حدود مسؤولية المريض النفسي عن الجريمة التي ارتكبها .

يتعرض الإنسان خلال فترة حياته للعديد من المواقف الصعبة التى يصعب على الفرد تحملها ولا يستطيع الوصول إلى حل لها، لذلك يدخل البعض فى حالة من الاكتئاب والعزلة عن الآخرين فيصاب بمرض نفسى.

فالمريض النفسى يجب أن يتعامل بطريقة مختلفة عما يتم التعامل بها مع الإنسان الطبيعى، حتى القانون يتعامل مع الشخص الذى يرتكب جريمة ويكتشف أنه مريض نفسى عكس ما يتم التعامل مع المجرم الطبيعى الذى قام بتأدية الجريمة وهو فى كامل قواه العقلية.

هل المرض النفسى يكون سبباً فى الإعفاء من الجريمة أو تخفيف العقوبة؟

فى حالة حدوث جريمة صاحبها يعانى من مرض نفسى وقت ارتكابها، فإن محكمة النقض أكدت على مبدأ قانونى يتعلق بالمتهم الذى يعانى من مرض نفسى، بأنه يجب تعيين خبير للتأكد من إثبات أو نفى بأن المريض يعانى من مرض نفسى أم لا.

المحكمة قالت إذا كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن فى قوله:”وحيث إنه وعن الدفع بامتناع عقاب المتهم عملاً بنص المادة 62/1 عقوبات فإنه مردود إذ خلت الأوراق مما يفيد على وجه قاطع أن المتهم كان يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلى افقده الإدراك أو الاختيار ومن ثم تقضى المحكمة برفض هذا الدفع .”

وأضافت المحكمة، “لما كان ذلك، وكان النص فى المادة 62 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون 71 لسنة 2009 بإصدار قانون رعاية المريض النفسى وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات قد نص على أنه ” لا يسأل جنائياً الشخص الذى يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلى أفقده الإدراك أو الاختيار أو الذى يعانى من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو عن غير علم منه، ويظل مسؤولاً جنائياً الشخص الذى يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلى أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره، وتأخذ المحكمة فى اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة .”

وإذا كان المرض النفسى الذى يعانى منه المتهم قد تسبب فى فقده الإدراك وقت ارتكاب الجريمة فأنه قد أعفى عن الجريمة، أما إذا قد أثر على نقص فى الإدراك أو الاختيار لدى المتهم فأنه يصبح مسؤولا، ويمكن أن يجعل العقوبة مخففة.

كما أن تقدير حالة المريض النفسية والعقلية أمر ضرورى ويجب أن يعين خبير للبحث فى هذا الأمر لكى يتم الإثبات إذا كان صحيح تعرض المتهم لحالة مرضية نفسية أو نفى ذلك، وذلك لسلامة الحكم على المتهم.

وكان ما رد به الحكم على دفاع الطاعن فى هذا الشأن – على السياق المتقدم – لا يسوغ به اطراحه، إذ لا يصح اطراحه بخلو الأوراق مما يفيد على وجه قاطع أن المتهم كان يعانى وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسى أو عقلى لأن إبداءه يتضمن الدعوة إلى تحقيقه، مما يصم الحكم – فى الرد على هذا الدفاع بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال . (الطعن رقم 27158 لسنة 86 قضائية ).

إعادة نشر بواسطة محاماة نت