يعتبر عقد الايجار من أهم العقود التي‮ ‬تنظم معاملات الناس،‮ ‬وقد عنيت الشريعات منذ القدم بوضع الاحكام والضوابط التي‮ ‬تحكم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في‮ ‬ضوء النظام الاقتصادي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬السائد في‮ ‬الدولة‮.‬

– ‬وقد حظى عقد الايجار،‮ ‬خاصة ايجارات العقارات باهتمام بالغ‮ ‬من المشرع الكويتي‮ ‬نظراً‮ ‬لخطورة شأنه وكثرة تداوله وأثره البالغ‮ ‬على كثير من نواحي‮ ‬النشاط الاقتصادي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬في‮ ‬الدولة‮.‬

– ‬ولقد حدثت في‮ ‬الفترة الأخيرة ومع بداية السبعينات تطورات اقتصادية كبيرة انعكس اثرها على ايجار العقارات وازدياد اسعارها،‮ ‬ونشوء بعض الازمات في‮ ‬العرض والطلب،‮ ‬ما ادى الى تدخل سريع من المشرع بصدور القانون رقم‮ ‬35‮ ‬لسنة‮ ‬1978‮ ‬في‮ ‬شأن ايجار العقارات،‮ ‬وبالرغم من ان هذا التدخل من المشرع لا‮ ‬يغني‮ ‬عن اعادة النظر في‮ ‬القانون ككل،‮ ‬ووضع الاحكام الجديدة التي‮ ‬تتفق مع ما استجد من تطورات،‮ ‬ويعيد التوازن بين مصالح طرفي‮ ‬العقد في‮ ‬ضوء المصلحة العامة للمجتمع وبما‮ ‬يتفق مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية،‮ ‬ويكفل تحقيق العدالة بين المؤجر والمستأجر‮.‬

– ‬وكثيراً‮ ‬ما تثور الخلافات والمنازعات بين الافراد في‮ ‬شأن العقود المختلفة التي‮ ‬يبرمها بل ويستفحل امرها على نحو‮ ‬يجعل لجوءهم الى القضاء امراً‮ ‬لا مفر منه،ولعل عقد ايجار العقارات من بين اكثر العقود اثارة للخلاف في‮ ‬الواقع العملي،‮ ‬لاسيما في‮ ‬الكويت،‮ ‬وليس أدل على ذلك‮ ‬غير المئات من القضايا التي‮ ‬ينظرها القضاء الكويتي‮ ‬سنوياً،‮ ‬والتي‮ ‬ترتبط بعقود الايجار بشكل خاص،‮ ‬وفيما‮ ‬يتعلق بمسببات هذه الظاهرة التي‮ ‬لا‮ ‬يختص بها المجتمع الكويتي‮ ‬دون‮ ‬غيره من المجتمعات،‮ ‬فان عوامل كثيرة انما تقف وراء الخلافات التي‮ ‬تقوم بين طرفي‮ ‬العقد ومن اهمها‮:‬

كثرة الالتزامات التي‮ ‬تتولد عن عقد الايجار على عاتق اطرافه،‮ ‬ما‮ ‬يزيد من احتمال الاختلال من قبل احدهم راغباً‮ ‬ام مرغماً،‮ ‬هذا عدا عن ارتباط هذه الالتزامات بعنصر الزمان،‮ ‬ما‮ ‬يتطلب مجهوداً‮ ‬مستمراً‮ ‬في‮ ‬التنفيذ من قبل المؤجر والمستأجر فيزيد في‮ ‬احتمال وقوع تقصير من قبل احدهما‮.‬

بل ان فكرة عنصر الزمان هذه تؤثر في‮ ‬العلاقة الايجارية من ناحية اخرى،‮ ‬حيث‮ ‬يتعلق الامر بالمعطيات الاقتصادية والمادية،‮ ‬اذ ان هذه المعطيات تتأثر وبلا شك بمرور الزمان،‮ ‬ما‮ ‬يؤدي‮ ‬الى تغييرها على نحو‮ ‬يخدم مصلحة المؤجر احياناً‮ ‬او على نحو‮ ‬يخدم مصلحة المستأجر احياناً‮ ‬اخرى،‮ ‬وهي‮ ‬حالة انخفاض الاسعار،‮ ‬اضافة لذلك فإن مرور الوقت وما‮ ‬يؤدي‮ ‬اليه من تلف في‮ ‬العقار او ارتفاع في‮ ‬قيمته او انخفاضها،‮ ‬بل والتطورات التي‮ ‬تحدث في‮ ‬منطقة العقار،‮ ‬وفي‮ ‬حالة العقارات والخدمات المحيطة به مع مرور الوقت انما هي‮ ‬عوامل تؤثر في‮ ‬قيمة الايجار سلباً‮ ‬او ايجاباً‮.‬

واخيراً،‮ ‬وليس آخراً،‮ ‬فإن التغييرات التي‮ ‬تطرأ على اوضاع اطراف العقد انفسهم،‮ ‬قد تكون وراء الخلافات التي‮ ‬تثور في‮ ‬شأن العلاقة الايجارية،‮ ‬فقد تتغير الحالة الاجتماعية لاحد الاطراف،‮ ‬او الحالة المالية لاي‮ ‬منهما،‮ ‬ومن ثم تنعكس هذه التغييرات على العلاقة الايجارية بشكل لا جدال فيه‮.‬

اورد القانون رقم‮ ‬35‮ ‬لسنة‮ ‬1978‮ ‬في‮ ‬شأن ايجار العقارات في‮ ‬مادته الرابعة تعريفاً‮ ‬لعقد الايجار،‮ ‬تبين منه انه عقد رضائي‮ ‬يقع فيه التراضي‮ ‬على عناصر ثلاثة هي‮: ‬منفعة العين المؤجرة والمدة والأجرة،‮ ‬والمدة هي‮ ‬مقياس الانتفاع بالعين المؤجرة،‮ ‬لأن الايجار عقد زمني‮ ‬من خصائصه التوقيت،‮ ‬ومن ثم تقاس منفعة العين فيه بمقياس زمني،‮ ‬ولكن‮ ‬يقع احياناً‮ ‬ان‮ ‬يسكت المتعاقدان عن المدة فلا‮ ‬يعرضان لها اصلاً‮ ‬وقد‮ ‬يتفقان على ان‮ ‬يكون الايجار لمدة‮ ‬غير معينة او لمدة معينة‮ ‬يتعذر على ايهما اثباتها،‮ ‬ففي‮ ‬جميع الاحوال لا‮ ‬يبطل الايجار بسبب تجهيل المدة ولكنه‮ ‬يكون صحيحاً‮ ‬ويتكفل القانون بتحديد المدة مقرراً‮ ‬ان الايجار‮ ‬يعتبر منعقداً‮ ‬لمدة متتالية كل مدة منها هي‮ ‬المدة المحددة لدفع الاجرة،‮ ‬ما مفاده انه اذا كانت الاجرة تدفع مشاهرة على حسب المعتاد بالنسبة للمنازل كانت مدة الايجار شهراً‮ ‬يمتد الى شهر ثان فثالث فرابع وهكذا الى ان‮ ‬ينقضي‮ ‬بسبب قانوني،‮ ‬ويجري‮ ‬الأمر على هذا الغرار اذا كانت الأجرة تدفع سنوياً‮ ‬او لفترة اخرى،‮ ‬وجاءت المادة‮ ‬26‮ ‬مكرراً‮ »‬ب‮« ‬من القانون رقم‮ ‬35‮ ‬لسنة‮ ‬1978‮ ‬في‮ ‬شأن ايجار العقارات لتنص على انه‮ »‬يجوز للمؤجر في‮ ‬العقارات المؤجرة لغرض السكن انهاء عقد الايجار بعد مضي‮ ‬خمس سنوات من تاريخ العقد،‮ ‬ما لم‮ ‬يتفق الطرفان على مدة أطول من ذلك،‮ ‬ويمتد العقد بالنسبة الى المؤجر لمدة او لمدد مماثلة ولكن بالشروط التي‮ ‬يتفق عليها الطرفان،ما لم‮ ‬ينبه المؤجر المستأجر برغبته في‮ ‬اخلاء العين قبل انقضاء ثلاثة اشهر على الاقل من السنة الاخيرة‮«.‬

خالد خليل القطان

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .