الأولاد زينة الحياة وقد أمر الله تعالى الوالدين بحسن تربية الأولاد وجعل في قلوب الأمهات الرحمة والصبر على مشاق الحمل والولادة والرضاعة والسهر على التربية كما جعل في قلوب الأباء الرحمة والمودة والحرص على تربية الأولاد والإنفاق عليهم لتستمر عملية بناء المجتمع . ‏وقد قسم الله واجبات الوالدين في حفظ الأولاد على مراحل حياتهم فخص الأم بالحمل والولادة والرضاعة والحضانة حتى يستغني الطفل عن النساء ، وخص الأب بتربية الولد بعد ذلك . كل ذلك لمصلحة المحضون . وقد فرضت الشريعة الإسلامية على الوالدين واجبات عدة أولها اختيار الاسم الحسن للمولود فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن رجلا سأله عن حق ابنه عليه فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ” تحسن اسمه وادبه وتضعه موضعا حسنا ” وقال : ” أكرموا أولادكم واحسنوا آدابهم فإن أولادكم هدية إليكم ” .

‏والرضاعة لغة ، رضع يرضع رضاعا ورضاعة ، وهو مص اللبن من الثدي بوجه عام إما اصطلاحا ، فهو مص الطفل اللبن من ثدي امرأة في مدة معينة. ومن واجبات الأم رضاعة ولدها لأن ذلك من مقومات حياته . قال الله تعالى : ( والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفسا الا وسعها ) (1). ‏والمتفق عليه أن على الأم إرضاع المولود الأيام الثلاثة الأولى بعد الولادة واختلف فقهاء المسلمين بعد ذلك فقيل أنها لا تجبر على الإرضاع إلا إذا كان الولد لا يقبل رضاعه غيرها . وقال اخرون أنها تجبر على الرضاع ما دامت الزوجة قائمه . وقال بعضهم أنها لا تجبر إلا في حالات :

الأول : أن يرفض الطفل رضاعه غير أمه .

‏الثاني : أن يكون الأب فقيرا لا يقدر على أن يأتي بمرضعه ترضع له بأجر .

الثالث : أن لا توجد مرضعه وتعرض الولد للهلاك .

‏إن العلم الحديث اثبت فوائد الرضاعة الطبيعية – من ثدي الأم – ودلت البحوث المستفيضة على أن حنان الأم ينتقل إلى الطفل من يومه الأول حين ترضعه وتضمه على صدرها وأن حليبها دواء للطفل يقيه عده أمراض .وعليه فان قانون الأحوال الشخصية العراقي قد اختار أجود الآراء ، حث نص في المادة (٥٥) منه “على الأم إرضاع ولدها إلا في الحالات المرضية التي تمنعها من ذلك أي من أهم حقوق الزوج على زوجته ‏رعاية أولاده منها وارضاعهم ما لم يكن هناك مانع صحى يمنعها من ذلك. ومدة الرضاعة سنتان لقوله تعالى : ( والولدات يرضعن اولادهن حولين كاملين ) (2) أن ‏امتناع الأم عن إرضاع ولدها مع قدرتها على ذلك بعد ديانة جريمة إنسانية بحق الطفل بل يعد جريمة وفق احكام قانون العقوبات فقد نصت المادة (371) منه على العقوبة بالحبس مده سنه أو الغرامة لا تزيد على مئة دينار بإحدى هاتين العقوبتين ” . . . كل من كان مكلفا قانونا أو اتفاقا برعاية شخص عاجز بسبب صغر سنه أو شيخوخته أو بسب حالته الصحية أو النفسية أو العقلية فامتنع بدون عذر عن القيام بواجبه “‏ فاذا نتج عن هذا الامتناع موت الطفل كانت الجريمة قتلا ، وان نشأت عاهة كانت الجريمة ايذاء ويعاقب على كل حالة بعقوبتها بوصفها جريمة عمدية وفقا لأحكام المادتين (٣٤ ‏/ أ و ٣٥) من قانون العقوبات. هل تجب للأم على ارضاع ولدها أجرة؟ لقد جرى البحث في أقوال الفقهاء عن هذا الموضوع فقال فريق أن الآم أن كانت زوجيتها قائمة فليس لها أجرة على الرضاعة وان كانت مطلقة فلها ذلك. وقال آخرون آنها تستحق الأجرة ولو كانت في عصمة زوجها والد الطفل كما بحثوا في آنه هل يسقط حقها في طلب الأجرة أن وجدت متبرعة بالرضاعة آم لا . أن البحث في هذه التفاصيل لم يعد مجديا كما آنه لا ينسجم مع النظرة الصحيحة للأمومة. وقد نص قانون الأحوال الشخصية في المادة ٥٦ ‏على أن ” أجرة رضاع الولد على المكلف بنفقته ويعتبر ذلك في مقابل غذائه” ومع أن ظاهر النص يدل على استحقاق الأم لأجرة الرضاع الا أن الواقع غير ذلك حيث جعل هذه الأجرة مقابل غذائه ، وحيث أن الولد يستحق النفقة على آبيه والنفقة تشمل المآكل والملبس والمسكن والعلاج أن احتاج الولد علاجا فان آجره الرضاع دخلت ضمن نفقة الولد(3) وفي قرار آخر لمحكمة التمييز(4) ترى فيه أن أجرة رضاعة الصغير تقتصر على المآكل فقط دون الملبس والمسكن ولا علاقة لها بآجره الحضانة. لقد نص القانون على أن اجرة الرضاع على المكلف بنفقته ، لقوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) (5) والمراد بالمولود له ، الزوج على الوالدات ، أي الزوجات أو بتعبير آخر وجه الاستدلال بهذه الآية أن الله سبحانه و تعالى أوجب على الأب رزق الوالدات (أي نفقتهن) وعبر عن الآب بالمولود للتنبيه الى أن على الايجاب على الآب هي الولادة له (6) وعلى هذا فيجب ملا حظة من هو المكلف بالنفقة فقد يكون الآب وقد يكون غيره وقد يكون في مال الطفل نفسه ، وتعيين المكلف يتضح من الرجوع الى أحكام نفقة الأولاد.

وأجرة الرضاع هذه هل تستحق للأم من تاريخ المطالبة . أم من تاريخ الرضاعة الفعلية؟ إذا كنا نقول أن أجرة الرضاعة وجبت بناء على التزام الأم بالرضاعة فإنها تستحق ابتداء من تاريخ القيام بالرضاعة . أما إذا قلنا أنها (أجرة) فإنها لا تستحق إلا بالاتفاق أو القضاء . وعلى كل فإن العمل أن جرى على عد الرضاعة ضمن النفقة فإنها لا تستحق إلا من تاريخ المطالبة وفقا لحكم المادة (٦٧) من القانون .

______________________

1- سوره البقرة ، الآية (33 ٢) .

‏2- سوره البقره ، الآية (233) .

3- قرار ٢٠٢ ‏/ شخصية/ ١٩٧٤ ‏في ٧ ‏/ ١١ ‏/ ١٩٧٤ ‏. النشرة القضائية. العدد ٤ ‏ ، السنة الخامسة ١٩٧٤ ‏.

4- قرار ٢٢٦٥ ‏/ شخصيه/ ١٩٨٠ ‏في ١٧ ‏/ ٥ ‏/ ١٩٨١ ‏.

‏5- سوره البقره ، الآية (٢٣٣).

6- فتح القدير ، ج 3 ، ‏ص 394 ‏.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .