تفاصيل عن عقوبة جريمة الإختلاس حسب القانون الأردني

مقال حول: تفاصيل عن عقوبة جريمة الإختلاس حسب القانون الأردني

عقوبة جريمة الاختلاس

 

بواسطة باحث قانوني

تمهيــــد :
بعد ان بينا ماهية جريمة الاختلاس وأركانها وما لهذه الجريمة من خصوصية تمتاز بها عن بقية الجرائم من حيث صفة الفاعل ومحل الجريمة ، سنبحث في هذا الفصل عقوبة جناية الاختس في صورتها البسيطة كمبحث أول ، وعقوبة جناية الاختلاس في صورتها المشددة كمبحث ثاني ، وعقوبة جناية الاختلاس في صورتها المخففة كمبحث ثالث وعقوبة الاشتراك الجرمي في جريمة الاختلاس كمبحث رابع .

المبحث الأول

عقوبة جريمة الاختلاس بصورتها البسيطة

اورد قانون العقوبات الاردني في المادة (174/1/2) منه عقوبة جريمة الاختلاس بصورتها البسيطة ، ففي الفقرة الاولى من تلك المادة تحدث عن عقوبة الموظف العام الذي داخل في ذمته ما وكل اليه بحكم وظيفة امر ادارته او جبايته او حفظه من نقود واشياء اخرى للدولة او لاحد الناس ، وحدد تلك العقوبة بالاشغال الشاقة المؤقته بالاضافة الى غرامة تعادل قيمة ما اختلس ، ثم تحدثت الفقرة الثانية من ذات المادة عن عقوبة جريمة الاختلاس بصورتها البسيطة الثانية فيما يتعلق بمن اختلس اموالاً تعود لخزائن او صناديق البنوك من العاملين فيها ، وعاقبته بنفس العقوبة الواردة في الفقرة الاولى ، أي الاشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة ما تعادل قيمة ما اختلس.

وعليه فان المشرع قد قرر عقوبة الاشغال الشاقة في حدها الادنى والا على أي انه ترك للمحكمة سلطة التقدير بين هذين الحدين ، وما دام لم يتم تحديدها فتكون من ثلاث سنوات الى خمسة عشرة سنة اشغال شاقة ، واضاف المشرع عقوبة مالية (الغرامة) مساوية لقيمة المال المختلس ، وحيث ان العقوبتان متلازمتان لا يجوز الحكم باحدهما دون الاخرى ، في حين انه يجوز للقاضي تخفيف العقوبة السالبة للحرية الى النصف او الربع حسب نص المادة (177/1/2) من قانون العقوبات الاردني والمعدلة في قانون العقوبات الاردني لسنة 1971 ، وهذا ما قررته محكمة التمييز ا لاردنية (1) وقد يكوم محل الاختلاس ليس مالاً او نقوداً وانما يكون شيئاً آخر ، ففي هذه الحالة ترك للمحكمة ولقاضي الموضوع تقدير قيمة هذا الشيء حسب الاصول المتبعة لتضمين الجاني قيمة تعادل قيمة هذا الشيء حسب الاصول المتبعة لتضمين الجاني قيمة تعادل قيمة ما اختلس ، وتقدير ذلك عمل من اعمال الخبرة (2) .
وبالاضافة الى ذلك فان احكام نظام الخدمة المدنية ترتب جزءاً تأديبياً بفصل الموظف اذا ما تم ادانته والحكم عليه بعقوبة الحبس في جريمة الاختلاس ويتعين على السلطات الادارية تنفيذه استناداً لاحكام نظام الخدمة المدنية المؤسسة على الحكم القضائي (3) .
ويرى جانب من الفقة (4) ان الهدف من وراء فرض الغرامة المادية بقيمة المال المختلس ما يلي :-
1- الحيلولة دون قيام الموظفين او من في حكمهم بارتكاب هذه الجريمة ، التفكير بها ، سيما اذا علم الفاعل بوجوب رده لقيمة ما اختلس مما يعني عدم وجود فائدة من وراء ارتكابه لفعله .
2- التعويض عن الاضرار المادية التي لحقت بالجهة التي وقع عليها الاعتداء وانني لا ازيد على ما ذهب اليه الدكتور الفاضل نائل عبد الرحمن في هذا الاطار ، وذلك لانه اذا كانت الغرامة لقيمة ما اختلس تؤدي الى الحيلولة دون ارتكاب فعل الاختلاس، فانه من باب أولى ان تكون عقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة هي العقوبة الرادعة والصارمة التي ترهب الفاعل وتثنيه عن القيام بفعل الاختلاس.
1- تمييز حزاء 29/72 ، محكمة النقابة ، سنة 1972 ، ص 1339
2- تمييز جزاء 10/72 ، محكمة النقابة ، سنة 1972 ، ص 440
3- د. كامل السعيد ، المرجع السابق ، ص 520
4- د. نائل عبد الرحمن ، الاختلاس دراسة تحليلية مقارنة ، دار الفكر للنشر والتوزيع ، ط1 ، لعام 1992، ص41-42
وبالرجوع الى عقوبة الاختلاس الواردة في المادة 174/2 من قانون العقوبات الاردني والتي تتحدث عن اختلاس المستخدم في شركات خاصة ، ان هذه المادة قد اصبحت في حكم الملغاة بعد صدور قانون الجرائم الاقتصادية رقم (11) لسنة 1993،وسريان مفعوله من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ، ذلك ان قانون الجرائم الاقتصادية قد اعتبر اموال الشركات الخاصة المنصوص عليها في المادة (174/2) من قانون العقوبات اموالاً عامة ، وليست اموالاً خاصة كما نص عليه قانون العقوبات(1).

وقد اعتبرت محكمة التمييز الاردنية ان جريمة خيانة الامانة التي تقع على مال الدولة المبينة في المادة (4/ز) من قانون العفو العام رقم 58 لسنة 1973 ضرباً من الاختلاس اموال الدولة المعنى المقصود في قانون العقوبات ، وقانون العفو العام(2) ، وبالتالي تغتبر مستنثاه من احكام قانون العفو العام .

وذهب الدكتور كامل السعيد (3) الى التمييز بين مرحلتين زمنيتين ففيما يتعلق بقرارات محكمة التمييز الاردنية في هذا الشأن ، مرحلة قبل صدور قانون الجرائم الاقتصادية الاردني رقم (11) لسنة 1993 حيث لم يكن قانون العقوبات الاردني يعتبر الاحتيال واساءة الائتمان وسرقة اموال الدولة في حكم الاختلاس ، بالمعنى المنصوص عليه في المادة (174) من قانون العقوبات الاردني ، وهذا ما ايده قرار محكمة التمييز الاردنية بالغاء قرار محكمة الاستئناف الذي يعتبر فعل خيانة اموال الدولة غير مشمول باحكام قانون العفو العام رقم (58) لسنة 1973 بحجة ان الجهة المتضررة هي الدولة حيث لا يفقد ذلك احكام القانون لان الفعل يعتبر خيانة امانة وليست اختلاس اموال ا لدولة (4) ، ومرحلة ما بعد صدور قانون الجرائم الاقتصادية حيث اصبح يعتبر هذا القانون هذه الجرائم اختلاساً باعتبارها جميعاً جرائم اقتصادية.

1- د. كامل السعيد ، القسم الخاص ، مرجع سابق ، ص 521
2- تمييز جزاء 63/75 ، مجلة النقابة ، الشعبة الخاصة ، مرجع سابق ، 1328
3- د. كامل السعيد ، شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، مرجع سابق ، ص 529
4- تمييز جزاء 29/75 ، مجلة النقابة ، القسم الخاص ، المرجع السابق ، ص 529

المبحث الثاني

عقوبة جريمة الاختلاس بصورتها المشددة

شدد المشرع الاردني عقوبة جريمة الاختلاس وذلك من خلال نص المادة (174/3) من قانون العقوبات الاردني حيث نص على انه :-

” اذا وقع الفعل المبين في الفقرتين السابقتين بتزوير الشيكات او السندات او بدس كتابات غير صحيحة في القيود او الدفاتر او السجلات او تحريف او حذف او اتلاف الحسابات الاداية وغيرها من الصكوك بصورة عامة بأية حيلة ترمي الى منع اكتشاف الاختلاس ، عوقب الفاعل بالاشغال الشاقة المؤقتة بمدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة تعادل قيمة ما اختلس ” .

ويلاحظ هنا ان المشرع قد نص تحديداً على طرق ووسال قد يلجأ الجاني لاستعمالها لتنفيذ جريمته سواء اكانت هذه الوسائل سابقة لها اولاحقة ، كجرائم التزوير او الاتلاف او التحريف او الحذف او استخدام أي حيلة ترمي الى منع اكتشاف الاختلاس ، فهذه كلها مترابطة مع جريمة الاختلاس ترابطاً لا يقبل التجزئة وهذا ما يعلل تشديد العقوبة على الجاني ، حيث قررت انه :”اذا قام المتهم الموكل اليه التصرف بالاموال العائدة للوزارة التي يعمل بها ، باختلاس مبلغاً من المال عن طريق اصدار شيكات بهذا المبلغ لا ينافي فعله ما ينطبق على المادة (174/3) من قانون العقوبات (1) ، وفي قرار اخر لها قالت :”اذا ادخل المتهم بذمته المال وسرقه او اختلسه بتحريف وصولات القبض الرسمية فان فعله يشكل جرماً واحداً هو الاختلاس بتزييف في الصكوك الرسمية خلافاً لاحكام المادة (174/3) من قانون العقوبات ولا يجوز تجزئة فعل المتهم وتكييفــه الى

1- تمييز جزاء ، 75/78 ، مجلة النقابة ، ص 1166 ، 1978

جرم التزوير وفقاً للمادة (263) منه وبجرم الاختلاس وفقاً للمادة (174/1) منه(1).

اما اذا اختلفت الاسباب التي دفعت الجاني لارتكابه هذه الجرائم فانه يجوز للمحكمة ان تحاكم الجاني على الواقعتين كل على حدة (2) .

وليس بالضرورة ان يقوم الجاني بارتكاب جريمة التزوير بكامل اركانها والتي قصد بها الجاني منع اكتشاف الاختلاس ، بل يكفي ان يثبت انه لجأ الى حيلة هدف بها منع اكتشاف الجريمة الاساسية وهي الاختلاس وبذلك قضت محكمة التمييز الاردنية ” ان براءة المتهم من جريمة التزوير ودس كتابات غير صحيحة لا يحول دون معاقبته في حدود المادة الثالثة (174 ) من قانون العقوبات الاردني اذا ثبت انه اختلس مال الدولة بأي حيلة ترمي الى منع اكتشاف الاختلاس(3).

ويلاحظ ان المشرع قد شدد العقوبة في الارتفاع بالحد الادنى الى مدة لا تقل عن خمس سنوات ، على ان فرض الغرامة التي تعادل قيمة ما اختلس لا تشكل ظرفاً مشدداً لانها تفرض في جريمة الاختلاس في صورتها البسيطة المنصوص عليها في الفقرتين (1 ، ب ) من المادة (174) على سبيل الوجوب مع عقوبة الاشغال الشاقة حتى ولو لم يقترن بها أي ظرف ، ولا يفهم قصد المشرع في اعتبارها ظرفاً مشدداً (4) .

وفي حكم اخر لمحكمة التمييز الاردنية اعتبرت ان جريمة التزوير هي عنصر من عناصر جريمة الاختلاس حيث ورد في قرارها انه ” اذا كان التزوير وقع لمنع اكتشاف الاختلاس فان جريمة التزوير في هذه الحالة لا تعتبر مستقلة بل هي عنصر من عناصر جريمة الاختلاس (5).

1- تمييزجزاء 26/68 ، مجلة النقابة ، ص 498، 1968
2- د. كامل السعيد ، شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، مرجع سابق ، ص 532
3- تمييز جزاء ، مجلة النقابة ، 123/89 ، ص 114 ، لسنة 1991
4- د.كامل السعيد ، مرجع سابق ، ص 532
5- تمييز جزاء ، مجلة النقابة ، 123/89 ، ص 414 ، سنة 1991

ونية الاستاذ الدكتور كا مل السعيد الى ما ورد في قرار محكمة التمييز الاردنية في شق من حكمها وهو ان التزوير لا يعتبر جريمة مستقلة ، الا انه يختلف معها بقولها ان التزوير عنصراً من عناصر الاختلاس ، حيث يشكل ذلك خلطاً بين العنصر او الركن او الظرف ، فالتزوير هنا ظرفاً مشدداً في الجريمة وليس عنصراً فيها ، ويتمثل الفرق في ان تتخلف الصورة يؤدي الى عدم قيام الجريمة في حيث ان تخلف الظرف لا يؤدي الى ذلك بل الى استبعاد التشديد في العقوبة فقط (1) . ويؤيد الباحث ما ذهب اليه الاستاذ الدكتور كامل السعيد في هذا الشأن من تعليل قانون ومنطقي حيث انه لا يتصور فعلاً قيام جريمة اذا تخلف ركناً من اركانها ، من حيث قيام هذه الجريمة اذا تخلف الظرف المشدد فيها .
المبحث الثالث

عقوبة جريمة الاختلاس بصورتها المخففة

نصت المادة (177) من قانون العقوبات الاردني على انه :-

“1- يخفض نصف العقوبات المنصوص عليها بالمادة (174) اذا كان الضرر الحاصل والنفع الذي توخاه الفاعل زهيدين او اذا عوض عن الضرر تعويضاً تاماً قبل احالة القضية على المحكمة .
2- واذا حصل الرد والتعويض اثناء المحاكمة وقبل أي حكم في الاساس ولو غير مبرم خفض من العقوبة ربعها .
3- في جميع الجرائم السابقة والواردة في هذا الفصـل اذا اخذت المحكمة بأسباب التخفيض التقديرية فلا يجوز لها تخفيض العقوبة الى اقل من النصف ” .

ومن خلال هذا النص نجد ان المشرع الاردني يشترط لقيام العذر القانوني المخفف توافر سببين مجتمعين هما :-

1- د. كامل السعيد ، مرجع سابق ، ص 535

السبـــب الأول :-
ان يكون الضرر الحاصل و النفع الذي توخاه الفاعل زهيدين .
ومبرر هذا العذر ان الضرر يكون تافهاً وهو امر تقدره محكمة الموضوع وتستنتجه من خلال ظروف الجريمة وان شخصية الجاني غير خطرة طالما انه اوقع ضرراً زهيداً ولا بد من شمولة بالرأفة والرحمة (1) .

السبب الثاني :-
فهو قيام الجاني بالتعويض عن الضرر تعويضاً تاماً قبل احالة القضية الـــى سواءً أكان ذلك في مرحلة الاستدلال او مرحلة التحقيق الأولى .

ومبرر هذا العذر تشجيع الجاني على احباط عمله الجرمي وتعويض الخزينة عن الضرر الذي لحق بها قبل ان تحال القضية الى المحكمة (2) ، فاذا ما تحقق أي من هذه العذرين القانونين ، يتعين تخفيض نصف العقوبات المنصوص عليها في المادة (174 ) على ان تخلف أي من العذرين يمنع اعمال العذر المخفف الاخر ذلك لان القانون قد تطلبهما شرطين مجتمعين لتخفيض العقوبة .

وقد ذهبت محكمة التمييز الاردنية لتخفيف العقوبة مرتين اذا ما توفرت العذرين القانونين للتخفيف مرة عن الضرر وتوخي النفع الزهيد والتخفيف الاخر من اجل القيام بالتعويض التام عن الضرر قبل احالة القضية الى المحكمة وتؤيد ذلك قولها :”اذا وقع التعويض عن الضرر قبل ال حكم في اساس دعوى الاختلاس فان العقوبة تخفض الى نصفها بمقتضى الفقرة الاولى من المادة (177 ) من قانون العقوبات ، واذا كانت المبالغ المختلسة زهيدة فيجب تخفيض العقوبة الباقية ثانية بعد تخفيضها الاول الى نصفها ايضاً وتطبيق حكم المادة (99 ) بالاستناد الى الاسباب المخففة التقديرية “(3) .

وقـد قيدت الفقرة الثالثة من المادة (177) المحكمة بعدم تخفيف العقوبة الى اقل من النصف وذلك اذا ما اخذت المحكمة باسباب التخفيف التقديرية ، ولعل الهذف من ذلك هو التشديد على مرتكبي هذه الجرائم ، نظراً لمساسها بالثقة العامة ومصلحة المجتمع.

1- د. كامل السعيد ، مرجع سابق ، ص 539
2- د. كامل السعيد ، مرجع سابق ، ص 539
3- تمييز جزاء – مجلة النقابة ، 73/7 ، ص 4025 ، 1967
واذا ما كان هناك تنازع في التطبيق بين نصوص قانون العقوبات واي قانون خاص فان نصوص القانون الخاص هي التي تطبق وهذا ما تؤيده محكمة التمييز الاردنية(1).

وعليه فان نص المادة (31/أ ) من قانون العقوبات العسكري المؤقت رقم 30/2002 هي التي تطبق فيما اذا ارتكب الاختلاس احد العسكريين او افراد الامن العام ، وتنص ذلك تلك المادة على انه : ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن اربع سنوات:-
أ‌- كل من اختلس ما اوكل اليه حراسة او حفظه او ادارته بحكم وظيفته من الاسلحة او المعدات او الالات او الاموال او غيرها من الاشياء العائدة للقوات المسلحة ” .

ويلاحظ من هذا النص ان عقوبة الاختلاس الواقع على الاموال او السلع العامة اوالخاصة للجيش هي عقوبة اشد من تلك المفروضة في قانون العقوبات الاردني بالنظر الى الحد الادني ومن هاتين العقوبتين ، كما ان المادة (31) من قانون العقوبات العسكري لا تترك مجــالاً لاعمال الاسباب المخففة على نحو ما جاء في المادة (177/1 ، 2 ) من قانون العقوبات الاردني الامر الذي يعني عدم استفادة الجاني من تخفيض العقوبة اذا كان النفع زهيداً وقام برد المال المختلس اما اذا تم ارتكاب الاختلاس بطريقة التزوير او بدس الكتابة الغير صحيحة حسب نص المادة (174/3) من قانون العقوبات فان تلك المادة هي واجبة التطبيق بغض النظر عن الفاعل سواء أكان مدني ام عسكري .

الاضرار بالمصلحة العامة، وفقدان ثقة المواطن بالتعامل مع مؤسسات الدولة العامة والمؤسسات الخاصة المنصوص عليها في المادة (174/2) وما ينجم عنه من اضرار تلحق بالاقتصاد الوطني.
الا ان المشرع عند تحدثه عن عقوبة الشريك والمتدخل لم يتطرق الى المساواة في العقوبة المحرض في حين لم ينسى ذلك في قانون العقوبات العسكري المؤقت الذي تم تعديله عام 2002 في المادة 31/ب ) ، على الرغم من ان المحرض اخطر من المتدخل كونه الرأس المدبر لارتكابه الجريمة (1) .

وفي هذا الاطار يرى الدكتور كامل السعيد ان التمييز بين عقوبة المتدخل والمحرض في جريمة الاختلاس يبدو من غير حكمه مفهومة او علة مقصودة ، وبالتالي فانه يتعين معاقبة المحرض وفق القواعد العامة المنصوص عليها في المادة (81) من قانون العقوبات الاردني (2) .

ويتمنى الباحث على المشرع الاردني ان يطال المحرض في جريمة الاختلاس بنفس العقوبة ، وتعديل نص المادة (174/4 ) ليصبح : ( يعاقب المحرض او الشريك او المتدخل تبعاً بالعقوبة ذاتها ).

1- د. كامل السعيد ، المرجع السابق ، ص 538
2- تنص المادة 81 من قانون العقوبات على انه ” يعاقب المحرض او المتدخل :-
1- أ- بالاشغال الشاق من 15-20 سنة اذا كانت عقوبة الفاعل الاعدام .
ب- بالاشغال الشاقة المؤقتة من 7-15 سنة اذا كانت عقوبة الفاعل الاشغال الشاقة المؤبدة او الاعتقال المؤبد.
2- في الحالات الاخرى يعاقب المحرض والمتدخل بعقوبة الفاعل بعد ان تخفض من السدس الى الثلث
3- اذا لم يقضي التحريض على ارتكاب جناية او جنحة نتيجة خفضت العقوبة في الفقرتين السابقتين من هذه المادة الى ثلثها .

اما وقد وفرغت من كتابة هذا البحث المتواضع الذي تناولت به جريمة الاختلاس في قانون العقوبات الاردني رقم 16 لسنة 1960 وفق اخر التعديلات حيث جاءت هذه الدراسة مقسمة الى ثلاثة فصول ، فتناولت في الفصل الاول ماهية الاختلاس والتعريف به ، ومقارنة بعض الجرائم المشابهة لها من حيث محلها كجريمة السرقة وجريمة اساءة الائتمان ، وكذلك الاختصاص القضائي لجريمة الاختلاس .

اما في الفصل الثاني الذي تناولت بموضوعة اركان جريمة الاختلاس ،مبتدأ بصفة الجاني بشقيه كموظف عام او من في حكم ذلك الموظف من العاملين في البنوك، والشركات العامة ، ومؤسسات الاقراض المتخصصة .

ثم جرت دراسة الركن الثاني وهو محل جريمة الاختلاس وتبيان ماهية محل الاختلاس وشرط هذا المحل في ان يكون قد وصل الى حيازة الموظف بسبب وظيفته.

يقوم به الجاني معبراً عن نيته في نقل ملكية الشيء الذي وجد بين يديه بحكم الوظيفة من حيازة ناقصة الى حيازة كاملة .

ثم تناولت مسألة الشروع في جريمة الاختلاس ، كون هذه المسألة خلافية بين عدد من فقهاء القانون فمنهم من يقول انه لا شروع بجريمة الاختلاس وفريق يقول انه قد يكون هناك شرعاً في هذه الجريمة ، وفي الركن الرابع تناولت موضوع القصد الجنائي بشقيه العام والخاص .

اما الفصل الاخير فقد تناولت بالبحث عقوبة جريمة الاختلاس بصورها الثلاث(البسيطة ، المشددة ، المخففة ) وما هي حالات التشديد واسباب التخفيف للعقوبة في هذه الجريمة وكذلك عقوبة جريمة الاشتراك الجرمي في جريمة الاختلاس حيث ساوى المشرع بين عقوبة المتدخل والشريك مع عقوبة الفاعل الاصلي في حين انه لم يشترط توافر صفة الفاعل الاصلي في الشريك والمتدخل .

**********************

ومن خلال هذه الدراسة اظهرت النتائج التالية :-
1- ان المشرع قد اورد هذه الجريمة في الباب الثالث تحت عنوان الجرائم التي تقع على الادارة العامة ، وخصص لها الفصل الاول عندما اعتبرها من الجرائم التي تخل بواجبات الوظيفة ، وبالتالي فهذه الجريمة هي من جرائم الصفات أي التي لا بد لنا من ان تتوافر في فاعلها صفة معينة وهي صفة الموظف العام ، او من في حكمة ، في حين لم يركز المشرع على اشتراط المال ان يكون مالاً عاماً في يد الموظف ، وبالتالي قد يكون المال مالا ًمملوكاً للدولة ، او مملوكاً لاحد الافراد والعة في التجريم ليست حماية الاموال العامة والخاصة فقط ، وانما حماية الثقة بين المواطن والدولة او المؤسسات والشركات التي تضمن الدولة اموالها وتعتبر رافداً اقتصادياً للدولة.
2- لم يورد المشرع حصر او تعداداً للحالات التي يلجأ اليها الموظف حتى تقع الجريمة، وتركها مفتوحة يعود تقديرها لمحكمة الموضوع والتي يستدل من خلالها على نية الفاعل تغيير الحيازة من حيازة ناقصة الى حيازة كاملة لهذا المال او الشيء الذي وصل الى حيازته بسبب الوظيفة .
3- الاختلاس جريمة عمدية لا يكفي فيها توافر القصد العام وانما لا بد من توافر القصد الخاص الذي يدل تحديدا ًعلى نية الموظف في تملك ذلك المال اوالشيء.
4- حين ساوى المشرع في العقوبة بين الشريك والمتدخل وبين الفاعل في جريمة الاختلاس لم يشترط في هؤلاء صفة معينة ، كأن يكون موظفين عامين او من في حكمهم وقد خرج في ذلك عن القاعدة العامة التي تقررها المادة (81) من قانون العقوبات الاردني ، ولعل العلة في ذلك ترجع الى حماية الثقة في التعامل بين المواطن ومؤسسات الدولة والشركات التي تضمن الدولة اموالها من جانب وحماية الاموال العامة والاموال الخاص لتلك الشركات التي شملها في الحماية ، ورغم هذه المساواة الخارجة عن القاعدة العامة الا ان المشرع اسقط من حسبانه المحرض من هذه المساواة رغم انه لم يقم خطورة عن المتدخل ، بل قد يفوقه في ذلك لانه خلق فكرة الاجرام من اساسها لدى الفاعل الاصلي .
5- لم يورد المشرع تعريفاً محدداً لجريمة الاختلاس كما فعل في الجرائم الاخرى كجرمية السرقة على سبيل المثال .
6- لم يتطرق المشرع الى تشديد عقوبة جريمة الاختلاس في الظروف الطارئة او الاستثنائية والتي قد تمر فيها الدولة في زمن الحرب او في اوقات الازمات الاقتصادية او الكوارث الاقتصادية واعتبارها ظرفاً مشدداً للعقوبة لما لهذه الجريمة من اثر وخطورة بالغين على الدولة الو المؤسسات والشركات التي اختلس منها . فالجاني يقوم بالاختلاس في الوقت الذي تكون الدولة احوج ما تكون لهذا المال ويقترح الباحث ان يكون نص هذه الفقرة أن تأتي تباعاً بعد للفقرة الثالثة من المادة (174) من قانون العقوبات .
4-” اذا وقع الفعل المبين في الفقرات السابقة في زمن الحرب او مرور الدولة بأزمة اقتصادية او كارثة او ظروف طارئة ، عوقب الفاعل بالاشغال الشاقة المؤقته مدة لا تقل عن عشر سنوات وبغرامة تعادل قيمة ما اختلس .
7- ذكر المشرع اسباب يستفيد منها الجاني بتخفيض العقوبة الى ربعهـا او نصفهـا
حسب ذلك السبب وقد استقر القضاء في احكامه على امكانية استفادة الجاني من
اكثر من سبب لتخفيف العقوبة اذا توفر لديه اكثر من سبب .

*******************

وبعد ان انهيت تسليط الضوء على ايجابيات النصوص التي وردت في قانون العقوبات الاردني رغم عدم اكتمالها لله وحده يتمنى الباحث تقديم بعض التوصيات والاقتراحات والتي عساها ان تكمل بعضاً من نواقص هذه النصوص وتتمثل تلك التوصيات بما يلي :-
1- ان يرد نص في قانون العقوبات الاردني على قيام جريمة الاختلاس عند استعمال المال او الشيء التي بيد الموظف وحازه حيازة بحكم وظيفته حيث يكون الاستعمال اوالانتفاع مظهراً من مظاهر تصرف المالك الاصلي بهذا المال ، فاذا ما وضع الفاعل نفسه بهذا المقام واستعمل الشيء استعمال المالك ، وجبت عليه العقوبة نفسها .
2- ان يرد نص في قانون العقوبات الاردني يحدد تعريفاً لجريمة الاختلاس كما فعل في بعض الجرائم الاخرى كالسرقة مثلاُ ليكون هذا التعريف الاطار الواسع لهذه الجريمة ليشمل التملك والاستعمال والانتفاع بالمال او بالشيء الذي سلم للموظف بحكم وظيفته كما ذكرنا ويقترح الباحث تعريف الاختلاس كما يلي :-
” كل موظف عام او من في حكمه ادخل في ذمته او استعمل او انتفع بما اوكل اليه امر حيازته بحكم وظيفته من اموال او اشياء عامة او خاصة ونتج عند ذلك ضررا ً للغير “ز
3- ان يرد نص في قانون العقوبات الاردني يعدل من نص الفقرة الثالثة في المادة 174 بحيث يطال المحرض بالعقوبة ذاتها التي ينالها الجاني مع الابقاء على عقوبة الشريك والمتدخل بحيث يصبح نص المادة (174/3) على النحو التالي :” يعاقب المحرض او الشريك او المتدخل تبعاً بالعقوبة ذاته ” . كما جاء في قانون العقوبات العسكري المؤقت رقم 30/2002 .
4- ان تضاف فقرة جديدة الى نص المادة (174) لتشمل الظرف الزماني لوقوع جريمة الاختلاس في الظروف الاستثنائية الطارئة كزمن الحرب او مرور البلاد بأزمات اقتصادية واعتبارها ظرفاً مشدداً للعقوبة لما لهذه الجريمة من اثر وخطورة بالغين على الدولة او المؤسسات والشركات التي ا ختلس منها ، فالجاني يقوم بالاختلاس في الوقت الذي تكون الدولة احوج ما تكون لهذا المال ويقترح الباحث ان يكون نص هذه الفقرة والتي تأتي تباعاً بعد الفقرة الثالثة على النحو التالي :-
اذا وقع الفعل المبين في الفقرات السابقة في زمن الحرب او مرور الدولة بأزمة اقتصادية او كارثة او ظرف طارئة ، عوقب الفالع بالاشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن عشر سنوات وبغرامة تعادل قيمة ما اختلس .

*****************

1- حسن الفاكهاني ، موسوعة القضاء والفقه للدول العربية ، الجزء الثامن .
2- د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، دار النهضة العربية عام 1986.
3- د.كامل السعيد ، شرح قانون العقوبات الاردني ، القسم الخاص ، عام 1991 .
4- معجم لسان العرب .
5- د. محمد زكي ابوعامر ، قانون العقوبات ، القسم الخاص ، الدار الجامعية للطباعة والنشر ، عام 1981 .
6- د.محمد صبحي نجم ، و د . عبد الرحم توفيق ، الجرائم الواقعة على الاشخاص والاموال في قانون العقوبات الاردني ، مطبعة التوفيق عام 1987 .
7- د. محمد صبحي نجم ، شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، مكتبة دار الثقافة والتوزيع ، عام 1995 .
8- د. حس صادق المرصفاوي ، المرصفاوي في شرح قانون العقوبات ، القسم الخاص ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، عام 1991 .
9- د. محمد زكي ابو عامر ، و د . علي عبد القادر القهوجي ، قانون العقوبات ، القسم الخاص ، الدار الجامعية ، عام 1994 .
10- د. محمود محمود مصطفى ، شرح قانون العقوبات ، الجرائم المضرة بالمصلحة العامة ، دار النهضة العربية ، عام 1972 .
11- د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، الطبعةالسادسة ، عام 1989 .
12- د. نايل عبد الرحمن ، الاختلاس دارسة تحليلية مقارنة ، دار الفكر للنشر والتوزيع ، الطبعة الاولى ، عام 1992 .
13- جندي عبد الملك ، الموسوعة الجنائية ، المجلد الثالث .

مجموعة القوانين :-
1- دستور المملكة الاردنية الهاشمية لسنة 1952 .
2- قانون العقوبات الارني رقم 16 لسنة 1960 وفق اخر التعديلات .
3- القانون المدني الاردني المؤقت رقم 43 لسنة 1976 .
4- قانون البنوك رقم 24 لسنة 1971 .
5- قانون الشركات رقم 1 لسنة 1989 .
6- قانون الامن العام رقم 38 لسنة 1965 .
7- قانون العقوبات العسكري رقم 30 لسنة 2002 .
8- نظام الخدمة المدنية رقم 1 لسنة 1988 .

الدوريات :-
1- مجموعة ا لمبادئ القانونية لمحكمة التمييز للقضايا الجزائية المنشورة في مجلة نقابة المحامين الجزء الاول منذ بداية 1952 ولغاية 2002 .
2- مجموعة المبادئ القانونية لمحكمة التمييز والقضايا الجزائية المنشورة في مجلة نقابة المحامين منذ بداية سنة 1988 ولغاية بداية 2002 .
3- مجلة نقابةة المحامين .

**************

شارك المقالة

1 تعليق

  1. ابو رعد المجالي

    5 أكتوبر، 2019 at 8:03 م

    اذا كان المختلس موظف بنك و قام بتزوير توقيع عميل… بمبلغ ١٧٠الف ثم إن العميل اكتشف الاختلاس و اشتكى على البنك و البنك اشتكى بدوره ع الموظف تم توقيف الموظف حاليا من قبل المدعي العام… السؤال لو أسقط العميل حقه في الشكوى و لا يرغب في متابعة شكواه هل يتم الإفراج عن الموظف و يسقط الحق العام تبعا للحق الشخصي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.