المملكة العربية السعودية و تأهيل الموقوفين

تسمح المملكة العربية السعودية لمسؤولي الأمم المتحدة المعنيين بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، بزيارة سجون المديرية العامة للمباحث والمديرية العامة للسجون، بحرية تامة والتحرك والتنقل والإلتقاء بالموقوفين، وذلك كخامس دولة على مستوى العالم، ما يؤكد حرصها على ترسيخ الشفافية المطلقة.

وبعد المعلومات التي وقف عليها مسؤولو الأمم المتحدة فإنهم يشيدون بمستوى المهنية واحترام حقوق الإنسان في سجون المباحث، لاسيما ما يقدمه مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية من مساعدات إنسانية ودعم نفسي، بالإضافة إلى برامج إعادة المناصحة الفكرية والسماح للأسر بالتدخل في إعادة التأهيل.

وأكد المسؤولون الدوليون أن ظروف الموقوفين والإجراءات المتبعة مع السجناء بشكل يومي هي من بين الأفضل في العالم، وخاصة ظروف الاحتجاز في السجون المخصصة لإيواء المشتبه بهم في قضايا الإرهاب.

ويوفر سجنا الحائر وذهبان الزيارات الأسرية والزوجية بسخاء شديد ويشجع السجناء على البقاء بالقرب من أسرهم، والسماح لهم بحضور المهام الأسرية المهمة، وإتمام الزواج داخل السجن في بعض الأحوال.

وما يثير الإعجاب داخل مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية خاصة البرامج المهنية الفريدة القائمة على الشواهد والإبداع في عملية إعادة التأهيل والإدماج، حيث يضم سجناء الإرهاب الذين أوشكوا على إنهاء مدة عقوبتهم، فيزودهم بمجموعة متنوعة من المهارات الحياتية البديلة، بداية من العلاج النفسي وحتى الإرشاد الديني؛ بهدف ترسيخ خطاب مضاد للتطرف وتجهيزهم للإفراج عنهم.

وذكر المركز سابقًا أن معدل عدم الانتكاس بلغ 86 %، وأن المنهج المتبع فيه يستحق اهتمام الدول الأخرى التي تسعى إلى إقرار برامج لمكافحة التطرف للمدانين، هذا إلى جانب البرامج الشاملة التي تقدمها حكومة المملكة، والتي تنطوي على دعم مالي ونفسي وتعليمي ومنح فرص وظيفية تليق بكرامة الإنسان.

التفاصيل

قفزت المملكة في استراتيجية الإصلاح والتأهيل التي تتبناها وتعمل بها في كافة السجون خطوات متطورة وغير مسبوقة في تطبيق هذا المفهوم الذي يحول بيئة السجون من مفهوم العقاب إلى بيئة إصلاحية تعمل وفق منظومة من الأسس والبرامج والأنشطة لإصلاح الموقوف وإعادته إلى الطريق الصحيح ومساعدته ليكون عضوا صالحا يخدم نفسه ويفيد أسرته ووطنه ومجتمعه قبل أن ينتهي من قضاء محكوميته بفعل البرامج العديدة والنوعية التي ينخرط فيها داخل الإصلاحية والتي تعيد للنزلاء مفهوما جديدا في الحياة والعمل طوال فترة بقائه في الأصلاحية.

 

«الرياض» زارت ضمن وفد صحفي إصلاحية الحاير ووقفت على جهود المديرية العامة للسجون في تحويل بيئة السجن لبيئة تجعل السجناء يوقدون الشموع بعد ظلام الجريمة.. بيئة السجن الجديدة لم تعد سلاسل وأبوابا من الحديد كما كان يسكن في مخيلة الكثير بل تحولت لبيئة تحيط بها المصانع الكبيرة ومراكز التدريب والمدارس بدءا من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الثانوية وتصل للانتساب والدراسة في الجامعة لمن يرغب في ذلك من السجناء بعد إنهاء تعليمه بالمدارس، كما أصبحت هناك مصانع للتدريب المهني ومكاتب للتوظيف ومعامل لتنقية المياه والاستفادة من المياه التي يستخدمها النزيل وتكرارها أكثر من مرة حيث يعمل السجناء أنفسهم على معالجة هذه المياه في محطات للتنقية داخل تلك السجون حتى تصبح قابلة للاستخدام في مزارع السجناء داخل السجن، كما تتوفر داخل الإصلاحية الحيوانات المختلفة من الطيور والماعز والأسماك وحتى الحدائق ونوافير المياه لخلق بيئة أشبه بالبيئة الطبيعية التي يعيشها من هم خارج أسوار الإصلاحية، وكل ذلك لتجسيد وتأكيد أن الهدف هو إصلاح ذلك السجين وإعادته لمجتمعه أكثر صلاحا وفاعلية ونفعا.

 

هذا الواقع الحقيقي أصبح يعيشه السجين اليوم في إصلاحيات المملكة حيث كشفت جولة «الرياض» داخل إصلاحية الحائر عن وجود ملاعب داخل جميع الإصلاحيات وهواتف للاتصال وأجنحة للزيارات العائلة والخلوة الشرعية، كما تتوفر مختبرات وأقسام للأشعة، وصيدلية وأطباء في جميع التخصصات لخدمة النزلاء.

 

بيئة السجون

في البداية أكد العقيد خالد المالكي -مدير إصلاحية الرياض بالحائر- أن تحول بيئة السجن لبيئة شبيهه بالبيئة الخارجية في كثير من معالمها في توفير المنزل المناسب والتعليم والصحة والتدريب والتوظيف جزء بسيط مما نسعى لتحقيقه لكن يبقى الأبرز والأهم وما نستمده من وصايا سمو ولي العهد ووزير الداخلية بالجانب الإنساني مع جميع الموقوفين وتوفير الراحة النفسية لهم والحفاظ على كرامتهم من منطلق تعاليم ديننا الإسلامي حتى أصبحت الإصلاحيات بالمملكة اليوم تنافس سجون العالم.

وأضاف: ان اصلاحية الرياض الجديدة تقع على مساحة مليون وثمانمائة متر مربع وتستوعب ( 7272) نزيلا ونزيلة وهناك نية لرفع الطاقة الاستيعابية الى ( 9400) نزيل ونزيلة، مؤكدا ان إصلاحية الرياض إصلاحية نموذجية معدة من قبل مركز المشروعات التطويرية بوزارة الداخلية حسب المعايير العالمية.

مدينة صناعية لتدريب النزلاء على المهن المختلفة ومؤسسة للتنمية الإنسانية.. ومحطات لتنقية المياه ومشروعات للزراعة وتربية الماشية

محطات لتنقية المياه

وألمح العقيد المالكي أنه يجري العمل بهذه الإصلاحية للعمل في محطات لتنقية المياه وهدفها تنقية المياه الخارجة من استخدام النزلاء، فنقطة الماء الواحدة مثلا يستخدمها النزيل ومن ثم تذهب إلى محطات معالجة المياه وبعد ما يتم معالجتها تعود هذه النقطة وتعالج مرة أخرى في محطات تنقية المياه ثم تعود وتستخدم مرة أخرى في عملية الكسح المائي والتي بالعامية يطلق عليها (السيفونات) فبدلا من أن أضخ نقطة (ماء) نظيفة قادمة من التحلية وبذل جهود لتنقيتها على أساس أصرف المياه نقطة ماء واحدة التي نستخدمها نرجع ونستخدمها مرة أخرى فإذا رجعت من (السيفونات) ترجع لمحطة تنقية مياه الصرف الصحي وتعالج معالجة ثلاثية قابلة للزراعة ونرجع نستخدمها مرة ثالثة للزراعة فنقطة الماء الواحدة لدينا نستخدمها ثلاث مرات وهذا يساعدنا على ترشيد المياه واستخدامها.

مشروعات زراعية داخل السجون

وكشف مدير إصلاحية الرياض بالحائر عن العمل في استحداث ثلاثة مبان جديدة بداخل الإصلاحية وهي مبان للمزروعات ومبان لتربية الدواجن ومبان لتربية الحيوان من أغنام وغيرها مشيرا إلى أن الهدف من انشاء هذه المباني والعمل فيها بداخل الإصلاحيات هو التخطيط للاكتفاء الذاتي في المستقبل حيث يتم الاكتفاء بداخل الإصلاحيات ذاتيا والحد من الشراء من الخارج ويكون لدينا في المستقبل اكتفاء ذاتي وكذلك في تربية الدواجن وتربية الأنعام جميعا لخدمة الموقوفين ويتم السماح للسجناء بالعمل في هذه المباني وهذه الحرف متى ما رغبوا في ذلك، مشيرا إلى أن المخبز الخاص بالإصلاحية والذي يعمل في غالبيته عدد من السجناء ينتج يوميا ما يقرب من عشرة آلاف رغيف للنزلاء.

مدينة صناعية ومؤسسة التنمية الإنسانية للتدريب

أما فيما يتعلق بموضوع الصناعة فأوضح العقيد خالد المالكي أن هذا الموضوع من المواضيع الرئيسية التي حرصت الإصلاحية على استمرارها داخل الإصلاحية حيث قامت هيئة المدن الصناعية بانشاء مدينة صناعية ملحقة بالإصلاحية الهدف منها هو تدريب النزلاء بداخل السجن على أي مهنة يرغبها النزيل حيث تحرص الإصلاحية على مساعدة النزيل على ايجاد وكسب مهنة حيث تم استقطاع أرض تعود ملكيتها لإدارة السجن وتم تسليمها لهيئة المدن الصناعية وبدأ إنشاء هذه المصانع عليها والبدء في البرامج الخاصة بالتدريب يستمر فيها السجين ويكتسب مهنة وعملا ويتم توفير عمل له بعد خروجه من السجن، كما يوجد بداخل الإصلاحية مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية والتي تعمل على تدريب السجناء في مركز تدريبي ويحصل النزيل على شهادة معتمدة ومن أهم الدورات التي يقدمها دورات في الحاسب الآلي إضافة إلى أنه يوجد في مجال التدريب المهني 17 ورشة للتدريب المهني متخصصة في النجارة والحدادة واللحام وصيانة الحاسب الآلي والخياطة وغيرها، ويوجد على مستوى المملكة أربع إصلاحيات في الرياض وجدة والمنطقة الشرقية وفي محافظة الطائف والإصلاحية مكونة من ثلاثة مبان: أمنية وادارية والمباني السجنية ومباني الخدمات.

سجن النساء

كما اطلعت “الرياض” أثناء الجولة على المواقع الخاصة لإيقاف النساء بالإصلاحية الجديدة، وهي معزولة عن سجن الرجال بسور ويتكون سجن النساء من أربع وحدات سجنية كل وحدة سجنية تحتوي على ( 256) نزيلا أو نزيلة ويوجد فيه مبنى للمساندة الأمنية يتوسط هذه الوحدات مبنى للزيارة وهي الزيارة (العائلية) أو البيت (العائلي) وكذلك الزيارات العادية من خلف الشباك أو المقابلة السجنية ومعاهد للتدريب المهني ومدرسة ومبنى الإفراج والاستقبال.

سجن الرجال

ولا يختلف سجن الرجال عن سجن النساء في التصميم والخدمات حيث يضم أول محطة للنزيل حيث يتم استقباله وتصنيف قضيته والعمر ويتم التصنيف الأول حسب العمر والتصنيف الثاني حسب القضية، فمثلا المدانون في قضايا المخدرات يتم عزلهم في وحدات سجنية معينة وقضايا السرقات وكذا قضايا الأخلاقيات وقضايا التزييف بحيث تصنف كل قضية أو قضيتين في مبنى حيث نحرض على دمج القضايا المتشابهة مع بعض ونحاول عدم الخلط فيما بينها حتى لا يكون هناك تأثير أو تأثر وتعلم ولا يكون بينهم اختلاط وهكذا، ومن لديهم أمراض معدية لا سمح الله يوضعون في مكان للعزل ويخضعون للعناية الطبية على مدار الساعة، كما يوجد بالسجن مكاتب المساندة الأمنية التي تعمل على ضبط الأمن داخل الوحدات السكنية والوحدة السجنية والواحدة تستوعب (256) سجينا أو سجينة ويوجد خمسة مجمعات سجنية للنساء وخمسة مجمعات سجنية للرجال وجميع هذه المجمعات السجنية يصنف السجناء بداخلها على حسب الأعمار وعلى حسب القضية حيث تقسم الوحدة السجنية مقسمة على جناحين في كل جناح (22) غرفة وكل غرفة تحوي (6) نزلاء، كما ان هنالك غرفتين تستخدمان لذوي الاحتياجات الخاصة سواء من المعاقين أو كبار السن وتستوعب نزيلين فقط مجهزة بجميع التجهيزات الخدمية المناسبة لهذه الفئة وغرف خاصة للأشخاص الذين لهم مكانة شخصية واعتبارية.

مدارس داخل الإصلاحية لتعليم النزلاء ودوري رياضي بين العنابر وتحقيق مفهوم الاكتفاء الذاتي للموقوفين

المركز الصحي

وفي الجانب الصحي أكد العقيد المالكي أن الاهتمام بصحة النزلاء والنزيلات من أولويات الإصلاحية، وأشار المقدم حاتم العتيبي -مدير المركز الصحي- أن المركز يحوي (11) عيادة أولية بالمستشفى تشمل عيادة الباطنية وعيادة الأسنان والجلدية والمختبر والصيدلية وغرف للإشعة وغرفة للعمليات الطارئة وغيرها من الخدمات للمرضى بوجود نخبة من الأطباء مشيرا إلى أن المركز الصحي يستقبل يوميا ما بين (150 إلى 200) مراجع تتم معالجتهم وصرف الأدوية للازمة لهم مشيرا إلى أن جميع الخدمات التي يقدمها المركز الصحي بالإصلاحية من رعاية وتأهيل وتعليم وعلاج ولا تقتصر على النزلاء السعوديين بل تشمل جميع النزلاء من مختلف الجنسيات.

إتاحة التعليم للسجناء والسجينات

ويؤكد مدير إصلاحية الرياض بالحائر على موضوع التعليم وخلال جولتنا على المواقع المخصصة للتعليم، قال: ان موضوع التعليم موضوع أساسي ومهم نحرص بالإصلاحية على توفيره فهو مطلب أساسي مثله مثل غيره من متطلبات الحياة اليومية ومهم لتعديل سلوك النزيل أو النزيلة حيث يوجد بالإصلاحية مدارس تعليم ابتدائية ومتوسطة وثانوية أي أن هناك (38) فصلا دراسيا يتم إلحاق النزلاء الراغبين في التعليم في هذه المدارس وقاعات متعددة الأغراض، وأربعة معامل للتعليم ومكتبة طاقتها الاستيعابية 750 طالبا وهناك التعليم الجامعي بطريقة الانتساب في عدد من الجامعات يدرس بها 291 جامعيا.

مشيرا إلى أن الإصلاحية تحتوي على مكتبة عامة تحوي أكثر من 2000 كتاب بحيث يطلب النزيل الكتاب الذي يرغبه وهناك تعاون مع عدد من المكتبات لتزويد الإصلاحية بهذه الكتب بالإضافة إلى الصحف اليومية.

الترفيه

وأشار العقيد المالكي إلى أن الإصلاحية تحوي على قنوات فضائية وتعليمية، ويتم نقل المباريات لهم داخل قاعات مخصصة إضافة لتوفر الملاعب الرياضية في جميع الالعاب مثل كرة القدم والطائرة حيث تقام مباريات بين عنابر النزلاء وفي نهاية الدوري تقام مباريات نهائية توزع فيها الإصلاحية الجوائز على الفائزين وهذا يعطي النزيل نشاطا وحيوية وتقتل الفراغ من خلال هذه الألعاب كما يوجد أماكن للتشميس حيث يحوي كل مبنى من مباني الإصلاحية على أماكن للتشميس يتوفر فيها ما يحتاجه النزيل وتتوفر أيضا خدمات الاتصال الهاتفي عبر كبائن مخصصة لهذا الغرض.

رضا النزلاء

والتقت “الرياض” في نهاية جولتها بالنزلاء الذين عبروا عن رضاهم وارتياحهم عن الخدمات المقدمة لهم بداخل الإصلاحية سواء من الخدمات الترفيهية او التعليمية والتأهيلية حيث يؤكد السجناء على المستوى الراقي للغرف من حيث النظافة وتوفير الخدمة ووجود مكان للتشميس وممارسة الرياضة ووسائل الاتصال بالأهل إضافة للارتياح فيما يخص عدم الخوف من المستقبل وضياع الوقت حيث أصبح الجميع يستفيدون من أوقاتهم وفترة محكوميتهم من خلال مواصلة الدراسة أو تعلم مهنة جديدة أو العمل داخل الإصلاحية والحصول على شهادات عليا والحصول على وظيفة في المستقبل ومواجهة متطلبات سوق العمل، وأكدوا أن خدمة التعليم ومواصلته كانت من أجمل ما وفر لهم لتخطي ظروفهم والعودة للمسار الصحيح.

المدخل الرئيسي لإدارات الإصلاحية (عدسة/نايف الحربي)