تفسير سلطة الدولة في فرض الضرائب طبقاً لنظرية العقد الاجتماعي

ظهرت هذه النظرية في القرن الثامن عشر ونادى بها الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو وتنطلق هذه النظرية من فكرة العقد الاجتماعي وفسر انصاره هذه النظرية الاساس الذي تستند اليه السلطة في فرضها للضرائب بوجود عقد اجتماعي يبرم بين السلطة العامة والافراد وبموجبه يتم تنازل الافراد عن جزء من حرياتهم مقابل حماية الجزء المتبقي كذلك تنازلهم عن جزء من املاكهم مقابل حماية الجزء المتبقي لديهم . وبتعبير ادق يقول انصار هذه النظرية انه تم بين الافراد والسلطة عقد مالي يلتزم الافراد بموجبه ان يدفعوا الضريبة للدولة في مقابل المنافع التي يحصلون عليها من وجود الهيئات العامة

وعلى الرغم من اتفاق انصار هذه النظرية على فكرة العقد الاجتماعي كاساس لفرض الضريبة فانهم اختلفوا في بيان طبيعة هذا العقد . فقال ” آدم سميث “(*) بانه عقد بيع خدمات ، فالدولة تبيع خدماتها للافراد وتحصل على مقابل يتمثل بثمن هذه الخدمات وقد شبه بصورة ضرائب . وقال ” تييه ” بانه عقد شركة فشبه الدولة بانها شركة انتاج كبرى ، والشركاء فيها هم الافراد الذين يؤدون عمل محدد ويتحملون في سبيله نفقات خاصة . والى جانب هذه النفقات هناك نفقات عامة يؤديها مجلس ادارة الشركة ” السلطة التنفيذية ” تهدف من خلال تحقيق المنفعة العامة لجميع الشركاء . وهذا يتطلب من الشركاء المساهمة في تمويلها وهذه هي الضرائب المفروضة عليهم .

واخيرا فان الفقيه ” جيرار ” قال في تكييفه لهذا العقد بانه عقد تأمين تؤمن الدولة بموجبه على المواطنين من الاخطار مقابل حصولها على قسط التأمين الذي يكون في صورة ضريبة

الا ان هذه النظرية لم تسلم من الانتقاد ومن اهم الانتقادات التي وجهت لها هي
1. لايوجد دليل على قيام مثل هذا التعاقد بين السلطة العامة والافراد لا في النطاق الدستوري ولا في النطاق المالي .

2. عدم وجود تناسب بين المنافع التي يحصل عليها الافراد والضرائب التي يدفعونها كذلك فانه من الخطأ ان نمثل السلطة العامة بشركة انتاجية لان السلطة العامة تقوم بتقديم خدمات اخرى تتطلبها المصلحة العامة ككل .

3. اما عن عقد التأمين فان الدولة لا تقتصر خدماتها فقط على المحافظة على اموال الافراد بالاضافة الى ان الدولة تعوض الافراد عن الخسائر والاضرار التي تصيب املاكهم كما هو الحال عليه في عقد التأمين . وعلى الرغم من هذه الانتقادات التي وجهت لنظرية العقد الاجتماعي الا انه لايمكن ان نغفل ما جاءت به هذه النظرية من ضرورة تتمثل في انه يجب على الدولة ان تستخدم حصيلة الضرائب في توفير الخدمات التي تحقق النفع العام للافراد والا فانها لايحق لها ان تمارس السيادة على الافراد الموجودين على اقليمها لانها اخلت بواجباتها تجاههم .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت