حكم تمييز سرقة بالإكراه

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 23/ 12/ 2003
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى كامل وعبد الرحمن أبو سليمة ومجدي أبو العلا وجاب الله محمد جاب الله.
(33)
(الطعن رقم 344/ 2002 جزائي)
1 – طعن (ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام) – تمييز – ارتباط.
– الطعن بالتمييز في المواد الجزائية – لا يجوز إلا في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في مواد الجنايات دون تلك التي تصدر في مواد الجنح – إلا أن تكون مرتبطة بجناية ارتباطا لا يقبل التجزئة جواز في هذه الحالة الطعن بالتمييز في الحكم الصادر فيهما معًا – مثال.
2 – إثبات (شهود) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير أقوال الشهود) – تمييز (سبب قائم على جدل موضوعي).
– وزن أقوال الشهود وتقديرها – لمحكمة الموضوع – أخذها بشهادة شاهد – مفاده: إطراحها جميع الاعتبارات لحملها على عدم الأخذ بها –

– تناقض الشهود في أقوالهم – لا يعيب الحكم – ما دام استخلص الحقيقة منها بغير تناقض.
– تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته – لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله – ما دامت اطمأنت إليها.
– الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى – غير مقبول أمام التمييز.

3 – إثبات (خبرة) – إجراءات التحقيق – إجراءات المحاكمة.
– الاستعانة بمترجم عند الاقتضاء – يكون في إجراءات المحاكمة دون الإجراءات السابقة عليها – المادة (170) إجراءات ومحاكمات جزائية.
– تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة – لا يصلح سببًا للطعن على الحكم – مثال.
4 – دفوع (الدفع بإنكار التهمة) – دفاع [(الإخلال بحق الدفاع)، (ما لا يوفره)].
– الدفع بإنكار التهمة – من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا – ما دام الرد عليها مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

5 – عقوبة (تطبيقها) – تمييز (سبب غير منتج) – سرقة – وصف التهمة.
– النعي حول تعديل المحكمة وصف التهمة باستبعاد ظرف إحداث إصابات بالمجني عليه – غير منتج – مادامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه التي لم تنشأ عنه إصابات – مثال.

1 – المادة الثامنة من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته قد قصرت الطعن بطريق التمييز على الأحكام الجزائية الصادرة من محكمة الاستئناف في مواد الجنايات دون الجنح إلا ما كان منها مرتبطًا بجناية فيجوز حينئذ الطعن فيهما معًا، وكان الطعن المقدم من الطاعنة الأولى عمشة ….. لم يقتصر على ما قضى به الحكم في الجناية موضوع التهمة الأولى وما ارتبط بها من جنح وإنما شمل أيضا ما قضى به الحكم في جنحة قيادة سيارة بدون رخصة والتي لا ارتباط بينها وبين تلك الجناية، وقد أوقع الحكم على الطاعنة بها عقوبة مستقلة فإن الطعن عليه في خصوص الجنحة تلك يكون غير جائز.

2 – من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها متروك لمحكمة الموضوع ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض الشهود في أقوالهم – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم مادام استخلص الحقيقة منها بغير تناقض – كما هو الحال في الدعوى – كما أن تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنتان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.

3 – مؤدى نص المادة (170) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أن الاستعانة بمترجم عند الاقتضاء إنما يكون في إجراءات المحاكمة دون الإجراءات السابقة عليها فإن النعي بأن المحقق لم يحلف المترجم اليمين القانونية يكون لا محل له، فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصلح سببًا للطعن على الحكم.
4 – الدفع بإنكار التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

5 – إذ كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعنة الأولى وهي الحبس سبع سنوات مع الشغل تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه الذي لم تنشأ عنه إصابات بالمجني عليه على ما جرى به نص المادة (225) من قانون الجزاء فإنه لا تكون هناك جدوى فيما تثيره حول تعديل وصف التهمة باستبعاد ظرف إحداث إصابات بالمجني عليه على النحو الذي ذهبت إليه بطعنها ويضحى نعيها في هذا الشأن غير منتج.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنتين بأنهما في يوم 1/ 1/ 2000 بدائرة مخفر شرطة الفروانية – محافظة الفروانية: 1 – المتهمتان معًا: سرقتا الملابس والأشياء الأخرى المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لحفيظ ……. عن طريق استعمال العنف ضده بقصد التغلب على مقاومته بأن اشترتا منه المسروقات وعندما شرعتا في الفرار بها دون الوفاء بثمنها وبدأ المجني عليه في الحيلولة بينهما وبين الفرار تعلق في سبيل ذلك بالسيارة التي كانت تقودها المتهمة الأولى فتكاتفتا ……. على ضربه ودفعه بعيدًا عن السيارة والإسراع في السير بها وهو متعلق بها حتى سقط على الأرض وترتب على ذلك إصابته بالجروح المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وتمكنتا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاحتفاظ بالمسروقات والفرار بها على النحو المبين بالتحقيقات.

2 – المتهمة الأولى: 1 – أحدثت بالمجني عليه سالف الذكر أذى أفضى إلى إصابته بعاهة مستديمة بأن دفعته بيدها وجرته بسيارتها فأحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نجم عنها إصابته بعاهتين مستديمتين هما تيبس بعضلات زاويتي الفكين والعظام الزيحومية وعدم القدرة على فتح الفم قرب نهايته وفقد الإبصار النافع بكلتا العينين مما يقلل من كفاءته بنسبة 10%، 100% على التوالي من قدرة الجسم كله، وذلك على النحو الثابت بالأوراق. 2 – قادت سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر على الوجه المبين بالتحقيقات. 3 – وهي قائدة سيارة وقع منها حادث نشأت عنه إصابات للمجني عليه المذكور لم تقف ولم تترك سيارتها بمكان الحادث ولم تقم بإبلاغ أقرب رجل شرطة أو إسعاف بالحادث فور وقوعه. 4 – قادت سيارة بدون رخصة قيادة. وطلبت عقابهما بالمواد (47 ثانيًا)، 162/ 1، (225)، 226/ 1، (3) من قانون الجزاء رقم (16) لسنة 1960 المعدل بالمواد (25)، (49)، (33/ 3/ 11) من المرسوم بقانون رقم (67) لسنة 1976 في شأن المرور. وحكمت محكمة الجنايات حضوريا: أولاً: بحبس المتهمة الأولى سبع سنوات مع الشغل عن الاتهامات عدا الأخيرة وبتغريمها مبلغ خمسون دينارًا عن التهمة المذكورة. ثانيًا: بحبس المتهمة الثانية خمس سنوات مع الشغل عما نسب إليها. استأنفتا كما استأنفت النيابة العامة. وبتاريخ 17/ 7/ 2000 قضت محكمة الاستئناف بعد تعديل وصف الاتهام باستبعاد تهمة إحداث العاهة المسندة إلى الطاعنة الأولى استقلالاً بحسبانها ظرفًا مشددًا للسرقة موضوع التهمة الأولى المسندة إلى الطاعنين – بقبول استئنافي النيابة العامة والطاعنين شكلاً، وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإبعاد المتهمة الثانية عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة المقضي بها عليها فطعنت المحكوم عليهما بالتمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن المادة الثامنة من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته قد قصرت الطعن بطريق التمييز على الأحكام الجزائية الصادرة من محكمة الاستئناف في مواد الجنايات دون الجنح إلا ما كان منها مرتبطًا بجناية فيجوز حينئذ الطعن فيهما معًا، وكان الطعن المقدم من الطاعنة الأولى عمشة ….. لم يقتصر على ما قضى به الحكم في الجناية موضوع التهمة الأولى وما ارتبط بها من جنح وإنما شمل أيضًا ما قضى به الحكم في جنحة قيادة سيارة بدون رخصة والتي لا ارتباط بينها وبين تلك الجناية، وقد أوقع الحكم على الطاعنة بها عقوبة مستقلة فإن الطعن عليه في خصوص الجنحة تلك يكون غير جائز.
وحيث إن الطعن فيما خلا ذلك قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة السرقة بالإكراه الذي ترتب عليه إصابة المجني عليه بجروح قد شابه القصور والفساد في الاستدلال، والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق ذلك أنه عول في إدانتهما على أقوال الشهود رغم ما أحاط بها من شكوك وتناقض وعدم معقولية حدوث الواقعة على الصورة التي قالوا بها ورغم أن أحدًا منهم لم يشهد الحادث، وتساند الحكم إلى رواية جاءت على سبيل التسامع. كما جاءت أقوال ضابط الواقعة متأخرة ومستقاة من تحريات لا يُطمئن إليها كما أن مصدرها هو المجني عليه الذي لم يكن يستطيع الإدلاء بأقواله لضابط الواقعة لعدم إمكانه التحدث بتعقل وقتئذ، وقد سئل المجني عليه بالتحقيقات الابتدائية بعد الاستعانة بمترجم لم يحلف اليمين القانونية بما يؤدي إلى بطلان شهادة المجني عليه ولم ويحفل الحكم بإنكار الطاعنتين للتهمة، ونسب إلى الأولى اعترافًا بتحقيق النيابة بأنها صدمت المجني عليه بسيارتها حال أن أقوالها لم تخرج عن أنه قد وقع حادث تصادم في وقت حدوث الواقعة، هذا إلى أن المحكمة وقد استبعدت تهمة إحداث العاهة المسندة إلى الطاعنة الأولى مما كان لازمه أن تعدل وصف تهمة السرقة باستبعاد هذا الظرف، وهو ما لم تغفله، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أورد واقعة الدعوى بما حاصله أنه أثناء تواجد المجني عليه بمكان الواقعة كبائع متجول توقفت بجواره الطاعنة الأولى بسيارتها وبجوارها الطاعنة الثانية وطلبتا منه شراء أشياء وأمرتاه بوضعها في السيارة من الخلف فنقذ ذلك، وطلب الثمن فاستمهلتاه، وعندما رفض ذلك، فوجئ بالطاعنة الأولى تنطلق بالسيارة فتعلق بها محاولاً إيقافها حتى يسترد بضاعته

أو يأخذ ثمنها إلا أن الطاعنة الأولى ضربته بشدة قاصدة إبعاده عن السيارة وأسرعت بها فسقط المجني عليه من جراء ذلك وحدثت إصاباته المبينة بالتقرير الطبي الشرعي، والتي تخلف لديه من جرائها عاهتين مستديمتين، وتمكنت الطاعنتان من الفرار بالمسروقات وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنتين على هذه الصورة أدلة استمدها من شهادة المجني عليه وضابط الواقعة وباقي شهود الإثبات وما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي، وما اعترفت به الطاعنة الأولى بتحقيق النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها متروك لمحكمة الموضوع ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنه أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض الشهود في أقوالهم – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم مادام استخلص الحقيقة منها بغير تناقض – كما هو الحال في الدعوى – كما أن تأخذ الشاهد في الإدلاء بشهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنتان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في مقام تحصيله لشهادة ضابط الواقعة أنه استقاها من المجني عليه فإن تعييب الطاعن للحكم بخصوص عدم قدرة الأخير على التحدث بتعقل للضابط المذكور لا يكون له محل.

لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أن المحكمة لم تبين قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد من شهادة الشاهد عبد العزيز محمد عبد الله الذي قرر أنه استقاها من المتواجدين بمكان الحادث ولم ينسب فيها للطاعنتين تحديدًا ارتكابهما الحادث فلا جناح على الحكم أن هو عول على ذلك تأييدًا وتعزيزًا للأدلة التي اعتمد عليها في قضائه مستمدة من شهادة المجني عليه والشاهد سعيد ….. الذي ردد مضمون شهادة الأول وسائر شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي – مادام أنه لم يتخذ من أقوال الشاهد عبد العزيز ….. دليلاً أساسيًا على ثبوت الاتهام قبل الطاعنتين ويكون منعاها في هذا الخصوص لا وجه له. لما كان ذلك، وكان مؤدى نص المادة (170) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية أن الاستعانة بمترجم عند الاقتضاء إنما يكون في إجراءات المحاكمة دون الإجراءات السابقة عليها فإن النعي بأن المحقق لم يحلف المترجم اليمين القانونية يكون لا محل له، فضلا عن أنه لا يعدو أن يكون تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصلح سببًا للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن ما حصله الحكم المطعون فيه من اعتراف للطاعنة الأولى لم يحد به لما قررته بالتحقيقات فإن قالة مخالفة الثابت في الأوراق التي ترمي بها الطاعنة الحكم تكون منتفية، لما كان ذلك، وكان الدفع بإنكار التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعنة الأولى وهي الحبس سبع سنوات مع الشغل تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه الذي لم تنشأ عنه إصابات بالمجني عليه على ما جرى به نص المادة (225) من قانون الجزاء فإنه لا تكون هناك جدوى فيما تثيره حول تعديل وصف التهمة باستبعاد ظرف إحداث إصابات بالمجني عليه على النحو الذي ذهبت إليه بطعنها ويضحى نعيها في هذا الشأن غير منتج. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.