حرية التعبير
القاضي علي كمال
تعد حرية الصحافة من الحقوق المقدسة للإنسان وهي ليست مفهوما حديثا نتج عن التطور ‏التكنولوجي في ميدان الطباعة او تطور وسائل الاتصال الحديثة ولكنها موغلة في القدم قدم ‏الإنسان نفسه لاسيما وإنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحرية الرأي والتعبير وهي الجزء الأهم من هذه ‏الحرية. ولحرية الصحافة مفاهيم عدة فيمكن النظر إليها من منظور دولي ويمكن النظر إليها ‏من منظور دستوري كما يمكن النظر إليها من منظور اقتصادي سياسي.‏

ولا بد من القول بانه لا يوجد هناك ما يمكن تسميته بالحقوق المطلقة فاغلبها حقوق الإنسان ‏وان كانت توسم بانها مطلقة الا انها لابد من ان يقيدها التقييد سواء كان ذلك تدريجياً ‏للمصلحة العامة ام ترجيحا لمصلحة خاصة جديرة بذلك الترجيح وفقاً لتقدير المشرع فالحقوق ‏اذا كقاعدة عامة هي مطلقة ولكنها تكون نسبية في عدة مواضيع فحق الملكية هو من الحقوق ‏اللصيقة بالذات الانسانية وهو من الحقوق المعترف بها في العديد من المواثيق الدولية ‏والدستورية العالمية بان المالك له مطلق التصرف في ملكه التام سواء بالاستعمال او ‏الاستغلال او التصرف وقد منع القانون كذلك ان تكون الملكية محل اعتداء حيث نص على ‏انه لا يجوز ان يحرم احد من ملكه الا في الاحوال التي يقررها القانون لكننا نجد في مقابل هذا ‏ان المشرع قد قيد هذا الحق اي حق الملكية بموجب قانون الاستملاك بناءً على مقتضيات ‏المصلحة العامة.‏

وحرية الصحافة باعتبارها من اقدم الحقوق الانسان وقد تم النص عليها في العديد من المواثيق ‏والاتفاقيات الدولية والدساتير العالمية فهل تخضع للقيود نفسها التي وردت على حق الملكية او ‏بتعبير اخر هل ان هذه الحرية قد وردت مطلقة بحيث لا تمتد اليها سلطة الرقابة وقيود ‏المسؤولية أذا ما أسيء استعمالها وسنجد بانه اذا كان القانون يفرض على حرية الصحافة ‏لضرورات معينة قد تكون حماية للمصلحة العامة وقد تكون حماية للمصلحة الخاصة فان ‏المعيار الوحيد المقبول لتقييد هذه الحرية هو حماية حق اساسي يسمو عليها سواء كان من ‏الحقوق المادية ام المعنوية وبعبارة اخرى كان الحقوق المتولدة عن حرية الرأي والتعبير قد ‏تكون محدودة او مقيدة ولكن هذه المحدودية قد أنشئت لحماية حقوق او تتساوى معها في ‏الاهمية.‏

وان النشر يمكن ان يتحقق بطريقتين اما بطريقة شفهية من قول او تعليق او صياح او غيره ‏اما بطريقة تحريرية من كتابة او ما يلحق بها من رسم او تصوير او رمز او غيره وان رسائل ‏التعبير عن طريق النشر هذه ام أن تكون عن طريق المسرح أو السينما او التلفاز او الراديو ‏اما عن طريق الكتب والإصدارات والمطبوعات الأخرى واما ان تكون عن طريق الصحافة ‏الدورية من صحف ومجلات ولا شك في ان جرائم النشر تتعدد بتعدد تلك الوسائل فيكون هناك ‏جرائم نشر عن طريق المسرح والسينما وجرائم نشر عن طريق التلفاز او الراديو وجرائم نشر ‏عن طريق الكتب وغيرها وجرائم نشر عن طريق الصحافة الدورية.‏

ومما لا شك فيه ان الصحافة هي احد مظاهر حرية الرأي والتعبير وقد نادت مختلف الدساتير ‏والمواثيق بحرية الصحافة فنجد ان عصبة الامم قامت بعقد العديد من المؤتمرات الدولية في ‏جنيف للوقوف مع المشكلات التي تتعرض الصحافة في دول عصبة الامم للوقوف على ‏المشاكل التي تعترض الصحافة وغيرها كثير من الدول في القوانين الداخلية او من خلال ‏الاتفاقات الدولية.‏

إعادة نشر بواسطة محاماة نت