– تقنين الوقف بين الاستقلالية والتبعية:

يثير العديد من الباحثين تساؤلا مهما حول الأسلوب الأمثل لتقنين أحكام الوقف،

هل هو وضع قانون مستقل كما هو في قوانين الوقف في السودان، والكويت ، وقطر، واليمن، والجزائر وغيرها ؟

أو جعل أحكام الوقف ضمن القانون المدني، أو اعتباره من مسائل الأحوال الشخصية ؟

ويبرر القائلون بتدوين أحكام الوقف ضمن مدونة القانون المدني[1]:
أ‌-أن الوقف باعتباره تصرفا قانونيا بإرادة منفردة لا يصنف فقها ضمن أبواب العبادات وإنما ضمن المعاملات المالية كالهبة.

ب‌-رغم أن ثمة فوارق بين الهبة والوقف من حيث التكييف القانوني إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون سببا جوهريا في استبعاد أحكام الوقف من مدونة القانون المدني.

ت‌-رغم التشابه القائم بين الوصية والوقف مما يبرر إلحاق الوقف بمدونة الأحوال الشخصية، لكن هذا التشابه الظاهري يخفي اختلافا جذريا بينهما؛ إذ الوصية وثيقة الصلة بالميراث من حيث إن كلا منهما تصرف مضاف إلى ما بعد الموت.

النتيجة: يتضح من المبررات السابقة أن تقنين أحكام الوقف في إطار القانون المدني أجدى وأنفع من أن يكون قانونا مستقلا أو ضمن مدونة الأحوال الشخصية[2].

أما من ألحق الوقف بمدونة الأحوال الشخصية: فلأنه صنف الوقف والهبة والوصية على أنها من عقود التبرعات تقوم على فكرة التصدق المندوب إليه، مما يؤدي إلى اعتبارها من مسائل الأحوال الشخصية[3].

ورغم كل ما ذكر، فإن إصدار قانون مستقل للوقف عن مدونة الأحوال الشخصية، ومدونة القانون المدني هو الأولى في نظري ؛ لأن ذلك يتواءم

والطبيعة الخاصة للوقف من حيث:
-الملكية: فهو يخرج من ملك الواقف إلى حكم ملك الله عز وجل.
-من حيث التصرف: مقيد بشرط الواقف الذي شرطه كشرط الشارع.
-من حيث الإدارة: فالناظر مجرد وكيل في التصرف يده على أموال الوقف يد أمانة، لا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير .

[1] انظر: الفزيع، أنور، الإطار التشريعي لنظام الوقف في البلدان العربية: شبه الجزيرة العربية، ورقة مقدمة لندوة “نظام الوقف والمجتمع المدني في الوطن العربي”، بيروت: 2001م، ص4 .

[2] انظر: المرجع السابق ص5.

[3] انظر: حسان، أحمد أمين، و عبد الهادي، فتحي، موسوعة الأوقاف، الاسكندرية: الناشر منشاة المعارف، 2002 ، ص54 .