جريمة الخطف طبقاً لقانون العقوبات الاتحادي رقم 111 لسنة 1969

المحامية: منال داود العكيدي
تعرف جريمة الخطف بانها : القبض على شخص او حجزه وحرمانه من حريته باية وسيلة كانت بالاكراه او بالحيلة بدون امر من سلطة متخصصة وحمل المخطوف على الانتقال او نقله الى مكان آخر من دون ارادته ورضاه ومنعه من الخروج بقصد معين وقد افرد المشرع العراقي ( المواد 421 -422-423-424-425-429-427) من قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969-وتعديلاته لهذه الجريمة التي صنفها من الجرائم الماسة بحرية الانسان حيث عدها من الجرائم الواقعة على الاشخاص والماسة بحياة الانسان وسلامة بدنه فقرر معاقبة كل من قبض على شخص اخر او حجزه او حرمه من حريته بأية وسيلة كانت بدون امر من سلطة متخصصة في غير الاحوال التي تصرح فيها والقوانين والانظمة اعدها من اخطر الجرائم الماسة بأمن واستقرار المجتمع لما تشيعه من ذعر في المجتمعات الآمنة وهي بذات الوقت تشكل تحديا صارخا للمبادئ والقيم الانسانية وللقوانين والاعراف الاجتماعية المرعية لما يرافقها من سلوك عدواني واجرامي تمارسه الجماعة الخاطفة وعدم الاكتراث بارواح الابرياء والاستهانة بحياتهم وذويهم ولاسيما اذا كان المستهدف انساناً لا يتمتع بالحماية وغير مسلح او شخص اعتيادي يمارس حياته بتلقائية وغير مطلوب او متهم.

وتعد جريمة الخطف من الجرائم المنظمة لانه عادة ما يسبقها تخطيط بهدوء بال وعزم وتصميم مع سبق الاصرار والترصد لتحركات وتصرفات الشخص (الضحية) من سكنه الى محل عمله وبكل الحرية التي منحته اياه القوانين الحياتية ما يجعله هدفا ثابتا وصيدا يسيراً لمثل هؤلاء، وغالبا ما يشترك في تنفيذ جريمة الخطف اكثر من شخص فعلى سبيل الافتراض قد يقوم احدهم بمراقبة الضحية والاطلاع على عادته ومواعيد خروجه من البيت ويقوم الثاني بعملية خطف الضحية بينما يهيئ الثالث السيارة او الوسيلة المعدة لنقل المجني عليه من مكان الحادث الى مكان الاحتجاز وعلى الاغلب يكون الخاطف هو المخطط لهذه الجريمة وغالبا مايستخدم السلاح او المادة المخدرة لاضعاف ارادة المخطوف وشل حركته كي لايبدي اية مقاومة لحظة الانقضاض عليه.

وفي بعض الاحيان قد يستخدم الخاطفون احدى الوسائل الاحتيالية لاستدراج الضحية الى الكمين المعد لهذا الغرض الدنيئ كتقليد صوت احد والديه عبر الهاتف كي يسعفه لوعكة مفاجئة اصابته بينما السيارة مهيأة لخطف الشخص وغيرها من الوسائل الاحتيالية التي تتيح للجناة الانفراد بالضحية ونقله الى مكان اخر .

وتتم واقعة الخطف بمجرد انطلاق السيارة والمخطوف في داخلها من دون علمه وهذه الوسيلة تعد ظرفا مشددا للعقوبة التي كرس لها قانون العقوبات العراقي في المادة 421 من قانون العقوبات التي تنص على انه (اذا وقع الخطف بطريقة الاكراه او الحيلة او توافرت فيه ظروف التشديد تكون العقوبة السجن المؤبد اذا كان المخطوف انثى والسجن مدة لاتزيد على خمس عشرة سنة اذا كان ذكراً ) .

وفي بعض الاحيان قد يلجأ الفاعل الى انتحال صفة رسمية وارتداء زي معين ليوحي للضحية انه احد افراد الشرطة او قوات الامن او يحمل ورقة استدعاء او تبليغ او مذكرة القاء القبض مزورة من اجل بث الرعب في نفس المخطوف كي يرضخ ويستسلم للسلطة التي اصدرت بحقه هذا الامر.

وهذا الامر أوهذا الفعل الاجرامي بحد ذاته يشكل ظرفا مشددا للعقوبة ايضا ، وكذا الحال اذا كان المجرم من اصول الضحية او من اقربائه او نسبائه لان هذه القرابة تسهل اقتراف الجريمة من دون حاجة الى استخدام وسائل التهديد بالسلاح او بغيره ولا حاجة لاستدراج الضحية.

وتشدد عقوبة جريمة الخطف اذا وقعت على موظف او مكلف بخدمة عامة اثناء تأديته لوظيفته او لخدمته او بسبب ذلك فقد عده المشرع العراقي من الظروف المشددة للعقوبة ولاسيما اذا كانت الضحية القاضي او المحقق او ضابط الشرطة او المنفذ العدل او كاتب العدل او غيره عند قيامه بواجبه.

ويعد الخطف بدافع القتل هو الاكثر خطورة في عالم الجريمة المنظمة لانه يهدف الى ابادة البشرية وتعريض حياة المواطنين الابرياء الى الموت الأكيد وبصورة مستمرة وكذلك العيش في حالة رعب غير مسبوق وغير محدد الوقت وتعد هذه الجريمة ضد الانسانية جمعاء لانها ممعنة في انتهاك حقوق الانسان وسلامته .

وخفف قانون العقوبات العقوبة في حالة انهاء الخاطف لحالة الخطف قبل انقضاء (48) ساعة وحالة مبادرة احد المخطوفين الى الاخبار عن جريمة الخطف وحالة عقد زواج بين الخاطف والمخطوفة. حيث أوجب ايقاف الدعوى والتحقيق والاجراءات الاخرى شريطة استمرار زواج الخاطف للمخطوفة مدة لاتقل عن ثلاث سنوات وبخلافه يتم تحريك الدعوى واستمرار الاجراءات بحق الخاطف .

وتراوحت عقوبة الخطف في قانون العقوبات بين الحبس مدة لا تزيد على سنة عند انهاء حالة الخطف قبل مضي (48) ساعة وعقوبة الاعدام او السجن المؤبد اذا صحب الخطف مواقعة المخطوفة او الشروع في المواقعة ولكن هذه العقوبات تم تشديدها على وفق القانون رقم 1 لسنة 2002 حيث تقررت عقوبة الاعدام فقط للمواقعة وزادت عقوبات الخطف الاخرى بخمس سنوات اخرى فمثلا ان عقوبة جريمة الخطف البسيطة تم تشديدها من الحبس خمس سنوات الى السجن لمدة عشرة سنوات وعقوبة خطف الحدث الذي لم يتم الثامنة عشرة من العمر من خمس عشرة سنة الى السجن المؤبد.

وبعد صدور قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 المنشور في الجريدة الرسمية بعددها 4009 في 9/ 11/ 2005 من الجمعية الوطنية المنتخبة في انتخابات 30/ 1/ 2005 فقد تضمن تحديد بعض الافعال وعدها من الجرائم الارهابية ومن هذه الجرائم جريمة الخطف لكن الخطف هنا حدده القانون فليست كل افعال الخطف ارهابا بل حصرها المشرع هنا بافعال معينة حيث قال (تعد الافعال الاتية من الافعال الارهابية 8- خطف او تقييد حريات الافراد او احتجازهم للابتزاز المالي او الاعتراض ذات طابع سياسي او طائفي او قومي او ديني او عنصر نفعي من شأنه تهديد الامن والوحدة الوطنية والتشجيع على الارهاب(فقد حدد هذا القانون حالات خطف جديدة بعد ان لاحظ ان اغلب حالات الخطف تتحقق وتحصل لاغراض المنفعة المادية او لاسباب سياسية او طائفية او قومية او دينية ,ولكن اشترط في الخطف ان يؤدي الى تهديد الامن والوحدة الوطنية والتشجيع على الارهاب).