الموقف الخاص في مجال التحكيم الاتفاقي

إن اتفاقية واشنطن تسمح للدولة المنظمة إليها أتناء المصادقة عليها أو في وقت لاحق إخطار المركز بتقليص اختصاصه حتى لايشمل كل القضايا أو يستثني البعض منها، نظرا لحساسيتها بالنسبة للدولة.

ومن الدول التي استعملت هذا الحق نجد المملكة العربية السعودية فيما يخص المجال البترولي، والصين كذلك التي لاتقبل اختصاص المركز إلا في القضايا التي تتعلق بالتعويض عن التأميم أو نزع الملكية. لكن البعض الأخر من الدول في قوانينها الداخلية استثنت بعض أشكال الاستثمار، إما بصورة غير مباشرة عن طريق منع الاستثمار المباشر عن طريق ضخ رؤوس الأموال، أو بصورة مباشرة عن طريق منع اللجوء إلى التحكيم في هذا المجال.

ومن بين هذه الدول نجد دولة الجزائر[1] التي بالإضافة إلى منع الاستثمار المباشر في مجال المحروقات وتفضيل عقود الشراكة، منعت التحكيم في المادة 63 من القانون رقم 89-14 المؤرخ في 19 أكتوبر 1989 كلية في هذه العقود، سواء تعلق الأمر بالعقد الذي يربط شركة سونا طراك بالمتعامل الأجنبي أو العقد الذي يربط المتعامل الأجنبي بالدولة الجزائرية .لكن التعديل الذي أتى به قانون 4 ذجنبر 1991، الذي ألغي بروتوكول العقد الذي تبرمه سونا طراك مع المتعامل الأجنبي لموافقة الحكومة وأجاز التحكيم فيه، بينما أبقى على المنع في العلاقات مع الدولة، مما يعني عدم التحجج باتفاقية واشنطن أو أي اتفاقية أخرى تحيل على المركز لجر الدولة الجزائرية أمام المركز حينما يتعلق الأمر باستثمار فيما يسمى بنشاطات المنبع أي البحث والتنقيب على المحروقات.

وفي ختام هذه النقطة يمكن إبداء الملاحظات التالية:
– أن اغلب التحكيمات التي طالتها ظاهرة تهميش الرضا كان احد أطرافها دولة نامية ، وأن موقف المحكمين فيه نوع من الغلو حينما يؤكدون اختصاصهم في ضل غياب مكشوف لاتفاق التحكيم أو يلجؤون إلى توسيع الاختصاص بشكل غير معقول ولاتقبله قواعد التفسير المعهودة.

– إن ردود الأفعال لم تكن بنفس الدرجة بين التحكيم الدولي عموما، والتحكيم في مجال الاستثمار بوجه خاص ، ففي الوقت الذي تصدى فيه قضاء بعض الدول لظاهرة تهميش الرضا نظرا لعدم وضوح مواقف الدول في قوانينها المتعلقة بالاستثمار ، أضف إلى ذلك إلحاح المراكز التحكيمية الخاصة بالاستثمار على عقد اختصاصها حتى في أعقاب حكم قضائي وطني يعترف بوجود اتفاق للتحكيم كما في قضية الأهرامات .

[1] ظاهرة تهميش الرضا المقال السابق الإشارة إليه ص 11 ومايليها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت