عيب مخالفة القانون أو عيب المحل

من مقتضيات مبدأ المشروعية أن يكون القرار الإداري موافقاً من حيث الموضوع لمضمون القواعد القانونية، وقد أشارت المادة السابعة ثانياً/ هـ/1من قانون مجلس شورى الدولة المعدل الى انه : (يعتبر من أسباب الطعن بوجه خاص … أن يتضمن القرار خرقاً أو مخالفة للقانون والأنظمة والتعليمات).

المطلب الأول: تعريف عيب مخالفة القانون

يطلق على عيب مخالفة القانون بمعناه الضيق عيب المحل وهو موضوع بحثنا في هذا المجال، أما عيب مخالفة القانون بمعناه الواسع فيشمل عيوب القرار الإداري كافة، عيب الاختصاص والشكل والسبب وعيب الانحراف بالسلطة .

ويقصد بعيب المحل أن يكون القرار الإداري معيباً في فحواه أو مضمونه وبمعنى آخر أن يكون الأثر القانوني المترتب على القرار الإداري غير جائز أو مخالف للقانون أياً كان مصدره سواء أكان مكتوباً كأن يكون دستورياً أو تشريعياً أو لائحياً أو غير مكتوب كالعرف والمبادئ العامة للقانون .

المطلب الثاني: صور مخالفة القانون

تتنوع صور مخالفة القرار الإداري للقانون فتارة تكون المخالفة لنص من نصوص القوانين أو اللوائح أو تطبيقاتها في حالة وجود القاعدة القانونية، وتارة تكون المخالفة في تفسير القوانين واللوائح أو في تطبيقاتها عندما تكون القاعدة القانونية غير واضحة وتحتمل التأويل . ومن صور مخالفة القانون التي اعتمدها القضاء الاداري الصور الآتية :

1-المخالفة المباشرة للقانون .

2-الخطأ في تفسير القاعدة القانونية .

3-الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية.

أولاً- المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية:

تتحقق هذه الحالة عندما تتجاهل الإدارة القاعدة القانونية وتتصرف كأنها غير موجودة وقد تكون هذه المخالفة عمدية كما لو منح رجل الإدارة رخصة مزاولة مهنة معينة لشخص وهو يعلم أنه لم يستوف شروط منحة الرخصة، وقد تكون المخالفة غير عمدية نتيجة عدم علم الإدارة بوجود القاعدة القانونية .

والمخالفة المباشرة للقاعدة القانونية أما أن تكون مخالفة إيجابية تتمثل بقيام الإدارة بتصرف معين مخالف للقانون كما لو أصدرت قراراً بتعيين موظف من دون الالتزام بشروط التعيين أوان تكون المخالفة للقاعدة القانونية سلبية تتمثل بامنتاع الإدارة عن القيام بعمل يوجبه القانون مثل امتناعها عن منح أحد الأفراد ترخيصاً استوفي شروط منحه .

والمخالفة المباشرة للقاعدة القانونية من أكثر حالات مخالفة القانون وقوعاً ووضوحاً في الواقع العملي، ومن ذلك مثلا أن يتم احالة الموظف على التقاعد قبل بلوغة السن القانونية المحدده قانونا.

ثانياً- الخطأ في تفسير القاعدة القانونية:

تتحقق هذه الحالة عندما تخطأ الإدارة في تفسير القاعدة القانونية فتعطي القاعدة معنى غير المعنى الذي قصد المشرع .

والخطأ في تفسير القاعدة القانونية أما أن يكون غير متعمد من جانب الإدارة فيقع بسبب غموض القاعدة القانونية وعدم وضوحها، واحتمال تأويلها إلى معان عدة . وقد يكون متعمداً حين تكون القاعدة القانونية المدعى بمخالفتها من الوضوح بحيث لا تحتمل الخطأ في التفسير، ولكن الإدارة تتعمد التفسير الخاطئ، فيختلط عيب المحل في هذه الحالة بعيب الانحراف السلطة .

وفي معنى الخطأ في التفسير أن تعمد الإدارة إلى مد نطاق القاعدة القانونية ليشمل حالات لا تدخل في نطاقها أصلاً، أو تضيف حكماً جديداً لم تنص عليه القاعدة القانونية . ([1])

ثالثاً- الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية:

يكون الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية في حالة مباشرة الإدارة للسلطة التي منحها القانون إياها بالنسبة لغير الحالات التي نص عليها القانون، أو دون أن تتوافر الشروط التي حددها القانون لمباشرتها . ([2])

فإذا صدر القانون دون الاستناد إلى الوقائع المبررة لاتخاذه أو لم يستوف الشروط التي يتطلبها القانون فأنه يكون جديراً بالإلغاء .

ويتخذ الخطأ في تطبيق القانون صورتين : الأولى تتمثل في حالة صدور القرار دون الاستناد إلى وقائع مادية تؤيده، ومثال ذلك أن يصدر الرئيس الإداري جزاءً تأديبياً بمعاقبة أحد الموظفين دون أن يرتكب خطأ يجيز ذلك الجزاء، أما الثانية فتتمثل في حالة عدم تبرير الوقائع للقرار الإداري، وهنا توجد وقائع معينة إلا أنها لا تكفي أو لم تستوف الشروط القانونية اللازمة لاتخاذ هذا القرار .

[1] – د. عبد الغني بسيوني – المصدر السابق – ص 627 .

[2] – د. محمد حافظ المصدر السابق – ص 41 .