الأمن الغذائي
منصور الزغيبي
إن الغذاء حق أساسي من حقوق الإنسان، وهو أهم عناصر الطاقة المحركة للإنسان ومن دونه لا يستطيع أن يبقى على قيد الحياة، بوجوده تتحقق التنمية والتطوير على جميع الأصعدة، وبانعدامه تحدث الكوارث والأزمات الاقتصادية والجرائم والحروب وغيرها من الأضرار التي تدمر مستقبله.

إن مصطلح «الأمن الغذائي» حديث ظهر في العقود الأخيرة، بداية من عام 1973، فالأمن -بحسب المصادر اللغوية- يراد به الاطمئنان والحماية ويعد من أولى الحاجات الأساسية التي يسعى الإنسان إلى تحقيقها، وأما الغذاء فهو كل ما يصلح للاستهلاك البشري، سواء أكان من أصل حيواني أم نباتي.

ومن التعريفات القانونية لمصطلح الأمن الغذائي: «حصول جميع الناس في جميع الأوقات بصورة مادية واجتماعية واقتصادية على الأغذية الكافية والآمنة، التي تلبي حاجاتهم وأفضلياتهم، ليتمكنوا من ممارسة حياة ملؤها الصحة والعافية».

لقد قسمت الباحثة نادية عمراني المفاهيم المرتبطة بالأمن الغذائي إلى

ثلاثة أقسام: الأول: الاكتفاء الذاتي الغذائي ويقصد به «قدرة المجتمع

على تحقيق الاعتماد الكامل على الذات والموارد والإمكانات الذاتية في إنتاج كل حاجاته الغذائية محلياً»*، وفي ذلك تحرر من التبعية الغذائية واستغلال الآخر له.

الثاني: الأمان الغذائي. في منتصف الثمانينات انتشر استخدام الكيماويات في الزراعة الحديثة، والانتشار بهذا الشكل خلق مخاوف كثيرة عند المستهلكين، بسبب الأضرار الناتجة من ذلك على صحة الإنسان، ومن ذلك جاءت الطريقة البديلة وهي الزراعة العضوية، التي لا تعرِّض صحة المستهلك للخطر والضرر بأي شكل من الأشكال. ومسألة أمان الغذاء لا يتوقف عند مرحلة الإنتاج الزراعي، بل حتى لحظة الاستهلاك.

الثالث: التنمية الزراعية المستدامة «عرفت بأنها مجموعة من السياسات التي تقدم لتغيير القطاع الزراعي، بما يؤدي إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الزراعية، وتحقيق زيادة في الإنتاج والإنتاجية الزراعية، لرفع معدل الزيادة في الدخل القومي، وتحقيق مستوى معيشة مرتفعة لأفراد المجتمع في الأجيال المختلفة من دون الإضرار بالبيئة». وهي شرط لتحقيق الأمن الغذائي.

خلاصة القول، لقد بات من الضروري تعميق الوعي بطبيعة مشكلة الغذاء وآثارها وأبعادها المستقبلية، ووضع قانون خاص بالأغذية؛ لضمان الأمن الغذائي الوطني، والقانون هنا جوهره تعزيز السياسات التي تخدم العملية الزراعية، وسلامة الأغذية، وكل ما يتعلق بذلك من مصلحة، والإسهام في معالجة واقع الغذاء، وقراءة مستقبله في الوطن العربي، وعلى وجه الخصوص محلياً، وما يتضمن من عقبات سواء أكانت داخلية، من فقر وتخلف وحروب ونزاعات، أم خارجية كالعوامل البيئية والنمو السكاني.

إن ظروف الواقع التي يستشف منها ملامح المستقبل تحتم علينا الاهتمام بهذا الملف الضخم، والاستعداد له، لأننا نرى ملامحه بدأت تظهر من فتره، والآن بشكل أوضح، ومؤشر الوعي بهذا الموضوع ما زال ضعيفاً، والكتابة عنه تعتبر من أقل الواجبات، التي تجب تأديتها نحو الأجيال القادمة؛ حماية لمصالح الإنسان.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت