حكم تمييز (إحراز مخدر الحشيش بقصد التعاطي )

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 27/ 1/ 2004
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة
وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل
(15)
(الطعن رقم 349/ 2003 جزائي)
1 – إجراءات المحاكمة – إجراءات القبض والتفتيش – إثبات (اعتراف) – طعن بالتزوير – حكم (تسبيب غير معيب) – محضر الجلسة – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل) – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب غير قويم)].
– الأصل في الإجراءات الصحة.

– عدم جواز إثبات عكس ما دون بمحضر الجلسة إلا عن طريق الطعن بالتزوير.
– الأخذ بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عن إجراءات القبض والتفتيش والمؤدية إلى ذات النتيجة التي أسفرت عنها – جائز.
– تقدير قيمة الاعتراف وتحري الصلة بينه وبين القبض والتفتيش – موضوعي – كفاية اطمئنان المحكمة إلى اعتراف الطاعن أمام درجتي التقاضي لحمل قضاء الحكم – تعيبه في هذا الخصوص – غير قويم.
2 – إثبات (اعتراف) و(خبرة) – تمييز [(أسباب الطعن)، (سبب غير مقبول)].
– عدول المتهم عن اعتراف مرده إليه – لا يتوقف على مسلك المحكمة حياله.
– ثبوت احتواء بول الطاعن على متحلللات الحشيش النعي بتعارض اعترافه مع ما أسفر عنه تقرير التحليل من احتواء العينة على مخدر الحشيش – غير مقبول.

1 – الأصل في الإجراءات الصحة، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن اعترف أمام محكمة أول درجة بتهمة التعاطي وعندما واجهته المحكمة الاستئنافية بهذه التهمة اعترف بها أيضًا. وكان من المقرر، أنه لا يجوز إثبات عكس ما دون بمحضر الجلسة إلا عن طريق الطعن بالتزوير وهو ما لم يدعِ الطاعن أنه سلكه فإن ما يثيره بشأن مخالفة أقواله عما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عن إجراءات القبض والتفتيش والمؤدية إلى ذات النتيجة التي أسفرت عنها ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم وكان تقدير قيمة الاعتراف وتحري الصلة بينه وبين القبض والتفتيش وما نتج عنهما هو من شؤون محكمة الموضوع حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى وملابساتها، وكانت المحكمة على نحو ما سلف قد أفصحت عن اطمئنانها إلى اعتراف الطاعن أمام درجتي التقاضي والذي جاء نصًا صريحًا في ارتكاب الجريمة التي دين بها، وأفصحت عن استقلال هذا الدليل عن إجراءات القبض والتفتيش السابقة عليه وهو ما يكفي ويسوغ به حمل قضاء الحكم بما يضحى معه تعييب الطاعن له في هذا الخصوص غير قويم.

2 – عدول المتهم عن اعترافه – إن شاء – مرده إليه غير متوقف على مسلك المحكمة حياله الذي لا مخالفة فيه للقانون، وكان الطاعن لا يدعي أن محكمة الموضوع حالت بينه والتقرير بما يشاء في هذا الخصوص وهو أمر يؤيده ما ذهب إليه في طعنه من عدوله عن الاعتراف الذي أدلى به فإنه لا وجه لنعيه على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير تحليل عينة بول الطاعن احتوائها على متحللات مخدر الحشيش الذي اعترف بجريمة إحرازه بقصد التعاطي التي دين بها فإنه لا وجه لما يثيره من تعارض اعترافه مع ما أسفر عن تقرير التحليل.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 26/ 8/ 1998 بدائرة المباحث محافظة العاصة. أولاً: المتهمان الأول (الطاعن) والثاني: 1 – حازا وباعا مادة مخدرة هيروين وكان ذلك بقصد الاتجار في غير الأحوال المرخص بها قانونًا. 2 – ارتكبا ما يعد في حكم التهريب الجمركي بأن حازا البضاعة الممنوعة سالفة البيان دون أن يقدم أيًا منهما ما يثبت استيرادها بصورة نظامية.

ثانيًا: المتهم الأول فقط (الطاعن): أحرز مادة مخدرة حشيشًا وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يثبت أنه قد رخص له بذلك قانونًا،

ثالثًا: المتهم الثالث فقط….. وطلبت عقابهم بالمواد (1)، (2)، (31 مكرر (د))، (32/ 1 ( أ))، (32 مكررًا/ 1(أ))، 33/ 1، 39/ 1، (45/ 2، 3)، (46)، (50/ 1، 2) من القانون رقم 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون 13 لسنة 1995 والبندين (16)، (43) من الجدول رقم (1) المحلق بالقانون المذكور والمواد 1/ 9، (2)، 17/ 6، (19)، (20) من المرسوم بقانون 13/ 1980 في شأن الجمارك وقرار وزير المالية 3/ 1990 في شأن البيانات والأنظمة الجمركية، وحكمت محكمة الجنايات غيابيًا بحبس الطاعن حبسًا مؤبدًا وألزمته غرامة جمركية قدرها أربعون دينارا ومصادرة المخدر المضبوط، عارض المحكوم عليه فحكم بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الغيابي المعارض فيه وببراءته من تهمتي الاتجار في المواد المخدرة والتهريب الجمركي وبحبسه خمس سنوات مع الشغل وتغربمه خمسة آلاف دينار عن تهمة التعاطي ومصادرة المضبوطات، استأنف وبتاريخ 27/ 5/ 2003 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن بالتمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر الحشيش بقصد التعاطي شابه القصور والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه عول في إدانته على اعترافه أمام محكمة أول درجة بتعاطي المخدر حال أن ما قرره أمامها هو سبق تعاطيه المخدر وهو ما ردده أمام المحكمة الاستئنافية ولا ينصرف إلى المخدر المضبوط بيد أن محكمة أول درجة سجلت على لسانه ما لم يقل به، لأن ما قرره أمامها لا يعد اعترافًا بمعناه القانوني إذ لم يكن نصًا في ارتكاب الجريمة المسندة إليه وآية ذلك مخالفته للحقيقة والواقع في الدعوى متمثلاً في إنكاره من بعد أمام محكمة الموضوع واعتصامه من قبل بالإنكار في جميع مراحل التحقيق، كما أن الاعتراف بفرض صحته قد تولد عن إجراءات القبض عليه وتفتيشه التي خلصت المحكمة إلى إبطالها بما يبطله أيضًا، فضلاً عن أن المحكمة لم تتثبت من هذا الاعتراف بمراجعة الطاعن فيه عساه أن يعدل عنه مخالفة بذلك ما يوجبه القانون والمبادئ الاساسية للتشريع، هذا إلى أن الحكم لم يعنِ برفع التناقض بين ما جاء بأقوال الطاعن وما ثبت من تحليل عينة بوله بشأن ماهية المادة المخدرة التي دين بإحرازها. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الصادر في معارضة الطاعن والمأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها معولاً في إدانته على اعترافه أمام محكمة أول درجة بأقواله أمام المحكمة الاستئنافية مبينًا ذلك في قوله (إن محكمة أول درجة عولت على اعتراف المتهم بجلسة المحاكمة كدليل مستقل بتعاطي مادة الحشيش المخدرة وخلص الحكم تبعًا لذلك إلى ثبوت إدانة المتهم بتلك التهمة وإذ تقره المحكمة في ذلك استنادًا إلى الدليل سالف البيان.

فإنها تحيل إلى أسبابه وتركن إليها وتأخذ بها باعتبارها مكملة لأسباب حكمها وتضيف إليها اعتراف المتهم أمامها بسبق تعاطيه مخدر الحشيش). لما كان ذلك، وكان الأصل في الإجراءات الصحة، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن اعترف أمام محكمة أول درجة بتهمة التعاطي وعندما واجهته المحكمة الاستئنافية بهذه التهمة اعترف بها أيضًا. وكان من المقرر، أنه لا يجوز إثبات عكس ما دون بمحضر الجلسة إلا عن طريق الطعن بالتزوير وهو ما لم يدعِ الطاعن أنه سلكه فإن ما يثيره بشأن مخالفة أقواله عما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عن إجراءات القبض والتفتيش والمؤدية إلى ذات النتيجة التي أسفرت عنها ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم وكان تقدير قيمة الاعتراف وتحري الصلة بينه وبين القبض والتفتيش وما نتج عنهما هو من شؤون محكمة الموضوع حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى وملابساتها، وكانت المحكمة على نحو ما سلف قد أفصحت عن اطمئنانها إلى اعتراف الطاعن أمام درجتي التقاضي والذي جاء نصًا صريحًا في ارتكاب الجريمة التي دين بها،

وأفحصت عن استقلال هذا الدليل عن إجراءات القبض والتفتيش السابقة عليه وهو ما يكفي ويسوغ به حمل قضاء الحكم بما يضحى معه تعييب الطاعن له في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ذلك، وكان عدول المتهم عن اعترافه. إن شاء – مرده إليه غير متوقف على مسلك المحكمة حياله الذي لا مخالفة فيه للقانون، وكان الطاعن لا يدعي أن محكمة الموضوع حالت بينه والتقرير بما يشاء في هذا الخصوص وهو أمر يؤيده ما ذهب إليه في طعنه من عدوله عن الاعتراف الذي أدلى به فإنه لا وجه لنعيه على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير تحليل عينة بول الطاعن احتوائها على متحللات مخدر الحشيش الذي اعترف بجريمة إحرازه بقصد التعاطي التي دين بها فإنه لا وجه لما يثيره من تعارض اعترافه مع ما أسفر عن تقرير التحليل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.