حرب الحقوق الفكرية قادمة

سليمان محمد المنديل

عندما أصدرت لجنة المخالفات في وزارة الثقافة والإعلام مؤخراً حكماً في قضية سطو الداعية عايض القرني على كتاب السيدة سلوى العضيدان، ونسخ ما يعادل 90% من كتابها في كتابه (لا تحزن)، وتضمّن الحكم تغريم الداعية مبلغ (330) ألف ريال، وسحب الكتاب من الأسواق. وبالرغم من أن أحداً قد يمتدح قرار الحكم، ويقول إن الحكم كان بمثابة مفاجأة، لأن السياق العام كان يتوقع أن يصدر مثل ذلك الحكم لصالح الداعية لمجرد أنه داعية، وبسبب المشاعر الشعبية الطاغية لصالح نجم تلفزيوني، وصحافي يمتلك حضوراً شعبياً طاغياً، مقابل سيدة من عامة الناس، تتجرأ وتقارعه، وتتهمه بالسطو!! وقد يقول البعض بأن مبلغ الغرامة ليس هو الأساس، ولكن أن الضرر المعنوي الذي حصل للداعية هو أهم من الغرامة المالية، وهذا صحيح، ولكن هناك قصور في نظام وزارة الثقافة والإعلام المتعلق بمثل هذه القضايا، ودعوني أوضح:-

في كل الأنظمة العالمية التي تحمي حقوق الملكية، ومنها الحقوق المتعلقة بالإختراعات والبراءات، فهي ذات أهمية اقتصادية كبيرة، ومن ثم فهناك ضرر مادي يجب أن يحسب حسابه، ولو أخذنا هذه الحالة وحدها، فسنجد أن كتاب (لا تحزن) قد بيع منه أكثر من واحد مليون نسخة، وبقيمة خمسين ريال للكتاب، مما يعني أن صافي المبيعات هو أكثر من مبلغ (50) مليون ريال، ولو افترضنا جدلاً أن تكاليف الطباعة، والنشر، والتسويق، والدعاية تستهلك 50% من مجموع الدخل، فإن صافي الدخل للمؤلف، المدعى عليه، لا يقل عن (25) مليون ريال. وللمعلومية فإن هذه العملية الحسابية سهلة التوثيق، والتثبت منها من خلال المعلومات الموجودة لدى الناشر، والطابع… إلخ، فكيف يسمح نظام وزارة الثقافة والإعلام، لمن يثبت سطوه، أن يحتفظ بملايين الريالات، ويغرّم مبلغاً هزيلاً؟ وكيف نمنع عمليات السطو، وحماية الحقوق الفكرية، إذا سُمح للمذنب أن يحتفظ بالملايين، والتي هي من حق الطرف المظلوم؟؟

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي سألت مسؤولا في الحكومة الأمريكية، وقلت له اليوم وقد أنتهت الحرب الباردة، من هو عدوكم القادم؟؟ وكانت إجابته، (وكان ذلك قبل ما يسمى “الحرب على الإرهاب”)، بأنها ستكون حماية حقوقنا الفكرية من سرقة الآخرين لها، ومكافحة غسيل الأموال.
عندنا نحن هنا، وإذا لم نوجد عقاباً صارماً، يحرم الساطي، والسارق، من أي أرباح يحققها من عمله، فإننا نعرض أنفسنا، أولاً لحرماننا من التقنيات التي يملكها الآخرون، ونحتاجها، وربما نجد أنفسنا متورطين في دعاوي قضائية عالمية، نحن لسنا بحاجة لها، وبالتأكيد أن السيدة العضيدان، إذا ثبت حقها بشكل نهائي، فهي تستحق تعويضاً أكبر بكثير مما حكم لها به!