المهــايأة

المحامية / سهى منذر
المهايأة في اللغة : ( وتسمى أيضاً بالمهاناة بالنون ، لأن كل واحد من الشركاء هنأ صاحبه بما أراد ، وأيضاً سميت بالمهابأة بالباء لأن كل واحد من الشركاء وهب لصاحبه الاستمتاع بحقه ، وهيّأ الأمر تهيئةُ : أصلحه فهو مهيّأ ، ومنه الهيئة وهي صورة الشيء وشكله وحالته ، وذوي الهيئات الحسنة أي الذين بلزمون حالة وسمة واحدة ، لا تختلف حالاتهم بالتنقل من هيئة الى هيئة ) .

اما في الاصطلاح فان القانون المدني العراقي النافذ جاء خلوا من اي تعريف للمهاياة ولكن عرفتها مجلة الأحكام العدلية العراقية في م (1174) بأنها (( عبارة عن قسمة المنافع )) وقد أقتبس بعض فقهاء القانون هذا التعريف من المجلة فعرفوا المهايأة بأنها : ( قسمة منافع الشيء لا أعيانه ) بينما يراها بعض الفقهاء على انها : ( مقايضة انتفاع بانتفاع ) .

وبناء على هذه التعريفات الفقهية يمكن ان نحدد بعض السمات والخصائص التي تتميز بها قسمة المهاياة فمن ناحية انها تتم ابتداء بالاتفاق بين الشركاء لذلك فهي نتاج عقد وهي من العقود الملزمة للجانبين حيث ترتب حقوقا والتزامات متبادلة بين الاطراف المتعاقدة و بالرغم من كونها عقدا فانها تعتبر من العقود الرضائية التي لا تحتاج الى شكلية معينة لانعقادها بل يكفي وجود الرضا الصحيح الصادر من ارادة حرة وتبقى من العقود الرضائية حتى لو كانت واردة على عقار ،

كما ان قسمة المهاياة تنصب على منافع الشيء او المال شانها في ذلك شان عقد الايجار وبذلك فانها قسمة منافع وليست قسمة اعيان واستنادا الى القانون المدني العراقي فان قسمة المهاياة تؤدي الى انهاء حالة الشيوع مهما طالت مدتها ، ومن خصائصها الاخرى انها لايمكن ان ترد الا على اشياء غير قابلة للاستهلاك لان من التزامات الشريك او المتعاقد على المهاياة انه يلزم برد المال الشائع عند انتهاء عقد المهاياة .

وقد اشار المشرع العراقي الى ان عقد المهأياة من عقود الادارة وحدد مدتها بخمس سنوات فقط وذلك استنادا الى المادة ( 1078 ) من القانون المدني العراقي .

ويعتبر عقد المهاياة من عقود المعاوضة لان المتهايئ ينتفع بالمال الشائع لمدة تتناسب مع حصته مقابل التزامه بتمكين شريكه المتهايئ الاخر بالانتفاع بالمال المتهايئ عليه كذلك .

ان من اهم الاسباب التي تدفع الاشخاص الى عقد المهأياة هي : عدم قابلية المال الشائع للانتفاع المشترك وذلك في حالة كونه مثلا منزلا صغيرا يتكون مثلا من ثلاث غرف في حين ان الشركاء فيه على الشيوع هم ثمانية اشخاص او ان المال الشائع يكون عبارة عن سيارة يشترك فيها ثلاثة شركاء ففي هاتين الحالتين يستحيل على هؤلاء الشركاء الانتفاع بتلك الدار او السيارة الا عن طريق عقد المهاياة الذي يتيح لهم قسمة منافعه وكذا الحال اذا كان المال عبارة عن قطعة ارض زراعية تملكها مجموعة من الشركاء وقد اختلفوا في الطريقة التي تمكنهم من الانتفاع بها فاحدهم يريد زراعتها قمحا والثاني ذرة والثالث يريد زراعتها بالخضراوات فهنا لاسبيل لهؤلاء الا بعقد مهاياة لغرض الانتفاع بتلك الارض .

اما السبب الثاني الذي يدفع الشركاء الى عقد المهاياة هو عدم رغبتهم في انهاء حالة الشيوع وانهم مقتنعون من ان المنفعة التي سيحصلون عليها من ذلك المال في حالة المهايأة هي اكبر من تلك التي سيحصلون عليها في حالة قسمة المال الشائع وانهاء حالة الشيوع او لاسباب قد تكون اجتماعية ( كما في حالة امتلاك المال الشائع من قبل مجموعة اشقاء ) او قد تكون تلك الاسباب اقتصادية ( كأن يكون ربحهم اعلى في حالة المهاياة منه في حالة انهاء حالة الشيوع وتقسيم المال فيما بينهم ) فيلجأون الى المهاياة من خلال اتفاقهم على البقاء في حالة الشيوع مع اقتسام منافع المال فيما بينهم وتنظيم ذلك الانتفاع من خلال المهاياة .

وتكون المهاياة على نوعين : مهاياة مكانية ومهاياة زمانية ، فالمهاياة المكانية ( تمنح لكل شريك في المال الاختصاص بجزء من المال الشائع يعادل حصته الشائعة ) او هي : (اتفاق الشركاء بان يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يساوي حصة في المال الشائع على أن يتنازل مقابل ذلك عن باقي الأجزاء ) ويترتب على ذلك ان يكون للشريك حق الاستعمال والاستغلال بشرط عدم الاضرار بالمال الشائع او استعماله لغير الغرض الذي اعد من اجله وتكون مدتها خمس سنوات وفي حال اتفاق الاطراف المتعاقدة على اكثر من هذه المدة فانه يتم تخفيضها الى المدة المذكورة المادة ( 1078 / الفقرة 1 ) من القانون المدني العراقي النافذ ،

اما المهاياة الزمانية ( فتخول الشريك الاختصاص بكل المال الشائع لمدة معينة ) وهذا مانصت عليه المادة (1078 ف 2 ) بقولها : ( ويصح أن تكون المهايأة زمانية ، بأن يتفق الشركاء على أن يتناوبوا بالانتفاع بجميع المال الشائع كل منهم لمدة تتناسب مع حصته ) وغالبا ما تكون في المنقولات وليست العقارات حيث يصعب قسمتها بين الشركاء فيلجأون الى المهاياة الزمانية بان يستاثر كل شريك بالمال المنقول المشترك مدة معينة من الزمن تتناسب مع مقدار حصته في المال الشائع. ويضيف جانب من الفقه وتؤيده في ذلك بعض التشريعات نوعين اخرين من المهاياة وهما : المهاياة الرضائية والمهاياة القضائية ، فالمهاياة الرضائية هي الاصل في عقد المهايأة اذ انه لا يتم الا رضاء حيث انها تتم باتفاق الشركاء على تنظيم الانتفاع بالمال الشائع سواء عن طريق المهاياة المكانية ام الزمانية .

اما بالنسبة للمهاياة القضائية فهي استثناء على الاصل اذ نصت المادة ( 1080 ) من القانون المدني العراقي على انه : (اذا لم يتفق الشركاء على المهايأة في المنقول ، ولم يطلب أحدهم إزالة الشيوع فللشريك الذي طلب المهايأة مراجعة محكمة البداءة لاجرائها) وينبغي ان نلاحظ هنا ان المشرع العراقي حصر المهاياة في المنقولات من دون العقارات والسبب في ذلك هو رغبة من المشرع في تضييق نطاقها كونها استثناء على الاصل العام كما ان هذا الاجراء واعني المهاياة القضائية هو اجراء مؤقت يسبق القسمة النهائية خصوصا وان القسمة النهائية او ازالة الشيوع هو اجراء يتطلب وقتا طويلا واجراءات معقدة وبحسب جانب من الفقه ان هذا الاجراء واعني المهاياة القضائية يؤدي الى استقرار الاوضاع بين الشركاء وعدم اثارة المشاكل فيما بينهم لحين اجراء القسمة النهائية.