حكم تمييز شروع في قتل

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 23/ 12/ 2003
برئاسة السيد المستشار/ محمود دياب رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين / عاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل وعبد الرحمن أبو سليمة.
(34)
(الطعن رقم 436/ 2002 جزائي)
1 – محكمة استئنافية (نظرها الدعوى والحكم فيها) – استئناف – نيابة عامة – محكمة التمييز (سلطتها) – تمييز [(حالات الطعن {الخطأ في تطبيق القانون})].
– رفع استئنافين عن ذات الحكم – يوجب على المحكمة الاستئنافية الفصل فيهما معًا بحكم واحد – علة ذلك – لما قد تؤدي إليه تجزئة الفصل في الاستئنافات المتعددة من الحكم فيها على وجه متناقض – اقتصار الحكم على الفصل في استئناف النيابة العامة وحده دون الطاعن – يعيبه يوجب تمييزه والفصل فيهما بحكم واحد – مثال.
2 – محكمة دستورية (أثر الحكم بعدم الدستورية) – تهريب جمركي (التهريب الحكمي) – تمييز – حكم (التمييز الجزئي للحكم) – محكمة التمييز (سلطتها) – قانون (قانون أصلح) – عقوبة.

– قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص البند (6) من المادة (17) من المرسوم بقانون (13) لسنة 1980 بشأن الجمارك [(1)] – أثره: زوال صفة التأثيم عن فعل التهريب الجمركي الحكمي ويتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم ما دامت الدعوى الجزائية ما زالت قائمة لم يفصل فيها بحكم نهائي – وجوب القضاء بإلغاء الغرامة الجمركية المقضي بها عليه وبراءته من تهمة التهريب الحكمي – أساس ذلك.

1 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه إذا رفع استئنافان عن ذات الحكم فإنه يجب على المحكمة الاستئنافية الفصل فيهما معًا بحكم واحد، وتلك قاعدة أساسية واجبة الإتباع ولم يجر بها نص في القانون لما قد تؤدي إليه تجزئة الفصل في الاستئنافات المتعددة من الحكم فيها على وجه متناقض لما كان ذلك،

وكان الثابت من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أنه إذ قضت محكمة الجنايات حضوريًا بالامتناع عن النطق بعقاب الطاعن وإلزامه بغرامة جمركية قدرها خمسون دينارًا وبمصادرة المضبوطات عن تهم الشروع في القتل والإتلاف العمد وحيازة وإحراز سلاح ناري وذخيرة مما لا يجوز حيازتها أو إحرازها وإطلاق أعيرة نارية في منطقة سكنية والتهريب الجمركي. فقد استأنف الطاعن هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة، وكان الحكم المطعون فيه ولئن أورد في ديباجته حصول هذين الاستئنافين إلا أنه اقتصر على الفصل في استئناف النيابة العامة وحده – بقبوله وبإلغاء الحكم المستأنف وبحبس الطاعن خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وبتغريمه غرامة جمركية قدرها خمسون دينارًا والمصادرة عما أسند إليه، مما يعيبه ويوجب تمييزه والفصل في استئناف الطاعن والنيابة العامة بحكم واحد.

2 – إذ كان قضاء هذه المحكمة – محكمة التمييز – قد جرى على أن زوال صفة التأثيم عن فعل التهريب الجمركي الحكمي الوارد بالبند السادس من المادة (17) من المرسوم بالقانون رقم (13) لسنة 1980 بشأن الجمارك بصدور الحكم بعدم دستورية هذا النص – يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم، ما دامت الدعوى الجزائية مازالت قائمة لم يفصل فيها بحكم نهائي، مما يوجب على المحكمة أن تقضي بإلغاء ما قضي به الحكم المستأنف من عقوبة الغرامة الجمركية المحكوم بها عن تهمة التهريب الجمركي الحكمي المنسوبة إلى المتهم ببراءته منها عملاً بنص المادة (15) من قانون الجزاء.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 3/ 6/ 2001 بدائرة مخفر شرطة خيطان – محافظة الفروانية: 1 – شرع في قتل كل من عبيد ……… وشيخ ………. عمدًا مع سبق الإصرار وذلك بأن بيت النية وعقد العزم على قتل الأول وأعد لذلك سلاحًا ناريًا (رشاش) وتوجه إليه في المكان الذي أيقن سلفا تواجده فيه وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصدًا من ذلك قتله أخطأته إحداها وأصابت المجني عليه الثاني شيخ …… فحدثت بكل منهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

2 – أتلف عمدًا مركبة نجم …….. وذلك بعد إحداثه الأفعال موضوع التهمة الأولى وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 3 – حاز وأحرز سلاحًا ناريًا (رشاش كلاشنكوف) مما لا يجوز حيازته أو إحرازه. 4 – حاز وأحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر حالة كونه مما لا يجوز حيازته أو إحرازه. 5 – أطلق النار في منطقة سكنية على النحو المبين بالتحقيقات. 6 – ارتكب تهريبًا جمركيًا بأن حاز بضاعة (رشاش وذخيرة) دون أن يقدم ما يثبت استيرادها بصورة نظامية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبته بالمواد (45)، 46/ 1، (149)، 150/ 1، 151/ 1، (249) من قانون الجزاء 1/ 1، 2/ 1، (2)، (13)، 21/ 1، (3)، (22) من القانون رقم (13) لسنة 1991 في شأن الأسلحة والذخائر (16)، 17/ 6، (19) من القانون رقم (13) لسنة 1980 بشأن الجمارك. وبتاريخ 19/ 6/ 2002 حكمت محكمة الجنايات بتقرير الامتناع عن النطق بعقاب الطاعن على أن يقدم تعهدًا بكفالة مالية قدرها مائتي دينار يلتزم فيه بالمحافظة على حسن السلوك لمدة ثلاثة أشهر وبغرامة جمركية قدرها خمسون دينارًا ومصادرة المضبوطات. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما استأنفه الطاعن. وبتاريخ 8/ 9/ 2002 قضت محكمة الاستئناف – في استئناف النيابة العامة – وبعد استبعاد ظرف سبق الإصرار، بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس الطاعن خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وبتغريمه غرامة جمركية قدرها خمسون دينارًا والمصادرة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ فصل في استئناف النيابة العامة بإلغاء الحكم الابتدائي – القاضي بالامتناع عن النطق بعقاب الطاعن وإلزامه بغرامة جمركية قدرها خمسون دينارًا – وأوقع على الطاعن عقوبة الحبس خمس سنوات مع الشغل بالإضافة إلى الغرامة الجمركية دون أن يفصل في استئناف الطاعن لذات الحكم، فإنه قد يكون أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب تمييزه.

وحيث إنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه إذا رفع استئنافان عن ذات الحكم فإنه يجب على المحكمة الاستئنافية الفصل فيهما معًا بحكم واحد، وتلك قاعدة أساسية واجبة الإتباع ولم يجر بها نص في القانون لما قد تؤدي إليه تجزئة الفصل في الاستئنافات المتعددة من الحكم فيها على وجه متناقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أنه إذ قضت محكمة الجنايات حضوريًا بالامتناع عن النطق بعقاب الطاعن وإلزامه بغرامة جمركية قدرها خمسون دينارًا وبمصادرة المضبوطات عن تهم الشروع في القتل والإتلاف العمد وحيازة وإحراز سلاح ناري و ذخيرة مما لا يجوز حيازتها أو إحرازها وإطلاق أعيرة نارية في منطقة سكنية والتهريب الجمركي. فقد استأنف الطاعن هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة، وكان الحكم المطعون فيه ولئن أورد في ديباجته حصول هذين الاستئنافين. إلا أنه اقتصر على الفصل في استئناف النيابة العامة وحده – بقبوله وبإلغاء الحكم المستأنف وبحبس الطاعن خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وبتغريمه غرامة جمركية قدرها خمسون دينارًا والمصادرة عما أسند إليه، مما يعيبه ويوجب تمييزه والفصل في استئناف الطاعن والنيابة العامة بحكم واحد.
وحيث إن استئناف كل من النيابة العامة والمتهم قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن موضوع الاستئنافين صالح للفصل فيه.

وحيث إن واقعة الدعوى وعناصرها القانونية وأدلة الثبوت ودفاع الخصوم فيها ومستنداتهم قد بينها الحكم المستأنف. وتحيل إليه هذه المحكمة في هذا الخصوص.
وحيث إنه عن موضوع استئناف النيابة العامة فإن المحكمة إذ ترى صحة الحكم المستأنف فيما خلص إليه من تقدير توافر موجب ما قرره من الامتناع عن النطق بعقاب المستأنف ضده للاعتبارات السائغة التي أوردها، والتي تقره عليها هذه المحكمة وتأخذ بها، وإذ لم يأت استئناف النيابة العامة بما من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في ذلك، فإنه يضحى ولا أساس له ويتعين القضاء برفضه موضوعًا.

وحيث إنه عن موضوع استئناف المتهم، فإنه لما كان قضاء هذه المحكمة – محكمة التمييز – قد جرى على أن زوال صفة التأثيم عن فعل التهريب الجمركي الحكمي الوارد بالبند السادس من المادة (17) من المرسوم بالقانون رقم (13) لسنة 1980 بشأن الجمارك بصدور الحكم بعدم دستورية هذا النص – يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم، ما دامت الدعوى الجزائية مازالت قائمة لم يفصل فيها بحكم نهائي، مما يوجب على المحكمة أن تقضي بإلغاء ما قضي به الحكم المستأنف من عقوبة الغرامة الجمركية المحكوم بها عن تهمة التهريب الجمركي الحكمي المنسوبة إلى المتهم ببراءته منها عملاً بنص المادة (15) من قانون الجزاء.
وحيث إنه فيما عدا ما تقدم، فإن المحكمة إذ ترى أن الحكم المستأنف قد أصاب في إدانته المتهم للأسباب السائغة التي أوردها والتي تقره عليها هذه المحكمة وتأخذ بها – فيما لا يتعارض مع ما أضافته من أسباب هذا الحكم – مكملة له. وإذ لم يأت استئناف المتهم بما من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في ثبوت إدانته عن التهم المسندة إليه عدا تهمة التهريب الجمركي المار بيانها – ويضحى استئنافه – فيما عدا ذلك – على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا وتأييد الحكم المستأنف.

[(1)] ألغي هذا القانون بالقانون رقم (10) لسنة 2003 بشأن قانون إصدار قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ثم قضت المحكمة الدستورية في الطعن (2) لسنة 2005 دستورية بتاريخ 22/ 6/ 2005 بعدم دستورية البند (12) من المادة (143) من القانون رقم (10) لسنة 2003 سالف الذكر الخاصة بالتهريب الجمركي الحكمي.