اثبات النسب في قانون الاسرة الجزائري

قبل تعديل قانون الاسرة الجزائري كانت المادة 40 تنص على مايلي:”يثبت النسب بالزواج الصحيح وبالاقرار والبينة وبنكاح الشبهة وبكل نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32و 33 و 34 من هذا القانون”
وتنص المادة 41 كذللك على انه :”ينسب الولد لابيه متى كان الزواج شرعيا امكن الاتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة”

من خلال المادتين السابقتين يثبت النسب بالزواج الصحيح ،الاقرار،البينة والنكاح بشبهة وكل نكاح تم فسخه بعد الدخول كما يثبت النسب متى كان الزواج شرعيا، وامكن الاتصال ولم ينف بالطرق المشوعة وبالنفي يكون باللعان ولكن بعد التعديل الاخير لقانون الاسرة (بموجب الامر 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 المعدل والمتمم لقانون لقم 84-11المؤرخ في 09 يونيو 1984 والمتضمن قانون الاسرة )

نلاحظ ان المشرع الجزائري قد اضاف فقرة جديدة في المادة 40 وهي الفقرة 2 والتي تنص على أنه” يجوز للقاضي اللجوء الى الطرق العلمية لاثبات النسب”، وهذا ان دل على شئ فانما يدل على ان المشرع صرح بامكانية اللجوء الى طرق علمية حديثة في اثبات النسب وهذا تماشيا مع التطورات الحديثة و للاستفادة من الاكتشافات العلمية في مجال اثبات النسب بالبصمة الوراثية الذي لقي انتشارا واسعا خاصة في الدول العربية التي بدات تمهد للعمل بها.

الملاحظ ان المشرع لم يحدد من خلال المادة 40 من قانون الاسرة اي طريقة علمية يلجا اليها في تحديد النسب ،طريقة تحليل فصيلة الدم او طريقة التحليل الجيني لل D.n.a ؟ والمعروف لدى العلماء ان تحليل الدم يعد كطريقة لنفي النسب لا لاثباته وهي غير كافية،فعلى المشرع النص صراحة على الطريقة المقصودة في ذلك .

النقطة الثانية التي نلقي عليها الضوء في الفقرة 2 من المادة 40 هي ان المشرع يجيز للقاضي استعمال الطرق العلمية :”يجوز للقاضي…..”بمعنى ان القاضي لايمكنه -في قضايا اثبات النسب -الزام اي شخص للخضوع لفحص ال D.a.n فالامر جوازي فقط .كما لايبين مصير هؤلاء الذين يقدمون ادعاءات باطلة ويتم اخضاع اشخاص الى تحاليل تنفي نسب او علاقة الاطفال بهم ،على المشرع فرض عقوبات رادعة في مجالات مماثلة حتى لايتم التشهير ام تشويه سمعة الاخرين .

ان العودة للاحصائيات المقدمة من طرف وزير التضامن الجزائري حول امكانية تحديد هوية ما يقارب 21 الف طفل غير شرعي في الجزائر باستخدام تحاليل ال D.n.a ،في الحقيقة امر يجب التوقف عنده ، فالقاعدة الشرعية تقول :”الولد للفراش وللعاهر الحجر “، ويرى الفقهاء ان البصمة الوراثية لا يثبت فيها النسب في حالة الزنا ، ولايمكن في اي حال من الاحوال الاعتماد عليها لوحدها اذا كانت هنا امكانية الاعتماد على الطرق الشرعية .
لقد اصاب المشرع الجزائري عندما نص على امكانية اللجوء الى تحليل D.a.n لاثبات النسب ذلك لانها قرينة قوية ياخذ بها الفقهاء في مجال اثبات النسب ، ويمكن الاعتماد عليها في تحديد هوية الاطفال في حالة ضياعهم او اختلاطهم في المستشفيات او مراكز رعاية الطفولة كذلك يمكن التعرف على الجثث المشوهة بسبب الحوادث و الحروب والكوارث.

لكن يجب على المشرع اعادة النضر في المادة 40 مع الاخذ بعين الاعتبار الضوابط الشرعية عند اللجوء الى فحص D.a.n، من جهة اخرى يجب سن نصوص تنظيمية لتحديد الكيفيات ولاجراءات المتبعة في حالة اجراء الفحص،وضع الضوابط والاحتياطات لضمان صحة وسلامة نتائج التحاليل: كتوفير الأجهزة والمواد الكيميائية اللازمة ، إجراء التحاليل تحت إشراف ومراقبة المختصين وخبراء في هذا المجال ويجب أن تكون المخابر التي تجرى فيها عملية الفحص تابعة للدولة درءا لأي تلاعب في النتائج وحتى لا تكون وسيلة للربح في أيدي الخواص .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت