أثار الإندماج على عقود الإيجار

نستجلي أثار الإندماج على عقود الإيجار بالنسبة لنوعي الإندماج في السطورالتالية: أولا :ً أثر الإندماج بطريق الضم على عقودالإيجار مضى الحديث أن محصلة هذا النوع من الإندماج هو فناء الشركة المندمجة وغياب ذكرها عن

مسرح الحياة التجارية، إذ تزول شخصيتها المعنوية وتؤول ذمتها المالية بما لها وما عليها للشركة الدامجة. وتحل الأخيرة حلولا قًانونيا مًكان الشركة المنتهية، وتخلفها خلافة عامة بما لها من حقوق وما عليها منإلتزامات. والذي نحن بصدده في هذا المقام هو مصير عقود الإيجار التي إستأجرت بموجبها الشركة المندمجة عقارات لغاية ممارسة نشاطاتها. وبمعنى أدق هل ينتقل الحق في الإيجار من الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة، ويكون للأخيرة الإستمرار في إشغال المأجور دون موافقة المالك المؤجر؟ في سبيل الإجابة على هذا التساؤل نجد أن المادة 4/1/ د من قانون المالكين والمستأجرين رقم 62 لسنة 1953 تنصعلى: -1« لا يجوز لأية محكمة أو مأمور إجراء أن يصدرحكماً أوأمراً بإخراج مستأجر من أي عقار بقطع النظرعن انتهاء أجل عقد إيجاره إلا في الأحوال التالية: د- إذا أجر المستأجر بدون موافقة المالك الخطية العقار أوقسماً منه أو إذا أخلاه لشخص آخر غير المالك أو سمح بشغله من قبل شريك أو شركة أو إذا كان قد تركه بدون شغل لمدة تزيد على ستة أشهر. » إذن وفقا لًصريح هذا النص، ولما كان حلول الشركة الدامجة مكان الشركة المندمجة في حقوقها الإيجارية في المأجور يعتبر تنازلا مًن الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة التي تعتبر من الغير بالمعنى المقصود في هذا النصفإن موجب الإخلاء يكون متحققاً.

وبهذا قضت محكمة التمييزالأردنية: «يترتب على إندماج الشركة المستأجرة للعقار بشركة اخرى زوال شخصيتها الإعتبارية وتعتبرالشركة الدامجة شخصية مختلفة عن شخصية الشركة المندمجة، ويعتبر إستمرار إشغالها للمأجور دون موافقة المالك الخطية موجبا لًلاخلاء عملا بًالمادة5/ج/ 3 من قانون المالكين والمستأجرين بإعتبارها من الغير وليست طرفا فًي عقد إيجار، ولا يغير من ذلك أن جميع حقوق وإلتزامات الشركة المندمجة تؤول الى الشركة الدامجة بحدود عقد الإندماج بإعتبارها خلفا لًها عملا بًالمادة 268 من قانون التجارة، اذ أن ذلك ينصرف الى الامور المالية ، وليس في قانون الشركات رقم 1 لسنة 1989 ما يعالج حالة العقارات المستأجرة ، وبما أن قانون المالكين والمستأجرين هو القانون الذي يعالج هذه الحالة فيكون الحكم بإخلاء المأجور يتفق مع أحكام القانون. إن قياس حالة إندماج الشركة المستاجرة وحلول الشركة الدامجة محلها في حقوقها على حالة حوالة الحق يفترض توافق ثلاث ارادات هي ارادة المحيل )المستأجرة( والمحال له )الشركة الدامجة( والمحال عليه، فإذا لم يوافق المؤجر على إستمرار المميزة )الشركة الدامجة( في إشغال المأجور فيكون شرط الإخلاء قد تحقق بحقها إعمالا لًلشرط الوارد بالمادة5/ج/ 3 من قانون

المالكينوالمستأجرين.23(»( وفي ضوء ذلك لا أجاري من يقول أن الشركة الدامجة تستمر في إشغال المأجور بحكم القانون بإعتبارها خلفا عًاما لًلشركة المندمجة و تنزل منها بمنزلة الوريث منالوارث،)24 ( ذلك أن قواعد الإرث لا تطبق على الشركات. وهذا ما إنعقد عليه قضاء الهيئة العامة لمحكمة التمييزالأردنية: « إستنادا لًأحكام المواد 28 ،5 / ج، 28 / و،29 / 3 من قانون الشركات رقم 12 لسنة1964 ، تعتبر الشركة العادية العامة المستأجرة المسجلة في ظل قانون الشركات المذكور مفسوخة بسبب وفاة أحد الشركاء فيها وبإتفاق باقي الشركاء وبالتالي تنتهي وتزول شخصيتها الإعتبارية، وأن قيام الشركاء الذين تتكون منهم الشركة المفسوخة عدا المتوفى بتسجيل شركة عادية عامة بذات الإسم لا يعتبر إمتدادا لًلشركة الأولى أو خلفا لًها ولا ترث عنها حقوق الإجارة لأن قواعد الإرث لا تطبق على الشركات….25(»( وإلى ذلك ذهب الدكتور علي هادي العبيدي في مدونه شرح أحكام قانون المالكين والمستأجرين. « غني عن البيان أن نشير هنا إلى أن إنتقال حقوق الإجارة لا يمكن تطبيقه عندما يكون المستأجر شخصا مًعنوياً.26(»( ورُب قائل يٍقول أن الحق في الإيجار يعتبر عنصرا مًن عناصر المحل التجاري )المتجر()27 ( وبالتالي ينقل من السلف إلى الخلف.

هذا القول لايقوَ عند المحاققة في إسعاف قائله ذلك أن القواعد العامة الواردة في المنظومة التشريعية التجارية تجُبُها أحكام قانون المالكين والمستأجرين رقم 62 لسنة 1953 وتعديلاته بإعتبارها قواعد خاصة. وهذا الأمر غدا أمرا مًقضيا لًا شبه فيه ولامِراء حوله، وآيته قضاء محكمة التمييز الأردنية: « إن المشرع لم يتقيد في قانون المالكين و المستأجرين بالقواعد العامة و إنما وضع قواعد إستثنائية

أوجب التقيد بها وإعتبرها واجبة التطبيق بقطع النظر عن مخالفتها للقواعد العامة28(.» ( وفي هذا المقام أيضا أًخالف أستاذي الدكتور طالب حسن موسى ) 29 ( فيما ذهب إليه من القول بإستمرار عقود الإيجار وإنصرافها إلى الشركة الدامجة دون الحاجة إلى إبرام عقد إيجار جديد كون ذلك من مستلزمات المشروع الإقتصادي، مسايرة منه للشراح المصريين. ذلك أن نص المادة 4 / 1 / د السابق الإشارة إليه جاء مبلورا بًصريح عباراته لقاعدة ملزمة لا يجوز تنحيتها أو تجاوزها من أن تنازل المستأجر عن حق الإيجارة إلى الغير دون موافقة المالك الخطية يعتبر موجبا لًلإخلاء.

كما يقع القياس على الفقه المصري في هذا الخصوص في غير محله، ذلك أن المشرع المصري أبقى الباب مواربا بًما شرعه من النصوص أمام تأويلات سائغة تجيز إستمرار عقود الإيجار بالنسبة للشركة الدامجة دونما حاجة إلى موافقةالمالك.)30 ( ولما كان وجود الشركة الدامجة في المأجور لا يستند إلى أساس قانوني يجيز لها ذلك فإنها تعتبرغاصبة للعقار، وعلى المالك إقامة دعوى منع معارضة سندا لًلقواعد العامة لإزالة معارضتها إياه في منفعةالعقار.

«ما دام أن الشركة الجديدة هي التي تشغل العقار موضوع النزاع دون أن تستند إلى مسوغ قانوني فإن إشغالها له يكون غير مشروع ويتوجب على المحكمة أن تحكم بمنع معارضتها للمؤجر في العقار.31(»( وليس للمالك في هذه الحالة مخاصمة الشركة المندمجة لتنازلها عن المأجور إلى الغير سندا لًنص المادة 4 / 1 / د من قانون المالكين والمستأجرين إذ أنها بحكم الشخص المتوفى، والخصومة لا تقوم إلا بينالأحياء. « تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء فلا تنعقد أصلا إًلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت منعدمة لا ترتب أثرا وًلا يصححها إجراء لاحق، إذ لا يجوز محاكمةالميت32(»(. أما عن أثر الإندماج على عقود الإيجار بالنسبة للشركة الدامجة فإنها لا تتأثر حقوقها الإيجارية بعملية الإندماج، إذ تبقى هذه الشركة قائمة بشخصيتها المعنوية وكيانها القانوني وغاية ما في الأمر أن عليها زيادة رأسمالها بما يعادل ما آل إليها من أصول الشركةالمندمجة. ثانيا: أثر الإندماج بطريق المزج على عقودالإيجار بما أن نتاج هذا النوع من الإندماج يتجلى بمولود جديد له شخصية معنوية وذمة مالية خاصة به فإنه يعتبر من الغير بالنسبة لعقد الإيجار المبرم من قبل الشركة المندمجة، وبالتالي لا يمكنه الإنتفاع بالمأجور دون موافقة المؤجرالخطية.

الخاتمة:

وبعد، نخلص إلى عدة ملاحظات أوجزها بمايلي: 1 وجوب إجراء تعديل على قانون الشركات تُقنن بمقتضاه أحكام إندماج الشركات والآثار المترتبةعليه إزاء العقود المبرمة من قبل طرفي عقد الإندماج. 2 تعتبر الشركة المندمجة بتمام عملية الإندماج بحكم الشخص المتوفى بحيث تزول شخصيتها المعنوية وتفقد أهليتها لإكتساب الحقوق وتحملالإلتزامات. 3 تعتبر الشركة الدامجة أو الجديدة من الغيربالنسبة لعقد الإيجار المبرم بين الشركة المندمجة ومؤجر العقار، الأمر الذي يكون معه إشغال الشركة الدامجة أو الجديدة لهذا العقار غصبا لًه. السبيل لرفع يدها عنه هو إقامة دعوى منع معارضة سندا لًلقواعد العامة. 4 لا أثر للإندماج على عقود الإيجار المبرمة من قبل الشركة الدامجة، إذ تبقى هذه الشركة قائمة بشخصيتها وكيانها القانوني وغاية ما في الأمر أن عليها زيادةرأسمالها بما يعادل ما آل إليها من أصول الشركة المندمجة.

52

**************************************************************

الهوامش1 د . محمد العريني ود . محمد الفقهي، الشركات التجارية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت،ص 436 437 2 د . حسني المصري، إندماج الشركات وإنقسامها، دار الكتب القانونية، القاهرة، سنة2007 ، ص 47 د . عزيز العكيلي، الشركات التجارية في القانون الإردني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان ، ص102 3 المادة ) 276 ( من قانون الشركات لدولة الإمارات المتحدة رقم 8 لسنة 1984. 4 د . طالب حسن موسى، بحث بعنوان إندماج الشركات بموجب قانون الشركات الإردني، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد الثاني عشر، العدد الثالث، سنة1997 ، ص 14. 5 هذه المسألة تغلب عليها المشرع الإردني في المادة « 224 « من قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 حيث نصت المادة المذكورة على إعفاء الشركة الدامجة والمندمجة من جميع الضرائب والرسوم بما في ذلك رسوم نقل الملكية التي تترتب على الإندماج أو بسببه.

6 د . حسني المصري، المرجع السابق، ص 47. 7 د . عزيز العكيلي، المرجع السابق، ص 102. 8 المادة 81 من قانون الشركات الإردني رقم 12 لسنة 1964 و تعديلاته. 9 قانون الشركات الإردني رقم 22 لسنة 1997 في المادة) 222 / أ( حصر الإندماج في الشركات المتماثلة أو المتكاملة. 10 د . طالب حسن موسى، المرجع السابق، ص 20. 11 د . حسني المصري، المرجع السابق، ص 64 65. 12 د . طالب حسن موسى، المرجع السابق، ص 17. 13 د . طالب حسن موسى، المرجع السابق، ص 17. 14 د .

محمد العريني و د . محمد الفقهي، المرجع السابق،ص 447. 15 د . أحمد محرز، إندماج الشركات من الوجهة القانونية، منشأة المعارف، الإسكندرية، ص 230. 16 د . أحمد محرز، المرجع السابق، ص 230. 17 د . طالب حسن موسى، المرجع السابق ، ص 31. 18 د . أحمد محرز، المرجع السابق، ص 232 د . طالب حسن موسى، المرجع السابق، ص 32. 19 د . محمد العريني و د . محمد الفقهي، المرجع السابق،ص 450. 20 د . أحمد محرز، المرجع السابق، ص 236. 21 د . محمد العريني و د . محمد الفقهي، المرجع السابق،ص 451. 22 د . أحمد محرز، المرجع السابق، ص 235. 23 تمييز حقوق 944 /90 ، ص2213 ، سنة 1995. 24 المحامي الدكتور عثمان التكروري، بحث بعنوان إندماج الشركات والحق في الإيجار، منشور في مجلة نقابة المحامين، العدد السادس، حزيران، 1996. 25 تمييز حقوق 943 /90 ، ص 2323 ، سنة 1991. 26 من منشورات دار الثقافة، عمان، سنة2005 ، هامش صفحة 69. 27 د . علي حسن يونس، المحل التجاري، دار الفكر العربي، القاهرة ، ص 180. 28 تمييز حقوق 340 / 80 ص 766 ، سنة 1981. 29 المرجع السابق، ص 36. 30 راجع الدكتور حسني المصري ، المرجع السابق، صفحة 300 وما تلاها. 31 تمييز حقوق 343 /79 ، ص359 ، سنة 1980. 32 نقضمدني رقم 206 /2005 ، منشور في مجموعة الأحكام القضائية والمبادىء القانونية للقاضي عبد الله غزلان، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، سنة2007 ،ص274.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت