لم يتضمن قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ نصوصاً خاصة بإدارة شركة التضامن، بينما نص القانون المدني على أحكاماً عامة تتعلق بإدارة الشركة وذلك في المواد من ٥١٦ – 520. ويتولى عقد الشركة في غالب الأحيان تحديد قواعد إدارتها. فإن أغفل ذلك يجب الرجوع إلى الأحكام الواردة بالقانون المدني. والأصل أن يقوم جميع الشركاء بإدارة الشركة، فلكل منهم مصلحة في إدارة المشروع على أكمل وجه لتحقيق الغرض المشترك(1) بيد أن العمل قد جرى على اتفاق الشركاء على اختيار شريك من بينهم أو شخص من الغير يتولى إدارة الشركة. ويحدد عقد الشركة كيفية تعيين المدير وكيفية عزله وأجره وسلطاته وحدودها وأخيراً المسئولية الناشئة عن أعماله.

تعيين المدير :

يتولى إدارة شركة التضامن مدير قد يكون أحد الشركاء أو شخص غير شريك وسواء كان المدير شريك أو غير شريك فقد يتم تعيينه في عقد الشركة التأسيسي أو في تعديل لاحق له ويسمى في هذه الحالة بالمدير الاتفاقي( 2). وقد يتم تعيينه بعقد مستقل عن عقد الشركة التأسيسي ويسمى بالمدير غير الاتفاقي. ويلزم لتعيين المدير الاتفاقي سواء في العقد التأسيسي للشركة أو في تعديل لاحق له إجماع الشركاء. بينما يكفى لتعيين المدير غير الاتفاقي موافقة أغلبية الشركاء المنصوص عليها في عقد الشركة التأسيسي(3) وإذا أغفل العقد التأسيسي للشركة تعيين مدير لها ولم يتفق الشركاء على تعيينه فى عقد مستقل، فإن لكل شريك الحق في مباشرة أعمال إدارة الشركة ويعتبر مفوضاً من الشركاء الآخرين. على أن يكون لكل شريك حق الاعتراض على أى عمل يقوم به قبل تمامه، ويجوز لأغلبية الشركاء إما الموافقة على هذا الاعتراض أو رفضه وإقرار العمل .( (م/ ٥٢٠ من القانون المدني)(4)

أجر المدير :

مدير شركة التضامن سواء كان مديراً اتفاقياً أى تم تعيينه في العقد التأسيسي للشركة أو في تعديل لاحق له أو كان مدير غير اتفاقي أى تم تعيينه بعقد مستقل عن عقد الشركة، وسواء كان شريك أم غير شريك فهو يستحق أجر مقابل قيامه بأعمال إدارة الشركة. ويتم الاتفاق- في غالب الأحيان – على أجر المدير في عقد تعيينه. وإذا أغفل العقد التأسيسي للشركة تحديد أجر المدير، فإن القاضي هو الذى يحدد الأجر حسب طبيعة العمل وما يقضى به العرف. ومدير الشركة له الحق في الأجر سواء كان شريكاً أم غير شريكاً. ومع ذلك إذا كان مدير الشركة شريكاً متضامناً وكانت حصته في الشركة عبارة عن حصة نقدية أو عينية فإنه يحصل على نصيب في الربح عن الحصة المقدمة منه فضلاً عن حقه في الأجر مقابل قيامه بأعمال إدارة الشركة، أما إذا كانت الحصة المقدمة منه حصة عمل فإن نصيبه في الربح هو الأجر مقابل الإدارة وتمثيل الشركة في مواجهة الغير(5). ومع ذلك يجوز الاتفاق على منحه أجر ثابت مقابل القيام بأعمال إدارة الشركة، فضلاً عن حصوله على نصيب في الربح مقابل حصته بالعمل.

عزل أو اعتزال المدير :

تتوقف كيفية عزل المدير على الطريقة التي تم تعيينه بها. ومدير شركة التضامن يكون مدير اتفاقي شريك، أو مدير اتفاقي غير شريك وقد يكون مدير غير اتفاقي شريك أو مدير غير اتفاقي غير شريك. كما أن عزل مدير الشركة قد يؤثر على إمكانية استمرارها.

١ – عزل أو اعتزال المدير الشريك الاتفاقي :

المدير الشريك الاتفاقي هو الذى يتم تعيينه في العقد التأسيسي للشركة أو في تعديل لاحق له ويكون في نفس الوقت شريك في الشركة. ويرى الرأي الراجح في الفقه(6) أن المدير الشريك الاتفاقي هو بمثابة عضو في جسم الشخص المعنوي (الشركة) وجزء من كيانه ولذلك لا يعتبر وكيلاً عنها أو عن الشركاء. ويترتب على ذلك عدم جواز عزل المدير الشريك الاتفاقي إلا بموافقة جميع الشركاء بمن فيهم الشريك المدير. وعلة ذلك أن تعيين المدير بعقد الشركة يعد جزء من العقد. وكقاعدة عامة لا يجوز تعديل العقد إلا بإجماع الشركاء، ويعد عزل المدير الشريك الاتفاقي تعديل للعقد لا يتم إلا بإجماع الشركاء. بيد أن هذه القاعدة لا تتعلق بالنظام العام، ومن ثم يجوز الاتفاق في العقد التأسيسي للشركة على جواز عزل المدير الشريك الاتفاقي بأغلبية معينة(7) وإذا لم يتوافر إجماع الشركاء على عزل المدير، أو رفض المدير الشريك الاتفاقي النزول على رغبة الشركاء الذين يرغبون في عزله، فإنه يجوز لكل شريك أن يطلب عزله من المحكمة إذا كان هناك مسوغ يبرر هذا العزل(8). وذلك بالتطبيق لنص المادة ٥١٦ من القانون المدني والتى نصت على أنه ((ولا يجوز عزل هذا الشريك من الإدارة دون مسوغ ما دامت الشركة باقية )) ويترتب على ذلك أنه يجوز عزل المدير الشريك الاتفاقى إذا وجد سبب يبرر هذا العزل كما إذا أهمل أو ارتكب غشاً في إدارة الشركة. والقول بغير ذلك يجعل المدير الشريك الاتفاقى غير قابل للعزل وبمنأى عن أية رقابة وقد يستبد لذلك بإدارة الشركة بما يضر بمصالحها. بيد أن العزل المقرر لباقي الشركاء من الصعب تحقيقه عملياً نظراً لسيطرة المدير الاتفاقي على إدارة الشركة، ولذلك لا يتحقق هذا العزل عملاً إلا عن طريق القضاء الذى عليه تقدير وجاهة الأسباب التي يستند إليها الشركاء لطلب عزل الشريك المدير الاتفاقى(9) وإذا كان عزل المدير الشريك الاتفاقي لا يكون إلا برضائه، فإن اعتزاله الإدارة لا يكون إلا برضاء الشركاء، لأن الاعتزال تعديل للعقد التأسيسي للشركة ومع ذلك يجوز له الاعتزال إذا وجدت أسباب قوية تبرره، كمرض أو شيخوخة(10) أو لسبب معقول تقدره المحكمة عند الخلاف.

أثر عزل أو اعتزال المدير الشريك الاتفاقى على حياة الشركة:

يذهب البعض( 11) إلى القول بأن عزل أو اعتزال المدير الشريك الاتفاقي يترتب عليه حل الشركة. لأن المدير الشريك الاتفاقي يعد جزء من عقد الشركة ذاته، بالإضافة إلى أنه يعد بمثابة عضو في جسم الشركة. فهو ليس وكيلاً عن الشركة بل مفوضاً في إدارتها ولذلك لا يسرى علي عزله أو اعتزاله الأحكام التي تسرى على الوكيل العادي، بل يتعين حل الشركة ما لم يوجد اتفاق بين الشركاء على غير ذلك. ونرى مع فريق آخر( 12) ضرورة التفرقة بين ما إذا كان سبب عزل أو اعتزال المدير الشريك الاتفاقي يرجع إلى قيام سبب من الأسباب المرتبطة بالاعتبار الشخصي كإفلاس المدير أو الحجر عليه ففي هذه الحالي تنقضي الشركة تبعاً لانهيار الاعتبار الشخصي. أما إذا كان سبب العزل أو الاعتزال سبب آخر واستمر المدير شريكاً فى الشركة فإنه لا يترتب على عزل أو اعتزال المدير الشريك الاتفاقي حل الشركة.

٢ – عزل أو اعتزال المدير الشريك غير الاتفاقي والمدير غير الشريك الاتفاقى أو غير الاتفاقى :

تنص المادة ٥١٦/2 من القانون المدني على أنه (( واذا كان انتداب الشريك للإدارة لاحقاً لعقد الشركة، جاز الرجوع فيه كما يجوز في التوكيل العادي ))

كما تنص الفقرة الثالثة من ذات المادة على أنه (( وأما المديرون من غير الشركاء فهم دائماً قابلون للعزل وقد ثار خلاف في الفقه حول من له حق التمسك بالعزل)).

فذهب البعض( 13) إلى أن حق عزل المدير يتقرر لكل شريك، وذلك لأن الإدارة حق له والمدير مجرد وكيل عنه فى إدارة الشركة، ومن حق الموكل عزل الوكيل. وذهب البعض الآخر( 14) إلى أن عزل المدير لا يمكن أن يتقرر لكل شريك على حدة بل ولا أغلبية من الشركاء، ولكن هذا الحق يتقرر لجميع الشركاء. وعلى ذلك يحق اتفاق جميع الشركاء على العزل، لأن من يملك التعيين يملك العزل فإذا كان المدير قد تم تعيينه بإجماع الشركاء فيلزم إجماعهم أيضاً عند عزله. وإذا كان تعيينه قد تم بموافقة أغلبية الشركاء فإنه يمكن عزله بموافقة أغلبية الشركاء. بيد أن ذلك لا يتنافى مع حق كل شريك على حده أو بعض الشركاء في أن يطلب من المحكمة عزل المدير إذا وجد مسوغ مشروع يبرر ذلك، إذ من غير الجائز أن يحظى بمعاملة أفضل من تلك التي يعامل بها المدير الاتفاقي الشريك(15) ويذهب الرأي الراجح من الفقه( 16) إلى القول بأن عزل المدير يكون من حق أغلبية الشركاء في جميع الأحوال حتى ولو كان تعيين المدير قد تم بإجماع الشركاء. وفضلاً عما تقدم يجوز للمدير الشريك غير الاتفاقى والمدير غير الشريك اتفاقي أو غير اتفاقي أن يعتزل إدارة الشركة شريطة أن يخطر الشركاء برغبته في الاعتزال وأن يتم ذلك في وقت ملائم، وإلا التزم بتعويض الشركة متى ترتب على عمله ضرر لها (م/ ٧٠٦ من القانون المدني). ولا يترتب على عزل المدير غير الاتفاقى الشريك أو غير الشريك والمدير الاتفاقى غير الشريك حل الشركة، وذلك لأنه يعد وكيلاً عن الشركاء في إدارة الشركة وليس عضواً في جسم الشركة.

سلطات المدير وحدودها:

يحدد عقد الشركة – في غالب الأحيان – سلطات المدير، وقد يتم الاتفاق على ذلك في عقد لاحق لعقد الشركة. ويبين هذا العقد الأعمال والتصرفات التي يجوز للمدير أن يقوم بها دون الرجوع إلى الشركاء، وتلك التي يجب عليه أن يحصل على إذن الشركاء قبل القيام بها. وكذلك الأعمال التي يحظر عليه القيام بها. ويتعين على المدير أن يلتزم حدود السلطات الممنوحة له بمقتضى عقد الشركة. وإذا سكت عقد الشركة عن تحديد سلطات المدير، يجوز له القيام بكافة الأعمال التي تحقق غرض الشركة ويستوى أن تكون من أعمال الإدارة أم من أعمال التصرف (م/ ٥١٦/١ من القانون المدني ) وعلى ذلك يجوز للمدير أن يبيع ويشترى، ويؤجر ويستأجر، ويقرض ويقترض ويبرم عقود العمل ويؤمن على أموال الشركة، ويمثل الشركة أمام القضاء … الخ. وتلتزم الشركة بكل أعمال الإدارة وكذلك أعمال التصرف التي تدخل ضمن سلطات المدير طالما كانت خالية من الغش (م/ ٥١٦/١ من القانون المدني). وليس للشركاء التدخل في إدارة الشركة أو الاعتراض على أعمال المدير. وإن كان ذلك لا يتنافى مع حق الشركاء في الإشراف والرقابة على أعمال المدير عن طريق الإطلاع بأنفسهم على دفاتر الشركة ومستنداتها، ولا يجوز الاتفاق على سلبهم هذا الحق (م/ ٥١٩ من القانون المدني). ولا يجوز للمدير أن يقوم بالأعمال التي تتجاوز الغرض المقصود من الشركة. فليس له أن يبيع عقارات الشركة أو أن يرهنها أو أن يبيع المحل التجاري المملوك للشركة(17) ويرى البعض( 18) أنه طالما لم تضع الشركة قيوداً على هذه التصرفات فإنه يجوز للمدير القيام بها إذا كانت في حدود غرض الشركة ومصلحتها وغير مشوبة بغش أو تدليس ضد مصالح الشركة أو الشركاء. والأصل أن يقوم المدير بأعمال إدارة الشركة ولا يجوز له أن ينيب غيره في كل أعمال الشركة، لأن الشركاء قد وثقوا بشخص المدير وقد لا تتعدى هذه الثقة إلى غيره( 19 ). ومع ذلك يجوز للمدير أن ينيب غيره للقيام بعمل محدد، وعندئذ يكون المدير مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان قد صدر منه شخصياً، ويكون كذلك هو ونائبه متضامنين في المسئولية (م/ ٧٠٨ من القانون المدني)، وذلك إذا لم يكن مرخصاً له إنابة غيره( 20). أما إذا كان مرخصاً له بذلك بمقتضى نص في العقد، يسأل المدير عن خطئه في اختيار النائب وعن خطئه فيما أصدره له من تعليمات (م/ ٧٠٨ /٢ من القانون المدني )

تعدد المديرين :

قد ينص عقد الشركة على تعيين أكثر من مدير. ويثور التساؤل في هذا الصدد عن سلطات كل منهم في إدارة الشركة وحدود هذه السلطات، ولا يخلو الأمر من أحد فروض ثلاث(21)

الفرض الأول:

يحدد عقد الشركة سلطات كل من المديرين. وفى هذه الحالة يتعين على كل مدير أن يقوم بالأعمال التي تدخل ضمن سلطاته، فإذا تجاوزها يكون تصرفه غير نافذ في حق الشركة.

الفرض الثانى:

لا يحدد عقد الشركة سلطات كل من المديرين، ولا ينص على عدم جواز انفراد أى منهم بالإدارة. وفى هذه الحالة يكون لكل مدير القيام بمفرده بأي عمل من أعمال الإدارة، على أن يكون من حق أغلبية المديرين رفض هذا الاعتراض، فإذا تساوى الجانبان، كان الرفض من حق أغلبية الشركاء جميعاً (م/ ٥١٧/ ١ من القانون المدني )

الفرض الثالث:

أن ينص عقد الشركة على أن يعمل المديرون بالإجماع أو بالأغلبية. وفى هذه الحالة يتعين موافقة جميع المديرين أو موافقة أغلبيتهم، إلا في حالة وجود أمر عاجل يترتب على تفويته خسارة جسيمة لا تستطيع الشركة تعويضها، فإنه يجوز لأى مدير فى هذه الحالة أن ينفرد بالقيام بالعمل (م/ ٥١٧/٢ من القانون المدني ومن الجدير بالذكر أن شروط عقد الشركة المتعلقة بتوزيع السلطات بين المديرين أو بضرورة موافقة جميع المديرين أو موافقة أغلبيتهم تنتج أثرها قبل الشركة والشركاء، ولكنه لا يحتاج بها على .( الغير، إلا إذا تم شهرها بالطرق التي ينص عليها القانون(22)

سلطة الشركاء غير المديرين :

يترتب على تعيين مدير للشركة أن يكون له وحده حق القيام بأعمال الإدارة وتمثيلها أمام الغير وأمام القضاء. ويمتنع – تبعاً لذلك –على الشركاء غير المديرين التدخل في أعمال إدارة الشركة لأن هذا التدخل من شأنه عرقلة إدارة الشركة وتعطيل أعمالها، خاصة متى كان عدد الشركاء كبيراً(23)

وفى ذلك تنص المادة ٥١٩ من القانون المدني على أنه ((الشركاء غير المديرين ممنوعون من الإدارة وعلى ذلك إذا قام أحد الشركاء غير المديرين بتصرف لحساب الشركة، فلا تلتزم به هذه الأخيرة ويسأل الشريك شخصياً عن نتائج هذا التصرف إلا إذا أجازت الشركة العمل أو حققت منه نفعاً(24) بيد أن منع الشركاء غير المديرين من التدخل فى الإدارة لا يتنافى مع حقهم في الاطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها، وتوجيه النصح والإرشاد للمدير ومراقبة أعماله. ولا يجوز الاتفاق على حرمان الشريك من حقه في الاطلاع على مستندات الشركة ودفاترها ليتسنى له مراقبة أعمالها.

وفى ذلك تنص المادة ٥١٩ من القانون المدني على أنه ((ولكن يجوز لهم – أى الشركاء – أن يطلعوا على دفاتر الشركة ومستنداتها وكل اتفاق على غير ذلك باطل ))

مسئولية الشركة عن أعمال المدير :

الشركة شخص معنوي لا يستطيع التعبير عن إرادته. ويتولى مدير الشركة القيام بأعمال إدارتها ولذلك فإن إرادة المدير هي إرادة الشركة. ونتيجة لذلك تلتزم الشركة بتصرفات المدير بتوفر الشرطين الآتيين:

١ – أن تكون هذه التصرفات باسم الشركة ولحسابها، وهى تكون كذلك متى كانت هذه التصرفات موقعة بعنوان الشركة. وعلى ذلك إذا أبرم المدير تصرف قانونى لحساب الشركة ووقعه باسمه الخاص، وليس بعنوان الشركة، فالأصل أن هذه الأخيرة لا تسأل عن هذا التصرف ويسأل عنه المدير وحده. لأن توقيع التصرف القانوني باسم المدير وحده يقوم قرينة على أنه يعمل لحسابه الخاص وليس لحساب الشركة التي يمثلها. بيد أن هذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس. فإذا نجح المدير في إثبات أن هذا التصرف كان لحساب الشركة، انعقدت مسئولية هذه الأخيرة عنه(25) . وقد يحدث أن يسئ المدير استعمال عنوان الشركة، فيبرم تصرف قانونى لحسابه الخاص ويوقع عليه بهذا العنوان. ويجب أن نفرق في هذا الصدد بين فرضين:

الفرض الأول:

أن يكون الغير الذى يتعامل مع المدير حسن النية. وهو يكون كذلك متى كان لا يعلم بأن التصرف القانوني يتم لحساب المدير الخاص. وفى هذه الحالة تلتزم الشركة بنتائج هذا التصرف حماية للغير حسن النية، لأن الظاهر فى جانبه ويتعين حمايته. ولا يكون للشركة في هذه الحالة سوى الرجوع على المدير ومطالبته بما يترتب على تصرفاته من أضرار للشركة.

