حكم تمييز ( سرقة باستخدام العنف )

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 7/ 6/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ محمود دياب – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن أبو سليمة ومجدي أبو العلا وجاب الله محمد جاب الله ويحيى خليفة.
(13)
(الطعن رقم 38/ 2005 جزائي)
1 – إكراه. سرقة. جريمة “الركن المادي” و”الركن والمعنوي”. ظروف مشددة. ظروف عينية. قصد جنائي. فاعل أصلي. شريك. مسئولية. حكم “تسبيب غير معيب”.

– استعمال العنف في السرقة. مناط تحققه. كل وسيلة قهرية تقع على الأشخاص لتعطيل مقاومتهم أو إعدامها بقصد التهميد للسرقة أو إتمامها أو الفرار بالمسروقات أو الاحتفاظ بها. مؤداه: مسئولية الفاعل أو الشريك في الجريمة عنه سواء وقع الفعل منه أو من غيره. علة ذلك: أنه ظرف مادي عيني متصل بالفعل الإجرامي.
– القصد الجنائي في جريمة السرقة. مناط تحققه. تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً. غير لازم ما دام أن ما أورده كافيًا للدلالة على توافره. النعي على ذلك. غير صحيح.

2 – إثبات “اعتراف” و”شهادة”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير أقوال الشهود”. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير صحيح”.
– إقرار المتهم شفاهة للضابط ارتكابه الواقعة يعد جزءًا من أقوال الضابط. للمحكمة كامل الحرية من تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات. النعي على ذلك: غير صحيح.
3 – إثبات “شهود”. تمييز “أسباب الطعن: الجدل الموضوعي”. محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة” و”تقدير أقوال الشهود”.

– وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي. أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده.
– تناقض أقوال الشاهد أو تضاربها في بعض التفاصيل. لا يعيب الحكم. شرطه.
– استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من سلطة محكمة الموضوع. شرطه.
– الجدل الموضوع في وزن المحكمة لعناصر الدعوى واستنباط معتقدها لا يجوز إثارته أمام التمييز.

4 – جريمة. سرقة. عفو فردي. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير صحيح”.
– نعى الطاعن بشأن تنازل المجني عليها عن حقوقها قبله. في غير محله. ما دام الحكم دانه بجريمة السرقة ليلاً باستعمال العنف ومفاتيح مصطنعة مع التعدد وهي ليست من الجرائم التي يرد عليها العفو الفردي طبقًا للمادة 240 ق إجراءات جزائية ولم يزعم أنه من أصولها أو فروعها أو زوجًا لها.
5 – جريمة. سرقة. فاعل أصلي.
– الفاعل الأصلي: هو من يساهم في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها.
– قيام الطاعن بمرافقة آخرين لمكان السرقة ومراقبة المكان لهما وقيامهما بارتكابها والفرار بالمسروقات. كافٍ لاعتباره فاعلاً أصليًا في الجريمة.

6 – إثبات “شهود”. شرطة. تحريات. تمييز “أسباب الطعن: سبب غير مقبول”. محكمة الموضوع “سلطتها في وزن أقوال الشهود” و”في التعويل على تحريات الشرطة”.
– وزن أقوال الشهود وتقديرها. من سلطة محكمة الموضوع. لها أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة. شرطه. نعي الطاعن في ذلك. غير مقبول.
7 – دفع “الدفع بتلفيق الاتهام”. حكم ” تسبيب غير معيب”.
– الدفع بتلفيق الاتهام. دفاع موضوعي. لا يستوجب ردًا صريحًا ما دام يستفاد ضمنًا من أدلة الثبوت.

1 – من المقرر إن استعمال العنف في السرقة يتحقق بكل وسيلة قهرية تقع على الأشخاص لتعطيل المقاومة أو إعدامها عندهم بقصد التمهيد للسرقة أو إتمامها أو الفرار بالمسروقات أو الاحتفاظ بها، وهو من الظروف المادية العينية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمها على كل من قارف الجريمة أو أسهم فيها فاعلاً كان أو شريكًا ولو كان وقوعه من بعضهم دون الآخرين، وكان من المقرر كذلك أن القصد الجنائي في جريمة السرقة يتوافر بعلم الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير دون رضاء مالكه بنية امتلاكه، ولا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن هذا القصد ما دام أن ما أورده كافيًا للدلالة على توافره، وإذ كان ما أورده الحكم يبين منه توافر ظرف استعمال العنف في السرقة، وكذا ظرفي استعمال مفتاح مصطنع وتعدد الجناة، ويكفي في الدلالة على توافر القصد الجنائي في حق الطاعن، فإن النعي عليه بدعوى القصور في هذا الشأن لا يكون له محل.
2 – إذ كان الحكم لم يعول في قضائه بإدانة الطاعن على اعتراف له، وإن إقراره شفاهة للضابط عند ضبطه بارتكاب الجريمة لا يعدو أن يكون جزء من أقوال الضابط التي اطمأنت إليها المحكمة والتي تملك كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون بدوره في غير محله.

3 – وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن تضارب أقوال الشاهد أو تناقضها في بعض التفاصيل – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه، وإن من حقها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كان الحكم قد أفصح عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها وأوردها دون تناقض، وأخذ بتصويرها للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.

4 – إذ كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن ارتكاب جريمة السرقة ليلاً باستعمال العنف ومفاتيح مصطنعة مع التعدد، وهي ليست من الجرائم المنصوص عليها بالمادة 240 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وكان الطاعن لا يزعم أنه من أصول المجني عليها أو فروعها أو أنها زوجة له فإن ما يثيره بشأن دلالة تنازل المجني عليها عن حقوقها قبله يكون في غير محله.

5 – من المقرر إنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصليًا في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ساهم في جريمة السرقة ليلاً باستعمال العنف ومفاتيح مصطنعة ودبر أمرها مع الطاعن الأول والمحكوم عليه الآخر بأن رافقهما إلى مكان مسكن المجني عليها وقبع بالقرب منه في سيارته لمراقبة المكان فقام المذكوران بالسرقة وفرا بالمسروقات وأسرع الطاعن بمغادرة مكان الحادث إثر مطاردة شاهدي الإثبات الأول للطاعن الأول والمحكوم عليه الآخر، فإن في هذا ما يكفي لاعتبار الطاعن فاعلاً أصليًا في الجريمة ويوفر في حقه كافة أركانها كما يتطلبها القانون، فإن منعاه على الحكم في هذا الخصوص يكون غير صائب.

6 – وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب، ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث وما دامت قد اطمأنت إلى جديتها، وكانت المحكمة – في حدود سلطتها التقديرية لأدلة الدعوى – قد أفصحت في حكمها المطعون فيه عن اطمئنانها إلى أقوال ضابطي المباحث وما دلت عليه تحرياتهما حول الواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
7 – الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب من المحكمة ردًا صريحًا ما دام الرد يستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 – ……. (طاعن) – 2 – ……. 3 – ……. (طاعن)، بأنهم في ليلة 9/ 6/ 2004 بدائرة مخفر شرطة السالمية – محافظة حولي: – سلبوا المبلغ النقدي والأشياء المبينة قدرًا ووصفًا وقيمة بالأوراق والمملوكة…… باستخدام العنف واستعمال مفاتيح مصطنعة، بأن دلف المتهمان الأول والثاني إلى داخل مسكنهما مستخدمين مفتاحًا مصطنعًا وقام الثاني بدفع المجني عليها وأسقطها أرضًا للفرار بالمسروقات وكان دور المتهم الثالث مراقبة مكان الواقعة لتحذيرهما وتمكنوا بهاتين الوسيلتين من الاستيلاء على المسروقات وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابهم المواد 222/ 1 ثانيًا: 225، 226/ ثالثًا من قانون الجزاء رقم 16 لسنة 1960 المعدل. ومحكمة الجنايات، قضت في السابع والعشرين من أكتوبر سنة 2004 حضوريًا للمتهمين الأول والثالث وغيابيًا للمتهم الثاني بحبس كل منهم عشر سنوات مع الشغل والنفاذ وبتغريم كل منهم خمسمائة دينار وأمرت بإبعادهم عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة المقضى بها. فاستأنف المتهمان الأول والثالث، ومحكمة الاستئناف، قضت في الثاني من يناير سنة 2005 بقبول استئناف كل منهما شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بحبس كل منهما لمدة خمس سنوات مع الشغل وبتأييد الحكم فيما قضى به من إبعاد المتهمين عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة المقضى بها. فطعن كل من الطاعنين في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الأول “…….”:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة السرقة ليلاً باستعمال العنف ومفاتيح مصطنعة مع التعدد، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن لم يستظهر الظروف المشددة المتعلقة بالإكراه واستعمال مفاتيح مصطنعة وتعدد الجناة، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن، وعول على الاعتراف المعزو إليه على الرغم من بطلانه لكونه وليده إكراه، واستند إلى أقوال المجني عليها التي تناقضت في شأن الحالة التي كان عليها باب المسكن، واعتنق تصويرها للحادث مع أنها هي التي دبرته بقصد الفرار بالمسروقات مع المحكوم عليه الآخر الذي شغفها حبًا – بعد أن كانت على علاقة بالطاعن – الذي تواجد بمكان الحادث لمراقبتها بدلالة التنازل الصادر منها لصالحه سترًا لتلك العلاقة، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر والطاعن الثاني اتفقوا على سرقة مسكن المجني عليها فصعد الطاعن والمحكوم عليه الآخر إلى ذلك المسكن وفتحا بابه باستخدام مفتاح مصطنع وقاما بسرقة المشغولات الذهبية الموصوفة بالأوراق والمبلغ النقدي المبين بها بينما كان الطاعن الثاني قابعًا في سيارته يراقب مكان الحادث، ولدى عودة المجني عليها إلى مسكنها وجدت بابه مفتوحًا وإذ دلفت إليه شاهدت الطاعن الأول والمحكوم عليه الآخر الذي فاجأها ودفعها فأوقع الرعب في خلجاتها مما أعدم مقاومتها، وتمكن المذكوران من الخروج من المسكن بالمسروقات، وإذ استغاثت المجني عليها تمكن الشاهدان الثاني والثالث من ضبط الطاعن ومعه بعض المشغولات الذهبية المسروقة، بينما فر المحكوم عليه الآخر بما معه من باقي المسروقات، وأسرع الطاعن الثاني بمغادرة مكان الحادث. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وتعرف الثلاثة الأول منهم على الطاعن، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استعمال العنف في السرقة يتحقق بكل وسيلة قهرية تقع على الأشخاص لتعطيل المقاومة أو إعدامها عندهم بقصد التمهيد للسرقة أو إتمامها أو الفرار بالمسروقات أو الاحتفاظ بها، وهو من الظروف المادية العينية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمها على كل من قارف الجريمة أو أسهم فيها فاعلاً كان أو شريكًا ولو كان وقوعه من بعضهم دون الآخرين،

وكان من المقرر كذلك أن القصد الجنائي في جريمة السرقة يتوافر بعلم الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير دون رضاء مالكه بنية امتلاكه، ولا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن هذا القصد ما دام أن ما أورده كافيًا للدلالة على توافره، وإذ كان ما أورده الحكم يبين منه توافر ظرف استعمال العنف في السرقة، وكذا ظرفي استعمال مفتاح مصطنع وتعدد الجناة، ويكفي في الدلالة على توافر القصد الجنائي في حق الطاعن، فإن النعي عليه بدعوى القصور في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يعول في قضائه بإدانة الطاعن على اعتراف له، وأن إقراره شفاهة للضابط عند ضبطه بارتكاب الجريمة لا يعدو أن يكون جزء من أقوال الضابط التي اطمأنت إليها المحكمة والتي تملك كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون بدوره في غير محله.

لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن تضارب أقوال الشاهد أو تناقضها في بعض التفاصيل – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه، وأن من حقها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كان الحكم قد أفصح عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها وأوردها دون تناقض، وأخذ بتصويرها للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.

لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن ارتكاب جريمة السرقة ليلاً باستعمال العنف ومفاتيح مصطنعة مع التعدد، وهي ليست من الجرائم المنصوص عليها بالمادة 240 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وكان الطاعن لا يزعم أنه من أصول المجني عليها أو فروعها أو أنها زوجة له فإن ما يثيره بشأن دلالة تنازل المجني عليها عن حقوقها قبله يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.
ثانيًا: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني “…….”:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة السرقة ليلاً باستعمال العنف ومفاتيح مصطنعة مع التعدد، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن لم يدلل على مساهمته في الجريمة، وعول على أقوال ضابطي المباحث وتحرياتهما غير الجدية التي قصدا بها تلفيق التهمة للطاعن، وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها – على النحو المار بيانه.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصليًا في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه ساهم في جريمة السرقة ليلاً باستعمال العنف ومفاتيح مصطنعة ودبر أمرها مع الطاعن الأول والمحكوم عليه الآخر بأن رافقهما إلى مكان مسكن المجني عليها وقبع بالقرب منه في سيارته لمراقبة المكان فقام المذكوران بالسرقة وفرا بالمسروقات وأسرع الطاعن بمغادرة مكان الحادث إثر مطاردة شاهدي الإثبات الأول للطاعن الأول والمحكوم عليه الآخر، فإن في هذا ما يكفي لاعتبار الطاعن فاعلاً أصليًا في الجريمة ويوفر في حقه كافة أركانها كما يتطلبها القانون، فإن منعاه على الحكم في هذا الخصوص يكون غير صائب.

لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب، ولها أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث وما دامت قد اطمأنت إلى جديتها، وكانت المحكمة – في حدود سلطتها التقديرية لأدلة الدعوى – قد أفصحت في حكمها المطعون فيه عن اطمئنانها إلى أقوال ضابطي المباحث وما دلت عليه تحرياتهما حول الواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب من المحكمة ردًا صريحًا ما دام الرد يستفاد ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدًا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.