_ أولاً : أهم الانتقادات التي وجهت الى المجلس الدستوري الفرنسي : 

النقد الأول : 

من حيث تشكيله يشكل المجلس الدستوري الفرنسي من 9 أعضاء ، 3 أعضاء يتم اختيارهم من رئيس الجمهورية و 3 أعضاء يتم اختيارهم من الجمعية الوطنية و 3 أعضاء يتم اختيارهم من مجلس الشيوخ . فهم أعضاء من رجال السياسة أي من الانتماءات السياسية والانتماءات الحزبية بما يخشى معه امكان سيطرة الانتماء الحزبي على عمل المجلس الدستوري الفرنسي والتأثير على استقلاليته في أداء عمله . وكان دور اللجنة الدستورية في رقابة مشروعات القوانين قبل دستور 58 يقتصر على التوفيق بين مجلس البرلمان والدستور في محاولة لتغليب القانون علىمبادئ الدستور ، فكانت تقترح التعديلات الدستورية لما يخالف القانون كانت رقابة الدستورية بالعكس أي أن القانون حينما يخالف الدستور كانت اللجنة الدستورية تقترح التعدلات الدستورية لما يتماشى مع القانون لكن مجلس الدستوري الفرنسي حافظ على المبادئ الدستورية وكانت رقابة فعالة لدستورية مشروعات القوانين المعروضة عليه .

النقد الثاني : 

حيث يتمثل هذا النقد الموجه الى رقابة المجلس الدستوري الفرنسي الجهة المناط بها تحريك رقابة الدستورية أي الجهة التي تحيل مشروع القانون الى المجلس الدستوري فهنا نلاحظ أن الجهة التي تحيل مشروع القانون الى المجلس الدستوري هي جهة سياسية . فالمشكلة ان احالة مشروعات القوانين تتم من رجال السياسة أي لهم انتماءات سياسية أو حزبية وبالتالي فاحالة مشروعات القوانين تتم بناء على اتجاهات سياسية أو لأهداف سياسية بعيدة الصلة عن موضوع دستورية القانون في حين أن جوهر رقابة الدستورية يقتضي استهداف غايات قانونية وهى مدى مطابقة مشروعات القوانين لنصوص الدستور .

الانتقاد الثالث : 

أن هناك من القوانين التي ينحسر عنها رقابة المجلس الدستوري وهى القوانين التي يتم اقرارها من قبل استفتاء شعبي . فذهب البعض الى أن ذلك حق التصديق الشعبي فالشعب هو مصدر السلطات لأنه صاحب السيادة الشعبية وبالتالي فاقراره قانون معين يعد مشروع لكن في نفس الوقت الشعب أيضاً أقر الدستور ويلتزم أن نطابق بين النصوص القانونية والدستور . اذن القوانين التي يتم استفتاء الشعب عليها لا يطبق بشأنها رقابة المجلس الدستوري لفكرة التصديق الشعبي .

الانتقاد الرابع : 

أن الأفراد ليس لهم في أي حال من الأحوال الطعن على قانون معين للاشتباه في مخالفته للدستور أي أن الأفراد ليس لهم من سبيل للالتجاء الى القضاء الدستوري أو المجلس الدستوري اذا ما اشتبهوا في عدم دستورية قانون فرقابة المجلس الدستوري الفرنسي تحرك باحالة مشروع القانون من الجهات المناط بها ذلك .

_ ثانياً : دافع كثير من الفقهاء في فرنسا عن نظام الرقابة السابقة من قبل المجلس الدستوري الفرنسي : المزايا : 

 ان الرقابة السابقة من خلال المجلس الدستوري الفرنسي يتفادى بها الكثير من العيوب الموجهة الى فكرة الرقابة اللاحقة وما تثيره من جدل يتعلق بآثار الحكم بعدم دستورية قانون تم تطبيقه ، فالواقع العملي أي أن هناك قانون صدر وتم تطبيقه فهنا توجد مشكلة أن هذا القانون منذ صدوره غير دستوري فهنا الرقابة السابقة تحول دون وجود هذه المشكلة . 

والجدير بالذكر أنه في بعض الأحيان في أحكام المحكمة الدستورية العليا أن تحكم بعدم دستورية بعض النصوص وترتب هي بنفسها آثار الحكم فأحياناً تقرر فكرة الأثر الرجعي لحكمها ثاني ميزة لهذه الرقابة .

كما ان الرقابة بواسطة هيئة سياسية تتميز بمرونة أكثر من رقابة المحاكم عن طريق القضاة لأن القضاة يميلون أكثر الى استقرار الأوضاع القائمة فاختيار بعض أعضاء المجلس الدستوري في البرلمان يجعل السلطة التشريعية أكثر تقبلاً لقرارات المجلس الدستوري .

وبالرغم من أن أعضاء المجلس الدستوري يغلب على تشكيلها هيئة سياسية الا أنه تميز في الواقع العملي حيث أصبح هناك فعالية أكثر فقد أرسى الكثير من المبادئ الدستورية لكن بالرغم من ذلك ان هذه الظروف اذا طبقت في فرنسا فقط لا يجوز أن تطبق في مصر نظراً لاختلاف الظروف والواقع التي تطبق فيه .

وأيضاً فقد أقر المجلس الدستوري لنفسه حق التصدي لكل نصوص القانون المحال اليه .

كما اعترف المجلس الدستوري بالقيمة الدستورية لمبادئ ونصوص اعلان حقوق الانسان ومبادئ مقدمة دستور 1946 فمد نطاق اختصاصه الى النظر في مدى مخالفة القانون لهذا الاعلان باعتباره له نفس القيمة الدستورية بما يحفظ حقوق وحريات الأفراد .