جريمة حيازة المواد المخدرة (المخدرات ) في دول الخليج السعودية – عمان – الكويت

حيازة المخدرات في دول الخليج

بحث رائع و متميز

نقل و اعادة نشر و تفعيل من خلال – محاماة نت

جريمة حيازة المواد المخدرة بغرض الإتجار :

تعريفها وأركانها:

أولاً : تعريفها :

هي تلك الجريمة التي إكتملت كافة أركانها المادية والمعنوية , وهي وضع اليد على المواد المخدرة من غير المصرح لهم بذلك , سواء كانت هذه المواد طبيعية أو مركبة أو مصنعة بغرض الإتجار , أي بيعها أو شراءها .

ثانياً : أركانها :

تضمنت هذه الجريمة كافة الأركان المادية الواجب توافرها في الجرائم , فقد إشتملت على ركنيها الركن المادي والمعنوي (القصد الجنائي ) , ونستعرضها لكم كالآتي كلاً على حده :

1- الركن المادي ( السلوك الإجرامي ) :
الركن المادي هنا هو السلوك الإجرامي لهذه الجريمة , والسلوك الإجرامي هنا هو سلوك إيجابي حيث انه يتجسد في حركة الشخص ( المتهم ) المادية , وبما أن الجاني هنا قام ببذل جهد – حركة ما – إذاً من خلال ذلك الكلام يمكننا ان نستنبط هذا التعريف المبسط للسلوك الإيجابي , الا وهو : ( هو حركة عضو من أعضاء الإنسان بطريقة إرادية بحته ). (1)
إذاً لابد كي يترتب على السلوك الإجرامي مسئولية جنائية على الجاني لابد أن يتوافر في هذه الجريمة عنصران أساسيان كي يمكننا الحكم على هذا السلوك بأنه سلوك إيجابي , وهما كالآتي :

أ‌- حركة عضو .

ب‌- أن تكون هذه الحركة إرادية – نتجت بناءً عن محض إرادته _ غير مشوبة بأي عيب من عيوب الرضا الأربعة.

أما من حيث العلاقة السببية التي لا يخفى عن الكثير منها أهميتها في كافة الجرائم الجنائية , فمن الواضح أنها قد توافرت هنا بصورة واضحة جداً , حيث انه لابد في كل جريمة من الجرائم أن يكون هناك علاقة سببية بين التصرف القانوني والواقعة القانونية . والتصرف القانوني في هذه الجريمة هو الحركة العضوية الإرادية التي تسلم بها الجاني هذه المواد المخدرة بغرض الإتجار بها , أما الواقعة القانونية هي حيازة هذه المواد , من الملاحظ أنه لولا وجود هذا التصرف لما وجدت هذه الواقعة , وبما ان تصرف الجاني كان إراديا , فبالتالي نتيجة هذه الإرادة في التصرف القانوني تظهر أيضاً في الواقعة القانونية حيث توافرت نية الجاني بالحيازة لغرض الإتجار بدأً من تسلمه لها .

2- الركن المعنوي ( القصد الجنائي ) :

كما يعلم الجميع أن القصد الجنائي له عدة أنواع , ولكن في هذه الجريمة ولكن لا يشترط توافر كافة هذه الأنواع فقد يكفي في بعض الجرائم نوع واحد فقط من هذه الأنواع فقد يكفي في بعض الجرائم القصد المعنوي العام أما هنا فلا نكتفي بالقصد العام وحده بل لابد من توافر القصد الجنائي الخاص معه حيث ان هذا القصد الآخر – القصد الجنائي الخاص – يهمنا في تكييف هذه الجريمة أهي جريمة حيازة مواد مخدرة بغرض الإتجار أم أنها تعاطي أم أي نوع آخر .

والقصد الجنائي يعرف بأنه هو جوهر الإرادة , ونتطرق هنا إلى عناصر القصد العام , وهي عنصران مهمان وجوهريان لابد من توافرهما لقيام أي ركن معنوي الا وهما :

أ‌- العلم :

والمقصود بالعلم هنا هو العلم بعناصر الجريمة وأن ذلك الفعل هو جريمة وأنه فعل مجرم , وأن ما إرتكبه هو جريمة , وفي حال فقد هذا العنصر وإنعدامه فليس هناك أي وجود قانوني لهذه الجريمة (1) وإن كان هناك وجود فعلي لهذه الجريمة .

ب‌- الإرادة :

والإرادة هي / القوة النفسية والطاقة الجامحة التي تدفع كل قوى جسم الإنسان لأن يقوم بعمل يجسد هذه القوة وهذه الطاقة الى قوة حركية من خلال قوة حركية عضوية جسدية يترتب عليها أو ينتج عنها واقعة غير مشروعة.

1- القصد الجنائي الخاص :

والمقصود بهذا القصد هو نية الجاني المتجهة لارتكاب فعل ما مجرم مخالف للقواعد القانونية

الفرع الثاني : تكييفها :

نلاحظ في هذه الجريمة أن التكييف يكون في هذه الجرائم راجعاً للقاضي نفسه , فالقاضي هو الشخص الاول والاخير الذي يمكنه تكييفها حسب مرئيا ته وقناعاته ويصدر حكمه بناءً على ذلك .
قد يكون هناك عوامل تدخل في تكييف هذه الجريمة , ولكن لا يمكن إجبار القاضي على تكييف معين .
هذه العوامل مثل كمية المواد المخدرة على سبيل المثال تتجاوز الجرامات او بضع كيلوات أو أطنان , فهنا من المنطقي أنها ليست كمية تعاطي فمن المتضح انها كمية إتجار أو تهريب , وقد يكون هناك عوامل أخرى لها قوة ولكن لا يمكن إلزام القاضي ببناء تكييفه عليها .

والتكييف هنا متروك للقاضي ليس فقط في هذه الجريمة من جرائم حيازة المواد المخدرة , وإنما هو متروك له في كافة جرائم الحيازة .

الفرع الثالث : عقوبتها :

أخذت جميع التشريعات بمبدأ شرعية الجرائم وعقوبتها , الذي جاء في معناه أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص , وقد إتفقت كافة التشريعات وعلى رأسهم التشريع الفرنسي بأن حيازة المواد المخدرة بجميع أنواعها هي جريمة يعاقب عليها القانون , ولا بد لكل جريمة من عقاب رادع لها تشتد هذه العقوبة وتتراخى بحسب خطورتها وأثرها على المجتمع , لذا أقرت الأنظمة والتشريعات الدولية عقوبة خاصة لجريمة حيازة المواد المخدرة بقصد الاتجار.

جاء في نص المادة (32) من قانون مكافحة المخدرات الكويتي ( يعاقب بالحبس المؤبد وبغرامة لا تقل عن عشرة ألاف دينار ولا تتجاوز 20 ألف دينار:
– كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع مواد أو مستحضرات مخدرة أو نباتاً من النباتات الواردة في الجدول رقم (5) المرافق لهذا القانون أو سلمها أو تسلمها أو نقلها أو تنازل عنها أو تبادل عليها أو صرفها بأي صفة كانت أو توسط في شيء من ذلك ، بقصد الاتجار أو أتجر فيها بأي صورة , في غير الأحوال المرخص بها في هذا القانون ) .
لنتأمل سوياً نص هذه المادة من هذا القانون الكويتي الخاص بالمخدرات , لوجدنا انه شدد في عقوبة حيازة المواد المخدرة بقصد الاتجار , وذلك دليل على خطورة هذه الجريمة وانها لا تقل أهمية عن غيرها , ولو نظرنا الى تقسيم الجرائم الى ثلاثة أقسام ( جناية , جنحة , مخالفة ) كما فعلت بعض التشريعات فبالتأكيد سوف نجد أنها صنفت على انها تعد في التشريع الكويتي جناية , وذلك إن دل فهو يدل على مدى خطورتها .
ولو تأملنا نص المادة (44) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية العماني
الذي نص على : ( يعاقب بالسجن المؤقت مدة لا تقل عن عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة الآف ريال عماني ولا تزيد على خمس عشرة ألف ريال عماني كلاً من :
– حاز أو أحرز أو إشترى أو باع أو سلم أو تسلم مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية من تلك المدرجة في الجداول أرقام ( 1-2-3-4) من المجموعة الاولى والجدول رقم (1) من المجموعة الثانية , أو نباتاً آخر من النباتات المبينة في الجدول رقم (5) من المجموعة الاولى الملحقة بهذا القانون أو تنازل عنها او تبادل عليها أو صرفها بأي صفة أو أي جزء من اجزائه أو بذوره او توسط في شيء من ذلك بقصد الإتجار أو أتجر فيها بأية صورة , وذلك في غير الأحوال المرخص بها قانوناً .
– ……. ) .

فيتضح هنا أيضاً أن التشريع العماني أيضاً سلك نفس مسلك باقي التشريعات مع التخفيف البسيط في العقوبة ومن المتضح للجميع أن هذه المادة مشوبة بعيب قد يعتقد الكثير بأن المشرع هنا قد سهى عن أن الجريمة متطورة وأساليب إرتكابها قابلة للتطور , هذا ما يظهر لنا من خلال ما قام به في تحديد وحصر السلوك الجرمي للجريمة .
أما لو تأملنا ووقفنا قليلا عند نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية السعودي وهو مايهمنا هنا سوف نجد أنه نص في مادته (38) على أنه :

( يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد عن خمس عشرة سنة , وبالجلد بما لا يزيد عن خمسين جلده في كل مرة , وبغرامة من الف ريال الى خمسين الف ريال – كلاً من حاز مادة مخدرة أو بذوراً أو نباتاً من النباتات التي تنتج مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو باع شيءً من ذلك او إشتراه او موله أو
مون به أو احرزه او سلمه او تسلمه أو نقله أو بادل به أو قايض به أو صرفه بأي صفة كانت او توسط في شيء من ذلك , وكان ذلك بقصد الإتجار او الترويج بمقابل او بغير مقابل, وذلك في غير الأحوال المرخص بها في هذا النظام ).

هذا ما نصت عليه التشريعات السعودية فيما يخص الجريمة التي هي محور حديث الباحث , فيتضح لنا ان النظام السعودي شدد عليها وجعل ثلاثة أشكال لعقوبتها الأصلية ,
هي كالآتي :

  • 1- السجن الذي تتراوح مدته بين خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة.
  • 2- الجلد الذي لا يزيد عن خمسين جلدة.
  • 3- الغرامة التي تتراوح بين 1000 ريال سعودي حتى 50 ألف ريال سعودي.
    والتقدير في تحديد المدة المناسبة للجاني هنا تكون للقاضي , حيث أن النظام قيده بحد أدنى وحد أعلى ولكن فسح له المجال في تحديد العقوبة المناسبة للجاني وفق ما يراه مناسباً بما لا يتجاوز ولا يقل عن الحدود التي حددها المشرع.

ولكن لا نقف هنا عند هذه العقوبة فقط التي هي العقوبة الأصلية , بل نتجاوزها من خلال العقوبة التكميلية لها وهي قوبة ملازمة ولصيقة بالعقوبة الأصلية التي حددها النظام في مادته (38) التي ذكرت قبل قليل .
ويتضح لنا ذلك من خلال المادة (52) من نفس النظام التي جائت صريحة بأنه تصادر هذه المواد المخدرة التي ضبطت في حيازة الجاني , وجاءت هذه القاعدة صريحة آمرة لا يمكن التخير بينها وبين غيرها ولا يمكن لنا التخلي عنها .
ومن الملاحظ مما ذكر سابقاً أن كافة الأنظمة والتشريعات شددت على هذا النوع من الجرائم , ووضعت لها عقوبات صارمة رادعة لها , وجعلتها ضمن تصنيف الجنايات , فهي جريمة جناية مستقلة عن سائر الجرائم والجنايات .
وبذلك نكون قد إنتيهنا من جريمة حيازة المواد المخدرة بغرض الإتجار. ونسأل الله الصحة والعافية ؛؛؛

المراجع :

1- نظام مكافحة المواد المخدرات والمؤثرات العقلية السعودي
2- منشور الركن المادي للجريمة 3- المدخل لدراسة العلوم القانونية
4- درجات القصد الجنائي
5-المخدرات الجريمة والعقاب والسلطان
6- قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها الكويتي
7- قانون المخدرات العماني