الالتزامات المالية

مقابل استفادة المرخص له من المعرفة الفنية والعلامة والمساعدات التقنية والفنية الخاصة بالمرخص، يتحمل المرخص له عدة التزامات مالية تستمر طيلة مدة العقد وتتخذ أشكالا مختلفة تتباين نسبتها من عقد لآخر الشيء الذي يؤدي إلى إثقال كاهل المرخص له بالعديد من التكاليف المالية التي يكون مضطرا لتسديدها في الوقت المحدد في العقد تحت طائلة فسخ العقد، فما هي إذن مختلف أشكال هذه الالتزامات؟ والإشكالات المترتبة عنها؟
الفقرة الأولى: واجب الاستثمار الأولي le droit d’investissement initiale
بمجرد إبرام العقد يقوم المرخص له بأداء مبلغ مالي جزافي إلى المرخص وذلك مقابل الاستفادة من الخدمات المقدمة إليه لتنفيذ المشروع، هذا المبلغ الجزافي الذي هو ثمن الحصول على الترخيص والانتماء إلى شبكة المرخص، فما هو المعيار الذي يعتمد عليه لتحديد هذا المبلغ.

أولا- معايير تحديد ثمن الدخول في الشبكة وطرق أدائه وكيفية تحديد أسعاره
يتم تحديد مبلغ الدخول في الشبكة اعتماد على مجموعة من الاعتبارات أهمها:
– رأس المال المستثمر في المشروع؛
– حجم الخدمات المقدمة أثناء فتح المشروع؛

– حجم التوقعات المالية التي يمكن الحصول عليها من هذا الاستثمار؛
– عدد المرخص لهم أعضاء الشبكة، إذ كلما زاد هذا العدد كلما ارتفعت نسبة الإتاوة.
أما طرق أداء هذه الإتاوة فتختلف من عقد لآخر إذ يمكن أن تؤدى دفعة واحدة أو على دفعات متفرقة مثلا 3/1 عند إبرام العقد، 3/1 عند التكوين، 3/1 عند فتح المحل.

وفيما يتعلق بتحديد سعر هذا الواجب فيبقى مرتبطا بخصائص كل شبكة على حدة وبحسب متطلبات السوق المنافسة، الأمر الذي يجعله متباينا بين شبكة وأخرى .
وتجب الإشارة إلى أن هذه النسبة يجب أن تكون معقولة ومحددة وفق اعتبارات مدروسة، إذ من غير المعقول الموافقة أثناء التفاوض على نسبة مالية وهمية التي من الصعب تحقيقها، وما ينتج عن ذلك من مشاكل تؤدي إلى حل العلاقة التعاقدية وما يستتبعه ذلك من فقد المرخص له للمبلغ الذي دفعه، إذ في الغالب ما يمتنع المرخص من إعادة هذا المبلغ في كثير من العقود إلى المرخص له، أو إعادة التفاوض من جديد حول الشروط المالية.

ثانيا- واجب الدخول في الشبكة وتجديد العقد
إنه على الرغم من ارتفاع المبلغ الجزافي الأولي فإن هناك عقودا تفرض على المرخص له تقديم نفس المبلغ في حالة تجديد العقد ، ألا يعتبر هذا تعسفا في حق المرخص له؟ فإذا كان واجب الدخول في الشبكة يعتبر كمقابل عن المعرفة الفنية والخدمات المقدمة عند إنشاء المشروع فما هو مقابل هذا المبلغ عند تجديد العقد، ألا يعتبر هذا ابتزازا ومساومة في حق المرخص له الذي ما عليه إلا دفع المبلغ إذا أراد تجديد العقد وإلا الانسحاب من الشبكة وما يترتب عن ذلك من توقف عن ممارسة نشاطه والأخطار الناتجة عن ذلك.

ثالثا- إعفاء المرخص له من واجب الدخول في الشبكة وخفاياه
إيجابيات هذا الإعفاء أنه يخفف من العبء المالي الواقع على المرخص لهم، إلا أن الإشكال الذي يبقى مطروحا هو مدى حسن نية أو سوء نية المرخص وهو يقوم بهذا الإعفاء، إذ يخشى منه كون الشبكة ضعيفة من الناحية التقنية، وفي هذا الصدد يتعين على المرخص له القيام بدراسة متأنية للشبكة وقوتها محليا أو دوليا قبل الإقدام على إبرام أي اتفاق تعاقدي معها لأن هدف المرخص الأساسي هو جني الأرباح عن طريق هذه الإتاوات، والإعفاء منها يجب أن يقع محل شك في حسن نية المرخص، وعلى الرغم من ارتفاع نسبة الدخول إلى الشبكة فإن المرخص لا يكتفي بهذا التعويض كثمن لتقديم أسلوبه وخدماته إلى المرخص له إذ يفرض عليه تقديم إتاوات دورية مستمرة طيلة مدة العقد، تختلف طريقة تحديدها تبعا لاختلاف عقود الترخيص التجاري.

الفقرة الثانية: الإتاوات الدورية Les redevances périodiques
يعتبر من بين الالتزامات الأساسية الملقاة على المرخص لهم بخصوص عقد الترخيص التجاري، التزامهم بأداء إتاوات دورية للمرخص كثمن أو تعويض عن المساعدات الدورية المستمرة التي يعمل المرخص على نقلها باستمرار للمرخص له، بذلك تعتبر هذه الإتاوات كمقابل لتحقيق التعاون المتبادل بين طرفي العقد. وتختلف طرق حساب وتحديد نسبة هذه الإتاوات من مرخص لآخر ومن مجال لآخر، إلا أنه في الغالب تتخذ شكلين، فمن جهة أولى يتم اعتماد نسبة مئوية من الأعمال المحققة، كما تختلف أيضا نسبة الإتاوة المحددة باختلاف العقود واختلاف شهرة العلامة ، وعموما يبقى تحديد هذه النسبة اعتمادا على رقم الأعمال أفيد بكثير للمرخص له من أخذها لشكل مبلغ محدد مسبقا من طرف المرخص، ومن جهة ثانية يتم الاعتماد على مبلغ جزافي محدد، يحدده المرخص ويلتزم المرخص له بدفعه دوريا بحسب الفترة الزمنية المتفق عليها، حتى يضمن المرخص الحصول على الإتاوة بغض النظر عن ما قد يحققه المشروع من ربح أو خسارة، مع ذلك يكون المرخص له ملزم بالمبلغ المحدد، حتى في حالة عدم حصوله على أرباح، الأمر الذي سيؤثر على ميزانية المرخص له بالتالي يؤدي به إلى فشل المشروع ككل.
إذن، أمام ارتفاع نسبة هذه الإتاوات ما الذي يستفيده المرخص له من الدخول في مثل هذه المشاريع؟ قد يقال أن ذلك مقابل استفادته من أسلوب الترخيص التجاري، لكن ألا يكفي واجب الدخول في الشبكة، وهل يستطيع المرخص له بالفعل تحقيق أرباح مهمة تمكنه من تغطية هذه التكاليف وتوفير أرباح صافية؟.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت