتخذ المشرع من الانتماء إلى الجنس معياراً لتطبيق حكم هذه المادة، وهو معيار منتقد لصعوبة تحديد المقصود بالجنس، وقد نقل المشرع هذا المعيار عن معاهدة لوزان كما سبق أن أوضحنا. واقتصار المشرع على معيار الجنس، أثار التساؤل عن تحديد الانتماء القانوني للشخص للبلد الذي يدين أكثر سكانه بالإسلام، أو تتحدث أكثريتهم اللغة العربية. فذهب البعض، إلى أنه يشترط أن يكون الشخص منتمياً إلى جنسية هذا البلد. وذهب معظم الشراح، إلى أن عبارة النص لا تفيد هذا المعنى، ولذلك فإنه يجوز أن يكون البلد الأجنبي كامل السيادة، قد اكتملت له أركان الدولة وله جنسية مستقلة، كما يجوز ان يكون هذا البلد قد اكتمل له الكيان الدولي ولكنه ظل ناقص السيادة، كالبلاد التي كانت خاضعة للانتداب، كما يجوز أيضاً أن يكون البلد الأجنبي مسلوب السيادة كلية. وعلى ذلك، فالرابطة التي اعتمد عليها المشرع المصري هي رابطة الاشتراك في الجنس بين الشخص وأكثرية السكان، وليس بينه وبين دولة معينة. وتطبيقاً لذلك، يفيد من هذا الحكم الإيراني الأصل الروسي الجنسية الذي يقيم في إيران لأنه ينمي بجنسه إلى أكثرية سكانه.

٣- التقدم بطلب التجنس، وخضوعه للتقدير المطلق للسلطة التنفيذية :

جعل المشرع الحصول على الجنسية المصرية بهذا السبيل جوازياً لوزير الداخلية. وعلى ذلك، يجب على الشخص أن يتقدم بطلب التجنس إلى وزير الداخلية. طبقاً للإجراءات التي نصت عليها المادة ٢٠ من قانون الجنسية، وقرار وزير الداخلية رقم ١١٩٧ لسنة ١٩٧٥ ، ولوزير الداخلية قبول طلبه أو رفضه، وله في ذلك مطلق التقدير، شأنه في ذلك شأن باقي حالات التجنس العادي والتجنس الخاص. وبطبيعة الحال، يجب أن يكون الشخص بالغاً سن الرشد، لأن طلب الجنسية عمل إرادي. ولم يشترط المشرع الإلمام باللغة العربية، اكتفاء منه بالميلاد المضاعف في مصر، فضلاً عن الانتماء إلى بلد عربي أو بلد إسلامي، مما يفترض معه الإلمام باللغة العربية. ولم يشترط المشرع موعداً محدداً للتقدم بطلب التجنس، ولم يشترط أيضاً عدم تمتعه بجنسية أجنبية، مما قد يؤدي إلى ازدواج الجنسية إذا حصل على الجنسية المصرية وظل يحمل جنسية أجنبية.

ب) الانتماء إلى الأصل المصري :

مبرراته وحالاته :

يعتمد إكتساب الجنسية الجنسية المصرية هنا على الرابطة الروحية التي تربط الأجانب من أصل مصري بالجماعة المصرية، وهي رابطة وحدة الأصل. وهؤلاء الأشخاص حالت ظروفهم دون اكتساب الجنسية المصرية عند تأسيسها، ولكنهم ظلوا محافظين على صلاتهم بمصر. ولذلك فتح لهم المشرع في قانون سنة ١٩٥٨ ، ومن بعده قانون ١٩٧٥ باب دخولها، بعدما كشف العمل عن أن أسباب عدم دخولهم فيها وقت تأسيسها، يرجع إما إلى تخلف ركن الإقامة بالصور التي تطلبها أحكام تأسيس الجنسية المصرية، أو تعذر إثابته بالرغم من وجوده، أو تذعر إثبات إقامة الأصول أو الزوج في الأراضي المصرية.

ودخول الجنسية المصرية بناء على الأصل المصري لا يتم بقوة القانون، بل بناء على طلب يخضع لتقدير السلطة التنفيذية، وتثبت هذه الجنسية للشخص من تاريخ الموافقة على طلبه وصدور القرار بمنحه إياها. ولذلك فهي جنسية مكتسبة وليست أصلية، وتعتبر من حالات التجنس الخاص، لأنها لا تعتمد على الإقامة، فضلاً عن اشتراط عدم التمتع بجنسية أجنبية. ويندرج تحت هذا الحكم، حالتان نص على إحداهما الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ ، ونصت على ثانيهما الفقرة الثانية من ذات المادة.

الحالة الأولى:

نصت المادة الرابعة من تشريع الجنسية الحالي، على أنه “يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية. أولاً: لكل من ولد في صمر، لأب أصله مصري، متى طلب التجنس بالجنسية المصرية بعد جعل إقامته العادية في مصر، وكان بالغاً سن الرشد عند تقديم الطلب”.

شروط الحالة الأولى : من الواضح أنه يشترط لتطبيق حكم هذه الفقرة توافر الشروط الآتية :

١- أن يقع ميلاد الشخص في مصر : وبذلك لا يفيد من هذا الحكم من ولد خارج مصر. ويدل هذا الشرط على ارتباط الشخص بمصر.

٢- أن يكون الأب مصري الأصل : وقد اعتمد المشرع على الجنس (الأصل) كمعيار لصلاحية الشخص للدخول في الجنسية المصرية، وقد سبق القول أن هذا المعيار غير دقيق وغير منضبط. ولكن ما المقصود بالأصل المصري؟ تكفل المشرع بذلك فوضع في المادة ٢٣ من قانون الجنسية الحالي، تعريفاً للأصل المصري، حيث نصت على أنه :

“يقصد بالأصل المصري في حكم هذا القانون، من كان مصري الجنس وحال تخلف ركن الإقامة المتطلبة في شأنه، أو في شأن أبيه أو الزوج، أو العجز عن إثباتها، دون الاعتراف له بالجنسية المصرية، متى كان أحد أصول الزوج مولوداً في مصر. ويبين من هذا النص، أن المشرع اعتبر الجماعة المصرية جنساً بعد انفصالها عن الدولة العثمانية، وهو أمر غير دقيق من الناحية العلمية، ولذلك فقد استقر الفقه والقضاء، على الاستئناس بالحالة الظاهرة هي الاسم، المعاملة، الشهرة، وكذلك يمكن الاستدلال على الأصل، بالاستعانة بالرعوية المحلية القديمة، وقت تبعية مصر للدولة العثمانية. وقد اشترطت المادة ٢٣ سالفة الذكر للإنصاف بالأصل المصري بالمعنى المقصود في حكم المادة ٤/١ ، أن يكون الشخص منتمياً إلى هذا الأصل بالمعنى الذي أوضحناه. وحال تخلف ركن الإقامة أو إثباتها دون الحصول على الجنسية المصرية، وفقاً للقوانين التي كانت تحكم الجنسية المصرية. … الضوابط التي اعتمد عليها المشرع في منحها، وأهم هذه الضوابط هوا لإقامة سواء في قانون سنة ١٩٢٩ ، وقانون سنة ١٩٥٠ ، وقانون سنة ١٩٥٦ . فإذا ما تخلف ركن الإقامة، أو وجدت ولكن عجز الشخص عن إثباتها سواء لإقامته هو أو إقامة أحد أصوله أو زوجه، وترتب على ذلك عدم دخوله في الجنسية المصرية، جاز له الدخول في الجنسية المصرية، إذ أثبت أنه من أصل مصري بالطريقة التي ذكرناها. ولا يكفي في نظر المادة ( ٢٣ ) لوصف الشخص بالأصل المصري إثبات إنتمائه إلى هذا الأصل، بل يجب أيضاً أن يثبت أن أحد هؤلاء الأصول أو أًول الزوج قد ولد في مصر.

٣- أن تكون الإقامة العادية للشخص في مصر قبل تقديم طلب التجنس : لم يحدد المشرع مدة الإقامة العادية، بل اكتفى بوجودها وقت تقديم طلب التجنس. وعلى ذلك يكفي أن تتوافر في الإقامة ركنا الإقامة العادية وهما: الإقامة الفعلية، ونية الاستقرار. وتحقيق هذا الشرط يدل على اندماج الشخص في المجتمع المصري.

٤- أن يكون الشخص بالغاً سن الرشد عند التقدم بطلب التجنس : وهذا الشرط مستفاد من المبادئ العامة، وهو أمر طبيعي لأنها جنسية مكتسبة لا تفرض على الشخص، بل يترك أمرها لرغبته على النحو السالف إيضاحه.

٥- التقدم بطلب التجنس، وخضوعه للتقدير المطلق للسلطة التنفيذية: بما أن التجنس عمل إرادي، فلذلك يلزم أن يفصح الشخص عن إرادته، وذلك بالتقدم بطلبه إلى السلطات المختصة، وفقاً للإجراءات التي حددتها المادة ٢٠ من قانون الجنسية المصرية، وقرار وزير الداخلية رقم ١٢٩٧ لسنة ١٩٧٥ . ولا يكتسب الشخص الجنسية إلا من تاريخ صدور قرار وزير الداخلية بمنحه إياها نوله مطلق السلطة في منحها أو رفض منحها رغم توافر شروطها، ومن الطبيعي أن يكون الشخص بالغاً سن الرشد وقت التقدم بطلبه.

إذا توافرت الشروط السابقة، جاز للشخص التقدم بطلب الدخول في الجنسية المصرية، سواء أكان يتمتع بجنسية دولة أخرى أو لا يحمل جنسية على الإطلاق. وذلك خلافاً لما كان يتطلبه قانون ١٩٥٨ من شرط عدم التمتع بجنسية أجنبية.

الحالة الثانية :

نصت على هذه الحالة الفقرة الثانية من المادة الرابعة حيث قررت “يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية ثانياً – لكل من ينمي إلى الأصل المصري، متى طلب التجنس بالجنسية المصرية، بعد خمس سنوات من جعل إقامته العادية في مصر، وكان بالغاً سن الرشد عند تقديم الطلب.

شروط الحالة الثانية :

وهذه الفقرة تتضمن حكماً مشابهاً لحكم الفقرة الأولى، ويستلزم تطبيق حكم الفقرة الثانية توافر شروط بعضها مطابق لشروط الفقرة الأولى، وبعضها الآخر مختلف عنها، من أبرزها عدم اشتراط ولادة الشخص في مصر، وتحديد الإقامة فيها بخمس سنوات.

١- انتماء طالب التجنس إلى الأصل المصري :

يشترط في طالب التجنس أن يكون منتمياً إلى الأصل المصري، بالمعنى الذي أوردته المادة ٣ ٢ من قانون الجنسية السابق شرحها، ولم يتطلب القانون في هذه الحالة الولادة من أب يكون منتمياً إلى هذا الأصل، ولم يتطلب كذلك الولادة في مصر، خلافاً لما نصت عليه الفقرة الأولى السابق شرحها.

٢- إقامة عادية في مصر مدة خمس سنوات :

حدد المشرع مدة الإقامة العادية بخمس سنوات، خلافاً لما نصت عليه الفقرة الأولى، التي لم تحدد مدة الإقامة. ويجب أن تكون هذه الإقامة عادية، أي توافر لها ركنها المادي بالإقامة الفعلية، وركنها المعنوي بتوفير نية الاستقرار والتوطن.

٣- أن يكون الشخص بالغاً سن الرشد، عند التقدم بطلب الدخول في الجنسيةالمصرية على النحو سالف إيضاحه. ولم يشترط القانون القائم عدم التمتع بجنسية . أجنبية، على نحو ما فعل قانون ١٩٥٨

٤- التقدم بطلب التجنس، وخضوعه للتقدير المطلق للسلطة التنفيذية : وهو ذات الشرط الذي أوردته الفقرة الثانية.

ج) نظام المواطنين المغتربين :

استحدث تشريع ١٩٥٨ نظاماً خاصاً للمغتربين العرب، نقله عن تشريع الجنسية السوري الصادر عام ١٩٥٣ ، وقد سمح بمقتضى هذا النظام لهؤلاء المغتربين الدخول في الجنسية المصرية بشروط ميسورة جداً، ومن ناحية أخرى ميزهم عن سائر الجانب من حيث ما يتمتعون به من حقوق، وكان تشريع ١٩٥٨ يبتغي من هذا النظام جمع شتات أبناء الأمة العربية، والتيسير لفئة المواطنين المغتربين الدخول في الجنسية الوطنية، وكان يبرز هذا النظام فلسفة التشريع التي كانت تقوم على فكرة القومية العربية وقد عرفت المادة السابعة من القانون رقم ٨٢ لسنة ١٩٥٨ المواطن المغترب بأنه “كل من ينتمي إلى الأمة العربية، إذا كان لا يقيم في دولة عربية، لوا يحمل جنسية أية دولة عربية”.

ونصت المادة ١١/١ من القانون المذكور على أنه :”يجوز منح جنسية الجمهورية العربية المتحدة بقرار من رئيس الجمهورية : (أولاً) لمن يحمل شهادة بوصفه مواطناً مغترباً، ويتقدم بطلب الجنسية”. وقد حددت المادتان ٨ ،٧ من القانون المشار إليه، الشروط الواجب توافرها لتحقيق صفة الاغتراب على النحو المبين بهاتين المادتين. ويبين مما تقدم، أنه يشترط لكسب الجنسية وفقاً لهذا النظام شرطان :

١- أن يحمل الشخص شهادة بوصفه مواطناً مغترباً: وتتحقق هذه الصفة وفقاً للمادتين ٨ ،٧ من تشريع ١٩٥٨ بالانتماء إلى الأمة العربية، وعدم الإقامة في إحدى الدول العربية، وعدم التمتع بجنسية دولة عربية، ومنح الشخص شهادة بوصفه المواطن المغترب.

٢- التقدم بطلب، يخضع لتقدير السلطة التنفيذية : ومع ذلك، ولما جاء القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ بشأن الجنسية المصرية، جاء خلواً من النص على هذا الحكم، (الخاص بمنح الجنسية المصرية للمواطنين المغتربين(، ومن ثم أصبح هذا النظام لاغياً منذ صدور قانون ١٩٧٥

رابعاً: اكتساب الجنسية بناء على اعتبارات أدبية :

قرر المشرع جواز منح الجنسية المصرية بناء على اعتبارات أدبية، دون التقيد بأي شرط آخر، لا من حيث الولادة في مصر، ولا الإقامة فيها، ولا الانتماء إلى الأمة العربية. فهو كسب للجنسية مطلق من كل قيد، سوى رغبة الفرد وموافقة الدولة. وهذا الإطلاق هو ما يميز هذه الصورة عن التجنس العادي، وعن بقية صور التجنس الخاص.

وقد طبق المشرع هذا المعيار في منح الجنسية في حالتين : أداء الأجنبي لمصر خدمات جليلة، وكذلك رؤساء الطوائف الدينية المصرية. وقد نص المشرع على هاتين الحالتين، في المادة الخامسة من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ ، بقوله “يجوز بقرار من رئيس الجمهورية، منح الجنسية المصرية دون تقيد بالشروط المبينة في المادة السابقة من هذا القانون، لكل أجنبي يؤدي لمصر خدمات جليلة، وكذلك لرؤساء الطوائف الدينية المصرية”. ومن أمثلة هذه الخدمات، إدخال صناعة في مصر، أو تقديم مخترعات لها، أو إنشاء مؤسسات صناعية تؤدي خدمة إلى الاقتصاد القومي. وقد أثر المشرع هؤلاء الأشخاص، بعدم إخضاعهم لفترة الاختبار التي تخضع لها من يتجنسون بالجنسية المصرية.

٢- أثر الزواج المختلط في كسب الجنسية المصرية :

التوسط بين تبعية الزوجة واستقلالها :

لم يأخذ المشرع المصري في قانون الجنسية الصادر عام ١٩٧٥ بمبدأ وحدة الجنسية داخل العائلة، ولم يأخذ أيضاً بمبدأ إستقلال المرأة بجنسيتها، بل توسط بين المذهبين، فهو لا يدخل الزوجة الأجنبية في جنسية زوجها المصري بمجرد الزواج كأثر مباشر له، ولكنه أباح لها اكتساب الجنسية المصرية بالتبعية لزوجها إن أبدت رغبتها في ذلك. غير أنه وضع تحت تصرف الدولة وسيلة تستطيع بمقتضاها منع الزوجات غير المرغوب فيهن من الدخول في الجنسية المصرية. ويتفق هذا المسلك مع الأسس التي تضمنتها اتفاقية الأمم المتحدة في شأن جنسية الزوجة، التي سبق الكلام عنها في الأصول العامة.

