ضرورة اختصار الإجراءات القضائية

تشكل الإجراءات عنصرا مهما من عناصر العملية القضائية من جهة كونها متطلبا للعملية أولا, وللهامش المفترض في إمكانية تعقيدها أو تسهيلها من جهة أخرى. ففي حين لا يمكن ورود هذا الهامش في بعض العناصر الأخرى إلا أنه وارد بقوة في عنصر الإجراءات مما يجعلها تحتل أهمية خاصة في عمليات التطوير والإصلاح للبيئة القضائية لتوفير السرعة والكفاءة والشفافية المطلوبة, وهي من العوامل الداعمة لجوانب التنمية الاقتصادية. ومحل الإجراءات قد يكون في أول الدعوى كما في إجراءات التبليغ والمواعيد, أو في أثنائها كما في إجراءات عوارض الدعوى الشطب والترك والوقف والانقطاع أو بعد صدور الحكم كما في إجراءات طرق الطعن أو إجراءات التنفيذ.

ومما يؤكد أهمية هذه الإجراءات وحضورها في العقلية الاستثمارية الدولية أنها كانت محورا من محاور المفاوضات لتلبية شروط ومتطلبات عضوية المملكة لمنظمة التجارة العالمية, فقد أبدت وفود الدول الأعضاء في المنظمة الرغبة في معرفة الإجراءات القضائية والتنظيمية المتعلقة بتطبيق الأنظمة التجارية بالمملكة والجهات المسؤولة عن ذلك ومرجعيتها, كما طرحت وفود الدول الأعضاء العديد من الأسئلة والاستفسارات للتعرف على الأنظمة والإجراءات القضائية الخاصة بالنظر والفصل في القضايا التجارية والطعن في الأحكام وحقوق الأطراف المتعاقدة.

وفي دراسة استطلاعية إحصائية لمنتدى الرياض الاقتصادي أفاد 85 في المائة من رجال الأعمال الذين استهدفتهم الدراسة أن هناك صعوبة في توقع الإجراءات والأحكام القضائية, كما أفاد 83 في المائة منهم أن إجراءات المحاكم بطيئة جداً، وهذا الانطباع السيئ عن إجراءات التقاضي من قبل شريحة معنية يهمها سرعة البت في القضايا ووضوح الإجراءات يعد مؤشرا سلبيا في معايير تقييم الإجراءات ويحتم العمل على تحسين الوضع وتقديم الحلول للمشكلة.
ولا شك أن تفعيل وسائل التقنية وتطبيقات الحاسب الآلي في الإجراءات المتخذة في القضاء في شقيها الإداري والقضائي عامل مساعد وأكيد في اختصار هذه الإجراءات ومن ثم تقليل مدة العملية القضائية, وبالمناسبة فهناك عمل جاد في المحاكم وديوان المظالم في الأخذ بهذا التطوير, وتم العمل به بشكل متسارع في الكثير من المحاكم مثل: الرياض وجدة والدمام وغيرها, والمأمول أن يتم تعميم ذلك في مدة قريبة ـ إن شاء الله, وليس المقصود باختصار الإجراءات في عنوان المقال ميكنة الأعمال القضائية هذه بل المراد أكثر من ذلك إذ لا فائدة كبيرة عندما نعيد العمل بالإجراءات ذاتها وبدلا من الدفتر والقلم نستعيض عنها بالكي بورد , المراد أن نقلل الإجراءات مع المحافظة على كفايتها لتحقيق العدالة , والالتزام بالنصوص النظامية.