حكم تمييز (خطف ومواقعة وهتك عرض)

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 20/ 12/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ محمود دياب المزيدي – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ مجدي أبو العلا وجاب الله محمد جاب الله وعلي الصادق عثمان ويحيى خليفة.
(29)
الطعن رقم 314/ 2005 جزائي
1 – جريمة – خطف (الركن المادي) – دفاع (دفاع جوهري) – تمييز (حالات الطعن: القصور).
– جريمة الخطف – مناط تحققها – اقتضاء توافر ركنها المادي قيام الجاني بنشاط إيجابي ينقل به المجني عليه من المكان الذي خُطف منه إلى مكان آخر يأخذه إليه بقصد قطع صلته بأهله قطعًا جديًا – سعي المجني عليه إلى الجاني ينفي هذا الركن.
– دفاع الطاعن بانتفاء الركن المادي لجريمة الخطف وأن المجني عليها هي التي اتصلت به وسعت إليه بمحض إرادتها – دفاع جوهري – التفات الحكم عنه – قصور يبطله ويوجب تمييزه.

2 – تمييز – طعن (قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه) – محكمة التمييز – عقوبة (تخفيفها) – ظروف مخففة ومشددة.
– إعمال محكمة الاستئناف الرأفة مع الطاعن بمقتضى المادة (83) ق الجزاء – يوجب على محكمة التمييز إذا ما ميزت هذا الحكم أن تأخذه بقسط من الرأفة – ما دام هو الطاعن بالتمييز وحده دون النيابة العامة – علة ذلك: حتى لا يضار الطاعن بطعنه.

1 – من المقرر أن جريمة الخطف المنصوص عليها في المادة (180) من قانون الجزاء، تتحقق – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بإبعاد المجني عليه عن المكان الذي خطف منه والذي جعله مرادًا له وبقصد قطع صلته به قطعًا جديًا بإحدى الطرق المشار إليها فيها ومنها الحيلة بقصد ارتكاب أي فعل من الأفعال المذكورة بها ومنها المواقعة وهتك العرض، وأن الركن المادي للجريمة يقتضي قيام الجاني بنشاط إيجابي ينقل به المجني عليه من المكان الذي خُطف منه إلى مكان آخر يأخذه إليه بقصد قطع صلته بأهله قطعًا جديًا. أما إذا كان المجني عليه هو الذي سعى إلى الجاني فإن هذا الركن يكون منتفيًا. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية قد قام على عدم توافر الركن المادي للجريمة فهو لم يقم بخطف المجني عليها أو الإتيان بأي نشاط أو سلوك إيجابي نقلها به من المكان الذي خُطفت منه إلى مسكنه وإنما هي التي اتصلت به وسعت إليه بمحض إرادتها وهو ما ينتفي به الركن المادي للجريمة وهو ما أخذ به الحكم الابتدائي عند قضاءه بالبراءة. وهو دفاع يعد في صورة الدعوى المطروحة دفاعًا جوهريًا لتعلقه بالركن المادي للجريمة ومن شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض البتة إلى هذا الدفاع والتفت عنه ولم يقسطه حقه ولم يعنِ بتمحيصه فإن الحكم يكون معيبًا بالقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب تمييزه.

2 – إذ كان الثابت من الحكم المميز أن المحكمة الاستئنافية قدرت أن المتهم جدير بالرأفة – والتي مدارها الواقعة الجنائية برمتها – وعاملته بمقتضى المادة (83) من قانون الجزاء ومن ثم فقد تعلق حقه بها، وإذ كان المتهم هو الذي قرر بالطعن في الحكم بطريق التمييز وحده دون النيابة العامة، فإنه لا يسع هذه المحكمة إلا أن تأخذه بقسط من الرأفة في حدود ما تسمح به المادة المار ذكرها حتى لا يضار بطعنه بالتمييز، ومن ثم تقضي المحكمة بتعديل عقوبة الحبس المقضي بها في الحكم المستأنف إلى القدر الوارد بمنطوق الحكم، وفيما عدا ذلك برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 2/ 10/ 2003 بدائرة مخفر شرطة السالمية – محافظة حولي: أولاً: خطف….. عن طريق الحيلة قاصدًا من ذلك مواقعتها وذلك بأن استدرجها إلى مسكنه بزعم أنه رسام وأنه رسم لها صورة من خياله ولاطلاعها على معرضه الفني للرسم وحملها بذلك من المكان الذي تقيم فيه عادةً إلى مسكنه وحجزها فيه بقصد مواقعتها على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات. ثانيًا: واقع المجني عليها سالفة الذكر بغير رضاها وعن طريق الإكراه والتهديد بأن هددها بالقتل فخشيت على حياتها منه فنزع ملابسها عنها وطرحها على فراشه وأولج قضيبه في فرجها على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثًا: هتك عرض المجني عليها سالفة الذكر عن طريق الإكراه والتهديد بأن هددها بالقتل فخشيت على حياتها منه فنزع عنها ملابسها وجثم عليها وأولج قضيبه في دبرها على النحو المبين بالتحقيقات.

وطلبت معاقبته بالمواد (180)، 186/ 1، 191/ 1 من قانون الجزاء. وبتاريخ 27/ 12/ 2004 قضت محكمة الجنايات – حضوريًا – بعد أن عدلت قيد ووصف التهمتين الثانية والثالثة إلى جعل ارتكابهما بغير إكراه أو تهديد أو حيلة طبقًا للمادتين 188/ 1، 192/ 1 من قانون الجزاء بمعاقبة الطاعن بالحبس مدة خمس عشرة سنة مع الشغل والنفاذ عن التهمتين الثانية والثالثة وإبعاده عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة وببراءته من التهمة الأولى. استأنف الطاعن هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة بالنسبة لما قضي به من براءة عن التهمة الأولى وبتاريخ 3/ 5/ 2005 قضت محكمة الاستئناف. أولاً: في الاستئناف المرفوع من النيابة العامة بإلغاء الحكم المستأنف ومعاقبة المتهم بالحبس المؤبد عن التهم المسندة إليه (الخطف والمواقعة وهتك العرض). ثانيًا: في الاستئناف المرفوع من المتهم برفضه موضوعًا مع إبعاد المتهم عن البلاد، فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ ألغى قضاء الحكم الابتدائي ببراءته من تهمة خطف المجني عليها بطريق الحيلة بقصد مواقعتها ودانه بها – وبجريمتي المواقعة وهتك العرض – وأوقع عليه عقوبتها، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه دفع بعدم توافر الركن المادي للجريمة إذ لم يصدر منه تجاه المجني عليها أي سلوك أو نشاط إيجابي يوفر في حقه الفعل المادي للخطف أو الإبعاد وإنما هي التي اتصلت به وسعت إليه وحضرت إلى مسكنه بسيارتها بمحض إرادتها بما ينتفي معه الركن المادي للجريمة, إلا أن الحكم لم يعرض البتة لهذا الدفاع رغم جوهريته، مما يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.

ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن جريمة الخطف المنصوص عليها في المادة (180) من قانون الجزاء، تتحقق – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بإبعاد المجني عليه عن المكان الذي خطف منه والذي جعله مرادًا له وبقصد قطع صلته به قطعًا جديًا بإحدى الطرق المشار إليها فيها ومنها الحيلة بقصد ارتكاب أي فعل من الأفعال المذكورة بها ومنها المواقعة وهتك العرض، وأن الركن المادي للجريمة يقتضي قيام الجاني بنشاط إيجابي ينقل به المجني عليه من المكان الذي خُطف منه إلى مكان آخر يأخذه إليه بقصد قطع صلته بأهله قطعًا جديًا. أما إذا كان المجني عليه هو الذي سعى إلى الجاني فإن هذا الركن يكون منتفيًا. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية قد قام على عدم توافر الركن المادي للجريمة فهو لم يقم بخطف المجني عليها أو الإتيان بأي نشاط أو سلوك إيجابي نقلها به من المكان الذي خُطفت منه إلى مسكنه وإنما هي التي اتصلت به وسعت إليه بمحض إرادتها وهو ما ينتفي به الركن المادي للجريمة وهو ما أخذ به الحكم الابتدائي عند قضاءه بالبراءة. وهو دفاع يعد في صورة الدعوى المطروحة دفاعًا جوهريًا لتعلقه بالركن المادي للجريمة ومن شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض البتة إلى هذا الدفاع والتفت عنه ولم يقسطه حقه ولم يعنِ بتمحيصه فإن الحكم يكون معيبًا بالقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب تمييزه، دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ومن حيث إن موضوع الاستئناف – فيما ميز من الحكم المطعون فيه – صالح للفصل فيه.
ومن حيث إن هذه المحكمة إذ ترى أن الحكم المستأنف في محله للأسباب الكافية والسائغة التي أقيم عليها والتي تقرها هذه المحكمة وتعتمدها وتأخذ بها وتحيل إليها وتعتبرها مكملة لأسباب هذا الحكم.

ومن حيث إن استئناف المتهم لم يأتِ بجديد يمكن أن يتغير به وجه الرأي فيما قضى به الحكم المستأنف من إدانته عن جريمتي المواقعة وهتك العرض بغير إكراه أو تهديد، ومن ثم يضحى الاستئناف في هذا الخصوص على غير أساس متعينًا رفضه. بيد أنه في مقام العقاب، فإنه لما كان الثابت من الحكم المميز أن المحكمة الاستئنافية قدرت أن المتهم جدير بالرأفة – والتي مدارها الواقعة الجنائية برمتها – وعاملته بمقتضى المادة (83) من قانون الجزاء ومن ثم فقد تعلق حقه بها، وإذ كان المتهم هو الذي قرر بالطعن في الحكم بطريق التمييز وحده دون النيابة العامة، فإنه لا يسع هذه المحكمة إلا أن تأخذه بقسط من الرأفة في حدود ما تسمح به المادة المار ذكرها حتى لا يضار بطعنه بالتمييز، ومن ثم تقضي المحكمة بتعديل عقوبة الحبس المقضي بها في الحكم المستأنف إلى القدر الوارد بمنطوق الحكم، وفيما عدا ذلك برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.