ويجب أن نلاحظ، أن المقصود بالزواج المختلط كسب الجنسية يقتصر على اكتساب الزوجة الأجنبية لجنسية زوجها، أما مدى تأثر جنسية الزوج بجنسية زوجته الوطنية فلا يدخل في هذا الباب. وعلى كل حال، لم يرتب المشرع المصري على زواج المصرية من أجنبي أي أثر على جنسية هذا الزوج الأجنبي. ودخول الزوجة الأجنبية في الجنسية المصرية بالتبعية لزوجها، يعتبر كسباً لاحقاً للجنسية. وتثبت الجنسية المصرية لها يوم اكتمال أسباب كسبها، ولا ترتد إلى تاريخ الزواج. ويترتب على كسب الجنسية بهذه الطريقة ذات الآثار التي تترتب على الجنسية المكتسبة. وقد أورد المشرع حكم اكتساب الزوجة الأجنبية لجنسية زوجها المصري وشروط كسبها، في المادتين ٧ و ٢٥ من قانون الجنسية القائم الصادر عام ١٩٧٥ ، ثم أورد استثناء على الحكم ضمنه المادة ١٤ من ذات القانون. وسنعرض للحكم العام، ثم نتبعه بالاستثناء الذي ورد عليه.

القاعدة العامة :

تنص المادة ٧ من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ ، على أن “لا تكسب الأجنبية التي تتزوج من مصري جنسيته بالزواج، إلا إذا أعلنت وزير الداخلية برغبتهاف ي ذلك، ولم تنته الزوجية قبل انقضاء سنتين من تاريخ الإعلان لغير وفاة الزوج، ويكون لوزير الداخلية بقرار مسبب قبل فوات مدة السنتين، حرمان الزوجة من اكتساب الجنسية المصرية.

وتنص المادة ٢٥ من القانون المذكور، على أنه “لا يترتب أثر للزوجية في اكتساب الجنسية أو فقدها، إلا إذا أثبتت الزوجية في وثيقة رسمية، تصدر من الجهات المختصة.

شروطها :

تشترط لكسب الجنسية المصرية من جانب الزوجة الأجنبية الشروط الآتية :

١- وجود زوجية صحيحة، ثابتة في وثيقة رسمية :

يجب أن توجد زوجية صحيحة بين الزوجة الأجنبية والزوج المصري، والعبرة في صحة الزواج هي بأحكام القانون المصري، غير أن الزواج الصحيح لا يكفي وحده لترتيب أثر في خصوص اكتساب الزوجة الأجنبية لجنسية زوجها المصري، بل لابد بجانب ذلك، أن يكون عقد الزواج قد جرى توثيقه في وثيقة رسمية أمام الجهة المختصة بذلك في مصر أو في الخارج، وحينئذ يجب أن يستوفي الزواج الشروط الشكلية وفقاً للقانون الواجب التطبيق.

٢- إعلان من الزوجة لوزير الداخلية برغبتها في كسب الجنسية المصرية :

على الزوجة الأجنبية أن تعلن وزير الداخلية – أو من ينوب عنه برغبتها في كسب الجنسية المصرية، طبقاً للإجراءات المنصوص عنها في المادة ٢٠ من قانون الجنسية، وقرار وزير الداخلية رقم ١١٩٧ لسنة ١٩٧٥ ويثور هذا التساؤل، عن الوقت الذي يجب فيه على الزوجة الأجنبية إبداء رغبتها بإعلان وزير الداخلية، من المسلم أنه يجب أن يتم بعد الزواج، ومن المسلم أيضاً أنه لا يلزم إتمام هذا الإعلان فور انعقاد الزواج، بل يجوز أن يتراخى تقديمه إلى أي وقت لاحق على الزواج. ومن ناحية أخرى، ثار التساؤل عن الأهلية الواجب توافرها في الزوجة وقت إعلان رغبتها في الدخول في الجنسية، والرأي السائد مستقر على أن الأهلية اللازمة هنا هي أهلية إبرام عقد الزواج، وعلى ذلك لا يشترط بلوغ الزوجة سن الرشد الحالي ) ٢١ سنة(، بل يكتفي أن تكون بالغة سن الرشد الذي يحدده قانون الأحوال الشخصية المصرية لإبرام عقد الزواج، ويؤسس هذا الرأي

على أن اكتساب الجنسية بالزواج ليس من حالات التجنس، ومن ثم لا يخضع لشروط التجنس ومنها شرط بلوغ سن الرشد. ومن ناحية أخرى، لم تشترط المادة ٧من قانون الجنسية بلوغ سن الرشد.

٣- استمرار الزوجية قائمة مدة سنتين من تاريخ الإعلان :

وحكمة هذا الشرط التحقق من جدية الزواج، وتمكين السلطة التنفيذية من الاستيثاق من صلاحية الزوجة للدخول في الجنسية المصرية واندماجها في المجتمع المصري. وهذا الشرط يسد الباب أمام الأشخاص الذين يبرمون الزواج بقصد إدخال الزوجة في الجنسية المصرية. وتبدأ مدة السنتين، من اليوم التالي للإعلان الموجه إلى وزير الداخلية، وعلى ذلك، إذا انحل الزواج قبل انقضاء السنتين، لا يجوز للمرأة الدخول في الجنسية المصرية.

وقد كان هناك خلاف بين الفقهاء في التشريعات السابقة، حول إذا ما انحل الزواج بسبب وفاة الزوج قبل مضي مدة السنتين، فالزوجية انحلت هنا بسبب قهري لا يد للزوجة في حدوثه، وقد تكون إما لأولاد وطنيين، وقد تكون قد اعتزمت على الاستقرار بهم في مصر. ولذلك، اتجه الرأي إلى تفسير شرط انقضاء مدة السنتين، بحيث تخرج منه الزوجة الأجنبية التي توفى عنها زوجها قبل انقضاء مدة السنتين، وهذا التفسير لا يتنافى مع حكمه تقرير الشرط، وهو التحقيق من جدية الزوجة في طلبها. واتجه الرأي الآخر إلى عدم استثناء هذه الحالة من شرط انقضاء مدة السنتين. وقد حسم القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ هذا الخلاف وأخذ بالرأي الأول، وأجاز للزوجة أن تطلب الدخول في الجنسية

المصرية إذا كان الزوج قد توفى قبل مضي مدة السنتين على النحو الذي نصت عليه المادة السابعة من القانون المشار إليه. وهذا الحكم قد استحدثه قانون ١٩٧٥ ، ولم يكن موجوداً في تشريعات الجنسية السابقة.

٤- عدم صدور قرار وزير الداخلية خلال مدة السنتين، بحرمان الزوجة من الدخول في الجنسية المصرية :

أباحت المادة ) ٧( لوزير الداخلية قبل فوات مدة السنتين، إصدار قرار بحرمان الزوجة الأجنبية من الدخول في الجنسية المصرية، ولكنها استلزمت أن يكون هذا القرار مسبباً، أي متضمناً البواعث التي دفعت إلى إصداره. وعلى ذلك، فإذا صدر قرار الحرمان خالياً من التسبيب، فإنه يعتبر معيباً من حيث الشكل، ويجوز الطعن فيه أمام القضاء الإداري لعيب الشكل، أما إذا صدر مسبباً، فإن سبيل الطعن في هذا القرار، هو أن تقوما لزوجة بإثبات عدم صحة البواعث والأسباب التي اعتمد عليها قرار الحرمان.

وقت وكيفية اكتساب الزوجة الأجنبية للجنسية المصرية :

إذا توافرت الشروط سالفة الذكر، تدخل الزوجة الأجنبية في الجنسية المصرية، اعتباراً من اليوم التالي لانقضاء مدة السنتين التاليين على الإعلان. لوا يكون لهذه الجنسية أثر رجعي، تطبيقاً لحكم المادة ١٩ من قانون الجنسية الذي يقضي بأنه “لا يكون للدخول في الجنسية المصرية، أو سحبها أو إسقاطها أو استردادها، أي أثر في الماضي، ما لم ينص على غير ذلك، واستناداً إلى نص في قانون”. وعلى ذلك تظل الزوجة أجنبية الجنسية في الفترة ما بين زواجها، وانقضاء مدة السنتين المذكورتين. وبانقضاء مدة السنتين، ودون صدور قرار بحرمانها من الدخول الجنسية المصرية مع توافر الشروط الأخرى، تكتسب الزوجة الجنسية المصرية دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من وزير الداخلية، بل دون الحاجة إلى موافقة ايجابية من الحكومة المصرية، وهذا التفسير محل إجماع في الفقه وهو أيضاً ما استقر عليه القضاء الإداري. والجنسية التي تكتسبها الزوجة هي جنسية مكتسبة، تترتب عليها آثار الجنسية المكتسبة، مثلها في ذلك مثل التجنس.

استثناء من القاعدة العامة :

تقضي المادة ) ١٤ ( من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ بأن “الزوجة التي كان مصرية ثم فقدت هذه الجنسية المصرية بمجرد منحها لزوجها أو بمجرد زواجها من مصري، متى أعلنت وزير الداخلية برغبتها في ذلك. ويلاحظ أن نص المادة ( ١٤ ) سالف الذكر قد اعتد بإرادة الزوجة الأجنبية وعلق اكتسابها الجنسية المصرية بناء على زواجها من مصري على إعلان رغبتها في ذلك إلى وزير الداخلية، وقد تلافى تشريع ١٩٧٥ بذلك ما وجه من نقد إلى تشريع ١٩٥٨ الذي كان يمنح الجنسية بقوة القانون دون اعتداد بإرادة الزوجة، ومتى أعلن الزوجة رغبتها في الدخول في الجنسية المصرية طبقاً للحكم الوارد في المادة ) ١٤ ( سالفة الذكر، فإنها تكتسبها دون التقيد بشروط كسب الجنسية بالزواج. وبعد هذا الحكم استثناء من القاعدة العامة الواردة في المادة. وقد أراد المشرع من الحكم سالف الذكر، أن يميز الزوجات اللاتي هن من أصل مصري، ويعفيهن من كافة الشروط المتطلبة للدخول في الجنسية المصرية، وجعل دخولهن فيها رهن بتعبيرهن عن إرادتهن، ذلك أن المشرع قدر أن هذه الطائفة من الزوجات لسن في حاجة إلى دليل على صدق رغبتهن في الدخول في الجماعة الوطنية واندماجهن فيها، ومن ثم سمح لهن بالدخول في الجنسية بمجرد طلبهن، وليس لوزير الداخلية منعهن من الدخول في الجنسية متى أردن ذلك، واكتساب الزوجة الجنسية المصرية طبقاً لما تقدم يتم دون أثر رجعي عملاً بالمادة ١٩ من القانون.

٤- التبعية العائلية للمتجنس :

لا يقتصر أثر التجنس بصورتيه العادية والخاصة على المتجنس بشخصه، بل يمتد أيضاً إلى أولاده القصر وزوجته، فتمتد إليهم جنسيته الجديدة تطبيقاً لفكرة التبعية العائلية. … أن سياسة الدول في هذا الشأن تختلف من دولة لأخرى، ما بين إطلاق لمبدأ وحدة الجنسية داخل العائلة الواحدة وما بين استقلالها، فبعض التشريعات يطبق مبدأ التبعية العائلية للرجل بصورة مطلقة، وبعضها الآخر يقيده، ونوع ثالث يهدره في بعض التطبيقات.

