لا تزال المرأة المصرية تخوض معركتها المستمرة من أجل دخولها مجال القضاء، فمنذ سنوات طويلة تحارب المرأة للوجود فى القضاء، وكانت البداية عام 1951 عندما تقدمت الدكتورة عائشة راتب -الوزيرة والسفيرة وأستاذ القانون العام بكلية حقوق القاهرة – بالطعن فى القرار الذى رفض تعيينها بمجلس الدولة، شأنها شأن زملائها الذين تخرجوا معها فى ذات الدفعة وبنفس المستوى العلمى، واستمر نضال المرأة من خلال رفع العديد من القضايا والطعون ضد قرار عدم تعيينهن بالقضاء، إلى أن ظهرت بارقة الأمل فى تعيين المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا، كأول قاضية مصرية فى يناير 2003، وكان هذا انتصاراً كبيراً حققته المرأة المصرية على مدار تاريخها، وطال الانتظار لمدة ثلاث سنوات أخرى حتى يتم تعيين دفعة أخرى من القاضيات عام 2007 من خلال تعيين 32 قاضية بالقضاء العالى، وبعد ذلك الحين لم يتم تعيين أى قاضيات أخريات، إلا عام 2015 من خلال تعيين 26 قاضية .

وبالرغم من صدور دستور 2014 الذى نصت فيه المادة 11 على: «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها، وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً»، كما نصت المادة 14 على: «الوظائف حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة»، إلا أن المرأة المصرية ما زالت تعانى من تمييز ضدها خاصة فى توليها منصب القضاء، وهو أمر أزمة فى العدالة لا سيما بعد دخول المرأة فى كافة المجالات وإثبات نجاحات فيها، بل إن المرأة فى الوطن العربى تتمتع بحقوق أكبر وفرص أفضل فى الوصول للقضاء، فعلى سبيل المثال لا الحصر:

– دخلت المرأة المغربية مجال القضاء عام 1959، وتصل نسبة توليها القضاء فى السنوات الأخيرة 25%.

– دخلت المرأة الجزائرية مجال القضاء عام 1963، وتصل نسبة توليها القضاء فى السنوات الأخيرة 42%.

– دخلت المرأة التونسية مجال القضاء عام 1968، وتصل نسبة توليها القضاء فى السنوات الأخيرة 40%.

– دخلت المرأة اللبنانية مجال القضاء عام 1968، وتصل نسبة توليها القضاء فى السنوات الأخيرة 50%.

– دخلت المرأة السودانية مجال القضاء عام 1970، وتصل نسبة توليها القضاء فى السنوات الأخيرة 18%.

– دخلت المرأة اليمنية مجال القضاء عام 1974، وتصل نسبة توليها القضاء فى السنوات الأخيرة 16%.

– دخلت المرأة السورية مجال القضاء عام 1975، وتصل نسبة توليها القضاء فى السنوات الأخيرة 11%.

– دخلت المرأة الليبية مجال القضاء عام 1989، وتصل نسبة توليها القضاء فى السنوات الأخيرة 39%.

– دخلت المرأة الأردنية مجال القضاء عام 1996، وتصل نسبة توليها القضاء فى السنوات الأخيرة 17%.

فكيف للمرأة المصرية التى سبقت قريناتها من النساء فى الوطن العربى فى الحصول على حقها السياسى فى الانتخاب والترشح عام 1956، أن تظل تحارب فى معركة طويلة وممتدة منذ سنوات للحصول على حقها فى دخول القضاء؟ وهل الهيئات القضائية المنوط بها تنفيذ الدستور سوف تنتهكه وتضعه فى سلة المهملات؟ إذاً عن أى عدالة نتحدث؟

نهاد أبو القمصان

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .