موقف الهيئات الدائمة للتحكيم من السلطة التقديرية للمحكم

تنص المادة 13 الفقرة الثانية من قواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية، على أنه للأطراف حرية تحديد القانون الذي يتعين على المحكم تطبيقه على موضوع النزاع، فإذا لم يحدده الأطراف طبق المحكم قاعدة تنازع القوانين التي يراها ملائمة في هذا الخصوص.

وتنص المادة 13 الفقرة الخامسة من ذات اللائحة على مايلي: يراعي المحكم في كل الأحوال أحكام العقد والعادات التجارية.
وكأن هذه الأحكام تجعل الأصل هو أن يتولى المحكم تحديد القانون الواجب التطبيق، طالما أنه غير مقيد بقاعدة معينة من قواعد الإسناد المتعددة، فيمكن عن طريق اختيار المحكم لقاعدة منها إخضاع النزاع لقانون المورد أو المستورد، أو لقانون الشاحن أو متولي النقل ،أو لقانون الدولة الطرف في العقد أو المستثمر المتعاقد معها أو لقانون جنسية المحكم أو قانون مكان التحكيم. فمن الممكن أن تكون أي قاعدة من هذه القواعد ملائمة لتستدرك المادة القول.أن يتقيد المحكم بأحكام العقد

وهذه الأحكام قد تتمثل في قاعدة إسناد، أو في قاعدة موضوعية،و قد يشير الأطراف إلى تطبيق قانون معين في النزاع، وهنا يلتزم المحكم بإعمال هذا القانون وإلا خرج عن إرادة الأطراف، والتحكيم نظام قانوني يقوم أصلا على إرادة الأطراف وهو يتقيد من ناحية أخرى بالعادات التجارية وهنا أيضا نجد اتساع حرية المحكم ، فالعادات التجارية وإن استقرت في أفرع بعض الأنشطة، إلا أنها لم تنتقل إلى غيرها باعتبار أن إرادة المحكم تلعب دورا كبيرا في هدا المجال .

وتنص المادة 38 من لائحة تحكيم اللجنة الأوروبية للأمم المتحدة جنيف 1966 على أن القانون الذي يحكم موضوع النزاع هو قانون الإرادة أو القانون الذي تعينه قواعد التنازع التي يراها المحكمون مناسبة للنزاع ، وفي جميع الأحوال يتعين على المحكمين مراعاة شروط العقد وعادات التجارة.

ويتطابق مع هذا القول نص المادة 7 الفقرة الرابعة النبذة أ من لائحة اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة والمعروفة باسم لائحةC.E.A..E.O (الموقعة في بانكوك بتايلاند 1966).
وفضلا عن دلك فإنه كثيرا ماتشير لوائح الهيئات الدائمة للتحكيم التجاري الدولي ذات الطابع الوطني إلى السلطة التقديرية للمحكم، ولاسيما لوائح التحكيم في الدول الاشتراكية .

السلطة التقديرية للمحكم في أحكام محاكم التحكيم

إن السلطة التقديرية التي يتمتع بها المحكم الدولي في شأن تعيين القانون الذي يطبقفي موضوع النزاع، تضعه أمام الكثير من الخيارات النظرية بين النظم القانونية المختلفة والتي يتعين أن يختار من بينها قواعد التنازع الأكثر ملاءمة لطبيعة المنازعة المطروحة على التحكيم.

ولاتعني تلك الحرية أو السلطة التقديرية للمحكم الدولي في مثل هذه الحالة، اختيار الطرق الأسهل، بقدر ماتعني اختيار القانون الأكثر ملاءمة لحكم موضوع النزاع ، ومن البديهي أن تتعدد وتختلف اجتهادات المحكمين بهذا الخصوص، نظرا لعدم وجود قانون اختصاص أو قانون دولة القاضيlex fori أمام المحكم الدولي، فإن سلطة هذا الأخير لاتعدوا كونها في الواقع في نظر البعض سوى سلطة ترجيح لأحد القوانين الوطنية على البعض الأخر،
ذلك أن الاتجاهات الفقهية قد اختلفت في هذا الصدد، إلا أننا لانريد في هذا المقام التصدي لهاته الاجتهادات التحكيمية بقدر ما نهدف هنا إلقاء الضوء على الحلول الأكثر تنوعا في قرارات التحكيم التجاري الدولي.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت