مقال قانوني حول القرار الادارى فى النظام السعودى

القـرار الادارى
أ/ أحمد عبد الفتاح

يعتبر القرار الادارى أهم مظهر من مظاهر نشاط والتزامات السلطة التي تتمتع بها الاداره وتستمدها من النظام إذ تستطيع الاداره بإرادتها المنفردة على خلاف القواعد العامه في القانون الخاص إنشاء حقوق أو فرض التزامات والسبب في ذلك أن الاداره تهدف إلى تحقيق المصلحة العامه والتي يجب تغليبها على المصلحة الخاصة وسنتناول موضوع القرار الادارى في النقاط التالية :-
أولا- تعريف القرار الادارى ومعايير تمييزه
ثانيا – أنواع القرار الادارى
ثالثا – سلطة القضاء في الرقابة على القرار الادارى

أولا- تعريف القرار الادارى ومعايير تمييزه

عرف القانون الادارى السعودي القرار الادارى بأنه إفصاح الاداره عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطه بمقتضى النظم واللوائح بقصد إحداث اثر نظامي يكون جائزا وممكنا نظاما .
ويستوي أن يكون إعلان الاداره لاارادتها صريحا أو ضمنيا والقرار الضمني هو الذي يستنتج من سكوت الاداره لموقف معين
معايير التفرقة بين القرار الادارى وغيره من الأعمال القضائية والتشريعية

1- المعيار الشكلي :-
تمارس الدوله طبقا لمبدأ الفصل بين السلطات ثلاث مهام أو وظائف هي الوظيفة التشريعية والوظيفة القضائية والوظيفة التنفيذية فالوظيفة التشريعية تتضمن مهمة وضع القواعد السلوكية العامه المجرده أما الوظيفة القضائية فتتضمن الفصل بين المنازعات أما الوظيفة التنفيذية فتختص بها السلطة التنفيذية التي تمارس أعمال مختلفه منها الأعمال المادية كبناء المنشات العامه وتعبيد الطرق والجسور كما تصدر أعمالا قانونيه وهذه الاخيره منها مايصدر بارادتها المنفردة دون مشاركة الافراد وهذه القرارات الاداريه ومنها الأعمال القانونية التعاقدية التي تصدر باتفاق إرادتين ومن ثم فان تمييز القرار الادارى على أساس الفصل بين السلطات ليس بالأمر السهل فالفصل بين السلطات لايعنى الفصل التام إذ لاتقتصر كل هيئه على ممارسة وظيفه خاصة إنما تمارس بعض الأعمال الداخله أصلا في نشاط الهيئات الأخرى .
فيقول معالي وزير العدل الدكتور / عبد الكريم العيسى حول مايحدث من لبس من مفهوم الفصل بين السلطات في كلمه له في موقع الوزارة على شبكة الانترنت (ويحسن التنبيه على أن الكثير من اللبس فى مفهوم الفصل بين السلطات ناتج عن تبنى شكل معين فى مفهوم الفصل يتقاطع مع المفهوم الذي تبنته الدوله الأخرى فى تنظيم مرافقها وأجهزتها الحكومية , والمتعين استصحاب نموذج كل دوله , ومن ثم التفريغ عليه بنظرية الفصل بين السلطات لينسجم مع أسلوبها في تنظيم مرافقها وأجهزتها حتى لايطغى – اللبس – على ايجابييه التكامل والتعاون بين السلطات المنشود فى كافة الدساتير وهذا يبين التداخل بين السلطات وعدم إمكانية اتخاذ مبدأ الفصل بين السلطات كمعيار للفصل بيم ماهو قرار ادارى فعلى سبييل المثال السلطه التشريعية قد تمارس عملا إداريا والسلطة التنفيذية قد تفصل فى خصومه عن طريق المجالس الاداريه ذات الاختصاص القضائي بينما يمارس القضاء بعض الاختصاصات الاداريه المتعلقة بموظفي الهيئات القضائية فضلا عن وظيفته الاصليه فى الفصل فى المنازعات.
وطبقا لهذا المعيار فانه يتخذ الجهه التي أصدرته للتمييز فإذا صدر من الجهه التشريعية فهو تشريعي وإذا صدر من الجهه القضائية فهو قضائي أما إذا كان صادرا من احد الهيئات الاداريه بوصفها فرعا من فروع السلطه التنفيذية فهو عمل ادارى فهذا المعيار يصلح إذا التزمت كل سلطه ممارسة نشاطها ولا شك أن هذا المعيار لايصلح طبقا لما أوردناه أنفا من تداخل العمل بين السلطات الثلاث.

