حكم نقض ( تبديد – التوقيع علي بياض )

رقم الحكم 763
تاريخ الحكم 22/10/1979
اسم المحكمة محكمة النقض – مصر

المحكمة
حيث ان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة ال(تبديد) فقد انطوى على قصور في التسبيب واخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال، ذلك بان دفاع الطاعن قام على عدم استلامه المبلغ الذي اسند اليه (تبديد)ه وان السند الذي قدمه المجني عليه كدليل على استلامه ذلك المبلغ على سبيل الامانة مزور عليه اذا كان على ورقة وقعها على بياض وسلمها للمجني عليه لاستعمالها في شئون شركة بينهما فاصطنع المجني عليه فوق امضائه عليها بيانات تخالف ما اتفقا عليه وتتضمن قبضه المبلغ المدعي عليه ب(تبديد)ه، الا ان محكمة الموضوع بدرجتيها اطرحت هذا الدفاع الجوهري دون ان تحققه او ترد عليه بما يسوغ به رده وعولت في ادانة الطاعن على هذا السند رغم تزويره وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث انه يبين من الاطلاع على محضر جلسة نظر المعارضة الابتدائية ومحاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية ان الطاعن تمسك امام محكمة اول درجة وامام محكمة ثاني درجة بدفاعه المشار اليه باسباب الطعن بيد ان الحكم المستانف الصادر في معارضة الطاعن الابتدائية ايدا الحكم الغيابي الابتدائي لاسبابه دون ان يتعرض لما اثاره الطاعن من دفاع، كما احال الحكم المطعون فيه الى الحكم المستانف وقضى بتاييده واطرح دفاع الطاعن بقوله انه وان قرر بتزوير المستند لا انه لم يتخذ اي اجراء من اجراءات الطعن عليه بالتزوير، لما كان ذلك،

وكان تسليم الورقة الممضاة على بياض هو واقعة مادية لا تتقيد المحكمة في اثباتها بقواعد الاثبات في المواد المدنية كما ان تغيير الحقيقة في تلك الورقة ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الامانة المعاقب عليه بالمادة 340 من قانون العقوبات ولا يجوز اثباته بكافة طرق الاثبات وكان من المقرر ان المحكمة متى قدم اليها دليل بعينه فواجب عليها تحقيق هذا الدليل ما دام ذلك ممكنا بغض النظر عن مسلك المتهم في شان هذا الدليل لان تحقيق ادلة الادانة في المواد الجنائية لا يصح ان يكون رهنا بمشيئة المتهم في الدعوى،

وكان دفاع المتهم يعد – في صورة هذه الدعوى – دفاعا جوهريا لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى بحيث اذا صح هذا الدفاع لتغير وجه الراي فيها، فقد كان لزاما على المحكمة ان تحققه بلوغا الى غاية الامر فيه – دون تعليق ذلك على ما يقدمه الطاعن او يتخذه من اجراءات تاييد لدفاعه – او ترد عليه باسباب سائغة تؤدي الى اطراحه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بادانة الطاعن دون ان يتنازل ما اثاره من دفاع وتنكب عن تحقيقه الرد عليه وعول في الادانة على السند المقدم من المجني عليه رغم تمسك الطاعن بتزويره ملتفتا عن تحقيق دفاع الطاعن في هذا الشان فانه يكون مشوبا بالقصور في التسبيب والاخلال بحق الطاعن في الدفاع فضلا عن انطوائه على فساد في الاستدلال،

هذا الى انه لما كانت المحكمة الاستئنافية قد اتخذت من عدم طعن المتهم بالتزوير في الورقة المتخذة دليلا على استلامه المبلغ سندا يظاهرها فيما افترضته من صحة الورقة فانها تكون قد فهمت القانون على غير وجهه الصحيح ذلك ان المتهم عندما يدعى اثناء المحاكمة بتزوير ورقة من الاوراق المقدمة في الدعوى كدليل ضده، لا يصح قانونا مطالبته – حتى ولو كانت الورقة من الاوراق الرسمية – بان يسلك طريق الطعن بالتزوير والا اعتبرت الورقة صحيحة فيما تشهد به عليه، اذ ان مناط الاثبات في المواد الجنائية بحسب الاصل – وفيما عدا ما ورد بشانه نص خاص – هو اقتناع القاضي واطمئنانه الى ذات الدليل المقدم اليه ومن ثم فانه يجب الا يتقيد في تكوين عقيدته باي قيد من القيود الموضوعة للادلة في المواد المدنية، واذن فمتى كان المتهم قد ادعى بالتزوير وان لم يسلك طريق الطعن به فقد كان على المحكمة ان تحقق هذا الدفاع كما تحقق سائر الدفوع وان تقول كلمتها فيه وما دامت هي لم تفعل في ظروف تدل على انها رات نفسها مقيدة بغير حق بمسالة قانونية فان ذلك بالاضافة الى ما سبق خطا يوجب نقض الحكم المطعون فيه والاعادة .