جريمة الاختلاس في القانون الجنائي اليمني – دراسة مقارنة

 

بواسطة باحث قانوني
محـــــــــــــاماة نت .. كتابات ومناقشات قانونية
جريمة الاختلاس في القانون الجنائي اليمني – دراسة مقارنة

الباحث: أ / حمود أحمد عبده المساح
الدرجة العلمية: ماجستير
الجامعة: جامعة عدن
بلد الدراسة: اليمن
لغة الدراسة: العربية
تاريخ الإقرار: 2008
نوع الدراسة: رسالة جامعية

تم بعونه تعالى وتوفيقه إنجاز هذه الدراسة والموسومة بـ (جريمة الاختلاس في القانون الجنائي اليمني) “دراسة مقارنة” حيث تناولت هذه الدراسة موضوعها من وجهة نظر المشرع اليمني وفقهاء القانون مع المقارنة ببعض التشريعات الجنائية العربية ومنها قانون العقوبات المصري ، ومن خلال الاستعراض العام لهذه الجريمة وما تم التطرق إليه من صورها وأركانها وكيفية ارتكابها والعقوبات الخاصة بها والتي أصبحت أحد جرائم الفساد الأكثر انتشاراً على الصعيد الوطني والدولي لما تسببه من آثار سلبية تظهر على برامج التنمية وبالتالي توثر في المصلحة العامة للجميع.. استخلص النتائج والتوصيات الآتية:
أولاً: النتائج:
1- لم يقدم المشرع اليمني تعريفاً لمفهوم الاختلاس وإنما اكتفى بالإشارة إلى فعل الاختلاس وهو اخذ المال العام أو الاستيلاء عليه من قبل الموظف العام ,وبذلك فقد ميز المشرع اليمني بين الاختلاس وبين الاستيلاء في نص المادة(162 ) من قانون الجرائم والعقوبات رقم (12) لسنة 1994م وذلك في الفقرتين (2.1) حيث نص على جريمة الاختلاس في الفقرة (1) وجريمة الاستيلاء في الفقرة(2).
2- لم يضع المشرع اليمني تعريفاً محدداً للموظف العام كركن مفترض في جريمة الاختلاس ، وإنما توسع عند تحديده لمدلول الموظف العام إذ خرج عن الإطار المنصوص عليه في قانون الخدمة المدنية وحسن فعل المشرع في هذا التوسع تواكباً للخصوصية (الذاتية ) التي يتمتع بها القانون الجنائي وعد كل من يشغل منصباً تشريعياً أو تنفيذياً أو إدارياً أو استشارياً أو قضائياً ، موظفاً عاماً.
3- أن الاختلاس اصطلاحاً لا يختلف عن معناه في اللغة حيث يعد استيلاء على المال , وبان استيلاء الموظف العام على المال الموجود في حيازته بسبب وظيفته يعد اختلاساً بالمفهوم الخاص , وذلك لتميزه عن جريمة السرقة حيث تقع السرقة بفعل الأخذ , بينما يقع الاختلاس بسبب وجود المال في حيازة الموظف العام ويكفي فقط لتمام الجريمة أن يغير الموظف العام نيته على المال العام, أي أن يحوزه لحسابه الخاص بدلاً من حيازته لحساب الدولة .
4- أن مدلول المال محل الاختلاس في القانون الجنائي أوسع منه في القانون المدني ، فيعد كل شيء يصلح لأن يكون محلاً لحق من الحقوق موضوعاً لجريمة الاختلاس ولو كان غير مباح التعامل به شرعاً أو خارجاً عن التعامل بطبيعته ، ويعد ذلك مظهر من مظاهر بسط الحماية الجنائية للأموال العامة.
5- أن المال محل الاختلاس لا يقتصر على الأشياء التي لها كيان مادي ملموس ، بل إن الأموال التي لها كيان معنوي (كالبرامج والمعلومات والبيانات المخزنة بتلك البرامج) أو في جهاز الحاسوب الآلي أو على شرائط ممغنطة تصلح لأن تكون محلاً لجريمة الاختلاس ، وإن لم يكن لها كيان مادي ملموس .
6- وجود فراغ تشريعي بشأن تحديد طبيعة المال محل الاختلاس وكذا تحديد بعض الأفعال الإجرامية والتي يمكن أن تمثل فعل الاختلاس عن طريق الحاسوب الآلي والتي لا تخضع للقواعد القانونية التقليدية وبالتالي يمكن أن يشكل ذلك صعوبة في مدى انطباق النص القانوني عندما يكون محل الاختلاس مالاً له كيان معنوي (كالبرامج والمعلومات والبيانات) .
7- يستلزم لتحقق المساهمة الأصلية في جريمة الاختلاس أن يكون المساهم الأصلي موظفاً عاماً وأن يكون مختصاً بحيازة المال لحساب الدولة ، فإذا انتفت صفة الاختصاص بحيازة المال لحساب الدولة انتفت تبعاً لذلك المساهمة الأصلية في هذه الجريمة ولو كان المساهم موظفاً عاماً أما المساهمة التبعية فإن الصورة الوحيدة لانطباق أحكامها في جريمة الاختلاس هو حالة ما إذا كان المساهم التبعي (الشريك) موظفاً عاماً لا شأن لوظيفته في ارتكاب الفاعل الأصلي لجريمة الاختلاس ) أو شخصاً لا يحمل صفة الموظف العام (آحاد الناس).
8- لا تقوم جريمة الاختلاس في ركنها المعنوي ألا بتوافر القصد العام أي قيام عنصري العلم والإرادة لدى المختلس وتوافر القصد الخاص وهو نية المختلس في تملك المال العام الذي يحوزه لحاسب الدولة.
9- أن العقوبة الأصلية المقررة لجريمة الاختلاس وهي (الحبس) الذي لا يزيد عن سبع سنوات ،وهذا لا يحقق الحماية الجنائية للمال العام خاصة إذا علمنا بأن المشرع اليمني قد وضع الحد الأقصى ولم يضع الحد الأدنى للعقوبة ,وبالعودة إلى نص المادة(39) من القسم العام من قانون الجرائم والعقوبات فان الحد الأدنى هو الحبس الذي لا يقل عن (24) ساعة وهو الأمر الذي يستطيع معه القاضي تطبيق نظام إيقاف التنفيذ طبقاً لنص المادة (118) من قانون الجرائم والعقوبات إذا نزل بالعقوبة إلى سنة ومادون ذلك بناء على سلطته التقديرية .
10- أن المشرع اليمني لم يضع أحكاما خاصة لجريمة الاختلاس كالعقوبات التكميلية ومتى يشدد العقاب أو يعفى عنه ، وإن اكتفى فقط بالنص على تخفيف العقوبة وفقاً والأحكام الخاصة في قانون مكافحة الفساد ، كما أن المشرع اليمني لم يضع عقوبات مالية مثل الغرامة المثلية توقع إلى جانب عقوبة الحبس وذلك لردع الجاني وحماية المال العام بفاعلية أكبر.
11- أن العقوبات التكميلية المقررة لجريمة الاختلاس وفقاً للأحكام العامة ومنها حرمان الموظف العام من الوظيفة ومزاياها هي عقوبات جوازيه تخضع لتقدير القاضي، وهذا ما يضعف الحماية الجنائية للمال العام ويفقد الدولة موارد هامة يحرم منها عامة الناس لذلك فأن ضرر الجريمة يصل إلى أفراد المجتمع بصورة عامة.
12- القصور المتمثل في عدم إخراج المبادئ والأحكام الخاصة بالمحكمة العليا إلى حيز الوجود لتتم الاستعانة بها في التطبيق عند تعرضنا لأركان هذه الجريمة ، والتي استندنا في تعزيز البحث على مجموعة إحكام محكمة النقض المصرية.
ثانياً: التوصيات:
1- وضع تعريف للاختلاس والاستيلاء في قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم (12) لسنة1994م, وذلك لكي يتمكن القضاء من التمييز بينهما تجنباً لأي تداخل أو اضطراب في تطبيق النصوص العقابية على السلوك الإجرامي.
2- على المشرع اليمني تحديد الأموال التي لها كيان معنوي (كالبرامج والبيانات والمعلومات ) المخزنة في الحاسوب الآلي بأن يصدر تشريعاً يوضح ماهية تلك الأموال حتى يمكن تطبيق النصوص التقليدية عليها سواء الواردة في قانون الجرائم والعقوبات أو قانون مكافحة الفساد رقم (39)لسنة2006م.
3- وضع حد أدنى لعقوبة الحبس المقررة لجريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة(162 )من قانون الجرائم والعقوبات اليمني بحيث لا تقل عن سنه واحده , وضع عدة نصوص عقابية تشمل عقوبات مالية مثل الغرامة والمصادرة ويكون تطبيقها على مرتكبي جريمة الاختلاس وجوبي لا يخضع لتقدير القاضي , كونها من الجرائم الجسيمة وركنها المعنوي يقوم على العمد وتمس المال العام, ولضمان تحقيق فعالية أكبر في ردع المجرمين ومنع الجريمة مستقبلاً. لذا اقترح حيال هذا أن يكون النص الخاص بالمادة (162) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على النحو الأتي: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنه واحده,ولا تزيد على سبع سنوات كل موظف عام:
1- أختلس مالاً وجد في حيازته بسبب وظيفته.
2- أستغل وظيفته فاستولى بغير حق على مال مملوك للدولة أو أحدى الهيئات أو المؤسسات العامة والوحدات التابعة لها أو سهل ذلك لغيره.
وإذا لم يصحب الفعل المنصوص عليه في الفقرتين السابقتين نية التملك بأن كان يقصد استعمال المال ثم رده تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات. وفضلاً عن ذلك, يحكم على الجاني بالعزل والرد وبغرامه تعادل قيمة ما اختلس أو استولى عليه أو سهل ذلك لغيره.))
4- معرفة أهم الأساليب الحديثة المستخدمة في ارتكاب جريمة الاختلاس من جانب الموظف العام ذوي المهارات التقنية المتطورة في اختلاس المال العام بواسطة الحاسوب الآلي واستحداث نصوص عقابية جديدة تلائم متطلبات التقدم العلمي تمكن قانون العقوبات من مواكبة ذلك التقدم بما يكفل توفير الحماية الجنائية الكافية للمال العام.
5- العمل على إعادة صياغة العقوبات المقررة لهذه الجريمة بأن تتواءم العقوبة مع الظرف الراهن الذي استشرى فيه الاعتداء على المال العام والعبث به وهدره في غير الأغراض الذي رصد لتحقيقها.