2- المعيار الموضوعي :-
يعتمد هذا المعيار على طبيعة العمل وموضوعه بصرف النظر عن الجهه التي أصدرته أو الاجراءت التي اتبعت فى إصداره فإذا تمثل العمل فى قاعدة عامه مجرده فانشأ مركزا قانونيا عاما اعتبر عملا تشريعيا أما إذا تجسد فى قرار فردى يخص فردا أو افرادا معيين بذواتهم فانشأ مركزا قانونيا خاصا اعتبر عملا إداريا

ثانيا – أنواع القرارات الاداريه :-

تنقسم القرارات الاداريه إلى أنواع متعددة حسب الزاوية التي ينظر منها إلى القرار أو حسب الأساس الذي يقوم عليه التقسيم فمن حيث التكوين توجد قرارات بسيطة وأخرى مركبه ومن حيث أثرها تقسم إلى قرارات منشئه وقرارات كاشفه ومن حيث رقابة القضاء تنقسم إلى قرارات خاضعة لرقابة القضاء وقرارات لاتخضع لرقابة القضاء .

1- القرارت الاداريه من حيث التكوين (قرارات بسيطة وقرارات مركبه)
تنقسم القرارات الاداريه من هذه الجهه إلى قسمين الأول القرارات البسيطة أو المستقلة وهى تلك القرارات التي تتميز بكيان مستقل وتستند إلى عمليه قانونيه واحده غير مرتبطة بعمل قانوني اخر كالقرار الصادر بتعيين موظف أو ترقيته أو نقله وهى الصوره الأكثر شيوعا فى القرارات الاداريه .
أما النوع الثاني فيسمى بالقرارات المركبه وهى تلك القرارات التي تدخل فى عمليه قانونيه مركبه تتم من عدة مراحل ومن هذه القارات قرار نزع الملكية للمنفعة العامه تصاحبه أعمال إداريه أخرى قد تكون سابقه أو معاصره أو لاحقه له على مراحل متعددة تبدأ بتقرير المنفعة العامه للعقار موضوع نزع الملكية ثم إعداد كشوف الحصر لها وأخيرا صدور قرار نقل الملكيه

2- القرارات الاداريه من حيث أثارها قرارات منشئه وقرارت كاشفه
يمكن تقسيم القارات الاداريه من حيث طبيعة أثارها إلى قسمين قرارات منشئه وهى القرارت التي يترتب عليها إنشاء مراكز قانونيه جديده أو إحداث تغيير فى المراكز القانونية القائمه تعديلا أو إلغاء , كالقرار الصادر بتعيين موظف عام أو فصله.
أما القسم الثاني من القرارات فيسمى بالقرارات الكاشفة ويقصد بها القرارات التي لاتحدث مركزا قانونيا جديدا وإنما تفرر حاله موجوده و تكشف عن مركز قانوني قائم مسبقا , مثل القرار الصادر بفصل موظف لصدور حكم ضده مثال ذلك الماده 56 / ز من نظام خدمة الأفراد بالمملكة التي نصت على أن تعتبر خدمة الفرد منتهية إذا حكم عليه بحد شرعي أو دين في جريمة مخلة بالشرف أو الامانه .

3- القرارات الاداريه من حيث رقابة القضاء (قرارات تخضع للرقابة القضائية وقرارات لاتخضع للرقابة )
تنقسم القارات الاداريه من زاوية خضوعها لرقابة القضاء إلى قرارات تخضع لرقابة القضاء وهذا هو الأصل وقرارات لاتخضع لرقابة القضاء وقرارات لاتخضع لرقابة القضاء وهى القرارات المتعلقة باعمال السيادة أو تلك التي منعت التشريعات الطعن فيها أمام القضاء مثال ذلك الفصل من العمل بغير الطريق التاديبى استنادا إلى الماده 56/ أ من نظام خدمة الأفراد تعتبر عملا من أعمال السيادة لاتخضع لرقابة القضاء الادارى

ثالثا رقابة القضاء على القارات الاداريه

ما أصدق سيدنا عمر بن الخطاب حين قال :” أرئيتم إذا استعملت عليكم خير من اعلم ثم أمرته بالعدل أكنت قضيت ماعلى ………؟ قالوا: نعم فقال لا حتى انظر عمله اعمل بما أمرته أم لا ”
فلابد للجهة الاداريه وان أعطيت حق إصدار القارات المؤثرة في المراكز القانونية للإفراد بأن يكون هناك رقابه على هذه القرارات والايترك الأمر كليا بيدي الاداره وهذا ما اخذ به النظام في المملكه إذ جعل الرقابة على القرارات الاداريه منوطه بديوان المظالم ويشترط في القرار الادارى حتى يكون بمنأى عن الطعن والإلغاء أن يكون له سبب يبنى عليه والسبب في القرار الادارى هو مجموعه من الوقائع تشكل حافزا للاداره لإصدار قرار يؤثر في المراكز القانونيه للغير وبالتالي لابد أن يكون السبب صحيحا من حيث الوقائع والنظام بان يكون مشروعا ويفرض القضاء الادارى رقابته على أسباب القرارات الاداريه عموما حيث يتم التحقق ابتدءا من وجود الوقائع حيث يشترط ابتدءا لصحة القرار الادارى أن تكون هناك وقائع استند عليها فمن صدر قرار بفصله عن العمل مثلا بناء على صدور حكم جنائي عليه في جريمه معينه وثبت أن الحكم قد تم الاعتراض عليه وتمت تبرئته يكون القرار معيبا مما يستلزم إلغاؤه والأصل أن للاداره سلطة التقدير في اختيار الوقائع التي تبنى عليها أسبابها مالم يقيدها المنظم بضرورة حصول وقائع معينه لاصدار قرار ما وقد استقر القضاء الادارى على بسط رقابته على صحة الوقائع التي يستند عليها القرار الادارى حيث اشترط على (سبيل المثال ) في حالة إنهاء خدمة الموظف بسبب عدم صلاحيته للبقاء في الوظيفة العامه أن يستند هذا القرار لااسباب قدرتها الاداره التي تنفرد بهذا التقدير ترتيبا على وقائع ثابتة كعدم الرضا عن عمله أو عدم إنتاجه أو رداءة صحيفة خدمته أو عدم قدرته على الاستمرار في القيام بأعباء وظيفته أو إخلاله بواجباتها أو الشرف وحسن السمعه وهى أسباب ترجع إلى ذات الموظف فمتى رات الاداره أن المصلحه العامه تقتضى إقصائه عن وظيفته وكان لهذه الأسباب أصل ثابت في الأوراق يشهد به ملف خدمته فان هذا الإنهاء من الخدمه يكون قائما على سببه المبرر نظاما متى استند إلى وقائع صحيحة مستمده من أصول لها وجود ثابت في الأوراق وكانت تلك الوقائع تنتج هذه النتيجة ماديا ونظاميا وبناء عليه يكون القرار صحيحا بريئا من العيب الموجب لإلغائه .
كما أن القضاء الادارى في المملكه العربيه السعوديه قد فرض رقابته على الوصف القانوني للحالة التي يبنى عليها القرار الادارى أن يكون سببه موجودا وثابتا قبل الموظف بحيث انه قد ارتكب الفعل المنسوب وان يكون هذا الفعل خاضعا للوصف بأنه خطأ وظيفي وانه وان كان تخلف المتظلم عن الحضور للعمل في ذلك اليوم ثابتا ماديا إلا انه لايعتبر خطأ وظيفيا لان الثابت انه كان متمتعا باجازه اضطرارية ومن ضمنها ذلك اليوم محل القرار فيكون القرار محل الطعن معيبا ويتعين القضاء بالغائه.