التشريع المصري يأخذ بمبدأ التبعية العائلية بصورة مقيدة :

يأخذ التشريع المصري في الجنسية بمبدأ التبعية العائلية بشروط معينة، مع تميز حالة الأولاد القصر، سواء في ذلك التجنس العادي أم التجنس الخاص. فقد نصت المادة السادسة من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ بشأن الجنسية المصرية، على أنه “لا يترتب على اكتساب الأجنبي الجنسية المصرية اكتساب زوجته إياها، إلا إذا أعلنت وزير الداخلية برغبتها في ذلك، ولم تنته الزوجية قبل انقضاء سنتين من تاريخ الإعلان لغير وفاة الزوج، ويجوز لوزير الداخلية بقرار مسبب قبل فوات مدة السنتين، حرمان الزوجة ن اكتساب الجنسية المصرية. أما أوالده القصر، فيكتسبون الجنسية المصرية، إلا إذا كانت إقامتهم العادية في الخارج، وبقيت لهم جنسية أبيهم الأصلية طبقاً لقانونها، فإذا اكتسبوا الجنسية المصرية وكان لهم خلال السنة التالية لبلاغهم سن الرشد، أن يقرروا اختيار جنسيتهم الأصلية، فتزول عنهم الجنسية المصرية، متى استردوا جنسية أبيهم طبقاً لقانونها”.

جنسية الزوجة :

يبين من نص المادة ٦ سالف الذكر، أن المشرع المصري طبق بالنسبة للزوجة التي تجنس زوجها بالجنسية المصرية بعد زواجه منها، ذات الأحكام والشروط التي طبقها بالنسبة للأجنبية التي تتزوج من مصري الجنسية، فهو لم يجعل لتجنس الزوج أثراً مباشراً على جنسية الزوجة، بل علق دخولها في الجنسية المصرية على إبداء رغبتها في ذلك، وعدم اعتراض الدولة. ولكنه من ناحية أخرى، لم يهدر أثر الزواج كلية، بل اعتد به كأساس لاكتساب زوجة المتجنس للجنسية المصرية، وبذلك لم يخضعها لشروط التجنس. وتكتسب المصرية هذه الجنسية بالتبعية لزوجها بمجرد توافر شروط كسبها، دون حاجة لصور قرار بمنحها إياها من وزير الداخلية، اعتباراً من اليوم التالي لتمام مدة السنتين التاليين لإعلان وزير الداخلية، دون أن يكون لكسب الجنسية المصرية أثر رجعي، وهي ذات الأحكام المقرر لكسب الزوجة الأجنبية لجنسية زوجها المصري المقررة في المادة ٧، …ومن ناحية أخرى، استلزمت المادة ٦ ، ذات الشروط التي استلزمتها المادة ٧ ، ولذلك نكتفي بالإحالة عليها.

وطبق المشرع هنا أيضاً ذات الاستثناء، الذي أخذ به في الزواج المختلط ، فقد نصت المادة ١٤ من قانون الجنسية لسنة ١٩٧٥ ، على تطبيق هذا الاستثناء على الزوجة الأجنبية التي يتجنس زوجها بالجنسية المصرية، وهي الزوجة التي كانت مصرية الجنسية ثم فقدت هذه الجنسية وكذلك التي من أصل مصري، فقضت بأن مثل هذه الزوجة “تكتسب الجنسية المصرية بمجرد منحها لزوجها أو بمجرد زواجها من مصري متى أعلنت وزير الداخلية برغبتها في ذلك” على النحو المتقدم ولذلك نكتفي بالإحالة إلى ما سبق قوله عند شرح الزواج المختلط. وغني عن البيان، أن التشريع المصري أعتد فقط بحالة تجنس الزوج بالجنسية المصرية ورتب عليه الآثار ، ولم يرتب أي أثر لتجنس الزوجة بالجنسية المصرية على جنسية زوجها الأجنبي. وذلك تطبيقاً للأصول العامة التي تقصر مبدأ التبعية العائلية على تبعية الأسرة للرجل فقط.

جنسية الأولاد القصر :

يبين من الفقرة الثانية من المادة ٦ ، أن المشرع الحق الأولاد القصر بجنسية الأب الذي يتجنس بالجنسية المصرية إعمالاً لمبدأ التبعية العائلية، وإعمالاً لهذا المبدأ أيضاً، لم يرتب أي أثر لتجنس الأم بالجنسية المصرية، وهو كذلك لا يلحق الأولاد الذين بلغوا سن الرشد وقت تجنس أبيهم بالجنسية المصرية بهذه الجنسية، هو حكم يتفق مع الأصول العامة في مبدأ التبعية العائلية، لأن الراشدين ليسوا تابعين بعكس الأولاد القصر. والفقرة الثانية سالفة الذكر تفرق بين الحالات الآتية :

١- إقامة الأولاد القصر مع أبيهم في مصر:

وهذه الصورة العادية الطبيعية، وهؤلاء الأولاد يكتسبون بقوة القانون الجنسية المصرية بمجرد تجنس أبيهم بها، بيد أنه يجوز لهم خلال السنة التالية لبلوغهم سن الرشد رد الجنسية المصرية واختيار جنسيتهم الأصلية، وسن الرشد هو السن الذي حدده التشريع المصري وهو ٢١ سنة ميلادية. ويفترض تقرير هذا الخيار أن قانون جنسية الأب الأجنبي يمنح الجنسية لأولاده، ويجيز لهم الاحتفاظ بها رغم تجنس أبيهم بالجنسية المصري، أو يسقطها عنهم بسبب تجنس أبيهم ولكنه يبيح لهم استردادها. وعلى ذلك، فلا مجال لممارسة هذا الخيار في حالة عدم إمكان اختيار الجنسية الأصلية ويظل الولد مصرياً. والمهلة المقررة لاختيار الجنسية الأصلية، هي مدة سقوط وليست مدة تقادم، ومن ثم لا تقبل الوقف ولا الإنقطاع، وبانقطاعها يسقط الحق في ممارسة الخيار.

٢- إقامة الأولاد القصر في الخارج :

وهي صورة قليلة الحدوث في العمل، إذ من النادر أن يقيم الأولاد القصر إقامة عادية في الخارج بعد تجنس أبيهم. ومن شروط التجنس العادي الرئيسية الإقامة في مصر، ولا يستغني عن شرط الإقامة في مصر إلا في بعض صور التجنس الخاص ،… وإن كان من الشروط اللازمة لتجنس الأب، إلا أنه ليس شرطاً لامتداد جنسية الأب المتجنس بالجنسية المصرية إلى أولاده. وعلى ذلك، فمن المتصور أن يقيم الأولاد القصر إقامة عادية خارج مصر بعد تجنس أبيهم وإن كان ذلك قليل الحدوث من الناحية العملية. والفقرة الثانية التي نتكلم عنها، لا تدخل الولد القاصر في الجنسية المصرية بعد تجنس أبيه بها، إذا كان هذا الولد مقيماً إقامة عادية في الخارج ، وبقيت له بمقتضى تشريع الدولة التي يتبعها جنسية الأب الأصلية، وحرمان القاصر من الدخول في الجنسية المصرية، رهن باجتماع الصفتين معاً. وعلى ذلك، لا يطبق هذا الحكم إذا انتفت عن الإقامة صفة الإقامة العادية، بأن كانت مجرد إقامة عارضة، وينتفي تطبيقه أيضاً بالرغم من توفر صفة الإقامة العادية في الخارج، إذا كان قانون البلد الذي يتبعه القاصر يسقط عنه جنسيته الأصلية بعد تجنس الأب، فيظل الولد في هاتين الحالتين متمتعاً بالجنسية المصرية بالتبعية لأبيه. ومن الواضح، أن الحكم المقرر في هذه الحالة الأخيرة يستهدف محاربة انعدام الجنسية.

٥- آثار الدخول في الجنسية المصرية المكتسبة :

اكتساب الصفة الوطنية :

يترتب على الدخول في الجنسية المصرية المكتسبة، أن يصبح الشخص متمتعاً بالصفة الوطنية، مثله في ذلك مثل من كسبوا الجنسية المصرية الأصلية أو جنسية التأسيس المصرية. ويكتسب الشخص الجنسية المصرية من تاريخ دخوله فيها، ويتم هذا الدخول بمجرد صدور قرار وزير الداخلية بمنحه الجنسية المصرية، أي من تاريخ صدوره بالنسبة لمن اكتسبوها بطريق التجنس العادي أو بطريق التجنس الخاص، ويجب نشر قرار وزير الداخلية بمنح الجنسية المصرية في الجريدة الرسمية، غير أن اكتساب الجنسية المصرية يجب ألا يضر بالغير حسن النية الذين تعاملوا مع الشخص على أنه أجنبي قبل نشر القرار، وقد تضمنت المادة ٢٢ من قانون الجنسية المصرية رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ هذه القواعد كلها، فهي قد نصت على أن “جميع القرارات الخاصة باكتساب الجنسية المصرية، أو بسحبها أو بإسقاطها أو باستردادها، أو بردها تحدث أثرها من تاريخ صدورها، ويجب نشرها في الجريدة الرسمية، خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها، ولا يمس ذلك حقوق حسن النية من الغير”. أما بالنسبة للمرأة الأجنبية التي تدخل في الجنسية المصرية بسبب الزواج من مصري، وكذلك الحال بالنسبة للأجنبية التي تجنس زوجها الأجنبي بالجنسية المصرية، فإن دخولها في الجنسية المصرية لا يحتاج إلى صدور قرار من وزير الداخلية في الحالتين، بل تعتبر متمتعة بالجنسية المصرية اعتباراً من اليوم التالي لتمام مدة السنتين التاليتين، لإعلان وزير الداخلية برغبتها في الدخول في هذه الجنسية.

أما بالنسبة للأولاد القصر، فإنهم يدخلون في الجنسية المصرية بالتبعية لأبيهم الذي تجنس بها، اعتباراً من تاريخ دخول الأب في هذه الجنسية، دون حاجة لإبداء رغبتهم في ذلك ودون حاجة لصدور قرار بمنحهم إياها. ولا يترتب على الدخول في الجنسية المكتسبة المصرية أثر رجعي، فهذه الجنسية تثبت لهم فقط من تاريخ دخولهم فيها. وقد قررت ذلك صراحة المادة ١٩ من قانون الجنسية المصرية رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ بقولها “لا يكون للدخول في الجنسية المصرية … أثر في الماضي ما لم ينص على غير ذلك واستناداً إلى نص في قانون، ومن ناحية أخرى، تقضي المادة ٢٢ بأن “جميع قرارات اكتساب الجنسية المصرية.. تحدث أثرها من تاريخ صدورها”.

حرمان الداخلين في الجنسية المكتسبة من التمتع ببعض الحقوق :

لم يسو المشرع بين الداخلين في الجنسية المكتسبة المصرية، وبين الداخلين في الجنسية الأصلية المصرية، فقد انتقص من حقوق الفريق الأول فترة معينة، هي بمثابة اختبار للتحقق من ولائهم للدولة المصرية. وتقرر هذا الحرمان ومدته في المادة ٩ من قانون الجنسية المصرية رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ التي نصت على أنه : “لا يكون للأجنبي الذي اكتسب الجنسية المصرية طبقاً للمواد ٧ ،٦ ،٣ ، حق التمتع بمباشرة الحقوق السياسية قبل انقضاء خمس سنوات من تاريخ اكتسابه لهذه الجنسية، كما لا يجوز انتخابه أو تعيينه عضواً في أية هيئة نيابية قبل مضي عشر سنوات من التاريخ المذكور، ومع ذلك يجوز بقرار من رئيس الجمهورية، الإعفاء من القيد الأول أو من القيدين المذكورين معاً.

ويجوز بقرار من وزير الداخلية أن يعفي من القيد الأول أو من القيدين معاً، من انضم إلى القوات المصرية المحاربة وحارب في صفوفها. ويعفي من هذين القيدين، أفراد الطوائف الدينية المصرية، فيما يتعلق بمباشرة حقوقهم في انتخابات المجالس المحلية التي يتبعونها وعضويتهم بها.

نطاق الحرمان من حيث الحقوق ومدته :

الأصل، أن من اكتسب الجنسية المصرية بسبب من أسباب الكسب الطارئ )الجنسية المكتسبة( يتمتع بسائر الحقوق التي يتمتع بها المصريون الأصلاء، غير انه يجوز حرمانهم من بعض الحقوق لفترة معينة، وعلى ذلك، لا يتقرر هذا الحرمان إلا بنص صريح. ولا يجوز التوسع في تفسيره ولا القياس عليه. وقد حددت المادة ٩ سالفة الذكر أنواع من الحقوق حرمت منهم الداخلين في الجنسية المصرية المكتسبة، وهي الحقوق السياسية، والتعيين في الهيئات النيابية والانتخاب لها. ويقصد بالحقوق السياسية Droits Politique الحقوق التي تثبت للفرد باعتباره عضواً في جماعة سياسية تخوله حق المشاركة في حكم هذه الجماع’، مثل حق الانتخاب وحق تولي الوظائف العامة. ومدة هذا الحرمان هي خمس سنوات، من تاريخ الدخول في الجنسية المكتسبة المصرية.

واختص المشرع بعض الحقوق السياسية بحكم خاص، وهي حق الشخص في أن ينتخب عضواً في إحدى الهيئات النيابية أو التعيين فيها، فقد قضت المادة ٩ سالفة الذكر بجعل الحرمان منها ممتداً إلى عشر سنوات، من تاريخ الدخول في الجنسية المكتسبة المصرية.

نطاق الحرمان من حيث الأشخاص :

ميز المشرع بين الداخلين في الجنسية المصرية المكتسبة، فقصر الحرمان من الحقوق سالفة الذكر على طائفة منهم فقط، غير أن عدد الطوائف المحرومة أكبر بكثير من عدد الطوائف التي لا يتناولها هذا الحرمان، فجاء حكم هؤلاء بمثابة استثناء يرد على الأصل العام وهو الحرمان. والطوائف التي تناولها الحرمان هي الطوائف التي دخلت في الجنسية المصرية المكتسبة بالطرق الآتية : التجنس العادي بالإقامة م ٤/٥، التجنس الخاص بناء على حق الدم الثانوي)م ٣(، التجنس الخاص بناء على ميلا دالأجنبي في مصر وإقامته فيها )م ٤/4) التجنس الخاص المبني على الانتماء إلى بلد عربي او إسلامي مقروناً بالميلاد المضاعف في مصر )م ٤/٣(، التجنس الخاص المبني على الأصل المصري )م ٤/١ و ٢)، ودخول الزوجة الأجنبية في جنسية زوجها المصري )م ٧(، دخول الأولاد القصر والزوجة في الجنسية المصرية بناء على تجنس الزوج أو الأب بها )م ٦).

ولا يتناول الحرمان المقرر في القانون الطوائف الآتية :

١- الداخلون في الجنسية المصرية بناء على اعتبارات أدبية : وهم الأجانب الذين أدوا خدمات جليلة لمصر )م ٥)، ورؤساء الطوائف الدينية المصرية (م ٥)، ذلك أن الاعتبارات الأدبية التي دعت إلى منحهم الجنسية المصرية دون التقيد بأي شرط، لا تسوغ حرمانهم من التمتع بسائر الحقوق التي يتمتع بها المصريون الأصلاء، ولذلك لم يوردهم المشرع ضمن الطوائف التي يسري عليها الحرمان.

٢- أفراد الطوائف الدينية غير الإسلامية : فيما يتعلق بحقهم في انتخابات المجالس الملية التي يتبعونها، وكذلك حقهم في عضوية هذه المجالس. وهؤلاء يعفون فقط من الحرمان في خصوص هذين الحقين، ويظلون محرومين مباشرة الحقوق الأخرى التي يسري عليها الحرمان. وعلى الإعفاء سالف الذكر، ترجع إلى قلة عدد هؤلاء الأفراد من رجال الدين،

فضلاً عن أن نطاق الإعفاء يقتصر على ممارسة حقوق دينية لا تمس النظام السياسي للدولة، وهذا الإعفاء وجوبي قضت به المادة ٩ ذاتها في الفقرة الأخيرة منها.

٣- أجازت الفقرة الأخيرة من المادة ٩ لوزير الداخلية، إعفاء أي شخص من الداخلين في الجنسية المصرية المكتسبة من قيود الحرمان، إذا كان هذا الشخص قد انضم إلى القوات المسلحة وحارب في صفوفها. وعلة هذه الرخصة الممنوحة لوزير الداخلية، في أن هؤلاء الأشخاص الذين يبذلون دمهم في سبيل الدول، يجب ألا يرقى الشك إلى ولائهم لها

المؤلف : احمد عبد الحميد عشوش
الكتاب أو المصدر : القانون الدولي الخاص
الجزء والصفحة : ص120-163

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .