ماهية التوريق المصرفي

عمليات التوريق هي أنشطة ذات اغراض عظيمة الأهمية لكل المنشآت الإئتمانية الكبرى، وبشكل خاص البنوك، وحيث ان هذه الانشطة مستحدثة وتتشكل من منظومة فريدة من العمليات، فإنه يتعين لسبر أغوارها الوقوف على ماهية التوريق المصرفي ومزاياه الجاذبة للولوج لإجراءاته المركبة من جانب، وإظهار المفاهيم الأساسية التي لا غنى عنها لأي إدارة مصرفية تزمع تنظيم صفة من هذا النوع وبشكل خاص دعم إئتمان هذه الصفقة من جانب آخر .

إجراءات التوريق: برز التوجه المصرفي لتوريق الديون، وبالذات القروض المصرفية كظاهرة. Securitization Phenomenon. وقد ساعد على ملائمة هذا التعبير وتداوله تزايد أعداد و أنواع المؤسسات المالية والمصرفية الناشطة في مجال ” صيرفة الإستثمار Investment Banking ” والصرفية الشاملة ” Universal Banking .

وبالتوازي مع ذلك فقد تطورت سوق عالمية جديدة لإصدارات الأسهم بسرعة مذهلة منذ بداية حقبة التسعينات بحيث تجاوزت الحدود الإقليمية، والقومية وتعزز نشاط هذه السوق بنمو سريع مناظر في أسواق المال التابعة للدول النامية عموما مما أدى لظهور ما يسمى ” أسواق المال الناشئة ” Emerging Stock Markets .

كل ذلك يدعونا لضرورة الوقوف على اجراء صفقات التوريق بشكلها التقليدي المبسط مع ترك التفضيلات المركبة للعمليات الملازمة لتلك الإجراءات لبحثها فيما بعد، ويمكننا عرض الأمر على النحو التالي :

• عند زيادة بنك لرأس ماله لغرض أو لاخر أو حين يحتاج لسيولة نقدية فإنه لن يكون لديه إلا طريق من ثلاثة : فإما ان يطرح أسهما لزيادة راس المال للإكتتاب العام، أو يلجأ للاقتراض من بنك أو بنوك أخرى، أو أخيرا، بطرح سندات مديونية للإكتتاب العام، وهو ما يعد قرضا جماعيا مقابل فائدة ثابتة ولاجال طويلة وهو ما يفضله حملة الأسهم بالبنك خشية إدخال مساهمين جدد يقاسمونهم الأرباح عند ولوج الطريق لأول، أو بالتعرض لضغط فائدة بنكية مرتفعة أو آجال قصيرة لسداد أصل مبلغ القرض المصرفي في الحالة الثانية .

• في حالة إصدار سندات المديونية فإن البنك قد يمنح حق الدائنين حق امتياز أو إختصاص أو رهن على بعض ممتلكاته، وفي كل الأحوال فإن الدائنين سيعولون – بالدرجة الاولى – في شأن الوفاء بديونهم على البنك فإذا ما تعرض لاضطراب يخل بمركزه المالي أو يضطره للإفلاس، فإن الوفاء بقيمة السندات يصبح معرضا لخطر العجز عن الوفاء أو على الاقل الوفاء المتأخر لاجال غير معلومة أو منضبطة .

• أسلوب التمويل المنظم يفيد جميع الأطراف ويتم ذلك بفصل مصدر الوفاء بقيمة فوائد سندات الديون واصل مبلغ القرض عن البنك نفسه، ولكن يثور التساؤل حول كيفية تنفيذ ذلك .

• اجابة السؤال السابق تتلخص في .بيع البنك بعض أصوله المضمونة Secured Assets بسعر مخفض لمنشأة متخصصة . غالبا ما تكون في صورة بنك متخصص في ذلك النشاط – يطلق عليها ” وسيلة ذات غرض خاص ” Special Purpose Vehicle (SPV) .من المستبعد تعرضها للإفلاس من خلال دعمها إئتمانيا فتدخل الأصول في الذمة المالية للبنك المتخصص وتبتعد عن مخاطر افلاس البنك الراغب في التوريق .

• هذه الأصول تكون في معظم الاحيان سندات مديونية Receivables مضمونة بحقوق رهن أو ملكية لدى البنك الذي يكون دائنا بها لمجموعة من المدنيين الذين يكونون غالبا مقترضين وتجسد هذه السندات مديونياتهم للبنك فتنتقل الأصول ( سندات المديونية ) بضماناتها للمنشأة المتخصصة (SPV).

• تصدر المنشأة ذات الغرض الخاص أوراقا مالية تكون غالبا سندات بعلاوة إصدار وبقيمة تعادل قيمة الديون محل التوريق Leveraged Buyout (LBO) وذلك للحصول على سيولة نقدية يمكنها من شراء سندات المديونية ولذلك يطلق على تلك المنشأة أحيانا وصف ” المصدر “Issue وغالبا ما تلجأ الـ SPV) ) للقروض المصرفية البسيطة لتمويل شراء السندات مع مراعاة أن تكون مواعيد وفاء المدينين بقيمة السندات وفوائدها قبل أو عند حلول آجال الوفاء بقيمة القرض المصرفي.

• المستثمر الذي يشتري الأوراق المالية المصدرة من المنشآت ذات الغرض الخاص يكون شاغله الأساسي ما تدره هذه الأوراق من فوائد دون ان يعني كثيرا بإئتمان البنك البائع لسندات المديونية .

• الفصل بين البنك البادئ لعملية التوريق من خلال سندات مديونياته – ويطلق عليه إصطلاح البادئ للتوريق The Originator لهذا السبب – وبين هذه السندات ذاتها يمكنه بسرعة وقبل حلول تاريخ إستحقاق مديونياته لدى المدينين الاصليين (المقترضين غالبا) زيادة قدرته التحويلية بكلفة منخفضة عن طريق ما تصدره ل(SPV ) من الأوراق المالية أكثر مما لو كان البنك هو الذي أصدر هذه الأوراق المالية وتجشم مصاريق إصدارها وما يرتبط بذلك الإصدار من عمليات الترويج والدعاية والإكتتاب … الخ .

• يتعين على البنك البادئ للتوريق والـ SPV ضرورة الاتفاق بشكل بالغ الاهمية ومحدد على التوفيق ما بين تواريخ إستحقاق المتحصلات النقدية من المدينين وتواريخ إستحقاق المستثمرين لفوائد ديونهم .

• يجب ان يحرص أطراف صفة التوريق على التوفيق ما بين أقيام الفوائد المقررة على الديون الأصلية واقيام الفوائد على الأوراق المالية الموجودة بحوزة المستثمرين .

د.حسين فتحي عثمان