الفرض الثانى:

أن يكون الغير الذى تعامل مع المدير سيئ النية. وهو يكون كذلك متى كان يعلم أن المدير يبرم التصرف القانوني لحسابه الشخصي ويسئ استخدام عنوان الشركة. وفى هذه الحالة لا تلتزم الشركة بنتائج هذا التصرف ولا يكون أمام الغير سوى الرجوع على المدير شخصياً ومطالبته بتنفيذ الالتزامات التي تنشأ عن هذه التصرفات . ويقع على عاتق الشركة عبء إثبات سوء نية الغير الذى تعامل مع مديرها. ولا شك أنه يدخل في تقدير حسن النية مدى تعلق الصفقة بغرض الشركة، بمعنى أنه قد يفترض حسن النية إذا كان موضوع الصفقة مما يتناسب وغرض الشركة(26) وإذا وقع مدير شركة التضامن على تصرف قانونى باسمه الخاص ولم يذكر عنوان الشركة التي يمثلها، تقوم قرينة على أنه يعمل لحسابه الخاص ويسأل وحده عن نتائج التصرف. بيد أنها قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس، حيث يجوز للغير أن يثبت عكس هذه القرينة بكافة طرق الإثبات.

٢ – يجب أن تكون التصرفات القانونية التي يبرمها المدير داخلة ضمن سلطاته التي حددها سلفاً عقد الشركة، أو في الحدود التي تحقق غرض الشركة. فإن تجاوز المدير حدود هذه السلطات، يسأل وحده عن نتائج هذه التصرفات ولا يكون أمام الغير الذى تعامل معه – ولو كان حسن النية – سوى الرجوع على المدير شخصياً ومطالبته بتنفيذ الالتزامات الناشئة عن هذه التصرفات. بيد أنه يشترط لإعمال هذا الحكم أن يكون قد تم شهر هذه السلطات وحدودها ضمن البيانات التي يتضمنها عقد الشركة الذى يتعين شهره بالطرق القانونية. أما إذا لم تشهر سلطات المدير وحدود ها، يجوز للغير مساءلة الشركة عن النتائج التي تترتب على التصرفات التي أبرمها المدير بالرغم من أنها قد تمت بالمجاوزة لحدود سلطاته، ويجوز للشركة بعد ذلك الرجوع على مديرها. وذلك استناداً إلى مسئولية المتبوع عن أعمال تابعيه. وفضلاً عن مسئولية الشركة عن جميع التصرفات القانونية التي يبرمها المدير باسم الشركة ولحسابها وفى حدود اختصاصاتها، فإنها تسأل أيضاً عن أعمال المدير غير المشروعة التي يرتكبها بسبب قيامه بأعمال الإدارة إذا ما ترتب عليها ضرر للغير.

مسئولية المدير قبل الشركة والشركاء:

يعد مدير شركة التضامن سواء كان شريك أو غير شريك في حكم الوكيل المأجور، لأنه يتقاضى أجراً نظير إدارته فضلاً عن نصيبه في الأرباح. ولذلك يجب عليه أن يبذل من العناية في تدبير مصالح الشركة وإدارتها ما يبذله الرجل المعتاد (م/ ٥٢١ /٢ من القانون المدني ) وعلى ذلك فهو يسأل فى مواجهة الشركة والشركاء عن أخطائه في الإدارة كأن يخالف نص من نصوص العقد التأسيسي أو يبرم تصرف قانوني يجاوز حدود سلطاته … الخ. وفى الحالة التي يتعدد فيها مديري الشركة، فإنهم يسألون قبل الشركة بالتضامن عن أخطائهم المشتركة (م/ ٧٠٧ /١ من القانون المدني). وينطبق نفس الحكم إذا أناب المدير عنه غيره في تنفيذ عمل الإدارة دون أن يكون مرخصاً له فى ذلك (م/ ٧٠٨ /١ من القانون / المدني). ويتعين على المدير أن يقدم للشركاء حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارته. وإذا أخذ المدير أو احتجز مبلغاً من مال الشركة، لزمته فوائد هذا المبلغ من يوم أخذه أو احتجازه بغير حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار. وذلك دون إخلال بما قد يستحق من تعويض تكميلي عند الاقتضاء. / (م/ ٥٢٢ /١ من القانون المدني ) بيد أنه إذا أمد المدير الشركة من ماله أو أنفق في مصلحتها شيئاً من المصروفات النافعة عن حسن نية وتبصر، وجبت له على الشركة فوائد هذه المبالغ من يوم دفعها (م/ ٥٢٢ /٢ من القانون المدني )

__________________

1- د. محمود سمير الشرقاوى: القانون التجاري ، الجزء الأول ، دار النهضة العربية 1986 ، ص ٨٥

2- المدير الاتفاقى غير الشريك لا يسأل عن ديون الشركة ولا يكتسب صفة التاجر ولا يترتب على شهر إفلاس الشركة شهر إفلاسه. نقض مدنى ١٠ مارس ١٩٨٠ ، السنة ٤٦ قضائية، . ص ٧٦٥

3- Escara (E.) et Rault (J.): Traité théorique et pratique de droit commercial “Les sociétés” tome I، no 226.

4- نقض مدنى ٨ ديسمبر ١٩٨١ مجموعة أحكام النقض، السنة ٢٢ ، ص 115

5- د. سميحة القليوبي: الشركات التجارية، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، ١٩٨٩ ، ص ٢١٤ وما بعدها.

6- د. أبو زيد رضوان: الشركات التجارية، دار النهضة العربية، ٢٠٠٠ ، فقرة ١٠١ ؛ د. محسن شفيق: الوسيط في القانون. التجاري المصري، الجزء الأول، ١٩٥٧ ، فقرة ٣١٦

7- د. محمد فريد العرينى: مبادئ القانون التجاري و البحري ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، ٢٠٠٣ ، ص ١٠٥.

8- د. محمد فريد العرينى: المرجع السابق، ص 105

9- د. سميحة القليوبي: الشركات التجارية، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، 1989 ، ص ٢١٩ .

10- د. محمد فريد العرينى: المرجع السابق، ص ١٠٦.

11- د. محسن شفيق: الوسيط في القانون التجاري ،الجزء الأول 1962 ، ص ٢٢٦.

12- د. محمود سمير الشرقاوى: المرجع السابق، ص ٨٨

13- Ripert et Roblot: Op. Cit.، no. 841.

14- د. أكثم الخولى: قانون التجارة اللبناني، الجزء الثاني ، ص ٤٣٢ .

15- د. محمد فريد العرينى: المرجع السابق، ص ١٠٦ .

16- د. أبو زيد رضوان: الشركات التجارية، دار النهضة العربية، ٢٠٠٠ ، ص ٤٣٢

17- د. مصطفى كمال طه: الشركات التجارية، دار المطبوعات الجامعية، ٢٠٠٦ ، ص ١٠٢

18- د. سميحة القليوبي: المرجع السابق، ص ٢١١

19- د. مصطفى كمال طه: المرجع السابق،ص 102

20- د. محمد فريد العرينى: المرجع السابق، ص ١٠٧

21- د. مصطفى كمال طه: المرجع السابق، ص ١٠٢ وما بعدها.

22- د. مصطفى كمال طه: المرجع السابق، ص 104

23- د. محمود سمير الشرقاوى: المرجع السابق، ص ١٠٤

24- د. محسن شفيق: المرجع السابق، فقرة ٢٣٥

25- د. محمد فريد العرينى: المرجع السابق، ص 109

26- د. سميحة القليوبى: المرجع السابق، ص ٢١٥

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .