نتيجة الطعن أمام لجنة الصفقات

دراسة طبيعة العمل القانوني الناتج عن الطعن الذي يقدمه المتعهد بناء على المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250 مسألة دقيقة لها أهمية قصوى، لأنها تسمح باستخلاص النتائج المترتبة عن ذلك.
وتدق المسألة بسبب تضارب المصطلحات المستعملة من قبل المشرع ذاته، ذلك أن المادة 101 تنص في فقرتها الثانية على أنه: ” تصدر لجنة الصفقات قرارا في أجل خمسة عشر(15) يوما…”
بينما نجد أن الترجمة الفرنسية للنص [1] تستعمل مصطلح AVIS فنتيجة هذا الطعن هو إصدار “رأي ” وليس قرارا.
وهو نفس ما جاء في المادة 116 من ذات المرسوم باللغة الوطنية وترجمته، إذ تنص : ” تقدم لجنة الصفقات مساعدتها في مجال تحضير الصفقات العمومية وإتمام تراتيبها، وتقدم رأيا حول كل طعن يقدمه متعهد يحتج على اختيار المصلحة المتعاقدة في إطار إعلان مناقصة” [2].
المشكل الذي تطرحه هذه الصياغة هو تحديد التكييف الصحيح لهذا العمل القانوني، والمشكل في هذه الحالة لا يتعلق بالتأكد من مدى توافر المعيار العضوي ذلك أنه بالرجوع إلى تشكيلة لجان الصفقات العمومية الولائية، الوزارية والوطنية المحددة في المواد 120،119،131 من ذات المرسوم على التوالي نجدها مكونة من رجال الإدارة، ويرأسها إما وال أو وزير حسب الحالة أو مفوضا عنهما، وأن هذه الآراء يمضيها رئيسها [3].
إنما المشكل يتعلق بالطابع التنفيذي لهذا الرأي، من أجل استخلاص النتائج القانونية المترتبة عنه، ومن أجل ذلك لا بد من الإعتماد على ما ذهب إليه الفقه في هذا المجال الذي أقام التفرقة بين:

– الرأي الإستشاري: أو الرأي غير الإلزامي، وهو الرأي الذي لا تكون الهيئة التي طلبته ملزمة بالتقيد به، غير أنه إذا تم الأخذ به يجب أن يتم ذلك بدقة، بدون أن تكون الهيئة التي طلبته ملزمة بألا تأخذ إلا بالنص الأساسي أو التعديلات التي يقترحها الرأي [4].

– الرأي الإلزامي: هو رأي تكون الهيئة ملزمة بطلبه مع إمكانية عدم الأخذ به، غير أنها ملزمة بتبني نص يستعيد إما النص الأولي أو النص الذي تقترحه الهيئة أو نص يوافق بين الإثنين، وليس بإمكانها تبني نص لم يخضع للإستشارة [5].

– الرأي المطابق: أو الرأي الموافق، هو رأي يلزم الهيئة التي طلبته، فليس لها الأخذ به فحسب بل بالمعنى الذي جاء به، لذا فإن هذا الإجراء في الحقيقة ” هو تقريري مشترك” [6]، ولذا يكيف على أنه “إذن ” [7].

لتكييف الرأي الذي تصدره لجنة الصفقات المختصة لا بد من معرفة عدة نقاط هامة لتأخذ بعين الإعتبار هي:
– أن غاية الرقابة الخارجية للصفقات العمومية هي التحقق من مطابقتها للتشريع والتنظيم المعمول به [8]، فمتى لاحظت لجان الرقابة الخارجية عند فحص الطعن المرفوع لها طبقا لأحكام المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250، أن المصلحة المتعاقدة لم تحترم القانون، فسوف تصدر رأيا يبين ذلك، تقترح فيه على المصلحة المتعاقدة إعادة النظر في موقفها.
– أن لجنة الصفقات العمومية المختصة سوف يعاد عرض الصفقة عليها مرة ثانية من أجل منح التأشيرة في إطار تنفيذ الصفقة [9]، فإذا لم تأخذ المصلحة المتعاقدة ما جاء في رأيها، فإن لها أن ترفض منح هذه التأشيرة وتعلله بمخالفة التشريع و/أو التنظيم المعمول به [10].
ولذا فإن المصلحة المتعاقدة مجبرة في الواقع بأن تتبع رأي اللجنة، أي أنه رأي مطابق، ولو لم ينص القانون على هذا التكييف صراحة.
وأكثر من ذلك فإن هذا الرأي سواء صدر بالإستجابة لموضوع الطعن أو رفضه فإنه دائما يلحق الأذى، ففي حالة رفض الطعن فإنه يلحق الأذى برافع الطعن الذي سبق تبيان مصلحته، وكيف أن له اللجوء إلى دعوى الإلغاء، أما في حالة الإستجابة فإنه يلحق الضرر بمن صدر قرار المنح المؤقت لصالحه، لأنه يغير من مركزه القانوني كمتعاقد محتمل، وبالتالي يحرمه فرصة الفوز بالصفقة، وفي هذا المجال بالذات استشهد الأستاذ أحمد محيو بقرار صادر عن المجلس الأعلى [11] للتأكيد على أنه ” إذا كان الرأي يحدد القرار، فإنه يلحق ضررا، ويمكن مخاصمته” [12].

لذا يمكن اعتباره قابلا للخضوع لدعوى الإلغاء، التي ترفع للجهة القضائية المختصة، وهي إما الغرفة الإدارية الجهوية، إذا صدر القرار عن اللجنة الولائية للصفقات العمومية، باعتباره صادرا عن الوالي أو ممثله، على أساس المادة 7-1 من قانون الإجراءات المدنية، في أجل 4 أشهر [13] تسري من تبليغ القرار للطاعن أمام اللجنة [14]، أومن تاريخ علم صاحب قرار المنح المؤقت الذي تم إلغاؤه، والذي يسري عادة من تاريخ نشر قرار التراجع عن قرار المنح الصادر لمصلحته، أو نشر قرار المنح المؤقت المعدل والصادر بناء على رأي اللجنة.

أو أمام مجلس الدولة، كأول وآخر درجة، إذا ما تعلق الأمر في منازعة رأي صادر عن اللجنة الوطنية للصفقات العمومية، بعد تقديم الطعن الإداري المسبق أمام نفس اللجنة لعدم وجود سلطة إدارية تعلوها [15]، والذي يرفع في أجل شهرين [16] تسري من تبليغ القرار للطاعن أمام اللجنة [17]، أومن تاريخ علم صاحب قرار المنح المؤقت الذي تم إلغاؤه، التي تسري من تاريخ نشر قرار التراجع عن قرار المنح الصادر لمصلحته، أو نشر قرار المنح المؤقت المعدل والصادر بناء على رأي اللجنة، على أن يرفع دعواه في أجل شهرين[18] تسري من تاريخ تلقيه رد اللجنة على تظلمه السابق، أو بعد ثلاثة أشهر[19] من تقديمه تظلمه المسبق في حالة سكوتها عن الرد.

[1] تنص ترجمة المادة 101 فقرة 2 على أنه:
” la commission des marchés compétente donne un AVIS dans un délai de quinze (15) jours….”
[2] La commission des marchés apporte son assistance en matière de préparation et de formation des marchés publics, et donne un AVIS sur tout recours introduit par le soumissionnaire qui conteste le choix opéré par le service contractant dans le cadre d’un avis d’appel d’offre”.
[3] راجع الصفقة النموذجية المرفقة بالمذكرة، الصفحة الأخيرة، تبين أنه في حقيقة الأمر فغن ممثلا عن الإدارة هو من يمضي القرارات الناتجة عن عمل لجنة الصفقات ويمنح التأشيرات.
[4] د/ جورج فودال، بيار ديلفولفي، المرجع السابق، ص 232.
[5] د/ جورج فودال، بيار ديلفولفي، المرجع السابق، ص 232.
[6] جورج فودال، بيار ديلفولفي، المرجع السابق، ص 234.
[7] د/ جورج فودال، بيار ديلفولفي، المرجع السابق، ص 234.
[8] راجع المادة 112 من المرسوم الرئاسي 02-250.
[9] المادة 143 من المرسوم الرئاسي 02-250.
[10] المادة 143 من المرسوم الرئاسي 02-250.
[11] قرار المجلس الأعلى الصادر في 06 أفريل 1977، المنشور من طرف ح.بوشهدة و ر.خلوفي: مجموعة الأحكام، معهد الحقوق بالجزائر، سنة 1980، ص81.
[12] د/ أحمد محيو، المرجع السابق، ص 172.
[13] حسب ما هو مقرر بالمادة 169 مكرر 1 من قانون الإجراءات المدنية.
[14] والسبب أن المادة 101 من المرسوم الرئاسي في فقرتها 3 تنص على وجوب تبليغ صاحب الطعن برأي لجنة الصفقات الصادر بعد الطعن أمامها.
[15] حسب ما هو مقرر بالمادة 275 من قانون الإجراءات المدنية.
[16] حسب ما هو مقرر بالمادة 278 من قانون الإجراءات المدنية.
[17] والسبب أن المادة 101 من المرسوم الرئاسي في فقرتها 3 تنص على وجوب تبليغ صاحب الطعن برأي لجنة الصفقات الصادر بعد الطعن أمامها.
[18] حسب ما هو مقرر بالمادة 280 من قانون الإجراءات المدنية.
[19] حسب ما هو مقرر بالمادة 279 من قانون الإجراءات المدنية.